المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: يصح بيع الدين المستقر من الغريم لا من غيره - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٦

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السادس

- ‌تابع لكتاب الحج

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌مدخل

- ‌فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته

- ‌فصل: حَدُّ الْحَرَمِ

- ‌فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ

- ‌فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا

- ‌فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا

- ‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ، وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌مدخل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية

- ‌باب الخيار

- ‌مدخل

- ‌باب خيار التدليس والغبن

- ‌مدخل

- ‌باب خيار العيب

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ

- ‌مدخل

- ‌باب الخيار لاختلاف المتبايعين

- ‌مدخل

- ‌باب التصرف في المبيع وتلفه

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

- ‌باب السلم والتصرف في الدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

- ‌باب القرض

- ‌مدخل

- ‌باب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ

- ‌باب الضمان

- ‌مدخل

- ‌باب الحوالة

- ‌مدخل

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ

- ‌باب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ

الفصل: ‌فصل: يصح بيع الدين المستقر من الغريم لا من غيره

وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: لَا يُشْتَرَطُ فِي ثَمَنٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ وَيَلْزَمُ رَدُّ الثَّمَنِ الْمَوْجُودِ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ ثَمَنًا وَهُوَ ثَمَنٌ فَصَرْفٌ، وَإِلَّا فَبَيْعٌ، يَجُوزُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى.

وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ، صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الكبرى وغيرهم.

1 6/417.

ص: 331

‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

وَفِي رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ يَحِقُّ لَهُ رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ "م 15" وَعَنْهُ: يصح منهما. قاله شيخنا، نص

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ بِحَقٍّ لَهُ رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ، ذَكَرَهُمَا فِي الْمُشَاعِ، "قُلْت": الصَّوَابُ صِحَّةُ رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: يَجُوزُ رَهْنُ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَثْنَاءِ بَابِ الرَّهْنِ: فصل، ولا يصح رهن دين بحال.

ص: 331

عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ صَاحِبِهِ، كَدَيْنِ السَّلَمِ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ فِيهِ، اخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ لِئَلَّا يَرْبَحَ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ، قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ، وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ لَيْسَ مُلَازِمًا لِلضَّمَانِ، فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَكَالثَّمَنِ، لَكِنْ مَنَعَهُ أَحْمَدُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ، وَلَمْ يُفَرِّقْ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَحْمَدُ تَبِعَهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ إذَا أَخَّرَ قَبَضَ مَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ، وَهَذَا الثَّانِي أَشْبَهُ بِنُصُوصِهِ وَأُصُولِهِ، وَهُوَ مُوجَبُ الدَّلِيلِ، لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ، وَلِأَنَّ بَيْعَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَائِعِهِ، فَلَا قَبْضَ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَبْضِهِ مِنْهُ ثُمَّ رَدِّهِ إلَيْهِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ كَرِهَ لِمُقْرِضِ بُرٍّ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِهِ شَعِيرًا إلَّا مِثْلَ كَيْلِهِ. وَفِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ "م 16" لَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ بَعْدَ فَسْخِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ لَمْ يَجُزْ، وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً أَوْ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: بَلَى.

وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ دين لغير غريم، ونقل حرب يصح "وم" وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا رِوَايَتَيْنِ فِيهِ وَفِي بَيْعِهِ مِنْ غيره.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَفِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ.

"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِهَا، وَلَمْ يَزِدْ، انْتَهَى.

وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" يَصِحُّ، وهو ظاهر كلامه في المنور.

ص: 332

وَمَنْ قَبَضَ دَيْنًا جُزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَدُهُ قِيلَ: يَدُ أَمَانَةٍ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ، لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ عوض عما له "م 17" وفي طريقة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَمَنْ قَبَضَ دَيْنًا جُزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَدُهُ قِيلَ: يَدُ أَمَانَةٍ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ، لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا لَهُ، انْتَهَى.

"أَحَدُهُمَا" لَا يَضْمَنُهُ، وَقَدْ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي طَرِيقَتِهِ كَمَا حَكَاهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَضْمَنُهُ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكَافِي1 فِي تَعْلِيلِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِيسِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَوْ قَالَ خُذْ مِنْ هَذَا الْكِيسِ قَدْرَ حَقِّك فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا حَقَّهُ قَبْلَ وَزْنِهِ، وَبَعْدَهُ وَجْهَانِ، وَمَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ يَكُونُ كَالْمَقْبُوضِ لِلسَّوْمِ، وَالْكِيسُ وَبَقِيَّتُهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، كَالْوَكِيلِ، انْتَهَى. فَحُكِمَ بِأَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ مَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ، وَأَنَّ الزَّائِدَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ، وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ مِنْ غَيْرِ تفصيل.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ قَبْلَ أَنْ يَزِنَهُ أَوْ بَعْدَهُ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ أَيْضًا.

1 3/167.

ص: 333

بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَيْنًا وَقَالَ خُذْ حَقَّك مِنْهَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا وَلَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا. قَالَ: وَمَنْ قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ لَهُ ضمنه ش" قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا ثُمَّ بَانَ أَنْ1 لَا دَيْنَ لَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ "هـ" قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يُبَادِرْ إلَى إيجَابِ ضَمَانِهِ حَتَّى يُفَسِّرَ صِفَتَهُ أَعُدْوَانًا أَمْ مُبَاحًا، وَإِنْ بَادَرْنَا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ عَدَمُ1 صِفَةِ الْعُدْوَانِيَّةِ، كَالْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ إلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ عَدَمِهِ،

وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ وجهان "م 18"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي التَّلْخِيصِ وَمَنْ تَبِعَهُ

"أَحَدُهُمَا" يَجُوزُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ مِنْهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه عند كلام الخرقي في الصبرة. وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَالْحَالَةُ هذه، واختاره القاضي في المجرد،

1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

2 6/423.

3 3/167.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/313.

ص: 334

وإن قبضه بما قدره ثم ادعى مَا يُغْلَظُ بِمِثْلِهِ فَوَجْهَانِ "م 19" قَالَ جَمَاعَةٌ:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَلَكِنْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ كَالَهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَهِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُ الْقَاضِي وَابْنِ حَمْدَانَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْبَيْعِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ هُنَاكَ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ1، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَوْعَ تكرار، والله أعلم.

"مَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَهُ بِمَا قَدَّرَهُ ثُمَّ ادَّعَى بِمَا يُغْلَظُ بِمِثْلِهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.

"أَحَدُهُمَا" لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

1 ص 278.

2 6/205.

3 3/167

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/314.

ص: 335

وَإِنْ وَجَدَ زِيَادَةً فَمَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالْمَذْهَبُ مَنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، بَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ "م 20" وكذا: اعزله وضارب به، ونقل ابن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى غَلَطًا مُمْكِنًا عُرْفًا، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيح الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِ "قُلْت": وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ مَعَ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

"مَسْأَلَةٌ 20" قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مِنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ1 أَوْ صَرْفِهِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ2 لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، بَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ شِرَاءَهُ لِلْغَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ3. وَفِيهِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ، فَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اسْتِنَابَةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْقَبْضِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: صَحَّ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ المصنف في باب التصرف في المبيع4،

1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

2 بعدها في النسخ الخطية: "به".

3 7/52

4 ص 284.

ص: 336

مَنْصُورٍ: لَا يَجْعَلُهُ مُضَارَبَةً، إلَّا أَنْ يَقُولَ ادْفَعْهُ إلَى زَيْدٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْك. وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: أَسْلِفْ أَلْفًا فِي ذِمَّتِك فِي طَعَامٍ، فَفَعَلَ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي قَضَائِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَوَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا كَذَا، صَحَّ وَكَانَ قَرْضًا، وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْوَسِيلَةِ فِيهِ رِوَايَتَيْ قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَظَاهِرِ التَّبْصِرَةِ: يَلْزَمُهُ إنْ قَالَ: عَنِّي فَقَطْ، وَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ صَحَّ إنْ قَالَ: عَنِّي، وَإِلَّا فَلَا، وَنَصَرَ الشريف: يصح، وجزم به الحلواني.

وَإِنْ دَفَعَ نَقْدًا لِغَرِيمِهِ وَقَالَ: اشْتَرِ لَك بِهِ مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ، وَيَتَوَجَّهُ فِي صِحَّتِهِ الرِّوَايَتَانِ بَعْدَهَا، وَإِنْ قَالَ: لِي، صَحَّ، ثُمَّ إنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك، لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ، وَلَهُ رِوَايَتَانِ "م 21" وإن قال: لي، ثم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَلَكِنْ لَمْ يَحْكِ فِيهَا هُوَ وَغَيْرُهُ إلَّا قولين، وقدمه في الرعاية وغيره، فبناه فِي النِّهَايَةِ عَلَيْهَا أَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي إلْحَاقِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَلَى رِوَايَةِ الصِّحَّةِ بِالشِّرَاءِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ يَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكَّلِهِ.

"أَحَدُهُمَا" يَلْحَقُ بِقَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ "قُلْت": وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَلْحَقُ بِشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي

"مَسْأَلَةٌ 21" قَوْلُهُ: وَإِنْ دَفَعَ نَقْدًا لِغَرِيمِهِ وَقَالَ: اشْتَرِ لَك مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ صَحَّ. ثُمَّ إنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك، لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ، وَلَهُ، رِوَايَتَانِ، انتهى.

"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ قَدْرَ حَقِّك وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك، صَارَ لِلْأَمْرِ، وَفِي قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ الْوَجْهَانِ، وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُ الْوَكِيلِ من نفسه لنفسه، وهو أشهر وأظهر،

ص: 337

: لك، صح، على الْأَصَحِّ. وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً وَحَالًّا وَمُؤَجَّلًا "1لَا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي فِي وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ الظُّفْرِ1" تَسَاقَطَا، أَوْ قُدِّرَ الْأَقَلُّ، وَعَنْهُ: بِرِضَاهُمَا، وَعَنْهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا، وَعَنْهُ: لَا، كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنُ سَلَمٍ. وَفِي الْفُرُوعِ: أَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ وَفِي الْمُغْنِي: مَنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مَعَ عُسْرَتِهَا، لِأَنَّ قضاء الدين فيما فضل.

وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ رَبُّهُ أَوْ أُعْسِرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أجنبي لم يجبرا وفيه احتمال:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ. وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ: وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْمَالِ مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الطَّعَامِ، ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ لِنَفْسِك، صَحَّ الشِّرَاءُ دُونَ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ، انْتَهَى. فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْقَبْضِ لِلْمُوَكِّلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ.

وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ، مَعَ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ، أَوْ يَكُونُ أَوَّلًا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ، فَإِذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك، لَمْ يَصِحَّ، وَهَلْ يَمْلِكُ قَبْضَهُ لِمُوَكِّلِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، وَهُوَ أَوْلَى، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ، والله أعلم.

1 ليست في "ر".

ص: 338

كَوَكِيلِهِ وَكَتَمْلِيكِهِ الزَّوْجَ وَالْمَدْيُونَ، وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءَ دَيْنِهِ، وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ. وَإِنْ وَفَّاهُ حَاكِمٌ قَهْرًا كَفَتْ نِيَّتُهُ إنْ قَضَاهُ مِنْ مَدْيُونٍ، وَفِي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ وَجْهَانِ "م 22"

وَإِنْ رَدَّ بَدَلَ عَيْنٍ نَوَى، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ، وَإِنْ أَبْرَأَ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ أَجَّلَهُ أَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ مَلَكَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَفَا عَنْهُ بَرِئَ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ "م" فِي الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ رَدَّهُ الْمُبْرَأُ "هـ" وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ، كَالْقَوَدِ وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْخِيَارِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، لَا تَمْلِيكٍ كهبة العين، ويأتي في الْمُغْنِي1 فِي إبْرَائِهَا لَهُ مِنْ الْمَهْرِ، هَلْ هُوَ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ؟ فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ: لَا يَصِحُّ بِهِ، وَإِنْ صَحَّ اُعْتُبِرَ قَبُولُهُ، وفي الموجز والإيضاح: لا تصح هِبَةٌ إلَّا فِي عَيْنٍ. وَفِي الْمُغْنِي: إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَبْرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: تَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ مَعَ اقْتِضَائِهِمَا وُجُودَ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ لِإِفَادَتِهِمَا لِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ هُنَا، قَالَ: وَلِهَذَا لو وهبه دينه هبة حقيقة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 22" قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى يَعْنِي إذَا قَضَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ الْحَاكِمُ إذَا قَضَى عَنْهُ قَهْرًا

"أَحَدُهُمَا" لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، كَمَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ الْأَصِيلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَلْزَمُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ هَذَا الْوَجْهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ

1 10/164.

ص: 339

لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ، وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ، وَامْتَنَعَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ.

وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ أَبْرَأَ مَرِيضٌ مِنْ دَيْنِهِ وَهُوَ كُلُّ مِلْكِهِ فَفِي بَرَاءَتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ قَبْلَ دَفْعِ ثُلُثَيْهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ، وَتَصِحُّ مَعَ 1جَهْلِ الْمُبْرِئِ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُبْرَأُ، زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَظَنَّ الْمُبْرِئُ جَهْلَهُ بِهِ، وَعَنْهُ: إنْ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ2 بِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ جَهِلَاهُ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، كَبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ3، ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ "4كَمَا لَوْ كَتَمَهُ رَبُّهُ خَوْفًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يُبْرِئْهُ4"، وَمِنْ صُوَرِ الْمَجْهُولِ الْإِبْرَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَبْرَأَ أَحَدَهُمَا، قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ، كَطَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ إحداهما، يعني ثم يقرع على المذهب وَفِي "4صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُهُ وجهان4""م 23"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 23" قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُهُ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ

1 في النسخ الخطية: "من" والمثبت من "ط".

2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

3 ليست في "ط".

4 ليست في "ب".

ص: 340

وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ فَأَنْتِ فِي حِلٍّ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَمْلِيكًا فَكَتَعْلِيقِ الْهِبَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ: هُوَ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالتَّعْلِيقُ مَشْرُوعٌ في الإسقاط المحض فقط "وهـ" وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ وَزَادَ: وَتُنَافِيهِ الجهالة، فإن ضَمَّ التَّاءَ فَوَصِيَّةٌ، وَجَعَلَ أَحْمَدُ رَجُلًا فِي حِلٍّ مِنْ غَيْبَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعُودَ، وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ الشَّرْطَ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ، وَأَخَذَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَعُودَ رِوَايَةً فِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ، وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ الْمَذْكُورِ هنا أنه وصية

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ فَفِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ، وَهُوَ قِيَاسُ الْأَصْلِ الَّذِي بَنَاهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ.

"تَنْبِيهٌ" قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ لَوْ بَاعَ مَالًا لِمُوَرِّثِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَيٌّ وَكَانَ قَدْ مَاتَ وَانْتَقَلَ مِلْكُهُ إلَيْهِ، فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَدْخَلَهَا فِي الْقَوَاعِدِ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ "قُلْت": الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ الْبَيْعِ، صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 فِي بَابِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ هُنَاكَ. وَقَالَ الْقَاضِي: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ بَاشَرَ امْرَأَةً بِالطَّلَاقِ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ، أَوْ وَاجَهَ بِالْعِتْقِ مَنْ يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَتُهُ، انْتَهَى، وَقَدْ أَطْلَقَ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ2، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ

1 8/252.

2 9/130.

ص: 341

وَأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَالْقَاضِيَ قَالَا: لَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَوْتِ الْمُبْرِئِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، فَقِيلَ: التَّعْلِيقُ كَقَوَدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَخِيَارِ شَرْطٍ، قَالَ: وَحَدِّ قَذْفٍ كَذَا قَالَ: قَالَ وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، قَبْلَ وُجُوبِهِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِقَوْلِهِ: لَا طَلَاقَ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يُمْلَكُ1. وَالْإِبْرَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الشَّرْعَ نَزَّلَ الدين منزلة العين الموجودة في الحيز2 بِدَلِيلٍ، وَبِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيقِ. وَلَا يَصِحُّ مَعَ إبْهَامِ الْمَحِلِّ كَأَبْرَأْت أَحَدَ غَرِيمَيَّ، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إسْقَاطٌ. وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِسْقَاطِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ ثُمَّ سَقَطَ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَصَارَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: مَلَّكْتُك نَفْسَك، وَمَنَعَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: الْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ تَمْلِيكٌ أَيْضًا. وَفِي مُسْلِمٍ3 أَنَّ أَبَا الْيُسْرِ الصَّحَابِيَّ قَالَ لِغَرِيمِهِ: إنْ وَجَدْت قَضَاءً فَاقْضِ وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ، وَأَعْلَمَ بِهِ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَابْنَهُ عُبَادَةَ وَهُمَا تَابِعِيَّانِ فَلَمْ يُنْكِرَاهُ وَهَذَا مُتَّجِهٌ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا.

وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ - فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ، وَلَهُ الْأَخْذُ منه، جزم به

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه أبو داود "2190" والترمذي "1181" وابن ماجه "2047" مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.

2 في "ب" و "ر" و "ط": "الخبر".

3 في صحيحه "3006""74".

ص: 342

الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَا، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ قَابِضِهِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَرِيمِ، لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ، وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا، مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لَوْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ يَدِهِ، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَعَدِّيهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَيَضْمَنُهُ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي النَّظَرِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ تَعَدِّيهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ، وَفِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ، فَوَجْهَانِ، وَنَصُّهُ فِي شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ "م 24 - 26"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَة 24 - 26 قَوْلُهُ: وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ، وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ، فَوَجْهَانِ، وَنَصُّهُ فِي شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ، انْتَهَى. ثَلَاثُ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا:

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ، هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ.

أحدهما: "1هو كالميراث ونحوه وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ: هذا ظاهر المذهب وقال في الفائق: وإن كان بعقد فلشريكه حصته على أصح الروايتين.

والوجه الثاني: لا يشاركه فيما قبضه.

المسألة الثانية: لو أجل أحدهما حقه فهل يشارك من لم يؤجل كالميراث ونحوه أم لا؟ أطلق الخلاف:

أحدهما: هو كالميراث ونحوه فله الرجوع وهو الصحيح قال في المغني1"2

1 ليست في "ص" و "ط".

2 7/189.

ص: 343

وَفِي التَّرْغِيبِ فِي دَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ "م 27" فَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَيُشَارِكُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ أَصْلُهُ، وَلَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ صَالَحَ بِعَرَضٍ أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ دَيْنِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَلِلْغَرِيمِ التَّخْصِيصُ مَعَ تَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إكْرَاهُهُ على تقديمه. قَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه الدَّيْنُ أَوَّلُهُ هم وآخره حزن1، قال بعضهم: كان

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"2الشرح3: والأولى أن له الرجوع.

والوجه الثاني: لا يشاركه فيما قبضه ذكره القاضي نقله عنه في المغني4

المسألة الثالثة- 26: لو قبضه بإذن شريكه فهل للآخر أن يشاركه فيما قبض أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:

أَحَدُهُمَا:2" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ: وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يُخَاضُ فِي الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهُوَ الصَّوَابُ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُشَارِكُهُ كَالْمِيرَاثِ.

"مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ وَفِي دَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. "قُلْت": الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ الَّذِي بِعَقْدٍ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ، فَإِنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ عَقْدٍ، وَكَذَا الْقَرْضُ، فَفِي كَلَامِهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ، وَغَالِبُهَا ليس فيها ذلك، والصواب جعله

1 في النسخ الخطية: جرب والمثبت من "ط".

2 ليست في "ص" و"ط".

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/152.

4 7/192.

ص: 344

يُقَالُ: الدَّيْنُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَذُلٌّ بِالنَّهَارِ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُذِلَّ عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ دَيْنًا، وَكَانَ يُقَالُ: الْأَذِلَّاءُ أَرْبَعَةٌ: النَّمَّامُ وَالْكَذَّابُ وَالْفَقِيرُ وَالْمِدْيَانُ، وَكَانَ يُقَالُ: لَا هَمَّ إلَّا هَمُّ الدَّيْنِ، وَلَا وَجَعَ إلَّا وَجَعُ الْعَيْنِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ1.

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْمُسْتَدِينُ تَاجِرُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ. وَقَالَ2 عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الدَّيْنُ وِقْرٌ3 طَالَمَا حَمَلَهُ الْكِرَامُ.

وَلَوْ تَبَارَآ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ بِمَكْتُوبٍ فَادَّعَى اسْتِثْنَاءَهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ قُبِلَ وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَتَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِي مُخَالَفَةِ النِّيَّةِ لِلْعَامِّ بِأَيِّهِمَا يَعْمَلُ والله أعلم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فقد عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ فَكَذَا، أَيْ هَذِهِ، فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ فِي هَذَا الْبَابِ.

1 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/153.

2 بعدها في الأصل: محمد.

3 في النسخ الخطية: وقد والمثبت من "ط".

ص: 345