المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: وإن تصارفا ذهبا بفضة عينا بعين - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٦

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السادس

- ‌تابع لكتاب الحج

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌مدخل

- ‌فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته

- ‌فصل: حَدُّ الْحَرَمِ

- ‌فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ

- ‌فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا

- ‌فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا

- ‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ، وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌مدخل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية

- ‌باب الخيار

- ‌مدخل

- ‌باب خيار التدليس والغبن

- ‌مدخل

- ‌باب خيار العيب

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ

- ‌مدخل

- ‌باب الخيار لاختلاف المتبايعين

- ‌مدخل

- ‌باب التصرف في المبيع وتلفه

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

- ‌باب السلم والتصرف في الدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

- ‌باب القرض

- ‌مدخل

- ‌باب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ

- ‌باب الضمان

- ‌مدخل

- ‌باب الحوالة

- ‌مدخل

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ

- ‌باب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ

الفصل: ‌فصل: وإن تصارفا ذهبا بفضة عينا بعين

أَعْيَانِ أَمْوَالٍ لَمْ يَصِحَّ، فَكَيْفَ إذَا أُطْلِقَتْ؟ فَعَلَى هَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْجِنْسُ شَرْطٌ مَحْضٌ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ شَرْطٍ، كالإحصان مع الزنا، وعنه: يحرم. فِعْلَةُ النَّسَاءِ الْمَالِيَّةِ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ إنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ، فَالْجِنْسُ أَحَدُ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ، فَأَثَّرَ، وَعَنْهُ: مُتَفَاضِلًا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَمَتَى حَرُمَ، فَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا نَقْدٌ، فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ نَسِيئَةً جَازَ، وَإِنْ كَانَ نَقْدًا وَالْعِوَضَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةٌ لَمْ يَجُزْ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ، لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 310

‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ خَبَّرَ صَاحِبَهُ فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ، قَالَ الشَّيْخُ. كَقَوْلِهِ: بِعْتُك هَذَا الْبَغْلَ فَإِذَا هُوَ حِمَارٌ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ لَازِمًا، وَعَنْهُ: لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَفِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: بَطَلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ جَعْفَرٌ وَابْنُ الْحَكَمِ، وَالْأَشْهَرُ: لَهُ قَبُولُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ جَعَلَا أَرْشَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ، كَبَيْعِ بُرٍّ بِشَعِيرٍ فَيَجِدُ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ دِرْهَمًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَلَهُ رَدُّهُ وَلَا بَدَلَ لَهُ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ، إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ: لَا تَتَعَيَّنُ النُّقُودُ.

وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ: لَهُ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ، وَلَمْ يُفَرَّقْ في العيب،

وإن تصارف ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَحَّ، لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كَحَالَةِ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَلَهُ بَدَلُهُ، وَلَهُ الرِّضَا بِعَيْبٍ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ غَيْرُهُ فَعَنْهُ: لَهُ بَدَلُهُ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْأَوَّلِ،

ص: 310

كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ إنْ بُذِلَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ أَرْشٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَعَنْهُ: ليس له بدله، فيفسخ أو يمسك في الْجَمِيعِ، وَلَا أَرْشَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ "م 16" وَيُعْتَبَرُ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ فِي الصَّرْفِ: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَحَّ. فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَلَهُ بَدَلُهُ، وَلَهُ الرِّضَا بِعَيْبٍ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ غَيْرُهُ فَعَنْهُ: لَهُ بَدَلُهُ،. وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ، فيفسخ أو يمسك في الجميع، ولا أرش بَعْدَ التَّفْرِقَةِ، انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ، "1فيفسخ أو يمسك في الجميع ولا أرش2 بَعْدَ التَّفْرِقَةِ1"، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ بَدَلُهُ، 1وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ1، وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ 3بَعْدَ التَّفَرُّقِ3"

وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ فِي الذِّمَّةِ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ مَعِيبًا مِنْ جِنْسِهِ فَالصَّرْفُ صَحِيحٌ، ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ، فَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.

"إحْدَاهُمَا" لَا يَبْطُلُ، وهو الصحيح، اختاره الخرقي والخلال والقاضي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، فَعَلَى هَذِهِ الرَّاوِيَةِ لَهُ الْبَدَلُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ.

"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَبْطُلُ الْعَقْدُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا رَيْبٍ، لَكِنْ إنْ طَلَبَ مَعَهُ الْأَرْشَ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْجِنْسَيْنِ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا هُوَ الْمُحَقَّقُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَهُ الْأَرْشُ، على الرواية الثانية لا الأولى، انتهى.

1 ليست في "ح".

2 في "ص": "والأرش".

3 في "ح": "أو يفسخ".

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/127.

ص: 311

قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ. وَإِنْ تَصَارَفَا ما يجب فيه التماثل فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: وَفِي الْأَرْشِ، وَهُوَ سَهْوٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ كُلُّ عَقْدِ صَرْفٍ إنْ تَخَايَرَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ.

وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْصُلَ التَّعْيِينُ قَبْضًا فِي الصَّرْفِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَيْرُ التَّسْلِيطِ بِالْقَوْلِ مَعَ تَعْيِينِ الثَّمَنَيْنِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ اُخْتُصَّ بِشُرُوطٍ. وَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضٍ فِي صَرْفٍ وَنَحْوِهِ مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجْلِسِ، لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ: إنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ بِالْمَجْلِسِ هَلْ يَقُومُ وَارِثُهُ فِي قَبْضٍ حَتَّى يَبْقَى الْعَقْدُ؟ الصَّحِيحُ لَا يَبْقَى، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجُ فِي الْوَكِيلِ. وَيَجُوزُ اقْتِضَاءُ نَقْدٍ مِنْ آخَرَ، عَلَى الْأَصَحِّ، إنْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا، وَالْآخَرُ فِي الذِّمَّةِ مُسْتَقِرٌّ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي بَيْعِ الْإِبِلِ بِالْبَقِيعِ1، وَلِأَنَّهُ قَضَاءٌ، فَكَانَ بِالْمِثْلِ، لَكِنْ هُنَا بِالْقِيمَةِ، لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 17" وَإِنْ كَانَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا فَاصْطَرَفَا، فَنَصُّهُ: لا يصح، وخالفه شيخنا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ فِي الْمُقَاصَّةِ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ؟ على وجهين، انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

أَحَدُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ.

وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" يُشْتَرَطُ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: حَالًّا.

فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مسألة.

1 أخرجه أبو داود "3345" والترمذي "1242" والنسائي "4586" وابن ماجه "2262".

2 6/108.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/123.

ص: 312

وَمَنْ وَكَّلَ غَرِيمَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وَأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ، فَنَصُّهُ: لَا يَأْخُذُ، وَيُتَوَجَّهُ كَشِرَاءِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ. وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ دِينَارًا وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمُ. أَوْ أَرْسَلَ إلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: خُذْ حَقَّك مِنْهُ دَنَانِيرَ، فَقَالَ الَّذِي أَرْسَلَ إلَيْهِ: خُذْ صِحَاحًا بِالدَّنَانِيرِ، لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِي الصَّرْفِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ بَعَثَ الْمُدَّيْنِ مَعَ الرَّسُولِ بِغَيْرِ نَقْدٍ عَلَيْهِ رَهْنًا أَوْ قَضَاءً، فَذَهَبَ، فَمَنْ الْبَاعِثُ. وَمَتَى صَارَفَهُ فَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ مِنْ جِنْسِ مَا أَخَذَ مِنْهُ بِلَا مُوَاطَأَةٍ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَمَنَعَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى إلَّا أَنْ يَمْضِيَ لِيُصَارَفَ غَيْرَهُ فَلَمْ يَسْتَقِمْ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وغيره: ما يعجبني إلا أن يمضي فَلَمْ يَجِدْ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: مِنْ غَيْرِهِ أَعْجَبُ إلَيَّ.

وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فِي صَرْفٍ، نَحْوَ إنْ خَرَجَ رَدِيئًا رَدَدْته، فَقَالَ أَحْمَدُ:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 313

لَا يَجُوزُ، وَقَالَ: مَكْرُوهٌ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَأَبُو الْحَارِثِ: إنْ تَصَارَفَا فَخَرَجَ فِي الدَّرَاهِمِ رَدِيءٌ لَهُ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ وَالدَّرَاهِمُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ، فَلَا تُبَدَّلُ، وَإِنْ بَانَتْ مَغْصُوبَةً بَطَلَ، وَمَعِيبَةً مِنْ جِنْسِهَا لَهُ الرَّدُّ، وَمِنْ غَيْرِهِ يَبْطُلُ، وَعَنْهُ: لَا يَتَعَيَّنُ، فَتُبَدَّلُ مَعَ غَصْبٍ وَعَيْبٍ،

وَإِنْ نَذَرَ صَدَقَةً بِدِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَتَعَيَّنُ، فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَيَضْمَنُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَسَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ التَّعْيِينَ فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَنَذْرٍ، قَالُوا: لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْقَبْضِ، وَفِي غَيْرِهِ الثمن حكم العقد يأتي عقبه.

وَتَجُوزُ مُعَامَلَةٌ بِمَغْشُوشِ جِنْسِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ، وَكَرِهَهُ أَبُو الْمَعَالِي لِغَيْرِهِ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُمَا فِي ضَرْبِهِ، وَجَوَّزَ أَبُو الْمَعَالِي الْمُعَامَلَةَ إنْ اشْتَهَرَ قَدْرُهُ، وَإِنْ جُهِلَ وَغِشُّهُ مَقْصُودٌ يَجُوزُ مُعَيَّنًا إنْ مَازَجَ لَا فِي الذِّمَّةِ، وَغَيْرُ الْمَقْصُودِ بَاطِنًا يَجُوزُ مُعَيَّنًا إنْ لَمْ يُمَازِجْ،

قَالَ شَيْخُنَا: الْكِيمْيَاءُ غِشٌّ، وَهِيَ تَشْبِيهُ الْمَصْنُوعِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ بِالْمَخْلُوقِ، بَاطِلَةٌ فِي الْعَقْلِ، مُحَرَّمَةٌ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، ثَبَتَ عَلَى الرُّوبَاصِ1 أَوْ لَا، وَيَقْتَرِنُ بِهَا كَثِيرًا السِّيمِيَاءُ، الَّتِي هِيَ مِنْ السِّحْرِ وَالزُّجَاجُ مَصْنُوعٌ لَا مَخْلُوقٌ. وَمَنْ طَلَبَ زِيَادَةَ2 الْمَالِ بِمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ما يستخرج به غش النقد "تكملة المعاجم العربية" لدروزي 1/564. وينظر: "كشف القناع" 2/230- 231.

2 في الأصل: "جمع".

ص: 314

عُوقِبَ بِنَقِيضِهِ، كَالْمُرَابِي، وَهِيَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا مُبَاحًا لَوَجَبَ فِيهَا خُمُسٌ أَوْ زَكَاةٌ، وَلَمْ يُوجِبْ عَالِمٌ فِيهَا شَيْئًا. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَارُونَ عَلِمَهَا بَاطِلٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا وَيَعْمَلْهَا إلَّا فَيْلَسُوفٌ أَوْ اتِّحَادِيٌّ أَوْ مَلِكٌ ظالم.

وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا نَسِيئَةً أَوْ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْأَكْثَرُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ: نَقْدًا، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ، وَلَوْ بَعْدَ حِلِّ أَجَلِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِي، بَطَلَ الثَّانِي "1نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ، لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ1" إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ ثَمَنِهِ.

وَفِي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ: بِعَرَضٍ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، أَوْ يَشْتَرِيه بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ، لَا مِنْ وَكِيلِهِ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ: إنْ وَجَدَهُ مَعَ آخَرَ يَبِيعُهُ بِالسُّوقِ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ؟ قَالَ: لَا، لَعَلَّهُ دَفَعَهُ ذَاكَ إلَيْهِ يَبِيعُهُ. وَتُوُقِّفَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَا إذَا نَقَصَ فِي نَفْسِهِ، وَحَمَلَهُ فِي الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ نَقْصَهُ أَقَلُّ مِنْ النَّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، فَتَكُونُ عِلَّةُ الْمَنْعِ بَاقِيَةً، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْعَيِّنَةِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَجُوزُ قِيَاسًا، وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ: لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ، فَلَا خِلَافَ إذًا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْأَوَّلُ إذا كان بتاتا بلا مُوَاطَأَةَ، وَإِلَّا بَطَلَا، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ "وهـ م"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في الأصل.

ص: 315

وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ إذَا قَصَدَ بِالْأَوَّلِ الثَّانِيَ يَحْرُمُ، وَرُبَّمَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ. وَقَالَ أَيْضًا يحتمل1 إذَا قَصَدَا أَنْ لَا يَصِحَّا، وَإِنْ سَلَّمَ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ خَلَا عَنْ ذَرِيعَةِ الرِّبَا. وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: بِئْسَ مَا شَرَيْت وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْت2. أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ.

قَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه فِيمَنْ فَعَلَهَا: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ الْحَدِيثُ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: إنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَبْطَلَ جِهَادَهُ، أَنَّهَا أَوْعَدَتْ عَلَيْهِ. وَمَسَائِلُ الْخِلَافِ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَعِيدُ،

وَعَكْسُ الْعَيِّنَةِ مِثْلُهَا، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَجُوزُ بِلَا حِيلَةٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَبِيعُ الشَّيْءَ بِمَ يَجِدُهُ يُبَاعُ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِالنَّقْدِ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ بِأَكْثَرَ لَا بَأْسَ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْدٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهِيَ التَّوَرُّقُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ بَيْعَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ مِنْك هُوَ أَهْوَنُ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ بَيْعَهُ فَهُوَ الْعَيِّنَةُ، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَهِيَ الْعَيِّنَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ رضي الله عنه أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ إلَّا نَسِيئَةً، مَعَ جَوَازِهِ، وَمَنْ بَاعَ غَرِيمَهُ بِزِيَادَةٍ لِيَصْبِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ بَاعَ رِبَوِيًّا نَسِيئَةً حَرُمَ أَخْذُهُ عَنْ ثَمَنِهِ مَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا لِحَاجَةٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ مُطْلَقًا، وَقَالَ: قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْعَيِّنَةِ أخذ غير جنسه.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "يحرم".

2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/330.

ص: 316

وَيَحْرُمُ قَطْعُ دِرْهَمٍ وَقِطْعَةٍ وَدِينَارٍ وَكَسْرُهُ وَلَوْ بِصِيَاغَةٍ، وَإِعْطَاءُ سَائِلٍ إلَّا الرَّدِيءَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ بِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إلَّا مِنْ بَأْسٍ1، وَهُوَ خَبَرٌ ضَعِيفٌ، وَبِأَنَّهُ فَسَادٌ فِي الْأَرْضِ، وَعَنْهُ: كَرَاهَةُ التَّنْزِيَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي، قَالَ: وَالْبَأْسُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ فَيُكْسَرُ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه كَانَ يَكْسِرُ الزُّيُوفَ وَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ2. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الدَّرَاهِمِ عِنْدَ الضَّرْبِ. وَقَدْ نَهَى عليه الصلاة والسلام عَنْ الْكَسْرِ، لِمَا عَلَيْهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَتَنَاثَرُ عِنْدَ الْكَسْرِ، قَالَ: وَيُكْرَهُ نَثْرُهَا عَلَى الرَّاكِبِ، لِوُقُوعِهَا تَحْتَ أَرْجُلِ الدَّوَابِّ، كَذَلِكَ قَالَ: وَلَمْ يَضْرِبْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ الدَّرَاهِمَ وَإِنَّمَا ضُرِبَتْ عَلَى عَهْدِ الْحَجَّاجِ، قَالَهُ أَحْمَدُ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ مَعَهُ دِينَارٌ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ، فَجَاءَ بِهِ رَجُلًا فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ رَدِيءٌ: لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ فِي الْوَزْنِ بِحَبِّ الشَّعِيرِ، قَدْ يتفاضل: يعير ثم يوزن به.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه ابن ماجه "2263".

2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/217.

ص: 317