المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الضمان ‌ ‌مدخل … باب الضمان وَهُوَ الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَيُعْتَبَرُ رِضَاهُ فَقَطْ، - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٦

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السادس

- ‌تابع لكتاب الحج

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌مدخل

- ‌فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته

- ‌فصل: حَدُّ الْحَرَمِ

- ‌فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ

- ‌فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا

- ‌فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا

- ‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ، وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌مدخل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية

- ‌باب الخيار

- ‌مدخل

- ‌باب خيار التدليس والغبن

- ‌مدخل

- ‌باب خيار العيب

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ

- ‌مدخل

- ‌باب الخيار لاختلاف المتبايعين

- ‌مدخل

- ‌باب التصرف في المبيع وتلفه

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

- ‌باب السلم والتصرف في الدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

- ‌باب القرض

- ‌مدخل

- ‌باب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ

- ‌باب الضمان

- ‌مدخل

- ‌باب الحوالة

- ‌مدخل

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ

- ‌باب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ

الفصل: ‌ ‌باب الضمان ‌ ‌مدخل … باب الضمان وَهُوَ الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَيُعْتَبَرُ رِضَاهُ فَقَطْ،

‌باب الضمان

‌مدخل

باب الضمان

وَهُوَ الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَيُعْتَبَرُ رِضَاهُ فَقَطْ، أَوْ مُفْلِسٍ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ، فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا عَدَمُ تَصَرُّفِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: وَسَفِيهٍ، وَيُتْبَعُ1 بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ، وَعَنْهُ: وَمُمَيِّزٍ وَعَنْهُ وَعَبْدٍ، فَيُطَالِبُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَفِي مُكَاتَبٍ وَجْهَانِ "م 1" مَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ بقائه، وقد لَا يَبْقَى، وَهُوَ دَيْنُ الْمَيِّتِ، وَعَنْهُ: الْمُفْلِسُ فِي الرِّوَايَةِ. وَمَا قَدْ يَجِبُ بِلَفْظِ ضَمِينٍ وكفيل وقبيل وحميل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مسألة 1" قوله: وفي مكاتب وجهان، انتهى. يعني هَلْ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكَاتَبِ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ

"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جَائِزٍ تَبَرُّعُهُ سِوَى الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ وَتَبَرُّعُهُ بِمَالِهِ صَحَّ ضَمَانُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ مِنْهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، وَهُوَ الذي قدمه في المغني2 والشرح3

1 في الأصل: "ويبيع".

2 7/81.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/19.

ص: 391

وصبي وَزَعِيمٍ، وَنَحْوِهِ لَا أُؤَدِّي أَوْ أَحْضُرُ، وَيُتَوَجَّهُ: بَلْ بِالْتِزَامِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ فِي مَسَائِلَ، كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ فِي النَّذْرِ، وَقَوْلُهُ فِي الِانْتِصَارِ فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ: إذَا بُذِلَ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ، بِخِلَافِ الضَّمَانِ فَإِنَّهُ أَتَى فِيهِ بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ضَمِنْت لَك مَا عَلَيْهِ، أَوْ مَا عَلَيْهِ عَلَيَّ، فَلِهَذَا لَزِمَهُ، فَنَظِيرُهُ هُنَا: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ عَنْك إنْ أَمَرْتنِي، فَإِذَا أُمِرَ لَزِمَهُ.

وَقَالَ شَيْخُنَا: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بِكُلِّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ الضمان عرفا،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ. قَالَ في الحاويين:"1وغيره: ومن صح تصرفه بنفسه صح ضمانه انتهى فظاهر هذا الصحة لأن تصرفه يصح بنفسه قال ابن رزين1" وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْقِنِّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرُهُ، وَقَدَمَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ. وَأَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ إذَا كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

"تَنْبِيهٌ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ5، أَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَبْدِ الْقِنِّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. فَالْمُكَاتَبُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، أَوْ يُقَالُ: لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ لَمْ نُصَحِّحْ الضَّمَانَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبَ عَجْزِهِ، بِخِلَافِ الْقِنِّ، والله أعلم..

1 ليست في "ص" و "ط".

2 3/299.

3 7/81.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/19.

5 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

ص: 392

وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ عَلَيْهِمَا وَصِحَّةِ هِبَتِهِ لَهُمَا، وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: الْتَزَمْت وَتَكَفَّلْت بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ "و" وفي الانتصار وَغَيْرِهِ لَا ذِمَّةَ ضَامِنٍ، لِأَنَّ شَيْئًا لَا يَشْغَلُ مَحَلَّيْنِ، وَلِرَبِّهِ مُطَالَبَتُهُمَا مَعًا وَأَحَدِهِمَا، ذَكَرَهُ شيخنا، وغيره المذهب "وهـ ش" حَيَاةً وَمَوْتًا، قَالَ أَحْمَدُ: يَأْخُذُ مَنْ شَاءَ بِحَقِّهِ، فَإِنْ بَرِئَ الْمَدْيُونُ بَرِئَ ضَامِنُهُ، وَلَا عَكْسُ. وَلَوْ ارْتَدَّ ضَامِنٌ وَلَحِقَ هُوَ أَوْ ذِمِّيٌّ بِدَارِ حَرْبٍ "هـ"، وَلَوْ اقْتَرَضَ أَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَنَصُّهُ لَا شَيْءَ لَهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ فَلَهُ قِيمَتُهَا، وَقِيلَ: أَوْ يُوَكِّلُ ذِمِّيًّا يَشْتَرِيهَا، وَلَوْ أَسْلَمَ ضَامِنُهَا بَرِئَ وَحْدَهُ، وَلَوْ أَسْلَمَهُ فِيهَا فَلَهُ أَرْشُ مَالِهِ، وَإِنْ أُبْرِئَ أَحَدُ ضَامِنِيهِ بَرِئَ وَحْدَهُ وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ لَمْ يَصِحَّ، بَلْ أَخَذَ كَفِيلَيْنِ بِالْآخَرِ، فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ بِهِ لَا مِنْ إحْضَارِ مَكْفُولٍ بِهِ.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ مُفْلِسٍ وَمَجْنُونٍ، فَلَوْ مَاتَ لَمْ يُطَالَبْ فِي الدَّارَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَدَيْنُ مَيِّتٍ وَضَامِنٍ وَكَفِيلٍ، فَيَبْرَأُ الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْأَوَّلِ، وَلَا عَكْسُ،

وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ

ص: 393

إذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ، وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ روايتان "م 2" وكل دين صح أخذ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ إذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ، وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ، وَالثَّانِي ضَمِنَ بِإِذْنٍ، رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَرْجِعْ الأول على أحد، على الأظهر، انتهى.

أحدهما: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلَ مَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ.

وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ ضَامِنٍ فَرُجُوعُ الضَّامِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْلَى، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ، وَهُوَ بَعِيدٌ،"3لأنه إذا لم ينو الرجوع3 فَإِنْ نَوَى التَّبَرُّعَ لَمْ يَرْجِعْ قَوْلًا وَاحِدًا. وَإِنْ أَطْلَقَ ذَاهِلًا عَنْ النِّيَّةِ وَعَدِمَهَا فَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، فَانْتَفَى كَوْنُهُ لَمْ يَنْوِ أَوْ ذَهَلَ، فَمَا بَقِيَ إلَّا أنه نوى الرجوع،

1 7/92.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/48.

3 ليست في "ط".

ص: 394

رَهْنٌ بِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَضَمَانُ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، وَعَنْهُ: وَدَيْنُ كِتَابَةٍ ضَمِنَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: حُرٌّ لِسَعَةِ تَصَرُّفِهِ، لَا أَمَانَةٌ كَوَدِيعَةٍ،

قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهَا، وَإِنَّمَا عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَقْصِدَ الْمَوْضِعَ فَيَقْبِضَهَا، وَعَنْهُ صِحَّتُهُ، حَمَلَهُ عَلَى تَعَدِّيهِ، كَتَصْرِيحِهِ بِهِ. وَيَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ بَيْعٍ وَهُوَ ثَمَنُهُ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، وَفِي دُخُولِ نَقْضِ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي ضَمَانِهَا وَرُجُوعِهِ بِالدَّرَكِ مَعَ. اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقِيَامِ بَيِّنَةٍ ببطلانه وجهان "م 3، 4"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّضْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي1 فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ. وَقَدْ حَرَّرْت مَسْأَلَةَ مَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِنْ الْإِنْصَافِ2 تَحْرِيرًا شَافِيًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

"تَنْبِيهٌ" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ أَحَدٌ فِي الضَّمَانِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ وَاحِدٌ، وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: وَلَعَلَّهُ "إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ أَذِنَ" فَسَقَطَتْ لَفْظَةُ "كُلٍّ" مِنْ الْكَاتِبِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا خِلَافَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ:"وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ إذَا أَذِنَ أَحَدٌ" وهو موافق لما في المغني1 وغيره.

"مَسْأَلَةٌ 3، 4" قَوْلُهُ: وَفِي دُخُولِ نَقْضِ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي ضَمَانِهَا أَيْ الْعُهْدَةِ وَرُجُوعِهِ بِالدَّرَكِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِبُطْلَانِهِ وَجْهَانِ، انتهى. فيه مسألتان:

1 7/89.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/42-49.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإ، صاف 13/48.

ص: 395

وَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ ضَمَانِ دَرَكِهِ إلَّا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ ضَمِنَ دَرْكَهُ مِنْهُ أَيْضًا لَمْ يَعُدْ صَحِيحًا، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَيَصِحُّ ضَمَانُ نَقْصِ صَنْجَةٍ وَيَرْجِعُ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: بِبَيِّنَةٍ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، وَضَمَانِ مَا لَمْ يجب. وفي المغني1 في الرهن قبل وُجُوبِهِ احْتِمَالٌ، وَلَهُ إبْطَالُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، فِي الْأَصَحِّ وَيَصِحُّ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَأَنَا ضَامِنُهُ، وَإِنْ قَالَ: وَأَنَا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ وَأَطْلَقَ، ضَمِنَ وَحْدَهُ بِالْحِصَّةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ بِهَا أَوْ الْجَمِيعِ، وَإِنْ رَضُوا لَزِمَهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ قَالُوا: ضَمِنَاهُ لَك، فَبِالْحِصَّةِ، وَإِنْ قال: كل واحد منا ضامنه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ ضَامِنِ الْعُهْدَةِ نَقْضُ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي، أَعْنِي إذَا بَنَى ونقضه المستحق فإن الأنقاض للمشتري ويرجع بقيمة2 التَّالِفِ عَلَى الْبَائِعِ، فَهَلْ يَدْخُلُ هَذَا فِي ضَمَانِ الْعُهْدَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ.

"أَحَدُهُمَا" يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي ضَمَانِهِمَا3 وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَدْخُلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، فَإِنَّهُمَا لَمْ يَضْمَنَاهُ إلَّا إذَا ضَمِنَ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ.

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ يَرْجِعُ بِالدَّرَكِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِبُطْلَانِهِ أم لا؟ أطلق الخلاف فيه:

1 7/107-108.

2 في "ط":"ببقية".

3 في "ط": "ضمانهما".

4 7/79.

5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/33-34.

ص: 396

لَك، فَالْجَمِيعُ، وَكَذَا ضَمَانُهُمْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَمَنْ قَضَى كُلَّهُ أَوْ حِصَّتَهُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَقَطْ، لِأَنَّهُ أَصْلٌ مِنْهُمْ لَا ضَامِنَ عَنْ الضَّامِنِ الْآخَرِ، وَمَا أَعْطَيْت فلانا علي1 وَنَحْوَهُ وَلَا قَرِينَةَ قُبِلَ مِنْهُ، وَقِيلَ: لِلْوَاجِبِ، وَمِنْهُ ضَمَانُ السُّوقِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَقْبِضُهُ مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ: وَيَجُوزُ كِتَابَتُهُ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِاعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ "قلت": وهو الصواب، لاعتقاده

1 ليست في "ط".

ص: 397

وَالشَّهَادَةُ بِهِ لِمَنْ لَمْ يَرَ جَوَازَهُ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ. وَإِنْ جَهِلَ الْحَقَّ أَوْ رَبُّهُ أَوْ غَرِيمُهُ صَحَّ إنْ آلَ إلَى الْعِلْمِ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ رَبِّهِ، وَقِيلَ: وَغَرِيمِهِ،

وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بَعْضَ الدَّيْنِ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَيُفَسِّرُهُ وَكَذَا قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ فِيهِ عَنْ إمَامِنَا، فَيُمْنَعُ، وَقَدْ سَلَّمَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ لِجَهَالَتِهِ حَالًا وَمَآلًا وَاخْتَارَ شَيْخُنَا صِحَّةَ ضَمَانِ حَارِسٍ وَنَحْوِهِ وَتُجَّارِ حَرْبِ مَا يَذْهَبُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْبَحْرِ، وَأَنَّ غايته ضمان ما لم يجب. وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ كَضَمَانِ السُّوقِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ الضَّامِنُ مَا يَجِبُ عَلَى التُّجَّارِ لِلنَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]

وَلِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْوَاحِدَةَ الْمُمْتَنِعَةَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ التي ينصر بعضها

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

كَذِبَ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا، ثُمَّ وَجَدْته فِي الرِّعَايَةِ الكبرى قال: أصحهما لا يرجع.

ص: 398

بَعْضًا تَجْرِي مَجْرَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فِي مُعَاهَدَتِهِمْ، فَإِذَا شُرِطُوا عَلَى أَنَّ تُجَّارَهُمْ يَدْخُلُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذُوا لِلْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَمَا أَخَذُوهُ كَانُوا ضَامِنِينَ لَهُ وَالْمَضْمُونُ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ التُّجَّارِ جَازَ ذَلِكَ كَمَا تَجُوزُ نَظَائِرُهُ، لِهَذَا لَمَّا قَالَ الْأَسِيرُ الْعُقَيْلِيُّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا مُحَمَّدُ، عَلَامَ أَخَذْتنِي وَسَابِقَةَ الْحَاجِّ يَعْنِي نَاقَتَهُ قَالَ:"بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك مِنْ ثَقِيفٍ" 1، فَأَسَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْعُقَيْلِيَّ وَحَبَسَهُ لِيَنَالَ بِذَلِكَ مِنْ حُلَفَائِهِ مَقْصُودَهُ، قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إذَا أَخَذُوا مَالًا لِتُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِمَا ضَمِنُوهُ وَيَحْبِسَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، كَالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ..

وَيَصِحُّ ضَمَانُ حَالٍّ مُؤَجَّلًا، نُصَّ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ عَكْسُهُ، فِي الْأَصَحِّ مُؤَجَّلًا، وَقِيلَ: حَالًّا وَلِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِتَخْلِيصِهِ، فِي الْأَصَحِّ إذَا طُولِبَ، وَقِيلَ: أَوْ لَا إذَا ضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ، وَقِيلَ أَوْ لَا، وَإِذَا قَضَى عَنْهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: هَلْ مَلَّكَهُ شَيْئًا؟ إنَّمَا ضَمِنَ عَنْهُ، كَالْأَسِيرِ يَشْتَرِيهِ، أَلَيْسَ كُلُّهُمْ قَالَ يَرْجِعُ؟ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى، أَوْ قَدْرِ دَيْنِهِ، مُطْلَقًا، نُصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: من الآية6] وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِهِ فِي الْأُمِّ، لِكَوْنِهَا أَحَقَّ بِرَضَاعِهِ، وَكَإِذْنِهِ فِي ضَمَانِهِ أَوْ قَضَائِهِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَظْهَرُ فِيهَا كَذَبْحِ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي مَنْعِ الضَّمَانِ وَالرُّجُوعِ، لِأَنَّ القضاء هنا إبراء، كتحصيل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الرُّجُوعُ، لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ..

1 أخرجه مسلم "1641""2"، من حديث عمران بن حصين.

ص: 399

الإجزاء بالذبح ولو تعيب مَضْمُونٌ - أَطْلَقَهُ شَيْخُنَا، وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِقَادِرٍ فَأَمْسَكَ الضَّامِنَ وَغَرِمَ شَيْئًا بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَنْفَقَهُ فِي حَبْسٍ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يَرْجِعُ بِمُؤَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ حَتَّى يَحِلَّ، وَلَا مَعَ إنْكَارِ الْآخَرِينَ الْقَضَاءَ، لِتَصَرُّفِهِ بِالشَّرْعِ، فَيَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَالْوَكِيلُ يَتْبَعُ لَفْظَ الْأَمْرِ وَيَرْجِعُ مَعَ تَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ، فِي الْأَصَحِّ، وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدْيُونِ إنْ قَضَى بِإِشْهَادٍ، وَالْأَصَحُّ أَوْ بِحَضْرَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي رُجُوعِهِ بِشَاهِدٍ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَشَهَادَةِ عَبِيدٍ وَالرَّدِّ بِفِسْقٍ بَاطِنٍ احْتِمَالَانِ "م 5". وَفِي شَاهِدٍ وَدَعْوَاهُ مَوْتَهُمْ وَأَنْكَرَ الإشهاد وجهان "م 6 - 7". وإن قضى الضامن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ مَعَ تَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ، فِي الْأَصَحِّ، وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدْيُونِ إنْ قَضَى بِإِشْهَادٍ، وَالْأَصَحُّ: أَوْ بِحَضْرَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي رُجُوعِهِ بِشَاهِدٍ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَشَهَادَةِ عَبِيدٍ وَالرَّدِّ بِفِسْقٍ بَاطِنٍ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ حُكْمُهُنَّ وَاحِدٌ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 والنظم في الجميع3. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَوْ أَشْهَدَ فَمَاتُوا أَوْ غَابُوا رَجَعَ، انْتَهَى.

"قُلْت": الصَّوَابُ الرُّجُوعُ مَعَ مَوْتِ الشُّهُودِ وَغَيْبَتِهِمْ إذَا صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إذَا كَانَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَمَاتَ أَوْ غَابَ، وَقُلْنَا يُقْبَلُ وَيُرْجَعُ بِشَهَادَتِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا، وَالْمُصَنِّفُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي.1

"مَسْأَلَةٌ 6، 7" قَوْلُهُ وَفِي شَاهِدٍ وَدَعْوَاهُ مَوْتَهُمْ فأنكر الإشهاد، وجهان، انتهى، فيه مسألتان.

1 7/94.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/51.

3 في "ط": "الجمع".

ص: 400

ثانيا ففي رجوعه بِالْأَوَّلِ لِلْبَرَاءَةِ بِهِ بَاطِنًا أَوْ الثَّانِي احْتِمَالَانِ "م 8". وإذا قال

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-6: إذَا أَشْهَدَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَقَالَا: إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا.

"أَحَدُهُمَا" لَا رُجُوعَ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَكْفِي، قُطِعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَكْفِي ذَلِكَ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيَحْلِفُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبَ، لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ قَبُولَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ، وَهُنَا كَذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ.

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَشْهَدَ وَمَاتُوا وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ الْإِشْهَادَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الضَّامِنِ وَيُرْجَعُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَوْ ادَّعَى مَوْتَ الشُّهُودِ وَأَنْكَرَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

"أَحَدُهُمَا" يُرْجَعُ، إذْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مُتَعَذِّرٌ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُرْجَعُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِشْهَادِ، وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ يَدَّعِيهِ

"قُلْت": الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ مِنْ صِدْقِ الْمُدَّعِي وَغَيْرِهِ.

"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى الضَّامِنُ ثَانِيًا فَفِي رُجُوعِهِ بِالْأَوَّلِ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ بَاطِنًا أَوْ الثَّانِي احْتِمَالَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي3 وَنَظْمِ الزَّوَائِدِ.

"أَحَدُهُمَا" يَرْجِعُ بِمَا قَضَاهُ ثَانِيًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَقَالَا: هَذَا أَرْجَحُ، وَقَدَّمَهُ ابن رزين في شرحه

1 7/94.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإ، صاف 13/52.

3 3/303.

ص: 401

الْمَضْمُونُ لَهُ لِلضَّامِنِ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يَقُلْ: إلَيَّ فَهُوَ مُقِرٌّ بقبضه، لَا أَبْرَأْتُك، وَقَوْلُهُ لَهُ: وَهَبْتُك الْحَقَّ تَمْلِيكٌ لَهُ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ، وَقِيلَ: إبْرَاءٌ، فَلَا.

فَصْلٌ وَتَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِرِضَاهُ بِإِحْضَارِ مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ، حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَقِيلَ: بِإِذْنِهِ مُعَيَّنٌ، وَقِيلَ: وَأَحَدُ هَذَيْنِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} ، [يوسف: 66] الْآيَةَ، فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ1 هُنَا شَيْءٌ، قِيلَ: بَلْ عَلَيْهِ حَقٌّ، لِأَنَّهُ إذَا دَعَا وَلَدَهُ لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ، وَقِيلَ: لَا تَنْعَقِدُ بِحَمِيلٍ وَقَبِيلٍ، وَعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَضَمَانِهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَإِحْضَارُ وَدِيعَةٍ وَكَفَالَةٍ بِزَكَاةٍ وَأَمَانَةٍ، لِنَصِّهِ فِيمَنْ قَالَ: ادْفَعْ ثَوْبَك إلَى هَذَا الرَّفَّاءِ2 فَأَنَا ضَامِنُهُ لَا يَضْمَنُ حتى يثبت

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

والاحتمال الثاني يرجع بما قضاه أولا.

وهذان الاحتمالان طريقة موجزة3 فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِيهَا أَنَّهُ يُرْجَعُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَأَنَّهُ تَبِعَ عِبَارَةَ مَنْ أَطْلَقَهَا، وَإِلَّا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا قَدَّمَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي، لِأَنَّ كَلَامَ مَنْ أَطْلَقَ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا، وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ فَائِدَةٌ والله أعلم..

1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

2 الرفاء: الخياط.

3 في "ح" و "ط": "مؤخرة".

ص: 402

أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ إنْ كَفَلَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ طُولِبَ بِهِ، وَقِيلَ: بِهِمَا وإلا فلا

وإن كفل بجزء شائع مِنْ إنْسَانٍ أَوْ عُضْوٍ وَقِيلَ: لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَقِيلَ: وَجْهُهُ فَقَطْ فَوَجْهَانِ "م 9 - 11" وَلَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ قود،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مسألة 9 - 11" قوله: وإن كفل بجزء شائع "1مِنْ إنْسَانٍ1" أَوْ عُضْوٍ وَقِيلَ: لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَقِيلَ: وَجْهُهُ فَقَطْ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، ذكر ثلاث مسائل.

مسألة الكفالة بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ وَمَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ بِعُضْوٍ، وَمَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ بِوَجْهِهِ.

"أَمَّا مَسْأَلَةُ 9" الْكَفَالَةِ بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.

"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِمَا، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي.

"4وَأَمَّا مَسْأَلَةُ 10" الْكَفَالَةِ بِعُضْوٍ غَيْرَ الْوَجْهِ فَهَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ

"أَحَدُهُمَا" تَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ والمذهب والمستوعب والخلاصة4"

1 ليست في النسخ الخطية و "ط" والمثبت من الفروع.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/65.

3 7/97.

4 ليست في "ح".

ص: 403

أو بزوجة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"1وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ، قَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ بِبَعْضِ الْبَدَنِ، انْتَهَى. وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْحَيَاةُ تَبْقَى مَعَهُ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْقَى كَرَأْسِهِ وَكَبِدِهِ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 والشرح3 وَغَيْرِهِمَا،

قَالَ فِي الْكَافِي: قَالَ غَيْرُ الْقَاضِي: إنْ كَفَلَ بِعُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ وَالْقَلْبِ وَالظَّهْرِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى1".

"وَأَمَّا مَسْأَلَةُ 11" الْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ فَقَطْ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا، وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. قَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ بِبَعْضِ الْبَدَنِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: فَقَطْ.

"تَنْبِيهٌ" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لَا سِيَّمَا مَسْأَلَةُ الْوَجْهِ فَقَطْ، إذْ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَمَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ فِيهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْعِبَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فَوَجْهَانِ، وَيَصِحُّ بِعُضْوٍ. وَقِيلَ: لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَقِيلَ: وجهه فقط، والله أعلم.

1 ليست في "ح".

2 7/97.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/65.

ص: 404

أَوْ شَاهِدٍ. وَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقٍ ضَمَانٌ وَكَفَالَةٌ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ وَتَوْقِيتِهِمَا وَجْهَانِ "م 12 و 13".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةُ 12 و 13" قَوْلُهُ وَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ ضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ وَتَوْقِيتِهِمَا وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ.

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12" لَوْ عُلِّقَ الضَّمَانُ أَوْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا.

"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ والشريف أبو جعفر وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَنَقَلَ مهنا الصحة في كفيل به، وجزم3 فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ وَتَوْقِيتِهَا فِي بَابِ الْكَفَالَةِ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ.

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13" تَوْقِيتُ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ تَوْقِيتِهِمَا حُكْمُ تَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ خِلَافًا وَمَذْهَبًا، لَكِنْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَسْأَلَةِ التَّوْقِيتِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَهُوَ أَقْيَسُ، لِأَنَّهُ وَعَدَ مَعَ تَقْدِيمِهِ الصِّحَّةَ فِي تَعْلِيقِهِمَا، وَاَللَّهُ أعلم.

1 7/103.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/68.

3 بعدها في "ط""به".

ص: 405

فَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِغَيْرِهِ أَوْ كَفِيلٌ بِهِ أَوْ كَفَلَهُ شَهْرًا فَوَجْهَانِ "م 14" وَنَقَلَ مُهَنَّا الصِّحَّةَ فِي كَفِيلٍ بِهِ، وَإِنْ قَالَ: أُبْرِئُ الْكَفِيلَ وَأَنَا كَفِيلٌ فَسَدَ الشَّرْطُ، فِي الْأَصَحِّ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، وَمَتَى أَحْضَرَهُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ، وَلَمْ يَكُنْ حَائِلٌ بَرِئَ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: وَيَبْرَأُ مِنْهُ، وَقِيلَ: إنْ امْتَنَعَ أَشْهَدَ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، وَكَذَا قَبْلَ أَجَلِهِ، وَلَا ضَرَرَ، وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: مَعَ ضَرَرٍ، وَقِيلَ: يَبْرَأُ بِبَقِيَّةِ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ وَفِيهِ سُلْطَانٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ.

قَالَ شَيْخُنَا: إنْ كَانَ الْمَكْفُولُ فِي حَبْسِ الشَّرْعِ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِيهِ بَرِئَ، وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مِنْهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، "1وَيُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ مِنْ إخْرَاجِهِ لِيُحَاكِمَ غَرِيمَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ، هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ1، كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي طريقة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"تَنْبِيهٌ" لَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا وَتَقْدِيرُهُ "وَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ ضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ بِشَرْطٍ"، فَقَوْلُهُ "بِشَرْطٍ" نَقْصٌ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ، وَالتَّعْلِيقُ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَرْطٍ هُنَا. وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ مِثَالُ تَعْلِيقِهِمَا بِسَبَبِ الْحَقِّ، الْعُهْدَةُ وَالدَّرَكُ، وَمَا لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَقْرَضْت فُلَانًا كَذَا فَضَمَانُهَا عَلَيَّ أَوْ مَا أَعْطَيْته فَأَنَا ضَامِنُهُ، فَهَذَا تَعَلَّقَ بِشَرْطٍ، لَكِنَّهُ سَبَبٌ لِلْحَقِّ، فَذَلِكَ يَصِحُّ.

"مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: فَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِغَيْرِهِ أَوْ كَفِيلٌ بِهِ أَوْ كَفَلَهُ شَهْرًا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي تَعْلِيقِهِمَا وَتَوْقِيتِهِمَا لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ هُنَا: قَوْلُ الْقَاضِي، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الانتصار وغيرهما

1 ليست في الأصل.

ص: 406

بَعْضِ أَصْحَابِنَا: فَإِنْ قِيلَ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ وَإِعْلَامُهُ بِمَكَانِهِ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا، قُلْنَا: بَلْ يُعَدُّ، وَلِهَذَا إذَا دَلَّ عَلَى الصَّيْدِ مُحْرِمًا كَفَرَ، وَإِذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ غَابَ نُصَّ عَلَيْهِمَا وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ رَدُّهُ، أَوْ مَضَى زَمَنٌ عَيَّنَهُ لِإِحْضَارِهِ الدَّيْنَ لَزِمَهُ الدَّيْنُ أَوْ عِوَضُ الْعَيْنِ، وَفِي الْمُبْهِجِ وَجْهٌ، كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهُ إنْ امْتَنَعَ بِسُلْطَانٍ، وَأُلْحِقَ بِهِ مُعْسِرٌ وَمَحْبُوسٌ، وَنَحْوُهُمَا، لِاسْتِوَاءِ الْمَعْنَى، وَالسَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَمَتَى أَدَّى مَا لَزِمَهُ ثُمَّ قدر على المكفول فظاهر كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ كَضَامِنٍ، وَأَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ ثُمَّ يَسْتَرِدُّ مَا أَدَّاهُ، بِخِلَافِ مَغْصُوبٍ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ، لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ.

وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ، بَرِئَ الْكَفِيلُ "م 15" لَا بِمَوْتِ الكفيل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الصحة، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين وغيرهما الصحة في المسألة الأولى.

"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، انْتَهَى. إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمَكْفُولَةُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَغْصُوبِ وَالْعَوَارِيِّ وَنَحْوِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ لَا يَبْرَأُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.

"أَحَدُهُمَا" يَبْرَأُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ

ص: 407

أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَوْلِهِمْ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ أَوْ الْمَكْفُولِ، فَدَلَّ أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، بِخِلَافِ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ،

قُلْنَا: وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ، فَهُمَا سِيَّانِ. وَمَنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ صُدِّقَ خَصْمُهُ، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ "م 16". وَمَنْ كَفَلَهُ اثْنَانِ فسلمه أحدهما في المنصوص أو كفل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَبْرَأُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ سَلَّمَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ عِوَضَهَا، وَقِيلَ: إلَّا أَنْ تَتْلَفَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يضمنها، وفيه احتمال، انتهى..

"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ، صُدِّقَ خَصْمُهُ، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الرعاية، وأطلقهما في الكافي4 وقال: مضى5 تَوْجِيهِهِمَا فِي الرَّهْنِ يَعْنِي إذَا أَقَرَّ بِالرَّهْنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا هُنَاكَ.

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قدمه في المغني6 والشرح7

1 3/306

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/75.

3 7/105

4 3/308.

5 في "ط": "معنى".

6 7/106.

7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/75-77.

ص: 408

لَهُمَا فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ وَمَنْ عَلَيْهِمَا مِائَةٌ فَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا نِيَّةَ، فَقِيلَ: إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الْأَصْلِ أَوْ الضمان، وقيل بينهما نصفان "م 17". وإن أحال عليهما

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَقَالَا: هَذَا أَوْلَى.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2

"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَيْهِمَا مِائَةٌ فَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا نِيَّةَ فَقِيلَ: إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الْأَصْلِ أَوْ الضَّمَانِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، انْتَهَى. هُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ ضَمِينٌ كَانَ عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أَوْ الْمُبَرِّئُ مِنْ الْقِسْمَيْنِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي النِّيَّةِ. وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا صَرَفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالشَّرْحِ7 وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ: يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ. وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِثْلُ هَذِهِ، بَلْ هِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا، فَإِنَّ أَحَدَ الضَّامِنِينَ إذَا قَضَى نِصْفَهَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أبرأه

1 7/106

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/75-77.

3 7/91.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/46.

5 7/93

6 3/295.

7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/48-49.

ص: 409

لِيَقْبِضَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ صَحَّ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجْهًا: لَا كَحَوَالَتِهِ عَلَى اثْنَيْنِ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ، وَإِنْ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْمِائَةِ بَقِيَ عَلَى الْآخَرِ خَمْسُونَ أَصَالَةً. وَإِنْ ضَمِنَ ثَالِثٌ عَنْ أَحَدِهِمَا الْمِائَةَ بِأَمْرِهِ وَقَضَاهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 18"

وَإِنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ أُخِذَ بِهِ، نَقَلَهُ أَبُو طالب. ومتى أحال رب الحق أَوْ أُحِيلَ أَوْ زَالَ الْعَقْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وبطل الرهن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَضْمُونُ لَهُ مِنْ نِصْفِهَا وَأَطْلَقَ كَانَ لَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا أَرَادَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِذَنْ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَاضِحٌ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ، فَتَابَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 هُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَبْيَضَّ هَذَا الْجُزْءَ، وَلَعَلَّ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ تِلْكَ فَرْقًا لَمْ يُحَرِّرْهُ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي2 ذَكَرَ هُنَا احْتِمَالَيْنِ، وَقَطَعَ هُنَاكَ، لَكِنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي لَمْ يَشْتَرِطْ فِي كِتَابِهِ مَا اشْتَرَطَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

"مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَمِنَ ثَالِثٌ عَنْ أَحَدِهِمَا الْمِائَةَ بِأَمْرِهِ وَقَضَاهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بها على الآخر؟ فيه روايتان، انتهى

1 7/93.

2 7/108.

ص: 410

وَيَثْبُتُ لِوَارِثِهِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى احْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي بَقَاءِ الضَّمَانِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيهَا يَبْرَأُ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ رَقَّ وَسَقَطَ الضَّمَانُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَالَهُ فِي سَلَمٍ بِهِ رَهْنٌ حَبَسَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، جَعَلَهُ أَصْلًا لِحَبْسِ رَهْنٍ بمهر المثل بالمتعة.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ وَنَوَى الرُّجُوعَ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا، وَأَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ، وَهِيَ مَا إذَا ضَمِنَ الضَّامِنُ آخَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ إذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ، وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الصَّحِيحَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَأَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ شَيْئًا، عَلَى الصَّحِيحِ، فَكَذَا هَذِهِ،

هَذَا مَا يَظْهَرُ لِي، بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الضَّامِنَ الثَّالِثَ ضَامِنٌ عَنْهُ خمسين بِالْأَصَالَةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ أَوَّلٌ، وَخَمْسِينَ بِالضَّمَانِ هُوَ فِيهَا ضَامِنٌ ثَانٍ، فَهِيَ كَتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخَمْسِينَ الَّتِي ضَمِنَهَا الشَّرِيكُ. فَهَذِهِ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ.

ص: 411