المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب خيار العيب ‌ ‌مدخل … باب خيار العيب وَهُوَ مَا نَقَصَ قِيمَةَ الْمَبِيعِ عَادَةً، - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٦

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السادس

- ‌تابع لكتاب الحج

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌مدخل

- ‌فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته

- ‌فصل: حَدُّ الْحَرَمِ

- ‌فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ

- ‌فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا

- ‌فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا

- ‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ، وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌مدخل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية

- ‌باب الخيار

- ‌مدخل

- ‌باب خيار التدليس والغبن

- ‌مدخل

- ‌باب خيار العيب

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ

- ‌مدخل

- ‌باب الخيار لاختلاف المتبايعين

- ‌مدخل

- ‌باب التصرف في المبيع وتلفه

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

- ‌باب السلم والتصرف في الدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

- ‌باب القرض

- ‌مدخل

- ‌باب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ

- ‌باب الضمان

- ‌مدخل

- ‌باب الحوالة

- ‌مدخل

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ

- ‌باب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ

الفصل: ‌ ‌باب خيار العيب ‌ ‌مدخل … باب خيار العيب وَهُوَ مَا نَقَصَ قِيمَةَ الْمَبِيعِ عَادَةً،

‌باب خيار العيب

‌مدخل

باب خيار العيب

وَهُوَ مَا نَقَصَ قِيمَةَ الْمَبِيعِ عَادَةً، وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: نَقِيصَةٌ يَقْتَضِي الْعُرْفُ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ عَنْهَا غَالِبًا، كَزِنَا بَالِغٍ عَشْرًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَشُرْبُهُ وَسَرِقَتُهُ وَإِبَاقُهُ وَبَوْلُهُ فِي فِرَاشِهِ، وَقِيلَ: مِنْ بَوْلِ كَبِيرٍ وَتَكَرُّرٌ وَفِي الْوَاضِحِ: بَالِغٌ، وَقِيلَ: وَمُمَيِّزٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْكُلِّ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَزَادَ: وَتَكَرُّرٌ، وَحُمْقٌ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: إنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَرُدُّ مِنْ الْحُمْقِ الشَّدِيدِ "هـ"

قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْحُمْقُ مِنْ الْكَبِيرِ وَهُوَ ارْتِكَابُ الْخَطَإِ عَلَى بَصِيرَةٍ.

وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: وَحُمْقٌ شَدِيدٌ وَاسْتِطَالَةٌ عَلَى النَّاسِ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ بَانَ الْعَبْدُ طَوِيلَ اللِّسَانِ عَلَى النَّاسِ أَوْ أَحْمَقَ مَلَكَ الرَّدَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ أَنْ يُؤَدَّبَ، وَرُبَّمَا تَكَرَّرَ مِنْهُ فَيَصِيرُ كَالزِّنَا، وَلِأَنَّ الْأَحْمَقَ قَدْ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْعَادَةَ، وَخِصَاءٌ وَبَخَرٍ وَبَرَصٍ وَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَكَلَفٍ2 وَعَوَرٍ وَحَوَلٍ وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ وَقَرَعٍ، وَتَحْرِيمٍ عَامٍّ، كَمَجُوسِيَّةٍ، وَحَمْلِ أَمَةٍ دُونَ بَهِيمَةٍ، وَكَوْنِ ثَوْبٍ غَيْرِ جَدِيدٍ مَا لَمْ يَبِنْ أَثَرَ اسْتِعْمَالِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَعَدَمِ خِتَانٍ فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ. وقال الشيخ: ليس من بلد الكفر،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 6/237.

2 بالتحريك: شيء يعلو الوجه كالسمسم، أو هو كدرة تعلو الوجه. "القاموس":"كلف".

ص: 235

وَفِي الثُّيُوبَةِ وَمَعْرِفَةِ الْغِنَاءِ وَالْكُفْرُ وَجْهَانِ "م 1 و 2" وَقِيلَ: وَفِسْقٌ بِاعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ، وَتَغْفِيلٍ وَلَيْسَ عُجْمَةُ لِسَانٍ وَفَأْفَاءٌ وَتِمْتَامٌ وَقَرَابَةٌ وَإِرْثٌ وألثغ وعدم حيض - في المنصوص عليه - عَيْبًا. وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ عَقِيمٌ فِيهِ وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي فِي الْحَامِلِ: هَلْ يَخْتَصُّ الْعُقُمُ بِمَنْعِ الْحَمْلِ وَلَا يَمْنَعُ الْحَيْضَ؟ فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ هَذَا، وَمَتَى حَكَمْنَا أَنَّهَا عَقِيمٌ لَمْ يَصِحَّ الحيض منها: وفي الانتصار: ليس عيبا مع بقاء القيمة.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 1-2: قَوْلُهُ: وَفِي الثُّيُوبَةِ وَمَعْرِفَةِ الْغِنَاءِ وَالْكُفْرِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ الثُّيُوبَةُ عَيْبٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.

"أَحَدُهُمَا" لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وغيرهم

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هِيَ عَيْبٌ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ ظَهَرَتْ ثَيِّبًا مَعَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَهُوَ عَيْبٌ "قُلْت": وَهَذَا ضَعِيفٌ

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ مَعْرِفَةُ الْغِنَاءِ وَظُهُورُ الرَّقِيقِ كَافِرًا عَيْبٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.

"أَحَدُهُمَا" لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الكافي4 والمغني5 والشرح6 والرعاية وغيرهم.

1 3/130

2 6/237

3 المقنع مع الشرح الكبير وافنصاف 11/372.

4 3/131.

5 6/237-238.

6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/373.

ص: 236

وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: كَوْنُ الدَّارِ يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ عَيْبٌ، وَعِبَارَةُ الْقَاضِي: وَجَدَهَا بِمَنْزِلَةٍ قَدْ نَزَلَهَا الْجُنْدُ، قَالَا: أَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً فَوَجَدَ فِيهَا سَبُعًا أَوْ حَيَّةً عَظِيمَةً تُنْقِصُ الثَّمَنَ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: وَجَدَهَا كَانَ السُّلْطَانُ نَزَلَهَا لَيْسَ عَيْبًا، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ظُلْمٌ يَمْنَعُ مِنْهُ الدِّينُ وَتَحْسِمُ مَادَّتَهُ سِيَاسَةُ الْعَدْلِ، وَتَجْوِيزُ عَوْدِهِ مُتَوَهِّمٌ، وَنَقْصُ الْقِيمَةِ بِهِ عَادَةً إنْ غَبِنَ لِذَلِكَ الثُّلُثَ وَكَانَ مُسْتَسْلِمًا فَلَهُ الْفَسْخُ لِلْغَبْنِ لَا لِلْعَيْبِ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ الْفَسْخُ لِهَذَا الْأَمْرِ الْمُتَرَدِّدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَبَقٌّ وَنَحْوُهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ بِالدَّارِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ فِي زَمَنِنَا، وَقَرَعٌ شَدِيدٌ مِنْ كَبِيرٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَكَوْنُهُ أَعْسَرَ، وَالْمُرَادُ لَا يَعْمَلُ بِالْيَمِينِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ. وَإِلَّا فَزِيَادَةُ خَيْرٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: لَيْسَ بِعَيْبٍ، لِعَمَلِهِ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، خِلَافًا لِشُرَيْحٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَالْجَارُ السُّوءُ عَيْبٌ.

فَمَتَى اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ أَوْ عَالِمًا عَيْبَهُ وَلَمْ يَرْضَ أَمْسَكَهُ، وَالْمَذْهَبُ: لَهُ أَرْشُهُ، وَعَنْهُ: إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَلَا يَلْزَمُ، قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ كَالصَّفْقَةِ إذَا تَفَرَّقَتْ،

وَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ حَيْثُ شاء البائع؟ فيه احتمالان "م 3"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ عَيْبٌ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْغِنَاءُ الْأَمَةُ عَيْبٌ، وَكَذَا الكفر.

"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: فَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا،. وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمْسَكَهُ، وَالْمَذْهَبُ لَهُ أَرْشُهُ، وَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ حَيْثُ شاء البائع؟ فيه احتمالان،

1 6/238.

ص: 237

وَفِي الِانْتِصَارِ وَمُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ: لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ، كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ، وَآيَاتٍ فِي الْمُصْحَفِ، لِلْعَادَةِ، كَغَبْنٍ يَسِيرٍ، وَلَوْ مِنْ وَلِيٍّ، قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَوَكِيلٌ، وَقَالَ فِي وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ: لَوْ كَثُرَ الْغَبْنُ بَطَلَ. وَقَالَ أَيْضًا: يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمَا، وَذَكَرَ أَيْضًا الْفَسْخَ بعيب

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.

"أَحَدُهُمَا" يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ، لِأَنَّهُ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، فَقَالَ: لَا يَجِبُ كَوْنُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي مِقْدَارِ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ إسْقَاطُ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَرْشَ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مُعَاوَضَةُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَسْخًا أَوْ إسْقَاطًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَسْتَحِقُّ جُزْءًا مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، انْتَهَى.

"قُلْت": قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْأَرْشَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: إذَا قُلْنَا: هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ، فَهَلْ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ قِيمَتِهِ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْقِيمَةِ، وَذَهَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَابْنُ الْبَنَّا إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْعَيْنِ الْفَائِتَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذلك جواز الْمُصَالَحَةِ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا: الْمَضْمُونُ الْعَيْنُ، فَلَهُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهَا بِمَا شَاءَ، وَإِنْ قُلْنَا: الْقِيمَةُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عنها بأكثر من جنسها، انتهى

ص: 238

يَسِيرٍ، وَأَنَّ الْمَهْرَ مِثْلُهُ، فِي وَجْهٍ، وَأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، كَدِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ بِالشَّرْطِ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا: لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ أَوْ غَبْنٍ يَسِيرٍ وَأَنَّ الْكَثِيرَ يَمْنَعُ الرُّشْدَ وَيُوجِبُ السَّفَهَ وَالرُّجُوعَ عَلَى وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ، وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ الْفَسْخُ غَبِنَ أَمْ لَمْ يَغْبِنْ

قَالَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ: مَنْ اشْتَرَى مُصْحَفًا فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ لَيْسَ هَذَا عَيْبًا، لَا يَخْلُو الْمُصْحَفُ مِنْ هَذَا. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي بَعْدَ هَذَا النَّصِّ قَالَ لِأَنَّهُ كَغَبْنٍ يَسِيرٍ، قَالَ: وَأَجْوَدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ عَادَةً مِنْ ذَلِكَ، كَيَسِيرِ التُّرَابِ وَالْعَقْدِ فِي الْبُرِّ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّاسِخِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لِمَا وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ، وَعَلَيْهِ نَسْخُهُ فِي مَكَانِهِ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ بِذَلِكَ مِنْ الْكَاغَدِ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، بَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ وَغَرَامَةُ الْكَاغَدِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: يَسِيرُ عَيْبٍ مَبِيعٍ كَالْكَثِيرِ، وَهُوَ نِسْبَةُ قَدْرِ النَّقْصِ إلَى قِيمَتِهِ صَحِيحًا، فَيَرْجِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَتِهِ، وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِلَا رِضًا وَحُضُورِ الْآخَرِ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ. وَلَا يَرُدُّ نَمَاءً مُنْفَصِلًا إلَّا لِعُذْرٍ، كَوَلَدِ أمة، وقيل: يجوز، بيعها1 دُونَ وَلَدِ حُرٍّ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ: أَوْ دُونَ حمل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في النسخ الخطية و "ط": "كبيعها" والتصويب من حاشية ابن قندس.

ص: 239

حُرٍّ، وَعَنْهُ: يَرُدُّ النَّمَاءَ مِنْ عَيْنِهِ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَمِثْلُهُ الْمُتَّصِلُ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَنَسْجِهِ: لَهُ أرشه إن رده،"*"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فِي النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ: وَفِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَنَسْجِهِ لَهُ أَرْشُهُ إنْ رَدَّهُ، كَذَا فِي النُّسْخَةِ. وَصَوَابُهُ "لَهُ أَرْشُهُ لَا رَدُّهُ" صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، نَبَّهَ عليه شيخنا، وهو واضح، والمعنى يساعده.

1 6/254.

ص: 240

وَعَنْهُ لَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِمُشْتَرٍ وَهَبَهُ بَائِعٌ ثَمَنًا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، كَمَهْرٍ، فِي رِوَايَةٍ، وَخِيَارُ الْعَيْبِ كَخُلْفٍ فِي الصِّفَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهِ أَوْ أَرْشِهِ، لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ. وَإِنْ عَابَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ، كَقَطْعِ ثَوْبٍ وَوَطْءِ بِكْرٍ، فَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ قال

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 241

فِي التَّرْغِيبِ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ نقصه الحادث عنده "م 4"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ عَابَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ كَقَطْعِ ثَوْبٍ وَوَطْءِ بِكْرٍ، فَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي1 وَالشَّرْحِ2 وغيرهم.

1 3/123-124.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/386.

ص: 242

وَلَوْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ: كَزَوَالِهِ قَبْلَ رده. وإن زَالَ بَعْدَهُ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ احْتِمَالَانِ "م 5" وَنَصُّهُ: لَهُ رده بلا أرش إذا دلس

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"إحْدَاهُمَا" يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى1: هَذِهِ الصَّحِيحَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وأبو الخطاب في خلافه وغيرهم.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ: عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُهُمَا، وَاخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَنَصَرَهَا الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3، وَمَالَ إلَيْهَا الشَّارِحُ وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُدَلَّسْ الْعَيْبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ

"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَ بَعْدَهُ يَعْنِي بَعْدَ رَدِّهِ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ زَادَ الْبَيْعُ، وهو ظاهر

1 الإرشاد ص 200

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/386.

3 6/250-251.

ص: 243

الْبَائِعُ الْعَيْبَ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَلَهُ رَدُّ ثَيِّبٍ وَطِئَهَا، عَلَى الْأَصَحِّ، مَجَّانًا، وَلِهَذَا لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً بِلَا إخْبَارٍ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَعَنْهُ: بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَالْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي كَالْعَيْبِ قَبْلَهُ فِيمَا ضَمَانُهُ عَلَى الْبَائِعِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لَا أَرْشَ إلَّا أَنْ يُتْلِفَهُ آدَمِيٌّ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَالْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ مُشْتَرٍ. وَعَنْهُ: عُهْدَةُ الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةُ أيام، وعنه: سنة1.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.

وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَهُ الرجوع.

1 في "ط": "ستة".

ص: 244

وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: وَبَعْدَهَا، وَالْمَذْهَبُ لَا عُهْدَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ. وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ فَلَهُ الْأَرْشُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَعَنْهُ، إنْ أَعْتَقَهُ فِي وَاجِبٍ وَحُكِيَ مُطْلَقًا، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَمْ يَمْنَعْ عَيْبَهُ الْإِجْزَاءُ صَرَفَهُ فِي الرِّقَابِ، وَيُحْتَمَلُ لَا أَرْشَ، كَقَرِيبٍ عَتَقَ، لِأَنَّ الْقَصْدَ عِتْقُهُ، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنْ يَفْسَخَ وَيَغْرَمَ الْقِيمَةَ، وَعَنْهُ: لَا أَرْشَ لَهُ لِمَا بَاعَهُ، فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ فَلَهُ رَدُّهُ أَوْ أَرْشُهُ، أَوْ إنْ أَخَذَ مِنْهُ أَرْشَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 245

وَلَوْ بَاعَهُ مُشْتَرٍ لِبَائِعِهِ لَهُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، ثُمَّ لِلثَّانِي رَدُّهُ عَلَيْهِ، وَفَائِدَتُهُ اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ هُنَا لَا رَدَّ، وَإِنْ فَعَلَهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ أَوْ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَوْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ اسْتَغَلَّهُ فَلَا، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى1 وَالْقَاضِي، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ، وَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى الرِّضَا فَمَعَ الْأَرْشِ كَإِمْسَاكِهِ2، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ. قَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَالَ: وَذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَالِاسْتِخْدَامُ وَالرُّكُوبُ لَا يَمْنَعُ أَرْشَ الْعَيْبِ إذَا ظَهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إنَّمَا نَصَّ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْأَرْشَ وَإِنْ اُحْتُلِبَ الْمَبِيعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: أَوْ رَكِبَهَا لِسَقْيِهَا أَوْ عَلْفِهَا. وَقَالَ في المغني3: إن استخدم لَا لِلِاخْتِبَارِ بَطَلَ رَدُّهُ بِالْكَثِيرِ، وَإِلَّا فَلَا. قِيلَ لِأَحْمَدَ: إنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَبَانَ مَعِيبًا فَاسْتَخْدَمَهُ بِأَنْ يَقُولَ: نَاوِلْنِي الثَّوْبَ، بَطَلَ خِيَارُهُ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ: مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ أَوْ: مِنْ أَيْنَ أَخَذُوا هَذَا؟ لَيْسَ هَذَا بِرِضًا حَتَّى يَكُونَ شَيْءٌ يُبَيِّنُ وَيُطَوِّلُ. قَالَ: وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ فِي بُطْلَانِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِاسْتِخْدَامِ رِوَايَتَانِ، فَكَذَا يَخْرُجُ هُنَا، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي، وَعَنْهُ: وَرَدَّهُ بِقِسْطِهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَفِي أَرْشِ الْمَبِيعِ الرِّوَايَتَانِ، وَنَصُّ أَحْمَدَ: لَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَ تَدْلِيسِهِ، وَلَهُ الْفَسْخُ فِي رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ مُطْلَقًا، للضرورة. وعنه: له الأرش، وقيل: من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 الإرشاد ص 200.

2 بعدها إلى قوله: "روايتان" يأتي في "ر" بعد. قوله: "فكذا يخرج هنا".

3 6/249.

ص: 246

غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى مُدِّ عَجْوَةٍ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يُفْسَخُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذُ الْجَيِّدَ رَبُّهُ وَيَدْفَعُ الرَّدِيءَ. وَإِنْ صَبَغَهُ أَوْ نَسَجَهُ فَالْأَرْشُ، وَعَنْهُ: وَالرَّدُّ، وَيَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَذْلِ عِوَضِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا الْمُشْتَرِي عَلَى قَبُولِهِ، فِي الْأَصَحِّ.

وَإِنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْلَمُ عَيْبُهُ إلَّا بِكَسْرِهِ وَلِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزِ الْهِنْدِ، فَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ، وَعَنْهُ: لَهُ رَدُّهُ: وَخَيَّرَهُ الْخِرَقِيُّ بَيْنَهُمَا "م 6" وَفِي رد أرش

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبُهُ إلَّا بِكَسْرِهِ، وَلِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزِ الْهِنْدِ، فعنه: له الأرش، وعنه: له رده، وخيره الْخِرَقِيُّ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى.

"إحْدَاهُنَّ" هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهِ وَرَدِّ مَا نَقَصَ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ1 وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يتعين له الأرش قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهِيَ وَجْهٌ فِي الْمُذْهَبِ، وَتَخْرِيجٌ فِي الْهِدَايَةِ

وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: لَهُ رَدُّهُ، وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ إذَا زَادَ فِي الْكَسْرِ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ خُيِّرَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الشَّرْحِ1 وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ لَيْسَ لَهُ رَدٌّ وَلَا أَرْشٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يشترط البائع سلامته،

1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/410.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/409.

ص: 247

الْكَسْرِ الْمُسْتَعْلَمِ بِهِ وَالرَّدِّ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ وَجْهَانِ "م 7 و 8" وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ دَجَاجٍ، رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ شرط سَلَامَتِهِ. وَإِنْ اشْتَرَيَا شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ رَدُّ نَصِيبِهِ، كَشَرْطِهِمَا الْخِيَارَ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ، وَعَنْهُ: لَا، كَمَا لَوْ وَرِثَاهُ، وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ لِلْحَاضِرِ مِنْهُمَا نقد نصف

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ.

"مَسْأَلَةٌ 7 وَ 8" قَوْلُهُ: وَفِي رَدِّ أَرْشِ الْكَسْرِ الْمُسْتَعْلَمِ بِهِ وَالرَّدِّ إنْ زاد على قدر الاستعلام وجهان فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا كَسَرَهُ كَسْرًا لَا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ فَهَلْ يُرَدُّ أَرْشُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. "أَحَدُهُمَا" يُرَدُّ أَرْشُ الْكَسْرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ، وَالشَّيْخُ فِي مُقْنِعِهِ2 وَغَيْرُهُمَا.

"والوجه الثاني" له الرد بلا أرش قال القاضي: عندي لَهُ الرَّدُّ بِلَا أَرْشٍ عَلَيْهِ لِكَسْرِهِ، لِأَنَّهُ حصل بطريق استعلام الْعَيْبِ، وَالْبَائِعُ سَلَّطَ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَقِيلَ: يَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وغيره.

1 6/252-253.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/410.

ص: 248

ثَمَنِهِ وَقَبْضُ نِصْفِهِ، وَإِنْ نَقَدَ كُلَّهُ قَبَضَ نِصْفَهُ، وَفِي رُجُوعِهِ الرِّوَايَتَانِ، ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيلَةِ وَغَيْرِهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ: بِعْتُكُمَا، فَقَالَ أحدهما: قبلت، جاز، وإن سَلَّمْنَا فَلِمُلَاقَاةِ فِعْلِهِ مِلْكُ غَيْرِهِ، وَهُنَا لَاقَى فِعْلُهُ مِلْكَ نَفْسِهِ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ وَقَالَ: لَيْسَتْ الشَّرِكَةُ عَيْبًا، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَشَرِكَةُ الْمُشْتَرِيَيْنِ زَالَتْ بِالرَّدِّ وَشَرِكَةُ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي حكم الرد، وحكم الشيء

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا كَسَرَهُ كَسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هَذَا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا غَابَ عِنْدَهُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَكَذَا فِي هَذِهِ. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ: حُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي، وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْكَسْرِ، وَأَخْذِ الثَّمَنِ، وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ، وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا أَرْشُ الْعَيْبِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ، انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، نَعَمْ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي فِي الَّذِي قَبْلَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْكَسْرِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الزَّائِدُ عَلَى اسْتِعْلَامِ الْمَبِيعِ؟ عَلَى تَرَدُّدٍ، انْتَهَى.

"قُلْت": يُشْبِهُ مَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ وَقُلْنَا يَصِحُّ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ، فَإِنَّ فِي قَدْرِهِ وَجْهَيْنِ: هَلْ هُوَ بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ؟ أَوْ بَيْنَ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ؟ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ، وَتَقَدَّمَ1 نَظِيرُهَا فِي زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فِيمَا إذَا ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ وفحش.

1 4/101.

ص: 249

لَا يَسْبِقُهُ، كَالْمَعْلُولِ لَا يَسْبِقُ عِلَّتَهُ، وَالرَّدُّ وُضِعَ سَبَبًا لِنَقْلِ الْمِلْكِ، فَلَا عِبْرَةَ بِحُصُولِ الشَّرِكَةِ بِهِ ضَرُورَةً، كَفَوَاتِ الزَّوْجِيَّةِ بِقَتْلِ مَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ.

وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ أَوْ طَعَامًا فِي وِعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ صَفْقَةً، فَوَجَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَبَى الْأَرْشَ، فَعَنْهُ: يَرُدُّهُمَا، وَعَنْهُ: وَأَحَدُهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعِيبَيْنِ: وَلَا يَمْلِكُ رَدَّ صحيح مفردا ولا رد1 بعض شيء "م 9 و 10"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 9 وَ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَطَعَامًا فِي وِعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ صَفْقَةً فَوَجَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَبَى الْأَرْشَ فَعَنْهُ: يَرُدُّهُمَا وَعَنْهُ: وَأَحَدُهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعِيبَيْنِ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّ صَحِيحٍ مُفْرَدًا وَلَا رَدَّ بَعْضِ شَيْءٍ، انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ:

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَوَجَدَهُمَا مَعِيبَيْنِ وَأَبَى الْأَرْشَ فَهَلْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَأَخْذُ أَرْشَ الْآخَرِ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. إحْدَاهُمَا لَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ.

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا وَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا فَهَلْ لَهُ رَدُّهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا أَمْ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ العيب؟ أطلق الخلاف.

1 في النسخ الخطية و "ط": "يرد".

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/419.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/421.

ص: 250

وإن حرم التفريق كأخوين، أَوْ نَقَصَ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ تَعَيَّنَ رَدُّهُمَا، وَمِثْلُهُ بَيْعُ جَانٍ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ يُبَاعَانِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي فِي قِيمَتِهِ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ، فَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَعَنْهُ: الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ بحسب جوابه "م 11"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

إحْدَاهُنَّ: لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا. وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوقِ الزِّرْيَرانِيَّةِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ وَرَدُّهُمَا مَعًا، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.

وَالرِّوَايَةُ الثالثة ليس له إلا رد المعيب فَقَطْ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ:"وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ "، وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ2 فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ، والله أعلم.

"مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ، فَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَعَنْهُ: الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ بِحَسَبِ جَوَابِهِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 والمقنع7 والتلخيص والبلغة والشرح8 وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى والفائق

1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/421.

2 في النسخ الخطية: "الثالثة" والمثبت من "ط".

3 6/244-245.

4 3/127.

5 3/251.

6 3/149.

7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/423

8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/423- 425..

ص: 251

وَعَنْهُ: عَلَى الْعِلْمِ. وَفِي الْإِيضَاحِ: يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلَ أَحَدِهِمَا قَبْلُ، وَقِيلَ: بِيَمِينِهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرُدَّهُ، نَقَلَهُ مُهَنَّا،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.

إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، فِي الْأَظْهَرِ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَهِيَ أَنْصَفَهُمَا، وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ومنتخب الآدمي، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ، وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّ الْأَصْلَ اشتغال ذمة البائع، ولم تثبت براءتها، انتهى

ص: 252

وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ الْمَرْدُودَ 1قال في المغني2 هُنَا إنْ جَاءَ لِيَرُدَّ السِّلْعَةَ بِخِيَارٍ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا سِلْعَتَهُ فَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالرَّدُّ فِي الْعَيْبِ بِخِلَافِهِ 1

وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، نَصَّ عليهما، وقول المشتري في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

2 6/252، وتحرفت في "ط" إلى:"الأضحى"، والتصويب من حاشية ابن قندس.

ص: 253

ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِالْعَقْدِ، وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أو قرض أو غَيْرِهِ وَجْهَانِ "م 12"

وَلِبَائِعِ عَبْدٍ بِأَمَةٍ رَدُّهَا بِعَيْبٍ وَأَخْذُهُ عَبْدَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لِعِتْقِ مُشْتَرٍ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِالْعَقْدِ، وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَابِتٍ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مُعَيَّنٍ حَالَ الْعَقْدِ، وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ، ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَبِهِ عَيْبٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى هَذَا الْعَيْبِ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ قَبَضَهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ، فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ أَوْ الْقَابِضِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ الْقَرْضِ.

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْقَابِضُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ، مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلٌ مِنْ الظَّاهِرِ مَعَهُ، وَالظَّاهِرُ مَعَ الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَعِيبٌ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، جَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ وَالزَّرِيرَانِيُّ فِي فَرُوقَيْهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْقَبْضِ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ السَّلَمِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قَبْلَ الْقَرْضِ بِفَصْلٍ: وَلَوْ قَالَ الْمُسَلِّمُ: هَذَا الَّذِي أَقَبَضْتنِي وَهُوَ مَعِيبٌ، فَأَنْكَرَ أَنَّهُ هَذَا، قُدِّمَ قَوْلُ الْقَابِضِ، انْتَهَى

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ الدَّافِعُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ.

"تَنْبِيهٌ" هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ طَرِيقَةُ السَّامِرِيِّ وَالزَّرِيرَانِيِّ فِي فَرُوقَيْهِمَا، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ: لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ: هَذَا الثَّمَنُ وَقَدْ خَرَجَ مَعِيبًا، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فَفِيهِ طَرِيقَانِ:

"أَحَدُهُمَا" إنْ قُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الدَّافِعُ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ:

"أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا، لِأَنَّهُ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ.

"وَالثَّانِي" قَوْلُ الْقَابِضِ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْأَصْلُ اشْتِغَالُهَا بِهِ، إلَّا أَنْ تَثْبُتَ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ، وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.

"وَالطَّرِيقُ الثَّانِي" إنْ قُلْنَا النُّقُودُ لَا تَتَعَيَّنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ ثَبَتَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَمْ تَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِمَّا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي السِّلْعَةِ:

"أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيَدَّعِي عَلَيْهِ ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ

"وَالثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ، لِأَنَّهُ مُنْكِرُ التَّسْلِيمَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي تَعَالِيقِهِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا، نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الصَّرْفِ. وَفَرَّقَ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي، لِمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْبَ أَنَّ مَالَهُ كَانَ مَعِيبًا. أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِالْعَيْبِ، فَقَدْ فَسَخَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْلِيسِ، فِي الْمُغْنِي، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْآخَرُ، وَالْأَصْلُ مَعَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ الْخِيَارُ إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَبِيعُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ، وَقَدْ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ هَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَقَدْ يَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ. وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَأَنْكَرَ الْمُعْتَزِلَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُقَرَّ بِهَا، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَوَائِدِ.

فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد صححت.

ص: 257