الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد السادس
تابع لكتاب الحج
بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
مدخل
…
بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ صَيْدِهِ1 عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: وَعَلَى دَالٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ، وَمَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا كَانَتْ حَرَامًا قَبْلَ إبْرَاهِيمَ عليه السلام، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَنْ مَكَّةَ كَانَتْ حَرَامًا وَلَمْ تَزَلْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتَحَ مَكَّةَ: "إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا" فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ:"إلَّا الْإِذْخِرَ" وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ نَحْوُهُ، وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ "وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ" وَفِيهِ:"لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا" وَفِيهِ: "وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ2. الْقَيْنُ: الْحِدَادُ وَلِلْأَثْرَمِ فِي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 يعني حرم مكة
2 البخاري "1349"، "1832"، "1833"، "104"، "112"، مسلم "1353""445""1354""446"، 1355" "448".
خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا" 1 وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا وَبَيَّنَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا حُرِّمَتْ بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَفِي صَيْدِ الْحَرَمِ الْجَزَاءُ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ، لِمَا سَبَقَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ مِنْهُمْ ; وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ، كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ، وَالْحُرْمَتَانِ تَسَاوَتَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ، وَعَنْ دَاوُد: لَا يَضْمَنُهُ، لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَضْمَنُهُ صَغِيرٌ وَكَافِرٌ، وَلَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فِيهِ. وَلَهُ فِي إجْزَاءِ الْهَدْيِ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ، فَدَخَلَهُ الصَّوْمُ، كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ ; وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ عَامَّةٌ، فَضَمِنَهُ الصَّغِيرُ وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِمَا، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلِأَنَّ ضَمَانَهُ كَالْمَالِ، وَهُمَا يَضْمَنَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: هُوَ آكَدُ مِنْ الْمَالِ ; لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ مُؤَبَّدَةٌ فَلَزِمَ الْجَزَاءُ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ ; وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ.
وَحُكْمُ صَيْدِهِ حُكْمُ صَيْدِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ، حَتَّى فِي تَمَلُّكِهِ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ جَزَاءَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يلزمه
1 لم نجد هذا اللفظ وانظر: الإرواء 4/215
2 البخاري "2129"، ومسلم "1360""454"، من حديث عبد الله بن زيد.
وَإِنْ دَلَّ مُحِلٌّ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَاهُ بِجَزَاءٍ وَاحِدٍ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: الْجَزَاءُ عَلَى الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ، كَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ، فَعَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءُ، لَنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْجَزَاءِ، فَضَمِنَ بِالدَّلَالَةِ، كَصَيْدِ الْمُحْرِمِ، وَلَا يَلْزَمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ كَصَيْدِ الْحَرَمِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ طَرْدُهُ صَيْدَ الْمَدِينَةِ ; وَلِأَنَّهَا حُرْمَةٌ تُوجِبُ رَفَعَ يَدِهِ عَنْ الصَّيْدِ كَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ، فَلَا يَلْزَمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ: لَا جَزَاءَ عَلَى دَالٍّ فِي حِلٍّ بَلْ عَلَى الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ، كَحَلَالٍ دَلَّ مُحْرِمًا، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ، وَالْأَوَّلُ نَصُّ أَحْمَدَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ اشْتَرَكَ حَلَالَانِ فِي قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ، بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ بَدَلٌ عَنْ الْمَحَلِّ لَا جَزَاءٌ عَلَى الْجِنَايَةِ، وَالْمَحَلُّ مُتَّحِدٌ، كَقَتْلِهِمَا رَجُلًا خَطَأً، الدِّيَةُ وَاحِدَةٌ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ وَلَنَا مَا سَبَقَ، وَمَا قَالُوهُ مَمْنُوعٌ.
وَإِنْ قَتَلَ الْمُحِلُّ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ قَتَلَهُ عَلَى غُصْنٍ فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ "و" لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ هُوَ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ ; وَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالْحَرَمِ1 كَالْمُلْتَجِئِ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُهُ ; لِأَنَّ الْقَاتِلَ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ طَائِرًا فِي الْحِلِّ فَتَلِفَ فَرْخُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَضْمَنُ الْأُمَّ، وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ بِسَهْمِهِ أَوْ كَلْبِهِ، أَوْ صَيْدًا عَلَى غُصْنٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ يُمْسِكَ طَائِرًا فِي الْحَرَمِ فَيَتْلَفَ فرخه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 هنا نهاية السقط في النسخة "س".
فِي الْحِلِّ، لَا يَضْمَنُ "و" لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَلَيْسَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَا الْمُحْرِمِ وَعَنْهُ: يَضْمَنُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا، اعْتِبَارًا بِالْقَاتِلِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الطَّائِرِ عَلَى الْغُصْنِ ; لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ، وَيَتَوَجَّهُ ضَمَانُ الْفَرْخِ ; لِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
وَإِنْ فَرَّخَ فِي مَكَان يُحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ عَنْهُ فَالْوَجْهَانِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ قَوَائِمِ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُمَا فِي الْحَرَمِ حُرِّمَ تَغْلِيبًا، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ: لَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ فَقَطْ فِيهِ فَخَرَّجَهُ الْقَاضِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ، بَلْ دَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ، كَاسْتِرْسَالِهِ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَضْمَنُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ، كَسَهْمِهِ "و" وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو ثَوْرٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَطَأِ كَالْعَمْدِ، وَعَنْهُ: فِي كَلْبِهِ يَضْمَنُهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ بِتَفْرِيطِهِ وَإِلَّا فَلَا، اختاره ابن أبي موسى1
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الإرشاد ص170.