الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرهن
مدخل
…
باب الرهن
يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَصَحَّ تَبَرُّعُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لِوَلِيٍّ رَهْنُهُ عِنْدَ أَمِينٍ لِمَصْلَحَةٍ، كَحَلِّ دَيْنٍ عَلَيْهِ مَعَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَبْلَهُ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ لَا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، بِكُلِّ دَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ مَآلُهُ إلَيْهِ، وَنَفْعُ إجَارَةٍ فِي الذِّمَّةِ.
وَلَا يَصِحُّ بِمُسَلَّمٍ فِيهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَصِحُّ، وَفِيهِ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ رِوَايَتَانِ فِي الترغيب "م 1" وغيره
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بِمُسَلَّمٍ فِيهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَصِحُّ، وَفِيهِ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ رِوَايَتَانِ فِي التَّرْغِيبِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ.
وَفِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَعَارِيَّةٍ، وَقِيلَ: وَجُعْلٌ قَبْلَ العمل ودية قبل الحول وجهان، كدين كتابة، وفيه في الموجز روايتان، "م 2 - 4"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"إحْدَاهُمَا" لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَزَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ إلَى اخْتِيَارِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي الرَّهْنِ، نَقَلَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" يَصِحُّ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ، وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ: وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمَانِ فِي السلم والقرض "قلت" وهذا هو الصواب.
"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَفِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَعَارِيَّةٍ، وَقِيلَ: وجعل قبل العمل، ودية قبل الحول، وجهان كَدَيْنِ كِتَابَةٍ وَفِيهِ فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ:
"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَالْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الْكَافِي3: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ الرَّهْنُ عَلَى عَوَارِي الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا، انْتَهَى.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ "قُلْت": وَهُوَ أَوْلَى.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3" الرَّهْنُ عَلَى الدِّيَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ، يَعْنِي الَّتِي عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدِيَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ، أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ "كَعَارِيَّةٍ" فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا، وَيَرُدُّهُ كَوْنُهُ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا مَسْأَلَةً قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون
1 6/453.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/407.
3 3/180.
ولا يصح بعهدة مبيع وعين ومنفعتها. وتصح عين يجوز بيعها، وقيل:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ "وَجُعِلَ" وَهُوَ الصَّوَابُ، فَيَكُونُ قَدْ قَدَّمَ فِيهِمَا حُكْمًا مِثْلَ حُكْمِ الْجُعَلِ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَلَكِنْ لِأَجْلِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ نَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهَا فَنَقُولُ: ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيهَا قَوْلَيْنِ:
"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ "وَجُعِلَ" وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحَ جَعَلَا حُكْمَ الْجُعَلِ وَالدِّيَةِ وَاحِدٌ.
"وَالْقَوْلُ الثَّانِي" يَصِحُّ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ، انْتَهَى.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4" دَيْنُ الْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ، وَحَكَاهُمَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا، فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالشِّيرَازِيِّ فِي الْإِيضَاحِ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي3، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ، وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ "قُلْت": فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافَ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي مُحَرَّرِهِ، أَوْ نَقُولُ: قَوْلُهُ
1 6/425.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/319.
3 3/180.
غير مكاتب، فإن صح مكن من الْكَسْبِ كَمَا كَانَ، وَمَا أَدَّاهُ رَهْنٌ مَعَهُ
. وَإِنْ رَهَنَ ذِمِّيٌّ عِنْدَ مُسْلِمٍ خَمْرًا بِيَدِ ذِمِّيٍّ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ حَلَّ وَيَقْبِضُهُ أَوْ يُبْرِئُ، أَوْمَأَ إلَيْهِ.
وَيَحْرُمُ رَهْنُ مَالِ يَتِيمٍ لِفَاسِقٍ، وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: إنْ خَرَجَ بِفِسْقِهِ عَنْ الْأَمَانَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ، وَأَنَّ الْكَافِرَ فِي رَهْنِهِ مِنْهُ وَتَوْكِيلِهِ فِيهِ مِثْلُهُ وَأَوْلَى، بِدَلِيلِ عَامِلِ الزَّكَاةِ، وَاللُّقَطَةِ.
وَفِي ثَمَرٍ وزرع قبل بدو1 صلاحه بشرط التبقية وعبد مسلم وَمُصْحَفٍ لِكَافِرٍ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ "م 5 و 7"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"كَدَيْنِ كِتَابَةٍ" لَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقِيلَ: جَازَ أَنْ يُعَجِّزَ الْكَاتِبُ نَفْسَهُ لم يصح وإلا صح.
"مَسْأَلَةٌ 5 - 7" قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ قَبْلَ بُدُوِّ1 صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَعَبْدٌ مُسْلِمٌ وَمُصْحَفٌ لِكَافِرٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى، فِي ذَلِكَ مَسَائِلُ:
"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5" هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وغيره، وصححه في التصحيح وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمَا.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ رَهَنَهَا قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهَا
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 6/461.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/377-378.
وما يفسد قبل الأجل إن صَحَّ رَهْنُهُ فِي الْمَنْصُوصِ بِيعَ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، إنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَا التَّرْكَ، وَكَذَا الْخِلَافُ إنْ أَطْلَقَا، فتباع إذن على القطع، ويكون الثمر رَهْنًا، وَإِنْ رَهْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ، وَتُبَاعُ لِذَلِكَ، انْتَهَى. "قُلْت": وَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ عِنْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ. وَلَمْ أَرَهُ.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6" هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ مُسْلِمٍ عَدْلٍ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: اخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: ويصح في كل عين يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَة"-7: هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُصْحَفِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا ; أَطْلَقَ الْخِلَافَ.
"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيَكُونُ بِيَدِ عَدْلٍ مُسْلِمٍ إنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، فَإِنَّهُمَا
1 3/193.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/382.
3 6/470.
رَهْنًا، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ رَهَنَ وَغَابَ وَخَافَ الْمُرْتَهِنُ فَسَادَهُ أَوْ ذَهَابَهُ فَلِيَأْتِ السُّلْطَانَ حَتَّى يَبِيعَهُ، كَمَا أَرْسَلَ ابْنُ سِيرِينَ إلَى إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَأْذَنُ لَهُ فِي بَيْعِهِ، فَإِذَا بَاعَهُ حَفِظَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِأَسْرِهِ، حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ يَقْضِيهِ مَا عَلَيْهِ.
وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ وَالشَّرِيكُ فِي الْمُشَاعِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا، عَدَّلَهُ الْحَاكِمُ، وَهَلْ يُؤَجِّرُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 8"
وَإِنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ "*" يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَوَجْهَانِ كبيعه "م 9 - 10"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قَدَّمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ ثُمَّ قَالَا وَكَذَا الْمُصْحَفُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ.
"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ وَالشَّرِيكُ فِي الْمُشَاعِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا. أَوْ غَيْرِهِمَا عَدَّلَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ يُؤَجِّرُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لِلْحَاكِمِ إجَارَتُهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ.
"أَحَدُهُمَا" لَهُ إجَارَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوِيٌّ، لِأَنَّا إنَّمَا أَجَزْنَا لِلْحَاكِمِ التَّعْدِيلَ لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ فِيهِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُمَا التَّنَازُعُ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَمَحْضُ1 حَقِّ الرَّاهِنِ، لَكِنْ يُقَالُ فِي الْأَوَّلِ: زَادَهُ الْحَاكِمُ خَيْرًا، لِأَنَّهُ عَدَّلَهُ بِإِجَارَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ 9-10 قَوْلُهُ: وَإِنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ يُمْكِنُ، قِسْمَتُهُ فَوَجْهَانِ كَبَيْعِهِ، انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-9 إذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ دَارٍ مَثَلًا مُشَاعًا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بُيُوتٍ وَتَنْقَسِمُ فَرَهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا، فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أطلق الخلاف فيه.
1 في "ط": فيحصل.
وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وإن اقتسما فوقع لغيره فهل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّخْلِيصِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ، وَحَكَى فِي الشَّرِيكِ احْتِمَالَيْنِ عَنْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ حَقِّهِ مِنْ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ تَنْقَسِمُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَاحْتِمَالَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ صَحَّ، وَقِيلَ: إنْ لَزِمَ الرَّهْنُ بِالْعَقْدِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى.
"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ لَعَلَّهُ" فِي مُشَاعٍ "قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ مَثَّلْنَا صُورَتَهُ، وَكَلَامُهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ: قَوْلُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. أَيْ الْمُشَاعُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بَيْعُ هَذِهِ الْحِصَّةِ مِنْ هَذَا البيت قبل القسمة.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10" بَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا وَالْحَالَةُ مَا تَقَدَّمَ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم.
1 6/456.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/371.
يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ فِيهِ "*" وَجْهَانِ "م 11"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى. "قُلْت": لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي الرَّهْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ بيعه وعدمها، وهو ظاهر كلام المصنف.
تَنْبِيهَاتٌ
"*" الْأَوَّلُ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ "أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ" رَهْنَ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْقِسْمَةِ عِنْدَ شَرِيكِهِ، وَيَبْقَى مَا كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى، وَلَمْ أَجِدْهُ مَذْكُورًا، وَالْعِبَارَةُ لَا تُسَاعِدُهُ، وَقَدْ قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْقِسْمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: أَيْ هَلْ يَلْزَمُ الْغَيْرَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ الْمُعَيَّنُ الْمَرْهُونُ أَنْ يَبْذُلَهُ لِشَرِيكِهِ لِيَرْهَنَهُ كَمَا كَانَ أَوْ يَرْهَنَهُ هُوَ لِشَرِيكِهِ، انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ:"يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ" بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ "2فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ2" الصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَقَدْ وَافَقَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَوَافَقْنَا عَلَى الأول.
"مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَسَمَا يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقُلْنَا يَصِحُّ فَوَقَعَ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْمَرْهُون لِشَرِيكِ الرَّاهِنِ فِي الْقِسْمَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَذْلُهُ لِيَكُونَ رهنا أم لا؟ أطلق الخلاف.
1 6/456.
2 ليست في "ص".
وَيَصِحُّ رَهْنُ أَمَةٍ دُونَ وَلَدِهَا، وَعَكْسُهُ، وَيُبَاعَانِ. وشرط خلوة محرمة فاسد وحده واستئجار شيء ليرهنه ورهن المعار بِإِذْنِ رَبِّهِ بَيَّنَ الدَّيْنَ أَوْ لَا، وَلَهُ الرَّجْوُ قَبْلَ إقْبَاضِهِ، كَقَبْلِ الْعَقْدِ، وَقَدَّمَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا، كَبَعْدِهِ، خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ فِيهِ، فَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ لَا بِمَا بِيعَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ في الترغيب بأكثرهما"*"،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"أَحَدُهُمَا" يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، لِكَوْنِهِ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا، وَهُوَ ظَاهِرُ كلام القاضي.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَرْهَنُ مَا صَارَ لَهُ عِنْدَ الشَّرِيكِ عَلَى مَا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ على حاله.
"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ لِيَرْهَنَهُ وَرَهْنُ الْمُعَارَ بِإِذْنِ رَبِّهِ. فَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ لَا بِمَا بِيعَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وقطع في المحرر واختاره في الترغيب
وَيَضْمَنُهُ مُسْتَعِيرٌ فَقَطْ، وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ فِي مُسْتَأْجِرٍ مِنْ مُسْتَعِيرٍ، وَلَا يَلْزَمُ إلَّا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ إذَا قَبَضَهُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: الْمَذْهَبُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ مَنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ عَنْهُ مَعَ بَقَاءِ حَالِهِ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا، وَيَضْمَنُهُ مُرْتَهِنٌ بِغَصْبِهِ فِي الْأَصَحِّ يَزُولُ بِرَدِّهِ، وَأَنَّ نِيَابَتَهُ بَاقِيَةٌ وَلَا يَزُولُ بِرَدِّهِ مِنْ سَفَرٍ"*"، وَصِفَةُ قَبْضِهِ كَمَبِيعٍ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ وَلِيِّ أَمْرٍ، وَعَنْهُ: لِوَرَثَتِهِ إقْبَاضُهُ مِنْهُ وَثَمَّ غَرِيمٌ لَمْ يَأْذَنْ. وَيَبْطُلُ إذْنُهُ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ وَخَرَسٍ، فَإِنْ رَهَنَهُ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ غَصْبًا فَكَهِبَتِهِ إيَّاهُ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ نِيَابَةً لَهُ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: وَلَوْ غَصْبًا زَالَ لُزُومُهُ، فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ عَادَ، وَإِنْ أَجَّرَهُ أَوْ أَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِن أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلُزُومُهُ بَاقٍ، اخْتَارَهُ في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
بِأَكْثَرِهَا، انْتَهَى. هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ قَطْعًا، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَسْتَحِقُّ الرَّاهِنُ الزَّائِدَ وَهُوَ مِلْكُ غَيْرِهِ؟
"*" الثَّالِثُ " قَوْلُهُ: وَلَا يَزُولُ بِرَدِّهِ مِنْ سَفَرٍ، انْتَهَى. لَا مَعْنَى لِلسَّفَرِ هُنَا، وَصَوَابُهُ بِرَدِّهِ مِنْ نَفْسِهِ، أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ فَتَعَدَّى فِيهِ ثُمَّ زَالَ تَعَدِّيهِ لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ بِذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، نَبَّهَ عليه ابن نصر الله.
الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَفِي الِانْتِصَارِ هُوَ الْمَذْهَبُ، كَالْمُرْتَهِنِ، وَعَنْهُ: لَا، نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ عَادَ بِمُضِيِّهَا، وَلَوْ سَكَنَهُ بأجرته بِلَا إذْنِهِ فَلَا رَهْنَ، نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ إنْ أَكْرَاهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ لَهُ فَإِذَا رَجَعَ صَارَ رَهْنًا وَالْكِرَاءُ لِلرَّاهِنِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: الْبَسْهُ، لَمْ يَجُزْ إذَا كَانَ يَأْخُذُ الْقَضَاءَ، وَعَنْهُ. رَهْنُ الْمُعَيَّنِ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي التَّعْلِيقِ: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، فَمَتَى أَبَى الرَّاهِنُ تَقْبِيضَهُ أُجْبِرَ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا. وَإِنْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ وَنَحْوَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَإِنْ زَادَ دَيْنُ الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَرْهُونٌ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ. وَتَجُوزُ زِيَادَةُ الرَّهْنِ تَوْثِقَةً، وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا تَجُوزُ تَقْوِيَةُ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ عَلَى الرَّهْنِ الْأَوَّلِ، كَذَا قَالَ.
وَإِنْ بَاعَهُ بِإِذْنٍ بَعْدَ حِلِّ الدَّيْنِ أَوْ بِشَرْطِ رَهْنِ ثَمَنِهِ مَكَانَهُ صَحَّ وَصَارَ رَهْنًا، فِي الْأَصَحِّ "2وَبِدُونِهِمَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَقِيلَ: لَا، وَيُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ ثَمَنِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَهُوَ رَهْنٌ، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا فِي الْأَصَحِّ2"
وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّةَ الشَّرْطِ، وَذَكَرَهُ فِي الترغيب، وأن الثواب في الهبة كذلك.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 6/45.
2 ليست في "ب".
وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ تصرف الراهن جاهلا برجوعه فوجهان "م 12 - 13"
وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ، نَحْوَ كَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ، أَوْ1 إنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ أَوْ لَا يَقْبِضُهُ، فَهُوَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ جَازَ، لَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
"أَحَدُهُمَا" يُقْبَلُ قَوْلُهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي.2
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ، ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَ مِثْلَ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْوَكَالَةِ فَقَالَ: قَالَ شَيْخُنَا: لَوْ بَاعَ أَوْ تَصَرَّفَ فَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَهُ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ، انْتَهَى. ثُمَّ وَجَدْته فِي الْفُصُولِ، قَطَعَ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13" إذَا ثَبَتَ رُجُوعُهُ وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ جَاهِلًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي3، وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَقَالَا: بِنَاءً عَلَى تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ، انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ، فَكَذَا هُنَا، فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ مَنْ بَنَاهُ، وَالْمُصَنِّفِ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا، لَكِنْ قَالَ: اخْتَارَ الْأَكْثَرُ الِانْعِزَالَ، عَلَى ما يأتي هناك، ويكفينا تصحيح
1 في النسخ الخطية: "و" والمثبت من "ط".
2 6/530.
3 6/531.
4 2/199.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/445- 446.
فَاسِدٌ، وَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَا بَيْعٍ "*" وَقِيلَ: إنْ نَقَصَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ وَقِيلَ إنْ سَقَطَ بِهِ دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فالرويتان إلا جعل.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَنْ بَنَاهُ عَلَى الْوَكَالَةِ، لَكِنْ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ في الوكالة أنه لا ينعزل قبل علمه.
"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ، نَحْوَ كَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ، وَإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ أَوْ لَا يَقْبِضُهُ، فَهُوَ فَاسِدٌ. وَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَا بَيْعٍ، انْتَهَى. أَحَالَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، يَعْنِي فِيمَا إذَا شَرَطَ فِيهِ مَا لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ، وَقَدْ قَدَّمَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ الصِّحَّةَ1 فَقَالَ: صَحَّ الْعَقْدُ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ لَا، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، انْتَهَى، فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ هُنَا الصِّحَّةُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ.
"إحْدَاهُمَا" لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ.
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَصِحُّ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ فِيمَا إذَا شَرَطَ مَا يُنَافِيه، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ يَفْسُدَ الرَّهْنُ. وَقِيلَ: إنْ شَرَطَا الرَّهْنَ مُؤَقَّتًا، أَوْ رَهْنَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا، فَسَدَ الرَّهْنُ، وَهَلْ يَفْسُدُ بِسَائِرِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، وَنَصَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ صِحَّتَهُ، انْتَهَى، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ "وَقِيلَ: إنْ نَقَصَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ، وَقِيلَ: إنْ سَقَطَ بِهِ دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فالروايتان ". انتهى. مراده بالروايتين الروايتان الْمُتَقَدِّمَتَانِ اللَّتَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. وَأَحَالَهُمَا عَلَى
1 ص 192.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/464.
3 6/506- 507.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/467.