الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التصرف في المبيع وتلفه
مدخل
…
باب التصرف في المبيع وتلفه
مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: الْمَطْعُومُ مِنْهُمَا وَعَنْهُ: الْمَطْعُومُ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَوْ عَدَدٌ، وَالْمَشْهُورُ: أَوْ ذَرْعٌ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ "و" وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "عِ" وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ لَا فِي مَسْأَلَةِ نَقْلِ الْمِلْكِ زَمَنَ الْخِيَارِ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: مِلْكُ الْبَائِعِ فِيهِ قَائِمٌ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الْمُشْتَرِي، وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ وَغَيْرُهُ، وَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَقِيلَ: فِي قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةٍ يَقْبِضهُ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ، وَلِهَذَا نَقُولُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكِيلَا أَوْ يَزِنَا، كَذَا قَالَ. فَيُتَّجَهُ إذًا فِي نَقْلِ الْمِلْكِ رِوَايَتَا الْخِيَارِ، قَالَ: وَلَا يُحِيلُ بِهِ قَبْلَهُ. وَإِنْ غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَهُمَا، فِي رِوَايَةٍ،
وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا بِإِجَارَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ مِنْ بَائِعِهِ، وَفِي رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قبض ثمنه وجهان "م 1" ويصح عتقه، قولا واحدا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَفِي رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَهَلْ يَصِحُّ رَهْنُهُ وَهِبَتُهُ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ، وَهُوَ "1الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْكَافِي4 فِي الْهِبَةِ: وَلَا يَجُوزُ هِبَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ1"، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 فِي الرهن حيث
1 ليست في "ح".
2 6/24.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/174.
4 3/596.
، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "عِ" قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَالْخُلْعُ عَلَيْهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ: وَتَزْوِيجِهِ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ، وَخَرَّجَهُ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ، وَجَوَّزَ التَّصَرُّفَ بِغَيْرِ بَيْعٍ وَبَيْعِهِ لِبَائِعِهِ، وَيَجْعَلُ عِلَّةَ النَّهْيِ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ، بَلْ عَجْزُهُ عَنْ تَسْلِيمِهِ، لِسَعْيِ بَائِعه فِي فَسْخِهِ مَعَ الرِّبْحِ أَوْ أَدَّاهُ إنْ لَمْ يَسْعَ لِدَيْنِهِ. وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ، وَفِي الْمَكِيلِ رِوَايَتَانِ "م 2" ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ، وَخَصَّهُمَا فِي التَّلْخِيصِ بِالْمَجْلِسِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وأَنَّ الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: إن لم يحضر هذا المشتري الكيل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قَالَ: وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَبِيعِ غَيْرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَبْلَ قَبْضِهِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ: قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إجَارَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ، وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ فِيهِمَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ أَيْضًا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ قُبِضَ صَحَّ رَهْنُهُ. وَنُقِلَ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ ذَكَرَا فِي الرَّهْنِ: أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: يَصِحُّ رَهْنُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ صِحَّةُ رَهْنِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَذَكَرُوا ذَلِكَ فِي بَابِ الرَّهْنِ، وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهٌ آخَرُ بِجَوَازِ رَهْنِهِ عَلَى غَيْرِ ثَمَنِهِ، نَقَلَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ:
"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لعلمهما قدره جاز، وفي المكيل روايتان، انْتَهَى ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ، وَخَصَّهُمَا فِي التَّلْخِيصِ بِالْمَجْلِسِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَأَنَّ الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَزَادَ: وَقِيلَ: إنْ رَأَى كَيْلَهُ
فَلَا إلَّا بِكَيْلٍ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَيُفَرِّغُهُ مِنْ الْمِكْيَالِ ثُمَّ يَكِيلُهُ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِكَيْلِهِ ثم باعه بِهِ لَمْ يَجُزْ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَكَذَا جُزَافًا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَالْمَبِيعُ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ كَذَلِكَ، وَمَا عَدَاهُ كَعَبْدٍ وَصُبْرَةٍ وَشَبَهِهَا فَالْمَذْهَبُ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، كَأَخْذِهِ شُفْعَةً، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ صُبْرَةَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا، وَفِي طَرِيقَةِ بعض أصحابنا رواية يجوز في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِي الْمَجْلِسِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ تَقَابَضَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ. وَعَنْهُ فِي الْمَكِيلِ لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ جُزَافًا، انْتَهَى. فَقُدِّمَ الْجَوَازُ فِي الْمَكِيلِ أَيْضًا. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَإِنْ اشْتَرَى طَعَامًا مُكَايَلَةً لَا صُبْرَةً وَكَانَ قَدْ شَهِدَ كَيْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا شَاهَدَ كَيْلَهُ فَهَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ وَيَكْفِي؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ: إنْ رَأَى كَيْلَهُ فِي الْمَجْلِسِ، انْتَهَى.
"قُلْت": ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلٍ ثَانٍ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ: لَوْ قَالَ أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُهُ فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ بِالصِّحَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَصَحَّحَ النَّاظِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ3 إذَا قَبَضَهُ جُزَافًا هَلْ تَكُونُ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ أَوْ يَضْمَنُهُ؟ وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ الْمُصَنِّفُ هناك.
1 6/206.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/307.
3 ص 333.
"1الْعَقَارِ فَقَطْ، وَعَنْهُ: لَا، مُطْلَقًا، وَلَوْ ضَمِنَهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا وَجَعَلَهَا طَرِيقَةَ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّ عَلَيْهِ تَدُلُّ أُصُولُ أَحْمَدَ، لِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَرَةِ وَالْمُسْتَأْجَرِ فِي الْعَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُمَا وَعَكْسُهُ كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا لَوْ شَرَطَ قَبْضَهُ، لِصِحَّتِهِ كَسَلَمٍ وَصَرْفٍ، وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ تَمَيَّزَ لَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ وَيَأْمُرُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمُتَعَيِّنَانِ بِالصَّرْفِ قِيلَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ، وَقِيلَ: لَا، لِقَوْلِهِ: "إلَّا هَاءٌ وَهَاءٌ"2، وَمَا لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إذَا تَلِفَ أَوْ بَعْضُهُ قبل قبضه1"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ب".
2 والحديث بتمامه كما في البخاري "2134"، ومسلم "1586"، عن عُمَرُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا، إلا هاء وهاء". واللفظ لمسلم.
"1مِنْ الْبَائِعِ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ، وَهَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي بَاقِيهِ أَوْ يَنْفَسِخُ؟ فِيهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ، وَلَهُ الْإِمْضَاءُ وَمُطَالَبَةُ الْمُتْلِفِ بِبَدَلِهِ، فَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِمِثْلِهِ، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: بِقِيمَتِهِ، وَمُرَادُهُمْ إلَّا الْمُحَرَّرُ بِبَدَلِهِ، وَقِيلَ: إنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ انْفَسَخَ. وَلَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَأَخَذَ مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ، وَمَا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَظَاهِرُهُ تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ أَوَّلًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ. وَقَالَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِهِ، كَذَا قَالَ وَلَمْ أَجِدْ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوهُ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ: إنَّهَا دَيْنٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهِ اسْتِهْلَاكُ الْمَالِ، فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ، كَبَعْدِ التَّمَكُّنِ، وَكَدَيْنِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ، وَعَكْسُهُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْهَالِكِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِيهَا: مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي ضَمَانِهِ إمْكَانَ الْأَدَاءِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَصَرُّفِهِ فِي صُبْرَةِ الْمَكِيلِ مَعَ ضَمَانِهِ لَهَا رِوَايَتَيْنِ، وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكَيْلٍ وَقَبَضَهُ بِلَا كَيْلٍ ضَمِنَهُ مَعَ مَنْعِ تَصَرُّفِهِ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ نَصَرَ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِي الْمُتَعَيِّنِ، قَالَ: وَلَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ1" قَبْلَ قَبْضِهِ، وإن سلمنا فلأنه عقد معاوضة، تسليم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ب".
بِإِزَاءِ تَسْلِيمٍ، وَلَوْ أَفْلَسَ بِالثَّمَنِ ثَبَتَ الْفَسْخُ،
"1قَالَ: وَالزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَبِقَدْرِ1" حُدُوثِهَا قُبَيْلَ الْعَقْدِ
قَالَ: وَلَا نُسَلِّمُ رَدَّهُ بِتَعَيُّبِهِ بِعَيْبٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ مُقَابَلَةُ تَسْلِيمٍ بِتَسْلِيمٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي بَقِيَّتِهِ وَلَوْ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ، لِاسْتِقْرَارِهِ، وَالثَّمَنُ الَّذِي لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُثَمَّنِ، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ، لِاسْتِقْرَارِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوَاهُ: اشْتَرَى شَاةً بِدِينَارٍ فَبَلَعَتْهُ إنْ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ الدِّينَارُ بِالتَّعْيِينِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ هُنَا، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفَسِخْ، وَكُلُّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ، كَبَيْعٍ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ، لِعَدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ،
وَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ قِيلَ: كَبَيْعٍ، لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَلَا فَسْخَ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ، لِفَوْتِ بَعْضِ الْمَقْصُودِ، كَعَيْبِ مَبِيعٍ،
وَقِيلَ: لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ "م 3" فيضمنه. وفي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ قِيلَ: كَبَيْعٍ، وَقِيلَ: لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ، انْتَهَى.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
"وَالْقَوْلُ الثَّانِي" هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَهْرِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ، ورده في المغني2 وغيره.
1 ليست في "ب".
2 6/191.
الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ: بَلْ ضَمَانُهُ كَبَيْعٍ. وَإِنْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبْضُهُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، بِلَا خَوْفٍ، لعدم ضَمَانِهِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، كَمَبِيعٍ مَقْبُوضٍ، وَكَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: وَصِيَّةٍ، وَقِيلَ: وَإِرْثٍ كَبَيْعٍ. وَفِي الْإِفْصَاحِ عَنْ أَحْمَدَ: مَنَعَ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي إرْثٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنَعَ تَصَرُّفَهُ فِي غَنِيمَةٍ قَبْلَ قَبْضِهَا "عِ" وَيَأْتِي حُكْمُ قَرْضٍ وَعَارِيَّةٍ كَوَدِيعَةٍ، وَيَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ.
وَقَبْضُ مَا يُنْقَلُ بِنَقْلِهِ، وَمَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ، وَالْعَقَارُ وَنَحْوُهُ بِتَخْلِيَتِهِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا: مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ، وَمَا قُدِّرَ بِكَيْلٍ وَغَيْرِهِ بِتَوْفِيَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، بِحُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ نَائِبِهِ، وَنَصُّهُ: زَلْزَلَةُ الْمَكِيلِ مَكْرُوهَةٌ وَيَصِحُّ اسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ: لَا قَبْضُهُ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ظَرْفُهُ كَيَدِهِ،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 8/247.
بدليل تنازعهما ما فيه، وقيل: لا "وش" وَنَصُّ أَحْمَدَ: صِحَّةُ قَبْضِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ،
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: وَمَتَى قَبَضَهُ مُشْتَرٍ فَوَجَدَهُ زَائِدًا مَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَعْلَمَهُ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: بِرَدِّهِ، وَإِنْ قَبَضَهُ مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ بَرِئَ عَنْ عُهْدَتِهِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ، لِفَسَادِهِ، وَفِيهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ فَأَقَلَّ وَجْهَانِ "م 4" وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ. وَمُؤْنَةُ توفية العوضين
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَهُ مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ بَرِئَ عَنْ عُهْدَتِهِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِفَسَادِهِ، وَفِيهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ فَأَقَلَّ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَا انْفَرَدَ بائعه
1 6/423.
2 3/167.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/313.
عَلَى بَاذِلِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قبض البائع له عليه "*" ومؤنة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِيهِ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ فَحَضَرَ الْمُشْتَرِي وَنَقَلَهُ مُصَدِّقًا لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ بِهَذَا الْقَبْضِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نَقْصِهِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَكَالَهَا لَهُ وَأَفْرَدَهَا بِغَيْرِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ خُذْ هَذَا حَقُّك فَقَبَضَهَا بِذَلِكَ مُصَدِّقًا لَهُ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ جُزَافٌ مَا اسْتَحَقَّ قَبْضَهُ كَيْلًا، وَلَسْنَا نُرِيدُ بِقَوْلِنَا الْقَبْضُ فَاسِدٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الدَّافِعِ عَمَّا دَفَعَهُ، وَإِنَّمَا نُرِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نُقْصَانِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِذَلِكَ الْقَبْضِ، انْتَهَى. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ عِنْدَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الصُّبْرَةِ.
"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي النِّهَايَةِ أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قبض البائع له عليه، قال
المتعين على المشتري إذا قلنا كَمَقْبُوضٍ، وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُ النَّقَّادُ خَطَأً، فِي الْمَنْصُوصِ. وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ: عَمْدًا قَبْضٌ، لَا غَصْبُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ إنْ قَبِلَهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا أَمْ يَنْفَسِخُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ؟ وَكَذَا مُتَّهَبٌ بِإِذْنِهِ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا؟ وَفِيهِ فِي غَصْبِ عَقَارٍ: وَلَوْ اسْتَوْلَى وَأَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِهِ صَارَ قَابِضًا، وَيَصِحُّ قَبْضُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ، وَحَرَّمَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي غَيْرِ مُتَعَيِّنٍ، وَغَصْبُ بَائِعٍ ثَمَنًا أَوْ بِلَا إذْنِهِ لَيْسَ قَبْضًا إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ، وَعَنْهُ: قَبْضُ الْكُلِّ بِتَخْلِيَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ، نَصَرَهُ القاضي وغيره.
وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهِمَا بَيْعًا فَاسِدًا، فَلَا يَمْلِكُ بِهِ، لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَخَرَّجَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ طَلَاقٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ كَمَغْصُوبٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: كَمَقْبُوضٍ لِلسَّوْمِ، وَمِنْهُ خَرَّجَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يَضْمَنُهُ، وَذَكَرُوا فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَرْبٌ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِثَمَنٍ مُسْتَقِرٍّ ضَمِنَهُ بِهِ إنْ صَحَّ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ.
وَقَدْ نقل حرب وغيره فيمن قال بعني هذا فقال خذه بما شئت
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَعَلَّهُ: بَعْدَ بَذْلِ الْبَائِعِ لَهُ، وَمَا قَالَ ظَاهِرٌ1 فِي أَنَّ نَقْلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا بَذَلَهُ الْبَائِعُ لَهُ، وَلَكِنْ الْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي: أُجْرَةُ نَقْدِهِ "بِالدَّالِ" فَاخْتَلَطَتْ مَعَ الْهَاءِ، فَظَنَّ النَّاسِخُ أَنَّهَا لَامٌ، وَالصَّوَابُ نَقْدُهُ. فَإِنَّ عِنْدَ الْقَاضِي وَصَاحِبِ النِّهَايَةِ أَنَّ أُجْرَةَ النَّقْدِ إنْ كَانَ قَبْلَ قبض البائع فهي على المشتري، وإن كَانَ بَعْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ وَعَلَّلَهُ، وَبِذَلِكَ يَصِحُّ كَلَامُ المصنف وينتظم1.
1 ليست في "ح".
فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ قَالَ: هُوَ مِنْ مَالِ بائعه، لأنه ملكه حتى يقطع ثمنه، ونقل حَنْبَلٌ: إذَا ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أَوْ قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ، فِيمَنْ قَالَ بِعَيْنِهِ فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ: يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هَذَا بعد لم يملكه "م 5"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَذَكَرُوا فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ يَعْنِي فِي ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ نَقَلَ حَرْبٌ وَأَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِثَمَنٍ مُسْتَقِرٍّ ضَمِنَهُ بِهِ، إنْ صَحَّ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ، وَقَدْ نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ قَالَ بعني هذا فقال خذه بما شئت فأخذه فَمَاتَ بِيَدِهِ قَالَ: هُوَ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ حَتَّى يَقْطَعَ ثَمَنَهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أَوْ قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ فيمن قال بعنيه1 هَذَا فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ: يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هَذَا بَعْدُ لَمْ يَمْلِكْهُ. انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ، سَوَاءٌ أَخَذَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ أَوْ بِدُونِهِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، وَصُحِّحَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْعِوَضِ، فَهُوَ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، انْتَهَى. "قُلْت": ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ الأصحاب في المقبوض على وجه السوم ثلاثة صُوَرٍ:
"الْأُولَى" أَنْ يُسَاوِمَ إنْسَانًا فِي ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَقْطَعَ ثَمَنَهُ ثُمَّ يَقْبِضَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ فَإِنْ رَضُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَيَتْلَفَ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ إنْ صَحَّ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ، وَقَطَعَ بِالضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى2: يَضْمَنُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ إيماء إلى ذلك.
"الثَّانِيَةُ" لَوْ سَاوَمَهُ وَأَخَذَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ ثَمَنِهِ فيتلف
1 في النسخ الخطية و "ط": "بعني هذا" والمثبت من "الفروع".
2 الإرشاد ص 195.
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ خِيَارٍ عَلَى قولنا لا يملكه. وقال تضمينه منافعه كَزِيَادَةٍ وَأَوْلَى، وَسَوْمُ إجَارَةٍ كَبَيْعٍ فِي الِانْتِصَارِ "م 6" وَوَلَدُهُ كَهُوَ، لَا وَلَدُ جَانِيَةٍ وَضَامِنَةٍ وَشَاهِدَةٍ وَمُوصًى بِهَا وَحَقٍّ جَائِزٍ وَضَامِنِهِ1. وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ إنْ أَذِنَ لِأَمَتِهِ فِيهِ سَرَّى،
"2وفي طريقة بعض أصحابنا وولد مُوصًى بِعِتْقِهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا، وَإِنَّمَا الْمُخَاطَبُ الْمُوصَى إلَيْهِ2"، وَيَضْمَنُهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِقِيمَتِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ تَرَاضَوْا بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ الْقِيمَةُ، كَمَا تَرَاضَوْا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فَفِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ:
"إحْدَاهُمَا" يَضْمَنُهُ الْقَابِضُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ فِي بَابِ الضَّمَانِ. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى3: فَهُوَ مَضْمُونٌ، بِغَيْرِ خِلَافٍ، نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ قَابِضِهِ كَالْعَارِيَّةِ.
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَضْمَنُهُ. قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ كَالرَّهْنِ وَمَا يَقْبِضُهُ الْأَجِيرُ.
"الثَّالِثَةُ" لَوْ أَخَذَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ اشْتَرَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَتَلِفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى4: هَذَا أَظْهَرُ عَنْهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَقَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، انْتَهَى. وَعَنْهُ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ.
"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَسَوْمُ إجَارَةٍ كَبَيْعٍ فِي الِانْتِصَارِ، انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت حُكْمَ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ فِي الْبَيْعِ، فَكَذَا يَكُونُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ
1 في "ب": "ضمانه".
2 ليست في "ب".
3 الإرشاد ص 195.
4 الإرشاد ص 196.
حَيْثُ يَجِبُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى، فَيَجِبُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، فَالْفَسَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْحِلِّ وَعَدَمِهِ فَقَطْ، كَمَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فِيهِ فَكَذَا فِي قَدْرِهِ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ،
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى لَا الْقِيمَةِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ، حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْكِفَايَةِ وَفِي الْفُصُولِ: يَضْمَنُهُ بِالثَّمَنِ، وَالْأَصَحُّ بِقِيمَتِهِ، كَمَغْصُوبٍ، وَفِيهِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ أَنَّهَا كَبَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَهُوَ الْقِيمَةُ، كَذَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ لِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِي تَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَالْمُسْتَوْعِبِ أَوْ مِثْلُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ وَفِي عَارِيَّةٍ كَمَغْصُوبٍ. وَقَالَهُ فِي الْوَسِيلَةِ، وَقِيلَ: لَهُ حَبْسُهُ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ، وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وجهان "م 7"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَلَمْ يُخَالِفْهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَا نَقَلَ غَيْرَهُ عَنْ غيره.
"مسألة 7" قوله في المقبوض بِعَقْدٍ فَاسِدٍ: وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى.
وأطلقهما في المحرر والنظم والقواعد الفقهية.
"2أحدهما: يضمنها وهو الصحيح. قال في الرعاية الكبرى وله مطلقا نماؤه المتصل والمنفصل2" وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ قَبْضِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرْشُ نَقْصِهِ، وَقِيلَ: هُوَ أُجْرَتُهُ، وَزِيَادَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ أَمَانَةٌ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى وَقَالَ فِي الصُّغْرَى وَنَمَاؤُهُ وَأُجْرَتُهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ لِمَالِكِهِ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، لِنَفْعِهِ، وَضَمَانِهِ إنْ تَلِفَ بِقِيمَتِهِ، وَزِيَادَتُهُ أَمَانَةٌ، انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الزُّبْدَةِ الضَّمَانَ أَيْضًا، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يضمنها.
فهذه سبع مسائل قد صححت.
1 6/328.
2 ليست في "ص" و "ط".
وفي المغني1 والترغيب وَغَيْرِهِمَا: إنْ سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَهَدَرٌ. وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي الْوَفَاءِ يَضْمَنُهُ، وَيَضْمَنُهُ ضَارِبُهُ، وَمَتَى ضَرَبَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْبَائِعِ مِنْ الْغُرَّةِ قِيمَةُ الولد والبقية لورثته. والله تعالى أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 6/329.