الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الخيار
مدخل
…
باب الخيار
لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ إلَّا فِي بَيْعٍ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَصَلُحَ بِمَعْنَاهُ وَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ: لَا تَلِي مُدَّتُهَا الْعَقْدَ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضٌ، كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ. وَفِي الْأَصَحِّ: وَقِسْمَةٍ، وَقِيلَ: وَمُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ وَسَبْقٍ، وَلِمُحِيلٍ وَشَفِيعٍ أَخْذٌ بِهَا.
وَفِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ "م 1" وَالْأَصَحُّ لَا يَثْبُتُ فِيمَا تَوَلَّاهُ وَاحِدٌ كَأَبٍ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رِوَايَةً: لَا يثبت خيار مجلس في بيع وعقد معاوضة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَفِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهَا فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية. وغيرهم.
"أَحَدُهُمَا" لَا خِيَارَ لَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: الظَّاهِرُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ.
ولكل من البيعين، الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا، ولو كرها أو
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"تَنْبِيهٌ" إذَا قُلْنَا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي فَهَلْ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ لَهُ أَيْضًا، "قُلْت" وَهُوَ قَوِيٌّ، مُرَاعَاةً لِلْعِتْقِ، وَقِيلَ: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمُشْتَرِي، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الِاخْتِصَاصَ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَفِي سُقُوطِ حَقِّ صَاحِبِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى.
"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ كَرِهَا، عَائِدٌ إلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ، أَيْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى التَّفَرُّقِ فَهِيَ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا "قُلْت": الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ كَرِهَا عَائِدٌ إلَى التَّفَرُّقِ لَا إلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا عُرْفًا، وَالْعُرْفُ إنَّمَا يَكُونُ فِي التَّفَرُّقِ لَا فِي عَدَمِ التَّفَرُّقِ، وَأَيْضًا فَإِنِّي لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ نَصَّ عَلَى مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ، بَلْ عُمُومُ كَلَامِهِمْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا حَكَوْا الْخِلَافَ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى التَّفَرُّقِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي، فَقَطَعَ بِأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَا مَعًا بَطَلَ خِيَارُهُمَا، وَإِذَا أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ خِيَارُ صَاحِبِهِ، وَفِي بُطْلَانِ خِيَارِ الْمُكْرَهِ وَجْهَانِ، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَمُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ، "وَلَوْ كَرِهَا" عَائِدًا إلَى الْمَفْهُومِ، وَالتَّقْدِيرُ فَلَوْ تَفَرَّقَا عُرْفًا وَلَوْ كَرِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا الْخِيَارُ. بَقِيَ هَذِهِ الطريقة التي تبع بها
تَسَاوَقَا بِالْمَشْيِ أَوْ فِي سَفِينَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ أقبضه فِي الصَّرْفِ وَقَالَ: امْشِ مَعِي لِأُعْطِيَك وَلَمْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَفِي بَقَاءِ خِيَارِ المكره وجهان "م 2"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
صَاحِبَ الْمُغْنِي، هَلْ هِيَ الْمَذْهَبُ أَمْ لَا؟ وَعِنْدَهُ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، كَمَا تَقَدَّمَ.
"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو كَرِهَا وَفِي بَقَاءِ خِيَارِ الْمُكْرَهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي حُصُولِ الْفُرْقَةِ بِالْإِكْرَاهِ طَرِيقَيْنِ:
"أَحَدُهُمَا" وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي1 قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ أَجْوَدُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيمَا إذَا أُكْرِهَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَقِيلَ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَقِيلَ: لَا يَحْصُلُ بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَبْقَى الْخِيَارُ فِي مَجْلِسٍ زَالَ عَنْهُمَا الْإِكْرَاهُ فِيهِ حَتَّى يُفَارِقَاهُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا: احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْخِيَارِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: إنْ أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَطَلَ خِيَارُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ احتمال في التلخيص.
الطَّرِيقُ الثَّانِي" إنْ حَصَلَ الْإِكْرَاهُ لَهُمَا انْقَطَعَ خِيَارُهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا فَالْخِلَافُ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَفْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَكَذَا الصَّحِيحُ هنا، والله أعلم.
1 3/68.
2 6/13-14.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/279.
وينقطع بموته لا بجنونه، وَلَا يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ خِيَارٌ، وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ بِإِفَاقَتِهِ. وَفِي الشَّرْحِ1: إنْ خَرِسَ وَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَوَلِيُّهُ مَقَامُهُ.
وَيَسْقُطُ خِيَارُ مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَتَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَسْقَطَاهُ سَقَطَ، وَعَنْهُ: لَا، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَعَنْهُ فِي الْعَقْدِ، وَيَسْقُطُ بَعْدَهُ.
وَيَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَعَنْهُ: وَمُطْلَقًا، فَتَبْقَى إلَى قَطْعِهَا وَإِنْ شَرَطَهُ حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِيمَا أَقْرَضَهُ لَمْ يَجُزْ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يَثْبُتُ إلَّا فِي بَيْعٍ وَصُلْحٍ بمعناه وقسمة. وقال ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَ رَدٌّ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ دُخُولَهُ فِي سَلَمٍ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَبْضِهِمَا، وَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ: وَلَوْ وَلِيَتْ مُدَّتُهَا الْعَقْدَ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/279.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَضَمَانٌ وَكَفَالَةٌ، وَقَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَثْبُتُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: يَجُوزُ فِي كُلِّ الْعُقُودِ. وَإِنْ شَرْطَاهُ إلَى الْغَدِ سَقَطَ بِأَوَّلِهِ، وَعَنْهُ آخِرُهُ، وَإِلَى الظُّهْرِ إلَى الزَّوَالِ، كَالْغُدُوِّ، وَقِيلَ: الْغُرُوبُ كَالْعِشَاءِ. والعشي والعشية من الزوال وذكرهما الجوهري مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْعَتَمَةِ، كَالْعِشَاءِ، وَأَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْمَسَاءُ وَالْغُبُوقُ مِنْ الْغُرُوبِ، وَالْغَدْوَةُ وَالْغَدَاةُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، كَالصَّبُوحِ، وَالصَّبَاحُ خِلَافُ الْمَسَاءِ، وَالْإِصْبَاحُ نَقِيضُ الْإِمْسَاءِ، وَظَاهِرُ اللُّغَةِ أَنَّ الْبُكْرَةَ كَالْغُدْوَةِ وَالْآصَالُ مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ: إنْ صَلَّى مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ قَالَ: أَصْبَحَ عَبْدُك فُلَانٌ، وَمِنْ الزَّوَالِ إلَى آخِرِ النَّهَارِ قَالَ: أَمْسَى عَبْدُك فُلَانٌ. وَسَبَقَ الظَّرْفُ فِي الْمَوَاقِيتِ، وَيُتَوَجَّهُ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ فِي الأصح. وَإِنْ شَرَطَاهُ يَوْمًا1 وَيَوْمًا لَا، فَقِيلَ يَبْطُلُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَقِيلَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ "م 3" وَإِنْ شَرْطَاهُ أَوْ أَجَّلَا فِي سَلَمٍ أَوْ بيع إلى حصاد لم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ: وَإِنْ شَرَطَاهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا، فَقِيلَ: يَبْطُلُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَقِيلَ: فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، انْتَهَى.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: احتمال في المغني، وهو قوي
1 بعدها في "ر" و "ط": "نعم".
يصح، على الأصح، كَشَرْطِهِ مُبْهَمًا فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَفِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، وَأَوَّلُهُ مُنْذُ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: التَّفَرُّقُ. وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ صح، وإن أطلق فوجهان "م 4"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"وَالْقَوْلُ الثَّانِي" قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
"وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ" أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ فِي الكافي1، وهو ظاهر المغني2 والشرح3، وتأتي نظيرتها في آخر الوديعة4.
"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ صَحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ وَأَطْلَقَ، لَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مَعَهُ وَلَا نَفَاهُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّارِحُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الكبير،
1 3/73.
2 6/44.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/298.
4 7/222.
5 6/40.
وَإِنْ قَالَ: دُونِي، لَمْ يَصِحَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَيَكُونُ تَوْكِيلًا لِأَحَدِهِمَا فِي الفسخ، وقيل: للموكل إن شرطه لنفسه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَجَزَمَ بِهِ في الكافي1.
1 3/70.
وَجَعَلَهُ وَكِيلًا، وَيَلْزَمُ بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَلَهُ الْفَسْخُ، وَأَطْلَقَهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُرَدُّ الثَّمَنُ، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا، كَالشَّفِيعِ، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ لَا فَسْخَ فِي غَيْبَتِهِ حَتَّى يَبْلُغَهُ فِي الْمُدَّةِ. وَالْمِلْكُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ لِلْمُشْتَرِي، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَيُعْتَقُ قَرِيبُهُ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَيُخْرِجُ فِطْرَتَهُ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، وَعَنْهُ: إنْ فُسِخَ أَحَدُهُمَا فَالنَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ وَعَنْهُ: وكسبه للبائع، كرواية الملك له، وَقِيلَ: هُمَا لِمُشْتَرٍ إنْ ضَمِنَهُ.
وَالْحَمْلُ وَقْتَ الْعَقْدِ مَبِيعٌ، وَعَنْهُ: نَمَاءٌ، فَتُرَدُّ الْأُمُّ بِعَيْبٍ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَسِيلَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ أَوْ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ في المنتخب في الصداق "م 5"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ وَقْتَ الْعَقْدِ مَبِيعٌ، فَعَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ أَوْ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الصَّدَاقِ، انْتَهَى. يَعْنِي الْمُنْتَخَبَ الَّذِي لِوَالِدِ الشِّيرَازِيِّ.
"إحْدَاهُمَا" هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ الْفَلَسِ: فَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْبَيْعِ حَامِلًا ثُمَّ فَلِسَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَفِي وَلَدِهَا، لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الْبَيْعِ فَقَدْ بَاعَ عَيْنَيْنِ: وَقَدْ رَجَعَ فِيهِمَا، انْتَهَى. "قُلْت": وهو الصواب،
وَتَصَرُّفُ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ مُحَرَّمٌ لَا يَنْفُذُ، أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: إلَّا إنْ قِيلَ الْمِلْكُ لَهُ وَالْخِيَارُ لَهُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1: أَوْ لهما. وليس فَسْخًا، عَلَى الْأَصَحِّ، كَإِنْكَارِهِ شَرْطَ الْخِيَارِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ،
وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مُحَرَّمٌ لَا يَنْفُذُ، وَعَنْهُ: بَلَى، كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: مَوْقُوفٌ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَهُ التَّصَرُّفُ وَيَكُونُ رِضًا بِلُزُومِهِ، وَإِنْ سُلِّمَ فَلِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ، قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْمِلْكِ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ غَيْرُهُ. وَفِي تَصَرُّفِهِ مَعَ الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ، بِنَاءً عَلَى دَلَالَةِ التَّصَرُّفِ عَلَى الرِّضَى "م6""*" وتصرف المالك منهما بإذن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلْحَمْلِ حُكْمًا
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" هُوَ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: وُرُودُ الْعُقُودِ عَلَى الْحَامِلِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَاقِ، قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ حُكْمٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ وَيَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الْعِوَضِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا حُكْمَ لَهُ لَمْ يَأْخُذْ قِسْطًا، وَكَانَ بَعْدَ وَضْعِهِ كَالنَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ، وَمَالَا إلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ، قَالَا: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَجْزَاءِ لَا حُكْمُ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ، فَيَجِبُ رَدُّهُ مَعَ الْعَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا لا حكم له وهو الأصح انتهى.
"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَفِي تَصَرُّفٍ مَعَ الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ، بِنَاءً عَلَى دَلَالَةِ التَّصَرُّفِ عَلَى الرِّضَى، انْتَهَى:
إحْدَاهُمَا يَنْفُذُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابن رزين.
1 6/19-20.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/311.
وَتَصَرُّفِ وَكِيلِهِمَا نَافِذٌ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَبِالْعِتْقِ، وَقِيلَ وَالْوَقْفُ، وَقِيلَ: إنْ دَلَّ التَّصَرُّفُ عَلَى الرضى.
وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي وَوَطْؤُهُ وَلَمْسُهُ بِشَهْوَةٍ وَسَوْمُهُ إمْضَاءٌ، قَالَ أَحْمَدُ: وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَ عَرْضِهِ، وَعَنْهُ: لا، كتقبيل الْجَارِيَةِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا، وَقِيلَ: بِشَهْوَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ. وَفِي اسْتِخْدَامِهِ، وَقِيلَ: لَا لِتَجْرِبَةٍ رِوَايَتَانِ "م 7"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَنْفُذُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَلِلْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ احْتِمَالَانِ.
"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "بِنَاءً عَلَى دَلَالَةِ التَّصَرُّفِ عَلَى الرِّضَا" اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّصَرُّفَ مِنْ الْبَائِعِ أَوَالْمُشْتَرِي دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وقدموه وصححوه في مسائل.
"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِخْدَامِهِ وَقِيلَ: لَا لِتَجْرِبَةٍ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمحرر والشرح2 والرعاية الكبرى:
1 6/19-20.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/317.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"إحْدَاهُمَا" لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1: لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ.
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَبْطُلُ خِيَارُهُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: بَطَلَ خِيَارُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ اسْتَخْدَمَ الْمَبِيعَ لِلِاسْتِعْلَامِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَهُ لِغَيْرِ الِاسْتِعْلَامِ أَنَّهُ يَبْطُلُ، وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ كَذَلِكَ.
"تَنْبِيهٌ" أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ لِلتَّجْرِبَةِ، وكذلك صاحب
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/317.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَذَكَرَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ فِي اسْتِخْدَامِهِ لِلتَّجْرِبَةِ قَوْلًا مُؤَخَّرًا وَالْمُقَدِّمُ خِلَافَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفِ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّجْرِبَةِ لِلْمَبِيعِ، كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا، أَوْ الطَّحْنِ عَلَيْهَا لِيَعْلَمَ قَدْرَ طَحْنِهَا، أَوْ اسْتِخْدَامِ الْجَارِيَةِ فِي الْغَسْلِ وَالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ، لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَهُ تَجْرِبَتُهُ وَاخْتِبَارُهُ بِرُكُوبٍ وَطَحْنٍ وَحَلْبٍ وَغَيْرِهَا. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ: وَتَصَرُّفُهُ بِكُلِّ حَالٍ رِضًا إلَّا لِتَجْرِبَةٍ، وَقَالَ الشَّارِحُ: فأما ما يستعلم به البيع، كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَخْتَبِرَ فَرَاهَتَهَا، وَالطَّحْنِ عَلَى الرَّحَى لِيَعْلَمَ قَدْرَهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْخِيَارُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ، وَجَعَلَ فِي الْكَافِي2، مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ تَجْرِبَةِ الْمَبِيعِ، وَقَطَعَ فِي تَجْرِبَةِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ، "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ يَسْتَوِي فِيهِ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا تَشْمَلُهُ الرِّوَايَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَمَنْشَأُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ حَرْبًا نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا غَسَلَتْ رَأْسَهُ أَوْ غَمَزَتْ رِجْلَهُ أَوْ طَبَخَتْ يَبْطُلُ خِيَارُهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَا قُصِدَ بِهِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ لَا يُبْطِلُ الْخِيَارَ، كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَعْلَمَ سَيْرَهَا، وَمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ ذَلِكَ يُبْطِلُ، كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِحَاجَتِهِ، انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، بَلْ الْغَالِبُ لَا يَكُونُ الْخِيَارُ إلَّا لِلتَّرَوِّي وَلِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّجْرِبَةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إدْخَالَ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ إطْلَاقِهِمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالرِّوَايَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا لَا تُقَاوِمُ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْدَامِ لِلتَّجْرِبَةِ، وَأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ وَإِنْ قِيلَ فيه قول المصنف، والله أعلم.
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/310.
2 3/72.
وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ، كخياره فِي الْأَشْهَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 8" فَإِنْ بَطَلَ أَوْ أَمْضَى فَالثَّمَنُ، وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا فَمِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ.
وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ هُنَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْخِلَافِ: كُلُّهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى رِوَايَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ رَجَعَ بِأَرْشِ عَيْبِهَا.
وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يُورَثُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: كَالشَّرْطِ، وفي خيار صاحبه وجهان "م 9"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ كَخِيَارِهِ فِي الْأَشْهَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْهَادِي وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ:"إحْدَاهُمَا" لَا يَبْطُلُ وَلَهُ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَحَكَاهُ فِي الْفُصُولِ فِي مَوْضُوعٍ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ.
"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يُوَرِّثُ، نَصَّ عَلَيْهِ كَالشَّرْطِ، وَفِي خِيَارِ صَاحِبِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وأطلقهما في الكافي2 والشرح4:
1 6/18.
2 3/77.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/322.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/333.
وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَا يُورَثُ إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَيِّتِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الْخِيَارِ تَخَيُّرُهُ بَيْنَ فَسْخٍ وَإِمْضَاءٍ، وَهُوَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ كَالِاخْتِيَارِ، فَلَمْ يُورَثْ، كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ الْمُصَالَحَةُ عَلَى الْخِيَارِ بِمَالٍ، وَلَوْ أَخَذَ قِسْطًا مِنْ الْمَالِ لَصَحَّ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ، كَخِيَارِ الْمُجْبَرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ، وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ حِلِّ الدَّيْنِ بِالْمَوْتِ رِوَايَةً كَالْحَيِّ، نقله ابن منصور، كخيار قبول الْوَصِيَّةِ لَهُ، وَإِلَّا حَلَّ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةً: لَا يُورَثُ حَدُّ قَذْفٍ وَلَوْ طَلَبَهُ مَقْذُوفٌ كَحَدِّ زِنَا.
وَمَنْ بَاعَ بِشَرْطٍ فَمَاتَ مُشْتَرٍ لَزِمَ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رَدَّهُ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ عَتَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالتَّدْبِيرِ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ. وَتَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ تَعْلِيقُ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ بِسَبَبٍ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَقِيلَ: يُعْتَقُ فِي موضع يحكم له بالملك.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"أَحَدُهُمَا" يَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَبْطُلُ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي "قُلْت": وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا لَا خِيَارَ لَهُ، فَهَلْ يَثْبُتُ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى.
1 6/29.