المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: المضحي: مسلم تام ملكه - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٦

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السادس

- ‌تابع لكتاب الحج

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌مدخل

- ‌فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته

- ‌فصل: حَدُّ الْحَرَمِ

- ‌فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ

- ‌فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا

- ‌فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا

- ‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ، وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌مدخل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية

- ‌باب الخيار

- ‌مدخل

- ‌باب خيار التدليس والغبن

- ‌مدخل

- ‌باب خيار العيب

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ

- ‌مدخل

- ‌باب الخيار لاختلاف المتبايعين

- ‌مدخل

- ‌باب التصرف في المبيع وتلفه

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

- ‌باب السلم والتصرف في الدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

- ‌باب القرض

- ‌مدخل

- ‌باب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ

- ‌باب الضمان

- ‌مدخل

- ‌باب الحوالة

- ‌مدخل

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ

- ‌باب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ

الفصل: ‌فصل: المضحي: مسلم تام ملكه

ابْنُ مَنْصُورٍ "ش" ; لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ لَا تَلْزَمُهُ، بِدَلِيلِ تَخْلِيَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَالْفُصُولِ: لِأَنَّهُ تَعَيَّنَتْ صَدَقَتُهُ بِهِ1، كَنَذْرِ الصَّدَقَةِ بِهَذَا الشَّيْءِ. وَقِيلَ ذَبْحُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ، بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ، عِنْدَنَا. وَتَقَدَّمَ2 قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، كَمَا لَوْ نَحَرَهُ وَقَبَضَهُ. وَإِنْ عَيَّنَ مَعِيبًا تَعَيَّنَ، وَكَذَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ. وَيُقَدَّمُ ذَبْحُ وَاجِبٍ عَلَى نَفْلٍ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

يبطل تعيينها3 وَتَعُودُ إلَى مَالِكِهَا احْتَمَلَ أَنْ يَبْطُلُ التَّعْيِينُ فِي وَلَدِهَا تَبَعًا، كَمَا ثَبَتَ تَبَعًا، قِيَاسًا عَلَى نَمَائِهَا4 الْمُتَّصِلِ بِهَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَبْطُلَ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ ; لِأَنَّهُ تَبِعَهَا فِي الْوُجُوبِ حَالَ اتِّصَالِهِ بِهَا، وَلَمْ يَتْبَعْهَا فِي زَوَالِهِ ; لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا، فَهُوَ كَوَلَدِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ إذَا وُلِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَبْطُلُ الْمَبِيعُ فِي وَلَدِهَا، وَالْمُدَبَّرَةُ إذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا فَبَطَلَ تَدْبِيرُهَا لَا يَبْطُلُ فِي وَلَدِهَا، انْتَهَى.

وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَعْيِينُهُ ; لِأَنَّهُ بِوُجُودِهِ قَدْ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ أُمِّهِ، لَكِنْ تَعَذَّرَ فِي الْأُمِّ فَبَقِيَ حُكْمُ الْوَلَدِ بَاقِيًا والله أعلم.

1 ليست في "ب".

2 ص96.

3 في "ص": "تعيينهما".

4 بعدها في "ح": "لا".

ص: 100

‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

وَفِي مُكَاتَبٍ بِإِذْنٍ وجهان "م 10".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: فِي الْأُضْحِيَّةِ وَفِي مُكَاتَبٍ بِإِذْنٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

أَحَدُهُمَا: يُضَحِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيَجُوزُ كَالرَّقِيقِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالنَّظْمِ وتذكرة ابن عبدوس، زاد في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

5 13/392.

6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 9/429.

ص: 100

وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَخَرَّجَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ مِنْ التَّضْحِيَةِ عَنْ الْيَتِيمِ، وَعَنْهُ: عَلَى حَاضِرٍ، وَهِيَ وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصدقة1 به. نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَيَتَوَجَّهُ تَعْيِينُ مَا تَقَدَّمَ فِي صَدَقَةٍ مَعَ غَزْوٍ وَحَجٍّ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّضْحِيَةُ عَنْ الْمَيِّتِ أَفْضَلُ، وَيُعْمَلُ بِهَا كَأُضْحِيَّةِ الْحَيِّ، عَلَى مَا يَأْتِي وَقَالَ: كُلُّ مَا ذُبِحَ بِمَكَّةَ يُسَمَّى هَدْيًا لَيْسَ فِيهِ مَا يُقَالُ لَهُ أُضْحِيَّةٌ وَلَا يُقَالُ هَدْيٌ2 وَقَالَ: مَا ذُبِحَ بِمِنًى وَقَدْ سِيقَ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ هَدْيٌ، وَيُسَمَّى أَيْضًا أُضْحِيَّةً، فَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ عَرَفَاتٍ وَسَاقَهُ إلَى مِنًى فَهُوَ هَدْيٌ، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَذَهَبَ بِهِ إلَى التَّنْعِيمِ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِنًى3 وَذَبَحَهُ بِهَا، فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَيْسَ بهدي4 "وم"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يَتَبَرَّعُ مِنْهَا بِشَيْءٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُضَحِّي مُطْلَقًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصغرى والفائق "قلت": وهو قوي.

1 بعدها في الأصل و "ب" و "ط": "به".

2 قال الشيخ تقي الدين في "مجموع الفتاوى" 26/137: وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما في سائر الأمصار.

3 ليست في "س".

4 أخرج مالك في "الموطأ" 1/379، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/232: أن ابن عمر كان يقول: الهدي ما قلد وأشعر ووقف به بعرفة.

ص: 101

وَعَنْ عَائِشَةَ: هَدْيٌ1 "وهـ ش" وَأَحْمَدَ، وَمَا ذُبِحَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْحِلِّ أُضْحِيَّةٌ لَا هَدْيٌ،

وَقَالَ: هِيَ مِنْ النَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ، فَتُضَحِّي امْرَأَةٌ 2مِنْ مَالِ2 زَوْجٍ عَنْ أَهْل الْبَيْتِ بِلَا إذْنِهِ، وَمَدِينٍ لَمْ يُطَالَبْ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا، نَصَّ عَلَيْهِ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا، وَقِيلَ: الْعَادَةُ، وَقِيلَ: الثُّلُثُ، وَكَذَا الْهَدْيُ الْمُسْتَحَبُّ3، وَقِيلَ: يَأْكُلُ مِنْهُ الْيَسِيرَ،

وَمَنْ فَرَّقَ نَذْرًا بِلَا أَمْرٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَفِي الثُّلُثِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ"*" 4فِي الذَّبْحِ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ4

وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ الْفَقِيرِ، فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ، وَلَا يُعْطِي الْجَازِرَ بِأُجْرَتِهِ مِنْهَا، وَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا5 أَوْ يَتَصَدَّقُ. بِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهُمَا كَلَحْمٍ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ، 6وَيَشْتَرِي بِهِ آلَةَ الْبَيْتِ لَا مَأْكُولًا. وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: يَبِيعُهُمَا بِهِ فَيَكُونُ إبْدَالًا، وَعَنْهُ: يجوز7 ويتصدق بثمنه، وعنه: ويشتري

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرج البيهقي في السنن الكبرى 5/232: أن عائشة سئلت عن بدن: أيوقف بها بعرفات فقالت: ما شئتم إن شئتم فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا.

2 ليست في "ب".

3 ليست في "ب".

4 ليست في الأصل وإنما هي في نسخة كما هو في هامش الأصل.

5 الجل بالضم والفتح: ما تلبسه الدابة لتصان به. "القاموس": "جلل".

6 ليست في "س".

7 في "ق": "النكت".

ص: 102

بِثَمَنِهِ أُضْحِيَّةً، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ بَيْعُ جِلْدِ شَاةٍ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا يَنْتَفِعُ بِمَا كَانَ وَاجِبًا، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ وَغَيْرُهُمَا: بِثَمَنِهِ، وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِمَا: بِصَدَقَتِهِ بِكُلِّهِ لَا بِجُلِّهِ، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا: يُعْجِبُك يَشْتَرِيهَا وَيُسَمِّنُهَا؟ قَالَ: لَا، وَعَنْهُ. لَا بَأْسَ، وَعَنْهُ: لَا أدري، واستحبه جماعة،

ويحرم عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَبَشَرَتِهِ فِي الْعُشْرِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ النَّهْيَ، وَيُسْتَحَبُّ الْحَلْقُ بَعْدَ الذَّبْحِ، قَالَ أَحْمَدُ: عَلَى مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا..

وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَوْ تَعْيِينِهَا قَامَ وَارِثُهُ مُقَامَهُ وَلَمْ تُبَعْ فِي دينه ويستحب أكله من هدي1 التَّبَرُّعِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: وَمِمَّا عَيَّنَهُ لَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْ وَاجِبٍ إلَّا هَدْيُ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: لَا مِنْ قِرَانٍ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: وَلَا مِنْ دَمِ مُتْعَةٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَعَنْهُ: يَأْكُلُ إلَّا مِنْ نَذْرٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، وَزَادَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَكَفَّارَةٍ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّيْخُ. الْأَكْلَ مِنْ أُضْحِيَّةِ النَّذْرِ، كَالْأُضْحِيَّةِ عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِهَا فِي الْأَصَحِّ. وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي الْأَكْلَ مِنْ مُتْعَةٍ.

وَمَا مَلَكَ أَكْلَهُ فَلَهُ هَدِيَّتُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ، وَيَضْمَنُهُ أَجْنَبِيٌّ بِقِيمَتِهِ وَفِي النَّصِيحَةِ: وَكَذَا هُوَ، وَإِنْ مَنَعَ الْفُقَرَاءَ مِنْهُ حَتَّى أَنْتَنَ فَيَتَوَجَّهُ: يَضْمَنُ نَقْصَهُ. وَفِي الْفُصُولِ: عَلَيْهِ قيمته كإتلافه ونسخ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل و "س": "هدية".

ص: 103

تَحْرِيمُ الِادِّخَارِ1، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ: لَا في مجاعة ; لأنه سبب تحريم الادخار..

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرج مسلم "1973""33" من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "ياأهل المدينة: لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث

" فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم عيالا وحشما وخدما فقال: "كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا" قال ابن المثنى: شك عبد الأعلى أحد رجال السند.

ص: 104

فصل: وَالْعَقِيقَةُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ2 عَلَى الْأَبِ

غَنِيًّا كَانَ الْوَالِدُ3 أَوْ لَا، وَعَنْهُ: وَاجِبَةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ وَأَبُو الْوَفَاءِ،

عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ فِي السِّنِّ وَالشَّبَهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَدِمَ فَوَاحِدَةٌ، وَالْجَارِيَةُ شَاةٌ، تُذْبَحُ يَوْمَ السَّابِعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: مِنْ مِيلَادِ الْوَلَدِ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: ضَحْوَةً، وَيَنْوِيهَا عَقِيقَةً، وَيُسَمِّي فِيهِ، وَقِيلَ: أَوْ قَبْلَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الْمَوْلُودَ إذَا مَضَتْ لَهُ سَبْعُ لَيَالٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ التَّسْمِيَةَ، فَقَوْمٌ قَالُوا: حِينَئِذٍ، وَقَوْمٌ قَالُوا: حَالَ وِلَادَتِهِ.

وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ4، وَلِأَبِي دَاوُد5 عَنْهُ عليه السلام "إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ" قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ 6قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْت أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: مَا مِنْ أَهْلِ بيت فيهم اسم محمد إلا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

2 ليس في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

3 في "ب" و "ط": "الوالد" ينظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 9/432.

4 في "صحيحه" 2132" "2" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

5 في "سننه""4948" من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.

6 ليست في "س".

ص: 104

رُزِقُوا وَرُزِقَ خَيْرًا1..

وَيُكْرَهُ حَرْبٌ وَمُرَّةُ وَبُرَّةُ وَنَافِعٌ وَيَسَارٌ وَأَفْلَحُ وَنَجِيحٌ وَبَرَكَةُ وَيَعْلَى وَمُقْبِلُ وَرَافِعٌ وَرَبَاحٌ، قَالَ الْقَاضِي: وَكُلُّ اسْمٍ فِيهِ تَفْخِيمٌ أَوْ تَعْظِيمٌ، وَاحْتَجَّ بِهَذَا عَلَى مَنْعِ التسمي بالملك، لقوله " {لَهُ الْمُلْكُ} [فاطر: 13] " وَأَجَابَ بِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا ذَكَرَهُ إخْبَارًا عَنْ الْغَيْرِ وَلِلتَّعْرِيفِ، فَإِنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ بِهِ ; وَلِأَنَّ الْمَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْمُخْتَصَّةِ بِخِلَافِ حَاكِمِ الْحُكَّامِ وَقَاضِي الْقُضَاةِ، لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ، وَبِخِلَافِ الْأَوْحَدِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ; وَلِأَنَّ الْمَلِكَ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ لِلْمِلْكِ وَحَقِيقَتُهُ إمَّا التَّصَرُّفُ التَّامُّ أَوْ التَّصَرُّفُ الدَّائِمُ وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا لِلَّهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِهِ أَوْ دَلَالَةِ حَالٍ وأبي داود2: "أخنى3 الأسماء يوم القيامة وأخبثه*4 رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إلَّا اللَّهُ" وَلِأَحْمَدَ5 " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ. الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إلَّا اللَّهُ" وَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْحَنَفِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالتَّمِيمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ بِالْجَوَازِ، وَالْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَارِيخِهِ: قَوْلُ الْأَكْثَرِ الْقِيَاسُ إذا أريد به6 ملوك الدنيا،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "س": "جيرانهم".

2 أخرجه البخاري "6205-6206"، ومسلم "2143""20" وأبو داود "4961"، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

3 في "ط": "أخنع". وقد وردت الأحاديث بكلا اللفظين.

4 في "س": "أخبثها".

5 في المسند "10384"، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

6 ليست في الأصل و "ب" و "ط".

ص: 105

وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْلَى، لِلْخَبَرِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى بَعْضِهِمْ الدُّعَاءَ فِي الْخُطْبَةِ وَقَوْلُهُ: الْمَلِكُ الْعَادِلُ بْنُ أَيُّوبَ*، وَاعْتَذَرَ الْحَنْبَلِيُّ بِقَوْلِهِ: وُلِدْت فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ1. وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَتْهُ الْعَامَّةُ "وُلِدْت فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ" 1 بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا سَقِيمٍ. وَلَمْ يَمْنَعْ جَمَاعَةٌ التَّسْمِيَةَ بِالْمَلِكِ، وَفِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ مَا يُوَازِي أَسْمَاءَ اللَّهِ كَمَلِكِ الْمُلُوكِ، وَشَاهٍ شَاهٍ ; لِأَنَّهُ عَادَةُ الْفُرْسِ،. وَمَا لَا يَلِيقُ إلَّا بِاَللَّهِ، كَقُدُّوسٍ وَالْبَرِّ وَخَالِقٍ، وَرَحْمَنَ وَحَرَّمَهُ غَيْرُهُ. وَلَا تُكْرَهُ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ "وَ" وَلَا يُكْرَهُ بِجِبْرِيلَ "م" وَيَس "م" وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: إنَّ لِلْفُرْسِ أَيَّامًا وَشُهُورًا يُسَمُّونَهَا بِأَسْمَاءٍ لَا تُعْرَفُ، فَكَرِهَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ، قُلْت: فَإِنْ كَانَ اسْمُ رَجُلٍ أُسَمِّيه بِهِ؟ فَكَرِهَهُ "وم" وَاحْتَجَّ "م" بِنَهْيِ عُمَرَ2 عَنْ الرَّطَانَةِ، وَكَرِهَ "ش" لِمَنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ أَنْ يُسَمَّى بِغَيْرِهَا، وَلَمَّا أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"كِخْ كِخْ" 3 قَالَ الدَّاوُدِيُّ: هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ بِمَعْنَى بِئْسَ. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ: بَابُ مَنْ تكلم بالفارسية والرطانة.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أورده البيهقي في "شعب الإيمان""5195" ونقل بطلانه عن الحليمي الذي نقل البطلان أيضا عن الحاكم وذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة""997" وقال: باطل لا أصل له.

2 في الأصل: "ابن عمر" وخبر عمر في "مصنف عبد الرزاق""9793"، عن عطاء قال: بينما عمر بن الخطاب يطوف بالكعبة إذ سمع رجلين خلفه يرطنان فالتفت إليهما فقال لهما: ابتغيا إلى العربية سبيلا.

3 أخرجه الْبُخَارِيِّ "3072"، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

ص: 106

وَيُغَيَّرُ الِاسْمُ الْقَبِيحُ، لِلْأَخْبَارِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائشة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُغَيِّرُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا، رَوَاهُ الترمذي1 ولأحمد، وأبي دَاوُد2 مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ، مِنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ وَلَكِنَّك مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ عَامِرٌ: فَرَأَيْته فِي الدِّيوَانِ: مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْت: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَكَذَا سَمَّانِي عُمَرُ.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْسَانِ الْأَسْمَاءِ الْمُضَافَةِ إلَى اللَّهِ، كَعَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ اسْمِ مُعَبَّدٍ لِغَيْرِ اللَّهِ، كَعَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدِ هُبَلَ وَعَبْدِ عَمْرٍو وَعَبْدِ الْكَعْبَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، حَاشَا عَبْدِ الْمُطَّلَبِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى إبَاحَةِ كُلُّ اسْمٍ. بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا مَا لَمْ يَكُنْ اسْمُ نَبِيٍّ أَوْ اسْمُ مَلَكٍ أَوْ مُرَّةُ أَوْ حَرْبٌ أَوْ رَحِمٌ أَوْ الْحَكَمُ أَوْ مَلِكٌ3 أَوْ خَالِدٌ أَوْ حُزْنُ أَوْ الْأَجْدَعُ أَوْ الْكُوَيْفِرُ أَوْ شِهَابٌ أَوْ أَصْرَمُ أَوْ الْعَاصِي أَوْ عَزِيزٌ أَوْ عُقْدَةٌ أَوْ شَيْطَانُ أَوْ غُرَابٌ أَوْ حُبَابٌ أَوْ الْمُضْطَجِعُ أَوْ نَجَاحٌ أَوْ أَفْلَحُ أَوْ نَافِعٌ أَوْ يَسَارٌ أَوْ بَرَكَةُ أَوْ عَاصِيَةُ أو برة، فإنهم اختلفوا فيها،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في سننه "2839".

2 أحمد "211" وأبو داود "4957".

3 في "ب" و "ط": "ملك".

ص: 107

وأخل ابن حزم برباح ونجيح، والنهي عنهما1 فِي مُسْلِمٍ. وَأَخَلَّ أَيْضًا بِغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ فِي الْحَدِيثِ2، فَلَا اتِّفَاقَ فِي إبَاحَةِ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ، وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَالْأَشْهَرُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ التَّفْرِقَةُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ "لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ، فَيَقُولُ: لَا" 3 قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. ; لِأَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ. فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ، وَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ الطِّيَرَةَ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرَّمُ، لِحَدِيثِ عُمَرَ4: إنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ5 رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ، وَقَالَ: أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى وَاحِدًا مِقْدَامًا وَهُوَ جَبَانٌ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ. دَعَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَيَكُونُ إثْمُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا سَمَّى مَنْ لَيْسَ بِكَرِيمٍ كَرِيمًا، كَذَا قَالَ، وَهَذَا لَيْسَ بِكَذِبٍ ; لِأَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مَنْ سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لَمْ يُرِدْ الْمَدْلُولَ، قَالَ: فَأَمَّا هَذِهِ الْأَلْقَابُ فَإِنَّهَا مُحْدَثَةٌ، عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّى أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَعُمَرَ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "عنها".

2 أخرج مسلم في صحيحه "2137""12" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله أربع

" الحديث. وفيه: "ولا تسمين غُلَامَك: يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا أفلح

"

3 تقدم في الهامش قبله.

4 أخرج مسلم في صحيحه "1479""30" عن ابن عباس: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه

" الحديث. وفيه: فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة

فناديت: يارباح! استأذن لي عندك عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

5 المشربة: الغرفة.

ص: 108

الْفَارُوقَ، وَعُثْمَانَ ذَا النُّورَيْنِ، وَخَالِدًا سَيْفَ اللَّهِ، فَهَذِهِ تَسْمِيَاتٌ مُوَافِقَةٌ، فَإِذَا اتَّخَذْنَاهَا أُصُولًا نَقِيسُ عَلَيْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ رَابِطَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَمَّى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَمِيلُ إلَى الصِّدْقِ، فَإِذَا سُمِّيَ رَجُلٌ تَسْمِيَةً يُصَدِّقُهَا فِعْلُهُ، مِثْلُ نَاصِحِ الْإِسْلَامِ وَمُعِينِهِ، إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ، وَبِالْجُمْلَةِ: كُلُّ لَقَبٍ لَيْسَ بِوَاقِعٍ عَلَى مَخْرَجٍ صَحِيحٍ فَلَا أَرَاهُ جَائِزًا، عَلَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ قَوْلَ الْإِنْسَانِ: كَمَالُ الدِّينِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى الصَّحِيحَ فِيهِ أَنَّ الدِّينَ أَكْمَلَهُ وَشَرَّفَهُ، لَا أَنَّهُ هُوَ أَكْمَلَ الدِّينَ وَشَرَّفَهُ.

وَقَالَ فِيمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بُرَّةَ فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ قَالَ: فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ بِالْإِنْسَانِ أن يسمي نفسه2 أسما3 يُزَكِّيهَا بِهِ نَحْوُ التَّقِيِّ وَالزَّكِيِّ وَالْأَشْرَفِ وَالْأَفْضَلِ، كَمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ اسْمًا يُتَشَاءَمُ بِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا بَأْسَ بِتَسْمِيَةِ النُّجُومِ بِالْأَسْمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْحَمَلِ وَالثَّوْرِ وَالْجَدْي ; لِأَنَّهَا أَسْمَاءُ أَعْلَامٍ، وَاللُّغَةُ وَضْعٌ، فَلَا يُكْرَهُ،. كَتَسْمِيَةِ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالشَّجَرِ بِمَا وَضَعُوهُ لَهَا، وَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ تَسْمِيَتِهِمْ لَهَا بِأَسْمَاءِ الْحَيَوَانِ كَانَ كَذِبًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَوَسُّعٌ وَمَجَازٌ، كَمَا سَمُّوا الْكَرِيمَ بَحْرًا، قَالَ أَبُو دَاوُد4: وَغَيَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْمَ الْعَاصِ وَعَزِيزٍ وَعُتُلَةَ5 وَشَيْطَانَ وَالْحَكَمِ وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاما. وسمى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 البخاري "6192"، ومسلم "2141""17".

2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

3 في "ط": "أسماء".

4 في سننه إثر حديث "4956".

5 في النسخ الخطية: "عقدت". والمثبت من "ط"، و"سنن أبي داود".

ص: 109

حربا: سلما، وسمى المضطجع: المنبعث، وأرض عفرة1 سَمَّاهَا خَضِرَةً، وَشِعْبُ الضَّلَالَةِ سَمَّاهُ2 شِعْبَ الْهُدَى، وَبَنُو الزِّنْيَةِ سَمَّاهُمْ بَنُو الرُّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِي مغوية بني رشدة3 قَالَ أَبُو دَاوُد4 تَرَكْت أَسَانِيدَهَا لِلِاخْتِصَارِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ السَّابِقُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَالْعَمَلُ بِالسُّنَّةِ أَوْلَى، فَأَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي: كُلُّ اسْمٍ فِيهِ تَفْخِيمٌ وَتَعْظِيمٌ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَالَ أَبُو دَاوُد5 فِي بَابِ تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ، فَدَعَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"إنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ؟ " فَقَالَ: إنَّ قَوْمِي إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْت بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا6 الْفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 فِي "س": "عقدة".

2 ليست في النسخ الخطية. وأثبت من "سنن أبي داود".

3 في "س" و "ط": "رشد".

4 في سننه "4955".

5 في سننه "4955".

6 في "ب" و "س": "كلام".

ص: 110

"مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَك مِنْ الْوَلَدِ؟ " قَالَ: لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، قَالَ:"فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ " قُلْت: شُرَيْحٌ، قَالَ:"فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ1 عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ، وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكَنَّى الْإِنْسَانُ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي" وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ "تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْجُمْلَةِ مُسْتَحَبَّةٌ، وَصَرَّحُوا بِهِ فِي السِّقْطِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ اتَّفَقُوا أَنَّ التَّسْمِيَةَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءٍ فَرْضٌ، وَيَجُوزُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ،

وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ فِيهِ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَرَأْسُهَا، قَالَ: وَلَعَلَّهُ يَخْتَصُّ الذَّكَرَ. وَيُكْرَهُ لَطْخُهُ مِنْ دَمِهَا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: سُنَّةٌ. وَيَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ فِضَّةً. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَيْسَ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ وَوَزْنِ شَعْرِهِ سُنَّةٌ وَكِيدَةٌ، وَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ. وَالْعَقِيقَةُ هي السنة4

فإن فات ففي 5أربع عشرة، فإن فات ففي5 إحْدَى وَعِشْرِينَ. نَقَلَهُ صَالِحٌ، ثُمَّ فِي اعْتِبَارِ الأسابيع وجهان "م 11". وعنه: يختص بالصغير6 وَلَا يَعُقُّ غَيْرُ الْأَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي المستوعب والرعاية الروضة:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مسألة 11" قوله في العقيقة: ثم في اعتبار الأسابيع وجهان، انتهى. يعني: بعد

1 في المجتبى 8/226-227.

2 البخاري "110" وَمُسْلِمٍ "2134""8" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

3 في المسند "19032".

4 بعدها في الأصل و "س": "نص على ذلك".

5 في "ب" و "س" و "ط": "أربعة عشر ثم".

6 في الأصل و "س": "بالصغر".

ص: 111

يَعُقُّ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يُجْزِئُ إلَّا بَدَنَةً "م" أَوْ بَقَرَةً كَامِلَةً "م" نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَأَفْضَلُهُ شَاةٌ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي أُضْحِيَّةٍ. وَفِي إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْهَا رِوَايَتَانِ "م 12" فَإِنْ عَدِمَ اقْتَرَضَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ شيخنا: مع وفاء.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ والزركشي وتجريد العناية وغيرهم.

أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ فَاتَ فَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ مَا بَعْدَهُ، قَالَ فِي الْكَافِي3، فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ ذَبَحَهَا بَعْدَهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ سَبَبُهَا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَهُوَ أَصَحُّ، كَالْأُضْحِيَّةِ، انْتَهَى. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُسْتَحَبُّ اعْتِبَارُ الْأَسَابِيعِ أَيْضًا بَعْدَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فَيَكُونُ بَعْدَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فِي الثَّامِنَ وَالْعِشْرِينَ، فَإِنْ فَاتَ فَفِي الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: فَإِنْ فَاتَ فَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَيَقْضِي فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ بَعْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، فِي الْأَشْهَرِ.

"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَفِي إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْهَا رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَهُمَا مَنْصُوصَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

"إحْدَاهُمَا": تجزئ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنْ تُجَزِّئَ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْعَقِيقَةِ، "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِيهَا نَوْعُ شَبَهٍ مِنْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ إذَا اجْتَمَعَتَا4، لَكِنْ لَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِإِجْزَاءِ الْعَقِيقَةِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ فِي مَحَلِّهَا، فَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَاَللَّهُ أعلم.

1 13/396

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 9/440.

3 2/499.

4 في "ص": "اجتمعا".

ص: 112

وَيُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ حِينَ يُولَدُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَيُقَامُ فِي الْيُسْرَى وَيُحَنَّكُ بِتَمْرَةٍ.

وَلَا يُكْسَرُ لَهَا عَظْمٌ وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، ونص. عَلَى بَيْعِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَالسَّوَاقِطِ وَالصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ ; لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَدْخَلُ مِنْهَا فِي التَّعَبُّدِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَلُ نَقْلُ حُكْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَى فَيَكُونُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ وَطَبْخُهَا أَفْضَلُ، نص عليه، وقيل له: يشتد1 عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: يَتَحَمَّلُونَ ذَلِكَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَمِنْهُ طَبِيخٌ حُلْوٌ، تَفَاؤُلًا، وَلَمْ يَعْتَبِرْ شَيْخُنَا التَّمْلِيكَ،

وَمَنْ لُقِّبَ بِمَا يُصَدِّقُهُ فِعْلُهُ جَازَ، وَيَحْرُمُ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَى مَخْرَجٍ صَحِيحٍ، عَلَى أَنَّ التَّأْوِيلَ فِي كَمَالِ الدِّينِ وَشَرَفِ الدِّينِ أَنَّ الدِّينَ كَمَّلَهُ وَشَرَّفَهُ، قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَيُكْرَهُ التَّكَنِّي بِأَبِي عِيسَى، احْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ عمر2. وفي المستوعب وغيره: وبأبي يَحْيَى، وَهَلْ يُكْرَهُ بِأَبِي الْقَاسِم؟ أَمْ لَا؟ أَمْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ؟ فِيهِ روايات "م 13" ولا يحرم "ش". وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُكَنَّى بِهِ، وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ، فَظَاهِرُهُ: يَحْرُمُ، وَمَنَعَ فِي الْغُنْيَةِ مِنْ الْجَمْعِ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُجْزِئُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.

"مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ. وَهَلْ يُكْرَهُ يَعْنِي التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِم أَمْ لَا؟ أَمْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ؟ فِيهِ رِوَايَات، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَقَالَ: ذَكَرَهُنَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

"إحْدَاهُنَّ" لَا يُكْرَهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، بَعْدَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ وَقَعَ فِعْلُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ وَرِضَاهُمْ بِهِ يَدُلُّ على الإباحة.

1 في "ط": "يشد". وفي "الإنصاف" 9/446:"يشق".

2 أخرج أبو داود "4963"، عن زيد بن أسلم عن أبيه: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ضرب ابنا له تكنى أبا عيسى.

ص: 113

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: تُكْرَهُ الْكُنْيَةُ وَالتَّسْمِيَةُ بِاسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ جَمْعًا وَإِفْرَادًا، وَمُرَادُهُ إفْرَادًا أَيْ: الْكُنْيَةُ.

وَيَجُوزُ تَكْنِيَتُهُ أَبَا فُلَانٍ وَأَبَا فُلَانَةَ "عِ" وَتَكْنِيَتُهَا أُمَّ فُلَانٍ 1وَأُمَّ فُلَانَةَ "ع"1 وَتَكْنِيَةُ الصَّغِيرِ "ع" قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اخْتَلَفُوا فِي تَكْنِيَةِ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ، وَلَمْ أَجِدْ ذَكَرُوا التَّرْخِيمَ وَالتَّصْغِيرَ، وَهُوَ فِي الْأَخْبَارِ كَقَوْلِهِ عليه السلام:"يَا عَائِشُ""يَا فَاطِمُ" 3 وَكَقَوْلِ4 أُمِّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ خُوَيْدِمُك أُنَيْسٌ اُدْعُ اللَّهَ لَهُ5.

فَيَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ، لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الْأَذَى، قَالَ أَحْمَدُ: كَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ6.وَيُطْلَقُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالْفَتَى وَالْفَتَاةُ عَلَى الْحُرِّ والمملوك

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُكْرَهُ مُطْلَقًا، لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ7.

"وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ" يُكْرَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ. وَقَالَ فِي الْهَدْيِ8: وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ مَمْنُوعٌ، وَالْمَنْعُ فِي حَيَاتِهِ أَشَدُّ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَمْنُوعٌ، انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ،

فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَمِنْ أَوَّلِهِ إلَى هُنَا عَلَى التَّحَرُّرِ سَبْعِمِائَةٍ مَسْأَلَةً وَخَمْسَ9 وثمانون مسألة.

1 ليست في "س".

2 أخرج البخاري "3768" ومسلم "2447""91" عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم يوما: "يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام....".

3 أخرج مسلم "348""204"، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} دع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا

فقال:"

يا فاطمة أنقذي نفسك من النار

" الحديث.

قال النووي في شرح مسلم 3/80: هكذا وقع في بعض الأصول "فاطمة" وفي بعضها- أو أكثرها- "يافاطم" بحذف الهاء على الترخيم.

4 في "س": "القول".

5 أخرجه مسلم "2481""142" 143" من حديث أنس رضي الله عنه

6 أخرجه أبو داود "4970"

7 تقدمت ص 111

8 2/317.

9 في "ح": "ثلاث".

ص: 114

وَلَا تَقُلْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَإِمَاءُ اللَّهِ، وَلَا يَقُلْ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ: رَبِّي. وَفِي مُسْلِمٍ1 أَيْضًا: "وَلَا مَوْلَايَ، فَإِنَّ مَوْلَاكُمْ اللَّهُ" وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد2 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ. عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ: رَبِّي وَرَبَّتِي، وَلْيَقُلْ الْمَالِكُ: فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَلْيَقُلْ الْمَمْلُوكُ: سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي، فَإِنَّكُمْ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللَّهُ عز وجل" وَرَوَاهُ3 أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صحيح موقوفا قال "وليقل: سيدي ومولاي"4 رواه مُسْلِمٌ5 مَرْفُوعًا، وَفِي الصِّحَاحِ6: قَوْلُهُ عليه السلام فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَرَبَّتَهَا" فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: لَا نَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ: مَوْلَايَ، وَلَا يَقُولُ عَبْدُك وَلَا عَبْدِي وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، وَقَدْ حَظَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَمْلُوكِينَ، فَكَيْفَ لِلْأَحْرَارِ؟ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ لَهُ الْبَدْءُ، وَالْبَدْءُ عِنْدَ الْعَرَبِ الرَّئِيسُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ رَئِيسٌ، قَالَ: قَدْ حَكَى أنه يقال في هذا رب، وحكى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في صحيحه "2249""00" عن أبي هريرة رضي الله عنه.

2 في سننه "4975".

3 في سننه "4976".

4 في الأصل: "ومولاتي"

5 في صحيحه "2249""15".

6 أخرجه مسلم في "صحيحه""7"، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 115

الْفَرَّاءُ: رَبُ، بِالتَّخْفِيفِ، إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْتَنِبُوا هَذَا، وَكَذَا الْمَوْلَى، قَالَ: وَمَحْظُورٌ أَنْ يَكْتُبَ: مِنْ عَبْدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْكَاتِبُ غُلَامَهُ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: يَا سَيِّدِي، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدَنَا، فَإِنَّهُ إنْ يَكُنْ سَيِّدُكُمْ فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ اللَّهَ عز وجل" وَهَذَا الْخَبَرُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 وَلَفْظُهُ:"لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدًا فَإِنَّهُ إنْ يَكُنْ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عز وجل" وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ3.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَجَازَ هَذَا بَعْضُهُمْ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ. صلى الله عليه وسلم:"إن ابني هذا4 سَيِّدٌ5" قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِمُنَافِقٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ: يَا سَيِّدِي، لِلْحَدِيثِ، وَيُقَالُ لِغَيْرِهِمْ ذَلِكَ، لِلْحَدِيثِ، كَذَا قَالَ، وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يُجَوِّزُ أَنْ يُقَالَ هَذَا لِمُنَافِقٍ أَوْ كَافِرٍ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ أَنْ يُخَاطَبَ يَا سَيِّدِي وَأَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"السَّيِّدُ اللَّهُ عز وجل" وَهَذَا الْخَبَرُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد6 فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ التَّمَادُحِ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ أُبَيٌّ7: انْطَلَقْت فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال: "السيد الله

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في المسند "22939"

2 في سننه "4977".

3 برقم "244".

4 ليست في "ب" و "س"

5 أخرجه البخاري من حديث الحسن بن علي "2704"

6 في سننه "4806".

7 في الأصل: "إني".

ص: 116

تَبَارَكَ وَتَعَالَى" قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا. فَقَالَ: "قُولُوا بِقَوْلِكُمْ - أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ - وَلَا يستجرينكم1 الشَّيْطَانُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ2 مِنْ طُرُقٍ،. وَرَوَى أَيْضًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ3 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، وَسَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِينَكُمْ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدٌ4 عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عز وجل" قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي قَوْلِهِ "السَّيِّدُ اللَّهُ" أَيْ الَّذِي تَحِقُّ لَهُ السِّيَادَةُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُحْمَدَ فِي وَجْهِهِ، وَأَحَبَّ التَّوَاضُعَ.

وَلَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ: نَحْرُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ، وَلَا الْعَتِيرَةُ، ذَبِيحَةُ رَجَبٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ: يُسْتَحَبُّ، وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَفِي الرِّعَايَةِ يكره والله أعلم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في النسخ الخطية: "ولا يسخرنكم". والمثبت من مصدر التخرج.

2 المسند "16311"، و "عمل اليوم والليلة""248".

3 برقم "249".

4 بعدها في "س": "أنا".

ص: 117