الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ ـ
الوليمة
، وهي مسنونة، وسنتحدّث عنها بشيء من التفصيل.
معنى الوليمة: الوليمة مشتقة من الوَلْم، وهو الاجتماع، وسمِّيت بذلك لأن الزوجين يجتمعان فيها.
قال في القاموس: الوليمة طعام العرس، أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها، وأولم: صنع الوليمة.
حكم الوليمة: الوليمة للعرس سنّة مؤكدة، لثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.
فقد روى البخاري (النكاح، باب: من أولم بأقل من شاة، رقم: 4877) أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بمدين من شعير.
وروى الترمذي (النكاح، باب: ما جاء في الوليمة، رقم: 1095) أن النبي صلى الله عليه وسلم أولَمَ على صفية بنت حُيي رضي الله عنها بسويق وتمر. رواه داود (الأطعمة، باب: في استحباب الوليمة عند النكاح، رقم: 3744)، وابن ماجه (النكاح، باب: الوليمة، رقم: 1909).
وروى مسلم (النكاح، باب: زواج زينب .. وإثبات وليمة العرس، رقم: 1428) أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على زينب رضي الله عنها بخبز ولحم. وأنه صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: " أولم ولو بشاة "، رواه البخاري (النكاح، باب: الوليمة ولو بشاة، رقم: 4872)، ومسلم (النكاح، باب: الصداق وجواز كونه تصليح قرآن
…
، رقم 1472).
وقد حمل العلماء فعله صلى الله عليه وسلم وقوله على الندب.
مقدار الوليمة: وأقل الوليمة للموسر شاة، ولا حدّ لأكثرها، ولغيره ما قدر عليه من الطعام.
وقت الوليمة: ووقت وليمة العرس موسّع من حين العقد إلى ما بعد الدخول، وإن كان الأفضل فعلها بعد الدخول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوِلْم على نسائه إلا بعد الدخول، فقد جاء في أحاديث زواجه صلى الله عليه وسلم: أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بها عروساً، فدعا القوم .. وهكذا.
انظر البخاري (النكاح، باب: الوليمة حق)، ومسلم (النكاح، باب: فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها).
حكمة تشريع الوليمة: وحكمة تشريع وليمة العرس شكر الله عز وجل على ما وُفِّق به من الزواج. واجتماع الناس عليه، حيث إن هذا الاجتماع يدعو إلى التحابب والتآلف. وإظهار الزواج من السرّية إلى العلنية، ليظهر الفرق بين النكاح المشروع، والسفاح الممنوع.
حكم إجابة الدعوة إلى وليمة العرس: وإجابة دعوة وليمة العرس فرض عين على مَن دعي إليها.
ودليل ذلك ما رواه البخاري (النكاح، باب: حق إجابة الوليمة والدعوة
…
.. ، رقم: 4878) ومسلم (النكاح، باب: الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، رقم: 1429) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ".
وفي رواية عند مسلم (النكاح، باب: الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، رقم: 1432) عن أبي هريرة رضي الله عنه (ومَن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله).
شروط وجوب إجابة دعوة وليمة العرس: لقد شرط العلماء لوجوب إجابة دعوة وليمة العرس شروطاً منها:
أـ أن لا يخصّ صاحب الدعوة بها الأغنياء وحدهم، فإذا خصّهم لا تجِب إجابتها.
روى مسلم (النكاح، باب: الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، رقم: 1432) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: (بئس الطعام طعام الوليمة، يُدعى إليه الأغنياء، ويُترك المساكين، فمَن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله).
ومعنى الحديث الإخبار بما يقع من الناس بعده صلى الله عليه وسلم من مراعاة الأغنياء في الولائم، وتخصيصهم بالدعوة، وإيثارهم بطيب الطعام مما هو غالب في الولائم اليوم.
ب ـ أن يكون الداعي مسلماً، والمدعو مسلماً، فإن كان غير ذلك فلا تجب إجابة الدعوة إليها
ج ـ أن يدعوه في اليوم الأول، إذا أولم في أكثر من يوم، فإذا دعاه في اليوم الثاني استحبت الإجابة، وفي اليوم الثالث تُكره إجابتها.
روى الترمذي (النكاح، باب: ما جاء في الوليمة، رقم: 1079) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سُمعة، ومن سمَّع سمَّع الله به " أي تفاخر وليسمع الناس به.
وروى أحمد (5/ 28) وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الوليمة في اليوم الأول حق، وفي الثاني معروف، وفي الثالث رياء وسُمعة ".
د ـ أن يدعوا للتودّد والتقرّب، فإن دعاه لخوف منه، أو طمع في جاهه لا تجب إجابتها.
هـ ـ أن لا يكون الداعي ظالماً أو شريراً، أو صاحب مال حرام، فإن كان كذلك لا تَجِب إجابتها.
وـ أن لا يكون هناك منكر: كخمر، واختلاط بين الرجال والنساء، أو صور إنسان، أو حيوان معلقة على الجدران.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يُدار عليها الخمر " أخرجه الحاكم وصححه.
(المستدرك: الأدب، باب: لا تجلسوا على مائدة يُدار عليها الخمر: 4/ 288).
فإن كان يزول المنكر بحضوره، وجب حضوره، وإجابة الدعوة، وإزالة المنكر.
الأكل من طعام الوليمة: لا يجب على مُجيب دعوة الوليمة أن يأكل منها، بل الواجب عليه أن يحضر، ثم إن شاء أكل، وإن شاء ترك.
روى مسلم (النكاح، باب: الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، رقم: 1430) عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دُعي أحدكم إلى طعام فلُيجب، فإن شاء طَعِم، وإن شاء ترك
وقيل: يجب أن يأكل إلا إذا كان صائماً.
ودليل ذلك، ما رواه مسلم (الموضع السابق، رقم: 1431) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دُعي أحدكم فليُجب، فإن كان صائماَ فليُصل، وإن كان مفطراً فليطعم ".
ومعنى (فلْيُصل) فلْيَدْع لأهل الطعام بالمغفرة والبركة. والصلاة في اللغة: الدعاء. قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم.
ويستحّب لمُجيب الدعوة أن يأكل مما قُدِّم له، ولا يتصرف فيه إلا بالأكل.
وله أن يأخذ منه إن علم رضا صاحب الدعوة.
ويحل نَثْر سكر وغيره: كجوز ولوز ودنانير ودراهم على المرأة في النكاح، ويحلّ التقاطه، وتركه أولى.