الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النفقات
تعرف النفقات:
النفقات: جمع نفقه، والنفقة لغة: مأخوذة من الإنفاق.
وهو في الأصل بمعنى الإخراج، والنفاد، ولا يستعمل الإنفاق إلا في الخير.
والنفقة اصطلاحاً: كلُّ ما يحتاجه الإنسان، من طعام وشراب، وكسوة ومسكن.
وسمي نفقة، لأنه ينفد ويزول، في سبيل هذه الحاجات.
أنواع النفقات:
للنفقات أنواع خمسة نذكرها فيما يلي:
1ـ نفقة الإنسان على نفسه.
2ـ نفقة الفروع على الأصول.
3ـ نفقة الأصول على الفروع.
4ـ نفقة الزوجة على الزوج.
5ـ نفقات أخرى.
ولنبدأ بشرح أحكام كل نوع من هذه الأنواع على هذا الترتيب.
1ـ نفقة الإنسان على نفسه:
إن أدنى ما يجب على الإنسان من الإنفاق أن يبدأ بنفسه، إذا قدر على ذلك، وهي مقدمة على نفقة غيرة.
وتشمل هذه النفقة كل ما يحتاجه المرء من مسكن، ولباس، وطعام، وشراب، وغير ذلك.
ودليل ذلك ما رواه البخاري (الأحكام، باب: بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم، رقم: 6763)، ومسلم (الزكاة، باب: الابتداء في النفقة بالنفس
…
.، رقم: 997) وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: أعتق رجل من بني عُذْرَة عبدّ له عن دُبُر، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال:" ألك ما غيره". فقال: لا. فقال: صلى الله عليه وسلم: " مَن يشتريه مني "؟ فاشتراه نُعيم بن عبدالله العدوي رضي الله عنه بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه، ثم قال:" ابدأ بنفسك فتصدّق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فَلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا ".
يقول: فبين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك.
معنى قوله: " عن دُبُر " أي علق عتقه بموته، فقال: أنت حر يوم أموت.
2ـ نفقة الفروع على الأصول:
يجب على الوالد ـ وإن علا ـ نفقة ولده، وإن سفل.
فالأب مكلف بالإنفاق ـ على اختلاف أنواع النفقة ـ على أولاده ذكوراً وإناثاً، فإن لم يكن لهم أب، كلَّف بالإنفاق عليهم الجد أبو الأب القريب، ثم الذي يليه.
ودليل ذلك من الكتاب قول الله عز وجل: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]
فإيجاب الأُجرة على الزوج لرضاعة أولاده، يقتضي إيجاب مؤونتهم المباشرة من باب أولى. وقال الله سبحانه وتعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
فإن نسبة الولد إلى أبيه بلام الاختصاص، وهي (له) تقتضي مسؤولية صاحب الاختصاص، وهو الأب، عن نفقة ولده ومؤونته. وكذلك وجوب نفقة المُرضِعة للوليد وكسوتها تدلّ على وجوب نفقة الولد وكسوته من باب أولى كما علمت.
وأما دليل ذلك من السنّة: فما رواه البخاري (النفقات، باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ.، رقم: 5049)، ومسلم (الأقضية، باب: قضية هند، رقم: 1714) عن عائشة رضي الله عنها، أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، فقال، " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ".
يقصد: خذي من مال أبي سفيان.
هذا، ويلحق الأحفاد بالأولاد بجامع النسبة والحاجة في كل.
شروط وجوب نفقة الفروع على الأصول:
ويشترط لوجوب نفقة الفروع على الأصول تحقّق الشروط التالية:
أولاً: أن يكون الأصل موسراً بما يزيد عن قوت نفسه، وقوت زوجته مدّة يوم وليلة.
فلو كان الذي يملكه لا يكفي - خلال هذه المدة - غير نفسه هو، أو
غير نفسه وزوجته، لم يكن مكلفاً بالإنفاق على فروعة.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " ابدأ بنفسك ".
رواه مسلم (الزكاة، باب: الابتداء في النفقة بالنفس
…
، رقم 997).
ثانياً: أن يكون الفرع فقيراً، ويشترط مع فقره، واحد من الأوصاف الثلاثة:
1ـ فقر، وصغر.
2ـ فقر، وزمانة.
3ـ فقر، وجنون.
فالصغير الفقير يكلّف أبوه، بالإنفاق عليه، فإن لم يكن أبوه فجده.
وكذلك الفقير الزمن، وهو العاجز عن العمل.
وكذلك الفقير المجنون.
والمقصود بالفقر: العجز عن الاكتساب.
فلو كان الولد صحيحاً بالغاً، قادراً على الاكتساب، لم تجب نفقته على أبيه، وإن لم يكن مكتسباً بالفعل.
فإن عاقه عن الاكتساب اشتغال بالعلم مثلاُ، فإنه ينظر:
فإن كان العلم متعلقاً بواجباته الشخصية: كأمور العقيدة، والعبادة، فذلك يُعدّ عجزاً عن الكسب، وتجب نفقته على أبيه.
أما إن كان العلم الذي يشتغل به من العلوم الكفائية التي يحتاج إليها المجتمع، كالطب، والصناعة، وغيرهما، فلا يخرج الولد بالاشتغال بها عن كونه قادراً على الكسب، والأب عندئذ مخيّر: بين أن يمكِّنه من العكوف على ذلك العلم الذي يشتغل به وينفق عليه، وبين أن يقطع عنه النفقة، ويلجئه بذلك إلى الكسب والعمل:
مقدار النفقة:
ليس لهذه النفقة حدّ تقدّر به إلا الكفاية، والكفاية تكون حسب العُرْف، ضمن طاقة المنفق، قال الله عز وجل:{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} [الطلاق: 7]
هل تصير هذه النفقة ديناً على الأصل إذا فات وقتها:
لا تصير نفقة الفروع بمضي الزمان ديناً على المنفق، لأنها مواساة من الأصل لفرعه، فهي ليست تمليكاً لحق معين، ولكنها تمكين له بدافع صلة القربى.
أي يتناول حاجته من النفقة، فإذا مرّت الحاجة، ولم يشأ أن يسّدها بما قد مكّنة الأصل منه، تعففاً، أو نسياناً، أو غير ذلك، فإن ذمّة أبيه لا يعقل أن تنشغل بدين لولده مقابل الحاجة التي تعفّف ولده عنها، أو شغل عنها، أو نسيها حتى فات وقتها.
هذا هو الأصل، وهو الحكم، عندما تكون الأمور بين الأولاد وأبيهم جارية على سَننها الطبيعي.
فأما إذا وقع خلاف، تدخل القاضي بسببه فيما بينهم، وفرض القاضي على الأب نفقة معينة، أو أذِنَ للأولاد أن يستقرضوا على ذمّة أبيهم ديناً معيناً من المال، أو القدر الذي يحتاجون إليه، فإن هذه النفقة تصبح ديناً بذمة الوالد، إذا فات وقتها، ولا تسقط بمضي الزمن، لأنها قد آلت، بحكم القاضي، إلى تمليك، بعد أن كانت مجرد مواساة وتمكين.
3ـ نفقة الأصول على الفروع:
كما تجب نفقة الفروع على أصولهم بالأدلة والشروط التي أوضحناها.
كذلك تجب نفقة الأصول ـ أي الأب والأم، والجدّ والجدّة، وإن
علَا كل منهما ـ على فروعهم، بناءً على الأدلة التالية، وطبقاً للشروط التي سنذكرها.
الأدلة على وجوب هذه النفقة:
ويستدل لوجوب النفقة على الأصول، بأدلة من الكتاب والسنّة، والقياس:
ـ أما من الكتاب: فقول الله عز وجل: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان: 15] وقوله سبحانه وتعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء: 23].
والمعروف الذي يقدّمه الولد لوالديه، والإحسان الذي يحسنه إليهما، لا يكون إلاّ بنهوض الولد بمسؤولية نفقتهما عند الاحتياج.
ـ وأما من السنّة: فما رواه أبو داود (البيوع والإجارات، باب: في الرجل يأكل من مال ولده، رقم: (3528) والترمذي (الأحكام، باب: الوالد يأخذ من مال ولده، رقم:
(1358)
وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه ". وقال صلى الله عليه وسلم: " أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم ".
رواه أبو داود (البيوع والإجازات، باب: في الرجل يأكل من مال ولده، رقم: 3530).
وروى النسائي (الزكاة، باب: أيّتهما اليد العليا: 5/ 61) عن طارق المحاربي رضي الله عنه قال: قَدِمت المدينة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس، وهو يقول:" يد المُعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أُمك وأباك، وأُختك وأخاك، ثم أدناك أدناك ".
وروى أبو داود (الأدب، باب: في برِّ الوالدين، رقم: 5140) عن
كليب بن منفعة عن جده رضي الله عنه: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَن أبر؟ قال:" أُمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق واجب، ورحم موصولة ".
ـ أما دليل القياس والاجتهاد: فقياس الأصول على الفروع، إذ كما وجبت نفقة الفروع ـ عند العجز ـ على الأصول كذلك تجب نفقة الأصول عند العجز على الفروع، بجامع شيوع البعضية بينهما، وهي أساس القرابة التي هي ثابتة الأصول والفروع.
شروط وجوب نفقة الأصول على الفروع:
أولاً: أن يكون الفرع موسراً بما يزيد عن الضروري من نفقته، ونفقة زوجته، يومه وليلته، فلو كان الذي عنده من النفقة لا يكفي لأكثر من حاجته، وحاجة زوجته، مدة يوم وليلة، لم يكلّف الإنفاق على أبيه وأُمه، لأن نفقة الفقير لا تجب على فقير مثله، فإن أيسر بجزء من نفقتهما الضرورية تقدم بها إليهما، فإن ضاقت عنهما قدّم أمه على أبيه، ذلك لأن ما لا يدرك كله لا ينبغي أن يترك كله.
ثانياً: أن يكون الأصل فقيراً، والمراد بالفقر هنا: أن لا يكتسب ما يسدّ حاجته الضرورية، سواء كان قادراً على الكسب، أم لا. بخلاف ما مرّ الزمانة، أو الجنون، أي مع صفة العجز.
والفرق بينهما: أن الأصل لا يقبح منه تكليف الفرع القادر على الاكتساب.
ولكن الفرع يقبح منه أن يكلف أصله ـ الذي طالما اكتسب وجدّ من أجله ـ بالاكتساب، ولا سيما مع كبر السن.
ثالثاً: أن لا تكون الأم مكفيّة بنفقة زوجها فعلاً، أو حكماً. ومعنى
هذا الشرط: أن نفقة الأُم تجب على ولدها في حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون والده عاجزاً عن الإنفاق عليها.
الحالة الثانية: أن يكون والده متوفى، وهي خليّة على الزوج. وقدرتها على النكاح لا يلغي هذا الواجب أي يجب على ولدها أن ينفق عليها حتى ولو كان ثمّة كفء يتقدم بطلب الزواج منها.
كما أن معنى هذا الشرط أن نفقتها تسقط في حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون والده قادراً على الإنفاق عليها.
الحالة الثانية: أن تكون متزوجة من غير أبيه، سواء كان زوجها موسراً بنفقتها، أو مسعراً بها.
فإذا طالبت الأم في حالة إعسار زوجها بالفسخ، وفسخ النكاح، وجب حينئذ أن ينفق عليها ابنها.
لا تتأثر نفقة الفروع والأصول باختلاف الدين:
إذا لاحظت هذه الشروط، سواء ما شرط منها لنفقة الأصول على الفروع، وما شرط منها لنفقة الفروع على الأصول، أدركت أن وحدة الدين بين الأصول والفروع لا تعتبر شرطاً لوجوب هذه النفقة.
إذاً فإن وجوب هذه النفقة من الأصل والفرع، ومن الفرع للأصل لا يتأثر باختلاف الدين].
فيكلف الولد المسلم بالإنفاق على والديه غير المسلمين، ويكلُف الوالد المسلم بالإنفاق على أولاده غير المسلمين، إذا تحققت باقي الشروط التي ذكرناها.
ولكن يستثنى من ذلك المرتد، فلا تجري النفقة عليه، سواء كان أصلاً للمنفق، أو فرعاً له.
ودليل جواز النفقة على الأصل، ولو كان مشركاً: ما رواه البخاري (الأب، باب: صلة الوالد المشرك، رقم: 5633)، ومسلم (الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين
…
، رقم: 1003) وغيره عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قدمت عليّ أُمي، وهي مشركة، في عهد قريش إذ عاهَدَهُم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، قدمت عليّ أمي، وهي راغبة، أفأصلُ أمي؟ قال:" نعم، صِلِي أُمك ".
[وهي راغبة: أي راغبة بالصلة، أو راغبة عن الإسلام. في عهد قريش: أي ما بين صلح الحديبية وفتح مكة].
مقدار نفقة الأصول على الفروع:
هذه النفقة أيضا ليست مقّدرة بحد معين، وإنما هي مقدرة بالعرف المتبع.
وهي أيضاً لا تصبح ديناً في ذمة الفرع إذا مرّ وقتها، ولم يتمتع الأصل بها. إلا إذا وقع خلاف بين الأصل والفرع، ففرض القاضي بموجبه جراية معينة على الفرع، فإنها تصبح حينئذ ـ كما قلنا سالفاً ـ ديناً في ذمته بمرور الوقت.
ترتيب الأصول والفروع في الإنفاق:
إذا كان الوالدين فقيرين، وكان لهما فروع، واستووا في القُرب، أنفقوا عليهما، لأن عّلة إيجاب النفقة تشملهم جميعاً. وتكون حصة الأُنثى من النفقة كنصف حصة الذكر، كالإرث. وإن اختلفوا في درجة القُرب، كابن، وابن ابن، فإن النفقة إنما تجب على الأقرب، وارثاً كان أو غير وارث، ذَكَراً كان أو أُنثى، لأن القُرْب أولى بالاعتبار.
ومَن كان فقيراً، وله أبوان موسران فنفقته على الأب، لأنه هو
المكلف بالإنفاق على ولده الصغير، بدليل قوله تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].
وأما نفقة على الكبير الفقير، فاستصحاباً لما كان في الصغر. ومن كان فقيراً، وله أًصل وفرع غنيّان، قدم الفرع في وجوب النفقة، وإن بعد، لأن عصوبة الفرع أقوى من عصوبة الأصل، وهو أولى بالقيام بشأن أبيه، لعظم حرمته.
وإذا تعدّد المحتاجون من أُصول وفروع وغيرهم، وكان ما يفضل عن حاجته لا يتسع لنفقة جميعهم، فإنه يقدّم بعضهم على بعض وفق الترتيب التالي:
يقدم بعد نفسه:
أـ زوجته، لأن نفقتها آكد، فإنها لا تسقط بمضي الزمان، بخلاف نفقة الأصول والفروع، فإنها تسقط بمضي الوقت، كما ذكرنا سابقاً.
ب ـ ولده الصغير، ومثله البالغ المجنون، وذلك لشدّة عجزهما عن الكسب.
ج ـ الأُم، لعجزها أيضاً، ولتأكيد حقها بالحمل والوضع، والإرضاع والتربية.
د ـ الأب، لعظيم فضله أيضاً.
هـ ـ الابن الكبير الفقير، لقربه من أبيه، وللقرب مزية فضيلة.
وـ الجد وإن علا، لأن حرمته من حرمة الأب، وهو أصل تجب رعاية حقوقه.
4ـ نفقة الزوجة على الزوج:
تجب نفقة الزوجة على الزوج بالإجماع، بشرط معينة سنذكرها، فيما بعد.
دليل وجوب هذه النفقة على الزوج:
ويستدل لوجوب نفقة الزوجة على الزوج: بالكتاب، والسنّة.
أما دليل الكتاب: فقول الله عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
فقد دلّت هذه الآية على أن الزوج هو المسئول عن النفقة. وقوله الله سبحانه وتعالى:
والمولود له في الآية هو الزوج، والضميري في {رِزْقُهُنَّ} عائد إلى الوالدات، وهن الزوجات.
والمعنى إذاً: وعلى الأزواج تَجِب نفقة الزوجات.
وأما دليل السنة: فما رواه مسلم (الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 1218) عن جابر رضي الله عنه في حديث حجة الوداع الطويل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله ".
الحكمة من إيجاب نفقة الزوجة على الزوج:
إن الحياة الزوجية لابُدّ أن تنهض على أحد أُسس ثلاثة:
الأساس الأول: أن يتولى الزوج الإشراف على بيت الزوجية، وأن يكون هو المسئول عن النفقة على الزوجة والأولاد.
الأساس الثاني: أن تتولى الزوجة ذلك كله بدلاً من الزوج.
الأساس الثالث: أن يتعاون الزوجان في النهوض بالمسئوليات المادية، وتقديم النفقة.
فما الذي يحدث لو استبعدنا الأساس الأول: الذي هو حكم الشريعة الإسلامية، واستعضنا عنه بأحد الأساسين الثاني، أو الثالث؟.
تحدث عندئذ مجموعة النتائج التالية:
الأول: لابد أن ينعكس ذلك على المهر أيضاً.
فأما أن تتقدم المرأة بالمهر كله إلى الرجل، أو أن يلزما بالاشتراك في تقديمه.
ومن النتائج الحتمية لهذا الواقع أن تتحول المرأة، فتصبح طالبة للزوج بعد أن شرّفها الله عز وجل، فجعلها مطلوبة. ذلك لأن الذي يتقدم بالمال يكون هو الطالب لمن يأخذ المال. وإذا أصبحت الزوجة هي الساعية بحثاً عن زوجها، فإنها لن تعثر على الزوج الذي تستطيع أن تركن إليه، حتى تسقط السقطات المتتالية، بخِداع الرجال، وأكاذيبهم عليها.
ثانياً: لابدّ أن تتجه المرأة هي الأخرى إلى سبل الكدح، والعمل من أجل الرزق، وأن تناكب الرجال سعياً وراء الأعمال المختلفة.
وإذا فعلت المرأة ذلك، أصبحت ـ لا محالة ـ عرضة للسوء والانحراف.
والواقع المشاهد أكبر دليل على ذلك.
كما أن البيت يعوزه عندئذ مَن يدبر شأنه، ويرعى حاله، ويربي صغاره، إذ يصبح عندئذ فارغاً موحشاً، ومصدراً للفوضى، والقلق والاضطراب بدلاً من أن يكون موئلا للسعادة، ومنبعاً للأنس وملجأ للراحة والاستجمام.
والواقع المشاهد أيضاً أكبر دليل على ذلك.
ثالثاً: إذا قامت الحياة الزوجية على أحد من الأساسين المذكورين، فلا بد أن يكون حق الطلاق بيدها، على سبيل المشاركة، أو الاستقلال. ذلك لأن القانون الاقتصادي والاجتماعي يقول:(مَن ينفق يشرف).
وقد علمت في باب الطلاق الحكمة الباهرة من كون الطلاق ـ في أعم الأحوال ـ حقا للزوج.
فمن أجل أن يكون كل من الزوجين عنصر إسعاد للآخر، ومن أجل أن يكون بيت الزوجية عامراً بالرعاية والتهذيب والأنس، ومن أجل أن تظل المرأة عزيزة يطلبها الرجال، ولا تصبح مهينة تلحق الرجال، وهو عنها مُعرض، أو لها مُخادع. من أجل ذلك كله كان الإنفاق على بيت الزوجية واجباً على الزوج دون الزوجة.
شروط وجوب نفقة الزوجة على الزوج:
إنما تجب نفقة الزوجة على الزوج بالشروط التالية:
أولاً: تمكين الزوجة نفسها من الزوج، بأن لا تمنعه من وجوه الاستمتاع المشروع بها. فلو منعته، ولو عن بعض ذلك فقط، لم تجب نفقتها على الزوج.
أما إن أرادها على وجه مُحرّم من الاستمتاع، كأن أراد أن يأتيها وهي في المحيض، فإن امتناعها لا يسقط حقّها في النفقة عليها.
ثانياً: أن تتبعه في المكان والبيت الذي يختاره، ويستقر فيه، ما لم يكن المكان أو البيت غير صالح للسكن، أو البقاء فيه شرعاً. فلو كان يقيم في بلدة لا يلحقها ضرر شرعي صحيح بالإقامة معه فيها، أو في بيت مستوف للشروط الشرعية المعتبرة، ولم تقبل بالإقامة معه فيها، أو في بيت مستوف للشروط الشرعية المعتبرة، ولم تقبل بالإقامة معه في تلك البلدة، أو ذلك المنزل، لم يكلّف بالإنفاق عليها، لأنها تُعدّ ناشزة حينئذ.
إذا توفرت هذه الشروط وجب على الزوج أن يقدّم للزوجة جميع النفقات التي تحتاجها، مما سيأتي تفصيله. وبذلك تعلم أن النفقة لا تجب على الزوج لمجرد العقد وحده.
النفقة على الزوجة تقدّر حسب حال الزوج:
اعلم أن النفقة على الزوجة مقدّرة، ولكنها تتفاوت كّماِّ ونوعاً، حسب تفاوت حال الزوج، في العسر والُيسر.
أما اختلاف حال الزوجة في ذلك فلا أثر له في هذا التفاوت.
ذلك لأن التفاوت إنما يخضع لنسبة الاستطاعة، وهي عائدة إلى حال المنفق، لا إلى حال المنفق عليه.
والدليل على هذا: قول الله عز وجل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} [الطلاق: 7]
فقد جعل ميزان الإنفاق تابعاً إلى حالة الزوج سعة وضيقاً، لا إلى مستوى الزوجة ومكانتها. إذا عرفت هذا، فاعلم أن حالة الزوج تصنّف شرعاً ضمن ثلاث درجات:
1ـ درجة اليُسْر: (الغنى). 2ـ درجة التوسط. 3ـ درجة الفقر.
والعُرف العام هو المحكم في تحديد ما يكون الإنسان به موسراً، أو متوسط الحال، أو فقيراً.
أـ فأما الزوج الموسر، فيكلف من النفقة ما يلي:
أولاً: ما يساوي مد (حفنتين كبيرتين) كل يوم غالب قوت البلد التي هي فيها، مع تكلفة طحنه وخبزه، وما يتبع ذلك، أو يقدم ذلك خبزاً جاهزاً.
ثانياً: يقدم من الأدم ما اعتاده أهل تلك البلدة، وما يقدّمه عادة أمثاله من أهل اليُسْر والغنى.
وقد أطال الفقهاء في تفصيل ذلك، ولكن المدار فيه على كل حال إنما هو عرف أهل البلدة.
ثالثاً: الكسوة اللائقة بزوجات الموسرين في تلك البلدة، ويظهر أثر العُرف في الكسوة، في نوعها جودة ورداءة، أما العدد والكمية، فإنما يتبع ذلك الحاجة لا العُرْف. ويدخل في حكم الكسوة ما يتبعها من أثاث وفراش، وأدوات مطبخ ونحو ذلك.
واعلم أن دليل العُرْف في ذلك كله، هو قول الله عز وجل:{وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
ب ـ أما الزوج المتوسط فيكلف من النفقة بما يلي:
أولاً: ما يساوي مدّاً ونصف مدّ من غالب قوت البلد التي هي فيه كل يوم.
مع مراعاة ما ذكرنا بالنسبة لحال الموسر.
ثانياً: الأدم الذي جرت به عادة أهل تلك البلدة بالنسبة لأوساط الناس، نوعاً وكماً.
ثالثاً: الكسوة اللائقة لزوجات أمثاله في ذلك المكان، وما يتبعها من بقية حاجات المنزل المختلفة.
ج ـ أما الزوج الفقير فيكلّف من النفقة بما يلي:
أولاً: ما يساوي مدّاً واحداً من غالب قوت البلد كل يوم.
ثانياً: الأدم الذي جرت به عادة الفقراء على اختلافه في تلك البلدة.
ثالثاً: الكسوة اللائقة لزوجات أمثاله في ذلك المكان.
ويستدل لمراعاة حال الزوج في كل ما سبق بما رواه أبو داود (النكاح، باب: في حق المرأة على زوجها، رقم 2144) عن معاوية القشيري رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما تقول في نسائنا. قال:: " أطعموهنّ مما تأكلون، واكسوهنّ مما تكتسون، ولا تضربوهنّ، ولا تقبِّحوهنّ.
مما يدخل في نفقة الزوجة إضافة لما سبق:
ويدخل في نفقة الزوجة على اختلاف حال الزوج إضافة لما سبق ما يلي:
أولاً: منزل مناسب لحال الزوج يسكن في زوجته، على أن تتوفر فيه الضرورات التي لابدّ منها.
ثانياً: كلّ ما لابدّ منه للنظافة والتنزه من الأدران والأوساخ، وأدوات الزينة، إذا كان الزوج طالباً منها أو تتزين له.
ثالثاً: الخادم إذا كانت الزوجة ممّن يخدم مثلها في بيت أبيها، سواء كان الزوج موسراً، أو متوسط الحال، أ، كان فقيراً، فيجب عليه أن يقدم لها مَن يخدمها بالقدر الذي تندفع به الحاجة.
وينبغي أن يكون هذا الخادم أُنثى، أو طفلاً مميزاً غير بالغ، أو محرماً لها. وأُجره هذا الخادم إنما هي على الزوج.
هل نفقة الزوجة تمليك أم تمكين؟
لقد عرفت الفرق بين التمليك والتمكين، عند حديثنا عن نفقة الأصول على الفروع، ونفقة الفروع على الأصول.
ونقول الآن:
إذا كانت الزوجة تأكل مع زوجها ـ كما هي الغالبة في أيامنا ـ وتسكن معه دون أن يتفقا على قدر معين من القوت والأدم، يلتزم به
الزوج، فهذه النفقة، تُعد من قبيل التمكين، لا التمليك، وتسقط بمضي الزمن.
ـ أما إذا كانت الزوجة قد اتفقت مع زوجها على قدر معين من النفقة يُجريه عليها، أو كان القاضي قد ألزمه بقدر معين من النفقة لها، فهي عندئذ مقدّرة، تطالب بها، حتى بعد مرور وقتها، لأنها تُعدّ ـ والحالة هذه ـ من قبيل التمليك، لا التمكين، ولها أن تعتاض عنها بما تحب.
أثر العُرْف في تقدير النفقة:
مما سبق تعلم أن القوت الأساسي الذي لابدّ منه في الطعام، لا أثر للعْرف في تقدير كميته.
وإنما هو محدّد ـ كما علمت ـ في سائر الظروف والأحوال:
بمدّين، للموسر.
ومدّ ونصف المدّ، للمتوسط.
ومدّ واحد، للفقير.
يقدّمه كل منهم لزوجته خبزاً، أو حبّاً مع تقديم كلفة طحنه وخبزه.
وذلك لأن قوت ضروري لا يتأثر باختلاف العُرْف.
أما ما زاد عليه من الأدم والكساء ونحوهما، فإنما يحدده العرف، أي العُرف السائد في تلك البلدة، في ذلك العصر، بشرط أن لا يكون العُرف مخالفاً لشيء من الأحكام الشرعية.
فلا أثر لعُرف يقضي بالبذخ والتبذير بالنسبة لبعض النفقات، أو بالنظر لبعض المناسبات، كما هو واقع، وكثير، ومرهق في هذه الأزمان.
ما يترتب على إعسار الزوج بالنفقة:
إذا أعسر الزوج، فإن كان إعبساره نزولاً عن درجة اليُسْر إلى الدرجة
الوسطى، أو إلى الدرجة الدنيا، وهي درجة الفقر، فلا يترتب على هذا الإعسار شيء، وتلزم بمتابعته، والرضا بحالته التي آل إليها أمره.
أما إذا أعسر الزوج حتى عن نفقة الدرجة الثالثة بكاملها، فللزوجة عندئذ أن تُطالب بفسخ النكاح.
وإذا طلبت ذلك وجب على القاضي أن يلبّي طلبها ويفرّق بينهما، ولكن يجب أن يكون ذلك، بعد عجز الزوج عن النفقة بثلاثة أيام على أقل تقدير، لكي يتحقق عجزه، إذ قد يكون العجز لعارض، ثم يزول.
روى الدارقطني (في النكاح، باب: المهر: 3/ 297) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته: " يفرّق بينهما ".
وإذا رضيت بالبقاء مع زوجها على عجزه، فلها أن تطلب فسخ النكاح بعد ذلك، لأن الضرر بعجز الزوج عن النفقة بتجدّد كل يوم، ولكل يوم حكم مستقل.
ولكن لا يجوز لها الفسخ إذا أعسر ببعض نفقة الدرجة الثالثة، كأن أعسر عن تقديم الأدم، لأنه تابع، وبالإمكان أن تقوم النفس بدونه، أو كأن عجز عن نفقة الخادم، لأن الخدمة من المكمِّلات التي يمكن للبدن أن يقوم بدونها.
أما إذا أعسر بمجموع نفقة هذه الدرجة، فعندئذ يحقّ لها أن تطلب الفسخ.
5ـ نفقات أخرى:
هذا ويكلّف الإنسان بنفقات أخرى ـ غير ما ذكر ـ وذلك نحو ممتلكاته، التي يملكها:
أولاً نفقة البهائم:
تنقسم البهائم إلى الأصناف الثلاثة التالية:
1ـ بهائم مأكولة.
2ـ بهائم محترمة غير مأكولة.
3ـ بهائم غير محترمة.
الصنف الأول (البهائم المأكولة):
وهذا الصنف، كالأنعام ونحوها من كل ما هو مأكول، يخيّر مالكها بين أن يعلفها، ويسقيها، بما يحفظ عليها حياتها بشكل سوي، وبين أن يذبحها للأكل، أو أن يبيعها، أو يهبها للآخرين، فإن لم يذبح، أو لم يفعل شيئاً غير الذبح مما ذكر، فإنه يجبر على نفقتها من علف وسقي، بالقدر الكافي لحفظ حياتها، فإن لم يفعل أُجبر على بيعها، فإن لم يفعل بِيعت عليه غضباً.
الصنف الثاني (البهائم المحترمة غير المأكولة):
وهذه البهائم المحترمة، ككلب صيد غير عقور، وهرّة، وصقر، ونحل، ودود قز، ونحو ذلك، فإن مالكها يلزم ببيعها، فإن لم يفعل، أو لم يوجد مَن يشتريها، وجب عليه أن يدفعها لمن قد ينتفع بها، صوناً لها عن الهلاك.
الصنف الثالث (البهائم غير المحترمة):
وهذه البهائم غير المحترمة، كالكلب العقور، ومختلف الحيوانات المؤذية، فلا يلزم الإنسان بشيء مما ذكرنا نحوها، إذ لا حَرَج في قتلها ما دامت كذلك.
الدليل على نفقة الحيوانات المحترمة، والمأكولة:
ويستدل لذلك كله بحديث مسلم (البرَ والصلة والآدب، باب: تحريم تعذيب الهرة ونحوها
…
، رقم: 2619) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دخلت امرأة النار في هرّة، ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خَشَاش الأرض، حتى ماتت
هزلاً " وأخرجه البخاري (المساقاة، باب سقي الماء، رقم: 2236)، ومسلم (السلام، باب: تحريم قتل الهرة، رقم: 2242) والهرّة مثال لكل حيوان محترم، مأكولاً كان أو غير مأكول، ويخرج بذلك ما هو غير محترم، كالفواسق الخمس التي ذكرت في الحديث.
روى البخاري (الإحصار وجزاء الصيد، باب: ما يقتل المحرم من الدواب، رقم: 1732)، ومسلم (الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب
…
، رقم: 1198) وغيرها عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" خمس فواسق، يقتلن في الحلّ والحرم: الحيّة، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحُديَّا ".
[فواسق: الفاسق: الخارج عن الطاعة، وسميت هذه الدواب الخمس فواسق، لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب.
الغراب الأبقع: هو الذي في ظهره وبطنه بياض. الحُديّا: تصغير: الحدأة، وهو طائر خبيث، بله هو أخس الطير، يخطف الأفراخ، وصغار أولاد الكلاب].
ثانياً: نفقة الزروع والأشجار:
والمقصود بنفقة الزروع والأشجار، سقيها ورعايتها، فإن لم يكن بصاحبها رغبة في اقتلاعها، لعمارة، ونحوها، فإنه ينبغي عليه سقيها ورعايتها، لأن إهمالها يدخل في دائرة إضاعة المال، بدون مسوَّغ شرعي، وهو لا يجوز.
أما إذا كان يريد اقتلاع الشجر أو الزرع ليستفيد منهما، أو ليستفيد من الأرض في عمارة، أو نحوها، فإن له قطع الأشجار والزرع، أو إهمالها إلى أن ييبسا، لأن له في ذلك غرضاً شرعياً سليماً.
والله سبحانه وتعالى أعلم ..