المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الرضاع تعريف الرضاع: الرِّضاع، والرِّضاعة ـ بفتح الراء ويجوز كسرها فيهما ـ - الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: النكاح وما يتعلق به وما يشبهه

- ‌تمهيد:

- ‌حُكم النِكَاحِ شَرْعُا

- ‌مَكانَة الأُسْرَة في الإسلَام وَرعَايتَهِ لَهَا

- ‌النساء اللاتي يحرم نكاحهن

- ‌حكم تعدد الزوجات والحكمة من مشروعيته

- ‌أركان عقد النكاحوالتعريف بكل ركن، وبيان شروطه

- ‌الصَّدَاقأحكامه ـ المغالاة في المهور

- ‌عقد الزواج وما يترتب عليه

- ‌سنن عقد النكاح:

- ‌ الوليمة

- ‌القسم بين الزوجات وما يتعلق بذلك

- ‌النشوز

- ‌العيوب التي يترتب عليها فسخ النكاحوالآثار المترتبة على ذلك

- ‌ثانياً: الطلاق وما يتعلق به وما يشبهه

- ‌شروط صحة الطلاق ووقوعه:

- ‌أحكام الرجعة

- ‌مشبهات الطلاق

- ‌أولاً ـ الإيلاء

- ‌ثانياً ـ الظهار:

- ‌ثالثاً ـ اللعان

- ‌العدَّة

- ‌ثالثاً: النفقات وما يتعلق بها

- ‌النفقات

- ‌رَابعاً: الحَصَاَنة وَأَحْكَامُهَا

- ‌الحَضَاَنة:

- ‌خامساً: الرضاع وأحكامه

- ‌الرضاع

- ‌سادساً: ثبوت النسب

- ‌النَّسَبُ

- ‌سَابعًا: أَحْكَامُ اللّقِيط

- ‌اللّقِيطُ

الفصل: ‌ ‌الرضاع تعريف الرضاع: الرِّضاع، والرِّضاعة ـ بفتح الراء ويجوز كسرها فيهما ـ

‌الرضاع

تعريف الرضاع:

الرِّضاع، والرِّضاعة ـ بفتح الراء ويجوز كسرها فيهما ـ معناه في اللغة: اسم لمصّ الثدي وشرب لبنه.

والرضاع شرعاً: اسم لحصول لبن امرأة، أو ما حصل منه في معدة طفل، أو دماغه

دليل تشريع الرضاع:

إرضاع الولد من غير أُمه التي ولدته جائز شرعاً، ولقد كان أمراً معروفاً قبل الإسلام. ولما جاء في الإسلام أقرّه ولم يحرمه، لما فيه أحياناً من المصلحة، والحاجة الملجئة؛ كأن تموت أُم الطفل، مثلاً، أو يكون بها علّة تمنعها الإرضاع، فلا بدّ والحالة هذه من امرأة أخرى ترضعه حفاظاً على حياته.

دليل هذا الجواز:

ويستدل على جواز الإرضاع بقول الله عز وجل: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}

[الطلاق: 6].

تعاسرتم: اختلفتم في إرضاع الولد، فسترضع الولد امرأة أخرى غير أمه.

ص: 203

وقوله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233].

هل الرضاع واجب على الأم أم هو حق لها؟

إن قلت: الرضاع واجب على الأم، كان معنى ذلك، أنها ملزمة بإرضاع طفلها، سواء رضيت بذلك، أو لم ترضَ، مادامت قادرة على الإرضاع، غير معذورة بأيّ سبب شرعي. وإن قلت: الرضاع حق للأم، كان معنى ذلك الأمر عائد إلى اختيارها.

فإن رغبت في الإرضاع لم يكن للزوج، ولا لغيره أن يصدّها عن حقها.

أما إن لم ترغب في إرضاعه، فإن الزوج يصبح عندئذ ملزماً بتدبر مُرضعة أخرى لطفله.

إذا عرفت الفرق بين الواجب عليها، والحق لها، فما هي علاقة الأُم بإرضاع ولدها؟.

هل هي علاقة حق لها؟ أم هي علاقة واجب عليها؟

المفتي به في مذهب الإمام الشافعي رحمة الله تعالى: أن الرضاع حق للأم، تطالب به عندما تشاء، وليس واجباً عليها.

فلا تلزم به إلا إذا لم يوجد مَن يقوم مقامها، فيصبح الإرضاع واجباً عليها للضرورة.

دليل أن الرضاع حق للأم وليس واجباً عليها:

ودليل كون الإرضاع حقا للأم، وليس واجباً عليها: قول الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة:: 233] مع قوله سبحانه تعالى: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} . وقوله جل جلاله: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].

ص: 204

وبيان وجه الدليل في هذه الآيات على أن الإرضاع حق للأم وليس واجباً عليها: أن الله عز وجل، عندما قال:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} احتمل أن يكون المعنى: الوالدات يلزمن بإرضاع أولادهن.

ولو قال سبحانه وتعالى: وعلى الوالدات إرضاع أولادهنّ: لسقط الاحتمال الثاني، وتعين الاحتمال الأول. فلما قرأنا قول الله عز وجل {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} ترجح المعنى الثاني في الآية الأولى، وهو كان الرضاع حقاً لها. إذ لو كان واجباً عليها، لما قال سبحانه وتعالى:{فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} . ولما كان من سبيل إلى التعاسر والاختلاف مع الزوج، ولما كان لها الامتناع عن الإرضاع.

ولما قرأنا قول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ازداد المعنى الثاني للآية رجحاناً، بل تعين ذلك المعنى، لأن الرضاع لو كان واجباً على الأم، لما استحقّت عليه أجراً، إذ لا أجر على واجب، فلما أمر سبحانه وتعالى بإعطائهنّ الأجر على الرضاع إن طلبنه، دلّ ذلك على أنهنّ مخيّرات في الإرضاع، لا مجبرات عليه.

والخلاصة:

أن الرضاع حق للأم تجاب إليها، إن طالبت به. وليس واجباً عليها، فلا تلزم به إن رفضته، إلا إن تعينت له، فعندئذ يجب عليها للضرورة.

ما يترتب على كون الرضاع حقاً لا واجباً:

لعلك أدركت مما أوضحنا، الأمور التي تترتب على كون الرضاع مجرد حق للأم، وأنه ليس واجباً عليها.

وهذه الأمور، تتلخص فيما يلي:

أولاً: لا يجوز للزوج إجبار زوجته على إرضاع طفلها، فإن أجبرها،

ص: 205

فلم تستجب لإجباره وأمره، فهي ليست بعاصية، ولا تُعدّ ناشزة.

يستثنى من ذلك، ما لو لم يكن ثَمة من يصلح لإرضاع الطفل غيرها. فإن الضرورة عندئذ تقضي بقسرها على الإرضاع، وهي المحافظة على حياة الطفل.

ثانياً:

يجب على الزوج أن يعطي زوجته الأجر حسب العُرف، على ما تقوم من إرضاع الطفل، إذا طلبت على ذلك أجراً.

فإن لم تطالب بالأجر ـ كما هو السائد في أعراف الناس اليوم ـ لم يلزم الزوج بدفع الأجر، وسقط حقها في المطالبة، إن كانت تبرعت به وأظهرت له عدم الرغبة فيه.

ما يترتب على الرضاع من القرابة:

إذا أرضعت المرأة طفلاً أجنبياً عنها، صار الطفل ابنها بالرضاع، وصار زوجها صاحب اللبن أباً لذلك الطفل، وترتب على هذا الرضاع الأمور التالية:

أولاً: يحرم على الرضيع التزوج ممّن أرضعته، ومن كل أنسبائها اللائي يحرم عليه التزوج منهنّ لو كانت أُمه من النسب.

فيدخل في هذا التحريم:

-أُخت مرضعته، لأنها خالته من الرضاعة.

-وبنت مرضعته، لأنها أُخته من الرضاعة.

-وبنات أولاد مرضعته، ذُكوراً كانوا أو إناثاً، لأنهنّ بنات إخوته، أو بنات أخواته من الرضاعة.

-أم مرضعته، لأنها جدّته من الرضاعة.

وكذلك يحرم على هذا الرضيع التزويج من هؤلاء أنفسهم، إذا كانوا أنسباء والده من الرضاعة، وهو زوج المرضعة، صاحب اللبن.

ص: 206

فتحرم عليه:

-أُخت والده من الرضاعة، لأنها عمّة الرضيع.

-وبنت والده من الرضاعة، ولو من زوجة أخرى، لأنها أُخت هذا الرضيع.

-وبنات أولاد أبيه من الرضاعة، ذكوراً كانوا أم إناثاً، لأنهنّ بنات أخوة الرضيع أو بنات أخواته.

-وأم أبيه من الرضاعة، لأنها جدّة الرضيع.

ثانياً: يحرم على المرضع، وعلى هؤلاء الأنسباء للمرضع جميعاً التزويج من الرضيع، كما أوضحنا، والتزويج من فروعه، لأنك لو قدّرت أمومة المرضعة للطفل أُمومة نسب، كان هؤلاء الأنسباء محرّمات عليه فكذلك أُمومة الرضاع.

فكما لا يتزوج الرضيع من بنت مرضعته، لأنها أخته من الرضاع، فكذلك لا يتزوج ابن الرضيع منها لأنها عمّته من الرضاعة. وهكذا إلى آخرة.

ثالثاً: يجوز للمرضع، وأنسبائها اللائي عدّدنا أسماءهنّ التزوج من حواشي الرضيع: كأخيه، ومن أصوله، كأبيه، وكعمّه، لأنهم أجانب عن المرضع وأنسبائها.

الدليل على حرمة الرضاع:

الأصل في كل ما ذكرنا: القرآن، والسنّة:

أما القرآن الكريم: فقول الله عز وجل: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}

[النساء: 23]

وأما السنّة: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: فيما رواه البخاري (2553) ومسلم (4144) عن عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرضاعة تُحرِّم ما يَحرُم من الولادة ".

ص: 207

وفي رواية عند البخاري (الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب

، رقم: 2502) ومسلم (الرضاع، باب: تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، رقم: 1447) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة رضي الله عنه: " لا تحلّ لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة ".

فقد دلّت الآية على أن المرضع تصبح بسبب الرضاعة أُمّاً للرضيع، وأن ابنتها، تصبح أُختاً له.

وأما الحديثان فقد أوضحنا النتائج المترتبة على ذلك، وهي: أن أُمومة الرضاع بمنزلة أُمومة النسب.

فكلّ مَن تحرم على الولد من أقارب أمه وأخته نسبياً، تحرم عليه من أقارب أمه أو أخته رضاعاً.

شروط الرضاع المحّرم:

لا يعتبر الرضاع موجباً للقرابة، ومحرماً للزواج، إلا إذا يؤثر فيه الشرطان التاليان:

الشرط الأول: أن يكون الرضيع لم يتم سنتين من عمره عند الرضاع. فإن أرضعته بعد أن تجاوز الستين من العمر، لم يُؤثر هذا الرضاع في التحريم، ولم يُفد في القرابة شيئاً.

ودليل ذلك قول الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]. وقول الله عز وجل: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14].

[والفصال: هو الفطام، لأنه يفصل فيه الرضيع عن أُمه].

ويستدل لذلك من السنّة أيضاً: بما رواه الدارقطني (الرضاع 4/ 174) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا رضاعَ إلا ما كان في الحَوْليْن ".

ص: 208

وروى الترمذي (الرضاع، باب: ما جاء [ما ذكر] أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر

.، رقم: 1152) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يُحرِّم من الرضاعة إلا فتقَ الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام ".

فتق الأمعاء: شقها وسلك فيها. في الثدي: في الثدي، في زمن الرضاع، قبل الفطام. والفطام يكون في تمام الحولين، كما في قوله تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14]

وروى البخاري (النكاح، باب: مَن قال لا رضاع بعد حولين

.، رقم: 4814)، ومسلم (الرضاع، باب: إن الرضاعة من المجاعة، رقم: 1455) عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: أنه أخي، فقال:(انظرن من إ خوانكن، إنما الراضعة من المجاعة).

أي تحرم الرضاعة إذا كانت في الزمن الذي يجوع فيه الطفل لفقدها، ويشبع بها، وهذا لا يكون إلا للصغير.

الشرط الثاني: أن ترضعه خمس رضعات متفرقات.

وتعتبر الرضاعة منفصلة، أو غير منفصلة عن الأخرى بالعُرف. فلو قطع الطفل الرضاع إعراضاً وشبعاً، كان ذلك رضعة مستقلة، ولو قطعه للهو، مثلاً، وعاد في الحال، أو تحول من ثدي إلى ثدي، عُدّ ذلك رضعة واحدة.

دليل هذا الحكم: والدليل على ذلك: ما رواه مسلم (الرضاع، باب: التحريم بخمس رضعات، رقم: 1452) عن عائشة رضي الله عنها: كان فيما نزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنّ فيما يقرأ من القرآن.

ص: 209

أي إن نسخها كان متأخراً، حتى إنه توفي صلى الله عليه وسلم، وبعض الناس مازال يتلوها قرآناً، لأنه لم يبلغه النسخ بعد.

وروى مسلم (الرضاع، باب: في المصّة والمصّتان، رقم: 1451) عن أم الفضل رضي الله عنها: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تحرم الرضعة أو الرضعتان، أو المصّة أو المصّتان ".

ما يترتب على قرابة الرضاع من أحكام:

يترتب على القرابة الناشئة من الرضاع حكمان اثنان:

1ـ حكم يتعلق بالحُرمة. 2ـ حكم يتعلق بالحل.

أما الحرمة: فتتعلق بالنكاح.

وأما الحل: فيتعلق بالخلوة والنظر.

فإذا نشأت قرابة الرضاع بين طرفين، كان لهذه القرابة من التأثير على حرمة النكاح مثل ما لقرابة النسب، ويتفرع عنها كل ما يتفرع عن قرابة النسب من الآثار. فأُمك وإن عَلَت، وبنتك وإن سَفلت، وأُختك لأبويك، أو لأحدهما، وعمتك وإن بعدت، وبنت الأخ لأبوين، أو لأحدهما، وبنت الأخت لأبوين، أو لأحدهما، محرّمات عليك بسبب هذه القرابة التي جاءت عن طريق النسب.

فإن تولدت هذه القرابات عن طريق الرضاع، ترتب عليها أيضاً التحريم دون أيّ فرق بينهما.

وقد مضى بيان ذلك فلا نعيده.

وتتفرع عن قرابة النسب حُرمة المصاهرة، كما هو معلوم. فأم الزوجة نسباً تحرم على صهرها، الذي هو زوج ابنتها.

وكذلك بنت الزوجة نسباً، وزوجة الأب نسباً، وزوجة الابن نسباً.

ص: 210

كلهنّ يحرمن على الزوج في المثال الأول، وعلى الابن في المثال الثاني، وعلى الأب في المثال الثالث. والسبب هو المصاهرة.

فإذا نشأت هذه القرابات نفسها من رضاع، أورثت الحكم ذاته، بالنسبة للمصاهرة.

أي فأم الزوجة من رضاع تحرم على الزوج.

وبنتها من رضاع تحرم عليه أيضاً.

وزوجة أبيك من رضاع، وزوجة ابنك من رضاع محرّمتان عليك.

والسبب المصاهرة التي ترتبت على قرابة الرضاع. واعلم أن دليل ذلك كله: هو قول النبي صلى الله عليه وسلم السابق (1): " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".

رواه البخاري (2502)، ومسلم (1447) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

هذا ما يتعلق بأثر التحريم المترتب على قرابة الرضاع.

أما ما يتعلق بأثر الحل:

فبيان ذلك: أن كل ما يحّل بينك وبين قريبة لك نسباً ممّن مضى ذكرهم، يحلّ بينك وبين مَن بينك وبينها رضاعة: فيحلّ بينهما النظر، كما يحلّ ذلك بين الأخ والأخت من النسب، وتحلّ بينهما الخلوة المحّرمة بين الأجنبيين، ويحلّ لها أن تسافر معه فوق ثلاث ليالٍ.

غير أن هذا الحكم لا يسوغ نظر القريب رضاعة إليها بشهوة، أو نظرها إليه كذلك.

لأن هذا النظر محّرم حتى بين أقارب النسب.

(1) انظر الدليل على حرمة الرضاع (صفحة: 207).

ص: 211

ولذلك فقد كره متأخرو الفقهاء إرضاع المرأة لغير طفلها بدون ضرورة وحاجة.

كما أنهم كرهوا اختلاط الذكور والإناث الذي جمعتهم قرابة الرضاع، وذلك بسبب ما قد يتوصل به إلى شرور ومحّرمات مختلفة، لضعف الوازع الديني، ولعدم وجود الوازع الفطري الذي يكون بين القريب والقريبة.

ص: 212