الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم بين الزوجات وما يتعلق بذلك
تعريف القسم:
القسم ـ في اللغة ـ مصدر قسم يقسم، والقسْم بكسر القاف: النصيب.
والقَسْم اصطلاحاً: أن مَن كان له أكثر من زوجه، وبات عند واحدة منهنّ لزمه المبيت عند باقيهنّ.
حكم القسم بين الزوجات:
القسم ابتداء بين الزوجات مندوب، وليس بواجب، فمن كان له نسوة استحبّ أن يقسم لهنّ، ويبيت عندهنّ، ولا يطلهنّ، وإنما لم يجب ذلك عليه، لأن المبيت حقه، فجاز له تركه. أما إذا بات عند واحدة منهنّ بقرعة، أو غيرها، لزمه المبيت عند الباقيات، وأصبح القسم لهّن واجباً تحقيقاً للعدل بينهنّ.
دليل وجوب العدل في القسم وغيره:
ودليل وجوب العدل في القَسْم وغيره بين النساء: القرآن والسنّة.
أما القرآن: فقول الله عز وجل: {َإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}
[النساء: 3] أي إن خفتم أن لا تعدلوا في القَسْم والإنفاق فاقتصروا على تزوّجكم واحدة.
فلقد أشعرت الآية بوجوب العدل في القَسْم بينهنّ.
وأما السنة: فما رواه أبو داود (2133) والترمذي (1141) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ـ وعند الترمذي: فلم يعدل بينهما ـ جاء يوم القيامة وشقّه مائل ـ وعند الترمذي: وشقّه ساقط). وهذه عقوبة لا تكون إلا على ترك واجب.
وروى أبو داود (2134)، والترمذي (1140) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول:(اللِّهمّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك).
أبو داود (النكاح، باب: في القَسْم بين النساء)، والترمذي (النكاح، باب: ما جاء في التسوية بين الضرائر).
من يستحق القَسْم:
ويختص بالقَسْم الزوجات، ولو كانت إحداهنَ مريضة، أو حائضاً أو نفساء، ما دمن من طائعات لزوجهنّ.
أما إذا كانت المرأة ناشزاً فلا تستحق القَسْم، لإسقاطها حقها بنشوزها، وسيأتي بيان النشوز وحكمه.
كيفية القَسْم بين الزوجات:
ويجوز للزوج أن يجعل لكل زوجة ليلة ويوماً قبلها، أو بعدها.
والأصل الليل، والنهار تبع له، إلا إذا كان الزوج يعمل ليلاً: كحارس، فإن الأصل النهار، والليل تبع له.
ثم إذا كان الزوج يبيت في بيت وحده جاز له أن يدعوهنّ إليه، كل واحدة في ليلتها ويومها.
والأفضل أن يدور عليهنّ في بيوتهنّ.
وإن كان يبيت عند واحدة منهنّ، وجب عليه أن يدور عليهنّ في بيوتهنّ، كل واحدة في ليلتها ويومها.
ويحرم عليه أن يبيت عند واحدة منهنّ، ثم يدعوا الباقيات إليه، لأن إتيان بيت الضرائر شاق على النفس.
كما يحرم عليه أن يجمعهنّ في مسكن واحد بغير رضاهنّ، لما يسبّبه ذلك من التباغض بينهنّ.
ويجوز أن يجعل مدة القَسْم يومين، أو ثلاثة أيام.
ويحرم أكثر من ذلك، لما في طول المدة من الوحشة عليهنّ، وتجب القرعة للبدء بالمبيت عند واحدة منهن، تجنباً لترجيح إحداهنّ على الأخرى، ثم يقرع بين الباقيات.
ويجوز أن يدخل نهاراً على غير مَن لها النوبة إذا كان دخوله لحاجة، وينبغي ألاّ يطول مكثه.
روى أبو داود (النكاح، باب: في القَسْم بين النساء، رقم: ك 2135)، والحاكم
(النكاح، باب: التشديد في العدل بين النساء رقم: 2/ 186) وقال صحيح الإسناد: عن عائشة رضي الله عنها قالت: وكان ـ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنوا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها، فيبيت عندها.
ولا يجوز أن يدخل ليلاً إلى غير مَن لها النوبة إلا لضرورة: كمرض مخوف، أو حريق، أو نحو ذلك.
وتختصّ بكر جديدة بسبع ليال متواليات وجوباً.
كما تختص ثيِّب جديدة بثلاث ليال متواليات وجوباً أيضاً.
روى البخاري (النكاح، باب: إذا تزوج الثِّيب على البكر، رقم: 4916) ومسلم
(الرضاع، باب: قدر ما تستحقه البكر والثِّيب من إقامة
الزوج
…
، رقم: 1461) عن أنس رضي الله عنه قال: من السنّة إذا تزوج البكر على الثِّيب أقام عندها سبعاً ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم. قال: أبو قلابة ـ أحد رواة الحديث ـ لو شئت لقلت: إن أنساً رضي الله رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى مسلم (الموضع السابق، رقم: 1460) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " للبكر سبع، وللثيِّب ثلاث ".
ولو وهبت إحداهنّ ليلتها لضرّتها بات عند الموهوب لها ليلتيهما، كل ليلة في وقتها الذي كان لها، فإن كانت متتابعين تابع بينهما، وإن كانتا متفرقين، فرق بينهما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وهبت سَوْدة بنت زمعة نوبتها لعائشة رضي الله عنهما.
روى البخاري (النكاح، باب: المرأة الثيِّب تَهب يومها من زوجها لضرّتها، رقم: 4941) ومسلم (الرضاع، باب: جواز هبتها نوبتها لضرتها، رقم: 1463) - واللفظ لمسلم - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت امرأة أحبَّ إلىَّ أن أكون في مسْلاخِها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة، قالت: فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة، قالت: يا رسول الله: قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقسم لعائشة يومين: يومها، ويوم سودة.
[مسلاخها: المسلاخ: هو الجلد، ومعناه أن أكون أن هي. فيها حدّة: أي شدة ولم ترد عائشة بذلك عيب سودة، بل وضفتها بقوة النفس، وجودة القريحة، وهي الحدّة].
وإذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، واستصحب معه من خرجت قرعتها، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
روى البخاري (المغازي، باب: حديث الإفك، رقم: 3910)،
ومسلم (التوبة، باب: في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، رقم: 2770) عن عائشة رضي الله عنهما أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد السفر أقرع بين نسائه، فأتيتهنّ خرج سهمها خرج بها.