المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النساء اللاتي يحرم نكاحهن - الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: النكاح وما يتعلق به وما يشبهه

- ‌تمهيد:

- ‌حُكم النِكَاحِ شَرْعُا

- ‌مَكانَة الأُسْرَة في الإسلَام وَرعَايتَهِ لَهَا

- ‌النساء اللاتي يحرم نكاحهن

- ‌حكم تعدد الزوجات والحكمة من مشروعيته

- ‌أركان عقد النكاحوالتعريف بكل ركن، وبيان شروطه

- ‌الصَّدَاقأحكامه ـ المغالاة في المهور

- ‌عقد الزواج وما يترتب عليه

- ‌سنن عقد النكاح:

- ‌ الوليمة

- ‌القسم بين الزوجات وما يتعلق بذلك

- ‌النشوز

- ‌العيوب التي يترتب عليها فسخ النكاحوالآثار المترتبة على ذلك

- ‌ثانياً: الطلاق وما يتعلق به وما يشبهه

- ‌شروط صحة الطلاق ووقوعه:

- ‌أحكام الرجعة

- ‌مشبهات الطلاق

- ‌أولاً ـ الإيلاء

- ‌ثانياً ـ الظهار:

- ‌ثالثاً ـ اللعان

- ‌العدَّة

- ‌ثالثاً: النفقات وما يتعلق بها

- ‌النفقات

- ‌رَابعاً: الحَصَاَنة وَأَحْكَامُهَا

- ‌الحَضَاَنة:

- ‌خامساً: الرضاع وأحكامه

- ‌الرضاع

- ‌سادساً: ثبوت النسب

- ‌النَّسَبُ

- ‌سَابعًا: أَحْكَامُ اللّقِيط

- ‌اللّقِيطُ

الفصل: ‌النساء اللاتي يحرم نكاحهن

‌النساء اللاتي يحرم نكاحهن

تمهيد:

لما شرع الإسلام الزواج، وحثّ عليه، حرّم على الإنسان نكاح بعض النساء:

أما لفرض الاحترام والتقدير: كتحريم نكاح الأُم.

وإما لأن الطبع السليم لا يستسيغ ذلك: كنكاح البنت والأُخت.

أو لأن غرض الزواج ـ وهو الإحصان ـ قد لا يتحقق على أتمّ وجه في نكاح القريبات جداً: كنكاح بنات الإخوة والأخوات، وبنات الأبناء والبنات، وذلك لكثرة الخلطة بينهم، وظهور بعضهم على بعض.

وأما لغرض تنظيمي ترتيبي في بناء الأُسرة: كنكاح الأخت وبنات الأخ من الرضاع.

فلهذه الأغراض وغيرها من الحكم حرم الإسلام نكاح بعض النساء على بعض الرجال، كما حرم بعض الرجال على بعض النساء، وإليك بيان ذلك.

أقسام الحرمة في النكاح:

والحرمة في نكاح بعض النساء على قسمين:

حُرمة مؤبدة.

وحُرمة مؤقتة.

ص: 25

الحُرمة المؤبدة:

ويقصد بها النساء اللاتي لا يجوز للرجل أن يتزوج بواحدة منهنّ أبداً، مهما كانت الظروف والأحوال.

أسباب الحُرمة المؤبدة:

والحرمة المؤبدة لها ثلاثة أسباب، وهي:

القرابة.

المصاهرة.

الرضاع.

المُحرّمات بالقرابة:

والمُحرّمات بسبب القرابة سبع، وهنّ:

1ـ الأُم، وأُم الأُم، وأُم الأب، ويعبّر عنهنّ بأُصول الإنسان، فلا يجوز نكاح واحدة منهُن.

2ـ البنت، وبنت الابن، وبنت البنت، ويعبّر عنهنّ بفروع الإِنسان، فلا يجوز نكاح واحدة منهن.

3ـ الأخت، شقيقة كانت، أو لأب، أو لأم، ويعبّر عنهنّ بفروع الأبوين، فلا يجوز نكاح واحدة منهنّ أبداً.

4ـ بنت الأخ الشقيق، وبنت الأخ لأب، أو لأم، فلا يجوز نكاحهنّ.

5ـ بنت الأخت، شقيقة كانت، أو لأب، أو لأم، فهنّ حرام لا يجوز نكاحهنّ أبداً.

6ـ العمّة، وهي أُخت الأب، ومثلها عمّة الأب، وعمّة الأم، ويعبّر عنهنّ بفروع الجدين من جهة الأب، فلا يجوز نكاحهنّ بحال.

7ـ الخالة، وهي أخت الأم، ومثلها خالة الأم وخالة الأب ويعبّر عنهنّ بفروع الجدّين من جهة الأم، فلا يجوز نكاحهنّ أبداً.

ص: 26

وفي حُرمة هؤلاء كلهنّ نزل قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ

.. } [النساء: 23]

فإذا عقد على واحدة منهنّ كان العقد باطلاً، فإن استحلّ ذلك كان كافراً.

هذا، ويحرم على المرأة أبوها، وأبو أبيها، وأبو أُمها، وجميع أُصولها. ويحرم عليها ابنها وابن ابنها وابن بنتها، وجميع فروعها. ويحرُم عليها أخوها شقيقاً كان أو لأب أو لأم، وكذلك يحرُم عليها أبناء إخوتها، وأبناء أخواتها، كما يحرم عليها أعمامها، وأخوالها، وأعمال أبيها، وأعمام أمها، وأخوال أبيها وأخوال أمها.

المحرمات بالمصاهرة:

والمُحرمات بالمصاهرة أربع، وهنّ:

1ـ زوجة الأب، ومثلها زوجة الجد أب الأب، وزوجة الجد أب الأم، ويعبّر عن ذلك بزوجات الأصول، فلا يجوز نكاح واحدة منهن أبداً.

قال تعالى: {وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً} [النساء: 22]

2ـ زوجة الابن، وزوجة ابن الابن، وابن البنت، وهكذا زوجات الفروع، فلا يجوز نكاحهنّ بحال.

قال تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23].

وخرج بقوله تعالى: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} زوجة الابن المتبنّى، فإنهم كانوا في الجاهلية يتبنّون، ويحرمون زوجة المتبنى، فأبطل الإسلام التبني، وأحلّ الزواج من زوجة المتبنّى.

ص: 27

قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4].

وقال تعالى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37]

[قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً: أي انتهت حاجتهم منهنّ ولم يبق لهم رغبة فيهنّ].

3ـ أم الزوجة، فلا يجوز نكاحها، قال الله تعالى:{وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} [النساء: 23] ومثل أمها جميع أصولها من النساء.

وهؤلاء الثلاثة يحرمن بمجرد العقد، سواء تبع ذلك دخول، أو لم يتبعه، وإذا عقد على واحدة منهن كان العقد باطلاً.

4ـ بنت الزوجة، وهي الربيبة، فهي حرام على زوج أُمها، ولكن ليس بمجرد العقد، بل لا تنشأ الحُرمة إلا بالدخول على أُمها.

قال تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللَاّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23].

هذا ولا يشترط لحرمة الربيبة أن تكون في حجر زوج أُمها، بل هي حرام عليه، سواء كانت في حجره أو كانت تعيش بعيدة عنه.

وإنما ذكر القيد في الآية لبيان الحالة الغالبة، فإن الغالب على الربيبة أن تكون في رعاية زوج أمها وحجره وكنفه. وكذلك يحرم على المرأة زوج أمها، وزوج بنتها، وابن زوجها، وأبو زوجها.

المحرمات بالرضاع:

ويحرم بسبب الرضاع أيضاَ سبع من النسوة، ذكر القرآن الكريم منهّن اثنين وألحقت السنة بقية السبع بهما، وهؤلاء السبع هّن:

ص: 28

1ـ الأُم بالرضاع، وهي المرأة التي أرضعتك، ويلحق بها أُمها، وأُم أُمها وأُم أُبيها، فلا يجوز نكاح واحدة منهنّ.

2ـ الأخت بالرضاع، وهي التي رضعت من أُمك، أو رضعت من أُمها، أو رضعت أنت وهي من امرأة واحدة.

فإذا رضعت من أُمك صارت حراماً عليك، وعلى جميع إخوتك. ويحلّ لك أخواتها، لأنهنّ لم يرضعن من أُمك.

وإذا رضعت أنت من أُمها صرت حراماً عليها، وعلى جميع أخواتها، وحلّت هي وأخواتها لإخوتك، لأنها لم ترضع من أمك، ولا رضع أخواتك من أمها.

وفي تحرم الأم والأخت من الرضاع نزل قوله تعالى: {َأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23]

3ـ بنت الأخ من الرضاع.

4ـ بنت الأخت من الرضاع.

5ـ العمّة من الرضاع: وهي التي رضعت مع أبيك.

6ـ الخالة من الرضاع: وهي التي رضعت مع أمك.

7ـ البنت من الرضاع: وهي التي رضعت من زوجتك، فتكون أنت أباها من الرضاع.

وفي هؤلاء يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن الرَّضاعة تُحرّمُ ما يَحرُم من الولادة " رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها.

وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة رضي الله عنها: " لا تَحِلُّ لي، يحْرُم من الرضاع ما يحرُم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة ".

ص: 29

(البخاري: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب والرضاع.، رقم: 2502، 2503 مسلم: الرضاع، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، وباب: تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، رقم: 1444، 1447).

وكذلك يحرم على المرأة أبوها بالرضاع، وابنها من الرضاع، وأخوها وابن أخيها من الرضاع، وعمّها وخالها من الرضاع.

وكذلك يحرم بالمصاهرة من الرضاع:

1ـ أم الزوجة من الرضاع، وهي التي أرضعت زوجتك.

2ـ بنبت الزوجة من الرضاع، وهي التي رضعت من زوجتك، لكن من لبن زوج غيرك.

3ـ زوجة الأب من الرضاع، وهي زوجة الأب التي رضعت من زوجته الثانية.

4ـ زوجة الابن من الرضاع، وهي زوجة من رضع من زوجتك.

الحرمة المؤقتة:

والنساء المحرمات حرمة مؤقتة: هن اللاتي حُرِّمن على الإنسان لسبب من الأسباب،

فإذا زال هذا السبب زالت الحُرمة، وعاد الحل، فإذا عقد على واحدة منهنّ قبل زوال سبب

الحرمة كان العقد باطلاً.

وهؤلاء النساء هنّ:

1ـ الجمع بين الأختين:

سواء كانتا من النسب، أو من الرضاع. وسواء عقد عليهما معاً أو في وقتين.

فإذا عقد عليهما معاً بطل العقد فيهما، وإذا عقد عليهما واحده بعد الأخرى بطل عقد الثانية.

ص: 30

فإذا ماتت الأولى، أو طُلِّقت، وانقضت عدّتها حلّ له أن يعقد على أختها. قال الله عز وجل:

{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 23]

2ـ الجمع بين المرأة وعمّتها، وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها، أو بنت بنتها:

وقد وضع الفقهاء قاعدة بضبط من يحرم الجمع بينهنّ، فقالوا (يحرم الجمع بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما جاز له أن يتزوج الأخرى). وهي تشمل جميع من ذكرنا.

ودليل ذلك: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يُجمعُ بين المرأة وعَمَّتها، ولا بين المرأة وخالتها ".

(البخاري: النكاح، باب: لا تنكح المرأة على عمّتها، رقم:4820. مسلم: النكاح، باب: تحريم الجمع بين المرأة وعمّتها

، رقم:1408.

الحكمة من هذا التحريم:

والحكمة من تحريم الجمع بين مَن ذكرنَ ما في هذا الجمع من إيقاع الضغائن بين الأرحام، بسبب ما يحدث بين الضرائر من الغيرة.

روى ابن حبان: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُزوّج المرأة على العمّة والخالة، وقال: إنّكنّ إذا فعلتنّ ذلك قطعتنّ أرحامكم).

وأخرج أبو داود في المراسيل عن عيسى بن طلحة قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة). [نيل الأوطار: 6/ 157]. فإذا ماتت واحدة منهنّ أو طٌلِّقت، وانقضت عدّتها حلّت الأخرى.

ص: 31

3ـ الزائدة على أربع نسوة:

فلا يجوز أن يضم زوجة خامسة إلى نسائه الأربع الموجودات عنده حتى يطلق واحدة منهنّ، وتنقضي عدّتها، أو تموت، فإذا ماتت، أو طُلِّقت، حلت له الخامسة. قال الله عز وجل:{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3].

وروى أبو داود وغيره عن قيس بن الحارث رضي الله عنه قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اخْتَر منهنّ أربعاً ".

(سُنن أبي داود: الطلاق، باب: في مَن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أُختان).

4ـ المشركة الوثنية:

وهي التي ليس لها كتاب سماوي، فإذا أسلمت حلّت، وجاز الزواج بها، قال الله تعالى:

{وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة " 221]

تنبيهان:

الأول: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج برجل غير مسلم، مهما كانت ديانته، لأن للزوج ولاية على الزوجة، ولا ولاية لكافر على مسلم، ولأنها لا تأمن عنده على دينها، لأنه لا يؤمن به؟ قال الله عز وجل:{وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221].

فإذا أسلم حلت له، وإذا عقد عليها قبل إسلامه كان العقد باطلاً، ووجب التفريق بينهما فوراً فإذا حصل وطء كان ذلك زناً.

ص: 32

الثاني: يجوز للمسلم أن يتزوج يهودية أو نصرانية، لأنه ربما يكون ذلك سبباً لإسلامها، وإسلام أهلها، وإطّلاعهم على الإسلام، وترغيبهم فيه.

ولا يجوز لزوجها المسلم أن يٌُكرهها على تغيير دينها، أو يضايقها في أداء عبادتها. قال الله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5].

[المحصنات: العفيفات، أو الحرائر. أجورهنّ: مُهورهنّ. محصنين: متعففين بالزواج بهنّ عن الزنى. غير مُسافحين: غير مجاهرين بالزنى. متخذي آخذان: مُصاحبي خليلات للزنى سراً].

5ـ المرأة المتزوجة:

فلا يجوز لرجل أن يعقد على امرأة لها زوج، وهي لا تزال على عصمته، حتى يموت أو يطلقها وتنقضي عدّتها، فإذا مات أو طّلقها وانقضت عدّتها حل الزواج بها. قال الله تعالى في تعداد المحرمات في الزواج:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء} [النساء: 24]. أي المتزوجات من النساء حرام عليكم.

6ـ المرأة المعتدّة:

فلا يجوز لرجل أن ينكح امرأة ما تزال في عدّتها، سواء كانت هذه العدة من طلاق أو وفاة، فإذا انتهت عدّتها، جاز الزواج بها. قال الله تعالى:{وَلَا تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235].

أي لا تقصدوا إلى عقد النكاح لتعقدوه حتى تبلغ المرأة تمام عدّتها المكتوبة لها في كتاب الله عز وجل.

ص: 33

7ـ المرأة المطلقة ثلاثاً:

فلا يجوز لزوجها أن يعود إليها حتى تنكح زوجاً غيره، نكاحاً شرعياً صحيحاً، ثم يطلّقها الزوج الثاني، وتنقضي عدّتها منه، فإذا حصل ذلك جاز لزوجها الأول أن يعود إليها، ويعقد عليها عقد زواج جديد. قال الله تعالى:{فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230].

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة فطلّقني، فأبت طلاقي، فتزوجت عبدالله بن الزَّبير، إنما معه مثل هُدبَة الثوب، فقال:(أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عُسيلته، ويذوق عُسيلتك).

(البخاري: الشهادات، باب: شهادة المختبي، رقم:2469. مسلم: النكاح، باب: لا تحلّ المطلقة ثلاثاُ لمطلّقها حتى تنكح

.. ، رقم: 1432).

أبَتَّ طلاقي: من البتّ وهو القطع، أي قطع طلاقي قطعاً كلياً، والمراد أنه طلّقها الطلقة الثالثة التي تحصل بها البينونة الكبرى. هدبة الثوب: حاشيته، وهو كناية عن عدم قدرته على الجماع. تذوقي عسيلته: كناية عن الجماع. وعُسيلة: قطعة صغيرة من العسل، شبّه لذّة الجماع بلذة ذوق العسل.

ص: 34