الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادسًا: النوازل المتعلقة بالصيام
أولًا: النوازل المتعلقة بدخول الشهر وخروجه:
إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه، إلى بلد تقدم صومه، فمتى يفطر
؟
إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه، إلى بلد تقدم صومه، فإنه يجب عليه إذا أفطر أهل البلد الذي قدم إليه أن يفطر معهم؛ لأن هذا البلد ثبت فيه دخول الشهر، فكان هذا اليوم يوم عيد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام العيدين.
وعلى هذا فيجب على هذا الرجل الذي قدم من بلد تأخر صومه عن أهل هذا البلد الذي قدم إليه، يجب عليه أن يفطر مع أهل البلد الذي قدم إليه، وما نقص فإنه يقضيه بعد العيد، فإذا كان قد صام ثمانية وعشرين يومًا، فإنه إذا أفطر يقضي يومًا، والعكس بالعكس، يعني لو قدم من بلد صاموا قبل البلد الذي قدم إليه، فإنه يبقى حتى يفطروا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ"(1).
وقال بعض العلماء: إنه إذا أتم ثلاثين يومًا فإنه يفطر سرًّا؛ لأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يومًا، ولا يعلن إفطاره؛ لأن الناس صائمون (2).
اختلاف مطالع الأهلة:
صدر قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في بيان ابتداء وقت الصيام ونهايته هذا نصٌّ مضمونهُ (3):
(1) رواه الترمذيُّ (697)، وصححه الألباني في جامع الترمذيُّ (3/ 80).
(2)
فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 123)، الفتوى رقم (2665)، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (19/ 209).
(3)
فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 134)، الفتوى رقم (2623).
"أولًا: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسًا وعقلًا، ولم يختلف فيها أحد من العلماء، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
ثانيًا: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها واقع ممّن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يُؤْجَرُ فيه المصيب أجرين؛ أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم يَرَ اعتباره، واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد، كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (1)، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيته"(2) الحديث. وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقًا في الاستدلال به.
ونظرًا لاعتبارات رَأَتْها الهيئة وقدَّرتها، ونظرًا إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرنًا، لا نعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإِسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه، وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة؛ إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.
(1) سورة البقرة: 189.
(2)
رواه البخاري (1810)، ومسلمٌ (1081).