الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمنى على الصفة الموضحة بالمخطط المرفق بالمعاملة، فإنها متى أقيمت على هذه الصفة، وكان تأسيسها مبنيًا على تصميمات فنية، وأسس قوية يرتاح إلى متانتها وتحملها -كما جاء في قرار لجنة الحج العليا رقم (6) وتاريخ: 23/ 2 / 1393 هـ - فهي إذن في حكم البناء، إذ لا فرق فيما أقيم على وجه من شأنه الثبات والدوام وبين أن يكون من حجارة أو لَبِن أو أخشاب أو غير ذلك. ومع هذا فإنها قد تفضي على مر الأيام وطول العهد إلى الإبقاء عليها في مكانها، وتنتهي إلى الطمع في تملكها أو الاختصاص بها على الأقل، ودعوى أنها لا تكون ثابتة، وأنها يسهل فكُّها بعد تركيبها- لا تتفق مع إقامتها على الصفة الموضحة في المخطط، ولا مع الشرط الذي ذكرته لجنة الحج العليا في قرارها، بل إقامتها كذلك من شأنه ثباتها وبقاؤها؛ تفاديًا من متاعب إقامتها كل عام، وحرصًا على عدم النفقات المتكررة، وحفظًا للمال من الخسائر التي تنشأ عن تلف بعض ما أقيم على هذه الصفة عند فكها، وطمعًا في الانتفاع بها، ثم الوصول إلى دعوى الاختصاص بها على الأقل (1)، (2).
في حكم نقل مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم وقت الزحام:
قال الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (3)، فإنه لما كثر الوافدون إلى بيت الله الحرام في عصرنا هذا -الذي توفرت فيه من وسائل نقلهم ما لم يتوفر قبلُ، وازدادوا زيادة لم تعهد فيما مضى- أدى ذلك إلى وقوع الطائفين في حرج شديد فيما بين المقام وبين البيت، وفي خلف المقام ممّن يصر على إقامة صلاة الطواف منه وما يحصل من الازدحام، فهل يشرع نقل المقام عن موضعه الذي فيه
(1) أبحاث هيئة كبار العلماء (3/ 354).
(2)
ويرى الدكتور المطلق جواز إقامة مبانٍ ذات أدوار على سفوح الجبال؛ للحاجة الماسة ولكثرة الحجاج.
(3)
سورة البقرة: 125.
لكي يتسنَّى للحجاج أداء الطواف بيسر وسهولة؟ وهل الأفضل أداء ركعتي الطواف في وسط هذا الزحام الهائل تحقيقًا لقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ؟
أما حكم تأخير المقام اليوم نظرًا للحرج فقد أجازه مفتى الديار السعودية محمَّد بن إبراهيم رحمه الله ومما جاء في فتواه ما يلي: "أثبتنا فيما تقدم أن مقام إبراهيم عليه السلام كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر الصديق وبعض خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في سقع البيت، ثم أخره عمر أول مرة مخافة التشويش على الطائفين، ورده المرة الثانية حين حمله السيل إلى ذلك الموضع الذي وضعه فيه أول مرة، وما دام الأمر كذلك فلا مانع من تأخير المقام اليوم عن ذلك الموضع إلى موضع آخر في المسجد الحرام يحاذيه ويقرب منه؛ نظرًا إلى ما ترتب اليوم على استمراره في ذلك الموضع من حرج أشد على الطائفين من مجرد التشويش عليهم، الذي حمل ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أن يؤخره عن الموضع الذي كان فيه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر بتأخيره.
نظرًا لما ذكرنا نكون مقتدين بعمر بن الخطاب المأمور بالاقتداء به، ونرفع الحرج من ناحية أخرى عن الأمة المحمدية التي دلت النصوص القطعية على رفع الحرج عنها.
أما عن حكم الصلاة عند المقام فهي سنة بعد الطواف، والأفضل أن تكون خلف مقام إبراهيم بالقرب منه إن لم يتأذَّ أو يُؤذِ أحدًا، وإلا ففي مكان بعيد يبعد به عن الأذية.
ونقول لأولئك الذين يصلون خلف المقام، ويصرون على أن يصلوا هناك مع احتياج الطائفين إلى مكانهم، بأنهم قد ظلموا أنفسهم، وظلموا غيرهم، وهم