الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حزن وتحسّر، أي من قتل أبيه بذلك الوجه».
أقول: ليس هذا بشيء، وإنما المراد بقوله:«منها» أي من تلك الفعلة الكريمة، وهي عفوه عنهم وقوله: غفر الله لكم. فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه الدية فأبى أن يقبلها، وعفا عنها.
وقوله: «بقية» أي بقية خيرٍ وفضلٍ وصلاح رزقه الله تعالى إياه جزاءً له على عفوه. والله أعلم.
* * * *
«لعن الله السارق يسرق البيضة، فتُقطع يده، ويسرق الحبل، فتُقطع يده»
(1)
يحتمل أن المراد الجنس، أي جنس البيضة وجنس الحبل. والله أعلم.
وقد يقال: إنه على ظاهره، والبيضة قد يبلغ ثَمَنها ثلاثة دراهم في بعض البلدان وبعض الأوقات. وأما الحبل فظاهر.
* * * *
باب إذا أقرَّ بالحدِّ ولم يبين [هل للإمام أن يستر عليه؟]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًّا فأقمْه عليّ، ولم يسأله عنه، وحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة، قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًّا فأقمْ فيَّ كتاب الله، قال: «أليس قد صلَّيتَ
(1)
رقم (6783، 6799).
معنا؟» قال: نعم، قال:«فإنَّ الله قد غفر لك ذنبك» أو قال: «حدك»
(1)
.
فيه أن الصلاة تكفّر الذنوب مطلقًا وإن كانت كبائر.
فإن قيل: إن هذا جاء تائبًا فلعل المغفرة إنما كانت للتوبة.
قلتُ: يدفعه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أليس قد صليت معنا؟» فلما قال: نعم، قال: «فإن الله
…
» الخ، فدل أن المغفرة كانت بسبب الصلاة فقط لترتيبها عليها بالفاء. نعم، يمكن أن يقال: إن الصلاة التي تكفر الكبائر هي التي تكون معه صلى الله عليه وآله وسلم بدليل قوله: «أ [ليس قد] صليت معنا؟» ولكنه قد يُدفع بأنه إنما يتم ذلك لو قال: أليس قد صليت معي، فأما قوله:«أليس قد صليت معنا؟» فالمراد به ــ والله أعلم ــ معنا معشر المسلمين.
نعم، المفهوم منه أن الصلاة التي تكفّر الكبائر هي ما كانت جماعة لأنها هي التي تكون مع المسلمين، فلا تدخل الصلاة منفردًا، والله أعلم.
فأما حديث: «الصلوات الخمس، [والجمعة إلى الجمعة] كفّارات لما بينهنَّ ما اجتنبت الكبائر»
(2)
، فإنما فيه أن أصل الصلوات الخمس لا يجب أن تكون مكفرة للكبائر، فلا يلزم أنها إذا كانت جماعةً كفَّرْتها، وهو الذي يدل عليه الحديث الأول.
بقي أن يقال: لعلّه صلى الله عليه وآله وسلم اطلع على أن الذنب صغير، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر.
(1)
رقم (6823).
(2)
أخرجه أحمد (8715) بهذا اللفظ، وهو في «صحيح مسلم» (233) بنحوه.