الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروايته عن ربّه
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربّه قال:
«لا ينبغي لعبد أن يقول: إنه خير من يونس بن متَّى»
ونسبه إلى أبيه
(1)
.
يقول كاتبه: هذه الرواية تدفع كثيرا من التأويلات في الحديث؛ لأن فيها أن هذا اللفظ من كلام الله تبارك وتعالى يقول: «لا ينبغي لعبد أن يقول: إنه خير من يونس بن متى» . فبطل تأويل الحديث بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله تواضعًا، فضلًا عن كون هذا التأويل باطلًا بوجوه أُخَر:
منها: أن الكذب لا يحلّ في التواضع، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم معصوم عن الكذب.
ومنها: أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر بفضائل لنفسه الشريفة، ولم يُعدَّ في ذلك مخِلًّا بالتواضع.
ومنها: أن التواضع إنما يكون بالنسبة إلى نفسه لا بالنسبة إلى بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والحديث عام.
وبهذه الرواية أيضًا بطل التأويل بكونه عليه الصلاة والسلام قاله قبل أن يُعلمه الله تعالى، فضلًا عن كون هذا التأويل باطلًا بكونه عليه الصلاة والسلام معصومًا عن أن يقفو ما ليس له به علم.
وإطلاق الحديث يدفع التقييدات التي تُدّعى، كأن يقال: إن المراد أن يقول مثلًا: أنا خير من يونس بن متى كخيريّة المؤمن على الفاسق، أو نحو ذلك مما يوهم نقصًا في يونس عليه السلام، فضلًا عن كون هذا الوجه غير
(1)
رقم (7539).
معقول، فإن مجرّد إثبات الخيريّة يوهم نقصًا.
فإن قيل: إنما فيه أنه لا ينبغي هذا القول لعبدٍ أن يقوله في حق نفسه، وليس فيه أنه [لا ينبغي]
(1)
أن يقول أحد في حقّ غيره، كأن يقول أحدنا: إبراهيم خير ....
ويردّه أنه لو جاز مثل هذا لجاز ذاك، ولا فرق.
فأما العُجْب فالأنبياء معصومون عنه، وقد جاء عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كثير من التحدّث بنعم الله عليهم، ومع هذا ففي الرواية الأخرى:«لا ينبغي لعبد أن يكون خيرًا من يونس بن متى»
(2)
. بل إن هذه الرواية تنفي الأفضلية في نفسها فضلًا [عن] الإخبار بها المنهيّ عنه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تفضِّلوا بين أنبياء الله»
(3)
. والله أعلم.
ويمكن الجواب عنها بأنها من تصرّف الرواة، أو محمولة على قيد مخصوص دلّت عليه سائر الأدلة.
والمقام حرج والمَخْلص الوقف. والله أعلم
(4)
.
(1)
زيادة لابد منها ليستقيم الكلام.
(2)
«صحيح البخاري» (4804) ولفظه: «لا ينبغي لأحدٍ
…
» من حديث عبد الله بن مسعود.
(3)
«صحيح البخاري» (3414) و «صحيح مسلم» (2373/ 159) من حديث أبي هريرة.
(4)
من (ص 119) إلى هنا من مجموع [4711].