الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: إن كان قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة» ملحوظًا في كلِّ واحد من الخليطين على حِدَة فليُلحظْ قوله: «وفي خمس وعشرين بنت مخاض» وما بعده كذلك، فلا يبقى حكم للخلطة كما هو مذهب أبي حنيفة.
وإن كان قوله: «وفي خمس وعشرين بنت مخاض» وما بعده غير ملحوظ في حقّ كلِّ واحد من الخليطين على حدَة، بل يُنظر إلى المجموع، فليكنْ كذلك في قوله:«ليس فيما دون خمس ذود صدقة» .
فإذا كان لخليط ناقتان وللآخر ثلاث، فالمجموع خمس ذود ففيها الصدقة، وهذا هو الصواب. وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.
* * * *
الحمد لله.
أمَّا
مسألة ضمِّ الماشية المستفادة بنحو ميراثٍ إلى ما قبلها من جنسها
إذا كان نصابًا، ففيه نظر.
وإنما قاسه مالك رحمه الله
(1)
على الورِق يزكِّيها رجل ثم يشتري بها من رجلٍ عرضًا قد وجبت فيه الزكاة فيزكِّيها البائع من النقد.
وهذا القياس مختلٌّ؛ لأن المشتري
(2)
في المقيس عليه لم يزكِّ هذا الورِق الذي أخذه لوجوبها في عينه، بل لوجوبها في ذلك العرض بمرور الحول عليه.
(1)
انظر «الموطأ» (1/ 261).
(2)
كذا في الأصل، ولعل الصواب: البائع.
غاية الأمر أن وجوب إخراجها عن العرض مشروط ببيعه، فليس في هذا وجوب زكاتين في مال واحد باعتبار واحد، بخلاف مسألة ضمِّ الماشية، فإن البائع قد زكَّى المبيع بعينه من حيث وجوب الزكاة في عينه، فكيف يزكِّيه المشتري بعد يوم مثلًا من حيث وجوب الزكاة في عينه أيضًا.
وقد قال
(1)
: إن المستفاد من النقد بميراث أو نحوه لا يُضمُّ إلى مثله من النقد الأول في حوله، بل يُفرد لكلٍّ حولٌ. ولم يأت بفرق.
وأما مسألة الزكاة في الدين الذي مرَّت عليه سنون، فقاسه على العرض الذي يبقى بعينه سنين فلا تجب فيه إلا زكاة واحدة عند بيعه.
والظاهر أن هذا القياس صحيح إلا أنَّ من الناس من لا يسلِّم حكم الأصل، بل يقول: على العرض كلَّ عام زكاة.
ولو قال قائل في مسألة الدين: إن كان حالًّا وقصَّر في طلبه سنين أو أجَّله بدون طلب من المدين لزمته الزكاة لكلِّ سنة، وإن كان حالًّا ولم يقصِّر في طلبه، أو مؤجَّلا بطلب المدين تأجيلَه فزكاة واحدة= لكان صوابًا إن شاء الله تعالى.
بل لو قال قائل: لا زكاة في هذا الأخير مطلقًا= لم يظهر خطاؤه؛ لأن الزكاة إنما هي في مقابل كنز المال أو استثماره، والدائن في هذا الأخير لم يكنز ولم يستثمر بخلاف الأول، فإنه في معنى الكانز.
(1)
انظر «الموطأ» (1/ 252، 266).