الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيرهما، ونقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عباس كعطاء وطاوس وعمرو بن دينار
…
»
(1)
.
* * * *
لحوم الحمر [الإنسية]
(2)
«وتقدَّم في المغازي في حديث ابن أَبِي أَوفى
(3)
: فتحدَّثنا أنه إنّما نهى عنها لأنها لم تُخَمَّس، وقال بعضهم: نهى عنها لأنَّها كانت تأكل العَذِرَة. قلتُ: وقد أزال هذه الاحتمالات من كونها لم
(4)
تُخَمَّس أَو كانت جَلَّالَة أو كانت انْتُهبت، حديثُ أَنَس
(5)
المذكور قبل هذا حيث جاء فيه «فإنها رِجْس» وكذا الأَمر بغَسل الإناء في حديث سَلَمَة».
أقول: غفل ــ رحمه الله ــ عمّا قدمه في باب التسمية على الذبيحة في الكلام على حديث رافع بن خديج
(6)
: «كُنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بذي الحُلَيفة فأصاب النَّاسَ جوعٌ فأَصبنا إبلًا وغنمًا وكان النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم في أُخْرَيات النَّاس فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا القدورَ فدفع النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فَأَمَرَ بالقدور فَأُكْفِئَتْ ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ
…
».
(1)
مجموع [4711].
(2)
«فتح الباري» (9/ 655 - 656).
(3)
برقم (4220).
(4)
في الأصل: «لا» .
(5)
برقم (4197، 5528).
(6)
برقم (5498).
حكى الحافظ هناك
(1)
عن عياض قال: «كانوا انتهَوا إلى دار الإسلام والمحَلّ الذي لا يجوز فيه الأَكل من الغنيمة المشتَرَكة إلَّا بعد القسمة، وأَنَّ محل جواز ذلك قبل القسمة إنَّما هو ما داموا في دار الحرب، قال: ويحتمل أنَّ سبب ذلك كونهم انتَهَبُوا، ولم يأخذوا [باعتدال و] على قدر الحاجة. قال: وقد وقع في حديث آخر ما يدل لذلك، يشير إلى ما أخرجه أبو دَاود
(2)
من طريق عاصم بن كُلَيب عن أَبيه ــ وله صحبة ــ عن رَجُل من الْأَنصار قال: «أصاب النَّاسَ مجاعةٌ شديدة وجَهْد فأصابوا غنمًا فانتهبُوها، فإنَّ قُدُورنَا لتَغْلِي بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فرسه فَأَكْفأ قدورنا بقوسه، ثمَّ جعل يُرَمِّل اللَّحم بالتراب، ثُمَّ قال: إنَّ النُّهْبَة ليست بِأَحلَّ من الَميتة» اهـ
…
وأمَّا الثَّاني فَقَالَ النووي
(3)
: المأْمور به من إراقة القدور إنَّما هو إتْلَاف المَرَق عقوبةً لهم، وأمَّا اللَّحم فلم يُتلِفُوه بل يُحمَل على أنه جُمع ورُدَّ إلى المَغنم، ولا يُظَنّ أنه أَمَرَ بإتلافه مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن إضاعة المال
…
فإن قيل: لم يُنقل أنهم حملوا اللَّحم إلى المغنم، قُلنا: ولم يُنقل أَنهم أَحرقوه أو أَتلفوه، فيجب تأويلُه على وفق القواعد اهـ. ويرُدُّ عليه حديث أبي داود فإنَّه جيِّد الإسناد، وتَرْك تسمية الصَّحَابي لا يَضُرّ، ورجال الإسناد على شرط مسلم
…
».
أقول: رحم الله النووي، استبعد إتلاف اللحم لكونه مالًا مع اعترافه
بإتلاف المرق، وهو مال، ثم قال:«فإن قيل: لم يُنقل أنهم حملوا اللَّحم إلى المغنم، قيل: ولم يُنقل أَنهم أَحرقوه أو أَتلفوه» .
ولا يخفى ما في هذا من الركاكة؛ لأن الحديث نص في أنه كفأه إلى الأرض، ولم يُنقل ما صنع به بعد ذلك، فكان الظاهر أنه تُرك لتأكله الطير والسباع؛ لأن ذلك هو المعقول من حيث العادة، فلذلك تُرك نقله. ولا يلزم من الحكم بالإتلاف الحكمُ بإحراقه لأن تركه للسباع والطير يحصل به الإتلاف على الناس مع مصلحة إطعام الوحش والطير.
وقد جاء أمره بإكفاء القدور التي فيها لحوم الحمر، ولم يجئ أنه أُحرق وأُتلف.
وأما قوله: «فيجب تأْويله على وفق القواعد» ، فإنه ليس هنا قاعدة شرعية يجب التأويل لأجلها، والقواعد المذهبية تابعة لا متبوعة. على أن حديث أبي داود قد نص على حرمة النهبة كحرمة الميتة.
ثم قال الحافظ بعد كلام
(1)
: «وقال الإسماعيليُّ: أَمْره صلى الله عليه وآله وسلم بإكفاء القدور يجوز أن يكون مِن أجل أَنَّ ذَبْح من لا يملك الشَّيء كُلَّه لا يكون مُذَكِّيًا، ويجوز أن يكون من أَجْل أنهم تَعَجَّلُوا
…
ثم رَجَّح الثَّاني وزَيَّف الأَوَّل بأنه لو كان لذلك لم يَحِلَّ أَكل البعير النَّادّ .... وقد جَنَحَ البخاريّ إلى المعنى الأَوَّل وترجمَ عليه كما سيأْتي في أواخر أبواب الأضاحِيّ، ويمكن الجواب
…
بأَن يكون الرَّامي رمى بحضرة النَّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والجماعة، فأقرُّوه، فَدَلَّ سكوتهم على رضاهم
…
».
(1)
(9/ 626 - 627).
أقول: بل ترجم البخاري عليه في آخر هذا الكتاب ــ كتاب الذبائح ــ بقوله (ص 321)
(1)
ثمّ ترجم للجواب عن قضية البعير بما هو أحسن من جواب الحافظ فقال (ص 322)
(2)
: «باب إذا ندَّ بعيرٌ لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله وأراد إصلاحهم فهو جائز» .
وقال الحافظ في «باب ذبيحة الأَمَة والمرأة»
(3)
في قصة حديث أن جاريةً لكعب بن مالك كانت ترعى غنمًا بسَلْعٍ فأُصيبت شاة منها، فأدركتها فذبحتْها بحجرٍ، فسئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:«كلوها» :
«وفيه جواز أكل ما ذبح بغير إذن مالكه ولو ضمن الذابح، وخالف في ذلك طاوس وعكرمة كما سيأتي في أواخر كتاب الذبائح، وهو قول إسحاق وأهل الظاهر، وإليه جنح البخاري [لأنه أورد في الباب المذكور حديث رافع بن خديج في الأمر بإكفاء القدور، وقد سبق ما فيه.] وعورض بحديث الباب، وبما أخرجه أحمد وأبو داود
(4)
بسند قوي من طريق عاصم بن كليب عن أبيه في قصة الشاة التي ذبحتها المرأة بغير إذن صاحبها فامتنع
(1)
«فتح الباري» (9/ 672).
(2)
المصدر السابق.
(3)
(9/ 632).
(4)
«مسند أحمد» (22509) و «سنن أبي داود» (3332).
النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أكلها لكنه قال: «أطعموها الأسارى» ، فلو لم تكن ذكية ما أمر بإطعامها الأسارى». هـ.
أقول: جواب البخاري عن قضية البعير النادِّ هو عينه جواب عن ذبيحة الجارية كما لا يخفى. وأما حديث أحمد
(1)
وأبي داود الذي فيه الأمر بإطعام الأسارى ففيه وجهان:
الأول: أن يقال أن الأسارى كفار، وهم غير مخاطبين بالفروع في قول.
والثاني: أن يفرق بين ما ذُبح بغير إذن أهله مع اعتقاد رضاهم، فهذا مكروه فقط. وما ذبح بغير إذنهم ولا اعتقاد رضاهم فهذا حرام. والله أعلم.
نعم، في «صحيح مسلم»
(2)
في فضائل نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم قصة عن المقداد أنه كان يبيت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو ورجلان آخران، وفي القصة أنه أراد أن يذبح شاةً من شياه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يظهر بغير إذن صريح منه، وأَخبر النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، ولم يذكر أنه أنكر عليه ذلك العزم وبيّن له أن ذلك لا يجوز. فانظر القصّة وتأمّلْها. والله أعلم
(3)
.
* * * *
(1)
مسند ج 5 ص 293. [المؤلف]
(2)
برقم (2055).
(3)
مجموع [4711].