الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفتي الحاضر، والغائب، ومن يجوز حكمه له، ومن لا يجوز. انتهى.
من كتاب الشهادات
وفي "المغني" لابن عبد الهادي في كتاب القاضي: ولا يقبل إلا بشاهدين يدفعه إليهما، ويدفعاه إلى المكتوب إليه، ويشهدا به، ويعرف أنه خطه؛ فيجوز العمل بما فيه. انتهى.
قال في "المنتهى": كوجدان خط أبيه بحكم أو شهادة إلا على مرجوح.
قال "المنقح": وهو أظهر، وعليه العمل. انتهى.
الظاهر أن هذا على المذهب من أنه لا يحكم بشهادة البينة بخط الحاكم إذا عرفه من غير شاهدين يحملانه، وعدم قبول شهادة الميت، وأما على القول المرجوح؛ فيجوز العمل به كغيره، ولم يزل القضاة يفعلونه قديماً وحديثاً، قاله شيخنا.
ومن "مختصر خليل" المالكي: وجازت على خط مقر بلا يمين، وخط شاهد ميت، أو غاب ببعد، وإن بغير مال إن عرفه، كالمعين، وأنه كان يعرف مشهده، لا على خط نفسه حتى يذكرها. انتهى.
فائدة: مختصرة في الشهادة على الخط لابن المنجا
.
فصل: في الشهادة على الخط:
إذا رفعت إلى الحاكم ما حكمها؟ هل له قبولها أم لا؟
هذه مسألة اجتهادية، يسوغ للحاكم الاجتهاد فيها، وقد اختلف العلماء فيها على قولين، وتخرج على قواعد الإمام أحمد وأصوله.
يجوز الحكم بكتاب القاضي إلى القاضي، وكتاب القاضي إلى الأمير، وبالعكس، للحاجة الداعية إلى ذلك، لكن، هل يجوز الحكم بما فيه من غير أن يثبت عنده بالبينة أن هذا كتاب فلان؟
هذا محل نظر؛ فإن أصحابنا قالوا: إذا كتب الحاكم كتاباً، وأدرجه ختمه، ثم استدعي ببينة، فقال: هذا كتابي؛ قالوا: لم يصح، ثم
ذكروا عند ذلك نصوص أحمد في رواية الكوسج فيمن كتب وصية لا يصح، لكن يحمل قول الإمام في الرواية الأولى على أن خطه مشهور معروف، والثانية على أن خطه لم يكن مشهوراً معروفاً؛ فلهذا منع في الثانية دون الأولى، قاله في "المستوعب". وفي "المستوعب" لما ذكر تنفيذ الوصية من غير إشهاد ولا إعلام بها لأحد؛ قال: فعلى هذا إذا عرف القاضي المكتوب إليه خط القاضي وختمه؛ جاز قبوله، وكذلك إذا شهد عنده شاهدان أن هذا كتاب فلان كتبه إليك من عمله فختمه. وإن لم يعلما ما فيه؛ جاز قبوله. انتهى.
بل عمل أهل الأمصار على هذا في كل وقت وزمان؛ فإن كتب النبي صلى الله عليه وسلم وإرسالها إلى الملوك وغيرهم، ثم الخلفاء الراشدون بعده ما زالوا يرسلون كتبهم، ولم يعلم أن أحداً منهم أشهد على ذلك، بل لو كانوا يفعلون ذلك؛ لنقل إلينا، أو كان مشهوراً بمنزلة الإجماع لكثرة المراسلات.
وذكر ابن تيمية في بعض فتاويه: أن من عرف خطه بإنشاء أو إقرار، أو شهادة؛ عمل به.
وحكى بعض المتأخرين عنه أيضاً أنه حكى قولاً في المذهب أن القاضي يحكم بخط شاهد ميت، وقال: الخط كاللفظ إذا عرف أنه خطه، وأنه مذهب جمهور العلماء. انتهى
…
إلى أن قال: فإذا كان شخص ما له طريق يتوصل إلى حقه إلا بالشهادة على خط الشهود، فإذا أقام بخط كل واحد من الشاهدين شاهدان؛ ساغ للحاكم الإقدام عليه والحكم به، أيضيع حق هذا وله طريق يتوصل به إلى حقه؟ فليس في الكتاب والسنة نهي عن هذا
…
إلى أن قال: فإذا رفع إلى الحاكم اثنان أحدهما: من أفجر الناس وقد استولى على وقف أو غيره.
والثاني: من أهل الدين والصلاح والوقف له، ومعه كتاب الوقف،
وفيه شهادة جماعة من أهل العلم، وخطوطهم مشهورة معروفة، وقد درجوا إلى رحمة الله؛ ساغ للحاكم الاجتهاد في المسألة، ولا يعين الظالم على التمكن من ظلمه وفجوره، فيفعل ما يريد، ويقول لخصمه: لا يقوم لك على ما في يدك حجة، بل قد لا يكون بينه وبين أحد خصومة ولا دعوى، وإنما يده عليه، ولكن عنده كتاب منقطع يطلب اتصاله، ما له طريق إلى ذلك إلا بالشهادة على الخط. هذا ملخص كلامه، نقلته من خط الشيخ محمد بن إسماعيل.
وفي "التنقيح" وتقدم لأصحابنا قول: يحكم بخط شاهد ميت. قال الشيخ تقي الدين: الخط كاللفظ إذا عرف أنه خطه عند الجمهور، وهو يعرف خطه كما يعرف صوته، وجوز أحمد، ومالك الشهادة على الصوت، والشهادة على الخط أضعف، لكن جوازه أقوى من منعه. انتهى.
قلت: وعمل به كثير من حكامنا. انتهى.
ومن جواب للشيخ حسين بن عثمان، الشافعي أخيراً، الحنبلي أولاً بعد أن سئل عن كتاب القاضي إلى القاضي من غير شاهدين يحملانه.
فأجاب: هذا لا أرضاه لك؛ لأن مدارهم على إبطال وثائق القضاة، وإنها لا تقبل إلا بشاهدين عدلين، ولا لهم مستند في ذلك غير إتباع ما في الكتب من غير تلق من أهل العلم، وهذا فيه فساد عظيم وتضييع للحقوق؛ فإن وثائق القضاة أضبط وأحسن من شهادات أهل هذا الزمان، وأنت تعرف أن شهادة العدول تظهر الحق، ولا تثبته في نفس الأمر، حتى لا يجوز للشخص أن يستولي على ما ليس له ولو شهد به عدول كثيرون.
إذا علمت ذلك؛ فمذهب إمامنا الشافعي في الأصل: لا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي إلا إذا شهد بما فيه عدلان، ولكن أصحابنا المتأخرون