الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويطلع عليه الرجال غالباً، كالنكاح، والطلاق، والرجعة، والنسب، والعتق، والوكالة في غير المال، والوصية إليه، وما أشبه ذلك؛ لا يقبل فيه إلا رجلان، وجملة ذلك أن ما ليس بعقوبة ولا مال، كالنكاح، والرجعة، والصداق، والتوكيل، والوصية إليه، وأشباه هذا؛ قال القاضي: لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين.
الرابع: المال وما يقصد به المال، كالبيع، والرهن، والقرض، والوصية؛ لم يقبل (1) فيه شهادة رجل وامرأتين، وشاهد ويمين. وجملة ذلك أن المال، كالقرض، والغصب، والديون كلها، كالبيع، والوقف، والإجارة، والوصية له، والصلح، والمساقاة؛ يثبت بشهادة رجل وامرأتين. انتهى.
وفي "المقرر شرح المحرر": ومن عنده شهادة لآدمي يعلمها؛ لم يقمها حتى يسأله، فإن لم يعلمها؛ فالأولى أن يعمله بها ابتداء. فإن أقامها قبل إعلامه؛ جاز، ولا يحل كتمها بالكلية.
أقول: إذا كان عنده شهادة لآدمي يعلمها؛ لم يقمها حتى يسأله، لأن أداءها حق للمشهود له؛ فلا يستوفى إلا برضاه، كسائر حقوقه، فإن لم يعلمها؛ فالأولى أن يعلمه بها؛ فلا يحل كتمانها بالكلية، لقول تعالى:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ} (2). ولأن فيه حفظاً لحق آدمي لا يعلمه؛ فوجب إعلامه به، كما لو كانت له عنده وديعة لا يعلم بها؛ فإنه يجب أداؤها إليه كذلك هنا. انتهى.
فصل
والعدل: من استمر على فعل الواجب
، والمندوب، والصدق، وترك الحرام، والمكروه، والكذب مع حفظ روايته، ومجانبة الريب والتهم، بجلب نفع ودفع ضرر. فإن كان هذا وصفه ظاهراً، وجهل باطنه؛ ففي
(1) وفي نسخة مكتبة الرياض: (يقبل).
(2)
2/ 284.
كونه عدلاً خلاف، وظاهر مذهبنا أنه ليس عدلاً، كما لو علم أن باطنه خلاف ظاهره، وعلى كلا القولين ليس بعدل من يقول على الله، وعلى رسوله، أو غيرهما، أو يجازف في أقواله وأفعاله، مع إثمه بذلك، وإسقاط مروءته، وبالجملة كل ما يأثم بفعله مرة؛ يفسق بفعله ثلاثا، وإن كان كبيرة، فمرة، وكل ما اسقط المروءة؛ اسقط العدالة إذا كثر، وإن لم يأثم به. انتهى.
ظهر لنا من قولهم في أقسام المشهود به في المنقلة، لكن يثبت المال دون القصاص، وفي السرقة، المال دون القطع. الخ.
يؤخذ منه أنه إذا أوصى شخص في ثلث ماله بحجة أو نحوها، والفضل لزيد، ولم يثبت ذلك إلا بشاهد، إن قدر؛ جعل الحجة للورثة، لأنها لا تثبت إلا بشاهدين، وإن باقي الثلث، إذا حلف زيد مع الشاهد استحقه، قاله شيخنا.
من "حاشية ابن قندس" قوله: وإن سأل تحليفه، ولا يقيمها، فحلف؛ ففي جواز إقامتها وجهان:
ظاهر "المحرر" وصريحه أنه لا يملك إقامتها، وظاهر "المقنع" أنه يحكم بها بعد ذلك. انتهى.
ومن جواب لشيخنا عبد الله ملخصه: وقول الشيخ مرعي: بينة تامة؛ فعلى خلاف المذهب، والمقدم قول الشيخ منصور أنه يأتي في أقسام المشهود به أن الشاهد واليمين بينة. انتهى.
قال في "الرعاية الكبرى": وإن قالت: لي بينة، وأريد تحليفه قبل إقامتها؛ ملكهما إن كانت غائبة، وقيل: عن البلد، وقيل: بل إقامتها فقط، وإن كانت حاضرة في مجلس الحكم.
قلت: أو قريباً منه ملك أحدهما، وقيل: بل إقامتها فقط، وقيل: بل هما. فإن حلف؛ برئ من المطالبة في الحال، وإن أقام بعد ذلك بينة؛
حكم بها، ولم يزل الحق باليمين
…
إلى أن قال: وإن أقام المدعي شاهداً؛ فله أن يحلف معه بلا رضى خصمه. انتهى.
قال في "الإنصاف": ظاهر قوله: حلفه وخلى سبيله؛ أنه لا يحلفه ثانياً بدعوى أخرى، وهو صحيح، وهو المذهب مطلقاً؛ فيحرم تحليفه أطلقه المصنف، والشارح، وغيرهم، وقدمه في "الفروع". وقال في "المستوعب" و "الترغيب" و "الرعاية": له تحليفه عند من جهل حلفه عند غيره، لبقاء الحق بدليل أخذه بينة.
ومنه أيضاً: قوله: وإن قال: لي بينة وأريد يمينه. فإن كانت غائبة يعني عن المجلس؛ فله إحلافه، وهذا المذهب، سواء كانت قريبة أو بعيدة، وجزم به في "الهداية"
…
إلى أن قال: وقيل: القريبة كالحاضرة في المجلس. وقال في "المحرر": وقيل: لا يملكها إلا أن كانت غائبة عن البلد، وقيل: ليس له إحلافه مطلقاً، بل يقيم البينة فقط، وقطعوا به في كتب الخلاف.
قوله: وإن سكت المدعى عليه، فلم يقر ولم ينكر، قال له القاضي: إن أجبت، وإلا جعلتك ناكلاً
…
إلى أن قال: ومرادهم بهذا الوجه إذا لم يكن للمدعي بينة. فإن كان له بينة؛ قضى بها وجهاً واحداً. انتهى.
قال في "حاشية ابن قندس": قوله: فإن سأل تحليفه، ثم يقيمها؛ ملكها. الخ.
قال في "المحرر": وإذا قال: لي بينة وأريد تحليفه؛ ملكهما، إلا إذا كانت حاضرة في مجلس الحكم؛ فلا يملك إلا إقامتها من غير تحليف، أو تحليفه من غير أن تسمع البينة من بعده، وقيل: لا يملكهما إلا إذا كانت غائبة عن البلد. انتهى.
قال في "المغني" فإن حلف؛ سقطت الدعوى، ولم يكن للمدعي أن يحلفه يميناً أخرى، لا في هذا المجلس، ولا في غيره.
ومنه أيضاً: وإن قال: لي بينة حاضرة، وأريد يمينه، ثم أقيم بينتي؛ لم يملك ذلك.
وقال أبو يوسف: يستحلفه وإن نكل؛ قضي عليه، لأن في الاستحلاف فائدة. وهو أنه ربما نكل فقضي عليه، فأغنى عن البينة. ولنا قوله صلى الله عليه وسلم:"شاهداك، أو يمينه، ليس لك إلا ذلك".
والتخيير بين شيئين؛ فلا يكون الجمع بينهما. انتهى.
ومن جواب لشيخنا عبد الله: وأما إذا حلف المدعى عليه، ثم أقام المدعي شاهداً وحلف معه؛ حكم له بما ادعاه على الراجح من المذهب، والله أعلم.
والذي تحرر لنا في المسألة بعد المفاوضة؛ أن للمسألة صوراً:
الأولى: أن يكون للمدعي بينة كاملة في المجلس؛ فليس له إلا إقامتها، أو يمين خصمه.
الثانية: أن تكون غائبة عنه، قريبة أو بعيدة؛ فله تحليفه وإقامتها.
الثالثة: إذا حلف المنكر، وأقام المدعي شاهداً وحلف معه؛ استحق على الصحيح، بخلاف ما بحثه الشيخ مرعي.
الرابعة: إذا أقام شاداً واحداً، وأعلمه الحاكم أن له الحلف معه ويستحق، وقال: لا أحلف، لكن يحلف خصمي، فحلف له؛ انقطعت الخصومة، فليس له أن يرجع ليحلف مع شاهده. فإن أقام معه آخر؛ حكم له، ويحمل كلام الشيخ مرعي على ذلك.
الخامسة: إذا كان الشاهد في المجلس ولم يشهد؛ فالظاهر أن له إقامته والحلف معه بعد حلف المنكر؛ لقولهم: فأقامه. وإقامته بلفظه