الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدر الثمن؛ تحالفا عليه، وإن كذبه المقر؛ بطل إقراره. وكذا لو قال: هذه الدار اشتريتها من زيد. فإن صدقه زيد؛ صح فيكون له الثمن، فإن اختلفا فيه؛ تحالفا، وإن كذبه؛ بطل إقراره وينزع الدار منه، قاله شيخنا.
ومن أقر أن هذا الذي أودعته عند زيد، لأولاد عمرو منه كذا وكذا، وبقيته لابني؛ فالظاهر صحة ذلك، ؛ لأن اليد له، فصح إقراره به إذا صدقوه أو وليهم.
وإذا قال شخص: هذه الدار لولدي فلان، وهذه الأخرى لفلان، ثم مات؛ فالظاهر أن هذه قسمة بين ورثته، يعتبر فيها المساواة، لاسيما إذا علم الشاهد أن ذلك إنشاء منه. ويحتمل: أنه إقرار إذا جهل الحال، قاله شيخنا.
إذا أقر عامي بمضمون محضر، وادعى الجهل به ومثله يجهله؛ لم يؤاخذ بإقراره على قول أبي العباس، وصوبه في "الإنصاف"، والعمل به في هذه الأزمنة حسن، والمذهب خلافه، قاله شيخنا.
إذا اقر شخص بشيء لآخر، وعلم الشاهد أن هذا الإقرار إنشاء بأن لم يتقدمه غيره؛ لم يجز له أداؤها، قاله شيخنا.
من "الإنصاف"، بعد كلام له سبق: وذكر في "الوجيز" أنه قال: له في مالي، أو في ميراثي ألف، أو نصف داري هذه. إن مات ولم يفسره؛ لم يلزمه شيء، وهو قول صاحب "الفروع" بعد حكاية كلام صاحب "المحرر". وقال في "الهداية" وغيرها في قوله: نصف داري؛ يكون هبة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يفسره بالهبة
؛ يصح إقراره، وهو صحيح، وهو المذهب، والصحيح من الروايتين، وتمامه فيه.
الذي ظهر لنا مما تقدم أن عبارة "المنتهى" تبعاً "للتنقيح": أنه
…
إذا مات المقر ولم يفسره بهبة؛ أنه يصح، والذي في "شرح الإقناع" أنه لا يصح، فينظر. فأن كان قرينة مع أحدهما؛ عمل بها، قاله شيخنا.
قوله: في "الغاية" في الإقرار: ولو سفيها.
ليس مطلقاً في الجملة، وفي "شرح المختصر": لا يصح من سفيه، وعبارة "الغاية" في الحجر في تصرف الصغير والمجنون: إنهم لا يطالبون دنيا ولا أخرى.
والذي تحرر لنا عدم صحة إقرار السفيه بمال، إلا أن يقال: هذا السفه طرأ بعد رشد، هكذا قرره لنا الشيخ محمد، وقرره محمد البلباني لأخي عبد الرحمن، ولا إشكال في ذلك إن شاء الله، قاله شيخنا.
قوله: وإن شهد شاهد أنه وكله يوم الجمعة، وآخر على أنه يوم السبت. لم تتم الشهادة، ويحلف الوكيل مع أحدهما، قاله شيخنا.
قوله: كوصية به.
أي كما لو أوصى له بالمال الذي على فلان، وفي "المنتهى" وصية به، أي بالمال.
ظاهره أنه وصى بالتصرف بعد الموت، قاله شيخنا.
وإذا أقر شخص أن أقرب الناس له فلان، ومات المقر؛ فالظاهر صحة ذلك، وأنه يرثه بالتعصيب. وأما قوله: فلان لحمة لي أو قريب؛ فهو يرث على قول الآزجي.
وأما إن قال: أنا من قبيلة كذا، ثم مات؛ لم يرثه منهم أحد، لأنه لو علم ذلك بينه. لكن ضاع نسبه فيهم؛ لم يرثوه على المذهب، لأن من ادعى إرثاً؛ ذكر سببه، قاله شيخنا.
قال في "الرعاية الكبرى": فصل: ولا يصح الإقرار إلا من مكلف، مختار، ملتزم، يصح تبرعه به، مطلق التصرف في ماله، أو ذمته، أو
مأذون له، أو بقدر ما أذن له فيه، نص عليه، مع اختلاف الدين واتفاقه.
ويلزم السفيه والمفلس شرعاً، والمكاتب، والعبد المأذون له وغيره، والسكران، بمجرد ما أقروا به، من طلاق، وحد، وقود، ومال، وما يوجبه من جناية خطأ أو عمد، بلا قود وشبهة، وغصب وأرش، وإتلاف وغير ذلك بشروطه على ما سبق.
ويتبع السفيه به بعد فك حجره، وقيل: لا. انتهى.
قال في "الإنصاف": فائدة:
قال في "الرعاية الكبرى": ومعناه في "الصغرى"، و "الحاوي" الإقرار: الاعتراف، وهو إظهار الحق لفظاً، وقبل، تصديق المدعي حقيقة أو تقديراً. وقيل: هو صيغة صادرة من مكلف؛ مختار، رشيد لمن هو أهل لاستحقاق ما أقر به، غير مكذب للمقر، وما أقر به تحت حكمه، غير مملوك له وقت الإقرار به، ثم قال: قلت: هو إظهار المكلف الرشيد المختار ما عليه لفظاً أو كتابة في الأقيس. انتهى.
الذي ظهر لنا أن هذا شرح معنى الإقرار، ليس الخلف في إقرار السفيه وغيره إذاً، بل في معناه، أي الإقرار، قاله شيخنا.
قال في "الإنصاف": قوله: يصح الإقرار من مكلف مختار غير محجور عليه.
هذا المذهب من حيث الجملة، وقطع به أكثر الأصحاب، ثم قال: تنبيه: قوله: غير محجور عليه. شمل المفهوم مسائل: منها ما صرح به المصنف بعد ذلك، ومنها ما لم يصرح به، فأما الذي لم يصرح به؛ فهو السفيه، والمذهب صحة إقراره بمال، سواء لزمه باختياره أو لا.
قال في "الفروع": والأصح صحته من سفيه، وجزم به في "الوجيز" وغيره. انتهى.
ومنه في الحجر: الثالث: المحجور عليه لحظة، وهو الصبي، والمجنون، والسفيه، فلا يصح تصرفهم قبل الإذن، هذا المذهب في الجملة، وعليه الأصحاب. إلى أن قال: ومن دفع إليهم، يعني إلى الصبي، والمجنون، والسفيه ماله، ببيع أو قرض؛ رجع فيه ما كان باقياً. وأن تلف؛ فهو من ضمان مالكه، علم بالحجر أو لم يعلم، هذا المذهب.
ثم قال: تنبيه: محل هذا إذا كان صاحب المال قد سلطه عليه، كالبيع والقرض ونحوهما، كما قال المصنف، وتمامه فيه.
ومنه أيضاً: قوله: وإن أقر بمال؛ لم يلزمه في حال حجره. يعني يصح إقراره ولا يلزمه في حال حجره، وهذا هو الصحيح من المذهب. انتهى. الذي تقرر لنا أن قولهم: يصح إقرار السفيه بمال أنه السفه الذي طرأ بعد رشد، لأنه يظن أن إقراره إخبار عن شيء صدر منه حال رشده، كما قال في "الوجيز": إن علم استحقاقه؛ فصحة إقراره مطلقاً، جزم به في "الغاية" وفي "المختصر وشرحه". وظاهر عبارة "المقنع" لا يصح، وقد صرحوا أن الإقرار ليس إنشاء بل إخبار عما مضى، وقالوا: من صح منه إنشاء شيء صح إقراره به، ومن لا فلا، وتعيناً في هذه المسألة أولاً. وعند الشيخ محمد: ومعلوم أن من عاملهم مع علمه أنه لا يرجع بشيء عليهم، إلا إذا كان هذا سفهاً طرأ بعد رشد، كما تقل عن الخزرجي، وعليه الشيخ محمد، والشيخ سليمان، وهو المتبادر إليه الفهم، ولا يعدل عنه ولا يجسر على غيره، لكن أن حكم حاكم بصحته؛ صح، والظاهر إذا مات على سفهه؛ لم يلزمه شيء، وكذا إذا رشد وأنكر، وينظر الحاكم إلى القرائن، قاله شيخنا.
قال في "المنتهى وشرحه": وإن أقر بمال، كثمن، وقرض، وقيمة متلف؛ فبعد فكه الخ.
وعلى "هامشه" عن الخزرجي: وتقدم أن من دفع ماله بعقد أولاً
إلى محجور عليه لحظ نفسه؛ رجع في باق، وما تلف؛ فعلى مالكه، علم بحجره، أولاً، سواء تلف بتفريطه أو لا، إلا أن يقال: هذا في السفيه الذي طرأ سفهه بعد رشد؛ بدليل قوله أولاً: ومن فك حجره فسفه الخ.
فظهر بذلك ما تقدم. وفي "الرعاية": يصح طلاق السفيه وظهاره. إلى أن قال: وأن أقر بدين كان قبل فك الحجر أو بعده، أو بما يوجب مالاً من إتلاف أو غيره؛ لزمه بعد فك حجره، وقيل: لا يلزمه شيء بحال. انتهى.
فظهر لنا منه أنه سفه طرأ بعد رشد؛ لقوله: بعد فك حجره، قاله شيخنا.
قال في "الرعاية الكبرى": ولا يصح إقرار أحد بما ليس في يده، وتصرفه شرعاً، واختصاصه. إلى أن قال: وإقرار بما في وتصرف يد غيره، وتصرفه شرعاً وحساً، أو شرعاً لا حساً، دعوى أو شهادة، فإذا صار بيده وتصرفه شرعاً؛ لزمه حكم إقراره. انتهى.
الذي ظهر لنا من كلامهم في الحجر: إذ ثبت لشخص عين ببينة أو إقرار صاحب اليد، ثم أقر بها المقر له أنها لغيره كغائب؛ أن كلام ابن نصر الله فيها: وهو عدم قبول القول؛ انه حسن ويوفي منها دينه، مع أن الشيخ منصور ذكر كلامه عنه في جميه كتبه، وكلامهم في الدعاوي: ويمكن حمله على غير هذه، قاله شيخنا.
من "هامش نسخة من الفروع": فائدة: من ملك إنشاء عقد؛ ملك الإقرار به، ومن عجز عن إنشائه؛ عجز عن الإقرار به.
هذا غير مطرد ولا منعكس، فأما اختلال اطراده؛ ففي مسائل: أحدها: ولي المرأة غير المجبرة؛ يملك إنشاء العقد عليها دون الإقرار به. الثانية: الوكيل في الشراء إذا ادعى أنه اشترى ما وكله فيه، وأنكره الموكل؛ لم يقبل إقراراه عليه مع ملكه لإنشائه.
الثالثة: الوكيل بالبيع إذا أقر به وأنكر الموكل؛ فالقول قول الموكل.
وإما اختلال عكسه؛ ففي مسائل: أحدها: أن العاقد لا يملك إنشاء إرقاق نفسه، ولو أقر به قبل؛ فهذا عاجز عن الإنشاء، قادر على الإقرار.
الثانية: المرأة عاجزة عن إنشاء النكاح، ولو أقرت به؛ قبل إقرارها.
الثالثة: لو أقر العبد المأذون بعد الحجر عليه بدين؛ قبل إقراره، ولم يملك الإنشاء.
الرابعة: لو أقر المريض لأجنبي أنه وهبه في الصحة ما يزيد على الثلث؛ قبل إقراره في أصح الروايتين، ولم يملك الإنشاء.
الخامسة: إذا قال: بعد العزل: كنت حملت لفلان على فلان بكذا؛ قبل قوله وحده، وأن لم يملك الإنشاء. وكذلك لو قال المعزول عن مال في يد أمين أقر أنه سلمه منه: هو لفلان، وقال الأمين: بل هو لفلان؛ قبل قول القاضي دون الأمين. وهذه المسألة مما يعايا بها، وهي: رجلان في يد أحدهما مال وهو أمين عليه، والأخر ليس المال بيده، ولا له عليه حكم، ولا هو أمين عليه؛ يقبل إقرار هذا الثاني بالمال دون الأول. انتهى.
من "الفروع" بعد كلام سبق: ويعتبر أن لا يكون ملكه، فلو قال الشاهد: أقر وكان ملكه إلى أن أقر، أو قال: هذا ملكي إلى الآن وهو لفلان؛ فباطل. ولو قال: هو لفلان وما زال ملكي إلى أن أقررت به؛ لزمه بأول كلامه. إلى أن قال: يشترط كونه بيده.
وقال شيخنا: وإن لم يذكر أن المقر به كان بيد المقر، وأن الإقرار يكون إنشاء، كقوله تعالى:"قالوا أقررنا". (1) فلو أقر به، وأراد إنشاء تمليكه، صح، كذا قال. وقال: قال بعضهم: وإن كان بيد غيره؛ فدعوى أو شهادة، فإذا صار بيده وتصرفه شرعاً؛ لزمه حكم إقراره. انتهى.
إذا أقر لآخر بنخلة من عقار بيد المقر؛ صح، وعليه أو وراثه تعيينها؛ فلا يصح بيعه العقار قبله، لأن المقر له شريك، لكن إن باع قطعة منه،
(1) 3/ 81.
وقال: هي من الباقي؛ صح البيع. وإن لم يقل ذلك؛ فالأقرب بطلان البيع قبل تعيينها لسبق المقر له. ولقولهم: من اشتبه عبده بعبد غيره؛ لم يجز بيعه حتى يميز بقرعة. انتهى.
قول مرعي: فيمن باع عبداً له مشتبه بعبد غيره؛ أنه يصح إن بان أنه عبده. ربما أنه على قول، مع أنه لا يفيد في المسألة، قاله شيخنا.
من "المغني": قال: ومن ادعى دعوى على مريض، فأومأ برأسه، أي نعم؛ لم يحكم بها عليه حتى يقول بلسانه. وجملته: إن إشارة المريض لا تقوم مقام نطقه، سواء كان عاجزاً عن الكلام، أو قادراً عليه، وتمامه فيه. رحم الله مؤلفه.
إذا أقر بحرية عبد، ثم اشتراه، أو شهد بحريته، وردت شهادته، ثم اشتراه؛ عتق في الحال لاعترافه أنه حر، والبيع صحيح بالنسبة إلى البائع المنكر. ومثل ذلك إذا أقر بوقف، أو شهد بوقف شيء لغير من بيده، ثم اشتراه؛ فينزعه المقر له منه. ولو أكذب نفسه بعد؛ لم يقبل، قاله شيخنا.
قال ابن عبد السلام، والأسنوي (1): إذا ثبت دين لصبي أو مجنون على تركة مستحقة؛ أنه يؤخذ في الحال من غير توقف على بلوغه وحلفه، إذ لا يجوز تأخير حق واجب على الفور لأمر محتمل، ولا يشهد للتأخير شيء من أصول الشرع.
قال الأسنوي: ومن طالع كلام الرافعي والنووي يعتقد أن المذهب أنه ينتظر ويؤخر الحكم. وقد يترتب على ذلك ضياع الحق، وكثير ما يتفق أن يموت رجلان لكل منهما على الآخر دين، ويترك كل واحد منهما ورثة صغاراً، ولو أخر إلى البلوغ ربما ضاعت تركة الذي عليه الحق، أو أكلها ورثته؛ فتأخير الحاكم الحكم مع قيام البينة يشكل،
(1) في نسخة مكتبة الرياض (والإسفراييني).
لا سيما ونحن نعلم أن الصبي لا علم عنده من ذلك، واليمين الواجبة عليه بعد بلوغه على عدم العلم بالبراءة، وهو أمر حاصل، فكيف يؤخر الحق لمثل ذلك؟
فالوجه عندي: الحكم الآن، ويؤخذ للصبي الدين الذي ثبت له، وإن أمكن القاضي أخذ كفيل به، حتى إذا بلغ يحلف ب فهو احتياط. وإن لم يكن ذلك، فلا يكلف. انتهي.
ووجدت المسألة بخط ناصر، وأسقط كلام النووي والرافعي، وقال الشيخ: الصواب يقضي بالدين إذا تمت البينة، لكن يمكن حمل كلام الرافعي والنووي على أنه عندهم لا يقضي بالبينة التامة إلا مع يمين صاحب الحق أنه لم تبرأ ذمته منه، ولا بعضه إذا كان ميتاً، والمذهب عندنا لا يشترط إلا على رواية؛ فيكون لا يشترط شيء من ذلك عندنا، بل إذا ثبت، أخذ، ولا يترك متحقق لمظنون.
ومن أقر لزيد بألف وزنة تمرا به لزمه ألف من جيد التمر، وإن قال: خضري، لزمه من جيد الخضري، قاله شيخنا.
ولا يلزمه قبوله معيباً، فله من الجيد، لا أن له الأجود.
شهادة أبي الزوج لزوجة ابنه بحق؛ صحيحة، لأنها أجنبية منه، كما لو شهد أن على زيد لفلان كذا، إلا إن كان لزوجها الذي هو ابنه كلام، ككونه راهناً شيئاً ومتصرفاً فيه ببيع، لأن لابنه فيه مدخلاً، إما مصلحة، وإما دفع مضرة غرم، لكن يجوز أن يشهد عليهما، قاله شيخنا.
ومن جواب للشيخ سليمان بن على: وأما الإقرار، فإذا أقر أن له من هذا الزرع، أو فيه، أو الثمرة كذا وكذا، صح من جنسه، وإن كان من غير الجنس؛ فلا. انتهي.
ما قولكم: في أرض بيد أربعة أحدهم يدعي ربعها، والثاني نصفها، والثالث ثمنها، والآخر البقية، فادعى خامس على صاحب الربع، فقال:
إلى نصفه خاصة، فقال: مالك إلا ثمنه، والأرض بيد من ذكر، فهل اليمين على صاحب الربع خاصة، أم لا؟
أجاب شيخنا: الحمد لله، المدعى عليه في الربع الذي بيده يحلف المدعي نصفه على البت أنك لا تستحق إلا كذا منه على صفة جوابه، واليمين على صاحب الربع خاصة، دون غيره والحالة ما ذكر. انتهى.
قوله في الإقرار: ويقبل تفسيره، أي المقر بمغشوش.
فيه دليل أن المغشوش يثبت في الذمة، قاله شيخنا.
إذا أقر لزيد بقدر، فالظاهر يلزمه متوسط، لا سيما إن كان من أهل الغني والشرف، لأنه يحقر الصغير، فيقول: قدير، قاله شيخنا.
إقراره بزوجية امرأة، صحيح ولو في مرض موته، قاله شيخنا.
ذكر ابن عقيل في "الفصول": لو ادعي عليه درهماً وديناراً، وأنكرهما؛ فانه يحلف يميناً واحدة. انتهى
من "روضة ابن عطوة": وإن فرق دعاويه، وأراد أن يحلف في كل مجلس على بعضها قصد الإعناف (1)، فانه يمنع من ذلك، ويؤمر بتجميع دعاويه عند ظهور الإعناف منه، وأحلف الخصم على جميعها يمينا وأحدة، ذكره القاضي في " الأحكام السلطانية". انتهى.
سئل الشيخ محمد بن إسمعيل عن رجل مات وخلف ابناً، فأقر أن هذا البيت مات الأب وخلفه تركة، والحال أنه يوم يموت الأب، وهو سكن فيه مع الابن، وأقام الابن فيه بعد موت أبيه مدة، فلما أتاه أخوه يريد نصيبه منه، قال: ملكي بيدي، فقال أخوه: أقررت به بعد موت أبينا أنه تركة، ما الحكم في ذلك؟
فأجاب: لا تقبل دعوي قابض الملك إلا بينة تشهد بسبب انتقاله.
(1) ولعل الصواب: الإعنات
إليه، وإلا فهو بينهما على حكم الميراث، ويلزم الأخ اليمين بنفي دعوي أخيه القابض على نفي العلم. انتهي.
ومن جواب لشيخنا عبد الله بن محمد بن ذهلان قدس الله سره:
وأما الذي أقر لزيد بعقاره وهو تحت يده؛ فهو للمقر له إذا صدقه، ولا يحتاج لذكر سبب؛ لأن الإقرار ليس بإنشاء، بل إخبار عما في نفس الأمر، ولا يقبل رجوعه إلا أن يكون الإقرار تلجئه عن ظالم ونحوه، وتشهد بذلك البينة. انتهى.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وإن أقر مكلف بعقار لزيد وصدقه، فهو ملك للمقر له إذا قامت بالإقرار بينة، لكن إن كان المقر غير جاحد للإقرار، لكن يدعيه تلجئه، أو حيلة، أو هزلا، وأن المقر له يعلم ذلك؛ كان له اليمين على نفي ذلك.
وإذا أقرت مكلفة أن كل ما عندي ب لبنتي أو بنت ابني، وصدقتها وكان بغير مرض الموت؛ صح. وأما الشهود، فان علموا أنه تخصيص حرم عليهم الأداء والتحمل. انتهى.
ومن جواب للشيخ عبد الله بن ذهلان: ومسألة الإقرار: فمن موت الشيخ أحمد بن ناصر وأنا أطلب النص فيها بصفة أقارير العامة، ولا وجدته إلى الآن، وبحثنا مع من أخذنا عنه، ولا وجدنا إلا مفاهيم في بعض أفرادها، إلا أني سمعت الشيخ أحمد يقرا المسألة -أظنها بخط ابنه (2) -عن بعض الشافعية ولم نسبه. إذا قال: ما عندي، لفلان، أو ما عرف، لي أو ما نسب؛ إلي.
وفصل في الجواب: ولا أحفظ الآن التفصيل، فأنت حرر شاهد الإقرار، هل هو إنشاء تمليك، أي هبة حين أقرت، أو إخبار بما في نفس الأمر عن ماض، وهل من قرينة تدل على صحة إقرارها من كونها لا تعرف
(2) لعله يريد بخط أبيه
بمال، ومنبسطة في مال الزوج إن كان ذا مال، أو تريد تلجئه عن وارث لها من غير زوجها، وعن زيادة ونقص في إقرارها من قولها: مالي أو ملكي أو ما عندي، لزوجي، أو ما أتصرف فيه ونحو ذلك، وتمامه فيه.
وقد أخبرني من أثق به أنه رأي بخط الشيخ أحمد بن بسام. ما قولكم: إذا قال: ثلث مالي لزيد؟
الجواب بخط أحمد الشويكي: إن ذلك يكون إقرارا صحيحاً؛ فيملكه المقر له. انتهى
ومن جواب للشويكي: إذا أقر أن كل ما عندي أو تحت يدي لفلان، صح. انتهى
ومن "النكت على المحرر": وان قال: له في هذا المال ألف، أو في هذه الدار نصفها؛ فهو إقرار، ولا يقبل تفسيره بإنشائه.
قوله: وإن قال: له من مالي ألف، أو له نصف مالي، وفسره بابتداء تمليك، وانه قد رجع عنه، أو مات ولم يفسره؛ لم يلزمه شيء. لأن لفظه يحتمل تفسيره، ويحتمل غيره، فلا ينتقل عن الأصل بالاحتمال، أو باحتمال ظاهر لفظه خلافه.
ولهذا قال: لو مات ولم يفسره، لم يلزمه شيء، فعلى هذا لا يكون لفظه محتملاً بحيث يؤاخذ بتفسيره، وهو معنى كلام غيره.
قوله: وان قال: له داري هذه، أو نصف، أو في مالي ألف، أو في ميراثي من أبي ألف
فعلي روايتين: إحداهما: يكون إقراراً.
قال القاضي في التعليق: إقرار صحيح.
قال في رواية ابن منصور: إذا قال الرجل: فرسي هذه لفلان، فإذا أقر له وهو صحيح؛ فنعم، فقد حكم بصحة هذا الإقرار مع إضافته إليه.
وقال أيضا في رواية مهناً: إذا قال: نصف عبدي هذا لفلان؛
لا يجوز إلا أن يكون هبة. أو أقر له به؛ فقد حكم بصحة الإقرار مع الإضافة إذا أتى بلفظ الإقرار إلى أن قال: وقال الشيخ تقي الدين: كلام الإمام نص في أن الإضافة لا تمنع أن يكون إقراراً إلى أن قال: والثانية: لا يكون إقراراً، لأنه أضاف المقر به إليه، والإقرار إخبار بحق عليه، فالظاهر أنه جعله له، وهو الهبة. فقد فرق "المحرر" بين مالي، وفي مالي، وبين نصف داري، ونصف مالي، وكلام غيره يدل على التسوية بين الصور كلها، وإنها على روايتين. انتهى.
ومن "المختصر المبتكر شرح المختصر"(1) للشيخ أبي البقاء تقي الدين محمد الفتوحي.
قال: هذه تعليقه على "الكوكب المنير" الذي اختصرته من كتاب والتحرير، في أصول الفقه، لعلي بن سليمان المرداوي.
قال: والاعتقاد الفاسد من حيث حقيقته: تصور الشيء على غير هيئته.
ومن حيث تسميته: هو الجهل المركب؛ لأنه مركب من عدم العلم بالشيء، ومن الاعتقاد الذي هو غير مطابق لما في الخارج.
والجهل نوعان: مركب، وهو ما تقدم.
والثاني من نوعي الجهل: هو البسيط، وهو عدم العلم، وهو انتفاء إدراك الشيء بالكلية.
فمن سئل: هل تجوز الصلاة بالتيمم عند عدم الماء؟ فقال: لا، كان ذلك جهلا مركباً، لعدم العلم بالحكم، وللفتيا بالحكم الباطل.
وإن قال: لا أعلم؛ كان ذلك جهلاً بسيطاً.
ومنه: أي ومن الجهل البسيط: سهو وغفلة ونسيان.
والجميع بمعنى واحد عند كثير من العلماء، وذلك المعنى، هو ذهول القلب عن معلوم.
(1) هذا بحث في أصول فقه السادة الحنابلة، تفردت به نسخة مكتبة الرياض، نقلاً عن " المختصر المبتكر شرح المختصر، والمسمى أيضاً "شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير. تأليف الشيخ أبي البقاء تقي الدين أحمد بن عبد العزيز بن على بن إبراهيم الفتوحي، الفقيه الأصولي الحنبلي، وقد قابلناه على الأصل المطبوع سنة? ? ? ? م بتحقيق محمد حامد الفقي، فصححنا بعض الكلمات. ورأينا بعض العبارات لا تعلق لها بالبحث فتركناها بناء على وجودها في الأصل المخطوط من نسخة مكتبة الرياض ..
قال الجوهري: السهو: الغفلة.
قال الشاعر:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
…
دون النساء ولو باتت بأطهار
بريد بشد الإزار: الاعتزال عن النساء.
ومنه، أي "المختصر": فلو تلفظ بلفظ ناقل الملك، وهو لا يعلم مقتضاه لكونه أعجمية بين العرب، أو عربية بين العجم، إذ أكثره على ذلك لا يلزمه مقتضاه.
السبب لغة: هو ما يتوصل به إلى غيره. قال الجوهري: السبب: الحبل، وكل شيء يتوصل به إلى أمر من الأمور.
وشرعاً، أي في عرف أهل الشرع: ما يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم لذاته.
فالأول: احترازاً من الشرط، فإنه لا يلزم من وجوده الوجود.
والثاني: احترازاً من المانع، لأنه لا يلزم من عدم وجود ولا عدم.
الثالث: احترازاً مما لو قارن السبب فقدان الشرط، أو وجود المانع،
كالنصاب قبل تمام الحول، أو مع وجود الدين، فإنه لا يلزم من وجوده الوجود، لكن لا لذاته، بل لأمر خارج عنه، وهو انتفاء الشرط ووجود المانع.
فالتقييد: يكون ذلك لذاته للاستظهار، على ما لو تخلف وجود المسبب مع وجدان المسبب لفقد شرط أو مانع، كمن فيه سبب الإرث، ولكنه قاتل، أو رقيق، أو نحوهما.
وعلى ما لو وجد السبب مع فقدان المسبب، لكن لوجود سبب آخر، كالردة المتقضية للقتل، إذا فقدت ووجد قتل يوجب القصاص،
أو زنا محصن، فتخلف هذا الترتيب عن السبب، لا لذاته، بل لمعنى خارج.
والشرط لغة: العلامة.
وشرعاً، أي في عرف أهل الشرع: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
فالأول: احتراز من المانع، لأنه لا يلزم من عدمه وجود ولا عدمه
والثاني: احترازاً من السبب ومن المانع أيضاً. أما من السبب: فلأنه يلزم من وجوده الوجود لذاته كما سبق. وأما من المانع، فلأنه يلزم من وجوده العدم.
والثالث، وهو قوله: لذاته: احترازاً من مقارنة الشرط وجود السبب، فيلزم الوجود
أو مقارنة الشرط قيام المانع، فيلزم العدم، لكن لا لذاته، وهو كونه شرطة، بل لأمر خارج، وهو مقارنة السبب، أو قيام المانع.
إذا علم ذلك، فللشرط ثلاث إطلاقات:
الأول: ما يذكر في الأصول هنا مقابلاً للسبب والمانع.
وما يذكر في قول المتكلمين: شرط العلم الحياة.
وقول الفقهاء: شرط الصلاة الطهارة، وشرط صحة البيع التراضي، ونحو ذلك.
الإطلاق الثاني: وهو اللغوي، والمراد به صيغ التعليق بان ونحوها وهو ما يذكر في أصول الفقه من المخصصات للعموم، نحو قوله تعالى:"وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن"(1)
وما يذكر في الفقه من قولهم: لا يصح تعليق البيع على شرط، ونحو:
(1) 65/ 7.
إن دخلت الدار فأنت طالق؛ فإن دخول الدار ليس شرطا لوقوع الطلاق شرعاً ولا عقلاً، بل من الشروط التي وضعها أهل اللغة.
وهذا كما قال القرافي وغيره: يرجع إلى كونه سبباً، وضع التعليق حتى يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته.
ووهم من فسره هناك بتفسير الشرط المقابل للسبب والمانع، كما وقع لكثير من الأصوليين.
الإطلاق الثالث: جعل شيء قيدا في شيء، كشراء الدابة بشرط كونها حاملاً"، ونحو ذلك، وهذا يحتمل أن يعاد إلى الأول بسبب مواضعة المتعاقدين، كأنهما قالا: جعلناه معتبراً في عقدنا، يعدم بعدمه.
وإن ألغاه الشرع، فهل يلغي العقد، أو يثبت الخيار؟ محل تفصيل ذلك كتب الفقه.
فالمقصود هنا القسم الأول. فإن أخل عدمه، أي عدم الشرط بحكمة السبب؛ فهو شرط السبب، وذلك كقدرة على تسليم مبيع، فإن القدرة على تسليم المبيع؛ شرط صحته الذي هو سبب ثبوت الملك المشتمل على مصلحة، وهو حاجة الابتياع بالمبيع، وهي متوقفة على القدرة على التسليم، فكان عدمه مخلاً بحكمة المصلحة التي شرع لها البيع.
وأن استلزم عدمه، أي عدم الشرط حكمة تقتضي نقيض الحكم، كالطهارة للصلاة، فذلك شرط الحكم، فان عدم الطهارة حال القدرة عليها من الإتيان بالصلاة يقتضي نقيض حكم الصلاة، وهو العقاب، فأنه قيض وصول الثواب.
وهو، أي الشرط منحصر في أربعة أنواع:
الأول: كشرط الحياة للعلم؛ لأنها إذا انتفت، أي الحياة، انتفي العلم، ولا يلزم من وجودها وجوده.
الثاني: شرعي، كطهارة للصلاة.
الثالث: لغوي، كانت طالق إن قمت، وهذا النوع كالسبب؛ فإنه يلزم من وجود القيام وجود الطلاق، ومن عدم القيام عدم الطلاق المعلق عليه.
الرابع: عادي، كغذاء الحيوان، إذ العادة الغالبة أنه يلزم من اتقاء الغذاء انتفاء الحياة، ومن وجوده وجودها؛ فيكون الشرط العادي كالشرط اللغوي.
والقسم الرابع من أقسام خطاب الوضع: المانع: اسم فاعل من المنع، وهو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدم وجود ولا عدم.
فالأول: احتراز من السبب، لأنه يلزم من وجوده الوجود.
والثاني: احترازاً من الشرط، لأنه يلزم من عدمه العدم.
والثالث: وهو قولنا: لذاته: احترازاً من مقارنة المانع لوجود سبب آخر، فإنه يلزم الوجود لا لعدم المانع، بل لوجود السبب الأخر، كالمرتد القاتل لولده؛ فإنه يقتل بالردة وإن لم يقتل قصاصة، لأن المانع الأحد السببين فقط.
وهو، أي المانع، إما الحكم، وتعريفه: بأنه وصف وجودي، ظاهر منضبط، مستلزم لحكمة تقتضي نقيض حكم السبب مع بقاء حكم المسبب، كالأب في قصاص مع القتل العمد العدوان، وهو كون الأب سبباً لوجود الولد، فلا يحسن كونه سبباً لعدمه، فينتفي الحكم مع وجود مقتضيه وهو القتل، أو يكون المانع لسببه، أي سبب الحكم.
والمانع هنا: وصف يخل وجوده بحكمة السبب، كدين مع ملك النصاب.
ووجه ذلك أن حكمة وجوب الزكاة في النصاب الذي هو السبب، كثرة تحمل المواساة شكراً على نعمة ذلك، لكن لما كان المدين مطالبة بصرف الذي يملكه في الدين؛ صار كالعدم.