المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: قال أحمد: مضت السنة أن يقضي باليمين مع الشاهد الواحد - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة - جـ ٢

[أحمد المنقور]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الوصاياوالهبة والفرائض

- ‌من كتاب النكاح

- ‌من كتاب الطلاق

- ‌من كتاب الظهار

- ‌ فصل: وعليه دفع الكسوة لها كل عام مر

- ‌من كتاب الرضاع

- ‌من كتاب الصيد

- ‌من كتاب القضاء

- ‌فصل: وأما الفقيه على الحقيقة

- ‌فائدة:

- ‌فصل: في الفرق بين ألفاظ الحكم المتداولة في السجلات

- ‌فائدة: الحكم بالصحة له شروط:

- ‌فصل: وأما الحكم بالموجب

- ‌فصل: ويجتمع الحكم بالصحة والموجب في أمور:

- ‌فائدة: قال البلقيني: من أحضر كتاب وقف أو بيع

- ‌فائدة:

- ‌من كتاب الشهادات

- ‌فائدة: مختصرة في الشهادة على الخط لابن المنجا

- ‌فصل: في الشهادة على الخط:

- ‌ فوائد:

- ‌فائدة: من "المغني": لو مات رجل وترك داراً

- ‌فصلوالعدل: من استمر على فعل الواجب

- ‌ فصل: وأكثر أهل العلم يرون ثبوت المال لمدعيه بشاهد ويمين

- ‌فصل: قال أحمد: مضت السنة أن يقضي باليمين مع الشاهد الواحد

- ‌فائدة: ذكر أبو العباس في رد اليمين والقضاء بالنكول تفصيلاً حسناً

- ‌من كتاب القسمة

- ‌ تنبيه: محل الخلاف إذا كانت من جنس واحد على الصحيح

- ‌مسألة: رجل له وراث، منهم ولد من أمته

- ‌من كتاب الإقرار

- ‌تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يفسره بالهبة

- ‌فوائد:

- ‌فصل: الجدل في اللغة: اللدد في الخصومة والقدرة عليها

- ‌فصل في ترتيب الخصوم في الجدل:

- ‌مسائل فيها إشكال

- ‌إجازة الحجاوي لتلميذه

- ‌ذيل

الفصل: ‌فصل: قال أحمد: مضت السنة أن يقضي باليمين مع الشاهد الواحد

بالشهادة، لا حضوره في المجلس مع سكوته.

السادسة: إن ظاهر كلام منصور أن للحاكم الحكم بشهادة الشاهد ويمين المدعي، بعد إقامته وامتناع المدعي من الحلف معه وحلف المدعي عليه، وفي النفس منها شيء؛ لأن ظاهر كلامهم يخالفهم، وهذا كله في الحاكم.

أما المفتي: فلو أقام المدعي عنده شاهداً وامتنع عن الحلف معه، وحلف المنكر، ثم أراد المدعي الحلف مع شاهده؛ فله ذلك على كل حال، بخلاف الحاكم، من تقرير شيخنا.

قال ابن عبد القوي في النظم:

ومع شاهد فرد بمال يقال إن

حلفت قضى مع شاهد بالمجحد

فإن قال لا آلي وأرضى ألية

من الخصم إن يحلف فيبذل اردد

ومن "المغني": وجملته أن المدعي إذا ذكر أن بينته بعيدة منه، أو لا يمكنه إحضاره، أو لا يريد إقامتها، فطلب اليمين من المدعى عليه؛ حلف له. فإذا حلف فأحضر المدعي بينة؛ حكم له، وبهذا قال شريح، والشعبي، ومالك، والثوري، والليث، والشافعي، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وإسحق

إلى أن قال: ولو أقام المدعي شاهداً واحداً ولم يحلف معه، فطلب يمين المدعى عليه؛ أحلف له، ثم إن أحضر شاهداً آخر بعد ذلك، كملت بينته وقضى بها، كما ذكرنا في التي قبلها.

ومنه أيضاً:‌

‌ فصل: وأكثر أهل العلم يرون ثبوت المال لمدعيه بشاهد ويمين

. روي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهو قول الفقهاء السبعة، وعمر بن عبد العزيز، وشريح، والحسن، وإياس، وعبد الله

إلى أن قال: قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد.

‌فصل: قال أحمد: مضت السنة أن يقضي باليمين مع الشاهد الواحد

.

ص: 285

فإن أبى أن يحلف استحلف المطلوب، وهذا قول مالك، والشافعي، وتمامه فيه.

قوله: وإن تنازع هو والقراب الخ.

مثله: ما إذا تنازع أهل البيت، والخادم الذي يأتي لهم بالماء في القدر الذي ينقل فيه الماء، لكن الأقرب أنه لأهل البيت، لأن الغالب كونه من عندهم، ويعمل في ذلك بالقرينة.

قوله: وإن تنازع الزوجان في قماش البيت الخ. هذا بخلاف غير قماش البيت، كما هو مفهوم كلامهم، وصرح به البلباني (1). لكن إن كان قرينة، مثل كون إمكانه للزوجين جميعاً، ككونه حلاقاً أو شاحذاً، وامرأته ماشطة، أو دلالة، أو شاحذة، أو لكل منهما نخل يدخل ثمرته، ولامرأته مثله، وتنازعا في تمر البيت؛ فمع القرينة يشمله كلامهم في التنازع في قماش البيت، والله أعلم، قاله شيخنا.

قوله: إذا ادعيا عيناً في يد غيرهما، ولم ينازع؛ يقرع بينهما. وفي الفصل الثاني: يتحالفان وتقسم، وكذا في المنتهى؛ فالمذهب القرعة، قاله شيخنا.

قوله: وإن تساوتا، أي البينتان من كل وجه؛ تعارضتا الخ. أي لم يكن أحدهما داخلا (2)، ولا دليل ظاهر لأحدهما.

قوله: فلو تنازعا عرصة فيها شجر لهما أو لأحدهما. الخ.

هذا إذا لم تكن العرصة بيد أحد منهما، ولا ثم ظاهر، كما في "المنتهى".

قوله: في القسم الثالث: فإن علم أنها للآخر المقروع. فقد مضى الحكم. الخ.

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض: (الخزرجي).

(2)

وفي نسخة مكتبة الرياض: (بأن يكون أحدهما داخلاً).

ص: 286

الذي ظهر أن قوله: علم بإقرار رب اليد (1) فأما إن ثبت ببينة، فإنه ينزعها، لأنها تثبت الحق. ولو قيل: إن القرعة حكم: لأنه لو حكم حاكم لشخص بعين، وأقام آخر بينة أنها له؛ سمعت بينته، ولم يكن الحكم مسقطاً لحقه، لكنه يقطع النزاع، ولا يسقط الحق، قاله شيخنا.

قوله: ونقل الميموني الخ.

المذهب خلافه؛ فيحلف.

قوله: في تعارض البينتين: وكذا حكم تدبير مع تنجيز. الخ.

الذي يظهر: أنه إذا وقف شيئاً من ماله في مرضه منجزاً، وأوصى بوقف آخر؛ بدئ بالأول، أي المنجز، فإن فضل شيء من الثلث، أو أجازه الورثة، وإلا بطلت الوصية، قاله شيخنا.

قوله: لو ادعى واحد حقوقاً. الخ

إلى أن قال: إلا أن تتحد الدعوى؛ فيمين واحدة. الخ.

الذي يظهر أنه إذا قال: ادعى عليه ألف دينار، وألف درهم، فأنكر المدعى عليه؛ فيمين واحدة. أما إن ادعى الدنانير، فلما حلف ادعى الدراهم؛ فله ذلك، قاله شيخنا.

قوله: لو ادعى عليه حقاً، فقال: ابرأتني منه. الخ.

الذي تحرر أن قوله: ابرأتني منه إنه إقرار به، كما قال ابن عطوة: طلب الإقالة إقرار بالبيع، قاله شيخنا.

من "حاشية ابن قندس على الفروع" قوله: وذكر الأزجي فيمن ادعى إرثاً لا يحوج في دعواه إلى بيان السبب الذي يرث به، إلى آخر ما قاله الأزجي.

هو ظاهر عبارة "المقنع" ومن عبر بمثل عبارته؛ فإنه قال: وإذا مات رجل فادعى آخر أنه وارثه، فشهد له شاهدان أنه وارثه، لا يعلمان

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض: (رب البلد).

ص: 287

له وارثاً غيره؛ سلم إليه المال، وظاهر ذلك أن الدعوى إنه وارثه، وكذا الشهادة بذلك من غير ذكر سبب صحيح مسموع، ذكر ذلك في كتاب الشهادات، وذكر في طريق الحكم وصفته، في تحرير الدعوى: أنه إذا ادعى الإرث؛ ذكر سببه، وجزم بذلك، وهو صريح لأنه لابد من ذكر السبب، وهو موافق لما جزم به في "الكافي" في باب الدعاوي.

وفي الشهادة أيضاً:

واعلم أن المقدم خلاف قول الأزجي، لأن المصنف قال أولاً: إنه إذا شهد بسبب يوجب المال؛ يذكر سببه، وقد ذكر بعد شهادة الاستفاضة: إن ما لا تصح الشهادة به لا تصح الدعوى به؛ فتكون الدعوى بالإرث من غير ذكر سببه غير صحيحة.

وقد ذكر المصنف آخر الفصل من طريق الحكم وصفته: أنه إذا ادعى إرثاً ذكر سببه؛ فلينظر هناك. انتهى.

هذا المذهب، وكلام الأزجي على قوله، قاله شيخنا.

قوله: والأجير لمستأجره. الخ.

الظاهر عدم قبول شهادة الصائغ، والصانع، ونحوهم، لشيء أنه لزيد، كما إذا ادعى زيد قدراً في يد خالد، وأقام شاهداً شهد أنه، أي القدر لزيد، أنا صنعته له؛ فلا تقبل، وكذا الصائغ، والنجار ونحوهم، قاله شيخنا.

قوله: المقذوف على قاذفه. بأن يشهد المقذوف أن عند القاذف لشخص كذا، ونحوه للعداوة، قاله شيخنا.

قوله: عن "الاختيارات": العدل في كل زمان ومكان وطائفة. الخ.

يلزم منه على القول به شهادة الأمثل فالأمثل. فإذا كان موجوداً في القرية ونحوها خير منه؛ لم يقبل. الخ.

ص: 288

قال شيخنا: قوله: احتمالان: أحدهما: تقبل، لأنه لا يحمل شيئاً من الدية الخ.

الذي يظهر أنه المقدم، ولأنه لا يجر بها نفعاً إذاً؛ فقبلت، قاله شيخنا.

قوله: والغرماء بجرح شهود الدين الخ.

الذي يظهر: لا تقبل تزكية الغريم شاهداً لمفلس بحق له، فمن لا تقبل شهادته لشخص؛ لا تقبل تزكيته لشاهده، ولا جرحه شاهد خصمه، قاله شيخنا.

قال في "الرعاية" فقال الخصم: لا تستحق علي ولا عندي، ولا في ذمتي، ولا بيدي شيئاً مما ادعاه، ولا شيئا منه، أو لا حق له علي، ولا عندي، أو ليس له علي، ولا عندي شيء؛ صح.

ومن "الروض وشرحه" للشافعية: فإن ادعوا لمورثهم ملكا، وأقاموا شاهداً وحلفوا معه؛ ثبت الملك له، وصار تركة. وإن حلف بعضهم؛ أخذ نصيبه، ولم يشاركه من لم يحلف

إلى أن قال: بخلاف ما لو كانت الدعوى لا عن جهة، كالإرث، كأن قال: أوصى لي ولأخي الغائب مورثك بكذا، أو باع منا كذا، وأقام شاهداً وحلف معه، ثم قدم الغائب، فإنه يجدد الدعوى والشهادة، وذلك لأن الدعوى في الميراث عن واحد، وهو الميت، وفي غير الميراث الحق لأشخاص؛ فليس لأحد منهم أن يدعي ويقيم البينة لغيره بلا إذن أو ولاية، وأن أقام الورثة شاهداً، وحلف معه بعضهم، ومات بعضهم قبل النكول، أي نكوله، وقبل حلفه؛ حلفوا، أي ورثته، ولم يعيدوا الدعوى والشهادة، فإن كان فيهم غائب أو صبي، فقدم الغائب، أو بلغ الصبي؛ حلف

ص: 289

وقبض بلا إعادة شهادة، لأنها متعلقة بالميراث، وإثبات ملك لموروث، وذلك في حكم خصلة واحدة، فإذا ثبتت الشهادة في حق البعض؛ ثبتت في حق الكل، وإن تعذرت الدعوى من الجميع وليس كاليمين؛ فإنها مبنية على اختصاص أثرها بالحالف، والشهادة حكمها التعدي والدعوى، وإن كانت على الاختصاص وعدم التعدي؛ فإنها وسيلة.

قال الزركشي: وينبغي أن يكون محل ذلك إذا ادعى الأول جميع الحق، فإن كان ادعى بقدر حصته؛ فلابد من الإعادة. وكلام الماوردي الآتي: قد يقتضي أنه لابد أن يدعي الأول جميع الحق، وكالغائب فيما ذكرته الحاضر الذي لم يشرع في الخصومة، أو لم يشعر بالحال كما بحثه الأصل. فلو فسق الشاهد، عبارة الأصل: فلو تغير حاله، فهل يؤثر في حق الغائب، أو الصبي، أو المجنون، ولم يكن لمن ذكر الحلف، أم لا يؤثر في حقه فيحلف لأنه قد حكم بشهادته؟

وجهان: المختار منهما كما قال الزركشي وغيره: الأول. انتهى.

الذي تحرر لنا أنه إن كان مما تعاد فيه الشهادة، كقوله: أوصى لي ولأخي، أو بعنا عليه أنا وزيد سلعة بيننا، ونحو ذلك؛ فإنها تسمع في حق الحاضر، ويحلف ويأخذ نصيبه، وإذا قدم الغائب؛ أعيدت الدعوى والبينة. فلو تغير حال الشاهد؛ جرح (1) في شهادته. وإن تغيرت حاله بينهما، ثم وقت الدعوى الثانية رجع إلى حاله؛ قبلت، ولم يؤثر فيها ما مضى لمصادفته وقت أدائها عدالة. وإن كانت الشهادة مما لا تعاد، كالإرث؛ فإنه يستحق، ويحلف بلا إعادة دعوى ولا شهادة، فلو تغيرت حال الشاهد؛ لم يضر، لأنه قد حكم بها وبقي عليه اليمين فقط، هذا حاصل كلام "الروض" المتقدم، من تقرير شيخنا.

(1) في هامش الأصل: قدح.

ص: 290

ويحتمل: لا تقبل، لأن الحكم لا يجوز بشاهد واحد، واليمين لا توجد إلا بعد تغير حال الشاهد، من تقرير شيخنا.

الظاهر أن الحاكم يحكم بلا دعوى إذا لم يعلم خصومة حاضرة على قول الشيخ، أو الثبات بلا خصم، وعند الشافعية: لابد من الدعوى والخصومة، قاله شيخنا.

قوله: ولو ثبت أنها، أي العين المدعى بها عنده بينة أو نكول.

أي بينة تشهد أن عنده بمثل هذه الصفة، أو نكولة عن الحلف؛ لزمه إحضارها، وإلا حلف أنه ليس عنده مثل ذلك المدعى به، قاله شيخنا.

من "المغني": وأما الجرح والتعديل؛ فيحكم فيه بعلمه بغير خلاف. انتهى.

ومنه أيضاً: وأما كيفية الأداء إذا كان قد استدعاه الشهادة؛ فإنه يقول: أشهد أن فلان بن فلان، وقد عرفته بعينه، واسمه، ونسبه، وعدالته، أشهدني أنه يشهد أن لفلان بن فلان، على فلان كذا، وأن فلاناً أقر عندي بكذا. انتهى.

قوله: وشهدت له البينة بغيره الخ.

هذا المذهب، أي فلا تقبل فيما ادعى، ولا فيما شهدت به، وعلى مقابله. إن قال: استحقه وما شهدوا به، ثم ادعاه فشهدوا به؛ استحقه، والمقدم الأول، قاله شيخنا.

ومن "حاشية ابن قندس": قوله: ولو نكل؛ لزمه ما ادعى به إن قيل: كتمانها موجب لضمان ما تلف، ولا يبعد، كما يضمن من ترك الإطعام الواجب

إلى أن قال: وخرج ضمان ما في وثيقة أتلفها إن تعذر على ذلك.

ص: 291

قلت: فكتمان شهادة؛ تعذر خلاص الحق معه. مثله في الضمان. انتهى.

ومن "شرح الروض": وإن قال: لي بينة وأقامها؛ فذاك. وإن قال: يحلف خصمي ولو مع قوله لي بينة؛ حلف، لأنه قد لا يحلف ويقر؛ فيستغني المدعي عن إقامة البينة، وإن حلف؛ أقامها وأظهر كذبه، فله في طلب تحليفه مع وجود البينة غرض، وبعد حلف خصمه، إن جاء ببينة شاهد وامرأتين، أو شاهد ويمين، كما نقله الزركشي عن صاحب "العدة" وأقره؛ سمعت. وإن قال: لا بينة لي أصلا، لا حاضرة ولا غائبة، أو كل بينة أقيمها؛ زور، أو باطلة، أو كاذبة (1) لأنه ربما لم يعرف، أو نسي ثم عرف أو تذكر. انتهى.

ومنه: فإذا دعي شاهد لمسافة بعيدة؛ لم يجب عليه الأداء؛ لقوله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (2) وللمشقة، ولجواز الشهادة على الشهادة.

وحد القرب ما يعود فيه المبكر في يومه، لا ما بينه وبينه مسافة القصر، فلو دعي من مسافة القصر، فأكثر أو أقل، إلى فوق مسافة الغدوي (3)؛ لم يجب عليه الحضور للأداء لما مر. انتهى.

ومنه: يحلف وجوباً على الاستحقاق لما ادعى، وعلى صدق الشاهد فيما شهد به، كأن يقول: والله إن شاهدي لصادق فيما شهد به، وإني مستحق له. انتهى.

(1) في هذه المسألة لم يذكر الجواب، ولعله حذفه لدلالة ما قبله عليه وهو قوله: سمعت؛ لأن التعليل يدل على ذلك.

(2)

2/ 283.

(3)

في الأصل: (العدوى).

ص: 292

ومنه: فإن لم يباشر الولي، ولو وصياً أو قيماً التصرف في مال الصبي ونحوه، كإتلاف من غيره؛ لم يحلف عليه دفعاً ولا إثباتاً. انتهى.

ومنه: "الثاني": ما لا يقصد منه المال، كالوكالة، والوصاية، والقراض، والشركة، وإن كانت الأربعة في مال. والوكالة ونحوها، وإن كانت في مال، القصد منها الولاية والسلطنة، فلابد من شاهدين. انتهى.

من "الروض وشروحه": الطرف (1) الثالث في العدد: أي عدد شهود الفرع: فيكفي شاهدان على الأصلين معاً، لأنهما شهدا على قول اثنين. فصارا كما لو شهدا على مقرين؛ فلا يشترط لكل أصل اثنان، ولا يكفي له واحد بناء على أن الفرع لا يثبت بشهادته الحق، ولا يقوم مقام الأصل، بل يثبت بها شهادة الأصل. والحق يثبت بشهادة الأصل، لا كل واحد من الفرعين على أصل، بأن شهد أحدهما على شهادة أصل، والآخر على شهادة الأصل الثاني؛ فلا يكفي ذلك، لأن الفرع يثبت شهادة الأصل كما مر. والأصل شهد مع فرع عن- بمعنى على- شهادة الأصل الثاني؛ فلا يكفي ذلك، لأن من قام بأحد شرطي الشهادة لا يقوم بالآخر ولو مع غيره. انتهى.

ومن "الافصاح" لأبن هبيرة: هل تجوز الشهادة بالأملاك من جهة ثبوت اليد؟

قال أبو حنيفة، وأحمد: يجوز ويشهد باليد خاصة في المدة اليسيرة، فإن كانت المدة طويلة، كعشر سنين فما فوقها؛ يقطع له بالملك إذا كان المدعي حاضراً حالة تصرفه وحوزه لها، إلا أن تكون قرابة، أو يخاف من سلطان إن عارضه، واختلف أصحاب الشافعي. انتهى.

قوله: ويقرع فيما ليس بيد أحد.

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض: (الطريق).

ص: 293

هكذا عبارة "المنتهي"، والمذهب يتناصفاه، والخلاف قوي، يجوز للحاكم العمل بكل منهما، قاله شيخنا.

قوله: أو تعذرت رؤية مشهود به، أو مشهود عليه لموت أو غيبة، فوصفه للحاكم بما يتميز به الخ.

وظاهره: أن الحاكم يحكم بشهادته، سواء كان أعمى أو بصيراً، فوصفها له، أو غائبة فوصفها؛ فلا يشترط الاحضار لها، وما تقدم في كتاب القاضي يخالفه، لكن إن كان عذر من خوف، أو ثقل، أو قلة إمكان، ككونها خشبة في سقف؛ عمل بذلك قطعاً، من تقرير شيخنا.

قوله: ولا يمين مع بينة كاملة، كمقر له الخ.

الذي تحرر لنا: أن المقر له لا يمين عليه؛ فيحرم تحليفه، لكن لو ادعى مقر في إقراره بقادح فيه، وحرر الدعوى ولم يقم بينة؛ حلف المقر له على نفيها إن أنكرها، قاله شيخنا.

إذا أقر زيد أن عنده لعمرو قدراً، لزمه العرف، وهو قدر متوسط، لاسيما إن كان المقر من أهل الثروة والغنى، لأنه يزري الصغير فلا يكبره، قاله شيخنا.

يجوز أخذ الأجرة على السفر إلى بلد للشهادة فيه على شخص، ولو أكثر من أجرة المثل؛ لأنه لم يتعين عليه السفر معه، قاله شيخنا.

ظاهر عبارة "شرح المنتهى": الصغير فيمن أقام شاهداً ولم يحلف معه؛ فإن لورثته بعده الحلف ويستحقون، سواء حلف المدعى عليه أم لا، وظاهر "شرح الاقناع": لا؛ لنكول مورثهم، ومهد شيخنا لكلام "المنتهى" كما هو عادته، مع أنه الأخير من الشارح، ويحتمل حمله أن المدعى عليه لم يحلف، أو لم يحكم الحاكم بنكول المدعي، أو يقال: لا وجه للحكم في هذا بالنكول، لأن الحق له، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. ولبقاء الحق ولو حلف منكر، من تقرير شيخنا.

ص: 294

قوله: إلا من محجور عليه لفلس الخ.

الظاهر كذلك بين الوارث ومورثه إذا خاصمه في مرض الموت فادعى عليه، وأنكر المورث، ولزمته اليمين فنكل؛ فإنه لا يكون كإقامة بينة، لاحتمال التواطؤ، فهذا النكول كعدمه، قاله شيخنا.

ومن "شرح الروض" للشافعية: من كذب شهوده؛ سقطت بينته، لا دعواه، ولو أقر أن شاهديه شربا الخمر وقت كذا، وقصرت المدة بينه وبين أداء الشهادة؛ ردت شهادتهما. انتهى.

والذي تحرر لنا: إذا قال: شاهدي فلان شرب الخمر، أو زنى، أو أكل رباً؛ ردت شهادته مطلقاً، لإقراره بموجب جرحها؛ فقبل على نفسه، قاله شيخنا.

قوله في "المنتهى": البينة كالشاهد فأكثر، أي كالشاهد فيما يقبل فيه وحده، فهل يكون بينة في المال، فيجوز لولي اليتيم الصلح مع إقامة شاهد عليه، أم لا؟

فيها ثقل، والأقرب جوازه، لأنها بينة، قاله شيخنا.

وأما قول القائل جواباً للمدعى عليه: ناقة موصوفة معلومة، إن كان يدعيها غاصبها فلان منك، وباعها علي؛ فنعم، وإلا فلا حق لك عندي؛ بأن هذا جواب، وأنه ينفي عنه يمين البت؛ فهذا تهافت لا أصل له، ولا يلتفت إليه؛ لأنه إذا قال ذلك فقد أقر له به بقوله: نعم، ونعم صريح في الإقرار، فيأخذها منه بذلك إذا صدقه، فينتزعها منه بلا خصومة، وكذا قوله: إن ادعيت علي كذا من جهة فلان، وإلا فلا حق لك علي.

فليس هذا بجواب، بل يلزمه الحاكم بالجواب بإقرار أو انكار، أما يقول: ما تستحق ونحوه، أو يقر ولا يكلف المدعي أن يدعي بدعوى معينة؛ لأن الدعوى حق له، لأنه إذا كانت دعواه معلومة؛ استحق الجواب. وأما إذا ادعى على آخر عينا بيده، أو أن فلانا غصبها منه ثم

ص: 295

باعها على هذا، ونحو ذلك، وتخاصما عند حاكم، ثم أراد أن يدعي دعوى مطلقة بلا ذكر سبب، لتكون اليمين على البت؛ لم يلتفت إليه، وليس له إلا جوابه في الأولى، بخلاف المفتي، قاله شيخنا.

قال في "الإنصاف": ومن ادعى على مريض، فأومأ برأسه أن نعم؛ لم يحكم بها حتى يقول بلسانه (ش): ملخصه أنه لا يصح الإقرار بالإشارة من الناطق، وإن عجز عن الكلام في الحالة الراهنة. انتهى.

من "الزركشي": ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: إذا ادعى شخص عينا بيد آخر، وأقام بينة، فشهدت أن هذه العين لفلان المدعي؛ صحت وانتزعت العين بذلك.

ولا يلزم مطابقة دعوى المدعي أنها مسروقة، ولا يقدح في شهادة البينة، ولا دعوى المدعي أنها مسروقة. وأما المال الذي هلك باجتماع اللصوص، أو النفس؛ فيلزم الجميع، لقولهم: ردء، وطليع؛ كمباشر. وإذا شهدت بينة بالعقد وبلوغ الثمن، ونسيت كميته؛ كفت (1) شهادتهما. وإن شهدت أنه أقر بالبيع وبلوغ الثمن؛ سمعت. انتهى.

ومن "المغني": قال أحمد: أهل المدينة يقضون على الغائب، يقولون: بهذا الذي أقام البينة، وهو مذهب الحسن. وأهل البصرة يقضون على الذي غاب، ويسمونه الأعذار، وهو إذا ادعى على آخر ألفاً، وأقام البينة، فاختفى المدعى عليه؛ يرسل إلى بابه فينادي الرسول ثلاثاً، فإن جاء، وإلا فقد أعذروا إليه؛ فهذا، يقولون: قول أهل المدينة، وهو معنى حسن. انتهى.

قوله: يتصرف مدة طويلة.

قال ابن عطوة عن شيخه: المرجع في ذلك إلى العرف. انتهى.

ومن "روضة ابن عطوة": إذا شهدت بينة بوقف شيء بعد ملكه

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض: (لغت).

ص: 296

وحيازته، وأخرى شهدت بوقفه بعد ملكه وحيازته لشخص آخر؛ قدمت بينة الوقف الأول. انتهى.

وأجاب الشيخ محمد للشيخ عبد الله: وأما الوثيقتان؛ فالذي يظهر أن العمل على سابقة التاريخ.

وأما قسمة الوقف الذي شرط وافقه عدم قسمه، وقامت بينة أن عليه ضرراً بعدم القسم، أو أن القسم أصلح للوقف؛ فالذي ظهر من كلامهم، بل اتضح صريحاً؛ أن المحافظة على عين الوقف عن التلف إذا خيف مقدمة على العمل بشرط الواقف بالإجماع، وتمامه فيه.

قال في "الإنصاف": قوله: وإن شهد شاهدان أن له عليه ألفاً، وقال أحدهما: قضاه بعضه، مثل أن يقول: قضاه مائة؛ بطلت شهادته، هذا المذهب

إلى أن قال: قوله: وإن شهدا أنه أقرضه ألفاً، ثم قال أحدهما: قضاه نصفه؛ صحت شهادتهما، هذا المذهب، نص عليه

إلى أن قال: وقال في "المحرر": ونص فيما إذا شهد أنه أقرضه ألفاً، ثم قال أحدهما: قضاه خمسمائة؛ فشهادتهما صحيحة بالألف، ويحتاج قضاء الخمسمائة إلى شاهد آخر أو يمين، ويتخرج مثله في التي قبلها، وتمامه فيه.

قوله: وإن شهد أن له عليه ألفاً الخ.

الذي يظهر أنه إذا شهدت البينة بالحق وسببه، مثل أن تقول: أقرضه، أو باعه بألف، وقضاه بعضه؛ فإن الشهادة بإثبات الألف صحيحة بلا تردد، والكلام في الذي قضاه، قاله شيخنا. فإن بين البعض المقضي، كقولها: قضاه خمسمائة؛ صحت الشهادة بالقضاء أيضاً؛ لأنها شهادة بمعلوم من عدل.

وإن قالت: لا ندري كم قضاه منه، لكن قضاه منه شيئاً؛ فإن الألف ثبتت بشهادتهما، ويكلف مدعي القضاء بينة تشهد أنه قضاه شيئاً معلوماً،

ص: 297

وإلا فيمينه، هذا بخلاف ما إذا قالت البينة عليه ألفاً قضاه بعضه؛ فلا تقبل، لأنه لا يتصور أن عليه له ألفاً إذا كان قضاه بعضه؛ فبطلت شهادتهما، قاله شيخنا.

وصرح به السامري في "فروقه"، نقلته من هامش "شرح الاقناع". قوله في الشهادة على الشهادة: أو سمعه، أي الشاهد يعزيها إلى سبب الخ.

الذي يظهر أنه إذا سمعه يقول: أشهد أن فلاناً أقر أنه باع داره من فلان ونحو ذلك؛ صح أن يشهد بها، وكذا إن سمعه يقول: أشهد أن فلاناً أقر لفلان بكذا؛ لا يرد عليه.

قوله: وإن شهد أن لفلان على فلان كذا؛ لم يجز أن يشهد؛ لأنه في الصورة المذكورة عزاه إلى سبب الإقرار، وفي هذه لم يعزه، قاله شيخنا.

وظاهر كلام الشيخ عبد الوهاب: لا يشهد إلا أن عزاه إلى سبب عقد الإقرار.

قال في "الرعاية الكبرى" وإن قال: أشهدني فلان بكذا، أو عندي عليه شهادة بكذا، أو لفلان على فلان كذا، أو شهدت عليه به، أو أقر عندي به؛ فوجهان: أقواهما منعه. انتهى.

قال السامري في "فروقه": إذا ادعى شراء دار، أو تسليم الثمن، وأقام بذلك شاهدين عدلين، ولم يسميا الثمن، والبائع ينكر قبض الثمن؛ فشهادتهما باطلة، ولو شهدا على إقرار البائع بالبيع وقبض الثمن، ولم يسميا الثمن؛ فشهادتهما جائزة، والفرق بينهما، أن من شرط صحة البيع تعيين العوضين، أو صفتهما بما يتميزا به، وإلا فمجرد شهادتهما على قول: بعتك داري، وقول المشتري: قبلت ولم يسميا ثمنا؛ لم يصح، بخلاف الإقرار. انتهى.

قوله: بخلاف الإقرار.

فلا يشترط فيه معرفة الثمن. إذا أقر أنه قبضه؛ صح، والبيع فلابد

ص: 298

أن يكون الثمن الذي قبضه معلوما، وإلا لم تصح شهادتهما بمجهول، قاله شيخنا.

ما قولكم: إذا قال لآخر: على مورثك لي دينار؛ فأجابه الوارث: أن ذلك عنده، وقضي له بكلام متصل، هل يكون مثل كلام مورثه، أو يكون إقراراً من الوارث، ولا يقبل دعواه أن مورثه قضاه؟ .

الثانية: أقر رجل لابنه بكر حنطة في هذه الغرفة وهما بدار واحدة، فمات الأب، وقاسم الابن الورثة ما في الغرفة، ثم ادعى بعد ذلك عليهم بالإقرار، ولا يعلم هل كان موجوداً ما أقر به وقت الموت، أم لا لتقدم الإقرار على الموت بزمن؟

الثالثة: إذا ادعى إنسان على آخر أنه باعه هذه السلعة بثمن سماه، وأنكر المشتري، وأقام البائع بينة أن المشتري أقر أنه اشتراها، ولم يبين الشاهد الثمن، فمن القول قوله منهما في قدر الثمن؟

الجواب: إقرار الوارث لا اعلم الآن فيه نصا، لكن الذي نعمل به صحة الإقرار، ولا تقبل دعواه القضاء إلا ببينة، وليس كإقرار من عليه الدين أصالة، مع أن فيه من الخلاف ما ذكروه. وأما الابن؛ فحاصل الأمر: إن صح إقرار الأب أن ذلك في يده أمانة، أو تعديا؛ فالضمان متحقق، ولا يزول بالشك؛ لأن ظاهر السؤال أن الابن في كنف أبيه، وماله تحت يد أبيه حينئذ، والأصل عدم قبض الابن له إلا ببينة، وعليه اليمين بطلب مستحقه على عدم القبض، ولا شيئاً منه، ولا أبرأ منه، ولا تعوض إن طلبه شريكه. هذا إذا كان الحال كما ذكر، وربما عرف الحال من ذلك بالقرائن من حال الأب والابن، من الورع، والإيسار، وجراءة بعضهما على بعض، وغير ذلك.

ومسألة البيع، فإذا ثبت بإقرار المشتري؛ قال له الحاكم: إذا ادعى قدر الثمن كذا معلوماً يصدقه فيه الحس؛ هذا الشراء ثبت بإقرارك. فأما

ص: 299

إن تسلم الثمن للبائع إذا حلف عليه، أو صدقه. أو أحلف على قدره على ما ذكروا في الاختلاف في الثمن على ما عرفتم، كتبه عبد الله بن محمد ابن ذهلان، عفا الله عنه، ومن خطه نقلت بعد تحققه.

قوله: في آخر الدعاوى في "الاقناع": وإن ادعى كل واحد من اثنين على آخر أنه باعني إياه بألف، وأقام بينة الخ.

هل يقبل قول البائع في السابق منهما إذا لم يكونا مؤرخين، ويكون كداخل، والآخر كخارج، أم لا؟

فيها ثقل، لكن لو أنكرهما وحلف، ثم أقر بها لأحدهما؛ قبل قوله بلا تردد، قاله شيخنا.

قوله عن "الرعاية" قلت: هذا إذا تعذر حضور المشهود عليه إلى محل الشاهد الخ.

يعني أنه إذا كان الشاهد في قرية فيها حاكم، قاله شيخنا.

قوله: وعلله بأنه أملك لعصمتها الخ.

أي أن الشهادة عليها بإذن زوجها أطيب لنفسه، وأدوم للنكاح، قاله شيخنا.

قوله: كاستحقاق مال الخ.

أي بأن شهد الشاهد أن زيداً يستحق هذه العين؛ فلا يشترط أن يقول: يستحقها من جهة كذا وكذا من بيع ونحوه.

قوله: ويحتمل، أي الثاني. معناه إذا شهد أن زيداً أقر لعمرو بكذا؛ فلا يشترط.

قوله: أقر به. وهو يستحقه كما في المنتهى.

قوله: وإن شهد بسبب يوجب الحق، كتفريط في أمانة الخ. وكذا إتلاف مال.

وقوله: وكذا لو شهد باستحقاق غيره، أي غير ما يوجبه السبب بأن قال: هذا يستحق في ذمة هذا كذا الخ.

ص: 300

أي اشترط ذكر موجب الاستحقاق للمال، ولعل الفرق بينهما أن الأولى في عين، والثانية في ذمة بسبب اتلاف أو تعد ونحوه.

قال شيخنا في كل المسائل: والأولى إقرار، وهو يصح بالمجهول.

والثانية: بمعنى الإنشاء، لأن قوله: يستحق هذا كذا، ربما اعتقد الشاهد استحقاقه، وهو خلاف اعتقاد الحاكم؛ فلزم تبيينه، من تقرير شيخنا.

قوله: والنكاح عقد الخ.

أي أن زيداً تزوج فلانة، أو فلان تزوج فلانة من وليها فلان، والدوام أن فلانة زوجة فلان فقط، قاله شيخنا.

قوله في الاستفاضة: ومن قال: شهد (1) بها ففرع الخ.

هذا المقدم، وصرح به في "قواعد ابن اللحام" قال: إذا جاء الشاهد وشهد عند الحاكم أنه شهد على الاستفاضة، وعلم الحاكم أنه شهد على الاستفاضة؛ لم يحكم بشهادته، لأنه فرع؛ فلا يصح. انتهى.

والقول الثاني: يحكم بها، ولو قال ذلك، كما حكاه عن "المغني" والقاضي، وأبي الخطاب، وابن الزاغوني، وابن عقيل. وعمل القضاة عليه فمن قبلنا، ولا يسع الناس غيره، ومن حكم به لم ينقض، قاله شيخنا.

ومن كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية، بعد كلام له: فلو كتم شهادة كتماناً أبطل بها حق مسلم؛ ضمنه، مثل أن يكون عليه بينة وقد أداه حقه، وله بينة بالأداء، فيكتم الشهادة حتى يغرم ذلك الحق، وكما لو كانت وثائق لرجل فكتمها، أو جحدها حتى فات الحق. ولو قال: أنا أعلمها ولا أؤديها؛ فوجب الضمان ظاهراً. انتهى كلام الشيخ تقي الدين.

وقال أيضاً: ويتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض (شهدت).

ص: 301

يكونوا ملتزمين بالحدود عند الضرورة، مثل الجيش، وحوادث البدو، وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل.

وله أصول: منها: قبول شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم، وشهادة بعضهم على بعض في قول، وشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، وشهادة الصبيان فيما لم يشهده الرجال. انتهى.

قال في "المنتهى": ولا يحل لمن أخبره عدل باقتضاء الحق وانتقاله بأن يشهد به الخ.

الظاهر أنه إذا شهد زيد أن خالداً باع داره من عمرو بكذا وهي ملكه، ثم شهد عنده ثقة أن الدار وقت البيع ليست ملكاً للبائع، لكونها ملكاً أو رهناً مقبوضاً لغيره، وقفاً أو نحوه؛ إنه لا يجوز للشاهد الشهادة بالملك للبائع، قاله شيخنا.

قوله في الموانع: وكذا من دوام على استماع المحرمات الخ.

الظاهر أن من استمع نحو الرباب ولو مرة؛ قدح فيه، وحرم عليه وإن لم يتكرر؛ لنص على ذلك، قاله شيخنا.

قوله ويستمهله معسر الخ.

الظاهر لابد من طلب الاستمهال إذا كان معسراً، فلو أبى (1) لا يمهله؛ لم يكن قادحاً، لأنه أدى جهده وهو طلبه إياه، قاله شيخنا.

قوله: قال الشيخ: وكذا الحكم إذا تعذرت رؤية العين الخ.

المذهب خلافه، لكن يعمل به في بعض الصور، قاله شيخنا.

قوله: العصبية. وهي القرابة والإفراط في الحمية، والحمية تتصور في القرابة والجوار وغير ذلك، بخلاف العصبية، قاله شيخنا.

قوله: ولا منكر وكالة وكيل الخ.

بأن يدعي على شخص أنه وكيل زيد في قبض حقه الذي له عليه بلا

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض: (آلى).

ص: 302

بينة، فإنه لا يلزم الدفع إليه أن صدقه، ولا الحلف إن كذبه، كما تقدم في الوكالة، قاله شيخنا.

قوله: وعبده كأجنبي في حلف على البت، أو على نفي العلم الخ.

فيما إذا ادعى عليه أن عبدك فعل كذا؛ فيمينه على النفي، وأما حلفه على البت؛ فإذا أراد إثبات تصرف لعبده، كعقد بيع ونحوه، وفيها تردد (1) فليتأمل، قاله شيخنا.

قوله: واستيلاد. فيها أشكال تصوير، إلا إن كانت مطالبته أن يبيع أو يطأ فيدعي أنها أم ولد؛ لا يجوز بيعها، قاله شيخنا.

قوله: خوفاً من سلطان أو غيره الخ.

من خوف على نفسه، أو أسلابه، أو على ماله، إذا غاب عنه ليشهد عند الحاكم؛ فذلك عذر، قاله شيخنا.

قوله: بحق يعزيه إلى سبب، هل إذا سمعه يقول: أشهد لقد أقر زيد لخالد بكذا، فيشهد به من غير تحمل؛ فكأنه عزاه إلى سبب، أم لا؟

فيه تردد، وقد تقدمت المسألة، والذي عند الشيخ محمد أن قوله: إن أقر له؛ كما لو عزاه إلى سبب، وفيها كلام "الرعاية" المتقدم، قاله شيخنا:

قوله: قبلت ثم في وجوب إعادتها احتمالان:

قال في "الإنصاف": الأولى: عدم الإعادة. انتهى.

وهذا الذي ظهر لنا أن الأولى عدم الإعادة، قاله شيخنا.

قوله: قبضه واستوفاه الخ. ثم قال: قضيتك منها عشرة الخ. ما الفرق بينهما؟

والظاهر تضادهما، والمذهب أنه يكون مقراً مدعياً للقضاء، لكن أن

(1) وفي نسخة مكتبة الرياض (وفيها ثقل).

ص: 303

دلت قرينة على قوله؛ عمل بالأول، إلا أن علم صدق المقر بقرينة؛ عمل بالثاني؛ لقوله في "تصحيح الفروع": الأولى العمل بالقرائن من صدق المدعي وغيره، قاله شيخنا.

قوله: أو غصبته من زيد وملكه لعمرو، وقبلها ملكه لعمرو وغصبته من زيد الخ.

في العبارات اختلاف، إلا أن يحمل على أنه آخر لفظ ملك في الأولى، وقدمه في الثانية، كما لو قال: ألف من ثمن خمر، أو من ثمن خمر ألف، ونظر عليه الفومني في هامش "التنقيح".

تثبت العصبية بقول الشاهد: أنا شاهد لاحقتني الحمية على فلان؛ فتردد شهادته له، قاله شيخنا.

قوله: والغرماء يجرح شهود الدين الخ.

الظاهر: لا تقبل تزكية الغريم شاهداً لمفلس بحق له، فكل من لا تقبل شهادته له، لا تقبل لتزكية الشاهد، ولا جرح شاهد خصمه، وتقدم، من تقرير شيخنا.

قوله: ولو وجد على دابة أو على أسكفة الخ.

الذي يظهر أن هذا لا يتصور في بلدنا إلا في الكتب، قاله شيخنا.

قوله: وكذا جراحة وغيرها الخ.

الذي يظهر صحة شهادة النساء فيما لا يحضره الرجال غالباً بلا تردد، من مجامع النساء، مثل مجامعهن في الأعراس، والأعياد، وكذا عند نحو دلالة لاجتماعهن عندها، والمجامع يطلق على اجتماعهن، والجمع ثلاث فأكثر، من تقرير شيخنا.

قوله في الإقرار: وتقدم بينة إكراه على بينة طواعيه، لأنه معها زيادة علم الخ.

فظهر أنه إذا ادعى أحد المتعاقدين صحة العقد والآخر فساده، وأقاما

ص: 304

بينتين؛ قدمت بينة مدعي الفساد، لأن معها زيادة علم، كما قدمت بينة الإكراه، وكذا تقدم في السلم ما يقتضي أنها تقدم بينة الصحة؛ قاله شيخنا.

من "شرح المنتهى" لمؤلفه: وتوقف فيها، أي هذه المسألة، وهي ما إذا تخالف اعتقاد المدعي والمدعى عليه فيمن عامل بحيلة، كعينة، أي كمسألة العينة؛ إذا رأى أحد المتعاقدين حرمتها دون الآخر. انتهى. قاله شيخنا.

قوله في "الفروع": وسمعها بعضهم، أي الدعوى المقلوبة، واستنبطها.

قلت: الذي يظهر أنه استنبطها من الشفعة فيما إذا ادعى الشفيع على شخص أنه اشترى الشقص، وقال: اتهبته، أو ورثته؛ فإن القول قوله مع يمينه. فلو نكل عن اليمين، أو قامت للشفيع بينة بالشراء؛ أخذه ودفع ثمنه. فإن قال: لا أستحقه؛ قيل له: إما أن تقبل، وإما أن تبرئ منه على أحد الوجوه، وقطع به المصنف هناك. فلو ادعى الشفيع عليه ذلك؛ ساغ، وكانت شبيهة بالدعوى المقلوبة. ومثله في الشفعة أيضاً لو أقر البائع بالبيع، وأنكر المشتري، وقلنا: تجب الشفعة وكان البائع مقراً بقبض الثمن من المشتري؛ فإن الثمن الذي بيد الشفيع لا يدعيه أحد، فيقال للمدعي: إما أن تقبض وإما أن تبرئ على أحد الوجوه، وتقدم هناك في كلام المصنف. وقال الأصحاب: ونص عليه أحمد: لو جاءه بالسلم قبل محله، ولا ضرر في قبضه؛ لزمه ذلك. فإن امتنع من القبض؛ قيل له: إما أن تقبض حقك، أو تبرئ منه. فإن أبى؛ رفع الأمر إلى الحاكم على ما تقدم في السلم، وكذا في الكتابة؛ فيستنبط من ذلك كله صحة الدعوى المقلوبة. انتهى.

ص: 305

قوله في فصل: من ادعى عليه عيناً بيده، فأقر بها لغائب

إلى أن قال: وإن أقر بها لمجهول

إلى أن قال: فإن عاد وادعاها لنفسه؛ لم يقبل. الخ.

هكذا في "المنتهى"، و "الإنصاف" فيها إشكال، لقوله قبل: ولا بينة (1)، أو ادعها لنفسك الخ. قاله شيخنا.

إذا كان في يد إنسان عين، فادعى آخر أنها له ولم يقم بينة، فأقر بها صاحب اليد لصغير هو وليه، أو صدقه وليه. إن لم يكن هو الولي؛ فيستحق المدعي اليمين على الصغير إذا بلغ، أو على ورثته إن مات، ويتصرف فيها وليه الآن بما أراد، بخلاف قول من قال: إنه يودع إلى أن يحلف الصبي، وهذا قول فاسد لا أصل له. فإن كان المدعي للعين ولياً صغيراً، وأقام شاهداً واحداً فقط؛ فالظاهر تكون بيد مالكها حتى تتم للمدعي، وبه يفتي من تقدم من قضاتنا، قاله شيخنا.

قوله: وعنه تقبل شهادة كل مسلم لم يظهر منه ريبه الخ.

الظاهر أنه إذا أتى عند الحاكم شاهد مسم، ولم يظهر له منه فسق، فتاب؛ قبلت شهادته، وجازت تزكيته، بخلاف من فسقه معلوم؛ ففيه تفصيل، قاله شيخنا.

قال في "الإنصاف": ولايشترط (2) إصلاح العمل، وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. وقدمه في "الهداية" و "المذهب" و "المستوعب" و "الخلاصة" و "النظم" و "الرعايتين" و "الحاوي الصغير" و "الفروع" وغيرهم. وقيل: يعتبر في التائب إصلاح العمل سنة، وقيل: ذلك فيمن فسقه بفعل، وذكره في "التبصرة" رواية، وعنه: ذلك في مبتدع، وجزم به القاضي والحلواني لتأجيل صيفاً، وقيل: يعتبر

(1) وعلى هامش الأصل ونسخة مكتبة الرياض: (قيل: بينة).

(2)

وفي نسخة مكتبة الرياض: (ولا يعتبر).

ص: 306

في قاذف مدة يعلم حاله، وهو احتمال في "الكافي".

وقال ابن حامد في كتابه: يجيء على مقالة بعض أصحابنا: من شرط صحتها وجود أعمال صالحة؛ لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} (1).

فائدتان: توبة غير القاذف: الندم، والإقلاع، والعزم أن لا يعود على الصحيح من المذهب. فلو كان فسقه بترك كصلاة وصوم، وزكاة ونحوها؛ فلابد من فعلها.

الثانية: يعتبر في صحة التوبة رد المظلمة إلى ربها، وأن يستحله، أو يستمهله معسر، ومبادرته إلى حق الله تعالى حسب إمكانه، ذكره في "الترغيب" وغيره، وقدمه في "الفروع" وتمامه فيه. والظاهر لنا أن الفاسق ظاهراً، إذا تاب لا تقبل شهادته، لأن الظاهر أنها حيلة لقبول شهادته، أو جواز ولايته؛ فلابد أن يعلم المزكي أو الحاكم أنه تاب لله، لا لداع غيره، وهو ترويج شهادته أو ولايته، كما هو الغالب عادة، قاله شيخنا.

قال في "الزركشي": وإذا حضر الغائب، وبلغ الصبي، ورشد السفيه؛ فهم على حججهم من القدح في بينة المدعي، أو إقامة بينة تشهد بانتقال الملك إليهم من المدعي، وتمامه فيه.

ومن "مغني ذوي الإفهام" في القضاء: وإن نفى ما لا يستلزم نفي البينة، بأن قال: مالك عندي حق أو وديعة؛ قبلت. انتهى

قوله في الإقرار: وإن خلف ابنين ومائتين. الخ.

الظاهر أنه إذا أوصى شخص بشيء معلوم في ماله، وخلف ولدين؛

(1) 25/ 17.

ص: 307

أنه لا يلزم أحدهما إلا نصفه، لأن له نصف المال، وعليه نصف الوصية فقط، قاله شيخنا.

ومن "حاشية المحرر" وعنه: يعتبر إصلاح العمل سنة، لأن فيها تبيين صلاحه، لاختلاف الأهوية وتغير الطباع. وعند الشافعي؛ كالروايتين وقيل: إن فسق بفعل، وإلا يعتبر فيه إصلاح ذلك، وقيل: يعتبر مدة يعلم فيها حاله بذلك

إلى أن قال: قال الشيخ تقي الدين: من تأمل كلام أحمد وجده: إنما يعتبر في جميع المواضع التوبة، لكن نحن لا نعلم صدقه في توبته بمجرد قوله: قد تبت؛ فلابد من انكفافه عن ذلك، وعلاماته سنة ليكون هذا دليلاً على صدق توبته، ألا تراه يقول في توبته فيما بينه وبين الله تعالى، ويجانب أهل مقالته حتى يعرف الناس أنه تائب، فهل التوبة فيما بينه وبين الله صحيحة في الحال؟ وأما عند الناس؛ فبترك مواضع الذنب، وهو مجانبة أصحاب الذنب

إلى أن قال: فعلمت أنه لابد من علامة تدلنا على صحة التوبة، وإلا فلو كان مجرد التكلم بالتوبة موجباً لصحتها؛ لم يحتج إلى علامة، وتمامه فيه.

إذا كان في يد شخص دار، فادعى عليه آخر، فأقام بينة أنه اشتراها من زيد وهي ملكه، فهل يقبل ولد البائع أن يشهد أن أباه باعها هذا بكذا وهي ملكه، إذا كان أبوه معسراً حياً أو ميتاً، لأنه لا يدفع بها ضرراً ولا يجلب بها نفعاً، أم لا لأنه يثبت أن أباه باعه وهو ملكه فيثبت لأبيه؟

الظاهر لا تقبل شهادته والحالة هذه، قاله شيخنا.

وأما كلام ابن القيم: إذا كان هناك قرينة، مثل صغر، وجلاء مع غصب، ومنع من الشرع أولاً، ولم يثبت آخر الأمر؛ فهو، أي عدم الحكم باليد لثاني. والقول بقول ابن القيم أسلم، وإلا فالمذهب خلافه، قاله شيخنا.

لو ادعى الخصم أن الشاهد عليه شريك في الحق؛ لم يسمع إلا ببينة،

ص: 308

والأحسن الرجوع إلى القرائن. فإن دلت عليه قرينة؛ قوي تحليفه أنه ليس شريكاً، وكلام "النكت" يدل على تحليف الشاهد عند التهمة؛ فليراجع، ويأتي إن شاء الله.

إذا باع إنسان سلعة وهو وكيل لآخر على زيد، فأنكر المشتري؛ فعند الشافعية يجوز للموكل أن يشهد إذا كان عالماً بشرائه، لأنه إذا صادق من حيث لا يعلم المشتري أن السلعة له. وكذا إذا كان الشاهد فاسقاً فأحاله رب الدين على غريمه، مع كون له عليه مثله، ثم يشهد المحيل الذي هو رب الحق في الماضي أن لفلان، أي المحال على فلان، أي المدين كذا، من حيث لا يعلم أنه محيله؛ فيجوز ذلك وأمثاله عندهم، والظاهر أن قاعدة مذهبنا لا تأباه باطناً، لأنه إذاً، أي والحالة هذه صادق، قاله شيخنا.

إذا كان عند شخص حنطة فيها شعير أمانة لاثنين، أحدهما قاصر، هو وليه، أو هما قاصران، فدفع إلى القاصر نصيبه بإذن الرشيد، أو لكونه ولياً على الآخر، ثم بعد أمد، دفع للآخر نصيبه، وإذا السعر عند دفعه لهذا الثاني قد غلت، أي الحنطة؛ فظاهر ذلك الصحة، وهي قسمة تراض، قاله شيخنا.

هل تقبل شهادة الشاهد أن زيداً أقر أن خالداً باعه ديناراً بكر حنطة، أم لا حتى يأتي ببقية الشروط؟

نعم: تقبل، والمشترط للشروط في الإقرار مخطئ، قاله شيخنا.

إذا باع إنسان من آخر عقاراً بحضرة ببينة، ثم بعدما ملكه اشتراه أحد الشهود من المشتري، ثم أقبل البائع يلتمس الفساد، ويدعي أنه وقت البيع سفيه، ولم يقم بينة؛ فله يمين المشتري على نفي العلم- لا أعلم صحة ما قلت؛ لأنها دعوى من جهة الغير، لأنه يقول: بعته على فلان وأنا سفيه، ثم اشتريته منه- ولو كان الشاهد حاضراً، لأنه

ص: 309

أجنبي لا وارث، ومن جعله كالوارث، بأنه إذا حضر على العقد يحلف على البت؛ فقد أخطأ، وليس للمشتري دعوى على بائعه بوجه ما، إلا أن يقيم مدعي الفساد بينة به فينتزعه منه؛ فله الرجوع، فلو نكل عن اليمين ونزعه المدعي؛ فلا رجوع للمشتري على بائعه، لأنه لا رجوع له عليه بنكوله، قاله شيخنا.

يجوز نظر الشهود لإنسان متعر، للقدح في شهادته للحاجة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب. وكذا الزاني، لإقامة الحد عليه، أو لجرحه، قاله شيخنا.

قال ابن مفلح في "النكت على المحرر": إذا ادعى في الشاهد ما يوجب رد الشهادة، من قرابة، أو عداوة ونحوها، فأنكر الشاهد، فهل له أن يحلف الشاهد على نفي ذلك؟ وسواء كان الشاهد مزكياً أو جارحاً شاهداً، أو وال وادعى عليه تهمة توجب رد التزكية والجرح

إلى أن قال: ومما ينبغي أن يلخص الفرق بين اليمين في نفس كونه شهادة، وفي صفته، مثل أن يدعي المشهود عليه أن المال للشاهد، أو أنه شريك، أو أنه خان بهذه الشهادة، أو دافع بها، فإن حقيقة الأمر أن يقول له: لست بشاهد، بل خصم مدعي أو مدعي عليه؛ فهنا يقوى تحليفه، بخلاف الدعوى في صفته وحاله بعد تسليم أنه شاهد محض. انتهى.

وقال أيضاً: ولا تقبل شهادة من يبول في شارع أو مشرعة، والذي يكشف رأسه، أو بطنه، أو صدره، أو ظهره في موضع لم تجر عادة بكشفه فيه. انتهى.

ومن جواب للشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان: وأما إذا ادعى مدح بدين في ذمة ميت ونحوه، وأقام به شاهداً عدلاً فقط، وفي الورثة رشيد ومحجور عليه؛ فإن المدعي يحلف مع شاهده، ويأخذ الدين أو العين، ولا يؤخر الرشد المحجور عليه، لأن ذلك ضرر بالمدعي. انتهى.

ص: 310

ومن "الآداب الكبرى": عون بنت وائلة سمعت أبا هنا يقول: قلت يا رسول الله: "ما العصبية؟ قال: أن تعين قومك على الظلم". حديث حسن صحيح، رواه أبو داود. ولأحمد وابن ماجه قلت: يا رسول الله "أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال: لا، ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم".

قال في "النهاية" في الحديث: العصبي: من يعين قومه على الظلم، هو يعصب لعصبة، ويحامي عنهم. والعصبية الأقارب من جهة الأب. انتهى. وتمامه فيه.

لا تسمع الدعوى إلا محررة، ولا يستخلف المدعي عليه إلا بعد تحريرها، ولا يلزمه الجواب من غير تحرير للدعوى أيضاً، صرح بذلك أئمة المذهب، والله أعلم، كتبه الفقير إلى الله عبد الله بن محمد بن ذهلان، عفا الله عنه، ومن خطه نقلت.

ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما الحجة؛ فليس بمال، ولا يقصد بها المال، بل القربة، فلا يملك الموصي له بها لو كان حياً تصرفاً فيها؛ فلا تثبت بدون رجلين. انتهى.

قوله: ومن أتى بذلك في سرقة؛ ثبت المال دون القطع الخ.

إذا تضمنت الدعوى حقاً لله تعالى، وحقاً لآدمي، مثل أن يدعي أنه سرق ماله، أو وطئ جاريته ليأخذ مهرها، وطلب يمين المدعي عليه لما أنكر، ولم يقم بينة؛ فله ذلك، لأنه حق آدمي، ولا يستخلف لأجل الحد، ذكر معناه في "شرح المقنع".

والظاهر إذا ادعى على إنسان أنه وطئ بهيمة ليغرمها، فأنكر ولم يقم بينة؛ أنه يحلف، وأنه إذا ثبت شيء من ذلك بشاهد ويمين، أي وطء البهيمة والسرقة؛ أنه يقضي بالمال دون الحد، قاله شيخنا.

وإذا باع شخص داراً، ومات البائع ولم يثبت إلا بشاهد؛ فإنه

ص: 311

يحلف ورثة البائع مع الشاهد، سواء كان مالكاً أو كيلاً في البيع، فإن عدم الوكيل ورثته؛ حلف الموكل أو ورثته مع الشاهد، فإن أقر المشتري بالبيع، وأنكر كون البائع وكيلاً؛ فقول الموكل أو ورثته أيضاً؛ لدعواهم صحة العقد، وإن أنكر الموكل الوكالة؛ ولم تثبت إلا بشاهد؛ حلف الوكيل أو وارثه، فإن عدم أو امتنع الوارث؛ فالذي يظهر كما نقل عن البلباني الخزرجي، أن المشتري يحلف: لقد وكلت فلاناً وباع علي.

والظاهر لنا أيضاً: أنه إن حلف بعض الورثة؛ كفى؛ لقوله في "مغني ذوي الإفهام": وكل شريكين في ملك، أو وقف سبب الانتقال إليهما واحد، حكم على أحدهما بغير نكول أو إقرار؛ ينسحب إلى شريكه، وأن اختلف السبب، فلا. انتهى. ولأن الوكالة لا تتبعض، فإذا ثبت من جانب؛ ثبتت جميعا، قاله شيخنا.

ومن "روضة ابن عطوة": يجرح الشاهد من هو مثله أو فوقه، ولا يجرحه من هو دونه إلا بالعداوة، وأما القدح في العدالة؛ فلا، ومنها: لا ترضخ الدعوى بالوسم، قاله العسكري. انتهى.

قوله: وكذا أمير جهاد، وأمين صدقة، وناظر وقف الخ.

الظاهر أن كذلك مثله ولي القاصر إذا أقر أنه باع عقاره ونحوه حين ولايته، سواء كان الآن ولياً، أم لا، هذا مع ثبوت أنه تولى عليه في الماضي، أو أقر القاضي العدل أنه ولاه عليه، من تقرير شيخنا.

من "الآداب الكبرى" لابن مفلح: فصل: والتوبة هي الندم على ما مضى من المعاصي والذنوب، والعزم على تركها دائماً لله تعالى، لا لأجل نفع الدنيا، أو أذى الناس، وأن لا يكون بإكراه أو إلجاء، بل اختياراً حال التكليف، ولا يعتبر في صحة التوبة من الشركاء إصلاح العمل، وكذا غيره من المعاصي في حصول المغفرة، وكذا في أحكام التوبة في قبول الشهادة، وغير ذلك، وعنه: يعتبر سنة. قال بعضهم: إلا أن

ص: 312