الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رزقًا حسنًا، وذلك في قوله تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} ولا شك أن ذلك الذي يرزقهم رزق حسن. وأما الذين ماتوا في غير قتال المذكورين في قوله هنا: أو ماتوا، فقد قال الله فيهم:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ولا شك أن من وقع أجره على الله: أن الله يرزقه الرزق الحسن كما لا يخفى.
والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة.
وقد ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية طرفًا منها والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى في هذه الآية "ثم قتلوا" قرأه ابن عامر بتشديد التاء، والباقون بتخفيفها.
•
.
ذكر غير واحد من المفسرين: أن الإِشارة في قوله: (ذلك) راجعة إلى نصرة من ظلم من عباده المؤمنين المذكور قبل في قوله: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} الآية، أي: ذلك النصر المذكور كائن بسبب أنه قادر لا يعجز عن نصرة من شاء نصرته. ومن علامات قدرته الباهرة: أنه يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، أو بسبب أنه خالق الليل والنهار، ومصرفهما، فلا يخفى عليه ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير
والشر والبغي والانتصار، وأنه سميع لما يقولون، بصير بما يفعلون، أي: وذلك الوصف بخلق النهار والليل والإِحاطة بما يجري فيهما، والإِحاطة بكل قول وفعل بسب أن الله هو الحق، أي: الثابت الإِلهية والاستحقاق للعبادة وحده، وأن كل ما يدعى إلهًا غيره باطل وكفر، ووبال على صاحبه، وأنه جل وعلا هو العلي الكبير الذي هو أعلا من كل شيء، وأعظم وأكبر سبحانه وتعالى علوًا كبيرًا.
وقد أشار تعالى لأول ما ذكرنا بقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} الآية، ولآخره بقوله:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} الآية.
والأظهر عندي: أن الإِشارة في قوله (ذلك) راجعة إلى ما هو أعم من نصر المظلوم، وأنها ترجع لقوله:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} إلى ما ذكره من نصرة المظلوم، أي: ذلك المذكور من كون الملك له وحده يوم القيامة، وأنه الحاكم وحده بين خلقه، وأنه المدخل الصالحين جنات النعيم، والمعذب الذين كفروا العذاب المهين، والناصر من بغي عليه من عباده المؤمنين، بسبب أنه القادر على كل شيء. ومن أدلة ذلك: أنه يولج الليل في النهار إلى آخر ما ذكرنا. وهذا الذي وصف به نفسه هنا من صفات الكمال والجلال ذكره في غير هذا الموضع، كقوله في سورة لقمان مبينًا أن من اتصف بهذه الصفات قادر على إحياء الموتى، وخلق الناس:{مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)} .
ثم استدل على قدرته على الخلق والبعث، فقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ