المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرا - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الأشربة

- ‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا

- ‌659 - (3) باب كل مسكر خمر وحرام وبيان عقوبة من شربه إذا لم يتب منه وبيان المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

- ‌ كتاب آداب الأطعمة والأشربة

- ‌661 - (5) باب آداب الطعام والشراب والنهي عن الأكل بالشمال والأمر بالأكل باليمين وكراهية الشرب والأكل قائمًا والشرب من زمزم قائمًا

- ‌662 - (6) باب النهي عن التنفس في الإناء واستحبابه خارجه ومناولة الشراب الأيمن فالأيمن ولعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة الساقطة ومن دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌ تتمة

- ‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرًا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

- ‌664 - (8) باب صفة قعود الآكل، ونهيه عن قرن تمرتين عند أكله مع الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوع أهل بيت عندهم تمر"، وفضل تمر المدينة، وفضل الكمأة، وفضل الكباث، وفضل التأدم بالخل

- ‌665 - (9) باب كراهية أكل الثوم ونحوه لمن أراد خطاب الأكابر وحضور المساجد وإكرام الضيف وفضل إيثاره والحث على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاية

- ‌666 - (10) باب طعام الاثنين يكفي الثلاثة والمؤمن يأكل في معىً واحد والكافر في سبعة أمعاء، وأن الطعام لا يعيب، والنهي عن أكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ كتاب اللباس والزينة

- ‌667 - (11) باب تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال وإباحته للنساء

- ‌668 - (12) باب ما يرخَّص فيه من الحرير وحجة من يحرم الحرير على النساء ومن لبس حريرًا سهوًا أو غلطًا نزعه أوَّل ما علم أو تذكَّر وحرمان من لبِسه في الدنيا من لُبْسهِ في الآخرة والرخصة في لُبْس الحرير للعلَّة

- ‌669 - (13) باب النهي عن المعصفر، وفضل لبس ثياب الحبرة، وفضل التواضع في اللباس والفراش وغيرهما، والاقتصار على الغليظ منهما، وجواز اتخاذ الأنماط وكراهة ما زاد على الحاجة في الفراش واللباس

- ‌670 - (14) باب إثم من جر ثوبه خيلاء وإثم من تبختر في مشيه، وتحريم خاتم الذهب على الرجال، ولبس النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده خاتمًا من ورق نقشه محمد رسول الله واتخاذه لما أراد أن يكتب إلى العجم

- ‌671 - (15) باب طرح الخواتم والفص الحبشي ولبس الخاتم في الخنصر والنهي عن التختم في الوسطى والتي تليها والانتعال وآدابه والنهي عن اشتمال الصماء ومنع الاستلقاء على الظهر

- ‌672 - (16) باب نهي الرجل عن التزعفر واستحباب خضاب الشيب بحمرة أو صفرة وتحريمه بسواد والأمر بمخالفة اليهود في الصبغ وتحريم تصوير الحيوان واتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة

- ‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

- ‌674 - (18) باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ونظائرهما وذم النساء الكاسيات العاريات والنهي عن التزوير في اللباس وغيره والتشبع بما لم يعط

الفصل: ‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرا

‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا

4994 -

(1935)(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيّ. أخْبَرَنَا حجاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيّ بْنِ حُسَينِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، حُسَينِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَال: أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مَغْنَمٍ، يَوْمَ بَدْرٍ. وَأعْطَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم شَارِفًا أُخْرَى. فَأنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ. وَأنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيهِمَا إِذْخِرًا

ــ

657 -

(1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا

4994 -

(1935)(1)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِيّ أخبرنا حجاج بن محمَّد) الأعور البغدادي المصيصي، ثِقَة، من (9) (عن ابن جريج حَدَّثني ابن شهاب عن علي) زين العابدين (بن حسين بن عليّ) بن أبي طالب (عن أَبيه حسين بن عليّ) رضي الله عنهما (عن) أَبيه (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) علي بن أبي طالب (أصبت) أي أخذت (شارفًا) أي ناقة مسنة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغنم) أي من غنيمة غنمها المسلمون (يوم بدر) والشارف بالشين المعجمة وبالفاء هي الناقة المُسنة تجمع على شرف بضم الراء وإسكانها اهـ نووي (وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفًا) أي مُسنة (أُخرى) من خمس يوم بدر على الصحيح (فأنختهما) أي أنخت المسنتين وأبركتهما (يومًا) من الأيام (عند باب) دار (رجل من الأَنصار (قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه، ولم أر أحدًا من الشُرَّاح ذكر اسمه (و) الحال (أنا أريد) الذهاب إلى الجبل، و (أن أحمل عليهما إذخرًا) بكسر الهمزة والخاء المعجمة حشيش معروف طيب الرائحة يُسقف به البيوت ويسد به فرج اللحد، وما سيأتي في الرواية الآتية أوضح من هذا ولفظه (ولما أردت أن أبتني وأدخل بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلًا صواغًا من بني قينقاع يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي) وفيه جواز الاحتشاش للتكسب وبيعه وأنه لا ينقص المروءة، وفيه جواز بيع الوقود للصواغين

ص: 10

لأَبِيعَهُ، وَمَعِيَ صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَينُقَاعَ، فَأسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَليمَةِ فَاطِمَةَ. وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَشْرَبُ في ذلِكَ البَيتِ. مَعَهُ قَينَةٌ تُغَنِّيهِ. فَقَالتْ: أَلا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ

ــ

ومعاملتهم (لـ) آخذه من الجبل و (أبيعه) للصواغين ليوقدوا به النَّار عند الصياغة (ومعي) رجل لم أر من ذكر اسمه (صائغ) أي يعمل الصياغة (من بني قينقاع) بضم النُّون وكسرها وفتحها والضم أشهر وهم طائفة من يهود المدينة، ويجوز صرفه على إرادة الحي ومنعه من الصرف على إرادة القبيلة أو الطائفة، وفيه جواز الاستعانة باليهودي في الأعمال والأكساب، وفيه اتخاذ الوليمة للعرس سواء في ذلك من له مال كثير ومن دونه اهـ نووي، وقوله (فأستعين به) أي بالإذخر أي بثمنه فهو معطوف على قوله "فأبيعه"(على وليمة) الابتناء بـ (فاطمة) رضي الله تعالى عنها (و) عمي (حمزة بن عبد المطَّلب يشرب) الخمر، وذلك قبل تحريمها (في ذلك البيت) الذي أنخت عند بابه المسنتين، والحال أن (معه) أي مع حمزة (قينة) أي جارية مغنية، قال الأبي: القينة الجارية المغنية، ولعل هذا كان قبل المنع من الغناء اهـ (تغنيه) أي تغني حمزة وتمدحه (فقالت) في غنائها له أي قالت في جملة ما تغنت به (ألا يَا حمز للشرف النواء) وهذا هو الشطر الأول من الأشعار التي تغنت بها الجارية، وحكى الحافظ في الفتح [6/ 200] عن معجم الشعراء للمرزباني أن هذا الشعر لعبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي جد أبي السائب المخزومي وهو الذي أمر القينة أن تغني بها تثير همة حمزة لما عرف من كرمه على نحو الناقتين ليأكلوا من لحمها، وتمام الأشعار ما يلي:

ألا يا حمز للشرف النواء

وهن معقلات بالفناء

ضع السكين في اللبات منها

وضرجهن حمزة بالدماء

وعجل من أطايبها لشرب

قديدًا من طبيخ أو شواء

قوله (ألا) حرفُ تنبيه واستفتاح (يَا حمز) منادى مفرد العلم مرخم حمزة يجوز فيه فتح الزاي على لغة من ينتظر المحذوف، وضمها على لغة من لا ينتظر (للشرف) باللام الجارة وضم الشين والراء جمع شارف على غير قياس، وذلك أن الشارف مؤنث لأنه اسم للناقة المسنة وهو في أصله صفة لها فكان حقه أن يجمع على (فواعل) أو (فعل) لأنهما مثالًا جمع فاعل إذا كان للمؤنث لكنه لما كان مذكر اللفظ أي ليس فيه علامة تأنيث حملوه على بازل الذي هو صفة للجمل المسن فجمعوه جمعه فقالوا: شرف كما

ص: 11

النِّوَاءِ. فَثَارَ إِلَيهِمَا حَمْزَةُ بِالسيفِ. فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا. ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا.

قُلتُ لابْنِ شِهَابِ: وَمِنَ السَّنَامِ؟ قَال: قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا. قَال ابْنُ شِهَابِ: قَال عَلِيٍّ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي

ــ

قالوا بزل، والسلام حرف جر متعلق بمحذوف دل عليه الحال أي انتبه يَا حمزة وانهض للشرف أو قم لها، تحرضه على نحرها ولذلك قام حمزة فنحرها (النواء) بكسر النُّون وبالمد جمع ناوية وهي السمينة يقال نوت الناقة تنوي فهي ناوية وهو أَيضًا على غير قياس كما تقدم، والمعنى ألا يَا حمزة انهض وقم إلى نحر النوق السمينة، قال الخطابي: وقد روى ابن جرير الطبري بدل هذا اللفظ (ألا يَا حمز ذا الشرف النواء) بفتح الشين والراء في الشرف وفتح النُّون في النواء كأنه وصف حمزة بكونه شريفًا، والنواء حينئذ بمعنى النَّائِيّ وهو البعيد والمراد (ذا الشرف البعيد) أي مناله بعيد ولكنه رده الخطابي وقال إنه خطأ وتصحيف، ووقع في رواية القابسي والأصيلي (النوى) بالقصر وهو خطأ أَيضًا، وقوله (وهن معقلات) أي مشدودات مربوطات، والضمير للشوارف، وأتى بضمير الجمع مع أنهما كانتا اثنتين توسعًا و (الفناء) بكسر الفاء والمد جانب الدار (وضرجهن) أي لطخهن (بالدماء) السائلة منها من التضريج وهو التلطيخ (والأطايب) جمع الأطيب، والمراد عجل من أطيب لحمها (لشرب) بفتح الشين جمع شارب يعني عجل من أطيب لحمها لهؤلاء الندماء الذين يشربون الخمر و (القديد) المطبوخ من اللحم والطبيخ المطبوخ والشواء بكسر الشين المشوي (فثار) أي نهض وقام (إليهما) أي إلى الشارفين (حمزة بالسيف فجب) أي قطع (أسنمتهما) والجب الاستئصال في القطع والأسنمة جمع السنام والسنام بفتح السين حدبة على ظهر البعير (وبقر) أي شق (خواصرهما) جمع خاصرة وهي موضع الكلية بين الجنب والحقو (ثم أخذ من أكبادهما) جمع كبد، قال ابن جريج:(قلت لابن شهاب و) هل أخذ (من السنام) أَيضًا يعني سألته هل أخذ من السنام أَيضًا كما أخذ من الأكباد؟ فـ (قال) لي ابن شهاب: نعم (قد جب) وقطع (أسنمتهما) أَيضًا (فذهب بها، قال ابن شهاب: قال علي) بن أبي طالب (فنظرت إلى منظر) من الشارفين يعني إلى أسنمتهما وخواصرهما (أفظعني) أي أفزعني وأحزنني

ص: 12

فَأَتَيتُ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيدُ بْنُ حَارِثَةَ. فَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ. فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيدُ. وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. فَدَخَلَ َعَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيهِ. فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ. فَقَال: هَل أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِآبَائِي؟ فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَج عَنْهُمْ.

4995 -

(00)(00) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنِي ابْن جُرَيج،

ــ

ذلك المنظر (فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده) صلى الله عليه وسلم (زيد بن حارثة) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه (فأخبرته) صلى الله عليه وسلم (الخبر) أي خبر ما وقع من حمزة (فخرج) رسول الله صلى الله عليه وسلم معي (ومعه) صلى الله عليه وسلم (زيد) بن حارثة (وانطلقت معه) صلى الله عليه وسلم إلى البيت الذي فيه حمزة (فدخل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (على حمزة فتغيظ) أي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليه) أي على حمزة (فرفع حمزة بصره) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) حمزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهل في قوله (هل أنتم) للاستفهام الإنكاري والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وزيد أي ما أنتم (إلا عبيد لأبائي) أي إلَّا كعبيد لأبي عبد المطَّلب! يريد والله أعلم أن عبد الله وأبا طالب كانا كأنهما عبدان لعبد المطَّلب في الخضوع لحرمته والجد يدعى سيدًا وأنه أقرب إليه منهما فأراد الافتخار عليهم بذلك، وفي الرواية الآتية (لأبي) بالإفراد؛ والمراد به في الموضعين عبد المطَّلب، والجمع هنا للتعظيم (فرجع) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حمزة حالة كونه (يقهقر) أي يمشي القهقرى وهو المشي إلى الخلف، وكأنه فعل ذلك خشية أن يزداد عبث حمزة في حالة سكره فينتقل من القول إلى الفعل فأراد أن يكون ما يقع من حمزة بمرأى منه ليدفعه إن وقع منه شيء كذا في فتح الباري (حتَّى خرج) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عنهم) أي من عند حمزة ومن معه من الشربة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ أخرجه في مواضع منها في الجهاد باب فرض الخمس برقم [3901] وأبو داود في الخراج برقم [2986].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

4995 -

(0)(0)(وحدثنا عبد بن حميد أخبرني عبد الرَّزّاق أخبرني ابن جريج)

ص: 13

بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

4996 -

(00)(00) وحدثني أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. أخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيرٍ، أَبُو عُثْمَانَ المِصْرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَينِ بْنِ عَلِيٍّ؛ أَنَّ حُسَينَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَلِيًّا قَال: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ، يَوْمَ بَدْرٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمْسِ يَوْمَئِذٍ. فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ، بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعَدْتُ رَجُلًا

ــ

غرضه بيان متابعة عبد الرَّزّاق الحجاج بن محمَّد (بهذا الإسناد) يعني عن ابن شهاب إلى علي بن أبي طالب، وساق عبد الرَّزّاق (مثله) أي مثل حديث حجاج بن محمَّد.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

4996 -

(00)(00)(وحدثني أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني الخُرَاسَانِيّ الأصل البغدادي، ثِقَة ثبت، من (11) روى عنه في (8) أبواب (أخبرنا سعيد بن كثير بن عفير) بمهملة وفاء مصغرًا الأَنْصَارِيّ مولاهم (أبو عثمان المصري) روى عن ابن وهب في الضحايا والأشربة وسليمان بن بلال في الفضائل، والليث ومالك وطائفة، ويروي عنه (خ م س) وأبو بكر بن إسحاق وعثمان بن خرزاذ، قال أبو حاتم: لم يكن بالثبت، كان يقرأ من كتب النَّاس وهو صدوق، وقال ابن عدي: هو عند النَّاس صدوق ثِقَة، وقال النَّسائيّ: صالح، وقال ابن معين: ثِقَة لا بأس به، وقال الحاكم: يقال إن مصر لم تخرج أجمع للعلوم منه، وقال في التقريب: صدوق عالم بالأنساب والأخبار والمناقب، من العاشرة، مات سنة (226) ست وعشرين ومائتين (حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب) بن مسلم الفهمي المصري، ثِقَة، من (9)(حَدَّثني يونس بن يزيد) الأُموي الأيلي، ثِقَة، من (7)(عن ابن شهاب أخبرني علي بن حسين بن عليّ) بن أبي طالب (أن حسين بن عليّ) بن أبي طالب رضي الله عنه (أخبره أن عليًّا) ابن أبي طالب رضي الله عنه (قال) وهذا السند من ثمانياته، غرضه بيان متابعة يونس بن يزيد لابن جريج (كانت لي شارف) أي ناقة مسنة (من نصيبي) أي من سهمي (من المغنم يوم بدر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفًا من الخمس) أي من خمس الغنيمة التي غنموها (يومئذ) أي يوم غزوة بدر قال علي (فلما أردت) وقصدت (أن أبتني) وأدخل، والبناء الدخول بالزوجة وأصله أنَّهم كانوا من أراد ذلك بنوًا له قبة فخلا فيها بأهله (بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلًا)

ص: 14

صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَينُقَاعَ يَرْتَحِلُ مَعِيَ. فَنَأتِي بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ. فَأَسْتَعِينَ بِهِ في وَليمَةِ عُرْسِي. فَبَينَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالغَرَائِرِ وَالحِبَالِ. وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ

ــ

أي عاهدت معه ولم أر من ذكر اسم الرَّجل (صواغًا) بفتح الصاد المهملة وتشديد الواو صفة رجلًا، والصواغ مبالغة في الصائغ؛ وهو الذي يصوغ الذهب والفضة (من بني قينقاع) بفتح القافين وضم النُّون على الأشهر وقد تفتح وتكسر، وقال في القاموس: هم شعب من اليهود كانوا بالمدينة، وقوله (يرتحل معي) أي يمشي معي إلى موضع الإذخر، صفة ثالثة لرجلًا، وفي رواية البُخَارِيّ (أن يرتحل معي) بزيادة أن المصدرية فتكون الجملة في تأويل مصدر منصوب على أنَّه مفعول ثان لواعد أي واعدته الارتحال معي (فنأتي بإذخر) بكسر الهمزة وذال معجمة ساكنة حشيشة طيبة الرائحة (أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به) بالنصب عطفًا على أبيعه أي أستعين بثمنه (في) شراء طعام (وليمة عرسي) بفاطمة، قال الجوهري: العرس بضم العين وسكون الراء طعام الوليمة ويقال أعرس الرَّجل إذا بني بأهله وكذلك إذا غشيها، وفي القاموس نحوه وبكسر العين امرأة الرَّجل، والوليمة طعام الزفاف وحينئذ فينبغي كسر العين أي طعام وليمة المرأة وإلا فيصير المعنى طعام وليمة وليمتي، وإنما سمي طعام الوليمة المعمول عند العرس عرسًا باسم سببه اهـ من الإرشاد.

وفيه أن ما يجمعه الصواغ يكون ملكًا له فكيف يبيعه علي رضي الله عنه لنفسه؟ والجواب أن الصواغ وعده بأنه سيهب له ما يجمعه وذلك لما بينهما من صداقة أو تكون مصاحبة الصواغ لمجد الاستيناس به ويكون كل واحد منهما مالكًا لما يجمعه بنفسه ولا يبيع علي إلَّا ما هو ملك له والله أعلم اهـ من التكملة.

(فبينا) بلا ميم وكذا مع الميم ظرف ملازم للإضافة إلى الجملة (أنا أجمع لشارفي) أي لشارفين لي هو مثنى أضيف إلى ياء المتكلم (متاعًا) يحتاج إليه في حمل الإذخر عليهما (من الأقتاب) جمع قتب وهو أداة الرحل، وقال النووي: وهو رحل يكون قدر السنام اهـ وقد يكون في موضع آخر بمعنى الأمعاء وهو وما بعده بيان للمتاع (والغرائر) بالغين المعجمة والراء المكررة جمع غرارة ما يوضع فيه الشيء من التبن وغيره وتسمى بالجوالق كما في النووي (والحبال) جمع حبل والمراد الحبال التي تربط بها الحمولة على القتب (وشارفاي) أي والحال أن شارفي (مناخان) أي مبروكتان هكذا هو في معظم

ص: 15

إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ. وَجَمَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ. فَإِذَا شَارِفَايَ قَدِ اجْتُبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. فَلَمْ أَمْلِكْ عينَيَّ حِينَ رَأَيتُ ذلِكَ المَنْظَرَ مِنْهُمَا. قُلتُ: مَنْ فَعَلَ هذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ. وَهُوَ في هذَا البَيتِ في شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ. غَنَّتْهُ قَينَةٌ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالتْ في غِنَائِهَا: ألا يَا حَمْزُ لِلشُرُفِ النِّوَاءِ. فَقَامَ حَمْزَةُ بِالسَّيفِ. فَاجْتَبَّ

ــ

النسخ (مناخان) وفي بعضها (مناختان) بزيادة التاء وهما صحيحان فأنث باعتبار المعنى، وذكر باعتبار اللفظ يعني لفظ شارف (إلى جنب حجرة رجل من الأَنصار) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه (وجمعت حين جمعت ما جمعت) من الأقتاب والغرائر وغيرها، وفي رواية (ورجعت) أي إليهما (حين جمعت ما جمعت) من الأمتعة وهي أوضح بل أصوب (فإذا) الفاء عاطفة، وإذا فجائية رابطة لجواب بينا أي فبينا أوقات جمعي ما جمعت من الأمتعة ورجوعي إليهما (شارفاي قد اجتبت) أي قد قطعت، وفي رواية للبخاري (قد اجتبت) وفي أخرى (قد جبت) وهي أوضح (أسنمتهما وبقرت) أي شقت (خواصرهما وأخذ من كبادهما) والمعنى فبينا جمعي ما جمعت ورجوعي إليهما فاجأني جب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ أكبادهما (فلم أملك عيني) بلفظ التثنية أي فلم أقدر إمساك عيني عن البكاء (حين رأيت ذلك المنظر) الفظيع (منهما) وإنما بكى علي رضي الله عنه خوفًا من تقصيره في حق فاطمة رضي الله تعالى عنها أو في تأخير الابتناء بها لا لمجرد ذوات الناقتين اهـ من الإرشاد.

قال علي رضي الله عنه (قلت) لمن حولهما (من فعل هذا) الجب والبقر والأخذ من أكبادهما (قالوا) أي قال الحاضرون حولهما (فعله) أي فعل هذا الجب والبقر بهما (حمزة بن عبد المطَّلب وهو) أي حمزة جالس (في هذا البيت في شرب) أي مع شربه (من الأَنصار) بفتح الشين المعجمة وسكون الراء جماعة يجتمعون على شرب الخمر اسم جمع عند سيبويه، وجمع شارب عند الأخفش كصحب وصاحب (غنته) أي مدحته وأطربته (قينة) أي جارية مغنية بقصيدة مطلعها ألا يَا حمز .. الخ (وأصحابه) بالنصب معطوف على ضمير غنته لوجود الفاصل أي غنته وأصحابه من الشربة معه جارية مغنية أي صاحبة غناء بتلك القصيدة (فقالت في غنائها ألا يَا حمز للشرف النواء فقام حمزة بالسيف فاجتب) حمزة أي جب وقطع فهو خماسي بمعنى الثلاثي زيد فيه إفادة للمبالغة

ص: 16

أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا. فَأخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قَال عَلِيُّ: فَانْطَلَقْتُ حَتى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيدُ بْنُ حَارِثَةَ. قَال: فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في وَجْهِيَ الّذِي لَقِيتُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا لكَ؟ " قلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ، مَا رَأَيتُ كَاليَوْمِ قَط

ــ

في المعنى (أسنمتهما وبقر خواصرهما فأخذ من أكبادهما. فقال علي) رضي الله عنه (فانطلقت) من عندهما (حتَّى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذهبت حتَّى دخلت عليه صلى الله عليه وسلم فيجوز فيه الرفع والنصب، ورجح ابن مالك النصب وعبر بصيغة المضارعة مبالغة في استحضار صورة الحال وإلا فكان الأصل أن يقول حتَّى دخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (وعنده زيد بن حارثة قال) علي (فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلت عليه (في وجهي) أثر (الذي لقيت) من اعتداء حمزة على شارفي (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك) يَا علي أي أي شيء ثبت لك فظهر أثره في وجهك فـ (قلت) له صلى الله عليه وسلم (يَا رسول الله والله) أتى بالقسم لتأكيد الكلام (ما رأيت كاليوم قط) أي ما رأيت فيما مضى من عمري منظرًا أفظع مثل منظر اليوم، وقط ظرف مستغرق لما مضى من الزمان ملازم للنفي، قال القرطبي: هذا كلام كثر عندهم حتَّى صار كالمثل، والكاف فيه نعت (يوم) محذوف تقديره ما رأيت يومًا مثل اليوم يهولني لما لقيت فيه، ويحتمل أن يكون نعتًا لمصدر محذوف أي ما رأيت كربًا مثل كرب اليوم أو ما شاكل ذلك، ويدل على الأول ما أنشده ابن شبة من الزيادة في شعر القينة فقال:

ألا يا حمز للشرف النواء

وهن معقلات بالفناء

ضع السكين في اللبات منها

وضرجهن حمزة بالدماء

وعجل من أطايبها لشرب

قديدًا من طبيخ أو شواء

(قلت) وعلى هذا فيكون فيه حجة على إباحة أكل ما ذبحه غير المالك تعديًا كالغاصب والسارق وهو قول جمهور العلماء مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وخالف في ذلك إسحاق وداود وعكرمة فقالوا: لا يؤكل وهو قول شاذ، وحجة الجمهور أن الذكاة وقعت من المتعدي على شروطها الخاصة بها وقيمة الذبيحة قد تعلقت بذمة المتعدي فلا موجب للمنع وقد وقع التفويت، وقد روى ابن وهب حديثًا

ص: 17

عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا. وَهَا

ــ

يدل على جواز الأكل رواه أَحْمد [5/ 293] وأبو داود [3332] والدارقطني [4/ 286] من حديث عاصم بن كليب. ولم يقع في شيء من الصحيح أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ألزم حمزة غرامة الشارفين، لكن روى هذا الحديث عمر بن شبة في كتابه وزاد فيه من رواية أبي بكر بن عياش: فغرمهما النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن حمزة. وهذه الرواية جارية على الأصول إذ لا خلاف في أن ما يتلف السكران من الأموال يلزمه غرمه وعلى تقدير أن لا تثبت هذه الزيادة فعدم النقل لا يدل على عدم المنقول ولو دل على ذلك لأمكن أن يقال إنما لم يحكم عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالغرامة لأن عليًّا رضي الله عنه لم يطلبها منه أو لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تحملها عنه والله تعالى أعلم.

(قلت) وهذا الحديث يدل على أن شرب الخمر كان إذ ذاك مباحًا معمولًا به معروفًا عندهم بحيث لا ينكر ولا يغير وأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أقر عليه وعليه يدل قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، وقوله تعالى:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} ، وهل كان يباح لهم شرب القدر الذي يسكر؟ ظاهر هذا الحديث يدل عليه فإن ما صدر من حمزة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم من القول الجافي المخالف لما يجب عليه من احترام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعزيره يدل على أن حمزة كان قد ذهب عقله بما يسكر ولذلك قال الراوي فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه ثمل ثم إن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم ينكر على حمزة ولا عنفه لا في حال سكره ولا بعد ذلك فكان ذلك دليلًا على إباحة ما يسكر عندهم، وقد احتج بهذا الحديث من لا يلزم طلاق السكران من جهة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ حمزة بما صدر منه من قوله وإليه ذهب المزني والليث وبعض أصحاب أبي حنيفة، وتوقف فيه أَحْمد بن حنبل، والجمهور من السلف والخلف وكافة الفقهاء على أن ذلك يلزمه لأن السكران بعد التحريم أدخل نفسه في السكر بمعصية الله تعالى فكان مختارًا لما يكون منه فيه ولم يكن حمزة كذلك بل كان شربه مباحًا كما مر آنفًا فصار ذلك بمثابة من سكر من شرب اللبن أو غيره من المباحات فإنَّه لا يلزمه شيء مما يجري منه من القول ويكون كالمغمى عليه والله أعلم اهـ من المفهم بتصرف.

(عدا حمزة) أي تعدى (على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها) أي انتبه

ص: 18

هُوَ ذَا في بَيتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. قَال: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ فَارْتَدَاهُ. ثُمّ انْطَلَقَ يَمْشِي. وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزيدُ بْنُ حَارِثَةَ. حَتى جَاءَ البَابَ الذِي فِيهِ حَمْزَةُ. فَاسْتَأذَنَ. فَأَذِنُوا لَهُ. فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ. فَإِذَا حَمْزَةُ مُحْمَرَّةٌ عَينَاهُ. فَنَظَرَ حَمْزَةُ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ صَعَّدَ النظَرَ فَنَظَرَ إلى رُكْبَتَيهِ. ثُمّ صَعَّدَ النظَرَ إلى سُرَّتِهِ. ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إلى وَجْهِهِ. فَقَال حَمْزَةُ: وَهَل أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لأبَي؟

ــ

يَا رسول الله (هو) أي حمزة (ذا) أي حاضر جالس (في بيت) لرجل من الأَنصار (معه) أي مع حمزة في ذلك البيت (شرب) بفتح الشين وسكون الراء جمع شارب أي معه شربة الخمر، اجتمعوا عليها (قال) علي (فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي طلب (بردائه) فجيء به (فارتداه) فيه أن للإمام أن يمضي إلى بيت من بلغه أنَّهم على منكر ليغيره، وفيه أن للكبير في بيته أن يلقي رداءه تخفيفًا وأنه إذا أراد لقاء أتباعه يكون على أكمل هيئة كذا في فتح الباري (ثم انطلق يمشي) أي غير راكب (واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتَّى جاء الباب الذي فيه حمزة فاستأذن) في الدخول (فأذنوا له) صلى الله عليه وسلم، وفي رواية البُخَارِيّ (فأذنوا لهم) أي للثلاثة، قال الحافظ: فيه سنة الاستئذان في الدخول وأن الإذن للرئيس يشمل أتباعه لأن زيد بن حارثة وعليًّا دخلا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان استأذن فاذنوا له اهـ (فإذا هم) أي المجتمعون في البيت (شرب) أي شاربون للخمر (فطفق) بكسر الفاء أي جعل (رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم) ويوبخ (حمزة فيما فعل) وعدا على ناقتي علي رضي الله عنهما (فإذا حمزة محمرة عيناه) لسكره (فنظر حمزة) رضي الله عنه (إلى) أسافل (رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد) بفتح الصاد والعين المشددة المهملتين (النظر) أي البصر أي رفعه (إلي ركبتيه) صلى الله عليه وسلم، وفي رواية البُخَارِيّ (ركبته) بالإفراد (ثم صعد) بفتحتين مع التشديد أَيضًا أي رفع (النظر فنظر) حمزة (إلى سرته) صلى الله عليه وسلم (ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه) صلى الله عليه وسلم (فقال حمزة وهل أنتم إلَّا عبيد لأبي) عبد المطَّلب أي كالعبيد له؛ يريد والله أعلم أن عبد الله وأبا طالب كانا كأنهما عبدان لعبد المطَّلب في الخضوع لحرمته، والجد أَيضًا يدعى سيدًا لأحفاده وأنه أقرب إليه منهما فأراد الافتخار عليهم

ص: 19

فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ثَمِل. فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم َعَلَى عَقِبَيهِ القَهْقَرَى. وَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ.

4997 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ. حَدثني عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ،

ــ

بذلك كما مر (فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ونظره (أنَّه) أي أن حمزة (ثمل) بفتح المثلثة مع كسر الميم ورفع اللام مع التنوين على صيغة اسم الفاعل من فعل المكسور يقال ثمل فهو ثمل أي سكران، وفي رواية البُخَارِيّ (أنَّه قد ثمل) بصيغة الماضي (فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رجع (على عقبيه) بلفظ التثنية أي وراءه رجوع (القهقرى) يقال نكص إذا تأخر و (القهقرى) الرجوع إلى وراء ووجهه إليك قاله الأخفش يقال منه تقهقر الرَّجل يتقهقر إذا فعل ذلك، وظاهر هذا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجع إلى خلفه ووجهه إلى حمزة مخافة أن يصدر من حمزة شيء يكره فإنَّه قد كان السكر أذهب عقله، وقيل المعنى أنَّه خرج عنهم مسرعًا والأول أولى (وخرج) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من عندهم (وخرجنا) يريد علي نفسه وزيد بن حارثة (معه) صلى الله عليه وسلم.

وإنما أورد الإِمام مسلم رحمه الله تعالى هذا الحديث أول كتاب الأشربة ليتبين به حكمة تحريم الخمر فإن الإنسان بعد شربها لا يملك نفسه فيعتدي على مال الغير ويرتكب ما فيه غضاضة له فإن حمزة رضي الله عنه مع كونه عمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أكثر النَّاس إجلالًا واحترامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان يتصور منه أن يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما خاطبه به في حالة السكر والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

4997 -

(00)(00)(وحدثنيه محمَّد بن عبد الله بن قهزاذ) المروزي، ثِقَة، من (11) روى عنه في (7) أبواب (حَدَّثني عبد الله بن عثمان) بن جبلة بن أبي رواد الأَزدِيّ العتكي أبو عبد الرَّحْمَن المروزي، الملقب بعبدان واسم أبي رواد أيمن مولى المهلب بن أبي صفرة، روى عن ابن المبارك في الأشربة والفضائل، وأبيه في المرء مع من أحب، وأبي حمزة السكري في الفتن ويروي عنه (خ م د ت س) ومحمَّد بن عبد الله بن قهزاذ ومحمَّد بن يحيى الذُّهليّ وأبو علي اليشكري، ومر البسط في ترجمته في المقدمة، ثِقَة،

ص: 20

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

4998 -

(193)(2) حدّثني أَبُو الرَبِيعِ، سُلَيمَانُ بْنُ دَاوُدَ العَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيدٍ). أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ، يَوْمَ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، في بَيتِ أَبِي طَلحَةَ. وَمَا شَرَابُهُمْ إلا الفَضِيخُ: البُسْرُ وَالتَّمْرُ

ــ

من (10) مات سنة (221) في شعبان (عن عبد الله بن المبارك) الحنظلي المروزي، ثِقَة، من (8)(عن يونس عن الزُّهْرِيّ بهذا الإسناد) يعني عن علي إلى علي (مثله) أي مثل ما حدث عبد الله بن وهب عن يونس، غرضه بيان متابعة ابن المبارك لابن وهب. وهذا السند من ثمانياته أَيضًا.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أنس رضي الله عنه فقال:

4998 -

(193)(2)(حَدَّثني أبو الرَّبيع) الزهراني (سليمان بن داود العتكي) البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا حماد يعني ابن زيد) بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ (أخبرنا ثابت) بن أسلم البناني البَصْرِيّ (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة) الفضيخ كما هو مصرح به في رواية البُخَارِيّ وهو البسر الذي يشدخ ويصب عليه الماء ويترك حتَّى يغلي فيصير مسكرًا.

والذي يتلخص من الروايات الآتية أن القوم كان فيهم أبو أَيُّوب وأبو طلحة وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وأبو دجانة وسهيل بن بيضاء وأبي بن كعب في رهط من الأَنصار رضي الله عنهم ووقع عند عبد الرَّزّاق أنَّهم كانوا أحد عشر رجلًا، وفي رواية للبخاري في الباب الثالث من الأشربة (كنت قائمًا على الحي أسقيهم عمومتي وأنا أصغرهم الفضيخ) (وما شرابهم) أي ما شراب النَّاس وقتئذ (إلَّا الفضيخ) وقال الحافظ في الفتح: أما الفضيخ فهو بفاء وضاد معجمتين بوزن عظيم اسم للبسر إذا شدخ ونبذ في الماء وقد يطلق الفضيخ على خليط البسر والرطب كما يطلق على خليط البسر والتَّمر وكما يطلق على البسر وحده وعلى التمر وحده، والظاهر أن الذي أراد أنس هنا هو الخليط من البسر والتَّمر ولذا فسره بقوله والفضيخ هو (البسر والتَّمر) المخلوطان يصب عليهما الماء فيتركان إلى غليانهما فيشربان، قال في القاموس: الفضخ بفتح الفاء وسكون الضاد شق الشيء يقال فضخ البطيخ أو الرأس فضخًا من الباب الثالث إذا كسره وشدخه اهـ وحينئذ

ص: 21

فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي. فَقَال: اخْرُجْ فَانْظُرْ. فَخَرَجْتُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي: "أَلَا إِن الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ". قَال: فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ. فَقَال لِي أَبُو طَلحَةَ: اخْرُجْ فَأهْرِقها. فَهَرَقْتُهَا

ــ

الفضيخ المفضوخ أي المكسور والمشدوخ من البسر والتَّمر والله أعلم. وقال إبراهيم الحربي: الفضيخ أن يفضخ البسر ويصب عليه الماء ويتركه حتَّى يغلي، وقال أبو عبيد: هو ما فضخ من البسر من غير أن تمسه نار فإن كان معه تمر فهو خليط، وفي هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم تصريح بتحريم جميع الأنبذة المسكرة وأنها كلها تسمى خمرًا اهـ نووي. والفاء في قوله (فإذا) عاطفة وإذا فجائية (مناد) مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة تقدم إذا الفجائية عليه، وجملة (ينادي) خبره، والجملة الاسمية معطوفة على جملة كنت والتقدير كنت ساقي القوم الفضيخ ففاجأنا نداء مناد ينادي، قال الحافظ: لم أقف على اسم هذا المنادي، وقد وقع في بعض الروايات (أن رجلًا من المسلمين دخل عليهم أخبرهم بتحريم الخمر) ويمكن الجمع بينهما بأنه وقع كل ذلك فنادى مناد وسمعه أحد من المسلمين ودخل عليهم فأخبرهم اهـ.

(فقال) لي أبو طلحة ووقع التصريح بذلك فيما سيأتي من رواية سعيد عن قتادة (اخرج) يَا أنس من البيت (فانظر) من ينادي واستمع نداءه، قال أنس (فخرجت فإذا مناد ينادي) أي ففاجأني نداء مناد ينادي بقوله (ألا) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبهوا أيها المسلمون واستمعوا ما أقول لكم (إن الخمر قد حرمت) أي حرم شربها فأريقوا ما بأيديكم منها (قال) أنس فأراقوها (فجرت) أي سالت الخمور التي أراقوها (في سكك المدينة) وزقاقها لكثرتها يعني توافق المسلمون على إراقتها فجرت في الأزقة بكثرتها، وفي رواية لابن مردويه (فانصبت حتَّى استنقعت في بطن الوادي) وفي رواية لعبد الرَّزّاق في مصنفه [9/ 212](حتَّى كادت السكك أن تمنع من ريحها) ولم يبال المسلمون بما استلزم ذلك من تلوث الطرق لأنهم قصدوا إشاعة تحريمها فاحتملوا أخف المفسدتين لحصول المصلحة العظيمة الحاصلة من الاشتهار، قال أنس (فقال لي أبو طلحة اخرج) بها يَا أنس (فأهرقها) أي كبها على الأرض أصله "فأرقها" وزيدت فيه الهاء على خلاف القياس وأبدلت الهمزة كذلك بالهاء في قوله (فهرقتها) ولفظ البُخَارِيّ (فأهرقها فأهرقتها) وفي قول أبي طلحة له أهرقها العمل بخبر الواحد لأنهم بادروا بإهراقها حين سمعوا النداء. (قلت) خبر الواحد هنا صحبته القرينة لأن النداء على هذا الوجه لا يكون إلَّا

ص: 22

فَقَالُوا (أَوْ قَال بَعْضُهُمْ): قُتِلَ فُلانٌ، قُتِلَ فُلانٌ. وَهِيَ في بُطُونِهِمْ. (قَال فَلا أَدْرِي هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ) فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

ــ

صدقًا، والخلاف الذي في قبوله إنما هو عند التجرد عن القرائن اهـ أبي، قال أنس (فقالوا) أي قال النَّاس وتحدثوا فيما بينهم (أو) قال أنس (قال بعضهم) أي بعض النَّاس، وروى البَزَّار من حديث جابر أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود كما في فتح الباري [9/ 279] ويحتمل أن الذين بدأوا بهذا القول هم اليهود ثم عرضت هذا الشبهة لبعض المسلمين أَيضًا فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي (قتل فلان) كحمزة (وقتل فلان) كمصعب بن عمير قتلا يوم أحد قبل تحريم الخمر وقتل فلان وفلان (وهي) أي والحال أن الخمر (في بطونهم) يعني أنَّهم قد شربوا الخمر على أنها لم تحرم عليهم يومئذ وأن القرآن قد أخبر الآن بكونها رجسًا فإن هذا الرجس لم يزل في بطونهم فهل يعاقبون بذلك أم لا؟ وعبارة القرطبي هنا (قوله: قال بعضهم: قُتِل فلان، قُتِل فلان، وهي في بطونهم) هذا القول أصدره من قائله إما غلبة خوف وشفقة وإما غفلة عن المعنى وبيان ذلك أن الخمر كانت مباحة لهم كما قد صح أنَّهم كانوا يشربونها والنبي صلى الله عليه وسلم يقرهم عليها وهو ظاهر قوله تعالى:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ومن فعل ما أبيح له حتَّى مات على فعله لم يكن له ولا عليه شيء لا إثم ولا مؤاخذة ولا ذم ولا أجر ولا مدح لأن المباح مستوى الطرفين بالنسبة للشرع كما يعرف من الأصول وعلى هذا فما ينبغي أن يتخوف ولا يسأل عن حال من مات والخمر في بطنه وقت إباحتها فإما أن يكون ذلك القائل غفل عن دليل الإباحة فلم يخطر له أو يكون لغلبة خوفه من الله تعالى وشفقته على إخوانه المُؤْمنين توهم مؤاخذة ومعاقبة لأجل شرب الخمر المتقدم فإن الشفيق بسوء الظن مولع، فرفع الله ذلك التوهم بقوله عز وجل:{لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} أي فيما شربوا اهـ من المفهم.

(قال) بعض رواة هذا الحديث (فلا أدري) ولا أعلم أ (هو) أي هل هذا الآتي من ذكر نزول الآية (من حديث أنس) أم لا؟ يعني شك الراوي في أن حديث أنس قد انتهى على قوله وهي في بطونهم أو اشتمل على ما بعده من بيان نزول الآية في ذلك (فأنزل الله عز وجل في جواب سؤالهم {لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} أي فيما شربوا {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} .

ص: 23

4999 -

(00)(00) وحدثنا يَحْيَى بْنُ أيوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيبٍ. قَال: سَالُوا أَنَسَ بْنَ مالك عَنِ الفَضِيخِ؟

ــ

قوله (فيما طعموا) قال القرطبي: معنى طعموا شربوا كقول طالوت في الماء {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} وأصل اللفظة في المطعوم لا في المشروب لكن قد يتجوز بها فتستعمل في المشروب، ومعنى (إذا ما اتقوا) أي شربها بعد (وآمنوا) أي بتحريمها (وعملوا الصالحات) أي التي تصد عنها (ثم اتقوا) أي داموا على اجتنابها (وآمنوا) أي بالوعيد عليها (ثم اتقوا) أي نسوا التأويل في تحريمها (وأحسنوا) أي في اجتنابها مراقبة لله تعالى اهـ من الأبي.

وفي حديث أنس هذا أبواب من الفقه منها أن خبر الواحد كان معمولًا به عندهم معلومًا لهم ألا ترى أنَّهم لم يتوقفوا عند إخبار المخبر بل بادروا إلى إتلاف الخمر والامتناع مما كان مباحًا لهم، ومنها أن نداء المنادي عن الأمير ينزل في العمل منزلة سماع قوله. ومنها أن المحرم الأكل أو الشرب لا ينتفع به في شيء من الأشياء لا من بيع ولا من غيره، وفيه كسر أواني الخمر وعليه تخرج إحدى الروايتين عن مالك في كسرها لما داخلها من الخمر ولعسر غسلها وفي الأخرى إذا طبخ فيها الماء وغسلت جاز استعمالها وعلى هذا فإذا كانت الأواني مضراة في الخمر لا ينتفع بها في شيء من الأشياء تكسر على كل حال ولذلك شدد مالك في الزقاق فإن تعلق الرائحة بها عسر الانفكاك بل لا ينفك اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [5582] وأبو داود [3673] والنَّسائيّ [8/ 287 و 288].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

4999 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن أَيُّوب) المقابري البغدادي، ثِقَة، من (10)(حدثنا) إسماعيل بن إبراهيم الأسدي البَصْرِيّ المعروف بـ (ابن عليّة) اسم أمه، ثِقَة، من (8)(أخبرنا عبد العزيز بن صهيب) البناني مولاهم البَصْرِيّ الأعمى، ثِقَة، من (4)(قال) عبد العزيز (سألوا) أي سأل النَّاس (أنس بن مالك عن الفضيخ) ما هو ولم أر من ذكر أسماء السائلين. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عبد العزيز لثابت بن أسلم

ص: 24

فَقَال: مَا كَانَتْ لَنَا خَمْرٌ غَيرَ فَضيخِكُمْ هذَا الّذِي تُسَمُّونَهُ الفَضِيخَ. إِنِّي لَقَائِمْ أَسْقِيهَا أَبَا طَلحَةَ وَأَبَا أَيوبَ وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، في بَيتِنَا. إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَال: هَل بَلَغَكُمُ الخَبَرُ؟ قُلنَا: لا. قَال: فَإِن الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَال: يَا أَنَس، أَرِقْ هذِهِ القِلال. قَال: فَمَا رَاجَعُوهَا وَلا سَأَلُوا عَنْهَا، بَعْدَ خَبَرِ الرّجُلِ

ــ

(فقال) أنس في جوابهم إما كانت لنا) معاشر الصَّحَابَة (خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ) وهو الخمرة المتخذة من البسر المشدوخ (إنِّي لقائم) يومًا حالة كوني (أسقيها) أي أسقي الخمرة المتخذة من الفضيخ وأصبها لهم، والضمير عائد إلى الفضيخ ولكن أنثه نظرًا إلى كونه بمعنى الخمر، وذكره أولًا نظرًا إلى لفظ الفضيخ (أَبا طلحة) زوج أمي أم سليم الأَنْصَارِيّ اسمه زيد بن سهل (وأبا أَيُّوب) الأَنْصَارِيّ اسمه خالد بن زيد (ورجالًا) آخرين (من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي عبيدة وأبي دجانة وأبي بن كعب كما مر (في بيتنا) بيت أم سليم (إذ جاء رجل) من المسلمين لم أر من ذكر اسمه (فقال) الرَّجل (هل بلغكم الخبر) يعني خبر تحريم الخمر (قلنا لا؟ ) أي ما بلغنا (قال) ذلك الرَّجل (فإن الخمر قد حرمت) حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم (فقال) لي أبو طلحة (يَا أنس أرق) أمر من الإراقة أي اكبب وأفرغ (هذه القلال) والجرار المملوءة بالخمر على الأرض، والقلال بكسر القاف جمع قلة بضمها وتشديد اللام وهي جرة كبيرة تسع مائتين وخمسين رطلًا اهـ نووي.

(قال) أنس (فما راجعوها) أي ما رجعوا إلى شربها (ولا سألوا عنها) أي عن حرمتها أحدًا (بعد) سماع (خبر الرَّجل) بل اكتفوا به لوجود القرينة الدالة على صدقه وهو نداء المنادي كما مر (قوله فما راجعوها ولا سألوا عنها) ضمير المؤنث هنا إما إلى القلال أو إلى الخمر؟ والمراد أنَّهم امتثلوا بأمر الله تعالى دون أن يعتريهم في ذلك شك أو شوق إلى ما ألفوه طول عمرهم، وبه يظهر ما كان عليه الصَّحَابَة من الاستسلام الكامل لأوامر الله ورسوله حيث تركوا عادتهم الأليفة في شرب الخمر في لحظة واحدة ولم يمنعهم من ذلك حبهم الشديد لها وولوعهم بها مع ما كانت الخمر في مجتمع أهل العرب من عناصر حياتهم التي لا يعيشون بدونها رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، قوله (بعد خبر الرَّجل) فيه وجوب العمل بخبر الواحد بالقيد السابق.

ص: 25

5000 -

(00)(00) وحدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. قَال: وَأَخْبَرَنَا سُلَيمَانُ التَّيمِيِّ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِك قَال: إِنِّي لَقَائِمٌ عَلَى الحَيِّ، عَلَى عُمُومَتِي، أَسْقِيهِمْ مِنْ فَضِيخٍ لَهُمْ. وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ سِنًّا. فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَال: إِنَهَا قَدْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ. فَقَالُوا: أَكْفِئْهَا يَا أَنَسُ، فَكَفَأتُهَا.

قَال: قُلتُ لأنَسٍ: مَا هُوَ؟ قَال: بُسْرٌ وَرُطَبٌ. قَال: فَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٌ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5000 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن أَيُّوب) المقابري (حَدَّثَنَا ابن عليّة) إسماعيل بن إبراهيم (قال) ابن عليّة أخبرنا عبد العزيز بن صهيب (وأخبرنا) أَيضًا (سليمان) بن طرخان (التيمي) نزل في التيم فنسب إليهم، أبو المعتمر البَصْرِيّ أحد سادة التابعين علمًا وعملًا، روى عنه ابن عليّة، قال سليمان (حَدَّثَنَا أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة سليمان التَّيميّ لعبد العزيز وثابت بن أسلم (قال) أنس (اني لقائم على الحي) من الأَنصار وغيرهم، وقوله (على عمومتي) أي على أعمامي بدل من الجار والمجرور قبله بدل بعض من كل أو بدل غلط، حالة كوني (أسقيهم) وأصب لهم (من فضيخ) كان شرابًا (لهم وأنا أصغرهم سنًّا) وعمرًا (فجاء رجل) من المسلمين (فقال) لهم ذلك الرَّجل (أنها) أي إن القصة (قد حرمت الخمر) التي منها هذا الفضيخ الذي تشربونه، قال أنس (فقالوا) أي فقال لي أبو طلحة ومن معه من الشربة (أكفئها) بفتح الهمزة وكسر الفاء أمر من الإكفاء أي أفرغها وصبها على الأرض (يَا أنس) أي أفرغ هذه الخمرة التي تسمى بالفضيخ، أنث الضمير العائد إلى الفضيخ نظرًا إلى كونه بمعنى الخمر (فكفأتها) بفتح الفاء الثَّانية من باب فتح أي فأفرغتها على الأرض (قال) سليمان التَّيميّ (قلت لأنس) بن مالك (ما هو) أي ما الفضيخ الذي تشربونه يومئذ (قال) أنس الفضيخ هو (بسر ورطب) شدخا ثم صب عليهما الماء وترك حتَّى يغلي ثم يشرب (قال) سليمان التَّيميّ (فقال) لي (أبو بكر بن أنس) بن مالك (كانت) الفضيخ (خمرهم) بالنصب على الخبرية لكان، واسمها ضمير يعود على الفضيخ أنثه نظرًا إلى أنَّه بمعنى الخمر (يومئذ) أي يوم إذ

ص: 26

قَال سُلَيمَانُ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال ذلِكَ أَيضًا.

5001 -

(00)(00) حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: قَال أَنَسٌ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الحيِّ أَسْقِيهِمْ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَس: كَانَ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ. وَأَنَسٌ شَاهِدٌ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ ذَاكَ.

وَقَال ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى: حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: حَدثني بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعِي؛ أَنهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ

ــ

حرمت الخمر (قال سليمان) التَّيميّ قال لي أبو بكر ذلك الكلام (وحدثني رجل) آخر أَيضًا (عن أنس بن مالك أنَّه) أي أن أنسًا (قال ذاك) الكلام الذي أخبرنيه أبو بكر (أَيضًا) راجع إلى حَدَّثني، أي وحدثني رجل آخر أَيضًا كما حَدَّثني أبو بكر.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5001 -

(00)(00)(حدثنا محمَّد بن عبد الأعلى) القيسي أبو عبد الله الصَّنْعانِيّ ثم البَصْرِيّ، ثِقَة، من (10)(حَدَّثَنَا المعتمر) بن سليمان التَّيميّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(عن أَبيه) سليمان بن طرخان البَصْرِيّ (قال) أبوه سليمان بن طرخان (قال أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته أَيضًا، غرضه بيان متابعة المعتمر لابن عليّة (كنت قائمًا على الحي) أي على حي الأَنصار والمهاجرين، حالة كوني (أسقيهم) أي أصب لهم الفضيخ، وساق المعتمر (بمثل حديث ابن عليّة غير أنَّه) أي لكن أن المعتمر (قال) في روايته (فقال أبو بكر بن أنس كان) الفضيخ (خمرهم) بتذكير لفظ كان (يومئذ) أي يوم إذ كنت ساقيهم (و) أبوه (أنس شاهد) أي حاضر عندنا (فلم ينكر أنس) على أبي بكر كلامه (ذاك) يعني قوله كان الفضيخ خمرهم يومئذ، يعني قال أبو بكر ما قال عند أَبيه أنس وهو لم ينكر عليه والله أعلم اهـ ذهني (وقال) محمَّد (بن عبد الأعلى) أَيضًا (حدثنا المعتمر عن أَبيه قال) أبوه (حَدَّثني بعض من كان معي) يوم إذ حَدَّثني أنس هذا الحديث (أنَّه) أي أن ذلك البعض (سمع أنسًا يقول كان) الفضيخ (خمرهم) أي خمر الحي (يومئذ) أي يوم إذ كنت ساقيهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

ص: 27

5002 -

(00)(00) وحدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. قَال: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلحَةَ وَأبَا دُجَانَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، في رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فَدَخَلَ عَلَينَا دَاخِلٌ فَقَال: حَدَثَ خَبَرٌ. نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ. فَكَفَأنَاهَا يَوْمَئِذٍ. وإنَهَا لَخَلِيط البُسْرِ وَالتَّمْرِ.

قَال قَتَادَةُ: وَقَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَقَدْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ. وَكَانَتْ عَامَّةُ خُمُورِهِمْ، يَوْمَئِذٍ. خَلِيطَ البُسْرِ وَالتمْرِ

ــ

5002 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن أَيُّوب) المقابري (حَدَّثَنَا ابن عُليّة قال) ابن علية حَدَّثَنَا سليمان التَّيميّ (وأخبرنا) أَيضًا (سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لمن روى عن أنس (قال) أنس (كنت أسقي أَبا طلحة) زيد بن سهل الأَنْصَارِيّ (وأبا دجانة) بضم الدال وتخفيف الجيم اسمه سماك بن خرشة الأَنْصَارِيّ متفق على شهوده بدرًا استشهد يوم اليمامة اهـ من الإصابة (ومعاذ بن جبل) حالة كونهم (في رهط) أي مع جماعة (من الأَنصار) كأبي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ (فدخل علينا) رجل (داخل) من المسلمين (فقال) ذلك الداخل (حدث) أي وقع اليوم أمر جديد في ديننا فيه (خبر) عظيم للمسلمين ومصلحة كبيرة لهم فإنَّه (نزل) اليوم (تحريم الخمر) قال أنس (فكفأناها) أي كببناها وقلبنا جرارها على الأرض (يومئذ) أي يوم إذ دخل علينا داخل فأخبرنا نزول تحريمها، قوله (فكفأناها) مأخوذ من الكفأ بفتح الكاف وسكون الفاء وهو كب الشيء وقلبه على الأرض يقال كفأه إذا كبه وقلبه من الباب الثالث كذا في القاموس أي وكببناها وأرقناها، وفي نسخة فاكفأناها من الإكفاء يقال كفأ وأكفأ بمعنى واحد أي فكفأناها (وإنها) أي والحال أنها يومئذ (لخليط البسر والتَّمر) أي لمخلوطهما مشدخين، والبسر هو البلح الذي شرع في مبادي النضج، قال سعيد بن أبي عروبة (قال قتادة) حدثنا أنس هذا الحديث السابق (وقال أنس بن مالك) أَيضًا في آخر الحديث (لقد حرمت) أتى بالقسم لتأكيد الكلام أي والله لقد حرمت (الخمر وكانت عامة خمورهم) أي أغلب خمور المسلمين (يومئذ) أي يوم إذ حرمت (خليط البسر والتمر).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا فقال:

ص: 28

5003 -

(00)(00) وحدثنا أَبُو غَسَّانَ المِسْمَعِيّ ومحمدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: إِنِّي لأَسْقِي أَبَا طَلحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيلَ بْنَ بَيضَاءَ مِنْ مَزَادَةٍ، فِيهَا خَلِيطُ بُسْرٍ وَتَمْرٍ، بِنَحْو حَدِيثِ سَعِيدٍ.

5004 -

(00)(00) وحدثني أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ؛ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ حَدّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزهْوُ ثُمَّ يُشْرَبَ

ــ

5003 -

(00)(00)(وحدثنا أبو غسان المسمعي) نسبة إلى جده مسمع اسمه مالك بن عبد الواحد البَصْرِيّ، ثِقَة، من (15) روى عنه في (9) أبواب (ومحمَّد بن المثنَّى و) محمَّد (ابن بشار) البصريان (قالوا) أي قال كل من الثلاثة (أخبرنا معاذ بن هشام) الدستوائي البَصْرِيّ نزيل اليمن، صدوق، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7)(عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هشام الدستوائي لسعيد بن أبي عروبة (قال) أنس (إنِّي لأسقي أَبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء من مزادة) أي قربة (فيها خليط بسر وتمر) والمزادة بفتح الميم ظرف للزاد، قال في القاموس: المزاد الراوية أو لا تكون إلَّا من جلدين تفأم بثالث بينهما لتتسع اهـ وساق هشام (بنحو حديث سعيد) بن أبي عروبة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في هذا الحديث فقال:

5004 -

(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر أَحْمد بن عمرو بن سرح) الأُموي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأَنْصَارِيّ المصري، ثِقَة، من (7)(أن قتادة بن دعامة) السدوسي البَصْرِيّ (حدثه) أي حدث لعمرو بن الحارث (أنَّه سمع أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن الحارث لسعيد بن أبي عروبة (يقول) أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط التمر والزهو ثم يشرب) لإسكاره، والزهو

ص: 29

وَإِنَّ ذلِكَ كَانَ عَامَّةَ خُمُورِهِمْ، يَوْمَ حُرِّمَتِ الخَمْرُ.

5005 -

(00)(00) وحدثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب. أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك؛ أَنَّهُ قَال: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ وَأَبَا طَلحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْب، شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَتَمْرٍ. فَأَتَاهُمْ آتٍ فَقَال: إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرمَتْ. فَقَال أَبُو طَلحَةَ: يَا أَنَسُ! قُمْ إلى هذِهِ الجَرَّةِ فَاكْسِرْهَا. فَقُمْتُ إلى مِهْرَاسٍ لنَا

ــ

بفتح الزاي وسكون الهاء وقد يضم الزاي البسر الملون الذي ظهر فيه الحمرة والصفرة اهـ عيني، والزهو في أصل اللغة المنظر الحسن، وسمي به البسر إذا حسن منظره بالتلون، وأما التمر فهو اليابس فكانوا يخلطون التمر بالبسر ويسمونه الخليط أو الخليطين (وإن ذلك) الخليط (كان عامة خمورهم) أي أغلبها (يوم) نزول آية (حرمت الخمر) أي آية تحريمها، والخليط أن يجمع بين مسكرين في الشرب أو في الانتباذ وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5005 -

(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن أنس) الأصبحي المدنِيُّ (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأَنْصَارِيّ المدنِيُّ (عن أنس بن مالك) الأَنْصَارِيّ البَصْرِيّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إسحاق بن عبد الله لمن روى عن أنس (أنَّه) أي أن أنسًا (قال كنت) أنا (أسقي أَبا عبيدة بن الجراح) القُرشيّ الفهري عامر بن عبد الله بن الجراح المدنِيُّ (وأبا طلحة) الأَنْصَارِيّ زيد بن سهل المدنِيُّ (وأبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأَنْصَارِيّ الخزرجي المدنِيُّ رضي الله عنهم أجمعين أي أصب لهم (شرابًا من فضيخ) أي من بسر مشدوخ (وتمر) يابس أي شرابًا مخلوطين منهما (فأتاهم) أي أتى هؤلاء الشربة الكرام (آت) أي دخل عليهم داخل من الخارج (فقال) لهم ذلك الآتي ألا (أن الخمر قد حرمت) اليوم (فقال) لي (أبو طلحة) زوج أمي يَا أنس قم إلى هذه الجرة المملوءة بالفضيخ، والجرة بفتح الجيم وتشديد الراء إناء معمول من طين مشوي معد للشرب منه يجمع على جرار (فاكسرها) قال أنس (فقمت إلى مهراس لنا) والمهراس بكسر الميم وسكون الهاء الحجر الذي

ص: 30

فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ. حَتَّى تَكَسَّرَتْ.

5006 -

(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر (يَعْنِي الحَنَفِيَّ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَر. حَدَّثَنِي أَبِي؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِك يَقُولُ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ الآيَةَ الَّتِي حَرَّمَ الله فِيهَا الخَمْرَ، وَمَا بِالمَدِينَةِ شَرَابٌ يُشْرَبُ إلا مِنْ تَمْرٍ

ــ

يهرس ويدق به، من الهرس وهو الدق العنيف ومنه الهريس والهريسة، والمهراس في الأصل الهاون الذي يهرس به وفيه الحب (فضربتها) أي فضربت تلك الجرة (بأسفله) أي بأسفل المهراس وهو المحل الذي لا يدق به من المهراس لا بأعلاه وهو الذي يدق به منه (حتَّى تكسرت) الجرة وصارت كسرًا كسرًا، والتفعل هنا للمبالغة في الكسر، قال النووي: وهذا الكسر محمول على أنَّهم ظنوا أنَّه يجب كسرها وإتلافها كما يجب إتلاف الخمر وإن لم يكن في نفس هذا واجبًا فلما ظنوه كسروها ولهذا لم ينكر عليهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعذرهم لعدم معرفتهم الحكم وهو غسلها من غير كسر وهذا هو الحكم اليوم في أواني الخمر وجميع ظروفه سواء الفخار والزجاج والنحاس والحديد والخشب والجلود فكلها تطهر بالغسل ولا يجوز كسرها اهـ منه.

وهذه الرواية انفرد بها الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5006 -

(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن المثنى حَدَّثَنَا أبو بكر يعني الحنفي) اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبد الله البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأَنْصَارِيّ أبو الفضل المدنِيُّ، صدوق، من (6) روى عنه في (9) أبواب (حَدَّثني أبي) جعفر بن عبد الله بن الحكم الأَنْصَارِيّ الأوسي المدنِيُّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (أنَّه سمع أنس بن مالك يقول) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة جعفر بن عبد الله لمن روى عن أنس أي سمعه حالة كونه يقول والله (لقد أنزل الله) عز وجل (الآية التي حرم الله فيها الخمر و) الحال أنَّه (ما بالمدينة شراب يشرب) من الخمور (إلَّا من) فضيخ (تمرٍ) وبسرِ أي خليطهما بدليل الرواية السابقة، ففي هذه الرواية اختصار من الراوي، انفرد بها مسلم يعني بالآية قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ

ص: 31

5007 -

(1937)(3) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. ح وَحَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْب. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ يَحْيي بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَنَسٍ؛

ــ

وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}، وهي نص في تحريم الخمر بمجموع كلماتها لا بآحادها وقد فهم منها الصَّحَابَة التحريم قطعًا ولذلك قال عمر رضي الله عنه عند سماع {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} انتهينا انتهينا. وقد سبق أن (الخمر) كل ما يخامر العقل (والميسر) القمار وهو لعب يؤكل به مال الغير بحيث لا يحصل به لا أجر ولا شكر، ومنه النرد والشطرنج حكى ذلك عن عثمان ومجاهد و (الأنصاب) كل ما ينصب ليعبد من دون الله تعالى ويذبح عنده كما كانت الجاهلية تفعل و (الأزلام) قداح يضربون بها عند العزم على الأمر في بعضها، لا تفعل وبعضها لا شيء فيه فإذا خرج هذا أعادوا الضرب وقيل كان في أحدهما أمرني ربي وفي الآخر نهاني ربي، والرجس النجس وهو المستخبث شرعًا، وقوله (من عمل الشيطان) أي يحمل عليه ويزينه وقيل هو الذي كان عمل مبادئ هذه الأمور بنفسه حتى اقتدي به فيها.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث آخر لأنس رضي الله عنه فقال:

5007 -

(1937)(3)(حدثنا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ النَّيسَابُورِيّ (أخبرنا عبد الرَّحْمَن بن مهدي) بن حسان الأَزدِيّ البَصْرِيّ (ح وحدثنا زهير بن حرب حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن) بن مهدي (عن سفيان) بن سعيد الثَّوريّ الكُوفيّ (عن) إسماعيل بن عبد الرَّحْمَن بن أبي كريمة (السدي) بضم المهملة وتشديد الدال نسبة إلى سدة المسجد الجامع بالكوفة كان يبيع بها المقانع، والسدة الباب والمقانع ما تلف به المرأة رأسها وهو السدي الكبير الأعور، صدوق، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن يحيى بن عباد) بن شيبان الأَنْصَارِيّ السلمي أبي هبيرة الكُوفيّ يقال ابن بنت البراء بن عازب ويقال ابن بنت خباب بن الأرت، روى عن أنس في الأشربة، وجابر وأم الدَّرداء وسعيد بن جبير، ويروي عنه (م عم) والسدي وسليمان التَّيميّ ومسعر وغيرهم، وثقة النَّسائيّ، وقال يعقوب بن سفيان: كُوفِيّ ثِقَة، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال في التقريب: ثِقَة، من (4) مات سنة (120) مائة وعشرين (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من

ص: 32

أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الخَمرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ فَقَال: "لا"

ــ

سداسياته (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن) حكم (الخمر تتخذ) وتقتنى بقصد أن تجعل (خلًّا) ويشرب خلها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله (لا) يجوز اتخاذها، ولم أر من ذكر اسم هذا السائل وقيل أبو طلحة الأَنْصَارِيّ كما سيأتي في بيان سبب الحديث، وهذا الحديث دليل الشَّافعيّ والجمهور على أنَّه لا يجوز تخليل الخمر ولا تطهر بالتخليل هذا إذا خللها بخبز حار أو بصل أو خميرة أو غيرها مما يلقى فيها لتعجيل تخللها فهي باقية على نجاستها ويتنجس ما ألقي فيه ولا يطهر هذا الخل أبدًا لا بغسل ولا بغيره أما إذا تخللت بنقلها من الشَّمس إلى الظل أو من الظل إلى الشَّمس ففي طهارتها وجهان للشافعية أصحهما تطهر.

وهذا الذي ذكرناه من أنها لا تطهر إذا خللت بإلقاء شيء فيها هو مذهب الشَّافعيّ وأَحمد والجمهور، وقال الأَوْزَاعِيّ والليث وأبو حنيفة: تطهر، وعن مالك ثلاث روايات أصحها عنه أن التخليل حرام فلو خللها عصى وطهرت، والثانية حرام ولا تطهر، والثالثة حلال وتطهر وأجمعوا أنها إذا انقلبت بنفسها خلًا طهرت، وقد حكي عن سحنون المالكي أنها لا تطهر فإن صح عنه فهو محجوج بإجماع من قبله والله أعلم اهـ نووي. واستدل المانعون من تخليل الخمر بحديث الباب وأجاب عنه المجوزون ومنهم الحنفية بأن المنع من تخليلها كان في مبدإ الأمر حين نزل التحريم ثم أبيح ذلك كما حرم في أول الأمر الانتباذ في ظروف الخمر ثم استقر الأمر على إباحته أما كون هذا النهي في بداية التحريم فيدل عليه ما أخرجه الدارقطني في سننه [4/ 265] من طريق إسرائيل عن السدي عن يحيى بن عباد عن أنس (أن يتيمًا كان في حجر أبي طلحة فاشترى له خمرًا فلما حرمت سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أيتخذ خلًا؟ قال لا) فهذا صريح في أن النهي في حديث الباب إنما وقع في ابتداء تحريم الخمر، وأما كونه أبيح بعد ذلك فالدليل عليه ما أخرجه البيهقي في المعرفة من حديث المغيرة بن زياد عن أبي الزُّبير عن جابر مرفوعًا (خير خلكم خل خمركم) وطعنه البيهقي بالمغيرة بن زياد أنَّه غير قوي ولكن قال البُخَارِيّ قال وكيع: كان ثِقَة، وعن يحيى بن معين: ليس به بأس، وروى الدُّوريّ وابن أبي خيثمة عنه: ثِقَة ليس به بأس، وقال العجلي وابن عمار ويعقوب: ثِقَة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [3/ 119] وأبو داود [3675] والتِّرمذيّ [1294].

ص: 33

5008 -

(1938)(4) حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ المُثَنَّى ومحمدُ بْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَنَّى) قَالا: حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلٍ الحَضْرَمِيّ؛ أن طَارِقَ بْنَ سُوَيدٍ الجُعْفِيّ سألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَمْرِ؟ فَنَهَاهُ، أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا. فَقَال: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ. فَقَال: "إِنهُ لَيسَ

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث طارق بن سويد رضي الله عنه فقال:

5008 -

(1938)(4)(حَدَّثَنَا محمَّد بن المثنَّى ومحمَّد بن بشار واللفظ لابن المثنَّى قالا حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر حَدَّثَنَا شعبة عن سماك بن حرب) بن أوس الذُّهليّ الكُوفيّ، صدوق، من (4)(عن علقمة بن وائل) بن حجر الحضرميّ الكُوفيّ، صدوق، من (3)(عن أَبيه وائل) بن حجر (الحضرميّ) الكُوفيّ الصحابي المشهور رضي الله عنه (أن طارق بن سويد) أو سويد بن طارق صحابي له حديث واحد في الأشربة (الجعفي) ويقال له الحضرميّ الكُوفيّ الصحابي المشهور رضي الله عنه له عند مسلم حديث واحد في الأشربة، روى عنه وائل بن حجر و (م د ت ق) وليس هو من رواة مسلم بل الذي روى سؤاله هو وائل بن حجر وليس له دخل في سلسلة السند ولذلك تركه الأَصْبهانِيّ وغيره، عده من رجال مسلم وإن كان سؤاله سبب الحديث فحينئذ سند هذا الحديث من سداسياته والله أعلم. ولفظ حديثه قال: قلت: يَا رسول الله إن بأرضنا أعنابًا نعتصرها أفنشرب منها؟ قال: لا، قلت: يَا رسول الله إنَّا نستشفى منها للمريض؟ قال: ليس بالشفاء ولكنه داء اهـ من الاستيعاب.

أي أن طارق بن سويد (سأل النَّبِيّ صلى الله عليه رسلم عن) صناعة (الخمر) وعصرها ليتداوى بها (فنهاه) أي نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طارق بن سويد أن يصنعها ويتخذها ليتداوى بها (أو) قال وائل بن حجر (كره) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (أن يصنعها) طارق ويتخذها للتداوي، والشك من علقمة فيما قاله أبوه من أي اللفظين (فقال) طارق (إنما أصنعها) وأعصرها (للدواء) أي للتداوي بها وطلب الشفاء بها من مرض (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه) أي إن ما ذكرته من الخمر (ليس

ص: 34

بِدَوَاءٍ. وَلكِنَّهُ دَاءٌ".

5009 -

(1939)(5) حدثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الحجاج بْنُ أَبِي عُثْمَانَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ؛ أَنَّ أَبَا كَثِيرٍ حَدّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الخَمْرُ من هَاتَينِ الشجَرَتَينِ: النخْلَةِ وَالعِنَبَةِ"

ــ

بدواء) للمرض (ولكنه) أي ولكن ما ذكرته من الخمر (داء) أي سبب داء ومرض لأنه يسكر والسكر من أنواع المرض لأنه يستر العقل، قال النووي: هذا دليل صريح في تحريم الخمر وتخليلها، وفيه التصريح بأنها ليست بدواء فيحرم التداوي بها اهـ منه ولا بما حرمه الله تعالى من النجاسات والميتات وغيرهما أكلًا ولا شربًا وبه قال كثير من أهل العلم اهـ مفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3873] والتِّرمذيّ [2047] ، وابن ماجه [3545].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5009 -

(1939)(5)(حَدَّثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البَصْرِيّ المعروف بابن عليّة (أخبرنا الحجاج بن أبي عثمان) ميسرة أو سالم الكندي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (حَدَّثني يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطَّائيّ اليماميّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (16) بابا (أن أَبا كثير) يزيد بن عبد الرَّحْمَن بن أذينة الغبري السحيمي اليماميّ الأعمى، روى عن أبي هريرة في الإيمان والأشربة والفضائل، ويروي عنه (م عم) ويحيى بن أبي كثير والأوزاعي وعكرمة بن عمار وعقبة بن التوأم، وثقة أبو داود والنَّسائيّ وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال في التقريب: ثِقَة، من الثالثة (حدثه) أي حدّث ليحيى بن أبي كثير (عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر) تكون (من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة) وهذا دليل على أن الأنبذة المتخذة من التمر والزهو والزبيب وغيرها تسمى خمرًا وهي حرام

ص: 35

5010 -

(00)(00) وحدثنا محمدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو كَثِيرٍ. قَال: سَمِعْتُ أبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الخَمْرُ مِنْ هَاتَينِ الشجَرَتَينِ: النخلَةِ وَالعِنَبَةِ"

ــ

إذا كانت مسكرة اهـ نووي، وقال العيني: إن مذهب أبي حنيفة أن الخمر هي ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد والخمر من غير العنب لا يسمى خمرًا حقيقة اهـ.

قال القرطبي: وهذا الحديث حجة للجمهور على تسمية ما يعتصر من غير العنب بالخمر إذا أسكر ولا حجة فيه لأبي حنيفة على قوله حيث قصر الحكم بالتحريم على هاتين الشجرتين لأنه قد جاء في أحاديث أخر ما يقتضي تحريم كل مسكر، كقوله صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر حرام" وكقوله: "كل ما أسكر فهو حرام" وحديث معاذ حيث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب العسل والذرة والشعير، فقال: أنهى عن كل مسكر؟ ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 53] بنحوه، وإنما خص صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هاتين الشجرتين بالذكر لأن أكثر الخمر منهما أو أعلى الخمر عند أهلها والله أعلم، وهذا نحو قولهم المال الإبل أي أكثرها وأعمها اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [2/ 526] وأبو داود [3678] والتِّرمذيّ [1875] وابن ماجه [3378].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5010 -

(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكُوفيّ (حَدَّثَنَا أبي) عبد الله بن نمير (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيّ) عبد الرَّحْمَن بن عمرو الشَّاميّ (حَدَّثَنَا أبو كثير) يزيد بن عبد الرَّحْمَن الغبري اليماميّ (قال) أبو كثير (سمعت أَبا هريرة) رضي الله عنه (يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأَوْزَاعِيّ ليحيى بن أبي كثير (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الخمر) أي أغلبها (من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 36

5011 -

(00)(00) وحدثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَوْزَاعيِّ وَعِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارِ وَعُقْبَةَ بْنِ التَوْأمِ، عَنْ أبي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الخَمْرُ من هَاتَينِ الشجَرَتَينِ: الكرمة وَالنخْلَةِ".

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيبٍ: "الكَرْمِ وَالنخْلِ"

ــ

5011 -

(00)(00)(وحدثنا زهير بن حرب وأبو كُريب) محمَّد بن العلاء الهمداني (قالا حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح (عن الأَوْزَاعِيّ) عبد الرَّحْمَن بن عمرو (وعكرمة بن عمار) العجلي اليماميّ، صدوق، من (5)(وعقبة بن التوأم) بمثناة وهمزة مفتوحتين بينهما واو ساكنة، روى عن أبي كثير يزيد بن عبد الرَّحْمَن في الأشربة، ويروي عنه (م) ووكيع وعكرمة بن عمار موثق، وقال في التقريب: مقبول، من السابعة، كلهم رووا (عن أبي كثير) يزيد بن عبد الرَّحْمَن (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة وكيع لعبد الله بن نمير (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر من هاتين الشجرتين الكرمة والنخلة وفي رواية أبي كُريب الكرم والنخل) بلا هاء، وقوله (الكرمة والكرم) يشكل مع قوله صلى الله عليه وسلم "لا تقولوا للعنب الكرم فإن الكرم قلب المؤمن" رواه أَحْمد [2/ 316] ومسلم [2247](10) ويزول الإشكال بأن نقول إطلاق هذا كان قبل النهي ثم بعد ذلك ورد النهي أو يقال إنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل في هذا الخَطَّاب فإنَّه قال فيه ولا تقولوا فواجهنا به والمخاطب غير المخاطب كما تقرر في الأصول اهـ من المفهم والله أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث خمسة الأول حديث علي بن أبي طالب ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثماني متابعات، والثالث حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة، والرابع حديث طارق بن سويد ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة، والخامس حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين.

ص: 37

658 -

(2) باب النهي عن الجمع بين شيئين في الانتباذ والنهي عن الانتباذ في بعض الأواني ثم نسخه

5012 -

(1940)(6) حدثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِم. سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأنْصَارِيُّ؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُخْلَطَ الزبِيبُ وَالتَّمْرُ، وَالبُسْرُ وَالتَّمْرُ

ــ

658 -

(2) باب النهي عن الجمع بين شيئين في الانتباذ والنهي عن الانتباذ في بعض الأواني ثم نسخه

12 50 - (1940)(6)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا جرير بن حازم) بن زيد الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(سمعت عطاء بن أبي رباح) أسلم القُرشيّ مولاهم المكيّ، ثِقَة، من (3)(حَدَّثَنَا جابر بن عبد الله الأَنْصَارِيّ) المدنِيُّ رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط الزبيب والتَّمر) أي أن يجمع بينهما في الانتباذ (و) كذا (البسر والتمر) نهى أن يجمع بينهما في الانتباذ.

هذا الحديث والأحاديث التي بعده صريحة في النهي عن انتباذ الخليطين وشربهما وسبب الكراهة فيه أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنَّه ليس مسكرًا ويكون مسكرًا، ومذهب الشَّافعيّ والجمهور أن هذا النهي لكراهة التنزيه ولا يحرم ما لم يسكر وبهذا قال جماهير العلماء وقال بعض المالكية: هو حرام، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهة فيه ولا بأس به لأن ما حل مفردًا حل مخلوطًا، وأنكر عليه الجمهور وقالوا هذا منابذة لصاحب الشرع فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه فإن لم يكن حرامًا كان مكروهًا، واختلف أصحاب مالك في أن النهي هل يختص بالشرب أم يعمه وغيره والأصح التعميم، وأما خلطهما في الانتباذ بل في معجون وغيره فلا بأس به والله أعلم اهـ نووي.

قال العيني: بعد ما حكى قول النووي قلت: هذه جرأة شنيعة على إمام أَجل من ذلك وأبو حنيفة لم يكن قال ذلك برأيه وإنما مستنده في ذلك أحاديث منها ما رواه أبو داود بسنده عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتبذ له زبيب فيلقى فيه تمر أو تمر فيلقى فيه زبيب، وروى أَيضًا عن زياد الحساني بسنده عن صفية بنت عطية عن

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عائشة قالت: كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في الإناء فأمرسه ثم أسقيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وروى محمَّد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن أبي إسحاق وسليمان الشَّيبانِيّ عن ابن زياد أنَّه أفطر عند عبد الله بن عمر فسقاه شرابًا فكأنه أخذ منه فلما أصبح غدا إليه فقال له ما هذا الشراب ما كدت أهتدي إلى منزلي؟ فقال ابن عمر: ما زدناك على عجوة وزبيب اهـ.

قلت: هذه الأحاديث صريحة في أن الخليطين مباح ما لم يسكر وحمل بعض علمائنا حديث النهي على ابتدأء الإِسلام وزمن القحط، وممن جوز الخليطين قبل الإسكار الإِمام البُخَارِيّ حيث قال "باب من رأى أن لا يخلط البسر والتَّمر إذا كان مسكرًا وأن لا يجعل إدامين في إدام" وهذه الترجمة أَيضًا تشعر بما قال أئمتنا وكذلك قال بعض أصحاب مالك إن الخليطين حلال وقد احتج له بحديث عائشة المذكور آنفًا وما قال الأبي والسنوسي أن ما ذكر أبو حنيفة من أن ما حل منفردًا حل مجموعًا قياس فاسد الوضع، ويرد بالأختين فإنَّه يجوز نكاح كل واحدة منهما على انفرادها ويحرم الجمع بينهما اعتراض واهٍ لأن ما قال الإِمام أبو حنيفة قاعدة كلية لا قياس، وحرمة جمع الأختين مستثناة منه بنص مخصوص وكذلك خارجة عن سنن القياس والله أعلم، قال العيني: وممن يرى جواز الخليطين قبل الإسكار أبو حنيفة وأبو يوسف قالا وكل ما حل إذا طبخ على الانفراد كذلك حل إذا طبخ مع غيره، ويروى مثل ذلك عن ابن عمر والنخعي اهـ.

(قلت) وما قاله النووي إن الكراهة في أحاديث النهي كراهة تنزيه يجمع به بين الروايات المتعارضة والأقوال المتخالفة فما ورد منها في إثبات الخلط فمحمول على الإباحة وأحاديث الباب محمولة على كراهة التنزيه وذلك خوفًا من الإسراع إلى الإسكار، وإن المكروه تنزيهًا قسم من المباحات فلا معارضة والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [3/ 294] والبخاري [5601] وأبو داود [3703] والتِّرمذيّ [1876] والنَّسائيّ [5554 و 5555] وابن ماجه [2437 و 2438].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

ص: 39

5013 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الأنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَمْرُ وَالزبِيبُ جَمِيعًا. وَنَهَى أنْ يُنْبَذَ الرُّطَبُ وَالبُسْرُ جَمِيعًا.

5014 -

(00)(00) وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ومحمدُ بْنُ رَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ). قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزَاقِ. أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيج. قَال: قَال لِي عَطَاءٌ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَجْمَعُوا بَينَ الرُّطَبِ وَالبُسْرِ، وَبَينَ الزبِيبِ وَالتمْرِ، نَبِيذًا"

ــ

5013 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حَدَّثَنَا ليث) بن سعدٍ المصري (عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله الأَنْصَارِيّ) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ليث لجرير بن حازم (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعًا) أي مخلوطين (ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعًا) أي مجموعين في الانتباذ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5014 -

(00)(00)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد) القطَّان (عن ابن جريج ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (ومحمَّد بن رافع) القشيري (واللفظ لابن رافع قالا حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق أخبرنا ابن جريج قال) ابن جريج (قال لي عطاء) بن أبي رباح (سمعت جابر بن عبد الله) الأَنْصَارِيّ رضي الله عنهما (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لجرير وليث بن سعد (لا تجمعوا بين الرطب والبسر و) لا (بين الزبيب والتَّمر) حالة كون كل منهما (نبيذًا) أي منبوذًا مبلولًا بالماء، وعلة النهي فيه إما إسكار كثير، وإما توقع الإسكار بالخلط سريعًا، وإما الإسراف والشره، وحمل علماؤنا النهي في الأخير في ابتداء الإِسلام اهـ محمَّد ذهني.

ثم ذكر المتابعة فيه ثالثًا فقال:

ص: 40

5015 -

(00)(00) وحدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا محمدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ أَبِي الزبَيرِ المَكِّيِّ، مَوْلَى حَكِيم بْنِ حِزَامٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الزَّبِيبُ وَالتمْرُ جَمِيعًا. وَنَهَى أَنْ يُنْبَذَ البُسْرُ وَالرُطَبُ جَمِيعًا.

5016 -

(1941)(7) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ، عَنِ التَّيمِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّمْرِ وَالزبِيبِ أَنْ يُخْلَطَ بَينَهُمَا. وَعَنِ التَّمْرِ وَالبُسْرِ أنْ يُخْلَطَ بَينَهُمَا

ــ

5015 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد حَدَّثَنَا ليث ح وحدثنا محمَّد بن رمح) ابن المهاجر المصري (أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (عن أبي الزُّبير المكيّ) محمَّد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم (مولى حكيم بن حزام) بن خويلد بن أسد بن عبد العزي ابن أخي خديجة رضي الله تعالى عنهما الأسدي المدنِيُّ (عن جابر بن عبد الله الأَنْصَارِيّ) رضي الله تعالى عنهما. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة أبي الزُّبير لعطاء (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى أن ينبذ) ويبل ويطرح (الزبيب والتَّمر) في الماء (جميعًا) أي مجتمعين في إناء واحد خوفًا من إسراع الإسكار إليه (ونهى أن ينبذ البسر والرطب جميعًا) أي مجتمعين يعني نهى عن انتباذ النوعين مخلوطًا ولا يحرم الخلط عند الشرب فإذا انتبذ كل من التمر والزبيب مثلًا على حدة ثم خلط النبيذان عند الشرب فلا بأس بذلك.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر بحديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنهما فقال:

5016 -

(1941)(7)(حدثنا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ (أخبرنا يزيد بن زريع) التَّمِيمِيّ العيشي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8)(عن) سليمان بن طرخان (التَّيميّ) البَصْرِيّ أبي المعتمر، ثِقَة، من (4)(عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأَنْصَارِيّ الخُدرِيّ. وهذا السند من خماسياته (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما) في الانتباذ والشرب ولو لم يسكر (وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما) فيهما كذلك وهذا النهي من

ص: 41

5017 -

(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أيُّوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، أبُو مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ، قَال: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ نَخْلِطَ بَينَ الزبِيبِ وَالتَمْرِ. وَأَنْ نَخْلِطَ البُسْرَ وَالتَّمْرَ.

5018 -

(00)(00) وحدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضلٍ) عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

قبيل سد الذرائع وذلك لأن الخليطين يسرع إليهما الشدة والإسكار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث التِّرْمِذِيّ في الأشربة [1938] والنَّسائيّ في الأشربة رقم [5550].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

5017 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن أَيُّوب) البغدادي المقابري (حَدَّثَنَا) إسماعيل بن إبراهيم (ابن عليّة) الأسدي البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا سعيد بن يزيد) بن مسلمة الأَزدِيّ (أبو مسلمة) البَصْرِيّ، ثِقَة، من (4)(عن أبي نضرة) المنذر بن مالك البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي سعيد) الخُدرِيّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن يزيد لسليمان التَّيميّ (قال) أبو سعيد (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخلط بين الزبيب والتَّمر) في الانتباذ والشرب (وأن نخلط البسر والتَّمر) فيهما.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:

5018 -

(00)(00)(وحدثنا نصر بن عليّ) بن نصر (الجهضمي) البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا بشر يعني ابن مفضل) بن لاحق الرَّقاشيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن أبي مسلمة) سعيد بن يزيد البَصْرِيّ (بهذا الإسناد) يعني عن أبي نضرة عن أبي سعيد، غرضه بيان متابعة بشر بن المفضل لإسماعيل بن عليّة، وساق بشر (مثله) أي مثل ما حدّث ابن عليّة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

ص: 42

5019 -

(00)(00) وحدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ، عَنْ أبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِيّ، عَنْ أبِي سعيد الخُدْرِيِّ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَن شَرِبَ النَّبِيذَ مِنكُم، فَليَشرَبهُ زَبِيبًا فَردًا. أَو تَمرًا فَرْدًا. أَو بُسرًا فَردًا".

5020 -

(00)(00) وحَدَّثَنِيهِ أبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ العَبْدِيُّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. قَال: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنّ نَخْلِطَ بُسْرًا

ــ

5019 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) الثَّقَفيّ البلخي (حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكُوفيّ (عن إسماعيل بن مسلم العبدي) أبي محمَّد البَصْرِيّ، قاضي جزيرة قيس، ثِقَة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن أبو المتوكل الناجي) علي بن داود البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي سعيد الخُدرِيّ) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي المتوكل الناجي لأبي نضرة العبدي (قال) أبو سعيد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب النبيد) أي من أراد شرب النبيذ (منكم) والنبيذ ماء ألقي فيه تمر أو زبيب أو نحوهما (فليشربه) أي فليشرب ذلك النبيذ حالة كونه (زبيبًا فردًا) أي حالة كون الملقى في الماء زبيبًا منفردًا غير مخلوط بغيره، وفي لفظ فردًا إشارة إلى أن شرب الخليط من الأنبذة غير جائز وإن لم يشتد وهو مذهب مالك وأَحمد استدلا به وبما روي عن أبي قتادة الآتي قريبًا، وقالت الأحناف: لا بأس بشربه إن لم يشتد لأن ما حل منفردًا حل مخلوطًا، وما ورد من النهي عن شرب الخليط محمول على الشدة اهـ مبارق (أو تمرًا فردًا أو بسرًا فردًا).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

5020 -

(00)(00)(وحدثنيه أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني الحافظ الخُرَاسَانِيّ ثم البغدادي، ثِقَة ثبت، من (11)(حَدَّثَنَا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(حَدَّثَنَا إسماعيل بن مسلم العبدي) البَصْرِيّ (بهذا الإسناد) يعني عن أبي المتوكل عن أبي سعيد، غرضه بيان متابعة روح بن عبادة لوكيع بن الجراح (قال) أبو سعيد (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخلط) من بأبي ضرب ونصر (بسرًا

ص: 43

بِتَمْرٍ. أَوْ زَبِيبًا بِتَمْرٍ. أَوْ زَبِيبًا بِبُسرٍ. وَقَال: "مَن شَرِبَهُ مِنكُم"، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ.

5021 -

(1942)(8) حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَنْتَبِذُوا الزهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا. وَلا تنْتَبِذُوا الزبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعًا. وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا عَلَى حدَتِهِ".

5022 -

(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شَيبَةَ. حَدَثَنَا محمدُ بْنُ بِشْرٍ

ــ

بتمر أو زبيبًا بتمر أو زبيبًا ببسر وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شربه) أي من أراد شرب النبيذ (منكم) الحديث (فذكر) روح بن عبادة (بمثل حديث وكيع) بن الجراح.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث جابر بحديث أبي قتادة الأَنْصَارِيّ رضي الله عنهما فقال:

5021 -

(1942)(8)(حدثنا يحيى بن أَيُّوب) المقابري (حَدَّثَنَا ابن عليّة حَدَّثَنَا هشام) بن أبي عبد الله سنبر (الدستوائي) البَصْرِيّ (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطَّائيّ اليماميّ (عن عبد الله بن أبي قتادة) الأَنْصَارِيّ المدنِيُّ (عن أَبيه) أبي قتادة الأَنْصَارِيّ السلمي بفتح السين واللام الحارث بن ربعي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو قتادة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتبذوا الزهو والرطب جميعًا) أي معًا في إناء واحد لسرعة الإسكار إليه، والزهو هو بفتح الزاي وضمها لغتان مشهورتان، قال الجوهري: أهل الحجاز يضمون، والزهو هو البسر الملون الذي بدا فيه حمرة أو صفرة وطاب، يقال زهت النخل تزهو زهوًا وأزهت تزهي اهـ نووي (ولا تنتبذوا الزبيب والتَّمر جميعًا وانتبذوا) أي ألقوا (كل واحد منهما) في الماء (على حدته) أي على انفراده.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في الأشربة [5603] وأبو داود في الأشربة [3704] والنَّسائيّ [5551] وابن ماجه [3440].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:

5022 -

(00)(00) (وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا محمَّد بن بشر

ص: 44

العَبْدِيُّ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِي كَثِيرٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

5023 -

(00)(00) حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَلِي (وَهُوَ ابْنُ المُبَارَكِ) عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا تنْتَبِذُوا الزهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا. وَلا تَنَتبِذُوا الرُّطَبَ وَالزبِيبَ جَمِيعًا. وَلكِنِ انْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدِ عَلَى حِدَتِهِ".

وَزَعَمَ يَحْيَى أَنَّهُ لَقِيَ عَبْدَ الله بْنَ أَبِي قَتَادَةَ فَحَدَّثهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثلِ هذَا

ــ

العبدي) الكُوفيّ (عن حجاج بن أبي عثمان) ميسرة الخياط الكندي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد) يعني عن عبد الله عن أَبيه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حجاج بن أبي عثمان لهشام الدستوائي، وساق حجاج (مثله) أي مثل حديث هشام الدستوائي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي قتادة الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه فقال:

5023 -

(00)(00)(حدثنا محمَّد بن المثنَّى حَدَّثَنَا عثمان بن عمر) بن فارس العبدي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (أخبرنا علي وهو ابن المبارك) الهنائي بضم الهاء وتخفيف النُّون ممدودًا البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (4) أبواب (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيّ المدنِيُّ (عن أبي قتادة) الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي سلمة لعبد الله بن أبي قتادة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتبذوا الزهو والرطب جميعًا) أي مجتمعين (ولا تنتبذوا الرطب والزبيب جميعًا) أي مجتمعين (ولكن انتبذوا كل واحد) منهما (على حدته) أي على انفراده خوفًا من سرعة الإسكار، قال علي بن المبارك (وزعم يحيى) بن أبي كثير (أنَّه) أي أن يحيى (لقي) ورأى (عبد الله بن أبي قتادة) بعد ما روى هذا الحديث عن أبي سلمة (فحدثه) أي فحدَّث عبد الله بن أبي قتادة ليحيى (عن أَبيه) أبي قتادة (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمثل هذا) أي بمثل هذا الحديث الذي حدَّثه أبو سلمة.

ص: 45

5024 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ أبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا حُسَينٌ المُعَلِّمُ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، بِهذَينِ الإِسْنَادَينِ. غَير أَنَّهُ قَال:"الرُّطَبَ وَالزَّهْوَ. وَالتَّمرَ وَالزبِيبَ".

5025 -

(00)(00) وحدثني أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا عَفَانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا أَبَانُ العَطَّارُ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أن نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ خَلِيطِ التمْرِ وَالبُسْرِ. وَعَنْ خَلِيطِ الزبِيبِ وَالتَّمْرِ. وَعَنْ خَلِيطِ الزهْو وَالرُّطَبِ. وَقَال:"انْتَبِذُوا كُل وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ"

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:

5024 -

(00)(00)(وحدثنيه أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني الخراساني (حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا حسين) بن ذكوان (المعلم) المكتب العوذي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(حَدَّثَنَا يحيى بن أبي كثير بهذين الإسنادين) يعني إسناد عبد الله بن أبي قتادة وإسناد أبي سلمة، غرضه بيان متابعة حسين المعلم لعلي بن المبارك (غير أنَّه) أي لكن أن حسينًا (قال) في روايته لا تبيعوا (الرطب والزهو والتَّمر والزبيب) فذكر التمر مع الزبيب بدل الرطب.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:

5025 -

(00)(00)(وحدثني أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني، ثِقَة، من (11)(حَدَّثَنَا عفان بن مسلم) بن عبد الله الأَنْصَارِيّ أبو عثمان الصفار البَصْرِيّ، ثِقَة، من (10)(حَدَّثَنَا أَبان) بن يزيد (العطار) أبو يزيد البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7)(حَدَّثَنَا يحيى بن أبي كثير حَدَّثني عبد الله بن أبي قتادة عن أَبيه) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أَبان بن يزيد لعلي بن المبارك (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط التمر والبسر، وعن خليط الزبيب والتَّمر، وعن خليط الزهو والرطب وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (انتبذوا كل واحد) من هذه الأنواع (على حدته) أي على

ص: 46

وحدثني أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ هذَا الحَدِيثِ.

5026 -

(1943)(9) حدثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيبٍ (وَاللَّفْظُ لِزُهَيرٍ) قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أبي كَثِيرٍ الحَنَفِيّ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الزبِيبِ وَالتَّمْرِ. وَالبُسْرِ وَالتَمْرِ. وَقَال: "يُنبذُ كُل واحدٍ مِنهُمَا عَلَى حِدَتِهِ"

ــ

انفراده خوفًا من سرعة الإسكار، قال يحيى بن أبي كثير (وحدثني أبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن عن أبي قتادة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الحديث) الذي حدثنيه عبد الله بن أبي قتادة.

وقوله (وحدثني أبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن) الخ .. قائله يحيى بن أبي كثير كما أشرنا إليه في الحل فإنَّه في هذه الطريق روى عن عبد الله بن أبي قتادة بلا واسطة ثم ذكر أن أَبا سلمة حدثه أَيضًا بلا واسطة عن أبي قتادة وليس هذا من كلام المؤلف وليست رواية مستقلة كما يتوهم من ليس له خبرة باصطلاحات مسلم فإن بين أبي سلمة وبين مسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث جابر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

5026 -

(1943)(9)(حَدَّثَنَا زهير بن حرب وأبو كُريب) محمَّد بن العلاء الهمداني الكُوفيّ (واللفظ لزهير قالا حَدَّثَنَا وكيع عن عكرمة بن عمار) العجلي اليماميّ (عن أبي كثير الحنفي) الغبري يزيد بن عبد الرَّحْمَن اليماميّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) خلط (الزبيب والتَّمر) في الانتباذ (و) عن خلط (البسر والتَّمر) فيه خوفًا من سرعة الإسكار إذا نبذا معًا (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينبذ) أي يلقى في الماء (كل واحد منهما) أي من النوعين (على حدته) أي على انفراده للعلة المذكورة.

ص: 47

5027 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أُذَينَةَ (وَهُوَ أبُو كَثِيرٍ الغُبَرِيُّ). حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

5028 -

(1944)(10) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِي بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النَّسائيّ في الأشربة [5570] وابن ماجه في الأشربة [3439].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

5027 -

(00)(00)(وحدثنيه زهير بن حرب حَدَّثَنَا هاشم بن القاسم) بن مسلم بن مقسم الليثيّ مولاهم أبو النضر البغدادي، ثِقَة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حَدَّثَنَا عكرمة بن عمار حَدَّثَنَا يزيد بن عبد الرَّحْمَن بن أذينة وهو أبو كثير الغبري) بضم الغين وفتح الباء نسبة إلى بني غبر وهم بطن من يشكر، وكان أعمى وينسب بالسحيمي وبالحنفي أَيضًا، وفي اسم أَبيه خلاف فقيل عبد الله وقيل عبد الرَّحْمَن وكذلك في جده فقيل أذينة وقيل غفيلة (حَدَّثني أبو هريرة) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هاشم بن القاسم لوكيع (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق هاشم (بمثله) أي بمثل حديث وكيع.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث جابر بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

5028 -

(1944)(10)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا علي بن مسهر) القُرشيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن) أبي إسحاق (الشَّيبانِيّ) سليمان بن أبي سليمان فيروز الكُوفيّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن حبيب) ابن أبي ثابت قيس الأسدي مولاهم أبي يحيى الكُوفيّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (15) بابا (عن سعيد بن جبير) الوالبي مولاهم الكُوفيّ، ثِقَة، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (قال) ابن عباس (نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن

ص: 48

يُخْلَطَ التمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا. وَأنْ يُخْلَطَ البُسْرُ وَالتمرُ جَمِيعًا. وَكَتَبَ إلى أَهلِ جُرَشَ يَنْهَاهُمْ عَنْ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزبِيبِ.

5529 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ وَهبُ بْنُ بَقِيّةَ. أَخبَرَنَا خَالِدٌ (يعني الطَّحَّانَ) عَنِ الشيبَانِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. في التَّمرِ وَالزبِيبِ. وَلَمْ يَذْكُرِ: البُسْرَ وَالتمْرَ.

5030 -

(1945)(11) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ،

ــ

يخلط التمر والزبيب جميعًا) في الانتباذ والشرب (وأن يخلط البسر والتَّمر جميعًا وكتب) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (إلى أهل جرش) بضم الجيم وفتح الراء بلد باليمن، وذكر الحموي أنها مدينة عظيمة باليمن وولاية واسعة من مخاليف اليمن من جهة مكة وفتحت سنة عشر من الهجرة صلحًا ونسب إليه بعض المحدثين، وأما جرش بفتح الجيم والراء فهي مدينة قديمة ببلقاء الأردن وليست مرادة هنا راجع معجم البلدان [5/ 126]. حالة كونه (ينهاهم عن) شرب (خليط التمر والزبيب) أي مخلوطيهما.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النَّسائيّ في الأشربة [5559].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

5529 -

(00)(00)(وحدثنيه وهب بن بقية) بن عثمان الواسطيّ أبو محمَّد ويقال له وهبان، ثِقَة، من (10) روى عنه في (2) الجهاد والأشربة (أخبرنا خالد) بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن المزني أبو الهيثم الواسطيّ (يعني الطَّحَّان) ثِقَة، من (8)(عن) سليمان بن أبي سليمان (الشَّيبانِيّ) الكُوفيّ (بهذا الإسناد) يعني عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "مثله" غرضه بيان متابعة الطَّحَّان لعلي بن مسهر (في التمر والزبيب و) لكن (لم يذكر) الطَّحَّان (البسر والتَّمر).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث جابر بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:

5030 -

(1945)(11)(حَدَّثني محمَّد بن رافع) القشيري (حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) بن همام الصَّنْعانِيّ (أخبرنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي

ص: 49

عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ انهُ كَانَ يَقُولُ: قَد نُهِيَ أَنْ يُنبَذَ البُسرُ وَالرطَبُ جَمِيعًا. وَالتَّمْرُ وَالزبِيبُ جَمِيعًا.

5031 -

(00)(00) وحدثني أبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَال: قَدْ نُهِيَ أنْ يُنْبَذَ البُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا. وَالتَّمْرُ وَالزبِيبُ جَمِيعًا.

5032 -

(1946)(12) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ انَهُ أخْبَرَهُ

ــ

المدنِيُّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (أنَّه) أي أن ابن عمر (كان يقول قد نهي) بالبناء للمجهول ومثل هذا في حكم الرفع كما هو معلوم عندهم أي نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (أن ينبذ البسر والرطب) أي أن يلقيا (جميعًا) أي معًا في ماء في إناء واحد (و) أن ينبذ (التمر والزبيب جميعًا) لسرعة الإسكار إليهما بسبب جمعهما في الانتباذ. وهذا الحديث مما انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5031 -

(00)(00)(وحدثني أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني (حَدَّثَنَا روح) بن عبادة بن العلاء القيسي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(حَدَّثَنَا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة روح لعبد الرَّزّاق (أنَّه) أي أن ابن عمر (قال قد نهي أن ينبذ البسر والرطب جميعًا والتمر والزبيب جميعًا) المخالفة بين الروايتين بزيادة لفظة (كان يقول) في الرواية الأولى.

ثم استدل المؤلف رحمه الله على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:

5032 -

(1946)(12)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد حَدَّثَنَا ليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (أنَّه أخبره) أي أخبر أنس لابن شهاب

ص: 50

أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ، أن يُنبَذَ فِيهِ.

5033 -

(00)(00) وحدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَان بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ

ــ

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن) الانتباذ في (الدباء) بضم الدال وتشديد الباء الموحدة وبالمد وقد يقصر وقد تكسر وهو اليقطين اليابس أي الوعاء المتخذ منه وهو القرع وهو جمع واحدة دباءة وليس المراد النهي عن أكله وإنما كان أهل العرب يستخدمون غلاف الدباء في أواني الخمر وكذلك الظروف الآتية من المزفت والحنتم والنقير وكانت هذه الظروف مختصة بالخمر فلما حرمت الخمر حرم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استعمال هذه الظروف إما لأن في استعمالها تشبهًا بشارب الخمر وتذكيرًا لشربها وإما لأن هذه الظروف كانت فيها أثر الخمر فلما مضت مدة أباح النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استعمال هذه الظروف كما سيأتي في أحاديث الباب فإن أثر الخمر زال منها أو لأن الشيء إذا حرم فإن اللائق بتحريمه أن يبالغ في التحريم ويشدد في الأمر ليتركه النَّاس مرة فهذا تركوه واستقر التحريم يزول التشديد بعد حصول المقصود فأباح لهم استعمال تلك الأواني (و) عن الانتباذ في (المزفت) أي في الإناء المطلي بالزفت وهو القار ويسمى المزفت بالمقير والزفت وكذا القار نوع من المعادن تطلى به السفن مع شحم الحوت لئلا يتخرق خشبها وهو الآن (بويا حق الخشب) وقوله (أن ينبذ فيه) أي في المذكور من الدباء والمزفت بدل اشتمالي مما قبله لأنه في تأويل مصدر.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في الأشربة [5587] والنَّسائيّ في الأشربة [5629].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5033 -

(00)(00)(وحدثني عمرو) بن محمَّد (النَّاقد) البغدادي (حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة عن الزُّهْرِيّ عن أنس بن مالك) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان لليث بن سعد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه) أي في المذكور من الإناءين، والمخالفة بين الروايتين أنَّه قال في الأولى (أن

ص: 51

5034 -

(1947)(13) قَال: وَأَخْبَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَنْتَبِذُوا في الدباءِ وَلا في المُزَفَّتِ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: وَاجْتَنِبُوا الحَنَاتِمَ.

5035 -

(00)(00) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ

ــ

ينبذ) من نبذ الثلاثي، وفي الثَّانية (أن ينتبذ) من انتبذ الخماسي والافتعال فيه لمبالغة معنى الثلاثي كما علم في محله.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

5034 -

(1947)(13)(قال) سفيان بن عيينة بالسند السابق (وأخبره) أي وأخبر لابن شهاب (أبو سلمة) بن عبد الرَّحْمَن بن عوف (أنه) أي أن أَبا سلمة (سمع أَبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت ثم يقول أبو هريرة) كأنه سمعه من غيره لا من الرسول (واجتنبوا الحناتم) أي الانتباذ فيها، قوله (قال وأخبره أبو سلمة) الظاهر أن قائله سفيان بن عيينة، وضمير الفاعل في قال وكذا ضمير المفعول في (أخبره) عائد إلى الزُّهْرِيّ، والمراد أن الزُّهْرِيّ روى لسفيان أولًا عن أنس ثم رواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهذا السند من خماسياته.

قوله (واجتنبوا الحناتم) جمع حنتم بفتح الحاء المهملة وسكون النُّون وفتح الفوقية، قال أبو هريرة: هي الجرار الخضر، وقال ابن عمر: هي الجرار كلها، وقال أنس بن مالك: هي جرار يؤتى بها من مصر مقيرات الأجواف وقالت عائشة: هي جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر اهـ عيني، وقال ابن أبي ليلى: هي جرار أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف، وقال عطاء: هي جرار كانت تعمل من طين وشعر وأدم والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود أخرجه في الأشربة [3693] والنَّسائيّ فيها [5630] وابن ماجه فيها [3444].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5035 -

(00)(00)(حدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حَدَّثَنَا بهز) بن

ص: 52

حَدَّثَنَا وُهَيب، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى عَنِ المُزَفتِ وَالحَنْتَمِ وَالنقِيرِ.

قَال: قِيلَ لأبِي هُرَيرَةَ: مَا الحَنْتَمُ؟ قَال: الجِرَار الخُضْرُ.

5036 -

(00)(00) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيّ الجَهْضَمِيّ. أخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيسٍ. حَدَّثنا ابْنُ عَوْنٍ،

ــ

أسد العمي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(حَدَّثَنَا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهليّ مولاهم أبو بكر البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (13) بابا (عن سهيل) بن أبي صالح السمان، صدوق، من (6)(عن أَبيه) أبي صالح السمان ذكوان الزَّيات، ثِقَة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح لأبي سلمة (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عن) الانتباذ في (المزفت) وهو الإناء المطلي بالزفت كما مر من أي نوع كان من خشب أو حديد أو نحاس مثلًا (و) عن الانتباذ في (الحنتم) وهو الجرة المعمولة من طين حتَّى صار فخارًا (و) عن الانتباذ في (النقير) بفتح النُّون وكسر القاف جذع ينقر وسطه وينتبذ فيه اهـ فتح الباري، قال سفيان (قال) أبو سلمة:(قيل لأبي هريرة: ما الحنتم قال) أبو هريرة الحنتم هي (الجرار) بكسر الجيم جمع جرة بفتحها وهو الإناء المعمول من طين مشوي (الخضر) جمع أخضر أو خضراء.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5536 -

(00)(00)(حدثنا نصر بن عليّ) بن نصر (الجهضمي) نسبة إلى الجهاضمة اسم لمحلة في البصرة البَصْرِيّ (أخبرنا نوح بن قيس) بن رباح الأَزدِيّ أبو روح البَصْرِيّ، روى عن ابن عون في الأشربة، وأخيه خالد بن قيس في اللباس، وأيوب وثمامة بن عبد الله بن أنس، ويروي عنه (م عم) ونصر بن عليّ وقتيبة ومسدد وأبو كامل وغيرهم، وثقة أَحْمد وابن معين وأبو داود، وقال في التقريب: رمي بالتشيع، من الثامنة، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة [3 أو 184] وليس في مسلم من اسمه نوح إلَّا هذا (حَدَّثَنَا) عبد الله (بن عون) بن أرطبان بفتح فسكون ففتح المزني أبو عون

ص: 53

عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أبِي هُرَيرَةَ؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال لِوَفدِ عَبْدِ القَيسِ:"أَنْهَاكمْ عَنِ الدُّباءِ وَالحَنْتَمِ وَالنقِيرِ وَالمُقَيَّرِ -وَالحَنْتَم المَزَادَة المَجْبُوبَةُ- وَلكِنِ اشْرَبْ في سِقَائِكَ وَأَوْكِهِ"

ــ

البَصْرِيّ، ثِقَة ثبت، من (6)(عن محمَّد) بن سيرين الأَنْصَارِيّ البَصْرِيّ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة محمَّد بن سيرين لمن روى عن أبي هريرة (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس) والوفد الجماعة المختارة الوافدون على الملوك (أنهاكم عن) الانتباذ في (الدباء) أي في أواني الدباء وهي القرع اليابس وهي كثيرة في الأرميا تسمى عندهم (بقي)(و) عن الانتباذ في (الحنتم) رهط الجرار المعمولة من الطِّين المشوي (و) عن الانتباذ في (النقير) وهو الخشب المنقور وسطه وهي برميل الأخشاب (و) عن الانتباذ في (المقير) وهو الإناء المطلي بالقار ويسمى بالمزفت كما مر وهو بضم الميم وفتح القاف والياء المشددة المفتوحة على صيغة اسم المفعول ما طلبي بالقار ويقال له التفسير والزفت قيل هو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن وغيرها كما تطلى بالزفت اهـ قسطلاني، فعلم من كلامه أن القار اسم لرماد النبات والزفت نوع من المعدن.

قال القاضي زكريا الأَنْصَارِيّ: المراد بالجميع الأوعية والنهي عن الانتباذ فيها لأن الشراب فيها يسرع إليه التخمير فيصير مسكرًا من غير شعور به وهذا كما قال الثَّوريّ منسوخ بخبر (كنت نهيتكم عن الانتباذ إلَّا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا) خلافًا للإمامين مالك وأَحمد اهـ ذهني.

(والحنتم المزادة المجبوبة) وهذا تفسير آخر للحنتم والمزادة كما مر ظرف من الجلد يحمل فيه المسافر زاده والمجبوبة هي المقطوعة رأسها فصارت كهيئة الدن وليست لها عزلاء من أسفلها يتنفس الشراب منها فيكون شرابها مسكرًا ولا يدري به والعزلاء بوزن الحمراء الدبر والاست والمراد به هنا الثقب في أسفل الزق يؤخذ منه الماء وهو غير الفم كذا في القاموس (ولكن اشرب) شرابك (في سقائك) أي في قربتك (وأوكه) أي أوك سقاءك أي اربط فمه لئلا يتنفس منه الشراب فيكون مسكرًا، قال العلماء: معناه أن السقاء إذا أوكي وربط فمه أمنت مفسدة الإسكار لأنه متى تغير نبيذه واشتد وصار مسكرًا شق الجلد الموكى فما لم يشقه لا يكون مسكرًا بخلاف الدباء والحنتم والمزادة المجبوبة

ص: 54

5037 -

(1948)(14) حدثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشْعَثِيّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ. ح وَحَدثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنْ شُعْبَةَ. كُلهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيدٍ، عَنْ عَلِيٍّ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُنْتَبَذَ في الدباءِ وَالمُزَفَّتِ.

هذَا حَدِيثُ جَرِيرٍ.

وَفِي حَدِيثِ عَبْثَرٍ وَشُعْبَةَ؛ أن

ــ

والمزفت وغيرها من الأوعية الثخينة فإنَّه قد يكون ما فيها مسكرًا ولا يعلم والإيكاء جعل الوكاء وهو الحبل على فم القربة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أنس بحديث علي رضي الله عنهما فقال:

5037 -

(1948)(14)(حَدَّثَنَا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) الكُوفيّ، ثِقَة، من (10)(أخبرنا عبثر) بن القاسم الزبيدي الكُوفيّ، ثِقَة، من (8)(ح وحدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا جرير) بن عبد الحميد الضَّبِّيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (8)(ح وحدثني بشر بن خالد) الفرائضي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (10)(أخبرنا محمَّد يعني ابن جعفر عن شعبة كلهم) أي كل من عبثر وجرير وشعبة رووا (عن الأَعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكُوفيّ (عن إبراهيم) بن يزيد بن شريك (التيمي) نسبة إلى تيم الرباب أبي أسماء الكُوفيّ، ثِقَة، من (5)(عن الحارث بن سويد) التَّيميّ أبي عائشة الكُوفيّ، روى عن علي بن أبي طالب في الأشربة، وعبد الله بن مسعود في كفارة المرض وغيره، ويروي عنه (ع) وإبراهيم التَّيميّ وعمارة بن عمير وأشعث بن أبي الشعثاء، عظم أَحْمد شأنه، ووثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال في التقريب: ثِقَة ثبت، من الثَّانية، مات بعد سبعين (70)(عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذه الأسانيد الأولان منها من سداسياته والأخير من سباعياته (قال) علي (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتبد) أي أن يلقى النبيذ (في الدباء والمزفت هذا) المذكور لفظ (حديث جرير) وروايته (و) لفظه (في حديث عبثر وشعبة) وروايتهما (أن

ص: 55

النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ.

5038 -

(1949)(15) وحدثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كِلاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ. قَال زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ. قَال: قُلتُ لِلأَسْوَدِ: هَل سَألتَ أمَّ المُومِنِينَ عَمَّا يُكْرَهُ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ قَال: نَعَمْ. قُلتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَخْبِرِينِي عَمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ. قَالتْ: نَهَانَا، أَهْلَ البَيتِ، أَنْ نَنْتَبِذَ في الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ. قَال: قُلتُ لَهُ: أَمَا

ــ

النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن) الانتباذ في (الدباء والمزفت) بصيغة أن وترك لفظ الانتباذ وبيان مثل هذه المخالفة الدقيقة من شدة حفظه وإتقانه وتورّعه من الكذب رحمه الله تعالى وجزاه الله عنا خيرًا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [5594] وأبو داود [3697] والنَّسائيّ [5627].

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أنس بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:

5038 -

(1949)(15)(وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير) بن عبد الحميد الضَّبِّيّ الكُوفيّ (قال زهير حَدَّثَنَا جرير عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب بتاء مثناة ثقيلة بعدها موحدة الكُوفيّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (19) بابا (عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النَّخَعيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (11) بابا (قال) إبراهيم (قلت للأسود) بن يزيد بن قيس النَّخَعيّ أبي عمرو الكُوفيّ، ثِقَة مخضرم فقيه، من (2) روى عنه في (5) أبواب (هل سألت) يَا أسود (أم المؤمنين) عائشة رضي الله تعالى عنها (عما) أي عن الأواني التي (يكره أن ينتبذ فيه) أي يكره الانتباذ فيها لسرعة إسكار ما فيها. وهذا السند من سداسياته (قال) الأسود (نعم) سألتها فـ (قلت) لها في سؤالي (يَا أم المومنين أخبريني عما) أي عن الإناء الذي (نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتبذ فيه؟ ) أي عن إلانتباذ فيه، والجملة الفعلية بدل من ضمير عنه (قالت) عائشة (نهانا) رسول الله صلى الله عليه وسلم أخص (أهل البيت) أي أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن ننتبذ) أي أن نلقي النبيذ (في) إناء (الدباء و) في الإناء (المزفت، قال) إبراهيم (قلت له) أي للأسود (أما) الهمزة فيه

ص: 56

ذَكَرَتِ الحَنْتَمَ وَالجَرَّ؟ قَال: إِنما أُحَدِّثُكَ بِمَا سَمِعتُ. أَأُحَدِّثُكَ مَا لَمْ أَسمَع؟

5039 -

(00)(00) وحدثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشْعَثِيّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ.

5040 -

(00)(00) وحدثني محمدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ القَطَّانُ). حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ. قَالا: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَسُلَيمَانُ وَحَمَّادٌ،

ــ

للاستفهام الاستخباري، وما نافية أي أما (ذكرت) أم المُؤْمنين (الحنتم والجر) مرادف لما قبله على التفسير الأول لأبي هريرة أي ألم تذكرهما لك؟ (قال) الأسود لإبراهيم (إنما أحدثك بما سمعت) منها (أأحدثك) الاستفهام فيه للإنكار بمعنى النفي أي ما أحدثك (ما لم أسمع) منها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في الأشربة [5594] والنَّسائيّ في الأشربة [5590 إلى 5594].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

5039 -

(00)(00)(وحدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) الكُوفيّ (أخبرنا عبثر) بن القاسم الزبيدي الكُوفيّ (عن الأَعمش عن إبراهيم) النَّخَعيّ (عن الأسود) بن يزيد النَّخَعيّ (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأَعمش لمنصور بن المعتمر (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثها فقال:

5040 -

(00)(00)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي، صدوق، من (10)(حَدَّثَنَا يحيى) بن سعيد بن فروخ التَّمِيمِيّ البَصْرِيّ (وهو القطَّان) ثِقَة، من (9)(حدثنا سفيان) الثَّوريّ (وشعبة) بن الحجاج كلاهما (قالا حَدَّثَنَا منصور) بن المعتمر السلمي الكُوفيّ (وسليمان) بن مهران الأَعمش (وحماد) بن أبي سليمان الأَشْعريّ مولاهم مقرون بمنصور والأعمش واسم أبي سليمان مسلم مولى إبراهيم بن أبي موسى

ص: 57

عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ، عَن عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثلِهِ.

5041 -

(00)(00) حَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا القَاسِمُ (يَعْنِي ابْنَ الفَضْل). حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ حَزْنٍ القُشَيرِيُّ. قَال: لَقِيتُ عَائِشَةَ فَسألتُهَا عَنِ النَّبِيذِ؛ فَحَدَثَتْنِي؛ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيسِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيذِ؛ فَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْتَبِذُوا في الدُّبَّاءِ

ــ

الأَشْعريّ أبو إسماعيل الكُوفيّ الفقيه، كان الأَعمش يسيء الرأي فيه، روى عن إبراهيم النَّخَعيّ في الأشربة، وأنس وأبي وائل وابن المسيّب، ويروي عنه (م عم) والثوري وشعبة وابنه إسماعيل ومغيرة وأبو حنيفة ومسعر، قال أَحْمد: مقارب، وقال ابن معين: حماد ثِقَة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال العجلي: كُوفِيّ ثِقَة، وقال في التقريب: فقيه، صدوق له أوهام، من الخامسة، رمي بالإرجاء، مات سنة (120) عشرين ومائة، وعلق له البُخَارِيّ قوله (عن إبراهيم) النَّخَعيّ (عن الأسود عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان وشعبة لجرير بن عبد الحميد في الرواية عن منصور بن المعتمر وساقا (بمثله) أي بمثل حديث جرير عن منصور.

ثم ذكر المتابعة ثالثًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

5041 -

(00)(00)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا القاسم يعني ابن الفضل) بن معدان الأَزدِيّ أبو المغيرة البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (3) أبواب (حَدَّثَنَا ثمامة) بضم المثلثة وفتح الميم المخففة (بن حزن) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي آخره نون (القشيري) البَصْرِيّ، روى عن عائشة في الأشربة، وعمر وعثمان وعدة، ويروي عنه (م ت س) والقاسم بن الفضل وداود بن أبي هند والجريري، وثقه ابن معين وأبو داود، وقال في التقريب: ثِقَة، مخضرم، من الثَّانية، أسلم في حياته صلى الله عليه وسلم ولم يره، وفد على عمر بن الخَطَّاب، وله (35) خمس وثلاثون سنة (قال) ثمامة (لقيت عائشة) أم المُؤْمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ثمامة للأسود بن يزيد (فسألتها عن) حكم (النبيد) أهو حلال أم حرام؟ (فحدثتني) معطوف على سألتها (أن وفد عبد القيس) وجماعتهم (قدموا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن النبيذ فنهاهم) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (أن ينتبذوا) أي أن يتخذوا النبيذ في الدباء

ص: 58

وَالنقِيرِ وَالمُزَفَّتِ وَالحَنتَمِ.

5042 -

(00)(00) وحدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيدٍ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ.

5043 -

(00)(00) وحدَّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهابِ الثقَفِيّ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيدٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. إلا أَنَّهُ جَعَلَ -مَكَانَ المُزَفَتِ-: المُقَيَّرِ

ــ

والنقير والمزفت).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

5042 -

(00)(00)(وحدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي الدورقي أبو يوسف البغدادي، ثِقَة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حَدَّثَنَا) إسماعيل بن إبراهيم ابن مقسم الأسدي البَصْرِيّ المعروف ب (ابن عليّة) اسم أمه، ثِقَة، من (8)(حَدَّثَنَا إسحاق بن سويد) بن هبيرة العدوي، نسبة إلى عدي بن كعب التَّمِيمِيّ البَصْرِيّ، وثقه أَحْمد وابن معين والنَّسائيّ وابن سعد والعجلي، وقال في التقريب: صدوق، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن معاذة) بنت عبد الله العدوية أم الصهباء البصرية امرأة صلة بن أشيم، ثِقَة، من (3) روى عنها في (4) أبواب (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة معاذة لمن روى عن عائشة (قالت) عائشة (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) الانتباذ في (الدباء والحنتم والنقير والمزفت).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

5043 -

(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا عبد الوهَّاب) بن عبد المجيد (الثَّقَفيّ) البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا إسحاق بن سويد) التَّمِيمِيّ البَصْرِيّ (بهذا الإسناد) يعني عن معاذة عن عائشة، غرضه بيان متابعة عبد الوهَّاب لابن عليّة (إلا أنَّه) أي لكن أن عبد الوهَّاب (جعل) أي ذكر (مكان المزفت) أي بدله (المقير) ومعناهما واحد.

ص: 59

5044 -

(1950)(16) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. ح وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَباسٍ يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "أَنهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالنقِيرِ وَالمُقَيرِ".

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ، جَعَلَ -مَكَانَ المُقَيرِ-: المُزَفَّتَ.

5045 -

(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ،

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أنس بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

5044 -

(1950)(16)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ (أخبرنا عباد بن عباد) بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة العتكي أبو معاوية البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي جمرة) البَصْرِيّ نصر بن عمران بن عصام الضبعي، ثِقَة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (ح وحدثنا خلف بن هشام) بن ثعلب البَزَّار أبو محمَّد البغدادي، ثِقَة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حَدَّثَنَا حماد بن زيد) بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8)(عن أبي جمرة) نصر بن عمران (قال) أبو جمرة (سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند من رباعياته أَيضًا (قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنهاكم عن) الانتباذ في (الدباء والحنتم والنقير والمقير وفي حديث حماد) وروايته (جعل) خلف بن هشام (مكان المقير المزفت).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في أبواب كثيرة منها في الجهاد باب أداء الخمس [95 30] وأبو داود في الأشربة [3692 أو 3694 و 3696] والنَّسائيّ في الأشربة [5692] والتِّرمذيّ في الإيمان [2741].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

5045 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا علي بن مسهر) القُرشيّ

ص: 60

عَنِ الشيبَانِي، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُزَفتِ وَالنقِيرِ.

5046 -

(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ، عَنْ حَبِيبِ ابْنِ أبِي عَمْرَةَ، عَنْ سعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ. وَأَنْ يُخْلَطَ البَلَحُ بِالزَّهْو

ــ

الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن) أبي إسحاق (الشَّيبانِيّ) سليمان بن أبي سليمان فيروز الكُوفيّ، ثِقَة، من (5) روى له في (14) بابا (عن حبيب) بن أبي ثابت قيس الأسدي مولاهم أبي يحيى الكُوفيّ، ثِقَة، من (3)(عن سعيد بن جبير) الوالبي الكُوفيّ، ثِقَة، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن جبير لأبي جمرة (قال) ابن عباس (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

5046 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا محمَّد بن فضيل) بن غزوان الضَّبِّيّ الكُوفيّ، صدوق، من (9)(عن حبيب بن أبي عمرة) الأسدي الحماني القصاب، ويقال اللحام أبي عبد الله الكُوفيّ، روى عن سعيد بن جبير في الأشربة وأم الدَّرداء، ويروي عنه (خ م) ومحمَّد بن فضيل وعبد الواحد بن زياد، وثقه ابن معين والنَّسائيّ، وقال جرير بن عبد الحميد: كان ثِقَة، وقال أَحْمد: شيخ ثِقَة، قال ابن المدينيّ: له نحو خمسة عشر حديثًا، وقال في التقريب: ثِقَة، من السادسة، مات سنة (142) اثنتين وأربعين ومائة (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) رضي الله عنهما، وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حبيب بن أبي جمرة لحبيب بن أبي ثابت في الرواية عن سعيد بن جبير (قال) ابن عباس رضي الله عنهما (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير و) نهى (أن يخلط البلح بالزهو) وهو زيادة زادها ابن أبي عمرة في روايته، والبلح بفتحتين البسر الملون إلَّا أن تلوينه قليل

ص: 61

5047 -

(00)(00) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى البَهْرَانِيِّ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ. ح وَحَدثنَا محمدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالنَقِيرِ وَالمُزَفَّتِ.

5048 -

(1951)(17) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ،

ــ

بخلاف الزهو اهـ دهني، وقيل البلح تمر غير ناضج فيه خضرة، والزهو تمر ظهر منه بعض التلون دون كامله أي نهى أن يخلط البلح والزهو في إناء واحد ويشرب لإسكاره إذا اشتد، وسبق عن النووي أن الزهو هو البسر الملون الذي بدًا فيه حمرة أو صفرة وطاب أكله اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

5047 -

(00)(00)(حدثنا محمَّد بن المثنَّى) العنزي البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهدي) بن حسان الأَزدِيّ البَصْرِيّ (عن شعبة عن يحيى) بن عبيد بلا إضافة (البهراني) بفتح الموحدة وسكون الهاء أبو عمر الكُوفيّ، روى عن ابن عباس في الأشربة، ويروي عنه (م د س ق) وشعبة والأعمش وزيد بن أبي أنيسة، وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال في التقريب: صدوق، من الرابعة (قال) يحيى (سمعت ابن عباس ح وحدثنا محمَّد بن بشار حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر حَدَّثَنَا شعبة عن يحيى) بن عبيد (أبي عمر) البهراني هذا هو الصواب بالكنية، ووقع في بعض النسخ (ابن أبي عمر) بزيادة لفظة ابن، وهو تحريف من النساخ (عن ابن عباسٌ) رضي الله عنهما. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة يحيى البهراني لأبي جمرة وسعيد بن جبير (قال) ابن عباس (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والنقير والمزفت).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث أنس بحديث أبي سعيد رضي الله عنهما فقال:

5048 -

(1951)(17)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ (أخبرنا يريد بن زريع)

ص: 62

عَنِ التيمِيِّ. خ وَحَدْثَنَا يَحيَى ابن أيوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. اخبَرَنَا سُلَيمَانُ التَّيمِيُّ. عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الجَرّ أنْ يُنْبَذَ فِيهِ.

5049 -

(00)(00) حدثنا يَحْيَى بْنُ أيوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أبي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبي نَضْرَةَ، عَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالنَقِيرِ وَالمُزفَّتِ

ــ

التَّمِيمِيّ العيشي البَصْرِيّ (عن) سليمان بن طرخان (التَّيميّ) البَصْرِيّ (ح وحدثنا يحيى بن أَيُّوب) المقابري (حَدَّثَنَا) إسماعيل (بن عليّة) الأسدي البَصْرِيّ (أخبرنا سليمان) بن طرخان (التَّيميّ) البَصْرِيّ (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي سعيد) الخُدرِيّ رضي الله عنه. وهذان السندان من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجر) بفتح الجيم وتشديد الراء هو بمعنى الجرار الواحدة جرة اهـ نووي أي نهى (أن ينبذ فيه) أي أن يلقى فيه النبيذ وهذا يدخل فيه جميع أنواع الجرار من الحنتم وغيره وهو منسوخ كما سبق اهـ نووي، والجر والجرار جمع جرة وهو الإناء المعروف من الفخار وأراد بالنهي الجرار المدهونة لأنها أسرع في الشدة اهـ نووي.

وهذا الحديث مر عند المصنف في كتاب الإيمان باب الأمر بالإيمان باللهِ تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشاركه في روايته النَّسائيّ في الأشربة [5633] وابن ماجه في الأشربة [3446].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

5049 -

(00)(00)(حَدَّثَنَا يحيى بن أَيُّوب) المقابري (حَدَّثَنَا ابن عليّة أخبرنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك (عن أبي سعيد الخُدرِيّ) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لسليمان التَّيميّ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت).

ص: 63

5055 -

(00)(00) وحدَّثناه مُحَمَّدُ بن المُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أبي، عَنْ قَتَادَةَ، بِهذا الإِسْنَادِ؛ أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم نَهَى أنْ يُنْتَبَذَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

5051 -

(00)(00) وحدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنِي أبي. حَدَّثَنَا المُثَنَّى (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) عَنْ أبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشُرْبِ في الحَنْتَمَةِ وَالدُّباء وَالنَّقِيرِ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:

5050 -

(00)(00)(وحدثناه محمَّد بن المثنَّى حَدَّثَنَا معاذ بن هشام) الدستوائي (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البَصْرِيّ (عن قتادة بهذا الإسناد) يعني عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخُدرِيّ. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة هشام لسعيد بن أبي عروبة في الرواية عن قتادة (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتبذ) في الدباء والحنتم. الخ (فذكر) هشام (مثله) أي مثل ما روى سعيد بن أبي عروبة لفظًا ومعنى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

5051 -

(00)(00)(وحدثنا نصر بن عليّ الجهضمي) البَصْرِيّ (حَدَّثني أبي) علي بن نصر بن عليّ بن صهبان بضم المهملة وسكون الهاء الأَزدِيّ الجهضمي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (11) بابا (حَدَّثَنَا المثنَّى يعني ابن سعيد) الضبعي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(عن أبي المتوكل) الناجي علي بن داود البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي سعيد) الخُدرِيّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي المتوكل لأبي نضرة (قال) أبو سعيد (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب في الحنتمة) أي الجرة (والدباء والنقير).

ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث أنس بحديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم فقال:

ص: 64

5052 -

(1952)(18) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَسُرَيجُ بْنُ يُونُسَ (وَاللَّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ) قَالا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَال: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَهُمَا شَهِدَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ.

5053 -

(00)(00) حَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثنَا جَرِيرٌ (يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ). حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ. قَال: سَألتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ؟ فَقَال: حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَبِيذَ الجَر. فَأتَيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلتُ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ؟ قَال:

ــ

5052 -

(1952)(18)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسريج بن يونس) بن إبراهيم المروزي الأصل البغدادي، ثِقَة، من (10) روى عنه في (11) بابا (واللفظ لأبي بكر قالا حَدَّثَنَا مروان بن معاوية) بن الحارث الفزاري الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن منصور بن حيان) بتحتانية ابن حصين الأَزدِيّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (2) بابين (عن سعيد بن جبير) الوالبي الكُوفيّ (قال) سعيد (أشهد على ابن عمر وابن عباس) وهذا السند من خماسياته (أنهما شهدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والمقير).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأشربة باب في الأوعية برقم [3619] والنَّسائيّ في الأشربة باب النهي عن نبيذ الجر مفردًا برقم [5619] وباب ذكر الدلالة على النهي للموصوف من الأوعية [5643].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثهما رضي الله تعالى عنهما فقال:

5053 -

(00)(00)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا جرير يعني ابن حازم) بن زيد بن عبد الله الأَزدِيّ أبو النضر البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(حدثنا يعلى بن حكيم) الثَّقَفيّ مولاهم المكيّ، ثِقَة، من (6) روى عنه في (4) أبواب (عن سعيد بن جبير) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يعلى بن حكيم لمنصور بن حيان (قال) سعيد (سألت ابن عمر عن نبيذ الجر) أي الجرار (فقال) ابن عمر (حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر) أي الانتباذ في الجر، قال سعيد (فأتيت ابن عباس فقلت) له (ألا تسمع) يَا ابن عباس (ما يقول ابن عمر) فـ (قال) ابن عباس

ص: 65

وَمَا يَقُولُ؟ قُلتُ: قَال: حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَبِيذَ الجَرِّ. فَقَال: صَدَقَ ابْنُ عُمَرَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَبِيذَ الجَرِّ. فَقُلتُ: وَأَيُّ شَيء نَبِيذُ الجَرِّ؟ فَقَال: كُل شَيءٍ يُصْنَعُ مِنَ المَدَرِ.

5054 -

(1953)(19) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ َعَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَاسَ في بَعْضِ مَغَازِيهِ. قَال ابْنُ

ــ

(وما يقول؟ ) ابن عمر (قلت) لابن عباس (قال) ابن عمر (حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر، فقال) ابن عباس (صدق ابن عمر) فيما حدّث لأنه (حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر) أي الانتباذ في الجر، قال سعيد (فقلت) لابن عباس (وأي شيء نبيذ الجر) أي وأي شيء الجر الذي حرم الانتباذ فيه (فقال) ابن عباس في جواب سؤالي الجر (كل شيء) وإناء (يصنع) ويعمل (من المدر) أي من التُّراب المتحجر، والمدر بفتحتين قطع الطِّين اليابس أو العلك الذي لا رمل فيه واحدته مدرة كذا في القاموس، قال النووي: وهذا تصريح من ابن عباس بأن الجر يدخل فيه جميع أنواع الجرار المتخذة من المدر الذي هو التُّراب اليابس اهـ، وبهذا الحديث استدل بعض العلماء مثل مالك في رواية عنه على أن الانتباذ في هذه الظروف ممنوع حتَّى الآن والنهي عنه محكم لم ينسخ وذلك لأن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ذكر الحرمة بعد وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يذكرا أن ذلك منسوخ، ولكن الأحاديث الآتية التي ورد فيها التصريح بالنسخ على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة عليهم، وأما ابن عمر وابن عباس فإما أنهما ذكرًا حكايته لحكم منسوخ أوكانا لم يعلما بالنسخ والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سابعًا لحديث أنس بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:

5054 -

(1953)(19)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس في بعض مغازيه) أي بعض غزواته، ولم أر من عين تلك الغزوة (قال ابن

ص: 66

عُمَرَ: فَأَقْبَلتُ نَحْوَهُ. فَانصَرَفَ قَبْلَ أَنْ أَبلُغَهُ. فسألتُ: مَاذَا قَال؟ قَالُوا: نَهَى أن يُنْتَبَذَ في الدُّبَّاءِ وَالمُزَفتِ.

5055 -

(00)(00) وحدثنا قُتَيبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدثنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وَحَدثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ. خ وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله. ح وَحَدَّثنَا ابْنُ المُثَنَّى وَابْنُ أَبِي عُمَرَ،

ــ

عمر) رضي الله عنهما (فأقبلت) أي ذهبت (نحوه) صلى الله عليه وسلم أي جهته لاستماع خطبته (فانصرف) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي فرغ من خطبته وأتمها (قبل أن أبلغه) أي قبل وصولي إليه (فسألت) من حضر خطبته من النَّاس فقلت له (ماذا قال: ) رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته (قالوا) أي قال النَّاس الذين سالتهم (نهى) رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته (أن ينتبذ في الدباء والمزفت).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأشربة باب في الأوعية [3690 أو 3691] والتِّرمذيّ في الأشربة باب ما جاء في نبيذ الجر [1929] والنَّسائيّ في الأشربة باب ذكر الأوعية التي نهي عن الانتباذ فيها [5614 و 5615].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5055 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة) بن سعيد (و) محمَّد (بن رمح عن الليث بن سعد) عن نافع عن ابن عمر. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ليث لمالك (ح وحدثنا أبوالرَّبيع) الزهراني سليمان بن داود البَصْرِيّ (وأبو كامل) الجحدري فضيل بن حسين البَصْرِيّ (قالا حَدَّثَنَا حماد) بن زيد بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ (ح وحدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا إسماعيل) ابن عليّة (جميعًا) أي كل من حماد وإسماعيل رويا (عن أَيُّوب) السختياني عن نافع عن ابن عمر، وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة أَيُّوب لمالك (ح وحدثنا) محمَّد (بن نمير حَدَّثَنَا أبي) عبد الله بن نمير (حَدَّثَنَا عبيد الله) ابن عمر بن حفص العمري عن نافع عن ابن عمر. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لمالك (ح وحدثنا ابن المثنَّى و) محمَّد (بن أبي عمر) العدني المكيّ

ص: 67

عَنِ الثَّقَفِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. ح وَحَدْثَنَا مُحَمَّد بن رَافِع. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ (يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ). ح وَحَدَّثَنِي هَارُونُ الأيلِي. أَخبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ. كُل هؤُلاءِ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَلَمْ يَذْكُرُوا: في بَعْضِ مَغَازِيهِ. إلا مَالِكٌ وَأُسَامَةُ.

5056 -

(00)(00) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا حَمادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ ثَابِتٍ. قَال: قُلتُ لابْنِ عُمَرَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ؟ قَال: فَقَال: قَدْ

ــ

كلاهما رويا (عن) عبد الوهَّاب (الثَّقَفيّ عن يحيى بن سعيد) الأَنْصَارِيّ عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لمالك بن أنس (ح وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري (حَدَّثَنَا) محمَّد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) يسار الديلي المدنِيُّ (أخبرنا الضحاك يعني ابن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي المدنِيُّ، صدوق، من (7) عن نافع عن ابن عمر. وهذا السند أَيضًا من خماسياته، غرضه بيان متابعة الضحاك لمالك (ح وحدثني هارون) بن سعيد بن الهيثم التَّمِيمِيّ (الأيلي) نزيل مصر، ثِقَة، من (10)(أخبرنا) عبد الله (بن وهب) المصري، ثِقَة، من (9)(أخبرني أسامة) بن زيد الليثيّ المدنِيُّ، صدوق، من (7) عن نافع عن ابن عمر. وهذا السند أَيضًا من خماسياته، غرضه بيان متابعة أسامة لمالك بن أنس (كل هؤلاء) المذكورين من ليث وأيوب وعبيد الله ويحيى والضَّحَاك وأسامة رووا (عن نافع عن ابن عمر) وساقوا (بمثل حديث مالك ولم يذكروا) لفظة في بعض مغازيه إلَّا مالك وأسامة).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5056 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ النَّيسَابُورِيّ (أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ (عن ثابت) بن أسلم البناني البَصْرِيّ (قال) ثابت (قلت لابن عمر نهى) أي أنهى (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ثابت لنافع (قال) ثابت (فقال) ابن عمر (قد

ص: 68

زَعَمُوا ذَاكَ. قُلتُ: أنهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: قَدْ زَعَمُوا ذَاكَ.

5057 -

(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أيوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ التَّيمِيِّ، عَنْ طَاوُسِ. قَال: قَال رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ: أَنَهَى نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ؟ قَال: نَعَمْ. ثُمَّ قَال طَاووسٌ: وَاللهِ، إِني سَمِعْتُهُ مِنْهُ.

5058 -

(00)(00) وحدثني محمدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ،

ــ

زعموا) أي قد قال النَّاس (ذاك) النهي وأخبروه قال ثابت (قلت) له (أنهى عنه) أي عن نبيذ الجر (رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) ابن عمر (قد زعموا ذاك) أي قالوا ذاك النهي وأخبروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظاهر هذا الكلام إنكار منه نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وسيأتي في الرواية الآتية أنَّه قال نعم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين الروايتين معارضة فالتوفيق بينهما بأن يقال إن ابن عمر نسي أولًا فأنكر ثم تذكر فأقر وقال نعم والله أعلم اهـ من ذهني.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5057 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن أَيُّوب) المقابري (حَدَّثَنَا ابن عليّة حَدَّثَنَا سليمان) بن طرخان (التَّيميّ) البَصْرِيّ (عن طاوس) بن كيسان اليماني (قال) طاوس (قال رجل) من الحاضرين (لابن عمر) والقائل هو ثابت بن أسلم كما هو ظاهر الرواية السابقة. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة طاوس لنافع وثابت (أنهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن نبيد الجر، قال) ابن عمر (نعم) نهى عنه (ثم قال طاوس: والله إنِّي سمعته) أي سمعت قوله نعم نهى عنه نبي الله صلى الله عليه وسلم (منه) أي من ابن عمر.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5058 -

(00)(00)(وحدثني محمَّد بن رافع) القشيري (حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) بن همام الصَّنْعانِيّ (أخبرنا ابن جريج أخبرني) عبد الله (بن طاوس عن أَبيه) طاوس بن

ص: 69

عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَن رَجُلًا جَاءَهُ فَقَال: أَنَهَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنْبَذَ في الجَرِّ وَالدُّبَّاءِ؟ قَال: نَعَمْ.

5059 -

(00)(00) وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيبٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الجَرِّ وَالدُّبَّاءِ.

5060 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ إبراهيم بن ميسرة؛ أنَّه سمع طاوسًا يقول: كُنت جالسًا عند ابن عمر. فجاءه رجلٌ فقال: أَنهى رسُول الله صلى الله

ــ

كيسان (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته ، غرضه بيان متابعة ابن طاوس لسليمان التيمي (أن رجلًا) لعله ثابت بن أسلم (جاءه) أي جاء ابن عمر (فقال) الرجل له (أنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبذ) أي يلقى النبيذ (في الجر والدباء قال) ابن عمر للرجل (نعم) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الجر والدباء.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة خامسًا فقال:

5059 -

(00)(00)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حَدَّثَنَا بهز) بن أسد العمي (حَدَّثَنَا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهليّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7)(حَدَّثَنَا عبد الله بن طاوس عن أَبيه) طاوس (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة وهيب لابن جريج (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجر والدباء).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا فقال:

5060 -

(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمَّد بن بكير بن سابور البغدادي (النَّاقد حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة) الطَّائِفِيِّ نزيل مكة، ثِقَة، من (5)(أنه سمع طاوسًا يقول كنت جالسًا عند ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إبراهيم بن ميسرة لعبد الله بن طاوس، قال طاوس (فجاءه) أي فجاء ابن عمر (رجل) هو ثابت بن أسلم (فقال) الرَّجل لابن عمر (أنهى رسول الله صلى الله

ص: 70

عَلَيهِ وَسلمَ عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ وَالدُّبَّاءِ وَالمُزَفتِ؟ قَال: نَعَم.

5061 -

(00)(00) حدثنا محمدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الحَنْتَمِ وَالدباءِ وَالمُزَفَّتِ. قَال: سَمِعْتُهُ غَيرَ مَرَّةٍ.

5062 -

(00)(00) وحدثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو الأَشْعَثِيّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ، عَنِ الشَّيبَانِيُّ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،

ــ

عليه وسلم عن نبيذ الجر والدباء والمزفت قال) ابن عمر (نعم) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا فقال:

5061 -

(00)(00)(حدثنا محمَّد بن المثنَّى وابن بشار قالا حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر) غندر (حَدَّثَنَا شعبة عن محارب) بصيغة اسم الفاعل (ابن دثار) بكسر الدال المهملة وتخفيف المثلثة السدوسي أبي مطرف الكُوفيّ القاضي، قال أبو زرعة: ثِقَة مأمون، وقال في التقريب: ثِقَة إمام زاهد، من (4) روى عنه في (5) أبواب (قال) محارب (سمعت ابن عمر) رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة محارب بن دثار لطاوس بن كيسان (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) الانتباذ في (الحنتم) أي في الجرار (والدباء والمزفت، قال) محارب (سمعته) أي سمعت ابن عمر يقول ذلك (غير مرة) أي يقوله مرات كثيرة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5062 -

(00)(00)(وحدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكُوفيّ، ثِقَة، من (10)(حَدَّثَنَا عبثر) بن القاسم الزبيدي الكُوفيّ، ثِقَة، من (8)(عن) أبي إسحاق سليمان بن أبي سليمان فيروز (الشَّيبانِيّ) الكُوفيّ، ثِقَة، من (5)(عن محارب بن دثار عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان

ص: 71

عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

قَال: وَأُرَاهُ قَال: وَالنَّقِيرِ.

5063 -

(00)(00) حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ حُرَيثٍ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الجَرِّ وَالدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ. وَقَال: "انْتَبِذُوا في الأَسْقِيَةِ"

ــ

متابعة الشَّيبانِيّ لشعبة (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وساق الشَّيبانِيّ (بمثله) أي بمثل حديث شعبة.

(قال) الشَّيبانِيّ (وأراه) أي وأظن شيخي محاربًا (قال) أي زاد بعد المزفت لفظة (والنقير) والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5063 -

(00)(00)(حدثنا محمَّد بن المثنَّى وابن بشار قالا حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر حَدَّثَنَا شعبة عن عقبة بن حريث) مصغرًا التغلبي بمثناة الكُوفيّ، ثِقَة، من (4) روى عنه في (3)(قال) عقبة (سمعت ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عقبة بن حريث لمن روى عن ابن عمر (يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر والدباء والمزفت وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم معطوف على نهى (انتبذوا) أي ألقوا النبيذ (في الأسقية) أي في أوعية الجلود أمرهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالانتباذ في الأسقية مع نهيهم عن الانتباذ في الجر والدباء والمزفت لأن ما فيها إذا اشتد لا يعلم فيظن الشارب أنَّه غير مسكر وهو مسكر، وأما الأسقية فتبرد ما فيها فلا يسرع الشدة وإذا اشتد تنشق فيعلم أنَّه مسكر فلهذا أرخص الانتباذ فيها والله أعلم اهـ ذهني.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

ص: 72

5064 -

(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يحدث قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الحَنْتَمَةِ. فَقُلتُ: مَا الحنْتَمَةُ؟ قَال: الجَرَّةُ.

5065 -

(00)(00) حدثنا عُبَيدُ الله بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. حَدَّثَنِي زَاذَانُ. قَال: قُلتُ لابْنِ عُمَرَ: حَدِّثْنِي بِمَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَشْرِبَةِ بِلُغَتِكَ. وَفَسِّرْهُ لِي بِلُغَتِنَا. فَإِنَّ لَكُمْ لُغَةً سِوَى لُغَتِنَا. فَقَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ

ــ

5064 -

(00)(00)(حَدَّثَنَا محمَّد بن المثنَّى حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر حَدَّثَنَا شعبة عن جبلة) بجيم وفتحات ابن سحيم بمهملتين مصغرًا التَّيميّ أبي سويرة الكُوفيّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (قال سمعت ابن عمر) رضي الله عنهما (يحدث) للنَّاس. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة جبلة لمن روى عن ابن عمر (قال) ابن عمر (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) الانتباذ في (الحنتمة) أي في الجرة، قال جبلة (فقلت) لابن عمر (ما الحنتمة؟ ) فـ (قال) لي ابن عمر الحنتمة هي (الجرة) المعمولة من طين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة حادي عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5065 -

(00)(00)(حَدَّثَنَا عبيد الله بن معاذ) العنبري البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ (حَدَّثَنَا شعبة عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الهمداني المرادي الجملي الأعمى الكُوفيّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (13) بابا (حَدَّثني زاذان) أبو عمر الكندي مولاهم البزَّاز الكُوفيّ، شهد خطبة عمر بالجابية، صدوق، من (2) روى عنه في (2) بابين ملك اليمين والأشربة (قال) زاذان (قلت لابن عمر) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة زاذان لمن روى عن ابن عمر (حَدَّثني) يَا ابن عمر (بما نهى عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الأشربة بلغتك) العربية الفصيحة (وفسره) أي فسر ما نهى عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (لي بلغتنا) المستعجمة الغير الفصيحة (فإن لكم) معاشر العرب (لغة) فصيحة (سوى لغتنا) المستعجمة (فقال) له ابن عمر (نهى رسول الله صلى الله عليه

ص: 73

وَسلمَ عَنِ الحَنْتَمِ، وَهِيَ الجَرَّةُ. وَعَنِ الدباءِ، وَهِيَ القَرعَةُ. وَعَنِ المُزفتِ، وَهُوَ المُقَيَّرُ. وَعَنِ النَّقِيرِ، وَهِيَ النخْلَةُ تُنسَحُ نَسْحًا، وَتُنقَرُ نَقرًا. وَأَمَرَ أَن يُنْتَبَذَ في الأَسْقِيَةِ.

5066 -

(00)(00) وحدَّثناه محمدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْن بَشَّارٍ قَالا: حَدَّثَنَا أبُو دَاودَ. حَدَّثنَا شُعْبَة. في هذَا الإِسْنَادِ.

5067 -

(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بْنُ سَلَمَةَ

ــ

وسلم عن) الانتباذ في (الحنتم وهي الجرة وعن الدباء وهي القرعة) اليابسة (وعن المزفت وهو المقير وعن النقير وهي النخلة) التي (تنسح) بالبناء للمجهول وبسين وحاء مهملتين (نسحًا) بفتح فسكون مصدر مؤكد لعامله أي يقشر ظاهرها تقشير أو يصفى من القشور، وفي بعض النسخ (تنسج نسجًا) بسين وجيم من النساجة، وهو تصحيف من بعض الرواة (وتنقر نقرًا) بالبناء للمجهول أَيضًا أي ينقر ويقور باطنها وتجعل إناء كالبرميل (وأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن ينتبذ) أي أن يلقى ويبل النبيذ بالماء (في الأسقية) أي في أوعية الجلود جمع سقاء وهي القربة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثاني عشرها فقال:

5066 -

(00)(00)(وحدثناه محمَّد بن المثنَّى وابن بشار قالا حَدَّثَنَا أبو داود) الطَّيالِسيّ سليمان بن داود بن الجارود البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(حَدَّثَنَا شعبة في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن عمرو بن مرة عن زاذان عن ابن عمر، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي داود لمعاذ بن معاذ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالث عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5067 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (19) بابا (أخبرنا عبد الخالق بن سلمة) بفتح اللام وكسرها الشَّيبانِيّ أبو روح البَصْرِيّ، روى عن سعيد بن

ص: 74

قَال: سَمِعتُ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعتُ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ يَقُولُ عِنْدَ هذَا المِنبَرِ، وَأَشَارَ إلى مِنبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ عَنِ الأشرِبَةِ. فَنَهَاهُم عَنِ الدُّبَّاءِ والنقِيرِ وَالحَنْتَمِ. فَقُلتُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّد، وَالمُزَفَّتِ؟ وَظَنَنا أَنهُ نَسِيَهُ. فَقَال: لَمْ أسْمَعهُ يَوْمَئِذٍ مِنْ عَبدِ اللهِ بن عُمَرَ. وَقَد كَانَ يَكْرَهُ.

5068 -

(1954)(20) وحدثنا أحْمَدُ بن يُونسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أبُو الزبَيرِ. ح وَحَدثنَا يَحْيى بْنُ يَحْيى. أَخْبَرَنَا أبو

ــ

المسيّب في الأشربة، ويروي عنه (م س) ويزيد بن هارون وشعبة وحماد بن زيد، وثقه أَحْمد وابن معين وأبو داود والنَّسائيّ، وقال في التقريب: ثِقَة مقل، من السادسة (قال) عبد الخالق (سمعت سعيد بن المسيّب) بن حزن المخزومي المدنِيُّ (يقول سمعت عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن المسيّب لمن روى عن ابن عمر (يقول عند هذا المنبر و) الحال أن ابن المسيّب (يشير إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي سمعت ابن عمر يقول (قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه) صلى الله عليه وسلم (عن الأشربة) ماذا أحل لهم (فنهاهم عن) الانتباذ في (الدباء والنقير والحنتم) قال عبد الخالق (فقلت له) أي لسعيد بن المسيّب (يَا أَبا محمَّد) كنية سعيد بن المسيّب (و) هل قال ابن عمر نهاهم عن (المزفت) أَيضًا (وظننا أنَّه) أي أن ابن عمر (نسيه) أي نسي المزفت (فقال) لنا سعيد (لم أسمعه) أي لم أسمع المزفت (يومئذ) أي يوم إذ حَدَّثَنَا هذا الحديث (من عبد الله بن عمر) متعلق بلم أسمعه (و) لكن (قد كان) ابن عمر (يكره) الانتباذ في المزفت وإن كنت لم أسمعه منه يومئذ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثامنًا لحديث أنس بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:

5068 -

(1954)(20)(وحدثنا أَحْمد) بن عبد الله (بن يونس) التَّمِيمِيّ الكُوفيّ (حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكُوفيّ، ثِقَة، من (7)(حَدَّثَنَا أبو الزُّبير) المكيّ محمَّد بن مسلم الأسدي مولاهم (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ النَّيسَابُورِيّ (أخبرنا أبو

ص: 75

خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ، أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النقِيرِ وَالمُزَفتِ وَالدُّبَّاءِ.

5069 -

(00)(00) وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أبُو الزُبَيرِ، أَنَّه سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الجَرّ وَالدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ.

قَال أَبُو الزُّبَيرِ: وَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الجَرِّ وَالمُزَفَّتِ وَالنقِيرِ.

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا لَمْ يجد شَيئًا يُنْتَبَذُ لَهُ فِيهِ، نُبِذَ لَهُ في تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ

ــ

خيثمة) زهير بن معاوية (عن أبي الزُّبير عن جابر) بن عبد الله (وابن عمر) رضي الله عنهم. وهذان السندان من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النقير والمزفت والدباء) وهذا الحديث لم أر من ذكره إلَّا الإِمام مسلمًا رحمه الله تعالى بالنسبة إلى كونه من مسند جابر، وأما بالنسبة إلى كونه من مسند ابن عمر فقد ذكره لمتابعة أبي الزُّبير لمن روى عن ابن عمر.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5069 -

(00)(00)(وحدثني محمَّد بن رافع) القشيري (حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) الصَّنْعانِيّ (أخبرني ابن جريج أخبرني أبو الزُّبير أنَّه سمع ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لزهير بن معاوية حالة كون ابن عمر (يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الجر والدباء والمزفت) و (قال أبو الزُّبير) أَيضًا بالسند المذكور (وسمعت جابر بن عبد الله) معطوف على قوله (سمع ابن عمر)(يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر والمزفت والنقير و) سمعت جابرًا يقول (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد شيئًا) من الأواني (ينتبذ له فيه نبذ) أي بل (له) النبيذ (في تور من حجارة) والتور بفتح التاء وسكون الواو قدح كبير كالقدر يتخذ تارة من حجارة وتارة من نحاس وغيره وفي رواية (في تور من برام) والمعنى واحد.

ص: 76

5070 -

(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الزبَيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله؛ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنْبَذُ لَهُ في تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ.

5071 -

(00)(00) وحدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزبَيرِ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: كَانَ يُنْتَبَذُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سِقَاءٍ. فَإِذَا لَمْ يَجِدُوا سِقَاءً ينتبِذَ لَهُ في تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ

ــ

وحديث جابر في هذه الرواية شارك المؤلف في روايته أبو داود في الأشربة باب في الأوعية برقم [3702] والنَّسائيّ في الأشربة باب الإذن في الانتباذ التي خصها بعض الروايات [5647 أو 5649] وابن ماجه في الأشربة باب صفة النبيذ وشربه برقم [3443] وفي هذه الرواية التصريح بنسخ النهي عن الانتباذ في الأوعية الكثيفة كالدباء والحنتم والنقير وغيرها لأن تور الحجارة أكثف من هذه كلها وأولى بالنهي عنها فلما ثبت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم انتبذ له فيه دل على النسخ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5070 -

(00)(00)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطيّ، ثِقَة، من (7)(عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة أبي عوانة لابن جريج (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له في تور) أي في قدح كبير كالقدر منحوت (من حجارة).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5071 -

(00)(00)(وحدثنا أَحْمد) بن عبد الله (بن يونس) التَّمِيمِيّ الكُوفيّ (حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكُوفيّ (حَدَّثَنَا أبو الزبير ح وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية (عن أبي الزببر عن جابر) رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة زهير لأبي عوانة (قال) جابر (كان ينتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء) بكسر المهملة بوزن وعاء وهو إناء من جلد (فإذا لم بجدوا سقاء) أي إناء من جلد (نبذ له في تور) أي في قدح منحوت (من حجارة)

ص: 77

فَقَال بَعْضُ القَوْمِ -وَأَنا أَسْمَعُ لأَبِي الزُّبَيرِ-: مِنْ بِرَامٍ؟ قَال: مِنْ بِرَامٍ.

5072 -

(1955)(21) حدثنا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ ومحمدُ بن المُثَنَّى. قَالا: حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ فُضَيل (قَال أَبُو بَكْرٍ: عَنْ أَبِي سِنَان. وَقَال ابْنُ المُثَنَّى: عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ) عَنْ مُحَارِبٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ. ح وَحَدَّثَنَا محمدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَير. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ فُضَيل. حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، أَبُو سِنَان، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ

ــ

قال أبو خيثمة (فقال بعض القوم) الحاضرين عند أبي الزُّبير (وأنا) أي والحال أني (أسمع) قولهم له، وقوله (لأبي الزُّبير) متعلق بقال أي قالوا له قل يَا أَبا الزُّبير (من برام) بدل قولك من حجارة لأن الحديث كذلك فـ (قال) أبو الزُّبير في تور (من برام) موافقة لهم فيما قالوا وأمروه به، والبرام بكسر الباء الموحدة جمع برمة بضمها وتجمع على بروم، وفي النهاية هي إناء من صفر أو حجارة كالأجانة وقد يتوضأ منه اهـ مرقاة، وفي رواية القرطبي (فقال بعض القوم لأبي الزُّبير من برام فقال من برام) وهي أوضح.

وشارك المؤلف في هذه الرواية من حديث جابر أبو داود [3702] والنَّسائيّ [8/ 309 - 310] وابن ماجه [3400] اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث بريدة رضي الله عنه فقال:

5072 -

(1955)(21)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبو شيبة ومحمَّد بن المثنَّى قالا حَدَّثَنَا محمَّد بن فضيل) بن غزوان الضَّبِّيّ الكُوفيّ، صدوق، من (9)(قال أبو بكر عن أبي سنان) بالكنية (وقال ابن المثنَّى عن ضرار بن مرة) بالاسم الكُوفيّ أبي سنان الشَّيبانِيّ، ثِقَة ثبت، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن محارب) بن دثار السدوسي أبي مطرف الكُوفيّ القاضي، ثِقَة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن) عبد الله (بن بريدة) الأسلمي المروزي، ثِقَة، من (3) روى عنه في (8) أبواب (عن أَبيه) بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (ح وحدثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير حَدَّثَنَا محمَّد بن فضيل) بن غزوان (حَدَّثَنَا ضرار بن مرة أبو سنان) الشَّيبانِيّ (عن محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أَبيه) بريدة بن الحصيب. وهذا السند من

ص: 78

قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَهَيتُكُمْ عَنِ النبِيذِ إلا في سِقَاءٍ. فَاشْرَبُوا في الأَسْقِيَةِ كُلَّهَا. وَلا تَشرَبُوا مُسْكِرًا"

ــ

سداسياته (قال) بريدة بن الحصيب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهيتكم عن النبيذ) أي عن الانتباذ (إلا في سقاء) أي إلَّا في قربة من جلد (فاشربوا) أي فانتبذوا الآن (في الأسقية كلها) أي في الأوعية كلها سواء كانت من جلد أو خشب أو حجر أو حديد أو رصاص أو نحاس (و) لكن (لا تشربوا مسكرًا) من الأشربة لأن كل مسكر خمر وكل خمر حرام.

وهذا الحديث وما يذكر بعده صريح في نسخ ما تقدم من الأحاديث المصرحة بالنهي عن الانتباذ في الحنتم وأمثاله ويستنبط من هذه الأحاديث أن مدار النهي الإسكار سواء كان النبيذ منفردًا أو مخلوطًا وما لم يسكر كيف ما كان لم يكن منهيًا عنه ولا اعتبار بذوات الظروف ولا الخلط وهو ظاهر فكيف يعترض على أبي حنيفة وغيره من المجوزين بشرب الخليط إذا لم يسكر وهذا الاعتراض لم ينشأ إلَّا من التعصب المذهبي والله أعلم اهـ دهني.

وقوله (نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء) وفي الرواية الثَّانية (نهيتكم من الظروف وإن الظروف أو ظرفًا لا يحل شيئًاولا يحرمه وكل مسكر حرام) وفي الرواية الثالثة (كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرًا) قال القاضي هذه الرواية الثالثة فيها تغيير من بعض الرواة، وصوابه كنت نهيتكم عن الأشربة إلَّا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء فحذف لفظة إلَّا الاستثنائية ولا بد منها، قال: والرواية الثَّانية فيها تغيير أَيضًا، وصوابها فاشربوا في الأوعية كلها لأن الأسقية وظروف الأدم لم تزل مباحة مأذونًا فيها وإنما نهى عن غيرها من الأوعية كما قال في الرواية الأولى كنت نهيتكم عن الانتباذ إلَّا في سقاء، والحاصل أن صواب الروايتين الأخيرتين كنت نهيتكم عن الانتباذ إلَّا في سقاء فانتبذوا واشربوا في كل وعاء وما سوى هذا تغيير من الرواة اهـ نووي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأشربة باب في الأوعية رقم [3698] والتِّرمذيّ في الأشربة باب الرخصة في أن ينبذ في الظروف رقم [1931] والنَّسائيّ في الأشربة باب الإذن في شيء منها رقم [5651 إلى 5654] وابن ماجه في

ص: 79

5073 -

(00)(00) وحدثنا حجاجُ بْنُ الشَاعِرِ. حَدَّثَنَا ضَحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"نَهَيتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ. وإِن الظرُوفَ-أَوْ ظَرْفًا- لا يُحِل شَيئًا وَلا يُحَرِّمُهُ. وَكُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ".

5074 -

(00)(00) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُعَرِّفِ بْنِ وَاصِلٍ،

ــ

الأشربة رقم [3448].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث بريدة رضي الله عنه فقال:

5073 -

(00)(00)(وحدثنا حجاج) بن يوسف بن حجاج الثَّقَفيّ البغدادي المعروف بـ (ابن الشَّاعر) ثِقَة، من (11)(حَدَّثَنَا ضحاك بن مخلد) بن الضحاك الشَّيبانِيّ أبو عاصم النَّبِيل البَصْرِيّ، ثِقَة ثبت، من (9)(عن سفيان) بن سعيد الثَّوريّ الكُوفيّ، ثِقَة حجة، من (7)(عن علقمة بن مرثد) الحضرميّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (6)(عن) عبد الله (بن بريدة) الأسلمي (عن أَبيه) بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة علقمة بن مرثد لمحارب بن دثار (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نهيتكم عن) الانتباذ في (الظروف) والأوعية غير الأسقية (وإن الظروف) نفسها (أو) قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أو الراوي إن (ظرفًا) من الظروف، والشك من الراوي أو ممن دونه (لا يحل شيئًا) من الأشربة (ولا يحرمه) بل الذي يحله ويحرمه الإسكار وعدمه (وكل مسكر حرام) ولو انتبذ في الأسقية وهذا صريح في أن النهي لم يكن لحرمة في عين الظروف وإنما كان لعارض الإسكار فحيث زال العارض انتسخ الحكم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث بريدة رضي الله عنه فقال:

5074 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا وكيع عن معرف) بوزن معلم (بن واصل) السعدي أبي بدل الكُوفيّ، روى عن محارب بن دثار في الأشربة، وإبراهيم النَّخَعيّ والأعمش وعمرو بن دينار وغيرهم، ويروي عنه (م د) ووكيع وأَحمد بن يونس وطائفة، وثقة أَحْمد وابن معين والنَّسائيّ، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال

ص: 80

عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ "كُنْتُ نَهَيتُكُمْ عَنِ الأَشْرِبَةِ في ظُرُوفِ الأَدَمِ. فَاشْرَبُوا في كُل وعَاءٍ. غَيرَ أَنْ لا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا".

5075 -

(1956)(22) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لابْنِ أبي عُمَرَ) قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ مُجَاهِد، عَنْ أبي عِيَاض، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو قَال: لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيذِ في الأَوْعِيَةِ قَالُوا: لَيسَ كُل النَّاسِ يَجِدُ. فَأَرْخَصَ لَهُمْ

ــ

في التقريب: ثِقَة، من (6)(عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أَبيه) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة معرف لضرار بن مرة (قال) بريدة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن) انتباذ (الأشربة في) كل أوعية إلَّا في (ظروف الأدم) وأسقية الجلد (فـ) الآن انتبذوا و (اشربوا) ما انتبذتم (في كل أوعية غير أن لا تشربوا) أي لكن لا تشربوا (مسكرًا) ولو انتبذ في أسقية الأدم فعلة النهي الإسكار لا الوعاء.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث بريدة بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم فقال:

5075 -

(1956)(22)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكيّ (واللفظ لابن أبي عمر قالا حَدَّثَنَا سفيان) بن عيينة (عن سليمان) بن أبي مسلم (الأحول) المكيّ خال ابن أبي نجيح قيل اسم أَبيه عبد الله، ثِقَة، من (5) روى عنه في (6) أبواب (عن مجاهد) بن جبر المخزومي المكيّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي عياض) عمرو بن الأسود العنسي بالنُّون وقد يصغر أو الهمداني الدِّمشقيّ، ثِقَة مخضرم عابد، من كبار التابعين مات في خلافة معاوية من (2) روى عنه في (2) بابين الصوم والأشربة (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص بن وائل القُرشيّ السهمي المدنِيُّ رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (قال) عبد الله بن عمرو (لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) انتباذ (النبيذ في الأوعية) غير الأسقية (قالوا) أي قال المسلمون أي الصَّحَابَة (ليس كل الناس يجد) أسقية الأدم (فأرخص) أي جوز (لهم) رسول الله صلى

ص: 81

في الجَرِّ غَيرِ المُزَفَّتِ

ــ

الله عليه وسلم الانتباذ (في الجر غير المزفت) أي غير المطلي بالزفت، وهذا محمول على أنَّه رخص فيه أولًا ثم رخص لهم في جميع الأوعية كما هو في حديث بريدة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في الأشربة [5593] وأبو داود في الأشربة [3700].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة عشر حديثًا الأول حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلالث متابعات، والثاني حديث أبي سعيد الخُدرِيّ ذكره للاستشهاد به وذكر فيه أربع متابعات، والثالث حديث أبي قتادة ذكره للاستشهاد به وذكر فيه خمس متابعات، والرابع حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد، والسابع حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والتاسع حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات، والعاشر حديث ابن عباس الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلالث متابعات، والحادي عشر حديث أبي سعيد الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثاني عشر حديث ابن عمر وابن عباس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث عشر حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث عشرة متابعة، والرابع عشر حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس عشر حديث بريدة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والسادس عشر حديث عبد الله بن عمرو ذكره للاستشهاد والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 82