المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الأشربة

- ‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا

- ‌659 - (3) باب كل مسكر خمر وحرام وبيان عقوبة من شربه إذا لم يتب منه وبيان المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

- ‌ كتاب آداب الأطعمة والأشربة

- ‌661 - (5) باب آداب الطعام والشراب والنهي عن الأكل بالشمال والأمر بالأكل باليمين وكراهية الشرب والأكل قائمًا والشرب من زمزم قائمًا

- ‌662 - (6) باب النهي عن التنفس في الإناء واستحبابه خارجه ومناولة الشراب الأيمن فالأيمن ولعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة الساقطة ومن دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌ تتمة

- ‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرًا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

- ‌664 - (8) باب صفة قعود الآكل، ونهيه عن قرن تمرتين عند أكله مع الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوع أهل بيت عندهم تمر"، وفضل تمر المدينة، وفضل الكمأة، وفضل الكباث، وفضل التأدم بالخل

- ‌665 - (9) باب كراهية أكل الثوم ونحوه لمن أراد خطاب الأكابر وحضور المساجد وإكرام الضيف وفضل إيثاره والحث على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاية

- ‌666 - (10) باب طعام الاثنين يكفي الثلاثة والمؤمن يأكل في معىً واحد والكافر في سبعة أمعاء، وأن الطعام لا يعيب، والنهي عن أكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ كتاب اللباس والزينة

- ‌667 - (11) باب تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال وإباحته للنساء

- ‌668 - (12) باب ما يرخَّص فيه من الحرير وحجة من يحرم الحرير على النساء ومن لبس حريرًا سهوًا أو غلطًا نزعه أوَّل ما علم أو تذكَّر وحرمان من لبِسه في الدنيا من لُبْسهِ في الآخرة والرخصة في لُبْس الحرير للعلَّة

- ‌669 - (13) باب النهي عن المعصفر، وفضل لبس ثياب الحبرة، وفضل التواضع في اللباس والفراش وغيرهما، والاقتصار على الغليظ منهما، وجواز اتخاذ الأنماط وكراهة ما زاد على الحاجة في الفراش واللباس

- ‌670 - (14) باب إثم من جر ثوبه خيلاء وإثم من تبختر في مشيه، وتحريم خاتم الذهب على الرجال، ولبس النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده خاتمًا من ورق نقشه محمد رسول الله واتخاذه لما أراد أن يكتب إلى العجم

- ‌671 - (15) باب طرح الخواتم والفص الحبشي ولبس الخاتم في الخنصر والنهي عن التختم في الوسطى والتي تليها والانتعال وآدابه والنهي عن اشتمال الصماء ومنع الاستلقاء على الظهر

- ‌672 - (16) باب نهي الرجل عن التزعفر واستحباب خضاب الشيب بحمرة أو صفرة وتحريمه بسواد والأمر بمخالفة اليهود في الصبغ وتحريم تصوير الحيوان واتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة

- ‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

- ‌674 - (18) باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ونظائرهما وذم النساء الكاسيات العاريات والنهي عن التزوير في اللباس وغيره والتشبع بما لم يعط

الفصل: ‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

5102 -

(1965)(30) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ. قَال: قَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَمَّا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَرَرْنَا بِرَاعٍ. وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَحَلَبْتُ لَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ. فَأَتَيتُهُ بِهَا. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ

ــ

660 -

(4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

5102 -

(1965)(30)(حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي) معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله (عن البراء) بن عازب الأنصاري رضي الله عنه (قال) البراء (قال أبو بكر الصديق) رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وهذا السند من سداسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي (لما خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة) في طريق هجرته (إلى المدينة مررنا براع) غنم وحارسها قيل هو عبد الله ابن مسعود، قال الحافظ في الفتح: لم أقف على تسميته وعلى تسمية صاحب الغنم وصرح ببطلان قول من عينه بعبد الله بن مسعود اهـ من تنبيه المعلم بتصرف.

(وقد عطش رسول الله صلى الله عليه وسلم عطشًا شديدًا (قال) أبو بكر (فحلبت له) صلى الله عليه وسلم من تلك الغنم (كثبة من لبن) والكثبة بضم الكاف وسكون المثلثة هو الشيء القليل، قال المهلب: إنه كان بالمعنى المتعارف عندهم في ذلك على سبيل المكرمة وكأن صاحب الغنم قد أذن للراعي أن يسقي من يمر به اهـ (فأتيته) صلى الله عليه وسلم (بها) أي بتلك الكثبة (فشرب) منها رسول الله صلى الله عليه وسلم شربًا يسد عطشه (حتى رضيت) أي شرب حتى علمت أنه شرب حاجته وكفايته، وعبارة القرطبي

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي حتى روي فرضيت رِيَّهُ وكأنه شق عليه ما كان فيه من الحاجة إلى اللبن فلما شرب وزال عنه ذلك رضي به، وفي رواية أخرى (فأرضاني) والمعنى واحد.

قوله (فشرب حتى رضيت) تعبير لطيف من الصديق رضي الله عنه عما طبع عليه من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد أنه صلى الله عليه وسلم شرب من اللبن ما يكفيه فسكن به اضطراب الصديق رضي الله عنه الذي حدث له بما رأى عليه صلى الله عليه وسلم من أثر الجوع فإن المحب الصادق يرتاح براحة الحبيب أكثر مما يرتاح بها الحبيب فعبر عن راحة قلبه بذلك بالرضى تجوزًا.

قال القرطبي: وقد يشكل هنا بأنه كيف أقدم أبو بكر على حلب ما لم يؤذن له في حلبه؟ وكيف شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اللبن ولم يكن مالكه حاضرًا ولا أذن له في ذلك مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن مثل هندا بقوله "لا يحلبن أحد ماشية أحد إلَّا بإذنه" قد أجيب عن ذلك بأجوبة:

أحدها: أن ذلك اللبن كان تافهًا لا قيمة له لا سيما مع بعده عن العمارة فكأنه إن لم يشرب هو شربه غير مالكه وإلا تلف فيكون هذا من قولهه في الشاة "هي لك أو لأخيك أو للذئب". (قلت) وهذا ليس بشيء لأن الحبة من مال اللغير لا تحل إلَّا بطيب نفس منه وتشبيهها باللقطة فاسد فإن اللبن في الضرع محفوظ كالطعام في المشربة ثم لم يكن على بعد من العمران بدليل إدراك سراقة لهم حين سمع أخبارهم من مكة وخرج من فوره فأدركهم يومه ذلك على ما تدل عليه قصته في كتب السير.

وثانيها: أن عادة العرب جارية بذلك فعملا على العادة وذلك قبل ورود النهي المذكور عن ذلك.

وثالثها: أنه صلى الله عليه وسلم كان في حاجة وضرورة إلى ذلك ولا خلاف في جواز مثل ذلك عند الضرورة إذا أمن على نفسه وهل يلزمه قيمة ذلك أو لا؟ قولان لأهل العلم.

ورابعها: أن ذلك كان مالًا لكافر والأصل في أموالهم الإباحة، (قلت) وقد يمنع هذا الأصل لاسيما على مذهب من يقول إن الكافر له شبهة ملك، وقد تقدم الخلاف في هذا في الجهاد.

ص: 113

5103 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى) قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَتْبَعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ. قَال: فَدَعَا عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَاخَتْ

ــ

وخامسها: أنهما علما لمن هي له فإما أن يكون قد أباح لهما ذلك أو علما من حاله أنه يطيب قلبه بذلك وهذا أشبهها وأبعدها عن الاعتراض إن شاء الله تعالى اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 3]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الأشربة باب شرب اللبن برقم [5607].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5103 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت) عمرو بن عبد الله (أبا إسحاق الهمداني) السبيعي (يقول سمعت البراء) بن عازب (يقول) أي يحدث عن أبي بكر الصديق أنه قال (لما أقبل) وتوجه (رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة) مهاجرًا إليها. وهذا السند من سداسياته لأنه من مسند أبي بكر، غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لمعاذ بن معاذ، والفاء في قوله (فأتبعه) زائدة في جواب لما أي لحقه (سراقة بن مالك ابن جعشم) بضم الجيم والشين بينهما مهملة ساكنة، وقيل بفتح الشين، والأول أصح، الكناني وكان من حديثه أن الله تعالى أذن لرسوله في الهجرة وخرج صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر وجعلت قريش لمن رده عليهم مائة ناقة فخرج سراقة في أثره ليرده فكان في أمره ما ذكر في الحديث .. إلخ اهـ سنوسي، وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسراقة هذا أسلم يوم الفتح وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بك إذا لبست سواري كسرى فلما أتي عمر بسواري كسرى دعا سراقة فألبسه وكان رجلًا أزب أي كثير شعر الساعدين فقال له: ارفع يديك، وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي كذا في الإصابة [2/ 19](قال) البراء عن أبي بكر (فدعا عليه) أي على سراقة برده عنهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت

ص: 114

فَرَسُهُ. فَقَال: ادْعُ اللهَ لِي وَلَا أَضُرُّكَ. قَال: فَدَعَا اللهَ. قَال فعَطِشَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَمَرُّوا بِرَاعِي غَنَمٍ. قال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُثْبَة مِنْ لَبَنٍ. فَأَتَيتُهُ بِهِ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ.

5104 -

(1966)(31) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ عَبَّادٍ) قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَال: قَال ابْنُ الْمُسَيِّبِ: قَال أَبُو هُرَيرَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ لَيلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، بِإِيلِيَاءَ،

ــ

فرسه) بالسين المهملة وبالخاء المعجمة أي نزلت في الأرض وانخسفت رجلاها في الأرض وقَبَضَتها وكان في جلد من الأرض كما في الرواية الأخرى، وكانت معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قال سراقة مخاطبًا لأبي جهل:

أبا حكم والله لو كنت شاهدًا

لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأن محمدًا

رسول ببرهان فمن ذا يقاومه

(فقال) سراقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ادع الله لي ولا أضرك، قال) البراء عن أبي بكر (فدعا الله) له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجاة مما نزل به (قال) البراء كذلك (فعطش رسول الله صلى الله عليه وسلم فمروا براعي غنم، قال أبو بكر الصديق: فأخدت فدحًا) أي كأسًا من مزادتنا (فحلبت فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثبة من لبن فأتيته به فشرب حتى رضيت) وفرحت بشربه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي بكر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

5104 -

(1966)(31)(حدثنا محمد بن عباد) بن الزبرقان المكي نزيل بغداد، صدوق، من (10)(وزهير بن حرب واللفظ لابن عباد قالا حدثنا أبو صفوان) عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان الأموي الدمشقي، ثقة، من (9) روى عنه في (3) أبواب (أخبرنا يونس) بن يزيد (عن الزهري قال قال) سعيد (بن المسيب قال أبو هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (إن النبي صلى الله عليه وسلم أتي) بالبناء للمجهول أي أتاه آت من ربه وهو الملك (ليلة أسري) أي ذهب (به بإيلياء) أي ذهب به من مكة

ص: 115

بِقَدَحَينِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ. فَنَظَرَ إِلَيهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَال لَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ. لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ، غَوَتْ أُمَّتُكَ

ــ

إلى إيلياء قرية بيت المقدس وهو ممدود بهمزة التأنيث ولأجلها منع من الصرف، ويقال إيليا مقصورًا ويقال أليا بوزن عليا ففيه ثلاث لغات ومعناه بيت الله (بقدحين) أي أتى بكأسين مملوءين أحدهما مملوء (من خمر و) ثانيهما مملوء من (لبن) وفي هذه الرواية محذوف تقديره أتي بقدحين فقيل له اختر أيهما شئت (فنظر اليهما فأخذ اللبن) كما جاء مصرحًا به في البخاري، وقد ذكره مسلم في كتاب الإيمان أول الكتاب بلفظ "فألهمه الله تعالى اختيار اللبن" لما أراده سبحانه وتعالى توفيق هذه الأمة واللطف بها فلله الحمد والمنة (فقال له جبريل عليه السلام الحمد لله الذي هداك) وفقك (للفطرة) أي لفطرة دين الإسلام (لو أخذت) يا محمد (الخمر) أي قدح الخمر (كوت) وضلت (أمتك) وانهمكت في الشر، فاللبن علامة الهداية والخمر علامة الغواية.

قوله (فأخذ اللبن) قال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نفر من الخمر لأنه تفرس أنها ستحرم، وقال الحافظ في الفتح [10/ 33]: ويحتمل أن يكون نفر منها لكونه لم يعتد شربها فوافق بطبعه ما سيقع من تحريمها بعد حفظًا من الله ورعاية واختار اللبن لكونه مألوفًا سهلًا طيبا طاهرًا سائغًا للشاربين سليم العاقبة بخلاف الخمر في جميع ذلك، قال القرطبي: وقول جبريل (الحمد لله الذي هداك للفطرة) يعني فطرة دين الإسلام كما قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا} ثم قال: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} وقيل جعل الله ذلك علامة لجبريل على هداية هذه الأمة لأن اللبن أول ما يغتذيه الإنسان ويدخل بطن المولود ويشق أمعاءه وهو قوت خلي من المفاسد به قوام الأجسام ولذلك آثره صلى الله عليه وسلم على الخمر، ودين الإسلام كذلك هو أول ما أخذ علي بني آدم وهم كالذر ثم هو قوت الأرواح به قوامها وحياتها الأبدية، وصار اللبن عبارة مطابقة لمعنى دين الإسلام من جميع جهاته والخمر على النقيض من ذلك في جميع جهاتها، فكان العدول إليها لو كان ووقع علامة على الغواية وقد أعاذ الله من ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم طبعًا وشرعًا والحمد لله تعالى، ويفهم من نسبة الغواية إلى الخمر تحريمها لكن ليس بصريح ولذلك لم يكشف النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك في التحريم حتى قدم المدينة فشربوها زمانًا حتى أنزل الله فيها التحريم اهـ من المفهم.

ص: 116

5105 -

(00)(00) وحدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: بِإِيلِيَاءَ.

5106 -

(1967)(32) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثنَا الضخَاكُ

ــ

وهذا الحديث صريح في أن عرض الخمر واللبن وقع في بيت المقدس وورد في حديث مالك بن صعصعة في المعراج عند البخاري أنه وقع بعد الوصول إلى سدرة المنتهى، ووفق الحافظ بينهما بأن لفظ ثم في حديث مالك وقع على غير معناها من الترتيب أو يكون العرض وقع مرتين راجع فتح [7/ 216].

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 282]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الأشربة برقم [5576 و 5603]، والترمذي في التفسير [5137]، والنسائي في الأشربة [5657].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5105 -

(00)(00)(وحدثني سلمة بن شبيب) المسمعي أبو عبد الرحمن النيسابوري، نزيل مكة، ثقة، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا الحسن) بن محمد (بن أعين) مولى بني مروان أبو علي الحراني، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا معقل) بن عبيد الله الجزري الحراني أبو عبد الله العبسي مولاهم، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسيانه، غرضه بيان متابعة معقل ليونس (يقول أتي رسول الله صلى الله عليه وسم) وساق معقل (بمثله) أي بمثل حديث يونس (و) لكن (لم يذكر) معقل لفظة (بإيلياء).

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة أعني الحث على تخمير الإناء بحديث أبي حميد رضي الله عنه فقال:

5106 -

(1967)(32)(حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وعبد بن حميد كلهم عن أبي عاصم) النبيل (قال ابن المثنى حدثنا الضحاك) بن مخلد بن الضحاك

ص: 117

أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيدٍ السَّاعِدِيُّ قَال: أَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحِ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ. لَيسَ مُخَمَّرًا. فَقَال: "أَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيهِ عُودًا"

ــ

الشيباني أبو عاصم النبيل البصري، ثقة ثبت، من (9)(أخبرني ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول أخبرني أبو حميد) عبد الرحمن بن سعد بن المنذر الأنصاري (الساعدي) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي (قال) أبو حميد (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن من النقيع) بفتح النون موضع من ناحية العقيق على عشرين فرسخًا من المدينة حكاه الحافظ عن القرطبي، وقيل هو الموضع الذي حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعي النعم، وقيل غيره وكان واديًا يجتمع فيه الماء والماء الناقع هو المجتمع، وقيل واد تعمل فيه الآنية، وقيل هو الباع حكاه الخطابي، وعن الخليل هو الوادي الذي يكون فيه الشجر ورواه بعضهم من البقيع بالباء الموحدة وهو تصحيف اهـ من فتح الباري [10/ 72]. (ليس) ذلك القدح (مخمرًا) أي مغطى بثوب أو غيره اسم مفعول من التخمير وهو التغطية، ومنه الخمر لتغطيتها على العقل، وخمار المرأة لتغطية رأسها (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا) بتشديد اللام للتحضيض وهو الطلب بحث وإزعاج أي هلا (خمرته) أي خمرت هذا القدح وغطيته (ولو تعرض) بضم الراء على رواية الجمهور من باب نصر وأجاز أبو عبيد كسرها من باب ضرب، والصحيح الأول، وهو مأخوذ من العرض ضد الطول أي ولو كان تخميره بأن تضع (عليه) أي على فم ذلك القدح (عودًا) عرضًا لا طولًا وهذا عند عدم ما يغطيه به كما ذكره في الرواية بعده.

قال في المرقاة: والمعنى هلا تغطيه بغطاء فإن لم تفعل فلا أقل من أن تعرض عليه عودًا اهـ أي تضع عليه عودًا بعرضه على رأس الإناء، وقوله (ألا خمرته) بتشديد اللام أي هلا، قال الطيبي: ألا حرف تحضيض دخل على الماضي للوم على الترك واللوم إنما يكون على مطلوب ترك وكان الرجل جاء بالإناء مكشوفًا غير مخمر فوبخه اهـ مرقاة، قال الحافظ: وأظن السر في الاكتفاء بعرض العود أن تعاطي التغطية أو العرض يقترن بالتسمية فيكون العرض علامة على التسمية فتمتنع الشياطين من الدنو إليه، والمراد

ص: 118

قَال أَبُو حُمَيدٍ: إِنَّمَا أُمِرَ بِالأَسْقِيَةِ أَنْ تُوكَأَ لَيلًا. وَبِالأَبْوَابِ أَنْ تُغْلَقَ لَيلًا.

5107 -

(00)(00) وحدّثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ. حَدَّثنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجِ وَزَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ. قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيدِ السَّاعِدِيُّ؛ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحِ لَبَنٍ، بِمِثْلِهِ. قَال: وَلَمْ يَذْكُرْ زكَرِيَّاءُ قَوْلَ أَبِي حُمَيدٍ: بِاللَّيلِ

ــ

الحض على تغطية الإناء وفيه شيء من المطعومات أو المشروبات اهـ.

(قال أبو حميد) الساعدي بالسند السابق (إنما أمر) بالبناء للمجهول والآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم فهو في حكم المرفوع أي إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم (بالأسقية) جمع سقاء وهي القربة المتخذة من جلد أي إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الأسقية المشتملة على المشروبات (أن توكأ) أفواه تلك الأسقية وتربط بالوكاء، والوكاء حبل يربط به فم القربة وأمثالها (ليلًا) وكذا نهارًا (و) أمر (بالأبواب) أي في شأنها (أن تغلق) أي أن تصك بالغلق الذي يدخل في الحلق (ليلًا) فقط تحفظًا من دخول الطوارق والسراق وكذا في النهار إن خيف منهم وهذا بيان من أبي حميد لأحكام أخرى تناسب الباب لا تفسير وتخصيص للحديث كما زعمه النووي.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي حميد رضي الله عنه فقال:

5107 -

(00)(00)(وحدثني إبراهيم بن دينار) البغدادي أبو إسحاق التمار، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا ابن جريج وزكرياء بن إسحاق) المكي، ثقة، من (6)(قالا أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرني أبو حميد الساعدي) غرضه بيان متابعة روح بن عبادة للضحاك بن مخلد (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن) وساق روح (بمثله) أي بمثل حديث الضحاك (قال) روح بن عبادة (و) لكن (لم يذكر زكرياء) ابن إسحاق (قول أبي حميد بالليل) والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي حميد الساعدي بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:

ص: 119

5108 -

(1968)(33) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ (وَاللَّفْظُ لأَبِي كُرَيبٍ). قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَسْقَى. فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟ فَقَال: "بَلَى" قَال: فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى. فَجَاءَ بِقَدَحِ فِيهِ نَبِيذٌ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيهِ عُودًا." قَال: فَشَرِبَ

ــ

5108 -

(1968)(33)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح) السمان ذكوان الزيات (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستسقى) أي طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم السقيا (فقال رجل) من الحاضرين هو أبو حميد الساعدي كما يدل عليه الحديث الذي قبله اهـ من تنبيه المعلم بتصرف (يا رسول الله ألا نسقيك نبيذًا فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بلى) أسقوني (قال) جابر (فخرج الرجل) من عندنا حالة كونه (يسعى) أي يجري ويعدو مسرعًا (فجاء) الرجل (بقدح نبيذ فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا) أي هلا (خمرته) وغطيته (ولو تعرض عليه عودًا) أي ولو كان تخميرك إياه بأن تضع على فم الإناء عودًا عرضًا (قال) جابر (فشرب) رسول الله صلى الله عليه وسلم النبيذ الذي جاء به الرجل.

قال الحافظ في الفتح [10/ 72] والذي يظهر أن قصة اللبن المذكورة في الحديث السابق كانت لأبي حميد وأن جابرًا حضرها وأن قصة النبيذ المذكورة في هذا الحديث حملها جابر عن أبي حميد وأبهم أبو حميد صاحبها، ويحتمل أن يكون هو أبا حميد راويها أبهم نفسه، ويحتمل أن يكون غيره وهو الذي يظهر لي اهـ. وهذا الاحتمال مخالف لما نقلناه آنفًا عن تنبيه المعلم والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأشربة [5605/ 5606]، وأبو داود في الأشربة [3734] كما في تحفة الأشراف.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي حميد بحديث آخر لجابر رضي الله عنهما فقال:

ص: 120

5109 -

(1969)(34) وحدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ؛ وَأَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو حُمَيدٍ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيهِ عُودًا".

5110 -

(1970)(35) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال: "غَطُّوا الإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ،

ــ

5109 -

(1969)(34)(وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن أبي سفيان) طلحة بن نافع الواسطي (وأبي صالح) السمان (عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (جاء رجل يقال له أبو حميد) الساعدي (بقدح من لبن) وقوله (من النقيع) موضع قريب من العقيق متعلق بجاء (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا خمرته ولو تعرض عليه عودًا).

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري كما في تحفة الأشراف.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة أعني الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء .. الخ بحديث آخر لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال:

5110 -

(1970)(35)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد المصري، ثقة عالم، من (7) (ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذان السندان من رباعياته (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: غطوا الإناء) المشتمل على المشروبات واستروا فمه لئلا تدخله الهوام أمر من التغطية لأنه من باب زكى أصله غطيوا استثقلت الضمة ثم نقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركته فالتقى ساكنان ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين فصار غطوا، وهذا الأمر وما بعده من الأوامر النبوية لإرشاد أمته صلى الله عليه وسلم على صيانة أنفسهم والله أعلم (وأوكوا السقاء) أمر من الإيكاء وهو أن يشد فم السقاء بوكاء وهو الخيط (وأغلقوا الباب) أمر من الإغلاق، قال ابن دقيق العيد: في الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح

ص: 121

وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ. فَإِنَّ الشَّيطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءَ، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ. فَإِنَّ الْفُوَيسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيتِ بَيتَهُمْ". وَلَمْ يَذْكُرْ قُتَيبَةُ فِي حَدِيثِهِ "وَأَغْلِقُوا الْبَابَ"

ــ

الدينية والدنيوية حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد ولا سيما الشياطين (وأطفئوا السراج) بهمزة قطع وفاء مكسورة فهمزة مضمومة أمر من الإطفاء وهو إعدام لهبها كإطفاء الشموع، وقوله (فإن الشيطان لا يحل) بضم الحاء أي لا يفك ولا يفتح (سقاء) أوكي وشد فمه (ولا يفتح بابا) مغلقًا (ولا يكشف إناء) غطي إشارة إلى أن الأمر بالإغلاق لمصلحة إبعاد الشيطان عن الاختلاط بالإنسان وخصه بالتعليل تنبيهًا على ما يخفى مما لا يطلع عليه إلَّا من جانب النبوة، واللام في الشيطان للجنس إذ ليس المراد فردًا بعينه كذا في فتح الباري [11/ 87] قال القرطبي: جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية كقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} وليس هو الأمر الذي قصد به الإيجاب، وغايته أن يكون من باب الندب بل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب اهـ (فإن لم يجد أحدكم) ما يغطي به الإناء ولم يتمكن منه (إلَّا أن يعرض) بضم الراء على الأفصح (على إنائه عودًا) أي إلَّا من وضع عودًا على فم إنائه عرضًا (و) أن (يذكر اسم الله) أي وإلا من ذكر اسم الله حين وضعه والمراد بذكر الله هنا التسمية (فليفعل) ذلك الذي تمكن منه من الوضع والذكر، وقوله (فإن الفويسقة) تصغير فاسقة والمراد بها هنا الفأرة تعليل للأمر بإطفاء النار سميت بذلك لخروجها من جحرها للإفساد على الناس (تضرم) وتحرق (على أهل البيت بيتهم ولم يذكر قتيبة في حديثه) أي في روايته لفظة (وأغلقوا الباب).

قوله (تضرم على أهل البيت بيتهم) من الإضرام هو والتضريم والاستضرام إيقاد النار وإشعالها، يقال أضرم النار وضرمها واستضرمها إذا أوقدها كذا في القاموس، ويقال ضرمت النار بكسر الراء أي أحرقت سريعًا، ووقع في رواية عطاء عند البخاري في الاستئذان (فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت) وهو تعليل للأمر بإطفاء السراج كما مر، وقال القرطبي: في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار فعليه أن يطفئها قبل نومه أو يفعل بها ما يؤمن معه الاحتراق وكذا إن كان

ص: 122

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم وأحقهم بذلك آخرهم نومًا فمن فرط في ذلك كان للسنة مخالفًا ولأدائها تاركًا.

ثم أخرج الحديث الذي أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: (جاءت فأرة فجرت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدًا عليها فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا نمتم فأطفؤوا سراجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم" وقال ابن دقيق العيد: إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جر الفويسقة الفتيلة فمقتضاه أن السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة لا يمنع إيقاده كما لو كان على منارة من نحاس أملس لا يمكن للفأرة الصعود إليه أو يكون مكانه بعيدًا عن موضع يمكنها أن تثب منه إلى السراج، قال: وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقًا كما سيأتي في آخر الباب في حديث أبي موسى فقد يتطرق منه مفسدة أخرى غير جر الفتيلة كسقوط شيء من السراج على بعض متاع البيت وكسقوط المنارة فينثر السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الإحراق فيزول الحكم بزوال علته كذا في فتح الباري.

والحاصل أن إطفاء السراج أو النار معلل بالأمن من الاحتراق ومن الإسراف وإضاعة المال ويؤخذ منه حكم إطفاء نور الكهرباء فإن لزم منه إضاعة المال منع منه وإن كان لحاجة فلا بأس، وقال الحافظ في الفتح [11/ 87] وهذه الأوامر تتنوَّع بحسب مقاصدها فمنها ما يحمل على الندب وهو التسمية على كل حال، ومنها ما يحمل على الندب والإرشاد كإغلاق الأبواب من أجل التعليل بأن الشيطان لا يفتح بابا مغلقًا لأن الاحتراز عن مخالطة الشيطان مندوب إليه وإن كان تحته مصالح دنيوية كالحراسة وكذا إيكاء السقاء وتخمير الإناء والله أعلم قال القرطبي: ومع هذه الأفعال كلها لا بد من ذكر الله تعالى كما جاء في الحديث الآخر بعد هذا فيذكر الله تعالى وببركة اسمه تندفع المفاسد ويحصل تمام المصالح فمطلق هذه الكلمات مردود إلى مقيدها اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 355]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الأشربة باب تغطية الإناء برقم [5623 و 5624]، وأبو داود في الأشربة

ص: 123

5111 -

(00)(00) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهذَا الْحَدِيثِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال:"وَأَكفِئُوا الإِنَاءَ أَوْ خَمِّرُوا الإِنَاءَ".

وَلَمْ يَذْكُرْ: تَعْرِيضَ الْعُودِ عَلَى الإِنَاءِ.

5112 -

(00)(00) وحدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ

ــ

باب في إيكاء الآنية برقم [3731 و 3732 و 3733 و 3743]، والترمذي في الأطعمة باب ما جاء في تخمير الإناء .. الخ برقم [1812]، وابن ماجه في الأشربة باب تخمير الإناء برقم [3453] وفي الآداب باب إطفاء النار عند المبيت برقم [3816].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5111 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى قال ترأت على مالك عن أبي الزبير عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة مالك لليث بن سعد (عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق مالك (بهذا الحديث) الذي ساقه الليث (غير أنه) أي لكن أن مالكًا (قال) في روايته (وأكفئوا الإناء) بقطع الهمزة من الإفعال، والإكفاء قلب الشيء على وجهه يقال أكفأ الإناء إذا قلبه وكبه أي أسقطه ووضعه على وجهه أي اقلبوا الإناء على وجهه منكبًا على فمه إن شئتم (أو خمروا الإناء) أي ضعوا على فمه غطاء ساترًا إن شئتم، وأو هنا للتخيير بين الإكفاء والتغطية لا للشك والله أعلم اهـ ذهني (و) غير أنه (لم يذكر) أي مالك في روايته (تعريض العود على الإناء) يعني لم يذكر قوله (فإن لم يجد أحدكم إلَّا أن يعرض على إنائه عودًا) قال النووي: هكذا هو في أكثر الأصول، وفي بعضها تعرض فأما هذا فظاهر، وأما تعريض ففيه تسمح في العبارة والوجه أن يقول ولم يذكر عرض العود لأنه المصدر الجاري على تعرض والله أعلم اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5112 -

(00)(00)(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) التميمي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(حدثنا أبو الزبير عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه

ص: 124

قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَغْلِقُوا الْبَابَ لا. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيثِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: "وَخَمِّرُوا الآنِيَةَ". وَقَال: "تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيتِ ثِيَابهُمْ".

5113 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ. حَدَّثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ. وَقَال:"وَالْفُوَيسِقَةُ تُضْرِمُ الْبَيتَ عَلَى أَهْلِهِ".

5114 -

(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ

ــ

بيان متابعة زهير لليث بن سعد (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أغلقوا الباب فذكر) زهير باقي الحديث (بمثل حديث الليث) لفظًا ومعنى (غير أنه) أي لكن أن زهيرًا (قال) في روايته لفظة (وخمروا الآنية) بدل قول ليث غطوا الإناء (وقال) زهير أيضًا في روايته فإن الفويسقة (تضرم) أي تحرق (على أهل البيت ثيابهم) بدل قول ليث (بيتهم) فقوله صلى الله عليه وسلم: (وخمروا الآنية) أي غطوا رؤوس الآنية، قال النووي: وذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث وهما: صيانته من الشيطان فإن الشيطان لا يكشف غطاءً ولا يحل سقاءً، وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السماء، والفائدة الثالثة صيانته من النجاسة والمقذرات، والرابعة صيانته من الحشرات والهوام فربما وقع شيء فيه فشربه وهو غافل أو في الليل فيتضرر به والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5113 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لمن روى عن أبي الزبير أعني بهم ليثًا ومالكًا وزهيرًا وساق سفيان (بمثل حديثهم) أي بمثل حديث هؤلاء الثلاثة (و) لكن (قال) سفيان لفظة (والفويسقة تضرم البيت على أهله) بدل قولهم (تضرم على أهل البيت ليتهم أو ثيابهم).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5114 -

(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي

ص: 125

أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيلِ - أَوْ أَمْسَيتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ. فَإِنَّ الشَّيطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ. فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيلِ فَخَلُّوهُمْ. وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ. وَاذْكُرُوا اسمَ اللهِ. فَإِنَّ الشَّيطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابا مُغْلَقًا. وأَوْكُوا قِرَبَكُمْ. وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ. وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ. وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ. وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيهَا شَيئًا. وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ"

ــ

النيسابوري، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا ابن جريج أخبرني عطاء) بن أبي رباح (أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عطاء لأبي الزبير (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان) وحصل (جنح الليل) وظلامه، وجنح الليل بضم الجيم وكسرها ظلامه يقال أجنح الليل واستجنح إذا أقبل ظلامه والمراد أقبل أول الليل بغروب الشمس (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو جابر أو من دونه، والشك من الراوي أو ممن دونه أي أو قال (أمسيتم) أي إذا دخلتم في المساء والمراد بالمساء هنا ما بعد الغروب فقط (فكفوا صبيانكم) جمع صبي أو صبية أي ضموهم معكم وامنعوهم من الخروج في ذلك الوقت (فإن الشيطان) أي جنسه (ينتشر) أي يبعث ويتفرق ويتجول (حينئذ) أي إذ كان جنح الليل ويخاف على الصبيان من إيذاء الشياطين وقتئذ لكثرتهم في ذلك الوقت (فإذا ذهب) ومضى (ساعة) أي قطعة، وذكر الفعل نظرًا إلى كون الساعة بمعنى حين وزمن (من) ساعات (الليل) أي من قطع الليل (فخلوهم) أي فاتركوهم في البيت لأن هذا الأمر مصحوب بأمر إغلاق الباب، ويحتمل أن يكون عامًا - للأمن من الشياطين. بعد تلك الساعة كما سيأتي أن انبعاث الشياطين معلق بذهاب فحمة العشاء (وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله) تعالى عليها (فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقًا) أي مصكوكًا بغلق (وأوكوا قربكم) أي شدوا أفواه قربكم وأسقيتكم بالوكاء وهو الخيط الذي يشد به أفواه القرب (واذكروا اسم الله) تعالى على شدها (وخمروا) أي غطوا (آنيتكم واذكروا اسم الله) على تخميرها (ولو) كان تخميرها بـ (أن تعرضوا) وتضعوا (عليها) عرضًا أي على أفواهها (شيئًا) من الأعواد (وأطفئوا) أي وأخمدوا (مصابيحكم) أي سرجكم خوفًا من الفويسقة.

ص: 126

5115 -

(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ

ــ

وشارك المؤلف في هذه الرواية البخاري [3304].

قوله (فكفوا صبيانكم) أي امنعوهم من الخروج من البيت خوفًا عليهم من إيذاء الشياطين ومردة الجن لهم، قال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبًا والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبًا والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به فلذلك خيف على الصبيان، والحكمة من انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره وكذلك كل سواد، ويقال إن الشياطين تستعين بالظلمة وتكره النور وتتشاءم به كذا في عمدة القاري [7/ 275]، وفيه نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بتخلية الصبيان بعد ذهاب ساعة من الليل ولو كان الظلام المطلق سببًا لانتشار الشياطين لاستمر الحكم بكف الصبيان إلى الفجر فالظاهر أن لوقت غروب الشمس دخلًا في تأثير الشياطين كما سيأتي في الرواية الآتية (فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء) اهـ.

قال القرطبي: وقد تضمنت جملة هذه الأحاديث أن الله تعالى قد أطلع نبيه صلى الله عليه وسم على ما يكون في هذه الأوقات من المضار من جهة الشياطين والفأر والوباء، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يتقى به ذلك فليبادر الإنسان إلى فعل تلك الأمور ذاكرًا لله تعالى ممتثلًا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم وشاكرًا لله تعالى على ما أرشدنا إليه وأعلمنا به ولنبيه صلى الله عليه وسلم على تبليغه ونصحه فمن فعل ذلك لم يصبه من شيء من ذلك ضرر بحول الله تعالى وقوته وببركة امتثال أوامره صلى الله عليه وسلم جازاه الله تعالى عنا أفضل ما جازى نبيًّا عن أمته فلقد بلغ ونصح اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5115 -

(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) الكوسج (أخبرنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار) الجمحي المكي (أنه سمع جابر عن عبد الله)

ص: 127

يَقُولُ نَحْوًا مِمَّا أَخْبَرَ عَطَاءٌ. إِلَّا أَنَّهُ لَا يَقُولُ: "اذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، عز وجل".

5116 -

(00)(00) وحدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، بِهذَا الْحَدِيثِ، عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. كَرِوَايَةِ رَوْحٍ.

5117 -

(1971)(26) وحدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ

ــ

رضي الله عنهما (يقول) هذا الحديث وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن دينار لعطاء بن أبي رباح، قال ابن جريج: وساق عمرو بن دينار (نحوًا) أي حديثًا قريبًا في اللفظ والمعنى (مما) أي من الحديث الذي (أخبر) هـ (عطاء) عن جابر بن عبد الله وسبق في أوائل شرحنا هذا أن النحو عبارة عن الحديث اللاحق الموافق للسابق في بعض ألفاظه ومعناه فجدد العهد به (إلَّا أنه) أي لكن أن عمرًا (لا يقول) أي لا يذكر في حديثه لفظة (اذكروا اسم الله عز وجل وعلا.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا فقال:

5116 -

(00)(00)(وحدثنا أحمد بن عثمان) بن أبي عثمان عبد النور (النوفلي) أبو عثمان البصري، ثقة، من (11)(حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ثقة، من (9)(أخبرنا ابن جريج بهذا الحديث) المذكور آنفًا (عن عطاء وعمرو بن دينار كرواية روح) بن عبادة، غرضه بيان متابعة أبي عاصم لروح بن عبادة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر المذكور بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

5117 -

(1971)(26)(وحدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي (حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكوفي (حدثنا أبو الزبير عن جابر) رضي الله عنه (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية (عن أبي الزبير عن جابر) رضي الله عنه وهذان السندان من رباعياته (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترسلوا) ولا تطلقوا (فواشيكم) أي مواشيكم أي لا تتركوها مرسلة ماشية حيث شاءت في الليل، والفواشي بالفاء كالمواشي وزنًا ومعنى،

ص: 128

وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ. فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْبَعِثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ".

5118 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْو حَدِيثِ زُهَيرٍ.

5119 -

(1972)(37) وحدَّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثنَا اللَّيثُ بْنُ سَعْدٍ

ــ

جمع فاشية، والفاشية كل ما فشا وانتشر من الأموال كالإبل والغنم والبقر، قال ابن الأعرابي: يقال أفشى وأمشى وأوشى بمعنى واحد إذا كثرت مواشيه اهـ من المفهم (و) كذا (صبيانكم إذا غابت) وغربت (الشمس حتى تذهب) وتمضي (فحمة العشاء) أي ظلمة أول الليل وسواده وفسرها بعضهم هنا بإقباله وأول ظلامه، وكذا ذكره صاحب نهاية الغريب قال: ويقال للظلمة التي بين صلاتي المغرب والعشاء الفحمة وللتي بين العشاء والفجر العسعسة اهـ نووي (فإن الشياطين تنبعث) وتنتشر (إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء) أي ظلام أول الليل.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 312 و 386 و 395]، وأبو داود [3733] ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5118 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي (حدثنا سفيان) الثوري (عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لأبي خيثمة، قال عبد الرحمن: وساق سفيان (بنحو حديث زهير).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جابر الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

5119 -

(1972)(37)(وحدثنا عمرو) بن محمد بن بكير بن سابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حدثنا هاشم بن القاسم) بن مسلم بن مقسم الليثي مولاهم أبو النضر البغدادي، ثقة، من (9)(حدثنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة،

ص: 129

حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، اللَّيثِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَم، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولَ: "غَطُّوا الإِنَاءَ. وَأَوْكُوا السِّقَاءَ. فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيلَةَ يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ. لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيسَ عَلَيهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيسَ عَلَيهِ وكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذلِكَ الْوَبَاءِ".

5120 -

(00)(00) وحدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا

ــ

من (7)(حدثني بزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي) المدني، ثقة، من (5)(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني، ثقة، من (5)(عن جعفر بن عبد الله بن الحكم) بن رافع الأنصاري الأوسي المدني، ثقة، من (3)(عن القعقاع بن حكيم) الكناني المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن جابر بن عبد الله) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من ثمانياته (قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غطوا الإناء) أي خمروا فم الإناء الذي فيه المشروب (وأوكوا السقاء) أي شدوا بالوكاء السقاء أي فم القربة التي فيها الماء أو الشراب (فإن في) ليالي (السنة ليلة ينزل فيها وباء) أي مرض عام يفضي إلى الموت، والوباء يمد ويقصر لغتان حكاهما الجوهري وغيره، والقصر أشهر قال الجوهري: جمع المقصور أوباء وجمع الممدود أوبية، قالوا: والوباء مرض عام يفضي إلى الموت غالبًا اهـ نووي، قال الأبي: الوباء المفسر بما ذكره الجوهري هو الوباء المعروف، والأظهر أنه ليس المراد في الحديث ويأتي الكلام عليه وإنما هو وباء آخر والنزول حقيقة إنما هو في الأجسام المتحيزة ففيه أن هذا الشيء الذي ينزل متحيز والله أعلم بحقيقته اهـ.

(لا يمر) ذلك الوباء (بإناء ليس عليه غطاء أو) على (سقاءٍ ليس عليه وكاء إلا نزل فيه) أي في ذلك الإناء أو السقاء (من ذلك الوباء) شيء. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5120 -

(00)(00)(وحدثنا نصر بن علي) بن نصر (الجهضمي) البصري، ثقة، من (10)(حدثني أبي) علي بن نصر بن علي الأزدي البصري، ثقة، من (9) (حدثنا

ص: 130

لَيثُ بْنُ سَعْدٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال:"فَإِنَّ فِي السَّنَةِ يَوْمًا يَنْزِلُ فِيهِ وَبَاءٌ". وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَال اللَّيثُ: فَالأَعاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذلِكَ فِي كَانُونَ الأَوَّلِ.

5121 -

(1973)(38) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ"

ــ

ليث بن سعد) المصري (بهذا الإسناد) يعني عن يزيد عن يحيى عن جعفر عن القعقاع عن جابر، غرضه بيان متابعة علي بن نصر لهاشم بن القاسم، وساق علي بن نصر (بمثله) أي بمثل ما حدث هاشم بن القاسم (غير أنه) أي لكن أن عليًّا (قال) في روايته لفظة (فإن في السنة يومًا ينزل فيه وباء) وفي الرواية السابقة ليلة فلا منافاة بينهما إذ ليس في أحدهما نفي الآخر فهما ثابتان (وزاد) علي على هاشم (في آخر الحديث) لفظة (قال الليث فالأعاجم) الذين كانوا مقيمين (عندنا في مصر يتقون ذلك) اليوم أي يتوقعون ويخافون وقوع ذلك اليوم الذي ينزل فيه الوباء (في كانون الأول) أي في الشهر الذي يسمى عندهم بكانون الأول وكانون الأول: اسم لشهر معروف وهو شهر ديسمبر وهو الشهر السابع من شهور سنتهم الموافق لبرج سرطان وهو الشهر الرابع من السنة الشمسية الشهر الأول من فصل الصيف وليس في توقعهم حجة للمسلمين وإنما المذكور في الحديث يوم أو ليلة ولا سبيل إلى تعيينهما والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر الأول بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:

5121 -

(1973)(38)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد وزهير بن حرب قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) موقدة مشعلة لا فحمًا في التنور، قال النووي: هذا الحديث عام تدخل فيه نار السراج وغيرها، وأما القناديل المعلقة في المساجد وغيرها ونور الكهرباء فإن خيف حريق بسببها دخلت في الأمر بالإطفاء وإن

ص: 131

5122 -

(1974)(39) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ وأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَأَبُو عَامِرٍ الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيبٍ (وَاللَّفْظُ لأَبِي عَامِرٍ) قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: احْتَرَقَ بَيتٌ عَلَى أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ مِنَ اللَّيلِ. فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَأْنِهِمْ قَال: "إِنَّ هذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ. فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ"

ــ

أمن ذلك كما هو الغالب فالظاهر أنه لا بأس بها لانتفاء العلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الأمر بالإطفاء في الحديث السابق بأن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم فإذا انتفت العلة زال المنع اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 8]، والبخاري في الاستئذان [6293]، وأبو داود في الأدب [5246]، والترمذي في الأطعمة [1813]، وابن ماجه في الآداب [3814].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث جابر الأول بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما فقال:

5122 -

(1974)(39)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10)(وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو عامر الأشعري) عبد الله بن براد الكوفي ابن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشحري، صدوق، من (10)(وأبو كريب) محمد بن العلاء (واللفظ لأبي عامر قالوا حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن بريد) بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أبي بردة الصغير الكوفي، ثقة، من (6)(عن) جده (أبي بردة) الكبير عامر بن أبي موسى الأشعري، ثقة، من (3)(عن أبي موسى) الأشعري الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو موسى (احترق بيت على أهله بالمدينة من الليل) ولم أر من ذكر أسماء أهل ذلك البيت (فلما حدث) وأخبر (رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم) أي باحتراقهم في البيت (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إن هذه النار) الدنيوية التي تنتفعون بها في مطابخكم وفي سائر حوائجكم (فإنما هي عدو لكم) أي مؤذية لكم محرقة لكم إن لم تحتاطوا لها وتحترزوا منها (فإذا نمتم) بوزن خفتم أي إذا أردتم النوم وهي موقدة (فأطفئوها) أي فأخمدوها (عنكم) ولا

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تشعلوها عند النوم طلبًا للسلامة والأمن لأنفسكم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 399]، والبخاري في الاستئذان [6294]، وابن ماجه في الآداب [3770].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث عشرة الأول منها حديث أبي بكر الصديق ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والئاني حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أبي حميد الساعدي ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث جابر الأول ذكره للاستشهاد، والخامس حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد، والسادس حديث جابر الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه ست متابعات، والسابع حديث جابر التالي ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن حديث جابر المذكور بعده ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد، والعاشر حديث أبي موسى ذكره للاستشهاد والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 133