الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
664 - (8) باب صفة قعود الآكل، ونهيه عن قرن تمرتين عند أكله مع الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يجوع أهل بيت عندهم تمر"، وفضل تمر المدينة، وفضل الكمأة، وفضل الكباث، وفضل التأدم بالخل
5192 -
(2003)(68) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. كِلاهُمَا عَنْ حَفْصٍ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُصْعَب بْنِ سُلَيمٍ. حَدَّثنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. قَال: رَأَيتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُقْعِيًا، يَأكُلُ تَمْرًا
ــ
664 -
(8) باب صفة قعود الآكل، ونهيه عن قرن تمرتين عند أكله مع الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يجوع أهل بيت عندهم تمر"، وفضل تمر المدينة، وفضل الكمأة، وفضل الكباث، وفضل التأدم بالخل
5192 -
(2003)(68)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج) الكندي عبد الله بن سعيد بن حصين الكوفي (كلاهما عن حفص) بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8)(قال أبو بكر حدثنا حفص بن غياث عن مصعب بن سليم) مصغرًا الأسدي مولاهم مولى الزبير بن العوام الكوفي، روى عن أنس بن مالك في الأطعمة وأبي بكر بن أبي موسى ومحمد بن أيوب، ويروي عنه (م د س) وحفص بن غياث وابن عيينة ومروان بن معاوية، وثقة النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من (5)(حدثنا أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقعيًا) أي جالسًا على أطراف أليتيه ناصبًا ساقيه من الإقعاء وهي جلسة المستوفز على أطراف أليتيه وهي هيئة متواضعة للجلوس مأخوذة من إقعاء السبع، حالة كونه (يأكل تمرًا) وإنما كان يأكل كذلك لعدم نهمه وقلة مبالاته بأكله إذ لم تكن همته فيما يجعل في بطنه وإنما كان يأكل القليل من الطعام عند الحاجة وعلى جهة التواضع ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"أما أنا فلا آكل متكئًا ولكن آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد" رواه أحمد [4/ 308 و 309] والبخاري [5399] ، وأبو داود [3769] ، والترمذي [1830] ، وابن ماجه [3262]. وفي الحديث دلالة على أن المرء ينبغي له أن يجلس على الطعام جلوسًا
5193 -
(00)(00) وحدّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَال ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سُلَيم، عَنْ أَنَسٍ. قَال: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
ــ
متواضعًا ويجتنب هيئة المتكبرين ولذلك ورد قوله صلى الله عليه وسلم: "أما أنا فلا آكل متكئًا" أخرجه البخاري وغيره والمتكئ هنا هو المعتمد على الوطاء الذي تحته وكل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ والاتكاء افتعال مأخوذ من الوكاء فالمتكئ هو الذي أوكى مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متمكنًا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع في الألوان ولكني آكل علقة وآخذ من الطعام بلغة فيكون قعودي مستوفزًا له".
والحاصل أن الأكل متكئًا إن كان للتكبر فهو ممنوع مطلقًا وإن كان لعذر فهو جائز بدون كراهة وإن كان للارتياح والتمكن من استكثار الطعام فهو خلاف الأولى، وذكر العلماء أن أدب الأكل أن يجلس الرجل جاثيًا على ركبته وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى ذكره العيني في العمدة والحافظ في الفتح [9/ 542] أما الجلوس متربعًا بلا إسناد الظهر إلى ما خلفه أو الميلان على أحد الشقين فالظاهر أنه جائز بدون كراهة لعدم ما يدل على كراهته، أما ما ذكره الخطابي من إدخاله في الاتكاء فلم أره عند غيره ولئن صح فإنه يمكن أن يكون هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 180] ، وأبو داود في الأطعمة [3771].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5193 -
(00)(00)(وحدثنا زهير بن حرب و) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (جميعًا عن سفيان) بن عيينة (قال ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن مصعب بن سليم) الأسدي الكوفي (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لحفص بن غياث (قال) أنس (أتي) بالبناء للمجهول (رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أي
يَقْسِمُهُ وَهُوَ مُحْتَفِرٌ. يَأْكُلُ مِنْهُ أَكْلًا ذَرِيعًا. وَفِي رِوَايَةِ زُهَيرٍ: أكلًا حَثِيثًا.
5194 -
(2004)(69) حدثنا محمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ جَبَلَةَ بْنَ سُحَيمٍ قَال: كَانَ ابْنُ الزبَيرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ. قَال: وقَدْ كَانَ أَصَابَ النَّاسَ يَوْمئِذٍ جَهْدٌ
ــ
شرع (يقسمه) أي يقسم التمر بين الناس (وهو) صلى الله عليه وسلم (محتفز) بالحاء المهملة وبالزاي أي مستعجل مستوفز أي متهيء للقيام غير متمكن في جلوسه وهو بمعنى قوله مقعيًا، وهو معنى قوله في الحديث الآخر في صحيح البخاري وغيره "لا آكل متكئًا" على ما فسره الإِمام الخطابي فإنه قال المتكئ هنا هو المتمكن في جلوسه من التربع وشبهه المعتمد على الوطاء تحته .. إلخ اهـ نووي، لا ما يحسبه أكثر العامة من أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه متوسدًا لا يعرفون غيره، حالة كونه (يأكل منه) أي من ذلك التمر (أكلًا ذريعًا) أي سريعًا مستعجلًا غير متباطئ فيه وكان استعجاله صلى الله عليه وسلم في أكله لاستيفازه واستعداده لشغل آخر هو أهم من الأكل فأسرع الأكل ليقضي حاجته منه ويرد الجوعة ثم يذهب في ذلك الشغل (وفي رواية زهير) ابن حرب (أكلًا حثيثًا) بمثلثتين بينهما ياء ساكنة بدل قول ابن أبي عمر (أكلًا ذريعًا) وهما بمعنى واحد.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو الإقران بين تمرتين فأكثر عند الأكل مع الجماعة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5194 -
(2054)(69)(حدثنا محمَّد بن المثنى حدثنا محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت جبلة) بفتحات (بن سحيم) بمهملتين مصغرًا التيمي أبا سويرة الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (قال) جبلة (كان) عبد الله (بن الزبير) رضي الله عنهما في عهد خلافته في الحجاز (يرزقنا) أي يعطينا (التمر) في أرزاقنا، وهو القدر الذي يصرف لهم كل سنة من مال الخراج وغيره بدل النقد تمرًا لقلة النقد إذ ذاك بسبب المجاعة التي حصلت كذا في فتح الباري [9/ 575](قال) جبلة (وقد كان) الشأن كان إما شائية أو زائدة أي وقد (أصاب الناس يومئذ) أي يوم إذ يرزقنا ابن الزبير تمرًا (جهد) بفتح الجيم أي مشقة وشدة ومجاعة وبضمها بمعنى الجد والاجتهاد في الشيء وليس مرادًا هنا والمراد بالمشقة هنا القحط كما هو مصرح في رواية البخاري في الأطعمة
وَكُنَّا نَأْكُلُ فَيَمُرُّ عَلَينَا ابْنُ عُمَرَ وَنَحْنُ نَأْكُلُ. فَيَقُولُ: لَا تُقَارِنُوا. فَإِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ. إلا أَنْ يَسْتأْذِنَ الرَجُلُ أَخَاهُ
ــ
ولفظها "أصابنا عام سنة مع ابن الزبير فرزقنا تمرًا" قال جبلة (وكنا) معاشر الأجناد (نأكل) التمر جماعة جماعة (فيمر علينا) عبد الله (ابن عمر ونحن نأكل) تمرًا (فيقول) لنا (لا تقارنوا) ولا تجمعوا في أكلكم تمرتين فأكثر، والمراد الجمع بين تمرتين في لقمة واحدة إذا كان الرجل مع جماعة (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران) والجمع بين تمرتين في لقمة واحدة (إلا أن يستأذن الرجل) الذي يريد الإقران بينهما (أخاه) الذي يأكل معه أي إلا أن يطلب المقرن الإذن في الإقران من صاحبه فيأذن له فيه.
قوله (الإقران) هكذا هو في الأصول، والمعروف في اللغة القرآن يقال قرن بين الشيئين يقرن بضم الراء وكسرها من بابي نصر وضرب لغتان أي جمع ولا يقال أقرن، وأما الإقران من أقرن الرباعي فهو في اللغة الإطاقة كما في قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} وحكى ابن الأثير أن الإقران يأتي بمعنى القرآن، قال النووي: واختلف العلماء في أن هذا النهي للتحريم أو للكراهة والأدب والصواب التفصيل فإن كان الطعام مشتركًا بينهم فالقران حرام إلا برضاهم ويحصل الرضا بتصريحهم به أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حال أو إدلال عليهم وإن كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم اشترط رضاه وحده فإن قرن بغير رضاه فحرام، ويستحب أن يستأذن الآكلين معه ولا يجب، وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فلا يحرم عليه القرآن ثم إن كان في الطعام قلة فحسن أن لا يقرن لتساويهم وإن كان كثيرًا بحيث يفضل عنهم فلا بأس بقرانه لكن الأدب مطلقًا التأدب في الأكل وترك الشره إلا أن يكون مستعجلًا ويريد الإسراع لشغل آخر اهـ.
قال القرطبي: وعلل الجمهور النهي بعلتين إحداهما أن ذلك يدل على كثرة الشره والنهم وثانيتهما إيثار الإنسان نفسه بأكثر من حقه على مشاركه وحكمهم في ذلك التساوي. قوله (إلا أن يستأذن الرجل أخاه) قال الخطابي: إن ذلك النهي إنما كان في زمنهم لما كانوا عليه من الضيق فأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن، ورد النووي وغيره قول الخطابي بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، قال القرطبي: وقول الخطابي فيه نظر وذلك أن الطعام إذا قدم إلى قوم فقد تشاركوا فيه وإذا كان كذلك
قَال شُعْبَةُ: لَا أُرَى هذِهِ الْكَلِمَةَ إلا مِنْ كَلِمَةِ ابْنِ عُمَرَ. يَعْنِي الاسْتِئذَانَ.
5195 -
(00)(00) وحدّثناه عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. كِلاهُمَا
ــ
فليأكل كل واحد منهم على الوجه المعتاد على ما تقتضيه المروءة والنصفة من غير أن يقصد اغتنام زيادة على الآخر فإن فعل وكان الطعام شركة بحكم الملك فقد أخذ ما ليس له وإن كان إنما قدمه لهم غيرهم فقد اختلف العلماء فيما يملكون منه فإن قلنا إنهم يملكونه بوضعه بين أيديهم فكالأول وإن قلنا إنما يملك كل واحد منهم ما رفع إلى فيه فهذا سوء أدب وشره ودناءة فعلى الوجه الأول يكون محرمًا وعلى الثاني مكروهًا لأنه يناقض مكارم الأخلاق والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
(قال شعبة) بالسند السابق (لا أرى) ولا أظن (هذه الكلمة) الأخيرة من الحديث (إلا من كلمة ابن عمر) رضي الله عنهما (يعني) شعبة بالكلمة كلمة (الاستئذان) لأخيه في القرآن.
وقد صرح شعبة بما قاله أن هذا الاستثناء إدراج من ابن عمر وأطال في تحقيقه في الفتح [9/ 570] ووصل إلى أن هذا الاستثناء مروي عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا فتارة رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة أفتى به وقد صح هذا الاستثناء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا في غير حديث ابن عمر، ومنه حديث أبي هريرة عند البزار (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرًا بين أصحابه فكان بعضهم يقرن فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن إلا بإذن أصحابه) اهـ من الفتح.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأطعمة [5446] ، وأبو داود في الأطعمة [3834] ، والترمذي في الأطعمة [1815] ، وابن ماجه [3374].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5195 -
(00)(00)(وحدثناه عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (ح وحدثنا محمَّد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (كلاهما) أي كل من معاذ بن معاذ وعبد
عَنْ شُعْبَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَيسَ في حَدِيثِهِمَا، قَوْلُ شُعْبَةَ. وَلَا قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَ أَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ جَهْدٌ.
5196 -
(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالا: حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيمِ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَقَمَ أَنْ يَقْرِنَ الرَجُلُ بَينَ التَّمْرَتَينِ. حَتَّى يَسْتَأذِنَ أَصْحَابَهُ.
5197 -
(2005)(70) حدّثني عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارِمِيُ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. حَدَّثنَا سُلَيمَانُ بْنُ
ــ
الرحمن بن مهدي (عن شعبة بهذا الإسناد) يعني عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لمحمد بن جعفر (و) لكن (ليس في حديثهما قول شعبة) يعني قوله (لا أرى هذه الكلمة إلا من كلمة ابن عمر)(ولا قوله) أي قول جبلة بن سحيم (وقد كان أصاب الناس يومئذ جهد).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5196 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن) ابن مهدي (عن سفيان) الثوري (عن جبلة بن سحيم) التيمي الكوفي (قال سمعت ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لشعبة بن الحجاج (يقول) ابن عمر (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن) ويجمع (الرجل بين التمرتين) في لقمة واحدة (حتى يستأذن) ويستأمر (أصحابه) الذين يأكلون معه.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة أعني قوله "لا يجوع أهل بيت فيه تمر" بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5197 -
(2005)(75)(حدثني عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل (الدارمي) السمرقندي، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا يحيى بن حسان) بن حيان بتحتانية التنيسي البكري أبو زكرياء البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا سليمان بن
بِلالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَن النبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَجُوعُ أَهْلُ بَيتٍ عِندَهُمُ التمْرُ".
5198 -
(00)(00) حدثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ طَحْلاءَ، عَنْ أَبِي الرِّجالِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ،
ــ
بلال) التيمي مولاهم أبو محمَّد المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يجوع) أي لا يأخذ الجوع (أهل بيت عندهم التمر) فيه وفي الحديث الثاني إشارة إلى فضيلة التمر وجواز الادخار للعيال والحث عليه، قال المناوي: هذا ورد في بلاد غالب قوتهم التمر كأهل الحجاز في ذلك الزمن اهـ وقال في المبارق: وفي الحديث حث على القناعة وتنبيه على جواز ادخار القوت للعيال فإنه أسكن للنفس وأحصن عن الملال اهـ قال الأبي: لا يختص ذلك بالتمر بل كل غالب قوت شأنه ذلك فيقال في بلد غالب قوتهم البر بيت لا بر فيه جياع أهله، وفيه جواز ادخار الأقوات اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 105] ، وأبو داود [3831] ، والترمذي [1815] ، وابن ماجه [3327].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5198 -
(00)(00)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي القعنبي، ثقة، من (9)(حدثنا يعقوب بن محمَّد بن طحلاء) بمهملتين ثانيتهما ساكنة الليثي مولاهم أبو يوسف المدني، ويقال محمَّد بن طحلاء مولى جويرية بنت الحارث، روى عن أبي الرجال محمَّد بن عبد الرحمن الأنصاري في الأطعمة وبلال بن أبي هريرة إسحاق بن يسار وغيرهم، ويروي عنه (م) والقعنبي ومالك وابن مهدي وابن أبي الزناد وابن المبارك وعدة، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: لا بأس به، من كبار السابعة، مات سنة (162) اثنتين وستين ومائة (عن أبي الرجال محمَّد بن عبد الرحمن) بن حارثة، وقيل اسم جده عبد الله الأنصاري مشهور
عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ! بَيتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ، جِيَاعٌ أَهْلُهُ. يَا عَائِشَةُ! بَيتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ -أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ-" قَالهَا مَرَّتَينِ، أَوْ ثَلاثًا.
5199 -
(2006)(71) حدثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثنَا سُلَيمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلالٍ) عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سعْدِ بْنِ
ــ
بهذه الكنية لأنه ولد له عشرة أولاد فكملوا فلم يمت منهم أحد، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن أمه) عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية، ثقة، من (3) روى عنها في (6) أبواب (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمرة لعروة بن الزبير (قالت) عائشة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله) جمع جائع (يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله) وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة عمرة لعروة بن الزبير (أو) قالت عمرة (جاع أهله) قالت عائشة (قالها) أي قال هذه الكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرتين أو) قالها (ثلاثًا) من المرات، والشك الأول من أبي الرجال فيما قالت عمرة، والثاني من عائشة فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي: وهذا الحديث عنى به النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ومن كان على حالهم ممن غالب قوتهم التمر وذلك أنه إذا خلا البيت عن غالب القوت في ذلك الموضع كان عن غير الغالب أخلى فيجوع أهله إذ لا يجدون شيئًا ويصدق هذا القوت على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد أو يكون الغالب فيه صنفًا واحدًا فيقال على بلد ليس فيه إلا البر بيت لا بر فيه جياع أهله. ويفيد هذا التنبيه على مصلحة تحصيل القوت وادخاره فإنه أسكن للنفس غالبًا وأبعد عن التشويش اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع أعني فضل تمر المدينة بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال:
5199 -
(2006)(71)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن عبد الله بن عبد الرحمن) بن معمر الأنصاري النجاري أبي طوالة بضم الطاء وفتح الواو المدني قاضيها، ثقة، من (5) روى عنه في (5) أبواب (عن عامر بن سعد بن
أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَراتٍ، مِمَّا بَينَ لابَتَيهَا، حِينَ يُصْبِحُ، لَمْ يَضُرَّهُ سُم حَتَّى يُمْسِيَ"
ــ
أبي وقاص) الزهريّ المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهريّ المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل سبع تمرات) أي سبع حبات كائنات تلك السبع (مما) أي من التمر الذي (بين لابتيها) أي بين حرتيها (حين يصبح) أي يدخل في الصباح (لم يضره سم) أي إذا أصيب به في ذلك اليوم (حتى يمسي) أي يدخل في المساء فتكون له أمانًا وحرزًا في ذلك اليوم بإذن الله تعالى لوصول دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثمار المدينة بالبركة، وأما تخصيص السبع والسم فمما يفوض علمه إلى الشارع كذا في المبارق. قوله (بين لابتيها) أي لابتي المدينة وإعادة الضمير إليها بدون ذكرها لعلمها من السياق ولحضورها في الذهن واللابتان الحرتان، قال ابن الأثير: المسندينة ما بين حرتين عظيمتين، قال الأصمعي: الحرة هي الأرض التي ألبستها حجارة سود، واللابتان هما الحرتان: واقم والوبرة أولاهما في شرق المدينة والثانية في غربها (لم يضره سم) بتثليث السين والفتح أفصح، قال في المنجد: والسم هو كل مادة إذا دخلت الجوف عطلت الأعمال الحيوية أو أوقفتها تمامًا، يجمع على سمام وسموم بوزن فلوس.
قال القرطبي: ومطلق حديثي الباب مقيد بالآخر فحيث أطلق العجوة هنا إنما أراد بها عجوة المدينة وكذلك في حديث عائشة حين أطلق العالية فمراده بها عالية المدينة وجهاتها، والعجوة هي أجود نوع من التمر بالمدينة غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة كما ذكره الحافظ في الفتح [2/ 238] وهي أكبر من الصيحاني تضرب إلى السواد فيها لين.
قال الخطابي: كون العجوة تنفع من السم والسحر إنما هو ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لتمر المدينة لا لخاصية في التمر، وقال "بعضهم: إنه كان خاصًّا بنخل بالمدينة لا يعرف الآن، وقيل كان خاصًّا بزمنه صلى الله عليه وسلم، والأصح أنه عام لكل عجوة بالمدينة، وأما تقييده بسبع تمرات فلا يعلم سره إلا الله تعالى، ومن ذكر لذلك سرًّا فلا يعدو أن يكون ظنًّا وتخمينًا والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ.
5200 -
(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أبُو أُسَامَةَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ. قَال: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقاصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: سمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ، عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ ذلِكَ الْيَوْمَ سُم وَلَا سِحْرٌ".
5201 -
(00)(00) وحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثنَا مَرْوَانُ بْنُ
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 168 و 181] والبخاري في أبواب كثيرة منها في الأطعمة برقم [5445] ، وأبو داود في الطب [3875 و 3876].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5200 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن هاشم بن هاشم) بن عتبة بن أبي وقاص الزهريّ المدني، ويقال هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة، وهو أصح لأن هاشم بن عتبة قتل بصفين سنة سبع وثلاثين، فيبعد أن يكون صاحب الترجمة ابنه لبعد ما بين وفاتهما، روى عن عامر بن سعد في الأطعمة وسعيد بن المسيب وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص وغيرهم، ويروي عنه (ع) وأبو أسامة ومروان الفزاري وأبو بدر شجاع بن الوليد ومالك، وطائفة، وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العجلي: مدني ثقة، وقال أحمد والبزار: ليس به بأس، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات سنة (147) سبع وأربعين ومائة (قال سمعت عامر بن سعد بن أبي وقاص يقول سمعت سعدًا) ابن أبي وقاص (يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هاشم بن هاشم لعبد الله بن عبد الرحمن، وفيه فائدة تصريح السماع في ثلاثة مواضع (من نصبح) أي من تفطر في الصباح (بسبع تمرات) أي حبات (عجوة) منصوب على أنه تمييز للذات المبهمة أي من عجوة (لم يضره) أي لم يصبه بضرر (ذلك اليوم سم ولا سحر) تقدم البحث فيه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال:
5201 -
(00)(00)(وحدثناه) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر حدثنا مروان بن
مُعَاوَيةَ الْفَزَارِيُّ. ح وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ. كِلاهُمَا عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النبِيّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ. وَلَا يَقُولانِ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم.
5202 -
(2007)(72) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيحْيَى بْنُ أيوبَ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) إِسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكٍ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِن في عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ شِفَاءً،
ــ
معاوية) بن الحارث بن أسماء (الفزاري) الكوفي، ثقة، من (8)(ح وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا أبو بدر شجاع بن الوليد) الكوفي السكوني، صدوق، من (9) روى عنه في (3) أبواب (كلاهما) أي كل من مروان وشجاع بن الوليد رويا (عن هاشم بن هاشم) الزهريّ المدني (بهذا الإسناد) يعني عن عامر عن سعد (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعتهما لأبي أسامة وساقا (مثله) أي مثل حديث أبي أسامة (ولا يقولان) أي ولم يقل مروان بن معاوية وشجاع بن الوليد لفظة (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله أبو أسامة بل قالا عن النبي صلى الله عليه وسلم بالعنعنة.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث سعد بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
5202 -
(2007)(72) وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخران: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (عن شريك وهو) ابن عبد الله (بن أبي نمر) المدني القرشي أو الليثي، صدوق، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن عبد الله بن أبي عتيق) وهو عبد الله بن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق التيمي المدني، صدوق، من (3) روى عنه في (2) بابين (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في عجوة العالية شفاء) من السم والسحر أو من
أَوْ إِنَّهَا تِرْيَاقٌ، أَوَّلَ الْبُكْرَةِ".
5203 -
(2008)(73) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَعَمْرُو
ــ
كل مرض، والعالية ما كان من الحوائط والقرى والعمارات من جهة المدينة العليا مما يلي نجدًا والسافلة من الجهة الأخرى مما يلي تهامة، قال القاضي: وأدنى العالية ثلاثة أميال وأبعدها ثمانية من المدينة، والعجوة نوع جيد من التمر (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم (إنها) أي إن عجوة العالية (ترياق) أي دواء إذا أكلت (أول البكرة) أي أول الصباح بنصب أول على الظرفية لمحذوف كما قدرناه وهو بمعنى حديث سعد "من تصبح"، (والترياق) بكسر التاء وقد تضم دواء مركب معلوم ينفع من السموم، ويقال درياق وطرياق وترياق أهـ مفهم. فأطلق على العجوة اسم الترياق تشبيهًا لها به. وظاهر هذه الأحاديث خصوصية عجوة المدينة بدفع السم وإبطال السحر وهذا كما توجد بعض الأدوية مخصوصة ببعض المواضع وببعض الأزمان ثم هل ذلك مخصوص بزمان نطقه صلى الله عليه وسلم أو هو في كل زمان كل ذلك محتمل، والذي يرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة فإن وجدنا ذلك كذلك في هذا الزمان علمنا أنها خاصة دائمة وإن لم نجده مع كثرة التجربة علمنا أن ذلك مخصوص بزمان ذلك القول أهـ من المفهم.
وقد وقع في رواية لحديث سعد عند البخاري في الطب لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل) فأفاد أن أكل العجوة يظل مفيدًا طول النهار وظاهره أن تأثيره ينقطع بدخول الليل اهـ من التكملة.
وهذا الحديث مما انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات الست ولكن رواه أحمد [6/ 77].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة أعني فضل الكمأة بحديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5203 -
(2008)(73)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير وعمر) بضم العين وفتح الميم، ووقع تحريفه إلى عمرو بالواو في النسخ التي بأيدينا، ووقع تحريفه
ابْنُ عُبَيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُميرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ. قَال: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ. وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَينِ"
ــ
إلى عمر بن عبيد الله في كتاب الأصفهاني، والصواب عمر (بن عبيد) بن أبي أمية بن أبي لبيبة بفتح اللام الإيادي الطنافسي بفتح الطاء والنون وبعد الألف فاء مكسورة ثم سين مهملة، أبو حفص الكوفي أخو يعلى ومحمد، روى عن سماك بن حرب في الصلاة، وعبد الملك بن عمير في الأطعمة، ويروي عنه (ع) وإسحاق بن إبراهيم وخلق، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من (8) روى عنه في (2) كلاهما (عن عبد الملك بن عمير) الفرسي اللخمي الكوفي، ثقة مدلس مختلط، من (3) روى عنه في (15) بابا، وقد جاوز مائة سنة (عن عمرو بن حريث) بن عمرو القرشي المخزومي أبي سعيد الكوفي، صحابي صغير رضي الله عنه (عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل) العدوي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة والمهاجرين الأولين رضي الله عنهم. وهذا السند من خماسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي (قال) سعيد بن زيد (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الكمأة) بفتح الكاف وسكون الميم وجمعه كمأ نظير شجرة وشجر، وعكس ابن الأعرابي فقال الكمأ مفرد والكمأة جمع على خلاف القياس، وقيل الكمأة قد تطلق على الواحد وعلى الجمع، وقد جمعوها على أكمؤ كفلس وأفلس كما قال الشاعر:
ولقد جَنَيتك أكمؤًا و (عساقلا)
…
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
وهي نبات لا ورق لها ولا ساق توجد في أرض النجد غالبًا وقت الربيع والخريف في الأرميا (قندالي) والعساقل الكبار البيض التي يقال لها شحمة الأرض في الأرميا (حنهدي) وهي تؤكل بعد القلي بالملح، وبنات الأوبر صغارها مرة وهي سامة لا تؤكل، وقوله (من المن) ومن هنا بمعنى الكاف التشبيهية والمعنى الكمأة كالمن الذي أنزل على بني إسرائيل بمعنى أنها تشبهه من حيث إن الكمأة تطلع من عند الله تعالى من غير كلفة منا ببذر ولا حرث ولا سقي كما أن السنن ينزل عليهم فضلًا من الله تعالى من غير سبب منهم، والمن شيء مثل السكر أنزله الله تعالى علي بني إسرائيل في التيه على أشجارهم، ويقال له الترنجبين فيتناولونه ويأكلونه وإنما نالت الكمأة هذا الثناء لأنها من الحلال الذي ليس في اكتسابه شبهة (وماؤها شفاء للعين) قال القاضي: قال بعض أهل العلم
5204 -
(00)(00) وحدّثنا محمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ. قَال: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيثٍ. قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيدٍ. قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْكَمْاةُ مِنَ الْمَنِّ. وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَينِ"
ــ
بالطب في معنى هذا الحديث إما لتبريد العين من بعض ما يكون فيها من الحرارة فتستعمل بنفسها مفردة وإما لغير ذلك فمركبة مع غيرها اهـ مفهم. قال الخطابي في شرحه للبخاري [3/ 1800] قوله وماؤها شفاء للعين بأن يربى به الكحل أو التوتيا أو نحوهما مما يكتحل به فينتفع بذلك وليس بأن يؤخذ بحتًا فيكتحل ويتداوى به لأن ذلك يؤدي العين ويقذيها وهو الذي اختاره ابن الجوزي، ويؤيده ما حكاه الحافظ من قول الغافقي في المفردات ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين إذا عجن به الأثمد واكتحل به فإنه يقوي الجفن ويزيد البصر قوة ويدفع عنها النوازل، واختار النووي أن ماءها مجردًا شفاء للعين مطلقًا فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه اهـ.
وسبب هذا الحديث ما أخرجه الطبري من طريق ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال: كثرت الكمأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فامتنع قوم من أكلها وقالوا: هي جدري الأرض فبلغه ذلك فقال: "إن الكمأة ليست من جدري الأرض ألا إن الكمأة من المن" ذكره الحافظ في فتح الباري [1/ 163 و 164] وأخرج الترمذي [2068] عن أبي هريرة: أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: إن الكمأة جدري الأرض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من "المن" اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [4478] ، والترمذي [2068] ، وابن ماجه [3454].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5204 -
(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن المثنى حدثنا محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عمرو بن حريث قال سمعت سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لجرير بن عبد الحميد وعمر بن عبيد، وفيه
5205 -
(00)(00) وحدّثنا محمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: وَأخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيدٍ، عَنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
ــ
فائدة تصريح السماع في ثلاثة مواضع، قال في المنجد: الكمأة هو نبات يقال له أيضًا شحم الأرض يوجد في الربيع تحت الأرض وهو أصل مستدير كالقلقاس لا ساق له ولا عرق لونه يميل إلى الغبرة، قال في اللسان: واحدها كمء على غير قياس وهو من النوادر، وقال سيبويه: ليست الكمأة بجمع كمء لأن فعلة ليس مما يكسر عليه فعل إنما هو اسم للجمع.
قوله (من المن) قال أبو عبيد وكثيرون: شبهها بالمن الذي كان ينزل علي بني إسرائيل لأنه كان يحصل لهم بلا كلفة ولا علاج ولا زرع ولا سقي ولا غيره، وقيل هي من المن "أي من بقايا" المن الذي أنزل علي بني إسرائيل حقيقة عملًا بظاهر اللفظ (وماؤها شفاء للعين) يعني ماؤها مجردًا شفاء للعين مطلقًا فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه، قال الإِمام النووي رحمه الله تعالى: وقد رأيت وغيري في زمننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة فكحل عينه بماء الكمأة مجردًا فشفي وعاد إليه بصره وهو الشيخ العدل الأمين الكمال بن عبد الله الدمشقي صاحب صلاح ورواية للحديث، وكان استعماله لماء الكمأة اعتقادًا في الحديث وتبركًا به والله أعلم اهـ نووي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5205 -
(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن المثنى حدثني محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة قال) شعبة حدثني عبد الملك بن عمير (وأخبرني الحكم بن عتيبة) الكندي الكوفي، ثقة، من (5)(عن الحسن) بن عبد الله (العرني) بضم العين وفتح الراء بعدها نون نسبة إلى عرينة بطن من بجيلة، روى عن عمرو بن حريث في الأطعمة، ويحيى بن الجزار في الإيمان، وابن عباس مرسلًا وعلقمة، ويروي عنه (خ م د س ق) والحكم بن عتيبة وعزرة بن عبد الرحمن وسلمة بن كهيل، وثقه ابن سعد والعجلي وأبو زرعة، وقال ابن معين: صدوق ليس به بأس، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة
قَال شُعْبَةُ: لَما حَدثني بِهِ الْحَكَمُ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
5206 -
(00)(00) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ. وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَينِ"
ــ
الحسن العرني لعبد الملك بن عمير (قال شعبة) بالسند السابق (لما حدثني به) أي بهذا الحديث (الحكم) بن عتيبة (لم أنكره) أي لم أنكر ما حدثته (من حديث عبد الملك) بن عمير مع كون عبد الملك مدلسًا مختلطًا لأنه تابعه الحسن العرني فقدى حديثه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5206 -
(00)(00)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (أخبرنا عبثر) بن القاسم الزبيدي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن مطرف) بن طريف الحارثي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن الحكم) بن عتيبة (عن الحسن) العرني (عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل) رضي الله عنه (قال) سعيد. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة مطرف لشعبة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من المن) أي مثل السنن (الذي أنزل الله تبارك وتعالى علي بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين) ثم إن هذا الكلام إنما كان من حيث الأسباب الظاهرة، ولكن لا يخفى أن الشفاء الحقيقي ليس إلا بيد الله سبحانه وتعالى، وإنما الأدوية أسباب محضة ليست تنفع بنفسها ولا تضر بنفسها، فإن اعتقد رجل أن قول النبي صلى الله عليه وسلم عام لكل كمأة ولكل مرض ولكل إنسان فاستعمل ماء الكمأة في مرض لا يراها الأطباء نافعة فيه ونوى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وحصول الشفاء بها بقوة اعتقاده فلا يبعد أن يجعل الله سبحانه شفاء له خاصة على الرغم مما يقوله الأطباء لأنهم لا يتكلمون إلا عن الأسباب الظاهرة وإن قدرة الله تعالى وحكمته ورحمته فوق هذه الأسباب بكثير ومن هنا قال ابن القيم رحمه الله تعالى: استعمال كل ما وردت به السنة
5207 -
(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيدٍ، عَنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَال:"الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ الذِي أَنْزَلَ الله عَلَى مُوسَى. وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَينِ".
5208 -
(00)(00) حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ. قَال: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيثٍ يَقُولُ: قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيدٍ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ الذِي أَنْزَلَ اللهُ، عز وجل، عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَينِ"
ــ
بصدق ينتفع به من يستعمله ويدفع الله عنه الضرر بنيته والعكس بالعكس، حكاه الحافظ في الفتح.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5207 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن مطرف) بن طريف الحارثي (عن الحكم بن عتيبة عن الحسن) بن عبد الله (العرني عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة جرير لعبثر بن القاسم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (الكمأة من المن الذي أنزل الله) سبحانه وتعالى (على موسى) بن عمران عليه السلام (وماؤها شفاء للعين).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5208 -
(00)(00)(حدثنا) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العرني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الكوفي (قال سمعت عمرو بن حريث يقول قال) عمرو بن حريث (سمعت سعيد بن زيد يقول) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لجرير بن عبد الحميد وعمر بن عبيد وشعبة بن الحجاج (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكمأة من المن الذي أنزل الله عز وجل على بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين).
5209 -
(00)(00) وحدّثنا يَحْيى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثيُّ. حَدَّثنَا حَمادُ بْنُ زَيدٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَبِيبٍ. قَال: سَمِعْتُهُ مِنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. فَسَأَلْتُهُ. فَقَال: سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ. قَال: فَلَقِيتُ عَبْدَ الْمَلِكِ. فَحَدَّثَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيدٍ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ. وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعينِ"
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه فقال:
5209 -
(00)(00)(وحدثنا يحيى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) البصري (حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (حدثنا محمَّد بن شبيب) الزهراني البصري، روى عن شهر بن حوشب سمعه منه أولًا ثم سمعه من عبد الملك بن عمير في الأطعمة، وعن الشعبي والحسن وغيرهم، ويروي عنه (م س) وحماد بن زيد ومعمر وشعبة وغيرهم، وثقه ابن معين، وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (قال) ابن شبيب (سمعته) أي سمعت هذا الحديث (من شهر بن حوشب) مولى أسماء بنت يزيد بن السكن الأشعري أبي سعيد الشامي، روى عن عبد الملك بن عمير في الأطعمة حديث الكمأة من المن ومولاته أسماء وابن عباس وعائشة وأم سلمة وجابر وطائفة، ويروي عنه (م عم) ومحمد بن شبيب حديث الكمأة من المن وقتادة وثابت والحكم وعاصم بن بهدلة، وثقه ابن معين وأحمد، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال في التقريب: صدوق كثير الإرسال والأوهام، من الثالثة، مات سنة (112) اثنتي عشرة ومائة، قال محمَّد بن شبيب (فسألته) أي فسألت شهرًا فقلت له عمن سمعت هذا الحديث (فقال) لي شهر (سمعته) أي سمعت هذا الحديث (من عبد الملك بن عمير قال) محمَّد بن شبيب (فلقيت عبد الملك) بن عمير (فحدثني) عبد الملك (عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمَّد بن شبيب وكذا شهر لسفيان بن عيينة (قال) سعيد بن زيد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من السنن وماؤها شفاء للعين).
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة أعني فضل
5210 -
(2009)(74) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَرِّ الظَهْرَانِ. وَنَحْنُ نَجْنِي الْكَبَاثَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "عَلَيكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ" قَال: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، كَأَنكَ رَعَيتَ الْغَنَمَ
ــ
الكباث بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال:
0 521 - (2009)(74)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب عن يونس) بن يزيد الأيلي الأموي (عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهريّ المدني (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (قال) جابر (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران) بفتح الميم وتشديد الراء موضع معروف على مرحلة من مكة (ونحن نجني) ونقتطف من شجر الأراك (الكباث) أي النضيج من ثماره، والكباث بفتح الكاف وتخفيف الباء هو النضيج من تمر الأراك قاله الأصمعي وما يبس منه فهو برير بوزن حرير، وقال غيره: الصواب أن الكباث هو الذي لم ينضج، و (المرد) هو الذي نضج واسود، وأنشد أبو ذؤيب:
وغير ماء المرد فاها فلونه
…
كلون النؤور وهي أدماء سارها
أي سائرها
وقد حكي هذا عن الأصعمي أيضًا، وحكي عن ابن الأعرابي أن الذي لم يسود هو الكباث والأسود هو البرير وجماعه، وعن مصعب أن المرد هو إذا ورد فإذا اخضر فهو الكباث فإذا اسود فهو البرير اهـ من المفهم، وفسره البخاري بورق الأراك ولكن خطأه في ذلك الأكثرون وقالوا: هو ثمر الأراك، وقال أبو زياد: يشبه التين يأكله الناس والإبل والغنم، وقال أبو عمرو: هو حار كان فيه ملحًا ذكره الحافظ في الفتح [9/ 576](فقال) لنا (النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالأسود منه) أي الزموا باجتناء الأسود منه؛ أي من الكباث، فإنه الأحسن من ثمر الأراك (قال) جابر (فقلنا) له صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله كأنك رعيت الغنم) في البوادي فإن الرعاة هم الذين يعرفون أحسن الثمار؛
قَال: "نَعَمْ. وَهَلْ مِنْ نبيٍّ إلا وَقَدْ رَعَاهَا" أَوْ نَحْوَ هذَا مِنَ الْقَوْلِ
ــ
يعني معرفتك بأطيب نوع من الكباث تدل على أنك رعيت الغنم لأن راعي الغنم يكثر تردده تحت الأشجار لطلب المرعى منها والاستظلال تحتها فـ (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (نعم) رعيت الغنم لأهل مكة على قراريط (وهل من نبي) من الأنبياء، فالاستفهام إنكاري بمعنى النفي أي ما من نبي من الأنبياء (إلا وقد رعاها) أي إلا وقد رعى الغنم، وأخرج النسائي من حديث نصر بن حزن قال: افتخر أهل الإبل وأهل الغنم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بعث موسى وهو راعي غنم، وبعث داود وهو راعي غنم، وبعثت وأنا أرعى غنم أهلي بجياد" والحكمة في رعي الأنبياء الغنم قبل النبوة أن يتدربوا على التواضع ويتمرنوا على ما يكلفون به في المستقبل من القيام بأمر أمتهم ولأن بمخالطتها يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها ونقلها من مسرح إلى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة ألفوا من ذلك الصبر على الأمة وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها فجبروا كسرها ورفقوا لضعيفها وأحسنوا التعاهد لها فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر كذا في إجارة فتح الباري [4/ 441].
(أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال جابر (نحو هذا) المذكور (من القول) كقوله "وما من نبي إلا وهو راعي الغنم" والشك من جابر أو ممن دونه، وقال القرطبي: والحكمة في ذلك أن الله تعالى درب الأنبياء على رعاية الغنم وسياستها ليكون ذلك تدريجًا إلى سياسة الأمم إذ الراعي يقصد مصلحة الغنم ويحملها على مراشدها ويقوم بكلفها وسياستها ومن تدرب على هذا وأحكمه كان متمكنًا من سياسة الخلق ورحمتهم والرفق بهم وكانت الغنم بهذا أولى لما خص به أهلها من السكينة وطلب العافية والتواضع وهي صفات الأنبياء ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "السكينة في أهل الغنم، والفخر والخيلاء في أهل الإبل" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3820] ، والترمذي [1840 - 1843] ، والنسائي [7/ 14] ، وابن ماجه [3317].
5211 -
(2010)(75) حدّثني عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. أَخْبَرَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"نِعْمَ الأدُمُ، أَو الإِدَامُ، الْخَلُّ"
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة أعني التأدم بالخل بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5211 -
(2010)(75) حدثني عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمَّد السمرقندي، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا يحيى بن حسان) بن حيان بالتحتانية البكري أبو زكريا البصري، ثقة، من (9)(أخبرنا سليمان بن بلال) التيمي المدني، ثقة، من (8)(عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم الأدم) بضمتين جمع إدام كإهاب وأهب وكتاب وكتب، والأدم بفتح الهمزة وسكون الدال بمعنى الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به من الأبازير والمرق واللحم، يقال آدم الخبز يأدمه بكسر الدال من باب ضرب أي صبغه أو خلطه بما يؤكل به (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي نعم (الإدام) بلفظ المفرد والمخصوص بالمدح (الخل) فيه مدح للخل وأنه من أفضل أنواع الإدام، وذهب الخطابي والقاضي عياض إلى أن المقصود من هذا الحديث الحث على الاقتصار في المأكل على أبسط أنواعه ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة فتقدير الحديث ائتدموا بالخل وما في معناه مما تخف مؤنته ولا يعز وجوده ولا تتأنقوا في الشهوات فإنها مفسدة للدين مسقمة للبدن. ولكن تعقبهما النووي بأن قصد الحديث مدح للخل بنفسه ولذلك قال جابر: فما زلت أحب النحل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم. فهو يقول أنس: ما زلت أحب الدباء، وتأويل راوي الحديث أولى بالقبول من تأويل غيره، قال القرطبي: الإدام بوزن كتاب كل ما يؤتدم به أي يؤكل به الخبز مما يطيبه سواء كان مما يصطبغ به كالأمراق والمائعات أو مما لا يصطبغ به كالجامدات من اللحم والبيض والجبن والزيتون وغير ذلك، وشذ أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف فقالا في البيض واللحم المشوي وشبه ذلك مما لا يصطبغ به ليس شيء من ذلك بإدام ويتبين على هذا الخلافِ الخلافُ فيمن حلف على أن لا يأكل إدامًا فأكل شيئًا من هذه الجامدات فحنثه الجمهور ولم يحنثه أبو حنيفة ولا صاحبه،
5212 -
(00)(00) وحدّثناه مُوسَى بْنُ قُرَيشِ بْنِ نَافِعٍ التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"نِعْمَ الأدُمُ" وَلَمْ يَشُكَّ.
5213 -
(2011)(76) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله؛ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ أَهْلَهُ
ــ
والصحيح ما صار إليه الجمهور بدليل قوله صلى الله عليه وسلم وقد وضع تمرة على كسرة وقال: "هذه إدام هذه" رواه أبو داود [3259] وبدليل قوله أيضًا وقد سئل عن إدام أهل الجنة أول ما يدخلوها فقال: "زيادة كبد الحوت" رواه أحمد والبخاري.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3820] ، والترمذي [1840 - 1843] ، والنسائي [7/ 14] ، وابن ماجه [3317].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5212 -
(00)(00)(وحدثناه موسى بن قريش بن نافع التميمي) البخاري، مقبول، من (11) روى عنه في (2) بابين (حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي) بضم الواو أبو زكرياء الحمصي، صدوق، من (9)(حدثنا سليمان بن بلال) التيمي المدني (بهذا الإسناد) يعني عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن صالح ليحيى بن حيان (و) لكن (قال) يحيى بن صالح (نعم الأدم ولم يشك) كما شك يحيى بن حيان.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
5213 -
(2011)(76)(حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن أبي بشر) بيان بن بشر الأحمسي الكوفي، ثقة، من (5)(عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم الإسكاف الواسطي، صدوق، من (4)(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله) أي بعض أهله ولم أقف على من
الأدُمَ. فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إلا خَلٌّ. فَدَعَا بِهِ. فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ وَيقُولُ: "نِعْمَ الأدُمُ الْخَل. نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ".
5214 -
(00)(00) حدّثني يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيةَ) عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ. حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِع؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ
ــ
عينها ولعلها عائشة (الأدم) بضمتين أي قال لهم هل عندكم إدام يؤكل به (فقالوا) له عبّر عنهم بضمير جمع المذكور تعظيمًا لهم واحترامًا (ما عندنا) إدام (إلا خل فدعا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (به) أي بالخل أي طلب منهم إحضاره له فأحضروه (فجعل) النبي صلى الله عليه وسلم أي شرع (يأكل به) أي بالخل (وبقول) في حالة أكله (نعم الأدم النحل نعم الأدم النحل) مكررًا مرتين، والإدام ما يؤكل به الطعام وأل في النحل للجنس فهو حجة في أن ما خلل من الخمر حلال طاهر اهـ مناوي، قال النووي: في الحديث دلالة على فضيلة النحل وأنه يسمى أدمًا وأنه أدم فاضل جيد، وفيه أيضًا استحباب الحديث على الأكل تأنيسًا للآكلين اهـ منه.
وفي الجوهرة: ولو حلف لا يأتدم فالإدام كل شيء يصطبغ به الخبز ويؤكل معه مختلطًا به كاللبن والخل والزيت والعسل، وأما ما لا يصبغ به فليس بإدام عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا أن ينويه مثل الشواء والجبن والبيض واللحم غير المطبوخ، وقال محمَّد: هو إدام وإن لم ينوه والملح إدام بالإجماع لأنه لا يؤكل بانفراده بخلاف اللحم وما يضاهيه فإنه يؤكل وحده اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3820] ، والترمذي [1840 - 1843] ، والنسائي في الأيمان [3796] ، وابن ماجه في الأطعمة [3317].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5214 -
(00)(00)(حدثني يعقوب بن إبراهيم (العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري (يعني ابن علية عن المثنى بن سعيد) الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة، نزل فيهم أبي سعيد البصري القصير، ثقة، من (6)(حدثني طلحة بن نافع) القرشي أبو سفيان الواسطي، من (4)(أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان
يَقُولُ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، ذَاتَ يَوْمٍ، إلى مَنْزِلِهِ. فَأَخْرَجَ إِلَيهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ. فَقَال:"مَا مِنْ أُدُمٍ؟ " فَقَالُوا: لَا. إلا شَيءٌ مِنْ خَلٍّ. قَال: "فَإِنَّ الْخَل نِعْمَ الأُدُمُ".
قَال جَابرٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَل مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم، وَقَال طَلْحَةُ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَل مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ.
5215 -
(00)(00) حدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنِي أبي. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ نَافِع. حَدَّثَنَا
ــ
متابعة مثنى بن سعيد لأبي بشر (يقول أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ذات يوم) أي يومًا من الأيام أي أمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيدي) يومًا فذهب بي متماشيين (إلى منزله) صلى الله عليه وسلم فيه أخذ الرجل بيد صاحبه في تماشيهما (فأخرج) الخادم أو غيره (إليه) صلى الله عليه وسلم (فلقًا) أي كسرًا (من خبز) ويحتمل عود الضمير في أخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والضمير في إليه إلى جابر على سبيل الالتفات من التكلم إلى الغيبة، والمعنى فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليّ فلقًا من خبز، والفلق بكسر الفاء وفتح اللام جمع فلقة بسكون اللام ككسرة وكسر وزنًا ومعنى، قال في القاموس: الفلقة بكسر الفاء كسرة الشيء يقال هذا فلقته أي كسرته اهـ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله (ما من أدم) أي ما عندكم شيء من الإدام (فقالوا) له (لا) أي ما عندنا شيء من إدام (إلا شيء) قليل (من خل) فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتوه (فإن النحل) إدام يقال فيه (نعم الأدم، قال جابر) بالسند المذكور (فما زلت أحب النحل منذ سمعتها) أي بعد ما سمعت هذه المقالة (من نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال طلحة) بن نافع الراوي عن جابر عندما حدث هذا الحديث (ما زلت أحب النحل منذ سمعتها) أي بعد ما سمعت هذه المقالة (من جابر) رضي الله عنه. وهذا شبيه بالمسلسلات.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5215 -
(00)(00)(حدثنا نصر بن علي الجهضمي) البصري (حدثني أبي) علي بن نصر البصري (حدثنا المثنى بن سعيد) الضبعي البصري (عن طلحة بن نافع حدثنا
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ إلى مَنْزِلِهِ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ. إلى قَوْلِهِ:"فَنِعْمَ الأدُمُ الْخَلُّ" وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
5216 -
(00)(00) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي زينَبَ. حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، طَلْحَةُ بْنُ نَافِع. قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَال: كُنْتُ جَالِسًا في دَارِي. فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَشَار إِلَيَ. فَقُمْتُ إِلَيهِ. فَأخَذَ بِيَدِي. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَى
ــ
جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة علي بن نصر لإسماعيل ابن عليه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده) أي بيد جابر ومشى به (إلى منزله) صلى الله عليه وسلم وساق علي بن نصر (بمثل حديث ابن علية إلى قوله) صلى الله عليه وسلم (فنعم الأدم النحل و) لكن (لم يذكر) علي (ما بعده) أي ما بعد قوله فنعم الأدم من قوله "قال جابر فما زلت أحب النحل .. الخ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5216 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة، من (9)(أخبرنا حجاج بن أبي زينب) السلمي أبو يوسف الواسطي الصيقل، روى عن أبي سفيان طلحة بن نافع في الأطعمة وأبي عثمان النهدي، ويروي عنه (م د س ق) ويزيد بن هارون وهشيم وابن مهدي وغيرهم، قال أحمد: أخشى أن يكون ضعيف الحديث، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به فيما يرويه، وقد أخرج له مسلم حديثًا واحدًا وهو حديث "نعم الإدام النحل" وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال في التقريب: صدوق يخطئ، من السابعة (حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع قال سمعت جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حجاج بن أبي زينب لبيان بن بشر وإسماعيل ابن عليه (قال) جابر (كنت جالسًا في داري) ومنزلي (فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليّ) رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تعال، قال جابر (فقمت) ومشيت (إليه) صلى الله عليه وسلم (فأخذ) أي أمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيدي فانطلقنا) أي ذهبنا متماشيين (حتى أتى) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه
بَعْضَ حُجَرِ نِسَائِهِ. فَدَخَلَ. ثُمَّ أَذِنَ لِي. فَدَخَلْتُ الْحِجَابَ عَلَيهَا. فَقَال: "هَلْ مِنْ غَدَاءٍ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ. فَأُتِيَ بِثَلاثَةِ أَقْرِصَةٍ. فَوُضِعْنَ عَلَى نَبِي. فَأَخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قُرْصًا فَوَضَعَهُ بَينَ يَدَيهِ. وَأَخَذَ قُرْصًا آخَرَ فَوَضَعَهُ بَينَ يَدَيَّ. ثُمّ أَخَذَ الثالِثَ فَكَسَرَهُ بِاثْنَينِ. فَجَعَلَ نِصْفَهُ بَينَ يَدَيهِ وَنِصْفَهُ بَينَ يَدَيَّ. ثُمَّ قَال: "هَلْ مِنْ أُدُمٍ؟ " قَالُوا: لَا
ــ
(بعض حجر) أي بيوت (نسائه) صلى الله عليه وسلم ولم أر من عين ذلك البعض، قال في تنبيه المعلم: رواية عائشة للشطر الأخير من هذا الحديث يرجح أنها هي المرادة هنا والله أعلم اهـ (فدخل) النبي صلى الله عليه وسلم تلك الحجرة (ثم أذن لي) في الدخول (فدخلت) حتى رأيت (الحجاب) الذي جعل (عليها) ولكن لم أرها، قال النووي: معناه دخلت الحجاب إلى الموضع الذي فيه المرأة وليس فيه أنه رأى بشرتها فيحتمل أن يكون ذلك قبل نزول الحجاب ويحتمل أن يكون بعده وتكون قد استترت في جهة منه كذا قال القاضي عياض (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجرة (هل) عندكم (من غداء) وهو ما يؤكل وسط النهار (فقالوا) أي فقال أهله صلى الله عليه وسلم (نعم) عندنا غداء فقال: "قربوه"(فأتي) صلى الله عليه وسلم (بثلاثة أقرصة) أي أرغفة جمع قرص وهو الرغيف (فوضعن) بالبناء للمجهول مسندًا إلى ضمير الإناث أي فوضعت تلك الأقراص (على نبي) كذا وقع هنا بفتح النون وكسر الباء وتشديد الياء معناه هنا على مائدة من خوص، قال ثعلب: النبي شيء مدور من خوص، وضبطه الصدفي والأسدي (بني) بموحدة مفتوحة وفوقية مشددة مكسورة وتحتانية مشددة منونة. (قلت) والبت كساء من وبر أو صوف قال الشاعر:
من كان ذا بت فهذا بتي
…
مصيف مقيظ مشتي
وكأن الذي وضعت عليه القرصة منديل من صوف وكذلك عند ابن ماهان غير أنه فتح التاء، وعند الطبري بني بضم الباء بعدها نون مكسورة مشددة وياء مشددة، قال الكناني: وهو الصواب وهو طبق من خوص، قال ابن وضاح (البني) طبق أو مائدة من خوص أو حلفاء (فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرصًا) من تلك الأقراص الثلاثة (فوضعه بين يديه وأخذ قرصًا آخر فوضعه بين يدي ثم أخذ الثالث فكسره باثنين فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدي ثم قال) لأهله (هل) عندكم شيء (من آدم؟ قالوا لا) أي
إِلا شَيءٌ مِنْ خَلٍّ. قَال: "هَاتُوهُ. فَنِعْمَ الأدُمُ هُوَ"
ــ
ما عندنا شيء منه (إلا شيء من خل، قال: هاتوه) أي قربوه لنا (فنعم الأدم هو) أي النحل والمخصوص بالمدح النحل، قال القرطبي: وقسمة النبي صلى الله عليه وسلم الأقراص الثلاثة نصفين يدل على جواز فعل مثل ذلك مع الضيف بل يدل على كرم أخلاق فاعله وإيثاره للضيف عند قلة الطعام كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإن الذي قدم إليه كان غداء فإن أقرصتهم صغار لا سيما في مثل ذلك الوقت ومع ذلك فشرك فيه الغير وفاء بقوله صلى الله عليه وسلم: "طعام الواحد كافي الاثنين وطعام الاثنين كافي الثلاثة" رواه أحمد ومسلم والترمذي.
وشارك المؤلف في هذه الرواية ابن ماجه [3318].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب تسعة أحاديث الأول حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث سعد بن أبي وقاص ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والخامس حديث عائشة الثاني ذكره للاستشهاد، والسادس حديث سعيد بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه ست متابعات، والسابع حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة، والثامن حديث عائشة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء السابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***