الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
671 - (15) باب طرح الخواتم والفص الحبشي ولبس الخاتم في الخنصر والنهي عن التختم في الوسطى والتي تليها والانتعال وآدابه والنهي عن اشتمال الصماء ومنع الاستلقاء على الظهر
5343 -
(2057)(123) حدّثني أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ؛ أنَّهُ أَبْصَرَ فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، يَوْمًا وَاحِدًا. قَال: فَصَنَعَ النَّاسُ الْخَوَاتِمَ مِنْ وَرِقٍ فَلَبِسُوهُ. فَطَرَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتِمَهُ. فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ
ــ
671 -
(15) باب طرح الخواتم والفص الحبشي ولبس الخاتم في الخنصر والنهي عن التختم في الوسطى والتي تليها والانتعال وآدابه والنهي عن اشتمال الصماء ومنع الاستلقاء على الظهر
5343 -
(2057)(123)(حدثني أبو عمران محمد بن جعفر بن زياد) الخراساني نزيل بغداد، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن ابن شهاب عن أنس بن مالك) وهذا السند من رباعياته (أنه) أي أن أنس بن مالك (أبصر في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ورق) أي فضة (يومًا واحدًا قال) أنس (فصنع الناس الخواتم من ورق فلبسوه فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتمهم) من ورق، قال القاضي: قال جميع أهل الحديث هذا الحديث وهم من ابن شهاب فوهم من خاتم الذهب إلى خاتم الورق، والمعروف من روايات أنس من غير طريق ابن شهاب اتخاذه صلى الله عليه وسلم خاتم فضة ولم يطرحه وإنما طرح خاتم الذصب كما ذكره مسلم في باقي الأحاديث، ومنهم من أول حديث ابن شهاب وجمع بينه وبين الروايات فقال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتم فضة فلما لبس خاتم الفضة أراه الناس في ذلك اليوم ليعلمهم إباحته ثم طرح خاتم الذهب وأعلمهم بتحريمه فطرح الناس خواتمهم من الذهب، فيكون قوله فطرح الناس خواتمهم أي خواتم الذهب وهذا التأويل هو الصواب الصحيح وليس في
5344 -
(00)(00) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي زِيَادٌ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ؛ أَن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاتِمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا. ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اضْطَرَبُوا الْخَوَاتِمَ مِنْ وَرِقٍ
ــ
الحديث ما يمنعه اهـ نووي.
وفي الجوهرة: لا يجوز للرجال التحلي بالذهب والفضة وكذا اللؤلؤ لأنه حل للنساء إلا الخاتم من الفضة لا غير، ثم الخاتم منها إنما يباح للرجل إذا ضرب على صفة ما يلبسه الرجال أما إذا ضرب على صفة خواتم النساء فمكروه، وفي الجامع الصغير لا يتختم إلا بالفضة وهذا نص على أن التختم بالصفر والصفر بضم الصاد وكسرها مع سكون الفاء فيهما النحاس الجيد والحجر حرام، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على رجل خاتمًا من صفر فقال:"مالي أجد منك رائحة الأصنام" ورأى على آخر خاتمًا من حديد فقال: "ما لي أرى عليك حلية أهل النار" وفي الخجندي: التختم بالحديد والصفر والنحاس والرصاص مكروه للرجال والنساء لأنه زي أهل النار اهـ باختصار اهـ ذهني. قال القرطبي: هذا الحديث من رواية ابن شهاب عن أنس وهم من ابن شهاب عند جميع أهل الحديث، وإنما اتفق ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم في خاتم الذهب كما تقدم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 160]، والبخاري [5868]، وأبو داود [4225]، والنسائي [8/ 195].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5344 -
(00)(00)(حدثني محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا روح) بن عبادة بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9)(أخبرني ابن جريج أخبرني زياد) بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني أبو عبد الرحمن المكي، ثقة، من (6) روى عنه في (8) أبواب (أن ابن شهاب أخبره أن أنس بن مالك أخبره) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة زياد بن سعد لإبراهيم بن سعد (أنه) أي أن أنسًا (رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ورق يومًا واحدًا ثم إن الناس اضطربوا) أي اصطنعوا وصاغوا (الخواتم من ورق) وهو افتعال من ضرب فأصله اضترب فقلبت تاء الافتعال طاء إثر
فَلَبِسُوهَا. فَطَرَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمَهُ. فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ.
5345 -
(00)(00) حدَّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
5346 -
(2058)(124) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ أخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثنِي أَنَسُ بْنُ مَالِك قَال: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرِقٍ. وَكَانَ فَصحهُ حَبَشِيًّا
ــ
مطبق فصار اضطربوا بمعنى ضربوا وصاغوا (فلبسوها فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتمهم) اقتداء به.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5345 -
(00)(00)(حدثنا عقبة بن مكرم) بصيغة اسم المفعول (العمي) بفتح العين وتشديد الميم أبو عبد الملك البصري، ثقة، من (11) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا أبو عاصم) النبيل الشيباني الضحاك بن مخلد بن الضحاك البصري، ثقة ثبت، من (9) روى عنه في (12) بابا (عن ابن جريج) الأموي المكي (بهذا الإسناد) يعني عن زياد بن سعد عن ابن شهاب عن أنس، غرضه بيان متابعة أبي عاصم لروح بن عبادة، وساق أبو عاصم (مثله) أي مثل ما حدّث روح عن ابن جريج.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لأنس رضي الله عنه فقال:
5346 -
(2058)(124)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري بفتح الميم والقاف أبو زكرياء البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي (المصري) ثقة، من (9)(أخبرني يونس بن يزيد) الأموي الأيلي (عن ابن شهاب حدثني أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورق) أي من فضة (وكان فصه) بتثليث الفاء والفتح أفصح، ويسميه المولدون عين الخاتم ويكون من أنواع الأحجار النفيسة كالعقيق والياقوت (حبشيًّا) أي فصًا من حجر يجلب من الحبشة أي فصًا من جزع أو عقيق فإن معدنهما بالحبشة واليمن، وقيل معناه فصًا لونه كلون الحبشة أي أسود، وفي المرقاة قيل صانعه
5347 -
(00)(00) وحدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى. قَالا: حَدَّثنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى (وَهُوَ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الزُّرَقِيُّ) عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛
ــ
أو صانع فصه أو صانع نقشه حبشي أو أتى به من الحبش، وفي القاموس الجزع بكسر الجيم خرز يماني، وأخرج البخاري عن أنس:"كان خاتمه من فضة وكان فصه منه" أي من الورق وهذا بظاهره معارض لحديث الباب، وجمع بينهما النووي بتعدد الخواتم فكان له صلى الله عليه وسلم في وقت خاتم فصه منه وفي وقت خاتم فصه حبشي، وذكر الحافظ في الفتح [10/ 322] احتمالًا آخر وهو أن الفص كان من الورق ولكنه نسب إلى الحبشة لصفة فيه إما الصياغة هاما النقش اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 209]، وأبو داود [4216]، والترمذي [1739]، والنسائي [8/ 182]، وابن ماجه [3641].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس هذا رضي الله عنه فقال:
5347 -
(00)(00)(وحدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وعباد بن موسى) الختلي -بضم المعجمة وفتح المثناة المشددة- نسبة إلى ختل كورة خلف جيحون، أبو محمد البغدادي، روى عن طلحة بن يحيى الأنصاري في اللباس ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وإبراهيم بن سعد في الفضائل، وهشيم وخلف بن خليفة وغيرهم، ويروي عنه (م د) و (خ) و (س) بواسطة وأبو يعلى، وثقه ابن معين وأبو زرعة وصالح بن محمد، وقال ابن معين مرة: ليس به باس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاثين ومائتين (230) على الصحيح كلاهما (قالا حدثنا طلحة بن يحيى) بن النعمان بن أبي عياش (وهو الأنصاري ثم الزرقي) المدني نزيل بغداد، روى عن يونس بن يزيد في اللباس وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد بن أبي بكر الثقفي وجماعة، ويروي عنه (خ م دس ق) وعباد بن موسى وعثمان بن أبي شيبة، له في (خ) فرد حديث، قال أحمد: مقارب الحديث، ووثقه ابن معين، وقال أبو داود: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال في التقريب: صدوق يهم، من السابعة (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة طلحة بن يحيى
أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةِ فِي يَمِينِهِ. فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ. كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ.
5348 -
(00)(00) وحدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُويسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى
ــ
لعبد الله بن وهب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي) بطن (كفه) الشريف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
5348 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثني إسماعيل بن أبي أويس) اسمه عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله بن أبي أويس المدني، صدوق، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا سليمان بن بلال) التيمي أبو محمد المدني، ثقة، من (8)(عن يونس بن يزيد بهذا الإسناد) يعني ابن شهاب عن أنس بن مالك، غرضه بيان متابعة سليمان بن بلال لطلحة بن يحيى، وساق سليمان (مثل حديث طلحة بن يحيى).
"تنبيه "
قوله في هذا الحديث (لبس خاتم فضة في يمينه) هكذا وقع في أكثر الروايات أنه صلى الله عليه وسلم لبس الخاتم في يده اليمنى، ووقع في بعضها أنه تختم في يساره فرجح الداودي روايات اليسار وذكر أن عليه عمل الناس ولكن تعقبه الحافظ في الفتح [10/ 326] وساق أحاديث كثيرة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه وذكر أن روايات اليسار أقل، وجمع البيهقي بين الروايات بأن الذي لبسه صلى الله عليه وسلم في يمينه هو خاتم الذهب كما صرح به في حديث ابن عمر وقد مر في باب تحريم خاتم الذهب وفيه (وجعله في يده اليمنى) والذي لبسه في يساره هو خاتم الفضة، وأما رواية الباب فيمكن أن يكون الزهري وهم في ذكر اليمين أيضًا كما وهم في ذكر طرح خاتم الفضة. وجمع آخرون بين الروايات بأنه صلى الله عليه وسلم تختم أولًا في يمينه ثم حوله إلى يساره ويدل عليه ما أخرجه أبو الشيخ وابن عدي عن ابن عمر أن النبي صلى
5349 -
(2059)(125) وحدَّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هذِهِ. وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى
ــ
الله عليه وسلم تختم في يمينه ثم حول إلى يساره فلو صح كان قاطعًا للنزاع ولكن سنده ضعيف، ويمكن الجمع أيضًا بين الروايات بحملها على أحوال مختلفة، والظاهر أنه صلئ الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه كما تدل عليه أكثر الروايات ولكنه ربما تختم في يساره لحاجة أو لبيان الجواز والله أعلم. وذكر الحافظ في الفتح أن التختم إن كان للزينة فالأفضل لبسه في اليمين، وأما إذا كان لحاجة الختم فوضعه في اليسار أولى ليكون نزعه باليمين هذا ملخص ما في فتح الباري.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث آخر لأنس رضي الله عنه فقال:
5349 -
(2059)(125)(وحدثني أبو بكر) البصري محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه) الإصبع (وأشار) أنس عند قوله في هذه (إلى الخنصر من يده اليسرى) وقوله (كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم أي في آخر الأمرين، قوله (وأشار إلى الخنصر) وهو أصغر أصابع اليد، قال القرطبي: ولا خلاف بين العلماء ولا في الاثار أن اتخاذ خاتم الرجال في الخنصر أولى لأنه أحفظ له من المهنة ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها بخلاف غيرها من الأصابع، والبنصر من الإصبع هي التي بين الوسطى والخنصر ويقال خنصر بفتح الصاد وكسرها وكذلك البنصر وهي أصغر الأصابع اهـ من المفهم. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة بحديث علي رضي الله عنه فقال:
5350 -
(2060)(126) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ (وَاللفْظُ لأبِي كُرَيبٍ). حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ. قَال: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ. قَال: نَهَانِي، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هذِهِ. أَو الَّتِي تَلِيهَا - لَمْ يَدْرِ عَاصِمٌ فِي أَيِّ الثِّنْتَينِ -
ــ
5350 -
(2060)(126)(حدثني محمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب جميعًا عن) عبد الله (ابن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي بسكون الواو أبي محمد الكوفي، ثقة فقيه من (8) روى عنه في (18) بابا (واللفظ لأبي كريب) قال أبو كريب (حدثنا) عبد الله (بن إدريس) بصيغة السماع (قال) عبد الله بن إدريس (سمعت عاصم بن كليب) بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، روى عن أبي بردة بن أبي موسى في اللباس والدعاء وتشميت العاطس، ومحمد بن كعب وعدة، ويروي عنه (م عم) وعبد الله بن إدريس وسفيان بن عيينة وشعبة وأبو الأحوص سلام بن سليم والقاسم بن مالك والثوري وزائدة وعدة، وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن سعد، وقال أبو حاتم: صالح، وقال في التقريب: صدوق، رمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة (137) سبع وثلاثين ومائة (عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن علي) بن أبي طالب الهاشمي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) علي (نهاني يعني) علي بالناهي (النبي صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه) يشير إلى الوسطى (أو) في الإصبع (التي تليها) أي تلي الوسطى يعني المسبحة، وأو هنا للتنويع كما في قوله تعالى:{وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} لا لترديد الراوي وشكه، وفسره في الرواية الآتية بقوله (فأومأ إلى الوسطى والتي تليها) فظهر أن المراد السبابة والوسطى. وذكر النووي أن النهي هنا للتنزيه. وقد مر في حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في خنصره، والحكمة في ذلك كما مر أنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد لكونه طرفًا ولأنه لا يشغل عما تتناوله من أشغالها بخلاف غير الخنصر.
قال عبد الله بن إدريس (لم يدر) ولم يعلم شيخي (عاصم) بن كليب (في أي الثنتين) من الأصابع نهاه النبي صلى الله عليه وسلم أي لم يعلم عاصم تعيين أحدهما ولم يعين لنا لعدم علمه فرواه لنا بالتردد في قوله في هذه أو التي تليها، قال علي أيضًا
وَنَهَانِي عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ. وَعَنْ جُلُوسٍ عَلَى الْمَيَاثِرِ.
قَال: فَأَمَّا الْقَسِّيُّ فَثِيَابٌ مُضلَّعَةٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ فِيهَا شِبْهُ كَذَا. وَأَمَّا الْمَيَاثِرُ فَشَيءٌ كَانَتْ تَجْعَلُهُ النِّسَاءُ لِبُعُولَتِهِنَّ عَلَى الرَّحْلِ، كَالْقَطَائِفِ الأُرْجُوَانِ.
5351 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ أَبي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيبٍ، عَنِ ابْنٍ لأَبِي مُوسَى قَال: سَمِعْتُ عَلِيًّا. فَذَكَرَ فذَا
ــ
(ونهاني) النبي صلى الله عليه وسلم (عن لبس القسي) وهو ثوب مضلع بالحرير، وقيل هو الخز نسبة إلى القس قرية من قرى مصر كما فسره الراوي قريبًا (و) نهاني (عن جلوس على المياثر) جمع ميثرة وهي فراش صغير محشو بقطن أو صوف يجعله الراكب تحته على الرحل فوق الجمل ويدخل فيه مياثر السرج. قال أبو بردة: فسألت علي بن أبي طالب عن القسي والمياثر فـ (قال) لي علي في جواب سؤالي (فأما القسّي فثياب مضلعة) أي مشبعة بالحرير (يؤتى بها من مصر والشام فيها) أي في تلك الثياب من التصاوير والنقوش (شبه كذا) أي مثل الأترنج (وأما المياثر فشيء) فبساط صغير (كانت تجعله النساء لبعولتهن) أي لأزواجهن (على الرحل) للبعير والسرج للفرس كالقطائف الأرجوان) أي مثل القطائف الحمر، والقطائف جمع قطيفة وهي كساء محشو له خمل والأرجوان صبغ أحمر، وقد مر بسط الكلام على القسي والميثرة والأرجوان في باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة فراجعها هناك.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الخاتم باب ما جاء في خاتم الحديد برقم [4225]، والترمذي في اللباس باب كراهية التختم في إصبعين برقم [1786]، والنسائي في الزينة باب النهي عن الخاتم في السبابة [5210 إلى 5212]، وابن ماجه في اللباس باب التختم في الإبهام [3692].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث علي رضي الله عنه فقال:
5351 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) ابن عيينة (عن عاصم بن كليب) الجرمي الكوفي (عن) أبي بردة (ابن لأبي موسى) الأشعري الكوفي (قال) أبو بردة (سمعت عليًّا) ابن أبي طالب. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لعبد الله بن إدريس (فذكر) سفيان (هذا
الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوهِ.
5352 -
(00)(00) وحدّثنا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيبٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ قَال: لسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَال: نَهَى، أَوْ نَهَانِي، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
5353 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ. قَال: قَال عَلِيٌّ: نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هذِهِ أَوْ هذِهِ. قَال: فَأَوْمأَ
ــ
الحديث) الذي رواه عبد الله بن إدريس (عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق سفيان (بنحوه) أي بمقارب ما رواه عبد الله بن إدريس لفظًا ومعنى لا بمماثله فيهما.
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا فقال:
5352 -
(00)(00)(وحدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم بن كليب) الكوفي (قال سمعت أبا بردة قال سمعت علي بن أبي طالب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لعبد الله بن إدريس (قال) علي (نهى أو) قال علي (نهاني) والشك من شعبة في أي اللفظين، قال عاصم (يعني) على بالناهي (النبي صلى الله عليه وسلم فذكر) شعبة (نحوه) أي نحو حديث ابن إدريس.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:
5353 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (عن عاصم بن كليب) الجرمي الكوفي (عن أبي بردة قال) أبو بردة (قال علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي الأحوص لعبد الله بن إدريس (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم) أي أن ألبس الخاتم (في إصبعي هذه) يعني الوسطى (أو هذه) يعني السبابة (قال) أبو بردة (فأومأ) علي رضي الله عنه أي أشار عند
إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا.
5354 -
(2061)(127) حدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، فِي غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا:"اسْتكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ. فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ"
ــ
قوله هذه أو هذه (إلى الوسطى والتي تليها) أي تلي الوسطى من جهة الإبهام يعني المسبحة، وأو هنا للتنويع لا للشك من الراوي كما مر. قال النووي: روي في غير مسلم هذا الحديث: السبابة والوسطى، وأجمع المسملون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، وأما المرأة فإنها تتخذ في أصابعها، ويكره للرجل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث وهي كراهة تنزيه اهـ.
ثم استدل المؤلف خامسًا على الجزء الخاص من الترجمة بحديث جابر رضي الله عنه فقال:
5354 -
(2061)(127)(حدثني سلمة بن شبيب) المسمعي أبو عبد الرحمن النيسابوري نزيل مكة، ثقة، من (11)(حدثنا الحسن) بن محمد (بن أعين) مولى بني مروان الحراني، صدوق، من (9)(حدثنا معقل) بن عبيد الله العبسي الجزري أبو عبد الله الحراني، صدوق، من (8)(عن أبي الزبير) الأسدي المكي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في غزوة غزوناها) معه ولم أر من عين تلك الغزوة (استكثروا) بصيغة الأمر للجماعة من الاستفعال، والسين والتاء زائدتان أي أكثروا (من) لبس (النعال فإن الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل) أي مدة انتعاله، فما مصدرية ظرفية والظرف متعلق بلا يزال أي لا يزال كالراكب مدة لبسه النعل والمعنى أنه شبيه بالراكب في خفة المشقة عليه وقلة تعبه وسلامة رجله مما يعرض لها في الطريق من خشونة وشوك وأذى ونحو ذلك كالرمضاء، وفيه استحباب الاستظهار في السفر بالنعال وغيرها مما يحتاج إليه المسافر، وفيه أيضًا استحباب وصية الأمير بذلك اهـ من شرح النووي بزيادة.
قال القرطبي: وهذا كلام بليغ ولفظ فصيح بحيث لا ينسج على منواله ولا يؤتى بمثاله وهو إرشاد إلى المصلحة وتنبيه على ما يخفف المشقة فإن الحافي المديم للمشي يلقى من الآلام والمشقات بالعثار والوجى- يقال وَجِيَ يَوْجَى وجىً؛ رقت قدمه من كثرة
5355 -
(2062)(128) حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ (يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ)، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى. وَإذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ
ــ
المشي- ما يقطعه عن المشي ويمنعه من الوصول إلى المقصد بخلاف المنتعل فإنه لا يحصل له ذلك فيدوم مشيه فيصل إلى مقصده كالراكب فلذلك شبهه بالراكب حيث قال: (لا يزال الرجل راكبًا ما انتعل).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في اللباس باب الانتعال [4133].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على آداب الانتعال بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5355 -
(2062)(128)(حدثنا عبد الرحمن بن سلام) بتشديد اللام ابن عبيد الله بن سالم (الجمحي) مولاهم أبو حرب البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا الربيع بن مسلم) الجمحي أبو بكر البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (4) أبواب (عن محمد يعني ابن زياد) الجمحي مولاهم أبي الحارث المدني ثم البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتعل أحدكم) أي أراد الانتعال (فليبدأ) في انتعاله (باليمنى) أي بالرجل اليمنى احترامًا لها بتقديمها (وإذا خلع) أي أراد خلع النعل ونزعه من الرجل (فليبدأ) في خلع النعل (بالشمال) إبقاءً للكرامة لليمنى بتأخير الخلع عنها فإنه إذا بدأ باليمنى في الانتعال فقد قدمها في الصيانة على اليسرى، وكذلك إذا خلعها أخيرًا فقد أبقى عليها كرامتها وصيانتها اهـ من المفهم. قال الحليمي: وجه الابتداء بالشمال عند الخلع أن اللبس كرامة لأنه وقاية للبدن فلما كانت اليمنى أكرم من اليسرى بدئ بها في اللبس وأخرت في الخلع لتكون الكرامة لها أدوم وحظها منها أكثر، وقال ابن عبد البر: من بدأ بالانتعال في اليسرى أساء لمخالفته السنة، ولكن لا يحرم عليه لبس نعله. وقال غيره: ينبغي له أن ينزع النعل من اليسرى ثم يبدأ باليمنى ويمكن أن يكون مراد ابن عبد البر ما إذا لبسهما معًا فبدأ باليسرى فإنه لا يشرع له أن ينزعهما ثم يلبسهما على الترتيب المأمور به إذ قد فات محله، ونقل عياض
وَلْيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا. أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا"
ــ
وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب اهـ فتح الباري [10/ 312](ولينعلهما جميعًا) بضم الياء وكسر العين أمر من الإفعال واللام لام الأمر للغائب أي وليلبس النعلين جميعًا أي كلًّا منهما (أو ليخلعهما جميعًا) أي أو لينزعهما جميعًا أي كلًّا منهما أي فلا يلبس إحداهما وينزع الأخرى لأن ذلك لبسة الشيطان، قال الخطابي: الحكمة في النهي عن ذلك أن النعل شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك أو نحوه فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى فيخرج بذلك من سجية مشيه ولا يأمن مع ذلك العثار، وقيل لأنه لم يعدل بين جوارحه وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي أو ضعفه. وقال ابن العربي: قيل العلة فيه أنها مشية الشيطان، وقيل لأنها خارجة عن الاعتدال. وقال البيهقي: الكراهة فيه للشهرة فتمتد الأبصار إلى من ترى منه ذلك، وقد نهي عن الشهرة في اللباس اهـ فتح الباري [10/ 31].
وقال القرطبي: وقوله (ولينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا) هذا خطاب لمن انقطع شسع إحدى نعليه فنهاه أن يمشي في نعل واحدة لأن ذلك من باب التشويه والمثلة ولأنه مخالف لزي أهل الوقار وقد يخل بالمشي وهذا كما جاء في الحديث المفسر بعد هذا ويجيء حديث أبي هريرة الذي قال فيه: "إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في الأخرى حتى يصلحها" وقد اختلف علماؤنا في ذلك فقال مالك بظاهر هذا الحديث: إن من انقطع نعله لم يمش في الأخرى ولا يقف فيها وإن كان في أرض حارة ليحفها ولا بد حتى يصلح الأخرى من الوقوف الخفيف والمشي اليسير، وقد رخص بعض السلف في المشي في نعل واحدة وهو قول مردود بالنصوص المذكورة، ولا خلاف في أن أوامر هذا الباب ونواهيه إنما هي من الآداب المكملة وليس شيء منها على الوجوب ولا الحظر عند كل معتبر قوله من العلماء والله تعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 465]، والبخاري في اللباس باب ينزع نعله اليسرى [5856]، وأبو داود في اللباس باب الانتعال [4139]، والترمذي في اللباس باب ما جاء بأي رجل يبدأ إذا انتعل [1779]، وابن ماجه في اللباس باب لبس النعال وخلعها [366].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5356 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ. لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا".
5357 -
(2063)(129) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ (وَاللَّفْظُ لأَبِي كُرَيبٍ). قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ. قَال: خَرَجَ إِلَينَا أَبُو هُرَيرَةَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ فَقَال: أَلا إِنَّكُمْ تَحَدَّثونَ أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَهْتَدُوا وَأَضِلَّ. أَلا وَإِنِّي
ــ
5356 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأعرج لمحمد بن زياد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمش أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا) وهذا فيما إذا انقطع سمع إحدى النعلين كما مر آنفًا.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
5357 -
(2063)(129)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة مدلس، من (5)(عن أبي رزين) مسعود بن مالك الأسدي مولاهم مولى أبي وائل شقيق بن سلمة، ثقة فاضل، من (2) روى عنه في (3) أبواب، مات سنة (85) خمس وثمانين (قال) أبو رزين (خرج إلينا أبو هريرة) رضي الله عنه من منزله. وهذا السند من خماسياته (فضرب) أي وضع (بيده على جبهته فقال ألا) أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إنكم) أيها الحاضرون (تحدّثون) بصيغة المبني للمجهول أي تخبرون (أني) يريد نفسه (أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أنسب الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنقله منه (لتهتدوا) أي لكي تهتدوا بذلك الكذب (وأضل) أنا بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكذب عليه من الكبائر أي تسمعون من الناس أن أبا هريرة يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لإرشاد الناس مع إضلاله نفسه بذلك الكذب (ألا) أي انتبهوا واستمعوا (وإني
أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَمْشِ فِي الأُخْرَى حَتى يُصْلِحَهَا".
5358 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ
ــ
أشهد) وأقسم بالله إني (لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انقطع شسع) إحدى نعلي (أحدكم فلا يمش في)(الأخرى) التي لم ينقطع شسعها (حتى يصلحها) أي حتى يصلح شسع تلك الإحدى التي انقطع شسعها لما في المشي في إحداهما من التشبه بالشيطان لأن تلك المشية مشية الشيطان (والشسع) بشين معجمة مكسورة ثم سين مهملة ساكنة هو أحد سيور النعال وهو الذي يدخل بين الإصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام والزمام هو السير الذي يعقد فيه الشسع وجمعه شسوع اهـ نووي.
قوله (إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى) قال الحافظ: هذا لا مفهوم له حتى يدل على الإذن في غير هذه الصورة وإنما هو تصوير خرج مخرج الغالب ويمكن أن يكون من مفهوم الموافقة وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى لأنه إذا منع مع الاحتياج فمع عدم الاحتياج أولى. وقد روي عن بعض الصحابة مثل عائشة وعلي وابن عمر رضي الله عنهم أنهم لم يروا باسًا بالمشي في نعل واحدة، قال ابن عبد البر: لم يأخذ أهل العلم برأي عائشة في ذلك، وقد ورد عن علي وابن عمر أيضًا أنهما فعلا ذلك وهو إما أن يكون بلغهما النهي فحملاه على التنزيه أو كان زمن فعلهما يسيرًا بحيث يؤمن معه المحذور أو لم يبلغهما النهي اهـ فتح الباري [10/ 315].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 424]، والنسائي [8/ 217]، وابن ماجه [3617].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنه فقال:
5358 -
(00)(00)(وحدثنيه علي بن حجر السعدي) المروزي (أخبرنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة، من (8)(أخبرنا الأعمش عن أبي رزين) مسعود بن مالك
وَأبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهذَا الْمعْنَى.
5359 -
(2064)(130) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ -فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ- عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ، أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ. وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ
ــ
(وأبي صالح) ذكوان السمان المدني (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى) أي بمعنى هذا الحديث المذكور، غرضه بيان متابعة علي بن مسهر لعبد الله بن إدريس والله أعلم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السادس من الترجمة بحديث جابر رضي الله عنه فقال:
5359 -
(2064)(130)(وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل) وكذا المرأة (بشماله) لما فيه من التشبه بالشيطان لأن الشيطان يأكل بشماله ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في شؤونه كلها (أو) تنويعية بمعنى الواو أي وأن (يمشي) الرجل وكذا المرأة (في نعل واحدة) لئلا يكون إحدى الرجلين أرفع من الأخرى ويكون سببًا للعثار ويقبح في المنظر ويعاب فاعله اهـ نهاية. وقال النووي: ويكره المشي في نعل واحدة أو خف واحد أو مداس واحد إلا لعذر ودليله هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم، قال العلماء: وسببه أن ذلك تشويه ومثلة ومخالف للوقار ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى فيعسر مشيه وربما كان سببًا للعثار اهـ (و) نهى (أن يشتمل) أي أن يلبس الرجل الشملة (الصماء) أي اللبسة المسدودة التي لا منفذ لها لليد والصماء بالمد فسرها اللغويون بأن يجلل جسده بثوب واحدة أي يلفه عليه بحيث لا يبقى فيه فرجة يخرج منها يده وسميت بذلك لأنه سد المنافذ كالصخرة الصماء التي لا خرق فيها، وفسرها الفقهاء بأن يشتمل بثوب ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه على كتفه فعلة النهي على الأول خوف عدم دفع بعض الهوام المهلكة عنه، وعلته على الثاني ما فيه من كشف العورة كذا قال الأبي (و) نهى (أن يحتبي) الرجل (في ثوب واحد كاشفًا عن فرجه) والاحتباء بالمد أن يقعد
5360 -
(00)(00) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثنَا زُهَيرٌ. حَدَّثنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وَحَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدَّثنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ- "إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحدِكُمْ -أَوْ مَنِ انْقَطَعَ شِسعُ نَعْلِهِ- فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةِ حَتى يُصْلِحَ شِسْعَهُ.
وَ
ــ
الإنسان على أليتيه وينصب ساقيه ويحتوي عليهما بثوب أو نحوه كالحزام اليماني أو بيد وهو عادة العرب في مجالسهم فإن انكشف معه شيء من عورته فهو حرام والله أعلم. قال في المرقاة: والنهي إنما هو بقيد الكشف وإلا فهو جائز بل مستحب في غير حالة الصلاة اهـ. وقال القرطبي: كانت عادة العرب أن يحتبي الرجل بردائه فيشده على ظهره وعلى ركبتيه كان عليه إزار أو لم يكن فإن لم يكن انكشف فرجه مما يلي السماء لمن كان متطلعًا عليه متشبعًا وقد تقدم البحث عنه في كتاب الصلاة اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 38]، وأبو داود [4865]، والترمذي [2767]، والنسائي [8/ 210].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5360 -
(00)(00)(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من (15) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(حدثنا أبو الزبير عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (حدثنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية (عن أبي الزبير عن جابر) رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة زهير بن معاوية لمالك بن أنس (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو) قال جابر أو أبو الزبير (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) والشك من أبي الزبير أو من زهير بن معاوية (إذا انقطع شسع) نعل (أحدكم) وسيره الذي يدخل بين الأصابع (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم فالشك من جابر أو قال جابر فيكون الشك من أبي الزبير (من انقطع شسع نعله) وسيره (فلا يمش في نعل واحدة) مخافة السقوط من مشيه كذلك لارتفاع الرجل المنتعلة من الرجل الحافية (حتى يصلح شسعه) المنقطع ويعيده إلى النعل (و) من تخرق أحد خفيه فـ
لَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ. وَلَا يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ. وَلا يَحْتَبِي بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ. وَلَا يَلْتَحِفِ الصَّمَّاءَ".
5361 -
(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَالاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيهِ عَلَى الأُخْرَى، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ
ــ
(لا يمش في خف واحد) حتى يصلح المخروق (ولا يأكل) أحدكم (بشماله ولا يحتبي) أي ولا يجمع أحدكم ظهره وساقيه (بالثوب الواحد) وكان مقتضى السياق أن يقول (ولا يحتب) بالجزم ولكن النسخ المتعددة الموجودة عندنا من المتون والشروح يحتبي بعدم الجزم وإثبات حرف العلة، ولعله أجرى المعتل مجرى الصحيح فأعربه بسكون مقدر على حرف العلة منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون الأصلي أو خبر بمعنى الإنشاء (ولا يلتحف) أحدكم أي لا يتلفف الالتفافة (الصماء) أي التي لا منفذ لها لإخراج اليد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5361 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة) بن سعيد (حدثنا ليث) بن سعد (ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة الليث لمالك بن أنس وزهير بن معاوية (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء) أي عن الشملة الصماء أي عن اللبسة التي ليس لها مخرج لليد عند الحاجة إلى إخراجها لدفع الهوام مثلًا، وقد تقدم تعريفه عند اللغويين وعند الفقهاء فراجعه (و) نهى أيضًا عن (الاحتباء) والتلفف (في ثوب واحد) وقد تقدم تعريفه أيضًا (و) نهى أيضًا عن (أن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو) أي والحال أنه (مستلق) أي مضطجع (على ظهره) ذكر أكثر الشراح أن وجه المنع في هذا مظنة انكشاف العورة فإذا أمن انكشافها فلا بأس به كما روي ذلك الرفع منه صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في رواية عم عتاد بن تميم بن غزيَّة وهو عبد الله بن زيد، وعليه فيختص النهي بما إذا كان الرجل لابس الإزار ولا يتعدى إلى لابس السراويل فإنه لا يخشى عليه انكشاف العورة، ويحتمل أن يكون النهي لقبح المنظر أو
5362 -
(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ. وَلَا تَحْتَبِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ. وَلَا تَأْكُلْ بِشِمَالِكَ. وَلَا تَشْتَمِلِ الصَّمَّاءَ. وَلَا تَضَعْ إحْدَى رِجْلَيكَ عَلَى الأُخرَى، إذَا اسْتَلْقَيتَ".
5363 -
(00)(00) وحدَّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللهِ (يَعْنِي ابْنَ أَبِي الأَخْنَسِ)
ــ
لظهور هيئة العورة وإن لم يقع انكشافها بالكلية وعليه فيعم النهي لابس السراويل أيضًا والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5362 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي (ومحمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (قال إسحاق أخبرنا وقال ابن حاتم حدثنا محمد بن بكر) الأزدي البرساني أبو عثمان البصري، صدوق. من (9)(أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما (يحدّث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال) هذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لمن روى عن أبي الزبير، أي قال لجابر (لا تمش) يا جابر (في نعل واحد) وفي هذه الرواية والتي سبقت دلالة على أن النعل يذكر تارة ويؤنث أخرى (ولا تحتب) أي ولا تجمع ساقيك إلى ظهرك (في إزار واحد) ليس عليه غيره وكذا الرداء الواحد (ولا تأكل بشمالك) إلا لضرورة ككون اليمين مقطوعة أو شلاء أو مريضة (ولا تشتمل) أي ولا تلبس الشملة (الصماء) أي التي لا مخرج فيها لليد عند الحاجة (ولا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت) أي إذا اضطجعت مستلقيًا على ظهرك.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5363 -
(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري، ثقة، من (11)(أخبرنا روح بن عبادة) بن العلاء بن حسان القيسي البصري، ثقة، من (9)(حدثني عبيد الله يعني ابن أبي الأخنس) النخعي الكوفي أو
عَنْ أبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَسْتَلْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ ثُمَّ يَضَعُ إِحدَى رِجْلَيهِ عَلَى الأُخْرَى".
5364 -
(2065)(131) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَاتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ؛ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيهِ عَلَى الأُخْرَى
ــ
البصري، صدوق، من (7)(عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لمن روى عن أبي الزبير (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يستلقين) أي لا يضطجعن (أحدكم) على ظهره (ثم يضع إحدى رجلبه على الأخرى) خوفًا من انكشاف العورة.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه فقال:
5364 -
(2065)(131)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عبّاد بن تميم) بن غزية بفتح فكسر ففتح مع التشديد الأنصاري المازني المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن عمه) عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني أبي محمد المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه، روى عنه في (6) أبواب، وهذا السند من خماسياته (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيًا) أي مضطجعًا على ظهره (في المسجد) النبوي (واضعًا إحدى رجليه على الأخرى) زاد الإسماعيلي في روايته "وإن أبا بكر كان يفعل ذلك وعمر وعثمان " ذكره الحافظ في الفتح [10/ 399] وهذا بظاهره يعارض النهي المتقدم فذكر الخطابي أن النهي منسوخ بهذا الحديث ولكن القول بالنسخ فيه بعد، وجمع الآخرون بينهما بأن النهي مختص بما إذا خيف على كشف العورة، وفعله صلى الله عليه وسلم مختص بما يؤمن منه ذلك ويمكن الجمع بينهما بأن المكروه وضع الرجل على الأخرى إذا كانتا قائمتين، وفيه يمكن مظنة كشف العورة وقبح الهيئة أما إذا كانت الرجلان ممدودتين على الأرض ثم وضع إحداهما على الأخرى فلا بأس فيه لعدم المانع ويحمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك والله أعلم.
5365 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنِي أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
وعبارة القرطبي: والأولى الجمع بين الحديثين فيحمل النهي على ما إذا لم يكن على عورته شيء يسترها ويحمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها على أنه كان مستور العورة ولا شك أنها استلقاء استراحة إذا كان مستور العورة وقد أجازها مالك وغيره لذلك اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 349]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في اللباس باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى [5969]، وأبو داود في الأدب باب الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى مستلقيًا [3765]، والترمذي [2767]، والنسائي في المساجد باب الاستلقاء في المسجد [721].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه فقال:
5365 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو بكر بن أبي شيبة و) محمد (بن نمير وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (كلهم) أي كل من هؤلاء الخمسة المذكورين رووا (عن ابن عيينة ح وحدثني أبو الطاهر وحرملة) بن يحيى التجيبي (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد) الكسي (قالا أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد (كلهم) أي كل من هؤلاء الثلاثة المذكورين يعني ابن عيينة ويونس بن يزيد ومعمر بن راشد رووا (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن عبَّاد بن تميم عن عبد الله بن زيد، فهذه الأسانيد الثلاثة الأول منها من خماسياته، والأخيران من سداسياته، غرضه بسوقها بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لمالك بن أنس وساقوا (مثله) أي مثل حديث مالك لفظًا ومعنى.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب تسعة أحاديث الأول حديث أنس بن مالك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث أنس الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة، والرابع حديث علي بن أبي طالب ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة، والسادس حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن حديث جابر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء السابع من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والتاسع حديث عبد الله بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***