المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الأشربة

- ‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا

- ‌659 - (3) باب كل مسكر خمر وحرام وبيان عقوبة من شربه إذا لم يتب منه وبيان المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

- ‌ كتاب آداب الأطعمة والأشربة

- ‌661 - (5) باب آداب الطعام والشراب والنهي عن الأكل بالشمال والأمر بالأكل باليمين وكراهية الشرب والأكل قائمًا والشرب من زمزم قائمًا

- ‌662 - (6) باب النهي عن التنفس في الإناء واستحبابه خارجه ومناولة الشراب الأيمن فالأيمن ولعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة الساقطة ومن دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌ تتمة

- ‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرًا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

- ‌664 - (8) باب صفة قعود الآكل، ونهيه عن قرن تمرتين عند أكله مع الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوع أهل بيت عندهم تمر"، وفضل تمر المدينة، وفضل الكمأة، وفضل الكباث، وفضل التأدم بالخل

- ‌665 - (9) باب كراهية أكل الثوم ونحوه لمن أراد خطاب الأكابر وحضور المساجد وإكرام الضيف وفضل إيثاره والحث على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاية

- ‌666 - (10) باب طعام الاثنين يكفي الثلاثة والمؤمن يأكل في معىً واحد والكافر في سبعة أمعاء، وأن الطعام لا يعيب، والنهي عن أكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ كتاب اللباس والزينة

- ‌667 - (11) باب تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال وإباحته للنساء

- ‌668 - (12) باب ما يرخَّص فيه من الحرير وحجة من يحرم الحرير على النساء ومن لبس حريرًا سهوًا أو غلطًا نزعه أوَّل ما علم أو تذكَّر وحرمان من لبِسه في الدنيا من لُبْسهِ في الآخرة والرخصة في لُبْس الحرير للعلَّة

- ‌669 - (13) باب النهي عن المعصفر، وفضل لبس ثياب الحبرة، وفضل التواضع في اللباس والفراش وغيرهما، والاقتصار على الغليظ منهما، وجواز اتخاذ الأنماط وكراهة ما زاد على الحاجة في الفراش واللباس

- ‌670 - (14) باب إثم من جر ثوبه خيلاء وإثم من تبختر في مشيه، وتحريم خاتم الذهب على الرجال، ولبس النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده خاتمًا من ورق نقشه محمد رسول الله واتخاذه لما أراد أن يكتب إلى العجم

- ‌671 - (15) باب طرح الخواتم والفص الحبشي ولبس الخاتم في الخنصر والنهي عن التختم في الوسطى والتي تليها والانتعال وآدابه والنهي عن اشتمال الصماء ومنع الاستلقاء على الظهر

- ‌672 - (16) باب نهي الرجل عن التزعفر واستحباب خضاب الشيب بحمرة أو صفرة وتحريمه بسواد والأمر بمخالفة اليهود في الصبغ وتحريم تصوير الحيوان واتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة

- ‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

- ‌674 - (18) باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ونظائرهما وذم النساء الكاسيات العاريات والنهي عن التزوير في اللباس وغيره والتشبع بما لم يعط

الفصل: ‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

5406 -

(2077)(143) حدَّثنا أَبُو كَامِلٍ، فُضَيلُ بْنُ حُسَينٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّل. حَدَّثَنَا سُهَيلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَصْحَبُ الْمَلائكَةُ رُفْقَةَ فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ"

ــ

673 -

(17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

5406 -

(2077)(143)(حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري) البصري (حدثنا بشر بعني ابن مفضل) بن لاحق الرقاشي مولاهم أبو إسماعيل البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثنا سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تصحب الملائكة) والمراد ملائكة الرحمة والمعاونة لا الحفظة فإنهم لا يفارقونهم لأنهم مأمورون بحفظ أفعالهم وأحوالهم والله أعلم (رفقة فيها كلب ولا جرس) والرفقة بحركات الراء وسكون الفاء، والرفاقة على وزن ثمامة جماعة يصاحبون في الطريق، والرفقة يجمع على رفاق على وزن كتاب وأرفاق على وزن أصحاب ورفق على وزن صرد تقول خرجت مع رفقة مثلث الراء، ورفاقة وهي جماعة ترافقهم كذا في القاموس.

قال القرطبي: قوله (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس) يفهم من هذا الحديث ومما تقدم أن مقصود الشرع مباعدة الكلاب وأن لا تتخذ في حضر ولا سفر وذلك للعلل التي تقدم ذكرها وهو حجة لمن منع اتخاذ الكلب لحراسة الدواب والأمتعة

ص: 471

5407 -

(00)(00) وحدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثنَا جَرِيرٌ

ــ

من السراق في الأسفار وهو قول أصحاب مالك، وأجاز هشام بن عروة اتخاذها لحراسة البقر من السليلة من سل الشيء إذا سرقه والسال السارق والسلة بضم السين السرقة الخفية.

قلت: والظاهر أن المراد بالكلب هنا غير المأذون في اتخاذه كما تقدم لأن المسافر قد يحتاج إلى حفظ ماشية دوابه دمابله وغير ذلك فيضطر إلى اتخاذها كما يضطر إليها في الحضر لزرعه وضرعه. (والجرس) بفتحتين هو ما يعلّق في أعناق الإبل مما له صلصلة والذي يضرب به يجمع على أجراس، فأما الجرس بفتح الجيم وكسرها وسكون الراء فهو الصوت الخفي. وفيه ما يدل على كراهة اتخاذ الأجراس في الأسفار وهو قول مالك وغيره وينبغي أن لا تقصر الكراهة على الأسفار بل هي مكروهة في الحضر أيضًا بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:"الجرس مزامير الشيطان" ومزامير الشيطان مكروهة سفرًا وحضرًا ثم هذا يعم الجرس الكبير والصغير منها وقد فرق بعض الشاميين وأجازوا الصغير ومنعوا الكبير ووجه الفرق أن الكبير به يقع التشويش في سفرهم وحضرهم اهـ من المفهم.

قال النووي: وسبق بيان الحكمة في مجانبة الملائكة بيتًا فيه كلب، وأما الجرس فقيل سبب منافرة الملائكة له أنه شبيه بالناقوس أو لأنه من المعاليق في العنق المنهي عنها، وقيل سببه كراهة صوتها، ويؤيده رواية مزمار الشيطان وهذا الذي ذكرناه من كراهة الجرس على الإطلاق هو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين وهي كراهة تنزيه اهـ. وقال في بذل المجهود: وهذا أي كراهة صحبة الكلب والجرس إذا خليا من المنفعة وأما ما احتيج إليه منهما فمرخّص اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الجهاد في باب تعليق الأجراس برقم [2555 و 2556]، والترمذي في الجهاد باب ما جاء فيما يستعمل في الحرب [1702].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5407 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي

ص: 472

ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ). كِلاهُمَا عَنْ سُهَيلٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ.

5408 -

(2078)(144) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيطَانِ".

5409 -

(2079)(145) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ،

ــ

الكوفي، ثقة، من (8)(ح وحدثنا قتيبة) بن سعيد (حدثنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد (يعني الدراوردي) أبو محمد الجهني مولاهم المدني، صدوق، من (8)(كلاهما) أي كل من جرير وعبد العزيز رويا (عن سهيل) بن أبي صالح (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن أبي هريرة، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لبشر بن المفضل.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

5408 -

(2078)(144)(وحدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قالوا حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8)(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم أبي شبل المدني، صدوق، من (5)(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني مولى الحرقة بطن من جهينة المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجرس مزامير الشيطان) جمع مزمار وهي الآلة التي يزمر أي يتغنى فيها وهي من كبار آلات الملاهي واستعمالها حرام.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 372]، وأبو داود [2556].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه فقال:

5409 -

(2079)(145)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أبي محمد المدني، ثقة، من

ص: 473

عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ؛ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ. قَال فَأرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا -قَال عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال: وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ- "لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلادَةٌ، إِلَا قُطِعَتْ"

ــ

(5)

روى عنه في (11) بابًا (عن عباد بن تميم) بن غزية الأنصاري المازني المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (أن أبا بشير الأنصاري) الساعدي المازني المدني الصحابي المشهور بالكنية رضي الله عنه، قيل إن اسمه قيس بن عبيد بن عمر بن الجعد ممن شهد الخندق، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاثة أحاديث، اتفقا على حديث، ويروي عنه (خ م دس) وعباد بن تميم في اللباس وضمرة بن سعيد وغيرهما وليس في الصحابة أبو بشير غيره، قال الواقدي: مات بعد الحرة، وكان قد عمر وجاوز المائة، وقال غيره: مات سنة (40) أربعين والأول أصح (أخبره) أي أخبر لعباد بن تميم. وهذا السند من خماسياته (أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره) لم أر من عين ذلك السفر (قال) أبو بشير (فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولًا) إلى الناس لم أر من ذكر اسم ذلك الرسول، وقال ابن عبد البر في رواية روح بن عبادة عن مالك: أرسل مولاه زيدًا، قال ابن عبد البر: وهو زيد بن حارثة فيما يظهر لي كذا في فتح الباري [6/ 141] قال مالك بن أنس (قال عبد الله بن أبي بكر حسبت) أي أظن (أنه) أي أن عباد بن تميم (قال) حين ما حدثني هذا الحديث لفظة (والناس في مبيتهم) أي أرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم رسولًا، والحال أن الناس نازلون في منزلهم الذي باتوا فيه يعني لم يتحركوا عنه أي أرسل إليهم بأن ينادي فيهم بقوله (لا يبقين في رقبة بعير) وعنقه (قلادة من وتر) أي من وتر قوس (أو) قال الراوي (قلادة) بلا ذكر وتر (إلا قطعت) منه، وأو للشك من الراوي، وقيل للتنويع فيكون من باب التعميم بعد التخصيص فعلى الأول يجوز إبقاء ما كان من غير وتر وعلى الثاني لا يجوز إبقاؤها من أي شيء كانت ولهذا اختلف العلماء في هذا الباب، قال في المبارق: قيل سبب النهي خوف اختناق الإبل بها عند شدة الركض أو عند تشبث الوتر بالشجر، وقيل إنهم كانوا يقلدون الإبل الأوتار لئلا يصيبها العين فنهاهم عن ذلك إعلامًا بأن الأوتار لا ترد شيئًا من القدر، وأما من فعل ذلك

ص: 474

قَال مَالِكٌ: أُرَى ذلِكَ مِنَ الْعَينِ

ــ

للزينة فلا بأس به اهـ. قال النووي: قوله (قلادة من وتر أو قلادة) هكذا هو في جميع النسخ قلادة من وتر أو قلادة فقلادة الثانية مرفوعة معطوفة على قلادة الأولى؛ ومعناه أن الراوي شك هل قال قلادة من وتر أو قال قلادة فقط ولم يقيدها بالوتر (قال مالك) بن أنس أحد رواة الحديث (أرى ذلك) النهي وأظنه لمن فعل ذلك التقليد (من العين) أي لأجل دفع إصابة عين الناس للإبل، وأما من فعله لغير ذلك من زينة أو غيرها فلا بأس به.

قال القرطبي: قوله (قلادة من وتر) .. الخ يعني بالوتر وتر القوس ولا معنى لقول من قال إنه يعني بذلك الوتر الذي هو الذحل وهو طلب الثأر لبعده لفظًا ومعنى (وقول مالك أرى ذلك من العين) يعني أنهم كانوا يتعوذون بتعليق أوتار قسيهم في أعناق إبلهم من العين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعها لأجل توقع ذلك وظاهر قول مالك خصوصية ذلك بالوتر ولذلك أجازه ابن القاسم بغير الوتر، وقال بعض أصحابنا: فيمن قلد بعيره شيئًا ملونًا فيه خرز إن كان للجمال فلا بأس به.

واختلف العلماء في تقليد البعير وغيره من الحيوان والإنسان ما ليس بتعاويذ قرآنية مخافة العين فمنهم من نهى عنه ومنعه قبل الحاجة وأجازه عند الحاجة إليه، ومنهم من أجازه قبل الحاجة وبعدها كما يجوز الاستظهار بالتداوي قبل حلول المرض، وقال غير مالك: إن الأمر بقطع الأوتار إنما كان مخافة أن يختنق به البعير عند الرعي أو يحتبس بغصن من أغصان الشجرة كما اتفق لناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدها ثم وجدها قد حبستها شجرة والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

قوله (قلادة من وتر) بفتح الواو والتاء وهو وتر القوس، قال ابن الجوزي: وفي المراد بالأوتار ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي لئلا تصيبها العين بزعمهم فأمروا بقطعها إعلامًا بأن الأوتار لا ترد من أمر الله تعالى شيئًا، وهذا هو الذي اختاره الإمام مالك كما هو مصرح في آخر الحديث. الثاني: لئلا تختنق الدابة بها عند الركض ويحكى ذلك عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وعن أبي عبيد ما يرجحه فإنه قال نهى عن ذلك لأن الدواب تتأذى بذلك ويضيق عليها نفسها ورعيها وربما تعلقت بشجرة فاختنقت أو تعوقت عن السير. الثالث: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس ويدل عليه تبويب البخاري.

ص: 475

5410 -

(2080)(146) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ، وَعَنِ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا البخاري في الجهاد [3005]، وأبو داود في الجهاد [2552].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث جابر رضي الله عنه فقال:

5410 -

(2080)(146)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي (عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه) قال السنوسي: نهى عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي وغيره إلا أنه في الآدمي أشد، وخص الوجه لأنه مجمع المحاسن وأقل أثر فيه يشينه وربما آذى البصر مع ما فيه من إهانة الصورة التي كرم الله تعالى بها بني آدم وخلق أباهم عليها، وظاهره النهي عن ضربه حتى في القتال، والأولى إذا أمكن غيره أن لا يضرب فيه لأن الإمام قد يرى استرقاقه اهـ.

قال القرطبي: ونهيه صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم فيه يدل على احترام هذا العضو وتشريفه على سائر الأعضاء الظاهرة وذلك لأنه الأصل في خلقة الإنسان وغيره من الأعضاء خادم له لأنه الجامع للحواس التي تحصل بها الإدراكات المشتركة بين الأنواع المختلفة ولأنه أول الأعضاء في الشخوص والمقابلة والتحدث والقصد ولأنه مدخل الروح ومخرجه ولأنه مقر الجمال والحسن ولأن به قوام الحيوان كله ناطقه وغير ناطقه، ولما كان بهذه المثابة احترمه الشرع ونهى أن يتعرض له بإهانة ولا تقبيح ولا تشويه، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يضرب عبده فقال:"اتق الوجه، فإن الله تعالى خلق آدم على صورته" متفق عليه رواه البخاري برقم [2559]، ومسلم برقم [2612]، وأحمد [2/ 347] أي على صورة المضروب ومعنى ذلك والله أعلم أن المضروب من ولد آدم ووجهه كوجهه في أصل الخلقة ووجه آدم عليه السلام مكرم مشرف إذ قد شرفه الله تعالى بأن خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأقبل عليه

ص: 476

5411 -

(00)(00) وحدَّثني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ

ــ

بكلامه وأسجد له ملائكته، وإذا كان هذا الوجه يشبه ذلك الوجه فينبغي أن يحترم كاحترامه، ولما سمع ذلك الصحابي النهي عن الوسم وفهم ذلك المعنى قال: والله لا اسمه مبالغة في الامتثال والاحترام اهـ من المفهم. (و) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن الوسم في الوجه) والوسم الكي والحرق بالنار، وأصله العلامة يقال وسم الشيء يسمه إذا أعلمه بعلامة يعرف بها ومنه السيماء أي العلامة، قال النووي: وقال أهل اللغة: الوسم أثر كيَّةٍ يقال بعير موسوم، وقد وسمه يسمه وسمًا وسمة، والميسم الشيء الذي يوسم به، والوسم بالسين المهملة هو الصحيح المعروف في الروايات وكتب الحديث، وقد رواه بعضهم بالشين المعجمة وهو وهم لأن الوشم إنما هو غرز الشفاه والأذرع بالإبرة وتسويدها بالنؤور وهو الكحل أو ما شابهه، والوسم الكي فكيف يجعل أحدهما مكان الآخر.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الجهاد [2564]، والترمذي في الجهاد [1710].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

5411 -

(00)(00)(وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا حجاج بن محمد) المصيصي الأعور نزيل بغداد، ثقة، من (9) (ح وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (أخبرنا محمد بن بكر) البرساني (كلاهما) أي كل من حجاج ومحمد بن بكر رويا (عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وساقا أي ساق كل من حجاج ومحمد بن بكر (بمثله) أي بمثل ما حدث علي بن مسهر، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لعلي بن مسهر والله أعلم.

قدت: والوسم في الوجه منهي عنه بالإجماع للحديث ولما ذكر في الضرب فيه،

ص: 477

5412 -

(2081)(146) وحدَّثني سَلمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ. فَقَال:"لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ".

5413 -

(2082)(147) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ أَنَّ نَاعِمًا، أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ

ــ

فأما وسم الآدمي فحرام لكرامته ولعدم الحاجة إليه، وأما وسم غيره في الوجه فغير جائز وأما في غير الوجه فجائز وفي غنم الزكاة والجزية فمستحب لا ينهى عنه كذا في الشرح.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

5412 -

(2081)(146)(وحدثني سلمة بن شبيب) المسمعي أبو عبد الرحمن النيسابوري نزيل مكة، ثقة، من (11)(حدثنا الحسن) بن محمد (بن أعين) الأموي مولاهم الحراني صدوق، من (9)(حدثنا معقل) بن عبيد الله الجزري أبو عبد الله العبسي مولاهم، صدوق، من (8)(عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم) أي علم بالكية (في وجهه فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله) تعالى وطرد من رحمته (الذي وسمه) أي وسم وجه هذا الحمار، واللعن يدل على حرمته. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى اهـ من تحفة الأشراف.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جابر الأول بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

5413 -

(2082)(147)(حدثنا أحمد بن عيسى) بن حسان المصري المعروف بالتستري، صدوق، من (10)(أخبرنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري (عن يزيد بن أبي حبيب) سويد الأزدي المصري عالمها، ثقة، من (5)(أن ناعمًا) ابن أُجيل بضم الهمزة وفتح الجيم مصغرًا الهمداني (أبا عبد الله) المصري (مولى أم سلمة) رضي الله تعالى عنها، روى عن ابن عباس في

ص: 478

حَدَّثهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسِ يَقُولُ: وَرَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا مَوْسُومَ الْوَجْهِ فَأَنْكَرَ ذلِكَ. قَال: فَوَاللهِ لَا أَسِمُهُ إلا فِي أَقْصَى شَيءٍ مِنَ الْوَجْهِ. فَأَمَرَ بِحِمَارٍ لَهُ فَكُويَ فِي جَاعِرَتَيهِ. فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَوَى الْجَاعِرَتَينِ

ــ

اللباس، وعبد الله بن عمرو في البر، وعثمان وعلي وأبي هريرة وغيرهم، ويروي عنه (م عم) ويزيد بن أبي حبيب والأعرج والحارث بن يزيد وغيرهم، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة (80) ثمانين (حدثه) أي حدث ليزيد بن أبي حبيب (أنه) أي أن ناعمًا (سمع ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (يقول) وهذا السند من سداسياته (ورأى) في بعض النسخ إسقاط الواو وإسقاطه أوضح أي أن ناعمًا سمع ابن عباس يقول رأى (رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا موسوم الوجه) أي محروق الوجه بالميسم (فأنكر) أي كره رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذلك) الوسم الذي رآه في وجه الحمار أي ظهر أثر إنكاره وكراهية ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم (قال) ابن عباس حين رأى إنكار النبي صلى الله عليه وسلم (فوالله لا اسمه) أي لا اسم الحمار أبدًا (إلا في) مكان كان (أقصى) أي أبعد (شيء من الوجه) من سائر بدنه (فأمر) ابن عباس (بـ) كي (حمار له فكوي) بالبناء للمجهول أي فوسم ذلك الحمار بأمر ابن عباس (في جاعرتيه) أي في جاعرتي ذلك الحمار أي في طرفي وركيه (فهو) أي ابن عباس (أول من كوى) ووسم (الجاعرتين) من الحيوان، والجاعرتان هما حرفا الورك المشرفان مما يلي الدبر وسميا بذلك لأن الجعر وهو البعر يقع عليهما اهـ. وفي النهاية هما لحمتان تكتنفان أصل الذنب وهما من الإنسان في موضع رقمتي الحمار. قال القرطبي: ظاهر مساق هذا الحديث في كتاب مسلم أن القائل هو ابن عباس راوي الخبر وليس كذلك لما صح من رواية البخاري في التاريخ، وفي رواية أبي داود في مصنفه أن القائل هو العباس والد عبد الله وهو أول من كوى في الجاعرتين لا ابنه والله أعلم اهـ من المفهم.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات كما في تحفة الأشراف.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة بحديث أنس رضي الله عنه فقال:

ص: 479

5414 -

(2083)(148) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيمٍ قَالتْ لِي: يَا أَنَسُ، انْظُرْ هذَا الْغُلامَ. فَلَا يُصِيبَنَّ شَيئًا حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَنِّكُهُ. قال فَغَدَوْتُ فَإِذَا هُوَ فِي الْحَائِطِ. وَعَلَيهِ خَمِيصَةٌ جَوْنِيَّةٌ. وَهُوَ يَسِمُ الظَّهْرَ

ــ

5414 -

(2083)(148)(حدثنا محمد بن المثنى حدثني محمد) بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البصري (عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان المزني مولاهم البصري، ثقة ثبت، من (6)(عن محمد) بن سيرين الأنصاري البصري، ثقة، من (3)(عن أنس) ابن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (قال) أنس (لما ولدت أم سليم) والدتي (قالت لي يا أنس انظر هذا الغلام) الذي ولدته وهو عبد الله بن أبي طلحة كما صرح به المؤلف في باب تحنيك المولود، والبخاري في الزكاة، وهو ولد ولد لأم سليم وأبي طلحة بعد وفاة ابنهما الذي أخفت أم سليم أمره على زوجها حتى واقعها في الليلة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سليم:"بارك الله في ليلتكما" وأخرج المؤلف ها هنا ما يوافق الترجمة فقط لإتمام الحديث (فلا يصيبن) هذا الغلام أي لا يأكلن (شيئًا) من الطعام (حتى تغدو) وتبكر (به إلى النبي صلى الله عليه وسلم لـ (يحنكه) أي ليحنك هذا الغلام النبي صلى الله عليه وسلم فتناله بركة ريقه صلى الله عليه وسلم، والتحنيك مضغ التمر أو نحوه ثم دلكه بحنك الصبي يقال حنك الصبي إذا مضغ تمرًا أو غيره فدلكه بحنكه اهـ قاموس. قال النووي: فيه حمل المولود عند ولادته إلى واحد من أهل الصلاح والفضل يحنكه بتمرة ليكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين فيتبرك به اهـ.

(قال) أنس (فغدوت) أي بكرت بذلك الغلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا هو) صلى الله عليه وسلم موجود (في الحائط) أي في البستان، وفي رواية للبخاري في اللباس "في حائط له" كما ذكره الحافظ في الفتح [9/ 590](وعليه) صلى الله عليه وسلم (خميصة) وهي كساء من صوف أو خز أو نحوهما مربع له أعلام (جونية) صفة لخميصة أي سوداء. وفي النهاية (وعليه بردة جونية) بفتح الجيم وسكون الواو منسوبة إلى بني الجون قبيلة من الأزد والله أعلم (وهو) صلى الله عليه وسلم (يسم) ويكوي (الظهر) أي

ص: 480

الَّذِي قَدِمَ عَلَيهِ فِي الْفَتْحِ.

5415 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثنَا شُعْبَةُ،

ــ

الإبل (الذي قدم عليه) من الغنيمة (في الفتح) أي في يوم فتح مكة سميت الإبل بالظهر لأنها تحمل الأثقال على ظهورها.

قوله (وعليه خميصة) الخميصة كساء أسود مربع، وقال الأصمعي: الخمائص ثياب خز أو صوف معلمة كانت من لباس الناس. واختلفت الروايات والنسخ في ضبط (حوتنية) فرواها العذري بالحاء المهملة المفتوحة والواو الساكنة ثم الفوقانية المفتوحة بعدها نون مكسورة، ورواها الهروي (حونية) بضم الحاء وكسر النون بعد الواو، ورواها الفارسي (خوينية) بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وسكون التحتانية إلى غير ذلك، وقال القاضي في المشارق: هذه الروايات كلها تصحيف إلا روايَتَي (جونية) بالجيم المفتوحة منسوبة إلى الجون قبيلة من الأزد لكونها من صناعتهم أو منسوبة إلى الجون وهو من الألوان يقع على الأسود والأبيض والأحمر، والمعنى خميصة سوداء أو بيضاء أو حمراء فهي منسوبة إلى لونها لأن العرب تسمي كل لون من هذه الألوان جونًا، (وخريثية) بالخاء المعجمة مصغرًا نسبة إلى خريث رجل من قضاعة وهو الذي صنعها وهي رواية البخاري ورجح الحافظ في الفتح هاتين الروايتين وأن المراد من الجونية السوداء، ومن الخريثية نسبتها إلى صانعها رجل من قضاعة يسمى خريثًا وغيرهما تصحيف كما قاله القاضي اهـ. قال القرطبي: ومع هذا الاضطراب لم نحصل من هذه اللفظة على تحقيق معنى لها وأشبه ما فيها رواية البخاري والله أعلم اهـ من المفهم. قوله (وهو يسم الظهر) أي الإبل وفي بعض الروايات (كان يسم غنمًا) فبينهما معارضة وجمع الحافظ بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يسم الإبل والغنم جميعًا فصادفه أنس أول دخوله وهو يسم غنمًا ثم رآه يسم الإبل اهـ فتح الباري [9/ 172] بتصرف.

أخرج المؤلف هذا الحديث في أبواب كثيرة وشاركه في روايته البخاري [5470]، وأبو داود في الجهاد باب في وسم الدواب [2563].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5415 -

(00)(00) (حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة

ص: 481

عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيدٍ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ؛ أَنَّ أُمَّهُ حِينَ وَلَدَتِ، انْطَلَقُوا بِالصَّبيِّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَنِّكُهُ. قَال: فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مِرْبَدٍ يَسِمُ غَنَمًا. قَال شُعْبَةُ: وَأَكْثَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَال: فِي آذَانِهَا.

5416 -

(00)(00) وحدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زيدٍ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِرْبَدًا وَهُوَ يَسِمُ غَنَمًا قَال: أَحْسِبُهُ قَال: فِي آذَانِهَا

ــ

عن هشام بن زيد) بن أنس بن مالك الأنصاري البصري، روى عن جده، ثقة، من (5) روى عنه في (7) أبواب (قال) هشام (سمعت) جدي (أنسًا) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هشام لمحمد (يحدث أن أمه) أم سليم (حين ولدت) أخاه عبد الله بن أبي طلحة (انطلقوا) أي انطلق أنس ومن معه من أقاربهم (بالصبي) المولود (إلى النبي صلى الله عليه وسلم لي (يحنكه قال) أنس فأتيناه صلى الله عليه وسلم (فإذا النبي صلى الله عليه وسلم مشغول (في مربد يسم غنمًا، قال شعبة وأكثر علمي) أي أغلب ظني (أنه) أي أن هشامًا (قال) لي عندما حدّث لي هذا الحديث يسم غنمًا (في آذانها) والله أعلم.

قوله (في مربد) بكسر الميم وسكون الراء، وفتح الموحدة موضع تحبس وتجمع فيه الإبل وهو مثل الحظيرة للغنم، ويمكن أن يكون أنس رضي الله عنه أطلق المربد على حظيرة الغنم أو يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج الغنم إلى المربد للوسم، وأما ما وقع في الرواية السابقة من أنه صلى الله عليه وسلم كان في حائط حينما قدم أنس رضي الله عنه فيحمل على أن يكون المربد في قطعة من الحائط.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5416 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري (عن شعبة حدثني هشام بن زيد) بن أنس (قال سمعت أنسًا) ابن مالك رضي الله عنه (يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لمحمد بن جعفر (دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مربدًا وهو) صلى الله عليه وسلم (يسم غنمًا) أي يحرقها بالميسم تمييزًا لها عن غيرها (قال) شعبة (أحسبه) أي أحسب هشامًا (قال) عندما حدّث لي هذا الحديث يسمها (في آذانها).

ص: 482

5417 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَيَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمنِ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

5418 -

(00)(00) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: رَأَيتُ فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمِيسَم. وَهُوَ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ

ــ

ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:

5417 -

(00)(00)(وحدثنيه يحيى بن حبيب) بن عربي الحارثي البصري، ثقة، من (10)(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد الهجيمي البصري، ثقة، من (8)(ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد) بن جعفر غندر (ويحيى) بن سعيد القطان (وعبد الرحمن) ابن مهدي (كلهم) أي كل من الثلاثة رووا (عن شعبة بهذا الإسناد) يعني عن هشام عن أنس (و) ساق شعبة (مثله) أي مثل ما حدّث ابن عون عن ابن سيرين، غرضه بيان متابعة شعبة لعبد الله بن عون ولكنها متابعة ناقصة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5418 -

(00)(00)(حدثنا هارون بن معروف) المروزي أبو علي الضرير البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي الشامي (عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) الشامي (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني (عن) عمه (أنس بن مالك) رضي الله عنهم. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إسحاق بن عبد الله لمحمد بن سيرين وهشام بن زيد (قال) أنس (رأيت في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم الميسم وهو) صلى الله عليه وسلم (يسم إبل الصدقة) أي الزكاة والميسم الحديدة التي توسم بها الدابة أصله موسم بكسر الميم قلبت الواو ياء لوقوعها إثر كسرة، وفيه جواز وسم الحيوان، قال النووي: يستحب وسم نعم الزكاة والجزية وهو مذهبنا ومذهب الصحابة كلهم رضي الله عنه وجماهير العلماء بعدهم، ونقل ابن الصباغ وغيره إجماع الصحابة عليه، وقال أبو حنيفة: هو مكروه لأنه تعذيب ومثلة وقد نهي عن المثلة الخ اهـ ذهني. وقال الحافظ في زكاة الفتح [3/ 367] وفي حديث

ص: 483

5419 -

(2084)(149) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي يَحْيَى (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) عَنْ عُبَيدِ اللهِ. أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ،

ــ

الباب حجة على من كره الوسم من الحنفية بالميسم لدخوله في عموم النهي عن المثلة وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنه مخصوص من العموم المذكور للحاجة كالختان للآدمي، وقال العيني في العمدة [4/ 461] قلت ذكر أصحابنا يعني الحنفية في كتبهم لا بأس بكي البهائم للعلامة لأن فيه منفعة ولا بأس بكي الصبيان إذا كان لداء أصابهم لأن ذلك مداواة فظهر أنه لا خلاف في هذه المسألة بين الحنفية والشافعية. وقال العيني أيضًا: قال قوم من الشافعية الكي مستحب في نعم الزكاة والجزية وجائز في غيرها، والمستحب أن يسم الغنم في آذانها، والإبل والبقر في أصول أفخاذها، وفائدته تمييز الحيوان بعضه من بعض وليرده من أخذه ومَن التقطه يعرفه وإذا تصدق به لا يعود إليه، ويستحب أن يكتب في ماشية الزكاة زكاة أو صدقة، ونقل ابن الصباغ إجماع الصحابة على ذلك اهـ.

وقال القرطبي: وهذه الأحاديث كلها تدل على جواز كي الحيوان لمصلحة العلامة في كل الأعضاء إلا في الوجه وهو مستثنى من تعذيب الحيوان بالنار لأجل المصلحة الراجحة وإذا كان كذلك فينبغي أن يقتصر منه على الخفيف الذي يحصل به المقصود ولا يبالغ في التعذيب ولا التشويه وهذا لا يختلف فيه الفقهاء إن شاء الله تعالى اهـ من المفهم.

"فائدة"

وكونه صلى الله عليه وسلم يسم الإبل والغنم بيده يدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم وعلى أن الفضل في امتهان الرجل نفسه في الأعمال التي لا تزري بالإنسان شرعًا وخصوصًا إذا كان ذلك في مصلحة عامة كما وسم صلى الله عليه وسلم إبل الصدقة بيده، ويحتمل أن يكون مباشرته للكي بيده ليرفق بالبهائم في الوسم ولا يبالغ في ألمها والله أعلم.

ثم استدل على الجزء الخامس من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5419 -

(2084)(149)(حدثني زهير بن حرب حدثني يحيى يعني ابن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري المدني (أخبرني عمر بن نافع) مولى

ص: 484

عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَال: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟ قَال: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ

ــ

عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، أخو أبي بكر بن نافع، روى عن أبيه نافع في اللباس وذكر الجان، ويروي عنه (خ م د س ق) وعبيد الله بن عمر وعثمان الغطفاني وروح بن القاسم وإسماعيل بن جعفر ومالك، وثقه النسائي وأحمد، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات في خلافة المنصور (عن أبيه) نافع مولى ابن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع) وفي الصحاح القزع بفتحتين أن يحلق رأس الصبي في مواضع ويترك الشعر في مواضع متفرقًا وقد نهي عنه، ويقال قزع رأسه تقزيعًا إذا حلق شعره وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه ورجل مقزع أي رقيق شعر الرأس متفرقه، والقزع في الأصل قطع من السحاب رقيقة الواحدة قزعة اهـ. (قلت) لا خلاف أنه إذا حلق من الرأس مواضع وأبقيت مواضع أنه القزع المنهي عنه لما عرف من اللغة كما نقلناه آنفًا ولتفسير نافع له بذلك كما ذكره المؤلف بقوله (قال) عمر بن نافع (قلت لنافع وما القزع؟ قال) نافع القزع أن (يحلق) بالبناء للمجهول (بعض رأس الصبي ويترك بعض) آخر، واختلف فيما إذا حلق جميع الرأس وترك منه موضع كشعر الناصية أو فيما إذا حلق موضع وحده وبقي أكثر فمنع ذلك مالك ورآه من القزع المنهي عنه، قال النووي: وهذا الذي فسره به نافع أو عبيد الله هو الأصح وهو أن القزع حلق بعض الرأس مطلقًا، ومنهم من قال هو حلق مواضع متفرقة منه، والصحيح الأول لأنه تفسير الراوي وهو غير مخالف للظاهر فوجب العمل به، وأما ما ذكر في صحيح البخاري من قوله إذا حلق الصبي وترك ها هنا شعرة وههنا شعرة فالظاهر أنه تمثيل بفرد من أفراد القزع وليس تعريفًا له، ثم قال النووي: وأجمع العلماء على كراهة القزع إلا أن يكون مداواة ونحوها وهي كراهة تنزيه، وكرهه مالك في الجارية والغلام مطلقًا، وقال بعض أصحابه: لا بأس به في القصة والقفا للغلام، ومذهبنا كراهته مطلقًا للرجل والمرأة لعموم الحديث، والقصة بضم القاف المراد بها ها هنا شعر الصدغين وبالقفا شعر القفا والحاصل منه أن القزع مخصوص بشعر الرأس وليس شعر الصدغين والقفا من الرأس. قال العلماء: والحكمة في كراهته أنه تشويه للخلق، وقيل لأنه زي اليهود وقد جاء هذا في رواية أبي داود والله أعلم.

ص: 485

5420 -

(00)(00) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله، بِهذَا الإِسْنَادِ، وَجَعَلَ التَّفْسِيرَ، فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ، مِنْ قَوْلِ عُبَيدِ اللَّهِ.

5421 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْغَطَفَانِيُّ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في اللباس باب القزع [5920 و 5921]، وأبو داود في الترجل [4193]، والنسائي في الزينة [5050 و 5051]، وابن ماجه في اللباس [3681 و 3682].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5420 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي قالا حدثنا عبيد الله) بن عمر (بهذا الإسناد) يعني عن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله. وهذان السندان من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي أسامة وعبد الله بن نمير ليحيى القطان (و) لكن (جعل) الراوي يعني ابن أبي شيبة (التفسير) أي تفسير القزع (في حديث أبي أسامة) وروايته (من قول عبيد الله) بن عمر لا من قول عمر بن نافع، ووقع في رواية ابن جريج عند البخاري:(قال عبيد الله قلت: وما القزع؟ فأشار لنا عبيد الله قال: إذا حلق الصبي وترك ها هنا شعرة وههنا وههنا فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه، قيل لعبيد الله: فالجارية والغلام؟ قال: لا أدري هكذا قال: الصبي، قال عبيد الله: وعاودته، فقال: أما القصة والقفا للغلام فلا بأس بهما، ولكن القزع أن يترك بناصيته شعر وليس فيه غيره وكذلك شق رأسه هذا وهذا) والقصة والقفا تقدم تفسيرهما آنفًا.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5421 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عثمان الغطفاني) أو الكلابي أبو عمرو البصري قاضيها، روى عن عمر بن نافع في اللباس وزيد بن أسلم وعلي بن جدعان، ويروي عنه (م د س) ومحمد بن المثنى وأحمد ونعيم بن حماد وزيد

ص: 486

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ. ح وَحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامِ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيعٍ). حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ. بِإِسْنَادِ عُبَيدِ الله. مِثْلَهُ. وَأَلْحَقَا التَّفْسِيرَ فِي الْحَدِيثِ.

5422 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ

ــ

ابن أخزم، قال أحمد: ثقة، ووثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، وقال البخاري: مضطرب الحديث، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم (حدثنا عمر بن نافع ح وحدثني أمية بن بسطام) بن المنتشر العيشي البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا يزيد يعني ابن زريع) التميمي العيشي أبو معاوية البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (حدثنا روح) بن القاسم التميمي العنبري أبو غياث البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (11) بابا (عن عمر بن نافع بإسناد عبيد الله) بن عمر يعني عن عمر عن نافع عن ابن عمر. وهذان السندان الأول منهما من خماسياته، والثاني من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة عثمان بن عثمان وروح بن القاسم لعبيد الله بن عمر، وساقا (مثله) أي مثل حديث عبيد الله (و) لكن (ألحقا) أي ألحق عثمان بن عثمان وروح بن القاسم أي أدخلا (التفسير) أي تفسير القزع يعني قوله (يحلق بعض رأس الصبي). الخ (في الحديث) أي جعلاه من نفس الحديث لا من تفسير الراوي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5422 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (11) بابا (وحجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي المعروف بـ (ابن الشاعر) أبو محمد البغدادي، ثقة، من (11) روى عنه في (13) بابا (وعبد بن حميد) بن نصر الكسي، نسبة إلى كس مدينة فيما وراء النهر، ثقة، من (11) روى عنه في (12) بابا كلهم رووا (عن عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (عن معمر) بن راشد (عن أيوب) السختياني (ح وحدثنا أبو جعفر الدارمي) عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن

ص: 487

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ السَّرَّاجِ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِذلِكَ.

5423 -

(2085)(150) حدّثني سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيسَرَةَ، عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطرُقَاتِ" قَالُوا:

ــ

مهران السمرقندي، ثقة متقن، من (11)(حدثنا أبوالنعمان) محمد بن الفضل السدوسي البصري، الملقب بعارم، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8)(عن عبد الرحمن) بن عبد الله (السراج) البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (3) أبواب (كلاهما) أي كل من أيوب وعبد الرحمن السراج رويا (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك) الحديث السابق الذي رواه عمر بن نافع. وهذان السندان من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة أيوب والسراج لعمر بن نافع، وفي أغلب النسخ (كلهم) بضمير الجمع وهو تحريف من النساخ والصواب ما كتبناه والله أعلم.

ثم استدل المؤلف على الجزء السادس من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

5423 -

(2085)(150)(حدثني سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، صدوق، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثني حفص بن ميسرة) العقيلي مصغرًا أبو عمر الصنعاني، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم مولى عمر بن الخطاب المدني، ثقة، من (3)(عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها، أبي محمد المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان المدني الصحابي الشهير رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم) أيها الناس (والجلوس) بالنصب عطفًا على المحذر أي باعدوا أنفسكم أيها الناس عن الجلوس (في الطرقات) المسلوكة للمارة لا المهجورة (قالوا) أي قال

ص: 488

يَا رَسُولَ الله، مَا لنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا

ــ

الأصحاب (يا رسول الله ما لنا بد) ولا غنى (من مجالسنا) على الطرقات، قال الحافظ في الفتح [5/ 113] القائل ذلك هو أبو طلحة وهو بين من روايته عند مسلم، وأشار به الحافظ إلى حديث لأبي طلحة أخرجه المصنف في السلام "باب من حق الجلوس على الطريق رد السلام" ولفظه (كنا قعودًا بالأفنية نتحدث فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فقال مالكم والمجالس الصعدات) الحديث.

قوله صلى الله عليه وسلم (إياكم والجلوس) .. الخ قال النووي: هذا الحديث كثير الفوائد وهو من الأحاديث الجامعة وأحكامه ظاهرة وينبغي أن يجتنب الجلوس في الطرقات لهذا الحديث ويدخل في كشف الأذى اجتناب الغيبة وظن السوء واحتقار بعض المارين وتضييق الطريق وكذا إذا كان القاعدون ممن يهابهم المارون أو يخافون منهم ويمتنعون من المرور في الطريق في أشغالهم بسبب ذلك لكونهم لا يجدون طريقًا إلا ذلك الموضع اهـ.

قوله (ما لنا بد من مجالسنا) أي ليس لنا فراق عن مجالسنا وغنى عنها. فإن (قلت) ما لهم أبوا أن ينتهوا ولم يقبلوا نهيه صلى الله عليه وسلم وهو عال عن منصبهم؟ (قلت) إنهم فهموا أن نهيه ليس للتحريم بل حملوه على التنزيه فلذا التمسوا منه الرخصة فعليه وسع عليه السلام الأمر عليهم بشرط أداء حق الطريق وعلمهم آداب الجلوس فيه والله أعلم.

وقال القاضي عياض: وقولهم ما لنا بد من مجالسنا فيه دليل على أن أمره صلى الله عليه وسلم ليس للوجوب وإنما كان على طريق الترغيب والأولى إذ لو فهموا الوجوب لم يراجعوه هذه المراجعة وقد يحتج به من لا يرى الأوامر على الوجوب، قال الحافظ في الفتح [11/ 11] بعد حكاية قول القاضي عياض رحمهما الله تعالى (قلت) ويحتمل أن يكونوا رجوا وقوع النسخ تخفيفًا لما شكوا من الحاجة إلى ذلك، ويؤيده أن في مرسل يحيى بن يعمر أي عند سعيد بن منصور "فظن القوم أنها عزمة ويحتمل أيضًا أن الصحابة رضي الله عنهم شعروا بأن هذا النهي ليس لعينه وإنما هو من قبيل سد الذرائع لصونهم عن الوقوع في محظور، ويؤيده أن أبا طلحة رضي الله عنه قال: إنما قعدنا لغير ما بأس قعدنا نتذاكر ونتحدث. وثبت فيما بعد أن الصحابة أصابوا في فهمهم

ص: 489

نَتَحَدَّثُ فِيها. قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا أَبَيتُم إلا الْمَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ" قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَال: "غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ"

ــ

ذلك ولذلك أجاز النبي صلى الله عليه وسلم جلوسهم بشروط.

نحن (نتحدث) ونتذاكر (فيها) أي في مجالسنا (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أبيتم إلا المجلس) أي إلا الجلوس في مجالسكم (فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حقه؟ قال غض البصر) أي منعه عما لا يحل نظره (وكف الأذى) أي كف النفس ومنعها عن إذاية المارة (ورد السلام) على المسلم من المارة (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) عند القدرة عليهما.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المظالم [2465]، وفي الاستئذان [6229] وأبو داود في الأدب باب في الجلوس في الطرقات [5815].

قوله (غض البصر) .. إلخ ووقع في حديث أبي طلحة المذكور زيادة (وحسن الكلام) وفي حديث أبي هريرة عند ابن حبان (وإرشاد السبيل وتشميت العاطس إذا حمد) وفي حديث عمر عند أبي داود (وتغيثوا الملهوف وتهدوا الضال) وفي حديث البراء عند أحمد والترمذي (وأعينوا المظلوم وأفشوا السلام) وفي حديث ابن عباس عند البزار (وأعينوا على الحمولة) وفي حديث سهل بن حنيف عند الطبراني (ذكر الله كثيرًا) وفي حديث وحشي بن حرب عند الطبراني (وأهدوا الأغبياء) ومجموع ما في هذه الأحاديث أربعة عشر أدبًا وقد نظمها الحافظ في الفتح [11/ 11] بقوله:

جمعت آداب من رام الجلوس على الط

ـريق من قول خير الخلق إنسانا

أفش السلام وأحسن في الكلام وشمَـ. مِتْ عاطسًا وسلامًا رد إحسانا

في الحمل عاون ومظلومًا أعن وأغث

لهفان اهد سبيلًا واهد حيرانا

بالعرف مر وانه عن نكر وكف أذى

وغض طرفًا وأكثر ذكر مولانا

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

ص: 490

5529 -

(00) وحدّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ. ح وَحَدَّثنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامٌ (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ). كِلاهُمَا عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

5424 -

(00)(00)(وحدثناه يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي أبو محمد الجهني (المدني) صدوق، من (8)(ح وحدثناه محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) يسار الديلي المدني، صدوق، من (8)(أخبرنا هشام يعني ابن سعد) المدني أبو سعد القرشي مولاهم يتيم زيد بن أسلم، صدوق، من (7)(كلاهما) أي كل من عبد العزيز وهشام بن سعد رويا (عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم المدني، ثقة، من (3)(بهذا الإسناد) يعني عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، غرضه بيان متابعة عبد العزيز وهشام بن سعد لحفص بن ميسرة، وساقا (مثله) أي مثل ما روى حفص بن ميسرة والله أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثمانية أحاديث: الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أبي بشير الأنصاري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد، والخامس حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد ثانيًا، والسادس حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والسابع حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الخاص من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثامن حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكرهر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 491