الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
668 - (12) باب ما يرخَّص فيه من الحرير وحجة من يحرم الحرير على النساء ومن لبس حريرًا سهوًا أو غلطًا نزعه أوَّل ما علم أو تذكَّر وحرمان من لبِسه في الدنيا من لُبْسهِ في الآخرة والرخصة في لُبْس الحرير للعلَّة
5269 -
(2028)(94) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ خَال وَلَدِ عَطَاءٍ. قَال: أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. فَقَالتْ: بَلَغَنِي أَنَكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلاثَةَ: الْعَلَمَ في الثَّوْبِ،
ــ
668 -
(12) باب ما يرخَّص فيه من الحرير وحجة من يحرم الحرير على النساء ومن لبس حريرًا سهوًا أو غلطًا نزعه أوَّل ما علم أو تذكَّر وحرمان من لبِسه في الدنيا من لُبْسهِ في الآخرة والرخصة في لُبْس الحرير للعلَّة
5269 -
(2028)(94)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا خالد بن عبد الله) الطحان المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي، ثقة ثبت، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن عبد الملك) بن أبي سليمان ميسرة الفزاري الكوفي، وثقه ابن معين والنسائي، وقال في التقريب: صدوق له أوهام، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن عبد الله) بن كيسان القرشي التيمي مولاهم (مولى أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله تعالى عنها (وكان) عبد الله هذا (خال ولد عطاء) بن أبي رباح وصهر عطاء أبي عمر المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (2) الحج واللباس (قال) عبد الله مولى أسماء (أرسلتني) مولاتي (أسماء) بنت أبي بكر (إلى عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (فقالت) لي أسماء قل لابن عمر (بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة) لم يحرمها غيرك. وقوله (العلم) بالنصب بدل من أشياء أو من ثلاثة بدل تفصيل من مجمل أي تحرم العلم من الحرير (في الثوب) وهو رقعة من الحرير يخالف لونها لون الثياب يخاط على مواضع الظهور من البدن كالكتف والعضد والرأس كشرطة العسكر وبعض عمال أهل الشركة وإنما منع عبد الله بن عمر العلم من الحرير في الثوب تمسكًا بعموم النهي عن لبس الحرير وكأنه لم يبلغه حديث عمر رضي الله عنه الذي رواه عنه سويد بن غفلة الآتي في آخر الباب، والصواب إعمال ذلك المخصص في النهي العام ولأجل هذا
وَمِيثَرَةَ الأُرْجُوَانِ، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلَّهِ. فَقَال لِي عَبْدُ اللهِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ، فَكَيفَ بِمَنْ يَصومُ الأَبَدَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ في الثَّوْبِ، فَإِني سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا إِنمَا يَلبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" فَخِفْتُ أن يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ. وَأَمَّا مِيثَرَةُ الأُرجُوَانِ، فَهذِهِ مِيثَرةُ عَبْدِ اللهِ،
ــ
المخصص، قال ابن حبيب: إنه يرخص في لبس العلم والصلاة فيه وإن عظم (قلت) ويعني بقوله وإن عظم إذا بلغ أربع أصابع الذي هو غاية الرخصة المذكورة اهـ من المفهم (و) تحرم (ميثرة الأرجوان) والميثرة كما مر بسط الكلام فيه مركب من مراكب العجم يعمل من حرير يتخذ كالفراش الصغير ويحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال، والأرجوان بفتح الهمزة وضم الجيم صبغ أحمر؛ والمعنى والميثرة المصبوغة بصبغ أحمر (و) تحرم (صوم) شهر (رجب كله) قال عبد الله بن كيسان رسول أسماء إلى عبد الله بن عمر (فقال لي عبد الله) بن عمر في جواب سؤالي (أما ما ذكرت من) تحريمي صوم شهر (رجب) فكلام مكذوب علي لأني إذا حرمته (فكيف) تحريمي (بـ) صوم (من يصوم الأبد) أي فتحريمي بصوم الأبد من باب أولى مع أنه جائز بالنص الصريح، قال القرطبي: معنى هذا الكلام أنه إذا كان صوم الأبد جائزًا فكيف لا يكون صوم رجب كله جائزًا فتحريم صوم رجب كله مكذوب علي أنا ما قلته وهذا تكذيب لمن نقل عنه ذلك وإبطال لقول من يقول ذلك، وهذا منه رضي الله عنه إنكار بما بلغ إلى أسماء من تحريمه وإخبار منه أنه يصومه كله والله أعلم. وقد تقدم في كتاب الصيام الاختلاف في صوم الأبد اهـ من المفهم (وأما ما ذكرت من) تحريم (العلم) من الحرير (في الثوب فـ) حجتي في ذلك (إني سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما يلبس الحرير من لا خلاق له) في الآخرة (فخفت أن يكون العلم منه) أي أن يكون حكمه حكم الحرير، يستفاد منه أنه لم يحرم العلم ولكن خاف أن يدخل في عموم النهي عن الحرير وتركه تورعًا لا تحريمًا والله أعلم (وأما ميثرة الأرجوان فـ) لست أحرمها فتحريمها مكذوب علي لأن (هذه) الميثرة التي تراها (ميثرة عبد الله) بن عمر، فيه التفات يركب عليها فكيف يحرمها مع استعماله إياها، وهذا منه أيضًا إنكار ما بلغها من التحريم وقال مؤيدًا بعدم تحريمه فهذه ميثرة عبد الله يريد نفسه والله أعلم، قال عبد الله بن كيسان مولى أسماء:
فَإِذَا هِيَ أُرْجُوَانٌ.
فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ فَخَبَّرْتُهَا فَقَالتْ: هذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَأخْرَجَتْ إِليَّ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كَسْرَوَانِيَّةَ. لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ. وَفَرْجَيهَا مَكْفُوفَينِ بِالدِّيبَاجِ
ــ
فنظرت إلى تلك الميثرة الحاضرة (فإذا هي) أي تلك الميثرة (أرجوان) أي ميثرة أرجوان أي سجادة صغيرة من حرير محشوة بقطن مصبوغة بصبغ أحمر، قال القرطبي: معناه إنه كان يستعمل ميثرة الأرجوان فكيف يحرمها وهذا يبطل قول من فسر الميثرة المنهي عنها بأنها من أرجوان اهـ من المفهم. وقيل المعنى إنها حمراء وليست من حرير بل من صوف أو غيره، وقد سبق أنها تكون من حرير وقد تكون من صوف .. الخ اهـ نووي. قال عبد الله بن كيسان (فرجعت) من عند ابن عمر (إلى) مولاتي (أسماء) بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم (فخبرتها) بتشديد الباء من التخبير أي أخبرتها بما قال ابن عمر (فقالت) أسماء منكرة على ابن عمر تحريم العلم في الثوب ومحتجة على جوازه (هذه) الجبة المحفوظة عندي (جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجت إلي) من خزانتها (جبة طيالسة) أي غليظة كأنها من طيلسان وهو الكساء الغليظ اهـ مفهم. بنصب طيالسة على أنها صفة لجبة بمعنى غليظة، وبجرها على إضافة جبة إليها كثوب خز وهي بكسر اللام جمع طيلسان بفتحها على المشهور، قال جماهير أهل اللغة: لا يجوز فيه غير فتح اللام وعدوا كسرها من تصحيف العوام (كسروانية) بكسر الكاف وفتحها وسكون السين وفتح الراء نسبة إلى كسرى ملك الفرس صاحب العراق بزيادة الألف والنون وهي منصوبة على أنها صفة ثانية لجبة، وقيل مجرورة على أنها صفة لطيالسة على رواية الإضافة فيها كذا في المرقاة، وروي (خسروانية) بالخاء المنقوطة من فوق وهي رواية ابن ماهان، والمعنى واحد (لها) أي لتلك الجبة (لبنة) بكسر اللام وسكون الموحدة فنون رقعة توضع في جيب القميص والجبة على ما في النهاية (ديباج) بالجر بإضافة لبنة إليه أي لها لبنة من ديباج أي من حرير، ووقع في بعض الروايات (وفرجيها) مكفوفين؛ منصوبين على إضمار فعل أي ورأيت فرجي تلك الجبة وشقيها اللذين من قدام ووراء مكفوفين أي مخيطين بكفة حرير، وعند الخشني وغيره مرفوعين على الابتداء والخبر والواو حالية اهـ من المفهم بزيادة. قوله وفرجيها بضم الفاء وفي كثير من النسخ بفتحها أي شقيها شق من خلف وشق من قدام (مكفوفين) أي مخيطين (بالديباج) أي مكفوفين
فَقَالتْ: هذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ. فَلَمَّا قُبِضَتْ قبَضْتُهَا. وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلبَسُهَا. فَنَحنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا
ــ
بكفة من حرير أي مخيطين بخرقة من حرير كذا في المرقاة، وفي النووي: ومعنى المكفوف أنه جعل لها كفة بضم الكاف وتشديد الفاء وهو ما يكف به جوانبها ويعطف عليها وبكون ذلك في الذيل وفي الفرجين وفي الكمين اهـ. وإنما أخرجت أسماء جبة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكفوفة بالحرير لترى أن الثوب والجبة والعمامة ونحوها إذا كان مكفوف الطرف بالحرير جاز ما لم يزد على أربع أصابع فإن زاد فهو حرام لما سيأتي من حديث عمر رضي الله عنه (فقالت) معطوف على أخرجت أي أخرجت فقالت (هذه) الجبة التي أخرجتها إليك (كانت عند) أختي (عائشة) رضي الله تعالى عنها مدة حياتها (حتى قبضت) وماتت عائشة (فلما قبضت) وماتت عائشة (قبضتها) أي أخذتها وحفظتها عندي (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها) في حال حياته (فنحن نغسلها) الآن (للمرضى) حالة كونها (يستشفى بها) يطلب الشفاء من الأمراض بشرب غسالتها والتمسح بها ففيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم. قال القرطبي: (قول أسماء هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتج بذلك على جواز العلم من الحرير فإن الجبة كانت فيها لبنة من حرير وكانت مكفوفة بالحرير، ووجه الاحتجاج بذلك أنه إذا كان القليل من الحرير المصمت المخيط في الثوب جائزًا كان العلم بالجواز أولى ولا يلتفت إلى قول من قال إن ذلك الحرير وضع في الجبة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان كذلك لما احتجت به أسماء ولكان الواضع معروفًا عندهم فإن الاعتناء بتلك الجبة كان شديدًا وتحفظهم بها كان عظيمًا لأنها من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم المتداولة عندهم للتذكر والتبرك والاستشفاء فيبعد ذلك الاحتمال بل يبطل بدليل قولها هذه كانت عند عائشة رضي الله تعالى عنها إلى آخر الكلام فتأمله فإنه يدل على ذلك دلالة واضحة اهـ من المفهم.
وحديث أسماء هذا سنده من خماسياته لأن مولاها عبد الله بن كيسان رواه عنها، وغرضه بسوقه الاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.
وشارك المؤلف في روايته أبو داود أخرجه في اللباس باب الرخصة في العلم في الثوب [4054].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فقال:
5270 -
(2029)(95) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ، أَبِي ذُبْيَانَ. قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ: أَلا لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ. فَإِني سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَلبَسُوا الْحَرِيرَ. فَإنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ"
ــ
5270 -
(2029)(95)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبيد بن سعيد) بن أبان بن سعيد بن العاص الأموي الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (3) أبواب (عن شعبة) ابن الحجاج (عن خليفة بن كعب) التميمي (أبي ذبيان) بكسر الذال وضمها البصري، روى عن عبد الله بن الزبير في اللباس، والأحنف بن قيس، ويروي عنه (خ م س) وشعبة وجعفر بن ميمون، وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من (4)(قال) خليفة (سمعت عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي المكي ثم المدني أول مولود في الإسلام بعد الهجرة رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته؛ أي سمعته حالة كونه (يخطب) الناس ويعظهم حالة كونه (يقول) في خطبته (ألا) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبهوا واستمعوا ما أقول (لا تلبسوا) بضم أوله من الإلباس (نساءكم الحرير فإني سمعت عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا) بفتح أوله من اللبس (الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) لأن من استعجل بالشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
قوله: (لا تلبسوا نساءكم الحرير) الخ هذا مذهب ابن الزبير أن الحرير لا يجوز حتى للنساء روي ذلك عن علي وابن عمر وحذيفة وأبي موسى والحسن وابن سيرين أيضًا كما في فتح الباري [10/ 285] وأجمعوا بعد ابن الزبير على إباحته للنساء وحديث الباب يدل بظاهره أن ابن الزبير إنما استدل على مذهبه بحديث عمر فحمله على العموم ولم يكن عنده ما يحرم الحرير للنساء بصراحة وقد مر في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح لعمر وأسامة وغيرهما أن يشققوا لباس الحرير خمرًا للنساء، وروي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا وذهبًا فقال:"هذا حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم" أخرجه أصحاب السنن وأحمد وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا حديث دل صراحة على جوازه للنساء فيحمل حديث عمر على اختصاصه بالرجال والله أعلم.
5271 -
(530 2)(96) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ. قَال: كَتَبَ إِلَينَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ: يَا عُتْبَةُ بْنَ فَرْقَدٍ، إِنَهُ لَيسَ مِنْ كَدِّكَ
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في اللباس باب في لبس الحرير للرجال وقدر ما يجوز منه [5833]، والترمذي في الأدب باب ما جاء في كراهية الحرير والديباج [2817]، والنسائي في الزينة باب التشديد في لبس الحرير [5304].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أسماء بحديث عمر رضي الله عنهما فقال:
5271 -
(2030)(96)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي أبو عبد الله الكوفي (حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكوفي (حدثنا عاصم) بن سليمان (الأحول) التميمي مولاهم أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من (4)(عن أبي عثمان) النهدي عبد الرحمن بن مل -بتثليث الميم ولام مشددة- ابن عمرو بن عدي الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة مخضرم، من (2)(قال) أبو عثمان (كتب إلينا عمر) ابن الخطاب في زمن خلافته (ونحن بأذربيجان) مع عتبة بن فرقد أمير الجيش وأذربيجان إقليم معروف وراء العراق، وفي ضبطه وجهان مشهوران أشهرهما وأفصحهما أذربيجان بفتح الهمزة بدون مد وسكون الذال وفتح الراء وكسر الباء، وثانيهما آذربيجان بفتح الباء وما قبلها. وهذا السند من خماسياته، قال النووي: وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على البخاري ومسلم وقال: هذا الحديث لم يسمعه أبو عثمان عن عمر بل أخبر به عن كتاب عمر، وهذا الاستدراك باطل فإن الصحيح الذي عليه جماهير المحدثين ومحققو الفقهاء والأصوليين جواز العمل بالكتاب وروايته عن الكاتب سواء قال في الكتاب: أذنت لك في رواية هذا عني أو أجزتك رواية عني أو لم يقل شيئًا اهـ. وقال عمر في كتابه ذلك (يا عتبة بن فرقد) وهو صحابي مشهور شهد خيبر وكان أميرًا لعمر رضي الله عنهما في فتوح بلاد الجزيرة وهو الذي افتتح الموصل مع عياض بن غنم رضي الله عنهما، وكان قد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على بطنه وظهره فعبق به الطيب من يومئذ ونزل عتبة بعد ذلك الكوفة ومات بها كذا في الإصابة [2/ 448](إنه) أي إن هذا المال الذي جعلناه في يدك لتنفقه في أرزاق المسلمين (ليس) ذلك المال (من كدك) أي من كسبك الذي حصلته بالتعب والكد والمشقة، والكد التعب والمشقة
وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيكَ وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ. فَأَشْبعِ الْمُسْلِمِينَ في رِحَالِهِمْ، مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ في رَحْلِكَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ. قَال إلا هكَذَا. وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِصْبَعَيهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا
ــ
والمراد هنا إن هذا المال الذي عندك ليس هو من كسبك ومما تعبت فيه ولحقتك الشدة والمشقة في تحصيله (ولا) هو (من كد أبيك ولا من كد أمك) فورثته عنهما بل هو مال المسلمين فشاركهم فيه ولا تختص عنهم بشيء منه (فأشبع المسلمين) منه أي أعطهم ما يشبعهم (في رحالهم) ومنازلهم (مما تشبع منه في رحلك) في الجنس والقدر والصفة ولا تؤخر أرزاقهم عنهم ولا تحوجهم يطلبونها منك بل أوصلها إليهم وهم في منازلهم بلا طلب منهم اهـ نووي.
وكتب عمر رضي الله عنه إليهم (وإياكم والتنعم) أي باعدوا أنفسكم عن التنعم والتبسط والترفه في مآكلكم ومشاربكم (وزي أهل الشرك) أي وباعدوا أنفسكم عن زي وهيئة أهل الشرك في ملابسكم وزينتكم، وحاصل المعنى أن عمر أمر عتبة بن فرقد رضي الله عنهما أن يسوي بين نفسه وبين الناس فيما يأخذه من مال المسلمين ثم نهاه وحذره عن التنعم وهو الترفُّهُ والتوسع وعن زي أهل الشرك يعني بهم المجوس إذ لا يعني به مشركي العرب فإن زي العرب كله واحد مشركهم ومسلمهم، والزي ما يتزيَّى الإنسان به أي يتزين وذلك يرجع إلى الهيئات وكيفية اللباس كما قال:"خالفوا المشركين فإنهم لا يفرقون" وفي آخر "فإنهم لا يصبغون" متفق عليه، وفي آخر "خالفوا المجوس جزوا الشوارب وأوفوا اللحى" متفق عليه، ومن هنا كره مالك رحمه الله تعالى ما خالف زي العرب جملة واحدة (و) باعدوا أنفسكم (لبوس الحرير) أي لباسه يقال لبس الثوب لباسًا ولبوسًا بمعنى واحد اهـ من المفهم. قال في القاموس: اللبوس بوزن صبور، واللباس بوزن كتاب الثوب الذي يلبس، يقال عليه لبوس فاخر أي لباس حسن فعلى هذا فالإضافة بيانية والله أعلم اهـ ذهني (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس الحرير) واستثنى في نهيه و (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في استثنائه (إلا هكذا) أي إلا ما كان قدر هذا مشيرًا إلى المستثنى بإصبعيه (ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه) الشريفتين (الوسطى والسبابة) في بيان ما استثناه من الحرير المنهي عنه (و) الحال أنه قد (ضمهما) أي قد ضم إحداهما إلى الأخرى عند الإشارة بهما يعني
قَال زُهَيرٌ: قَال عَاصِمٌ: هذَا في الْكِتَابِ. قَال: وَرَفَعَ زُهَيرٌ إِصْبَعَيهِ.
5272 -
(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ
ــ
بالمستثنى الأعلام وهذا موضع الترجمة من الحديث، قال أحمد بن عبد الله (قال زهير) ابن معاوية عندما حدث لنا هذا الحديث (قال) لنا (عاصم) الأحول بعدما حدث لنا هذا الحديث (هذا) المذكور من الاستثناء ورفع الإصبعين مكتوب (في الكتاب) الذي كتبه عمر إلى عتبة بن فرقد (قال) أحمد بن عبد الله شيخ المؤلف (ورفع زهير) بن معاوية (إصبعيه) عندما حدث لنا هذا الحديث ويكون من شبه المسلسل بالرفع والله أعلم.
قوله: (ورفع لنا إصبعيه الوسطى والسبابة) ظاهره أنه لا يجوز من الحرير إلا موضع إصبعين ولكن سيأتي في خطبة عمر بالجابية رضي الله عنه "إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع" ووقع حديث الباب عند أبي داود من طريق حماد بن سلمة عن عاصم الأحول وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الحرير إلا ما كان هكذا وهكذا إصبعين وثلاثة وأربعة" فظهر بهذا أن ما وقع في هذه الرواية من ذكر الإصبعين فقط إنما هو من أجل أن الأقل لا ينفي الأكثر، ولأن جواز قدر أربع أصابع ثبت بما ذكرنا فالجمهور على أن قدر أربع أصابع مستثنى من النهي والله أعلم.
وقد جاء في هذا الحديث زيادة في مسند أبي عوانة الإسفرائيني وغيره بإسناد صحيح، وقال أبو عثمان: فيه (أتانا كتاب عمر ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد قال فيه: أما بعد فاتزروا وارتدوا وألقوا الخفاف والسراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل وإياكم والتنعم وزي الأعاجم، وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب وتمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا واقطعوا الركب وابرزوا وارموا الأغراض) نقله النووي في شرحه، وذكره الحافظ في الفتح [10/ 286].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في اللباس باب لبس الحرير للرجال [5830]، وأبو داود في اللباس باب ما جاء في لبس الحرير [4042]، والترمذي في اللباس باب ما جاء في الحرير والذهب [1721]، والنسائي في الزينة باب الرخصة في لبس الحرير [53121 و 5313]، وابن ماجه في اللباس باب الرخصة في العلم في الثوب [3638].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
5272 -
(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير بن عبد الحميد) الضبي
ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. كِلاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الْحَرِيرِ، بِمِثْلِهِ.
5273 -
(00)(00) وحدَّثنا ابْنُ أَبِي شَيبَةَ (وَهُوَ عُثْمَانُ) وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. كِلاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ (وَاللَّفْظُ لإِسْحَاقَ). أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيمَانَ التَّيمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ. قَال: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ. فَجَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ إلا مَنْ لَيسَ لَهُ مِنْهُ شَيءٌ في الآخِرَةِ إلا هكَذَا". وَقَال أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيهِ اللَّتَينِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ. فَرُئِيتُهُمَا
ــ
الكوفي (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (كلاهما) أي كل من جرير بن عبد الحميد وحفص بن غياث رويا (عن عاصم) الأحول، غرضه بيان متابعتهما لزهير بن معاوية (بهذا الإسناد) يعني عن أبي عثمان عن عمر (عن النبي صلى الله عليه وسلم في) لبس (الحرير) وساقا (بمثله) أي بمثل ما حدث زهير بن معاوية.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
5273 -
(00)(00)(وحدثنا ابن أبي شيبة وهو عثمان وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (كلاهما) أي كل من عثمان وإسحاق رويا (عن جرير) بن عبد الحميد (واللفظ) الآتي (لإسحاق) بن إبراهيم قال إسحاق (أخبرنا جرير) بن عبد الحميد (عن سليمان) بن طرخان (التيمي) البصري (عن أبي عثمان) النهدي عن عمر بن الخطاب. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سليمان التيمي لعاصم الأحول (قال) أبو عثمان (كنا مع عتبة بن فرقد) رضي الله عنه باذربيجان (فجاءنا كتاب عمر) بن الخطاب الخليفة في ذلك الوقت رضي الله عنه أي كتب إلينا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يلبس الحرير إلا من ليس له منه شيء في الآخرة إلا) من لبس (هكذا) أي قدر هذا فإنه حلال له ليس مؤاخذًا به، قال سليمان التيمي (وقال) أي أشار، وفيه إطلاق القول على الفعل وهو شائع وهذه الإشارة للتفهم بقدر المستثنى (أبو عثمان) النهدي (بإصبعيه اللتين تليان الأبهام) يعني السبابة والوسطى لبيان قدر المستثنى الذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم، قال سليمان التيمي (فرئيتهما) بضم الراء وكسر الهمزة بالبناء
أَزْرَارَ الطَّيَالِسَةِ، حِينَ رَأَيتُ الطَّيَالِسَةَ.
5274 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ. حَدَّثنَا أَبُو عُثْمَانَ. قَال: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
5275 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى). قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَال: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ بِأذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، أَوْ
ــ
للمجهول أي فأريت الإصبعين (أزرار الطيالسة) أي مثل أزرارها أي ألقي في رويتي وفكري كونهما مثل أزرار الطيالسة أي ألقي في فكري كون قدرهما قدر أزرار الطيالسة وبفتح الراء بالبناء للفاعل أي فرأيت كوني قدرهما قدر أزرار الطيالسة أي علمت ذلك وتيقنته (حين رأيت الطيالسة) والرؤية الأولى علمية والثانية بصرية والمراد أن هذا القدر المستثنى من حرمة الحرير رأيته في أزرار الطيالسة والأزرار جمع زر بكسر الزاي وتشديد الراء وهو ما يزرر به الثوب بعضه على بعض ومنه زررت على قميصي والمراد به هنا أطواق الثوب وأطراف الطيالسة وهي جمع طيلسان وهو الكساء أو الثوب الذي له علم وكأنها كانت لها أعلام من حرير اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
5274 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الأعلى) القيسي الصنعاني ثم البصري، ثقة، من (10)(حدثنا المعتمر بن سليمان) التيمي البصري، ثقة، من (9)(عن أبي) سليمان بن طرخان التيمي (حدثنا أبو عثمان) غرضه بيان متابعة المعتمر لجرير بن عبد الحميد (قال) أبو عثمان (كنا مع عتبة بن فرقد) وساق المعتمر (بمثل حديث جرير) ابن عبد الحميد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
5275 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أبا عثمان النهدي قال جاءنا كتاب عمر) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لعاصم الأحول وسليمان التيمي (ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أو) قال أبو عثمان ونحن
بِالشَّامِ: أَمَّا بَعْدُ. فَإِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هكَذَا. إِصْبَعَينِ.
قَال أَبُو عُثْمَانَ: فَمَا عَتَّمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلامَ.
5276 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالا: حَدَّثنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
(بالشام) شك قتادة فيما قاله أبو عثمان من أي اللفظين فإذا فيه أي في كتاب عمر (أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا هكذا) أي إلا قدر هذا يعني باسم الإشارة (إصبعين قال أبو عثمان فما عتمنا) أي فما توقفنا في معرفة (أنه) أي أن عمر (يعني) ويقصد بالاستثناء في قوله إلا هكذا (الأعلام) في الثوب جمع علم وقد مر بيانه، قوله (عتمنا) العتم بوزن الكتم التأخر والإبطاء يقال عتم قراه من الباب الثاني إذا أبطأ وهو ها هنا مضبوط بالتشديد من التعتيم فمعناه فما توقفنا وما أبطانا في معرفة مراد عمر رضي الله عنه بالاستثناء أنه أراد الأعلام اهـ ذهني، والمعنى ما أبطأنا في معرفة أن عمر إنما أراد بالاستثناء استثناء الأعلام في الثوب وأنه يجوز أن يكون الثوب معلمًا بالحرير بهذا القدر، ووقع في رواية آدم عند البخاري (فما علمنا إلا أنه يعني الأعلام) أي الذي حصل في علمنا أن المراد بالمستثنى الأعلام وهو أوضح وكذا رواه قاسم بن أصبغ وهو الذي أشار إليه القاضي عياض، وغلطه النووي ولكن جزم النووي بتغليطه فيه نظر لأنه ثابت في رواية البخاري، وأما حديث سويد بن غفلة الذي قال فيه "إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع" فذكر الدارقطني أنه لم يرفعه عن الشعبي إلا قتادة وهو مدلس وقط رواه جماعة من الأئمة الحفاظ موقوفًا على عمر قوله اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
5276 -
(00)(00)(وحدثنا أبو غسان المسمعي) مالك بن عبد الواحد البصري، ثقة، من (10)(ومحمد بن المثنى قالا حدثنا معاذ وهو ابن هشام) الدستوائي البصري (حدثني أبي) هشام الدستوائي (عن قتادة) غرضه بيان متابعة هشام الدستوائي لشعبة بن الحجاج (بهذا الإسناد) يعني عن أبي عثمان عن عمر وساق هشام (مثله) أي مثل حديث
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي عُثْمَانَ.
5277 -
(2031)(97) حدَّثنا عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ وَأَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيدِ بْنِ غَفَلَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَظَّابِ خَطَبَ بِالْجابِيَةِ فَقَال: نَهَى نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ. إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَينِ، أَوْ ثَلاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ
ــ
شعبة (و) لكن (لم يذكر) هشام في روايته (قول أبي عثمان) يعني قوله (وقال أبو عثمان فما عتمنا .. إلخ).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا، لحديث أسماء بحديث آخر لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال:
5277 -
(2031)(97)(حدثنا عبيد الله بن عمر) بن ميسرة الجشمي مولاهم أبو سعيد (القواريري) البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (10) أبواب (وأبو فسان المسمعي وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى وابن بشار قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي) هشام الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (عن عامر) بن شراحيل الحميري (الشعبي) الكوفي (عن سويد بن غفلة) بفتحات الجعفي أبي أمية الكوفي، ثقة مخضرم، من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم وكان مسلمًا في حياته صلى الله عليه وسلم، روى عنه في (4) أبواب (أن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته (خطب) الناس أي وعظهم وذكرهم (بالجابية) بكسر الموحدة وتخفيف الياء المثناة تحت قرية من أعمال دمشق ثم من عمل الجيدور من ناحية الخولان قرب صرح الصقر في شمال حوران، بها خطب عمر خطبته هذه وهي مشهورة، وباب الجابية بدمشق منسوب إلى هذا الموضع كذا في معجم البلدان [5/ 91](فقال) عمر في خطبته (نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين) أي قدرهما (أو) قدر (ثلاث) من الأصابع (أو) قدر (أربع) منها، وقال النووي: وفي هذا الحديث إباحة العلم من الحرير
5278 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
5279 -
(2032)(98) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَيحْيَى بْنُ حَبِيبٍ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ - وَاللَّفْظُ لابْنِ حَبِيبٍ - (قَال إِسْحَاقُ:
ــ
في الثوب إذا لم يزد على أربع أصابع وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور اهـ، قال قاضيخان: روى بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه لا بأس بالعلم من الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع أو دونها ولم يحك فيها خلافًا اهـ مرقاة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي أخرجه موقوفًا على عمر في الزينة [5313]. وقد استدرك الدارقطني هذا الحديث على مسلم بأن الصواب أنه موقوف على عمر كما رواه الثقات ولم يرفعه إلا قتادة وهو مدلس، ولكن رد عليه النووي بأن الرفع زيادة وهي من الثقة مقبولة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عمر هذا رضي الله عنه فقال:
5278 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن عبد الله الرزي) بضم المهملة وكسر الزاي المشددة نسبة إلى الرز وهو الأرز، وربما يقال الأرزي أيضًا بفتح الهمزة وسكون المهملة قبل الزاي أبو جعفر البصري، نزيل بغداد، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء) الخفاف العجلي مولاهم أبو نصر البصري، نزيل بغداد، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6)(عن قتادة بهذا الإسناد) يعني عن الشعبي عن سويد عن عمر، غرضه بيان متابعة سعيد لهشام وساق سعيد بن أبي عروبة (مثله) أي مثل حديث هشام الدستوائي.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث جابر رضي الله عنه فقال:
5279 -
(2032)(98)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ويحيى بن حبيب) بن عربي الحارثي البصري (وحجاج) بن يوسف الثقفي البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11) (واللفظ لابن حبيب قال إسحاق
أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَبِسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا قَبَاءً مِنْ دِيبَاجِ أُهْدِيَ لَهُ. ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ نَزَعَهُ. فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطابِ. فَقِيلَ لَهُ: قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْتَهُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَال:"نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ" فَجَاءَهُ عُمَرُ يَبْكِي. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، كَرِهْتَ أَمْرًا وَأَعْطَيتَنِيهِ، فَمَا لِي؟ قَال:
ــ
أخبرنا وقال الآخرون حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (حدثنا ابن جريج) الأموي عبد الملك بن عبد العزيز المكي، ثقة، من (6) قال (أخبرني أبو الزبير) الأسدي مولاهم المكي (أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته حالة كونه (يقول لبس النبي صلى الله عليه وسلم يومًا) من الأيام (قباء) وهو ثوب ضيق الكمين ضيق الوسط مشقوق من خلفه مفتوح من قدامه يتشمر فيه للحرب والأسفار وكذلك الفروج اهـ ط. وكان هذا اللبس منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم الحرير ثم لما لبسه أعلم بالتحريم فخلعه مسرعًا، وقد دل على هذا قوله:"نهاني عنه جبريل" اهـ من المفهم (من ديباج) وهو ما غلظ من الحرير (أهدي) ذلك الديباج (له) صلى الله عليه وسلم والجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور صفة الديباج (ثم) بعد لبسه (أوشك) وأسرع إلى (أن نزعه) وخلعه من جسمه، قال في القاموس: الوشك بفتح الواو وسكون الشين والوشاكة السرعة يقال وشك الأمر وشكًا ووشاكة إذا أسرع، والإيشاك المشي بسرعة، ومنه أوشك الأمر أن يكون كذا فعلى هذا معنى أوشك أن نزعه أي أسرع إلى نزعه، قال الأبي: يرد هذا على الأصمعي في قوله إنه لا يأتي من يوشك ماض وإنما يأتي منه المستقبل، وذكر الخليل وغيره أنه يأتي منه الماضي اهـ (فأرسل به) أي بعث بذلك القباء (إلى عمر بن الخطاب فقيل له) صلى الله عليه وسلم (قد أوشك ما نزعته) أي قد أسرع نزعك وخلعك إياه من جسمك؛ والمعنى على الاستفهام بدليل الجواب كأنه قيل ما أوشك أن نزعته أي أي شيء أسرع نزعك إياه (يا رسول الله فقال نهاني عنه جبريل) عليه السلام (فجاءه) صلى الله عليه وسلم (عمر) بن الخطاب حالة كونه (يبكي) ويتأسف (فقال) عمر (يا رسول الله كرهت أمرًا) أي شيئًا من اللباس (وأعطيتنيه فمالي) أي فأي شيء ثبت لي ترسله إليّ فـ (قال)
"إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ. إِنَّمَا أَعطَيتُكَهُ تَبِيعُهُ" فَبَاعَهُ بِأَلْفَي دِرْهَمٍ.
5387 -
(17) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيّ). حَدُّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحِ يُحَدِّثُ، عَنْ عَلِيٍّ. قَال: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةُ سِيَرَاءَ. فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ. فَلَبِسْتُهَا. فَعَرَفْتُ الْغَضَبَ في وَجْهِهِ. فَقَال: "إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيكَ لِتَلْبَسَهَا. إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيكَ لِتُشَقِّقَهَا
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر (إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتكه تبيعه) أي لتبيعه وتنتفع بثمنه، قال جابر (فباعه) عمر (بالفي درهم) ودلالة الحديث على مقتضى الترجمة واضحة وهذه الواقعة مخالفة لقصة ما مر في حلة سيراء لما بينهما من التباين الظاهر.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 383]، والنسائي في الزينة باب نسخ لبس الديباج [5303].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقال:
5280 -
(2033)(99)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (حدثنا شعبة عن أبي عون) محمد بن عبيد الله بن سعيد الأعور الثقفي الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (قال) أبو عون (سمعت أبا صالح) عبد الرحمن بن قيس الحنفي الكوفي، روى عن علي بن أبي طالب في اللباس وابن مسعود، ويروي عنه (م د س) وأبو عون الثقفي وبيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد، قال ابن معين: ثقة، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة من خيار التابعين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، حالة كون أبي صالح (يحدث) ويروي (عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) علي (أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء) بالاتصال والانفصال لكن المحققون ومتقنو العربية على الاتصال كما مر فيكون كثوب خز وباب ساج (فبعث) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بها) أي بحلة منها (إلي فلبستها) ورآني وأنا لابس لها (فعرفت الغضب) أي أثر الغضب والكراهية (في وجهه) الشريف (فقال) لي (إني لم أبعث بها إليك لتلبسها) بنفسك و (إنما بعثت بها إليك لتشققها) وتقطعها وتجعلها
خُمُرًا بَينَ النِّسَاءِ".
5281 -
(00)(00) حدّثناه عُبيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. في حَدِيثِ مُعَاذِ: فَأَمَرَنِي فَأَطَرْتُهَا بَينَ نِسَائِي. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: فَأَطَرْتُهَا بَينَ نِسَائِي. وَلَمْ يَذْكُرْ: فَأَمَرَنِي.
5282 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ
ــ
(خمرًا) موزعة (بين النساء) من حرمك، والخمر جمع خمار وهي ما تستر بها المرأة رأسها كما مر. وفي الحديث دلالة واضحة على الترجمة لأنه لبسها جهلًا بحرمتها على الرجال أو سهوًا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في اللباس باب الحرير للنساء [5840]، وفي الهبة والنفقات، وأبو داود في اللباس باب ما جاء في لبس الحرير [4043]، والنسائي في الزينة باب الرخصة للنساء في لبس السيراء [5298]، وابن ماجه في اللباس باب لبس الحرير والذهب للنساء [3641].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث علي رضي الله عنه فقال:
5281 -
(00)(00)(حدثناه عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري (ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد يعني ابن جعفر) غندرًا (قالا) أي قال معاذ ومحمد (حدثنا شعبة عن أبي عون) محمد بن عبيد الله الثقفي الكوفي (بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن علي، غرضه بيان متابعة معاذ بن معاذ ومحمد بن جعفر لعبد الرحمن بن مهدي ولكن (في حديث معاذ) وروايته (فأمرني) بالقسم بين نسائي (فأطرتها) أي شققتها وقسمتها (بين نسائي) أي بين حرمي من قولهم طار لي في القسمة كذا أي صار لي فأطرتها بمعنى قسمتها اهـ من الأبي (وفي حديث محمد بن جعفر) وروايته (فأطرتها بين نسائي) أي قسمتها بينهن (ولم يذكر) محمد لفظة (فأمرني).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:
5282 -
(00)(00) (وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب
وَاللَّفْظُ لِزُهَيرٍ - (قَال أَبُو كُرَيبٍ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَن أُكَيدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَ حَرِيرٍ. فَأَعْطَاهُ عَلِيًّا. فَقَال:"شَقِّقْهُ خُمُرًا بَينَ الْفَوَاطِمِ"
ــ
واللفظ لزهير قال أبو كريب أخبرنا وقال الآخران حدثنا وكيع عن مسعر) بن كدام بن ظهير الهلالي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي عون) محمد بن عبيد الله (الثقفي) الكوفي (عن أبي صالح الحنفي) عبد الرحمن بن قيس الكوفي (عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة مسعر لشعبة (أن أكيدر) بضم الهمزة وفتح الكاف تصغير أكدر وهو أكيدر بن عبد الملك كان رئيسًا لدومة الجندل فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد من تبوك فصالحه، ووقع في بعض الروايات أنه أسلم بعد ذلك، ولكن المحققون على أنه قتل نصرانيًّا في عهد أبي بكر بيد خالد بن الوليد رضي الله عنهما لنقضه عهده والله سبحانه وتعالى أعلم.
(دومة) بضم الدال وفتحها هي مدينة لها حصن عادي في برية في أرض ذات نخل وزرع يسقون بالنواضح وحولها عيون قليلة وغالب زرعهم الشعير وهي عن المدينة على نحو ثلاث عشرة مرحلة، وعن دمشق على نحو عشر مراحل اهـ نووي (أهدى) أكيدر (إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فأعطاه) أي فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحرير (عليًّا) ابن أبي طالب رضي الله عنه (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين أعطاه (شققه) أي قطعه قطعًا قطعًا واجعله (خمرًا) موزعة (بين الفواطم) الثلاثة التي تحت رعايتك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وفاطمة بنت حمزة الشهيد، وروى أبو عمر بن عبد البر وعبد الغني الحافظ هذا الحديث، وقالا فيه قال علي فشققت منها أربعة أخمرة وقسمتها بين الفواطم الأربع خمارًا لفاطمة بنت أسد أم علي وخمارًا لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وخمارًا لفاطمة بنت حمزة رضي الله عنهم، قال يزيد بن أبي زياد: ونسيت الرابعة، قال بعض المتأخرين: الرابعة فاطمة بنت شيبة بن ربيعة امرأة عقيل بن أبي طالب لاختصاصها بعلي بالصهر وقربها بالمناسبة، وقيل فاطمة بنت الوليد
وَقَال أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ: بَينَ النِّسْوَةِ.
5283 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيسَرَةَ، عَنْ زيدِ بْنِ وَهْبٍ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَال: كَسَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حُلَّةَ سِيَرَاءَ. فَخَرَجْتُ فِيهَا. فَرَأَيتُ الْغَضَبَ في وَجْهِهِ. قَال: فَشَقَقْتُهَا بَينَ نِسَائِي.
5284 -
(2034)(100) وحدّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ وَأَبُو كَامِلٍ (وَاللَّفْظُ لأَبِي كَامِلٍ) قَالا: حَدَّثنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الأَصَمِّ،
ــ
ابن عتبة، وقيل فاطمة بنت عتبة اهـ من المفهم (وقال أبو بكر وأبو كريب) في روايتهما فقال: شققه خمرًا (بين النسوة) اللاتي تحت رعايتك بدل قول غيرهما (بين الفواطم).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:
5283 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر) محمد بن جعفر الهذلي البصري (عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة) الهلالي الكوفي (عن زيد بن وهب) الجهني الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة زيد بن وهب لأبي صالح الحنفي (قال) علي أكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فخرجت) من البيت إلى المسجد مشتملًا (فيها فرأيت الغضب) أي أثره (في وجهه) الشريف وهو حمرة وجهه بعد بياضه فأمرني أن أشققها وأقسمها بين حرمي فـ (قال) علي (فشققتها) أي فشققت تلك الحلة وقسمتها (بين نسائي) أي بين حرمي يعني الفواطم الثلاث أو الأربع رضي الله تعالى عنهن.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:
5284 -
(2034)(100)(وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(وأبو كامل) الجحدري سليمان بن داود البصري (واللفظ لأبي كامل قالا حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن عبد الرحمن بن الأصم) أو ابن عبد الله بن الأصم، ويقال ابن عمرو بن الأصم العبدي أو الثقفي أبي بكر
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُمَرَ بِجُبَّةِ سُنْدُسِ. فَقَال عُمَرُ: بَعَثْتَ بِهَا إِلي وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَال: "إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيكَ لِتَلْبَسَهَا. وَإِمَّا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيكَ لِتَنْتَفِعَ بِثَمَنِها".
5285 -
(2035)(101) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ عُلَيةَ) عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيبٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ"
ــ
المدائني مؤذن الحجاج الجائر، روى عن أنس بن مالك في اللباس وأبي هريرة، ويروي عنه (م س) وأبو عوانة وابن سيرين، وثقه ابن معين وقال: كان يرى القدر، وقال أبو حاتم: صدوق ما بحديثه بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من الثالثة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عمر بجبة سندس) والجبة قباء طويل محشو يلبس للبرد والسندس ما رق من ثياب الحرير كما مر (فقال عمر) لرسول الله صلى الله عليه وسلم أ (بعثت) بتقدير همزة الاستفهام أي هل بعثت (بها) أي بهذه الجبة (إلي) يا رسول الله (وقد قلت فيها) أي في ثياب الحرير (ما قلت) من قوله من لبسها في الدنيا لا خلاق له في الآخرة، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لم أبعث بها إليك لتلبسها) بنفسك (وإنما بعثت بها إليك لـ) تبيعها و (تنتفع بثمنها) وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس الأول بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال:
5285 -
(2035)(101)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا إسماعيل وهو ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب) مصغرًا البناني مولاهم البصري الأعمى، ثقة، من (4)(عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة).
5286 -
(2036)(102) وحدَّثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعَيبُ بن إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعيِّ. حَدَّثَنِي شَدَّادٌ، أَبُو عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ في الدُّنْيَا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ".
5287 -
(2037)(103) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ،
ــ
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري في اللباس [5832]، وابن ماجه في اللباس [3633].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس الأول بحديث أبي أمامة رضي الله عنهما فقال:
5286 -
(2036)(102)(وحدثني إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي أبو إسحاق الفراء الصغير (الرازي) ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (أخبرنا شعيب بن إسحاق) بن عبد الرحمن الأموي، مولاهم البصري، ثم (الدمشقي) ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) الدمشقي، ثقة، من (7)(حدثني شداد) بن عبد الله القرشي الأموي مولاهم مولى معاوية (أبو عمار) الدمشقي (حدثني أبو أمامة) بن سهل بن حنيف اسمه أسعد، وقيل سعد، وقيل اسمه قتيبة، معروف بكنيته الأنصاري المدني الصحابي المشهور له رؤية لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فحديثه هنا مرسل لأنه روى عن أنس. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جابر بحديث عقبة بن عامر رضي الله عنهما ولو قدم هذا الحديث على حديث أنس وذكره بعد حديث علي لكان أنسب وأوفق لاصطلاحاته لأنه شاهد ثان لحديث جابر وكان هذا التأخير من تحريف النساخ فقال:
5287 -
(2037)(103)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري (عن يزيد بن أبي حبيب) اسمه سويد مولى شريك بن الطفيل الأزدي أبي رجاء
عَنْ أَبِي الْخَيرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ أَنًهُ قَال: أُهْدِيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حَرِيرٍ. فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا. كَالْكَارِهِ لَهُ. ثُمَّ قَال: "لَا يَنْبَغِي هذَا لِلْمُتَّقِينَ"
ــ
المصري عالمها، ثقة، من (5) روى عنه في (11) بابا (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله الحميري اليزني الفقيه المصري، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن عقبة بن عامر) الجهني المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه روى عنه في (3) أبواب. وهذا السند من خماسياته (أنه) أي أن عقبة (قال أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير) بفتح الفاء وضمها وهو المعروف وتشديد الراء المضمومة لا غير، وقد تخفف الراء وهو القباء المفرج أي المفتوح من خلف، والذي أهدى له هو أكيدر دومة، وقيل ملك ذي يزن كما في المستدرك اهـ تنبيه المعلم بتصرف (فلبسه) أي فلبس ذلك الفروج النبي صلى الله عليه وسلم (ثم صلى فيه ثم انصرف) وفرغ من الصلاة (فنزعه) أي خلع ذلك الفروج (نزعًا شديدًا) أي بقوة ومبادرة إلى نزعه على خلاف عادته في الرفق والتأني وهذا مما يؤكد أن التحريم إنما وقع حينئذ (كالكاره له ثم قال لا ينبني هذا) أي لبسه (للمتقين) أي للممتثلين أوامر الله ونواهيه، وفي المفهم أي للمؤمنين فإنهم هم الذين خافوا الله تعالى واتقوه بإيمانهم وطاعتهم له اهـ. قال ابن بطال: يمكن أن يكون نزعه لكونه حريرًا صرفًا، ويمكن أن يكون نزعه لأنه من جنس لباس الأعاجم، وقد ورد في حديث ابن عمر "من تشبه بقوم فهو منهم" قال الحافظ بعد نقل كلام ابن بطال: وهذا التردد مبني على تفسير المراد بالمتقين فإن كان المراد به مطلق المؤمن حمل على الأول، وإن كان المراد به قدرًا زائدًا على ذلك حمل على الثاني والله أعلم اهـ. وظاهر هذا الحديث أن لبسه صلى الله عليه وسلم هذا الثوب وصلاته فيه كان قبل تحريم لبس الحرير ويدل على ذلك حديث جابر الذي مر قريبًا: لبس النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قباء من ديباج أهدي له ثم أوشك أن نزعه فأرسل به إلى عمر بن الخطاب فقيل له قد أوشك ما نزعته يا رسول الله فقال: "نهاني عنه جبريل".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الصلاة [375] وفي اللباس [5801]، والنسائي [72/ 2]، وأحمد [4/ 143].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عقبة رضي الله عنه فقال:
5288 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ (يَعْنِي أَبَا عَاصمٍ). حَدَّثنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيب، بِهذَا الإِسْنَادِ.
5289 -
(2038)(104) حدَّثنا أَبُو كُرَيب، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ؛ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنْبَأَهُمْ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيرِ بْنِ الْعَوَّامِ في الْقُمُصِ الْحَرِيرِ. في السَّفَرِ. مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا. أَوْ وَجَع كَانَ بِهِمَا
ــ
5288 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى حدثنا الضحاك) بن مخلد الشيباني (يعني أبا عاصم) النبيل البصري، ثقة ثبت، من (9)(حدثنا عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري المدني، صدوق، من (6)(حدثني يزيد بن أبي حبيب بهذا الإسناد) يعني عن أبي الخير عن عقبة بن عامر، غرضه بيان متابعة عبد الحميد لليث بن سعد. ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:
5289 -
(2038)(104)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من (9)(عن سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6)(حدثنا قتادة) بن دعامة الأعمى السدوسي البصري، ثقة، من (4) (أن أنس بن مالك) رضي الله عنه (أنباهم) أي أخبر لقتادة ومن معه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص) أي جوز (لعبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني (والزبير بن العوام) الأسدي المدني (في قمص) بضمتين جمع قميص وهو ثوب له جيب وطوق يستر معظم البدن أي في لبس قمص (الحرير في السفر) وكذا في الحضر لأن السفر ليس بقيد لأنه واقعة عين فلا يفيد التخصص (من حكة) وهي الجرب اليابس أي لأجل حكة (كانت بهما أو) قال أنس لأجل (وجع كان بهما) والشك من الراوي أو ممن دونه. قال القرطبي: ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن والزبير في لباس الحرير للحكة أو للقمل يدل على جواز ذلك للضرورة وبه قال جماعة من أهل العلم وبعض أصحاب مالك، وأما مالك فمنعه في الوجهين والحديث واضح الحجة عليه إلا أن يدَّعى الخصوصية بهما ولا يصح أو لعل الحديث لم يبلغه اهـ من المفهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله (في القمص الحرير) كذا في جميع النسخ التي بأيدينا بإدخال اللام على الكلمتين وبالجر فيهما ويمكن توجيه الجر في الثاني بأنه بالإضافة على كون اللام زائدة والأول للمشاكلة فلا تمنع الإضافة أو على كونه بدلًا أو عطف بيان من الأول، وذكره النووي في شرحه (في قمص الحرير) على طريق الإضافة وهو واضح لا إشكال فيه، وقوله (في السفر) قيد لا مفهوم له لأن الترخيص سائر مع وجود العلة لا مع وجود السفر أو يقال خرج مخرج الغالب. قوله (من حكة كانت بهما) وسيأتي في رواية همام شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فبين الروايتين معارضة قلنا لا معارضة لأنه يمكن أن تكون الحكة بسبب القمل فذكر هنا المسبب وهناك السبب، والحكة هي الجرب اليابس وهي الحساسية في الجلد، واستدل الجمهور بحديث الباب على أن استعمال الحرير للرجال يجوز في الجرب ولمرض كالحكة وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: إنما الجائز في الجرب ما كان لحمته من حرير وسداه من غيره، وإنه يكره في غير الحرب والمرض، فأما الحرير الخالص فلا يباح للرجال إلا عند الاضطرار، وحمل أبو حنيفة حديث الباب على الاضطرار حيث لم يتيسر في السفر إلا الحرير الخالص أو على أنه صلى الله عليه وسلم إنما أباح لهما الملحم يعني ما كان لحمته من حرير وسداه من غيره، دون الحرير الخالص أو على أنه كان خصوصية لهما، ومما دل على الخصوصية ما أخرجه ابن عساكر عن ابن سيرين أن عمر رأى على خالد ابن الوليد قميص حرير فقال: ما هذا؟ فذكر له خالد قصة عبد الرحمن بن عوف فقال: وأنت مثل عبد الرحمن أو لك مثل ما لعبد الرحمن، ثم أمر من حضره فمزقوه ذكره الحافظ في الفتح [6/ 101] وقال: رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا. وأخذ أبو حنيفة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها" وأما الجمهور وأبو يوسف ومحمد فأخذوا بإطلاق حديث الباب حيث لم يقيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرخصة بالاضطرار ولا بالملحم ولا بالخصوصية. وقال في إعلاء السنن [17/ 348] فقول أبي حنيفة في الباب أورع وأحوط، وقولهم أوسع وأقوى وأضبط والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في روايته البخاري في اللباس [5839]، وأبو داود في اللباس [4056]، والنسائي في الزينة [5310 و 5311]، وابن ماجه في اللباس [3637].
5290 -
(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثنَا سَعِيدٌ، بِهذَا الإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: في السَّفَرِ.
5291 -
(00)(00) وحدَّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ رُخِّصَ، لِلزبَيرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ في لُبْسِ الْحَرِيرِ. لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا.
5292 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5290 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي (حدثنا سعيد) بن أبي عروبة (بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن أنس، غرضه بيان متابعة محمد بن بشر لأبي أسامة (و) لكن (لم يذكر) محمد بن بشر لفظة (في السفر).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5291 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لسعيد بن أبي عروبة (قال) أنس (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبناء للفاعل (أو) قال أنس أو من دونه (رخص) بالبناء للمفعول، والشك من قتادة فيما قاله أنس أو من شعبة فيما قاله قتادة، والمعنى واحد أي رخص النبي صلى الله عليه وسلم (للزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير لحكة) أي لأجل حكة (كانت بهما) رضي الله عنهما.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5292 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن أنس، غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لوكيع، وساق محمد بن جعفر (مثله) أي مثل ما روى وكيع عن شعبة.
5293 -
(00)(00) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ؛ أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيرَ بْنَ الْعَوَّامِ شَكَوَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَمْلَ. فَرَخَّصَ لَهُمَا في قُمُصِ الْحَرِيرِ. في غَزَاةٍ لَهُمَا
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في هذا الحديث فقال:
5293 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الأنصاري مولاهم أبو عثمان الصفار البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي العوذي بفتح المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة أبو عبد الله البصري، ثقة، من (7)(حدثنا قتادة أن أنسًا) رضي الله عنه (أخبره) أي أخبر لقتادة. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة همام لشعبة وابن أبي عروبة (أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام) رضي الله عنهما (شكوا) أي شكا كل منهما (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراه على سبيل الشكوى (القمل) أي كثرة القمل بهما وإذايته لهما، والقمل حيوان يتولد من عرق الإنسان ووسخه يكون على لون ما تولد فيه أنثاه أكبر من ذكره، قال في المرقاة (شكوا) بالواو أفصح من شكيا بالياء، قال في القاموس: شكيت لغة في شكوت والشكوى إخبار ما بك من الضرر للغير على سبيل الاستغاثة به، وقد تقدم الجمع بين رواية الحكة ورواية القمل آنفًا فجدد العهد به (فرخص) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لهما في) لبس (قمص الحرير في غزاة لهما) وهو بمعنى قوله "في السفر" في الرواية الأولى ولم أر من عين تلك الغزاة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أحد عشر حديثًا، الأول حديث أسماء ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث عبد الله بن الزبير ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث حديث عمر بن الخطاب ذكره للاستشهاد به لحديث أسماء المذكور أولًا وذكر فيه خمس متابعات، والرابع حديث عمر ابن الخطاب الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة، والسادس حديث علي بن أبي طالب ذكره للاستشهاد لحديث جابر وذكر فيه ثلاث متابعات، والسابع حديث أنس بن مالك الأول ذكره للاستشهاد به ثانيًا لحديث جابر، والثامن حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به على الجزء الرابع من الترجمة، والتاسع حديث أبي أمامة ذكره للاستشهاد، والعاشر حديث عقبة بن عامر ذكره للاستشهاد به ثالثًا لحديث جابر راجع الشرح هنا وذكر فيه متابعة واحدة، والحادي عشر حديث أنس الأخير ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***