المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الأشربة

- ‌657 - (1) باب تحريم الخمر وما تكون منه وتحريم تخليلها والتداوي بها وبيان أن كل ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا

- ‌659 - (3) باب كل مسكر خمر وحرام وبيان عقوبة من شربه إذا لم يتب منه وبيان المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌660 - (4) باب جواز شرب اللبن وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين وجواز شرب النبيذ والحث على تخمير إنائه والأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وإطفاء النار عند النوم

- ‌ كتاب آداب الأطعمة والأشربة

- ‌661 - (5) باب آداب الطعام والشراب والنهي عن الأكل بالشمال والأمر بالأكل باليمين وكراهية الشرب والأكل قائمًا والشرب من زمزم قائمًا

- ‌662 - (6) باب النهي عن التنفس في الإناء واستحبابه خارجه ومناولة الشراب الأيمن فالأيمن ولعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة الساقطة ومن دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌ تتمة

- ‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرًا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

- ‌664 - (8) باب صفة قعود الآكل، ونهيه عن قرن تمرتين عند أكله مع الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوع أهل بيت عندهم تمر"، وفضل تمر المدينة، وفضل الكمأة، وفضل الكباث، وفضل التأدم بالخل

- ‌665 - (9) باب كراهية أكل الثوم ونحوه لمن أراد خطاب الأكابر وحضور المساجد وإكرام الضيف وفضل إيثاره والحث على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاية

- ‌666 - (10) باب طعام الاثنين يكفي الثلاثة والمؤمن يأكل في معىً واحد والكافر في سبعة أمعاء، وأن الطعام لا يعيب، والنهي عن أكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ كتاب اللباس والزينة

- ‌667 - (11) باب تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال وإباحته للنساء

- ‌668 - (12) باب ما يرخَّص فيه من الحرير وحجة من يحرم الحرير على النساء ومن لبس حريرًا سهوًا أو غلطًا نزعه أوَّل ما علم أو تذكَّر وحرمان من لبِسه في الدنيا من لُبْسهِ في الآخرة والرخصة في لُبْس الحرير للعلَّة

- ‌669 - (13) باب النهي عن المعصفر، وفضل لبس ثياب الحبرة، وفضل التواضع في اللباس والفراش وغيرهما، والاقتصار على الغليظ منهما، وجواز اتخاذ الأنماط وكراهة ما زاد على الحاجة في الفراش واللباس

- ‌670 - (14) باب إثم من جر ثوبه خيلاء وإثم من تبختر في مشيه، وتحريم خاتم الذهب على الرجال، ولبس النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده خاتمًا من ورق نقشه محمد رسول الله واتخاذه لما أراد أن يكتب إلى العجم

- ‌671 - (15) باب طرح الخواتم والفص الحبشي ولبس الخاتم في الخنصر والنهي عن التختم في الوسطى والتي تليها والانتعال وآدابه والنهي عن اشتمال الصماء ومنع الاستلقاء على الظهر

- ‌672 - (16) باب نهي الرجل عن التزعفر واستحباب خضاب الشيب بحمرة أو صفرة وتحريمه بسواد والأمر بمخالفة اليهود في الصبغ وتحريم تصوير الحيوان واتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة

- ‌673 - (17) باب كراهية صحبة الكلب والجرس في السفر وكراهية القلائد والوتر في أعناق الدواب وكراهية ضرب الحيوان ووسمه في الوجه وجواز وسم غير الآدمي في غير الوجه وكراهية القزع والنهي عن الجلوس في الطرقات

- ‌674 - (18) باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ونظائرهما وذم النساء الكاسيات العاريات والنهي عن التزوير في اللباس وغيره والتشبع بما لم يعط

الفصل: ‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

‌663 - (7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرًا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

5174 -

(1997)(62) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيلَةٍ. فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَقَال: "مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هذِهِ السَّاعَةَ؟ " قَالا: الْجُوعُ. يَا رَسُولَ اللهِ، قَال: "وَأَنَا. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا

ــ

663 -

(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه وجعل الله تعالى قليل الطعام كثيرًا ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحباب أكل الدباء ووضع النوى خارج التمر وأكل القثاء بالرطب

5174 -

(1997)(62)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خلف بن خليفة) بن صاعد الأشجعي البغدادي، صدوق، من (8)(عن يزيد بن كيسان) اليشكري الكوفي، صدوق، من (6)(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي الكوفي، مولى عزة، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو) قال أبو هريرة خرج ذات ليلة) والشك من أبي حازم أو ممن دونه، وفي رواية أبي سلمة عند الترمذي (خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد)(فإذا هو) صلى الله عليه وسلم راءٍ (بأبي بكر) الصديق (وعمر) بن الخطاب رضي الله عنهما وإذا فجائية، والجملة معطوفة على جملة خرج أي خرج من بيته ففاجأه رؤيتهما (فقال) لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أخرجكما) أي أي شيء وأي سبب أخرجكما يا عمران (من بيوتكما) في (هذه الساعة) التي لا يخرج فيها إنسان من بيته (قالا) أي قال العمران أخرجنا من بيوتنا (الجوع يا رسول الله) أي ألم الجوع (قال) لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأنا) أيضًا (والذي نفسي) أي أقسمت لكما بالإله الذي روحي (بيده) المقدسة (لأخرجني) من بيتي الجوع (الذي أخرجكما) من بيوتكما، قال النووي: فيه جواز ذكر الإنسان ما يناله من ألم ونحوه لا على سبيل التشكي وعدم الرضاء بل للتسلية والتصبر كفعله صلى الله عليه وسلم

ص: 195

قُومُوا" فَقَامُوا مَعَهُ. فَأَتَي رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ. فَإِذَا هُوَ لَيسَ في بَيتِهِ

ــ

هنا ولالتماس دعاء أو مساعدة على التسبب في إزالة ذلك العارض فهذا كله ليس بمذموم إنما يذم ما كان تشكيًا وتسخطًا وتجزعًا أه منه.

قال القرطبي: وهذا يدل على شدة حالهم في أول أمرهم وسبب ذلك أن أهل المدينة كانوا في شظفٍ من العيش عندما قدم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم مع المهاجرين وكان المهاجرون فروا بأنفسهم وتركوا أموالهم وديارهم فقدموا فقراء على أهل شدة وحاجة مع أن الأنصار رضي الله عنه واسوهم "فيما كان عندهم" وشركوهم فيما كان لهم ومنحوهم وهادوهم غير أن ذلك ما يسد خلاتهم ولا يرفع فاقاتهم مع إيثارهم الضراء على السراء والفقر على الغنى ولم يزل ذلك دأبهم إلى أن فتح الله عليهم وادي القرى وخيبر وغير ذلك فردوا عليهم منائحهم واستغنوا بما فتح الله عليهم ومع ذلك فلم يزل عيشهم شديدأوجهدهم جهيدًا حتى لقوا الله تعالى مؤثرين بما عنده تعالى صابرين على شدة عيشهم معرضين عن الدنيا وزهرتها ولذاتها مقبلين على الآخرة ونعيمها وكراماتها فحماهم الله تعالى ما رغبوا عنه وأوصلهم إلى ما رغبوا فيه حشرنا الله تعالى في زمرتهم واستعملنا بسنتهم. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوموا) بنا وهذا أمر بالقيام لطلب العيش عند الحاجة وهو دليل على ما رسمناه في الترجمة (فقاموا معه) صلى الله عليه وسلم، هكذا هو في الأصول بضمير الجمع وهو جائز بلا خلاف، ولكن الجمهور يقولون إطلاقه على الاثنين مجاز وآخرون يقولون حقيقة اهـ نووي (فأتى) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي جاء وهما معه (رجلًا من الأنصار) أي بيت رجل من الأنصار، وهذا الرجل الأنصاري هو أبو الهيثم بن التيهان على ما جاء مفسرًا في رواية أخرى، وقيل هو أبو أيوب الأنصاري واسمه مالك بن التيهان بفتح التاء وكسر الياء المشددة كما هو مصرح في رواية مالك والترمذي، وفيه جواز الإدلال على الصاحب الذي يوثق به واستتباع جماعة إلى بيته، وفيه منقبة لأبي الهيثم بن التيهان الأنصاري إذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم أهلًا لذلك وكفى به شرفًا (فهذا هو) أي الرجل الأنصاري (ليس) موجودًا (في بيته) والفاء عاطفة وإذا فجائية، والتقدير فأتى بيت رجل من الأنصار ففاجأه عدم وجدانه في بيته، وفي رواية الترمذي (فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري، وكان رجلًا كثير النخل والشاء ولم يكن له خدم فلم يجدوه فقالوا لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء فلم يلبثوا أن جاء أبو

ص: 196

فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا. فَقَال لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَينَ فُلان؟ " قَالتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ. إِذْ جَاءَ الأنصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيهِ. ثُمَّ قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ. مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي

ــ

الهيثم بقربة يزعبها -أي يحملها- بمشقة فوضعها ثم جاء يلتزم النبي صلى الله عليه وسلم ويفديه بأبيه وأمه ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطًا ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلا تنقيت لنا من رطبه" فقال: يا رسول الله إني أردت أن تختاروا أو قال تخيروا من رطبه وبسره) (فلما رأته) صلى الله عليه وسلم (المرأة) أي مرأة الرجل الأنصاري، قال في تنبيه المعلم: إن كان الرجل أبا الهيثم فامرأته لا أعرفها وإن كان أبا أيوب فامرأته هي أم أيوب وهي بنت قيس بن عمرو بن امرئ القيس من الخزرج ولا أعرف اسمها ولعل اسمها كنيتها اهـ (قالت) له صلى الله عليه وسلم (مرحبًاوأهلًا) كلمتان معروفتان عند العرب منصوبان بعامل محذوف وجوبًا تقديره صادفت يا رسول الله مكانًا رحبًا واسعًا وأهلًا تأنس بهم، فيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الحاجة، وجواز إذن المرأة في دخول منزل زوجها لمن علمت علمًا محققًا أنه لا يكرهه بحيث لا يخلو بها الخلوة المحرمة، وفيه أيضًا استحباب إكرام الضيف بهذا القول وشبهه وإظهار السرور بقدومه اهـ أبي. (فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين فلان) يريد زوجها (قالت) المرأة (ذهب) أي انطلق حالة كونه (يستعذب لنا من الماء) أي يطلب لنا الماء العذب، وفيه دليل على جواز الميل للمستطابات طبعًا من الماء وغيره، وإذ في قوله (إذ جاء الأنصاري) فجائية أي قالت المرأة ذهب ففاجاهم مجيء الأنصاري (فنظر) الأنصاري (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه) أبي بكر وعمر (ثم قال الحمد لله) على ضيافتكم عندي (ما أحد اليوم) أي ليس اليوم أحد (أكرم) وأشرف (أضيافًا مني) فما حجازية تعمل عمل ليس لتوفر شرطها، قال القرطبي: قول الرجل هذا قول صدق ومقال حق إذ لم تقل الأرض ولا أظلت السماء في ذلك الوقت أفضل من أضيافه فإنهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفتاه أبو بكر وعمر ولما تحقق الرجل عظيم هذه النعمة قابلها بغاية مقدور الشكر فقال الحمد لله اهـ من المفهم.

ص: 197

قَال: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ. فَقَال: كُلُوا مِنْ هذِهِ. وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكَ، وَالْحَلُوبَ" فَذَبَحَ لَهُمْ. فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ. وَمِنْ ذلِكَ الْعِذْقِ. وَشَرِبُوا. فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا

ــ

(قال) الراوي أبو هريرة (فانطلق) الأنصاري من عندهم (فجاءهم بعذق) بكسر العين وسكون الذال أي بغصن من النخل، والعذق من الرطب بمنزلة العنقود من العنب، وقال القرطبي: والعذق بكسر العين الكباسة وهي العرجون، والعذق بفتح العين النخلة وإنما قدم لهم هذه العرجون لأنه الذي تيسر له بغير كلفة لا سيما مع تحققه حاجتهم ولأن فيه ألوانًا من التمر والبسر والرطب فقد يطيب لبعضهم هذا ولبعضهم هذا ولأن الابتداء بما يتفكه به من الحلاوة أولى من حيث إنه أقوى للمعدة؛ لأنه أسرع هضمًا، وفيه دليل على استحباب تقديم أكل الفاكهة على الخبز واللحم وغيرهما (فيه) أي في ذلك العذق (بسر وتمر ورطب فقال) الأنصاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولصاحبيه (كلوا من هذه) الثمار المختلفة الألوان (وأخذ المدية) بضم الميم وسكون الدال أي السكين (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك) منصوب على التحذير بعامل محذوف وجوبًا. لنيابة المعطوف منابه (والحلوب) بفتح الحاء فعول بمعنى مفعول كركوب ونحوه الشاة التي تحلب لبنًا كثيرًا أي باعد نفسك عن ذبح الحلوب ذات اللبن وإنما نهاه عنها لأن ذبحها تضييع للبنها مع أن غير ذات اللبن تتنزل منزلتها عند الضيف ويحصل بها المقصود، وفي رواية الترمذي (لا تذبحن ذات اللبن)(فذبح لهم فأكلوا من) لحم (الشاة ومن) تمر (ذلك العذق) وفيه دليل على جواز جمع طعامين فأكثر على مائدة واحدة (وشربوا) عليه الماء، وفي رواية (حتى شبعوا ورووا) وفيه دليل على جواز الشبع من الحلال وما ورد مما يدل على كراهة الشبع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف إنما ذلك في الشبع المثقل للمعدة المبطيء بصاحبه عن الصلوات والأذكار المضر للإنسان بالتخم وغيرها الذي يفضي صاحبه إلى البطر والأشر والنوم والكسل فهذا هو المكروه، وقد يلحق بالمحرم إذا كثرت آفاته وعمت بلياته والقسطاس المستقيم ما قاله صلى الله عليه وسلم من قوله:"ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" رواه أحمد [4/ 133] والترمذي [2380](فلما أن) أن زائدة بعد لما (شبعوا) من الطعام (ورووا)

ص: 198

قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَتُسْالُنَّ عَنْ هذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ. ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هذَا النَّعِيمُ".

5175 -

(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ

ــ

الشراب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا) إليها (حتى أصابكم) ونالكم (هذا النعيم) العظيم من الشبع والري.

قوله (لتسألن) أي سؤال عرض لا سؤال مناقشة وسؤال إظهار التفضل والمنن لا سؤالًا يقتضي المعاتبة والمحن، و (النعيم) كل ما يتنعم به أي يستطاب ويتلذذ به وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا استخراجًا للشكر على النعم وتعظيمًا لذلك والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

وزاد في رواية الترمذي "ظل بارد ورطب طيب وماء بارد" وهو إشارة إلى قوله تعالى: (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) وفي الحديث دلالة على أن الرجل كما أصابته نعمة أو لذة فعليه أن يشكره تعالى ويتذكر أنه يسئل يوم القيامة عن أداء حقها.

ومن تتمة هذه القصة فيما أخرجه الترمذي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل لك خادم؟ " قال: لا، قال:"فإذا أتانا سبي فأتنا" فأتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اختر منهما" فقال: يا نبي الله اختر لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن المستشار مؤتمن خد هذا فإني رأيته يصلي واستوص به معروفًا" فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله لم يبعث نبيًّا ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالًا ومن يوق بطانة السوء فقد وقي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي أخرجه في الزهد برقم [2370].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5175 -

(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي

ص: 199

أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ (يَعْنِي الْمُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ. حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: بَينَا أَبُو بَكْرٍ قَاعِدٌ وَعُمَرُ مَعَهُ، إِذْ أَتَاهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال:"مَا أَقْعَدَكُمَا ههُنَا؟ " قَالا: أَخْرَجَنَا الْجُوعُ مِنْ بُيُوتِنَا. وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ.

5176 -

(1998)(63) حدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، مِنْ رُقْعَةٍ عَارَضَ لِي بِهَا، ثُمَّ قَرَأَهُ

ــ

النيسابوري، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا أبو هشام يعني المغيرة بن سلمة) القرشي المخزومي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا عبد الواحد بن زياد) العبدي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا يزيد) بن كيسان اليشكري الكوفي، صدوق، من (6)(حدثنا أبو حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الكوفي، ثقة، من (3)(قال سمعت أبا هريرة يقول) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد الواحد لخلف بن خليفة، قال الأبي: قوله (عن أبي هاشم عن يزيد) كذا وقع هذا السند لابن ماهان وللرازي عن الجلودي بزيادة رجل بين أبي هاشم ويزيد والرجل هو عبد الرحمن بن زياد، وقال الجياني: لا بد من زيادته وبه يتصل السند وإسقاطه خطأ بيّن اهـ من الأبي (بينا أبو بكر قاعد وعمر) حاضر (معه إذ أتاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فجائية رابطة لجواب بينا أي بينا أوقات قعود أبي بكر وعمر فاجأهما إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أقعدكما ها هنا) هذه الساعة أي أي سبب جعلكما قاعدين ها هنا في هذا الوقت (قالا أخرجنا الجوع) أي ألمه (من بيوتنا والدي بعثك بالحق) أي أقسمنا لك بالإله الذي بعثك بالحق أخرجنا الجوع (ثم ذكر) عبد الواحد (نحو حديث خلف بن خليفة) والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:

5176 -

(998 1)(63)(حدثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي أبو محمد المعروف بـ (ابن الشاعر) البغدادي، ثقة، من (11)(حدثني الضحاك بن مخلد) بن الضحاك الشيباني، أبو عاصم النبيل البصري، ثقة، من (9)(من رقعة) أي من ورقة (عارض لي) أي أظهر لي (بها) أي بتلك الرقعة (ثم) بعد عرضها علي (قرأه) أي قرأ هذا

ص: 200

عَلَيَّ. قَال: أَخْبَرَنَاهُ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ. قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيتُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا. فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي. فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ عِنْدَكِ شَيءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيتُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ لِي جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ

ــ

الحديث (علي، قال) الضحاك في قراءته علي (أخبرناه) أي أخبرنا هذا الحديث المكتوب في هذه الرقعة التي عرضتها عليك (حنظلة بن أبي سفيان) الأسود بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الأموي المكي، ثقة، من (6)(حدثنا سعيد بن ميناء) بكسر الميم ومد النون أبو الوليد المكي أو المدني مولى البختري بن أبي ذباب، ثقة، من (3)(قال سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته حالة كون جابر (يقول لما حفر الخندق) أي الحفيرة التي حفرت يوم غزوة الأحزاب لمنع وصول المشركين إلى المدينة حين تحزبوا على الهجوم عليها واستئصال المسلمين (رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصًا) بفتحتين أي جوعًا شديدًا، والخمص خلاء البطن من الطعام اهـ أبي، قال القرطبي: الخمص الجوع وأصله من خمص البطن وهو ضموره ولما كان الجوع يضمر البطن سمي به اه مفهم أي رأيته جائعًا وذلك بعد ما عرضت كدية في الخندق لم يستطع الصحابة كسرها فضربها النبي صلى الله عليه وسلم بمعول كما هو مصرح في رواية أيمن عن جابر عند البخاري ولفظها (ثم قام صلى الله عليه وسلم وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب في الكدية فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم فقلت يا رسول الله ائذن لي إلى البيت فقلت لامرأتي .. إلخ.

قال جابر (فانكفأت) أي انقلبت ورجعت (إلى) بيتي عند (امرأتي) بعد الاستئذان من النبي صلى الله عليه وسلم وامرأته اسمها سهيلة بنت مسعود، وقيل سهيمة بنت مسعود بن أوس الظفرية بايعت وولدت لجابر بن عبد الله عبد الرحمن فيما ورد وذكر ابن الأثير أنها بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره ابن حبيب اهـ تنبيه المعلم (فقلت لها) أي لامرأتي (هل عندك شيء) من الطعام (فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصًا) أي جوعًا (شديدًا فأخرجت لي) من خزانة البيت (جرابًا) بكسر الجيم وفتحها والكسر أشهر أي وعاء من جلد معروف (فيه) أي في ذلك الجراب (صاع من

ص: 201

شَعِيرٍ. وَلَنَا بُهَيمَةٌ دَاجِنٌ. قَال: فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ. فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي. فَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا. ثُمَّ وَلَّيتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ مَعَهُ. قَال: فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولِ اللهِ إِنَّا قَدْ ذَبَحْنَا بُهَيمَةً لَنَا. وَطَحَنَتْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا. فَتَعَال أَنْتَ فِي نَفَرٍ مَعَكَ. فَصَاحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: "يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ! إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ

ــ

شعير ولنا بهيمة) تصغير بهمة، والجمع بهم وهي الصغيرة من أولاد الضأن وتطلق على الذكر والأنثى (داجن) والداجن الحيوان الملازم للبيت وألف به ولا يخرج إلى المرعى وإنه يسمن عادة من دجن في كذا إذا قام فيه، وزاد في رواية (قال) جابر (فذبحتها) أي ذبحت تلك البهيمة (وطحنت) امرأتي ذلك الصاع (ففرغت) امرأتي من طحن الشعير (الي فراغي) من شغلي الذبح (فقطعتها) من التقطيع أي قطعت لحم البهيمة قطعًا صغارًا فجعلتها أي جعلت لحمها المقطع (في برمتها) أي في قدرها والبرمة بضم الباء قدر صغير (ثم وليت) أي رجعت (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت) امرأتي عندما وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تفضحني) يا جابر (بـ) إحضار (رسول الله صلى الله عليه وسلم و) جميع (من معه) صلى الله عليه وسلم لأن طعامنا قليل لا يكفيهم إنما خشيت أن يدعو جابر رجالًا كثيرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يكفيهم الطعام فتلحق بها منه الفضيحة (قال) جابر (فجئته) صلى الله عليه وسلم (فساررته) أي كلمته سرًّا بحيث لا يسمع الناس، قال النووي: فيه جواز المساررة بحضرة الجماعة للحاجة وإنما النهي أن يتناجى اثنان دون ثالث (فقلت) له صلى الله عليه وسلم سرًّا (يا رسول الله إنا) معاشر أهل بيتي (قد ذبحنا بهيمة) صغيرة كائنة (لنا وطحنت) امرأتي (صاعًا من شعير كان عندنا فتعال أنت) أي احضر أنت إلينا في بيتنا (في نفر) أي مع جماعة ممن (معك) من المسلمين، وفي رواية أيمن عند البخاري (طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال:"كم هو؟ " فذكرت له، فقال:"كثير طيب") وفيه أن من أدب الدعوة أن يذكر الداعي طعامه بصيغة التصغير (فصاح) أي نادى (رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس (وقال) في ندائه (يا أهل الخندق) أي يا أصحاب الحفيرة المشغولين بحفرها (إن جابرًا) ابن عبد الله رضي الله عنهما (قد صنع) أي أصلح وهيأ

ص: 202

لَكُمْ سُورًا فَحَيَّهَلا بِكُمْ" وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَتَكُمْ، حَتَّى أَجِيءَ" فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ النَّاسَ. حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي. فَقَالت: بِكَ. وَبِكَ

ــ

(لكم) لأجل إطعامكم (سورًا) بضم السين أي طعامًا أي اتخذ طعامًا لدعوة الناس، والسور بضم السين وإسكان الواو من غير همز وهو الصنيع من الطعام الذي يدعى إليه، وقيل الطعام مطلقًا وهي كلمة فارسية، وقيل حبشية، وفيه جواز التكلم بالفارسية وأما ما أخرجه الحاكم في المستدرك مرفوعًا "من تكلم بالفارسية زادت في خبثه ونقصت من مروءته" و"من أحسن العربية فلا يتكلمن بالفارسية فإنه يورث النفاق" فسند كل منهما واه كما ذكره الحافظ في الفتح [6/ 184] وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكلم بألفاظ غير العربية فيدل على جوازه (فحيهلا بكم) بتنوين هذا وقيل بلا تنوين وهي كلمة استدعاء فيها حث أي هلموا وأقبلوا مسرعين إلى طعامه، قال الهروي:"حي" كلمة على حدة ومعناها هلم و"هلا" كلمة على حدة فجعلا كلمة واحدة، قال غيره: فيها ست لغات يقال حيَّ هَلْ، وحَيَّ هَلَ، وحَّيَّ هَلا، وحَيَّ هَلًا، وحَيَ هَلَ، وحَي هَلْ، وهي عند أبي عبيد بمعنى عليك بكذا أي ادع به (وقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسم لا تنزلن) بنون التوكيد الثقيلة وضم اللام من الإنزال نهي مسند إلى الجماعة أي لا ترفعن (برمتكم) أي قدركم عن النار (ولا تخبزن) بضم الزاي وتشديد النون أي لا تدخلن (عجينتكم) في المخبز (حتى أجيء) وآتي إليكم، قال جابر (فجئت) أنا قبله إلى بيتي (وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبى مع الناس (يقدم الناس) أي يمشي قدام الناس وهذا يخالف للذي نقل في سيرته صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من أنه كان لا يتقدمهم ولا يوطأ عقبه وإنما كان يمشي بين أصحابه أو يقدمهم وإنما تقدمهم في هذا الموضع لأنه هو الذي دعاهم فكان دليلهم إلى الموضع الذي دعاهم إليه اهـ من المفهم. وتقدمت أنا إلى البيت (حتى جاءت امرأتي) وأخبرتها خبر مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس (فقالت) لي امرأتي (بك) لحقت الفضيحة لا أنا (و) يلحق (بك) الذم لا أنا حيث جمعت الناس على طعام قليل، قال النووي: ذمته ودعت عليه أي ألحق الله بك الفضيحة وجعل عليك الذم واللوم، وقال القرطبي: "هذا عتب عتبت عليه وكأنها قالت له فعلت هذا برأيك وسوء نظرك وتسببك

ص: 203

فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ لِي. فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينَتَنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ. ثُمَّ عَمَدَ إلى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ. ثُمَّ قَال: "ادْعِي خَابِزَة فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ

ــ

يعني دعاءه للناس كلهم وظنت أنه لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر الطعام، ويحتمل أن يكون معناه بك تنزل الفضيحة وبك يقع الخجل، ويحتمل أن يكون دعاء عليه أي أوقع الله بك الفضيحة أو الخجل أو نحوهذا اهـ من المفهم.

وإنما قالت ذلك لما ظنت أن جابرًا هو الذي دعا هؤلاء جميعًا وكانت منعته ذلك خشية الفضيحة ووقع تفصيل القصة في رواية يونس ذكرها الحافظ في الفتح [7/ 398](قال فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله عز وجل وقلت: جاء الخلق على صاع من شعير وعناق فدخلت على امرأتي أقول: افتضحت جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق أجمعين، فقالت: هل كان سألك: كم طعامك؟ فقلت: نعم، فقالت: الله ورسوله أعلم، ونحن قد أخبرناه بما عندنا فكشفت عني غمًا شديدًا) وجمع الحافظ بين الروايات بأنها أوصته أولًا بأن يعلمه الصورة فلما قال لها إنه جاء بالجميع ظنت أنه لم يعلمه فخاصمته فلما أعلمها أنه أعلمه سكن ما عندها لعلمها بإمكان خرف العادة ودل ذلك على وفور عقلها وكمال فضلها اهـ من التكملة.

قال جابر (فقلت) لها (قد فعلت) وأخبرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر (الذي قلت لي) أَخبِرْه صلى الله عليه وسلم يعني أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بما عندنا من قلة الطعام فهو أعلم بالمصلحة (ف) لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخرجت) امرأتي وقربت (له) صلى الله عليه وسلم (عجينتنا) القليلة (فبصق فيها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وبارك) عليها أي دعا بالبركة فيها (ثم عمد) وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى) الدعاء في (برمتنا) وقدرنا (فبصق فيها وبارك) عليها أي دعا بالبركة فيها فاستجيبت له على الفور وظهرت معجزاته وبركاته لما أكل من صاع الشعير والبهيمة ذلك العدد الكثير ثم بقي الطعام على حاله كما كان أول مرة وعلى هذا لو كانوا مائة ألف لكفاهم، وما أحسن وأكرم ريقه صلى الله عليه وسلم وكان الصحابة يحكون به وبنخامته وجوههم إذ كل شيء منه أطيب من كل طيب اهـ سنوسي (ثم) بعد الدعاء عليهما (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأتي (ادعي) أي اطلبي من جاراتك (خابزة فلتخبز) من باب ضرب أي فلتجعل وتصلح الخبز (معك) مساعدة لأن

ص: 204

وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا"ـ وَهُمْ أَلْفٌ". فَأُقْسِمُ بِالله، لأكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا. وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ. وَإِنَّ عَجِينَتَنَا -أَوْ كَمَا قَال الضَّحَّاكُ- لَتُخْبَزُ كَمَا هُوَ.

5177 -

(1999)(64) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأُتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ

ــ

الضيف كثير (واقدحي من برمتكم) أي اغرفي المرق منها بالمقدحة وهي المغرقة على الخبز، وفيه إدلال الضيف والصديق في دار صديقه وأمره بما يراه اهـ أبي، يقال قدحت المرق أقدحه بفتح الدال من باب فتح غرفته (ولا تنزلوها) أي ولا ترفعوا برمتكم عن النار، قال جابر: فأكلوا من ذلك الطعام (وهم ألف، فأقسم) أي أحلف (بالله) الذي يفعل ما يشاء من الخوارق إنهم (لأكلوا حتى) شبعوا و (تركوه) على حاله (وانحرفوا) أي انصرفوا ومالوا عنه (وإن برمتنا) أي والحال أن برمتنا (لتغط) بكسر الغين أي لتغلي وتفور ويسمع صوت غليانها وغطيط القدر صوت فورانها وهي كانت (كما هي) عليه أولًا لم تنقص شيئًا من الغطيط واللحم (وإن عجينتنا أو) القول كما قال الضحاك) بن مخلد شك الحجاج بن الشاعر فيما قاله الضحاك هل قال لفظ عجينتنا أو لفظ خميرتنا أو لفظ عجيننا مثلًا أي والحال إن عجينتنا (لتخبز) أي لتجعل خبزًا والعجين كان (كما) كان (هو) أولًا لم ينقص منه شيء بالخبز، والضمير في هو يعود إلى العجين كما قدرناه في حلنا وقد تضمن هذا الحديث علمين من أعلام النبوة أحدهما: تكثير الطعام القليل، والثاني: علمه صلى الله عليه وسلم بأن هذا الطعام القليل الذي يكفي في العادة خمسة أنفس أو نحوهم يكثر فيكفي ألفًا وزيادة فدعا له ألفًا قبل أن يصل إليه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [3070].

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:

5177 -

(1999)(64)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك بن أنس) إمام الفروع (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري زيد ابن سهل أبي يحيى المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (6) أبواب (أنه) أي أن إسحاق (سمع) عمه للأم (أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته حالة كون أنس

ص: 205

يَقُولُ: قَال أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيمٍ: قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا. أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ. فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيءٍ؟ فَقَالتْ: نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ: ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا. فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي. وَرَدَّتْنِي. بِبَعْضِهِ

ــ

(يقول قال أبو طلحة) الأنصاري زوج أمي رضي الله عنه (لـ) والدتي (أم سليم) رضي الله تعالى عنها بنت ملحان أخت أم حرام الأنصارية اسمها سهلة أو رميلة أو رميثة أو أنيسة أو مليكة وهي الغميصاء أو الرميصاء اشتهرت بكنيتها (قد سمعت) اليوم (صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفًا أعرف فيه) أي في ذلك الصوت (الجوع) أي أثر الجوع وعلامته (فهل عندك) يا أم سليم (من شيء) من الطعام.

وسيأتي أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا يتلقب ظهرًا لبطن وأنه وجده صلى الله عليه وسلم جالسًا مع أصحابه يحدثهم وقد عصب بطنه بعصابة، ووقع عند أبي نعيم (مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرئ أصحاب الصفة سورة النساء وقد ربط على بطنه حجرًا من جوع) ولا منافاة بين هذه الروايات إذ آنس أبو طلحة بمجموع ما رأى أو سمع أنه صلى الله عليه وسلم أصابه الجوع، ووقع عند أبي يعلى من طريق محمد بن سيرين عن أنس (أن أبا طلحة بلغه أنه ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام فذهب فآجر نفسه بصاع من شعير يعمل بقية يومه ذلك ثم جاء به) ذكره الحافظ في الفتح [61/ 588].

(فقالت) أم سليم (نعم) عندنا شيء من طعام (فأخرجت) أم سليم من خزانتها (أقراصًا) أي خبزًا (من شعير) والأقراص جمع قرص بضم القاف وهو الرغيف (ثم أخذت خمارًا لها) والخمار ما تستر به المرأة رأسها (فلفت) أي طوت وخمرت (الخبز ببعضه) أي ببعض الخمار، فيه أن من أدب الهدية ولا سيما الطعام أن يكون مخمرًا (ثم دسته) أي دست الخبز الملفوف بالخمار وأدخلته (تحت ثوبي) أي تحت قميصي، كذا في كتاب مسلم عند سائر رواته، وفي الموطإ تحت يدي أي إبطي، والدس وضع الشيء في خفية ولطافة اه مفهم يقال دس الشيء يدسه بضم الدال من باب شد إذا أدخله بقوة وقهر (وردتني ببعضه) أي جعلت بعض الخمار كالرداء عليّ من التردية وهو إلباس الرداء وإكساؤه والمراد أنها لفت الخبز ببعض الخمار وردته ببعضه، وفيه تجميل الرسول

ص: 206

ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا في الْمَسْجِدِ. وَمَعَهُ النَّاسُ. فَقُمْتُ عَلَيهِم. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ " قَال: فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَال: "أَلِطَعَامٍ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" قَال: فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَينَ أَيدِيهِمْ. حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ. فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيمٍ! قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ

ــ

بالهدية، وقيل من الرد بمعنى الصرف؛ والمعنى أنها ردت جوعي ببعض الخبز، وفيه مناولة الخادم من طعام مخدومه لكي تنكسر شهوته لا سيما الصبيان ومن يتعلق قلبه بالطعام ذكره الأبي، ولكن الوجه الأول أولى فقد وقع في رواية البخاري (وَلاثَتْنِي ببعضه)(ثم أرسلتني) بذلك الخبز الملفوت بالخمار (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهره أن أم سليم أرسلت بالأقراص إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر الروايات تدل على أن أبا طلحة وأم سليم دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيتهما وجمع بينهما الحافظ ابن حجر في الفتح [6/ 589] بأنهما أرادا إرسال الخبز مع أنس فلما وصل أنس ورأى كثرة الناس حوله صلى الله عليه وسلم استحيا وظهر له أن يدعوه صلى الله عليه وسلم ليقوم معه وحده إلى المنزل، ويحتمل أن يكون ذلك على رأي أنه حين أرسله عهد إليه إذا رأى كثرة الناس أن يستدعي النبي صلى الله عليه وسلم وحده (قال) أنس (فذهبت به) أي بذلك الخبز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم) أي عندهم (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم أ (أرسلك أبو طلحة) بتقدير همزة الاستفهام (قال) أنس (فقلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) أرسلني أبو طلحة (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أ) أرسلك (ل) دعوة (طعام فقلت) له صلى الله عليه وسلم (نعم) أرسلني لدعوة طعام (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه قوموا) بنا إلى الدعوة (قال) أنس (فانطلق) أي ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم معي وانطلقوا معه (وانطلقت) أنا (بين أيديهم) أي قدامهم إلى بيتنا (حتى جئت) بيتنا ووصلت إليه، ورأيت (أبا طلحة فأخبرته) أي أخبرت أبا طلحة خبر مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس (فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس) أي

ص: 207

وَلَيسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالتِ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ حَتَّى دَخَلا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ. يَا أُمَّ سُلَيمٍ؛ " فَأَتَتْ بِذلِكَ الْخُبْزِ. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ. وَعَصَرَتْ عَلَيهِ أُمُّ سُلَيمٍ عُكَّةَ لَهَا فَأَدَمَتْهُ

ــ

معهم (وليس عندنا ما نطعمهم) وهذا قول على مقتضى العادة (فقالت) أم سليم (الله ورسوله أعلم) بشأنهم وما يطعمهم، وهذا قول أخرجه نظرها إلى إمكان خرق العادة ورجاء بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم كالذي كان اه مفهم. كأنها عرفت أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك عمدًا لتظهر المعجزة في تكثير الطعام القليل ودل ذلك على فطنة أم سليم ورجحان عقلها.

(قال) أنس (فانطلق أبو طلحة) من البيت لاستقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أخبرته الخبر (حتى لقي) ورأى أبو طلحة (رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي وصل إلى البيت (معه) أي مع أبي طلحة (حتى دخلا) أي دخل أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم البيت والناس جلسوا خارج البيت (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سليم (هلمي) أي هاتي (ما عندك) من الطعام (يا أم سليم) والمشهور أن هلم لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع كما في قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَينَا} ولكن فيه لغة حجازية مثل ما في الحديث كما بسطنا الكلام عليه في حاشيتنا على كشف النقاب فراجعه (فأتت) أم سليم (بذلك الخبز) الذي أرسلتني به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأمر به) أي أمر بفت ذلك الخبز وتقطيعه قطعًا قطعًا كالثريد (رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت) ذلك الخبز وقطع قطعًا صغارًا ليجعلوه ثريدًا، والفت كسر الخبز وجعله قطعًا كما يفعل في الثريد (وعصرت عليه) أي على ذلك الخبز المقطع (أم سليم عكة لها) أي بقايا ما فيها من السمن، والعكة بضم العين وتشديد الكاف إناء صغير من جلد مستدير يجعل فيها السمن غالبًا والعسل والنحي أكبر منه (فأدمته) أي جعلت ما في العكة إدامًا لذلك الخبز أي صيرت ما عصرته من العكة إدامًا له (وأدمته) بمد الألف وقصرها لغتان يقال آدمته رباعيًّا وأدمته ثلاثيًّا أي جعلت فيه إدامًا اهـ نووي، أي جعلت السمن في الخبز وهو الإدام فصار الخبز مأدومًا

ص: 208

ثُمَّ قَال فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ. ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. ثُمَّ خَرَجُوا. ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا. ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةِ" حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا. وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ

ــ

اهـ قرطبي (ثم) بعد ما أدمته أم سليم (قال) ودعا (فيه) أي في ذلك الخبز (رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله) سبحانه (أن يقول) ويدعوفيه أي دعا فيه بالبركة، ووقع في مسند أحمد برواية مبارك بن فضالة (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم:"هل من سمن؟ " فقال أبو طلحة: قد كان في العكة سمن فجاء بها فجعلا يعصرانها حتى خرج ثم مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم به سبابته ثم مسح القرص فانتفخ، وقال:"بسم الله" فلم يزل يصنع ذلك والقرص ينتفخ حتى رأيت القرص في الجفنة يتميع) (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (ائذن لعشرة) من الناس ليدخلوا فيأكلوا، دعاهم عشرة عشرة ليتسع لهم المكان حول الصحفة ولئن اجتمعوا جميعًا ما تمكنوا من الجلوس حولها، وقال النووي: إنما أذن لعشرة عشرة ليكون أرفق بهم فإن القصعة التي فت فيه تلك الأقراص لا يتحلق عليها أكثر من عشرة إلا بضرر يلحقهم لبعدها عنهم والله أعلم اهـ، قال القرطبي: فيه استحباب اجتماع هذا العدد على جفنة واحدة عند كثرة الناس لكن هذا إذا لم تحمل الجفنة أكثر من ذلك فلو كانت كجفنة الركب- هم أصحاب الإبل في السفر- لأكل عليها أكثر من هذا العدد (فأذن) أبو طلحة (لهم) أي لعشرة منهم فدخلوا (فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (ائدن لعشرة) منهم (فأذن لهم) فدخلوا (فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال ائذن لعشرة) وما زال النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك لأبي طلحة وأبو طلحة يأذن لهم (حتى أكل لقوم كلهم وشبعوا، والقوم) أي جملتهم (سبعون رجلًا أو) قال أنس (ثمانون) رجلًا والشك من إسحاق بن عبد الله فيما قاله أنس (قوله فأكلوا حتى شبعوا) فيه دليل على جواز الشبع خلافًا لمن كرهه مطلقًا وهم قوم من المتزهدة لكن الذي يكره منه ما يزيد على الاعتدال وهو الأكل بكل البطن حتى لا يترك للماء ولا للنفس مساغًا وقد ينتهي هذا إلى تجاوز الحد فيحكم عليه بالتحريم كما تقدم، وكونه صلى الله عليه وسلم أكل بعدهم إنما كان ذلك لأنه هو الذي أطعمهم ببركة دعائه فكان آخرهم أكلًا

ص: 209

5178 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَال: بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَدْعُوَهُ. وَقَدْ جَعَلَ طَعَامًا. قَال: فَأَقْبَلْتُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

كما قال في الشراب: "ساقي القوم آخرهم شربًا" رواه أحمد ومسلم والترمذي، وأيضًا فليحصل على درجة الإيثار فإنه صلى الله عليه وسلم كان أشدهم جوعًا لأنه كان قد شد على بطنه بحجرين ومع ذلك قدمهم عليه وآثرهم بالأكل قبله وشد البطن بالحجر يسكن سورة الجوع وذلك أنه يلصق البطن بالأمعاء والأمعاء بالبطن فتلتصق المعدة بعضها باب فيقل الجوع، وقيل إنما يفعل ذلك ليقوى من الضعف الذي يجده الجوع والأول أبين، وفي الحديث أبواب من الفقه لا تخفى اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 218] والبخاري [5450]، والترمذي [3630].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5178 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير واللفظ له حدثنا أبي) عبد الله (حدثنا سعد بن سعيد) ابن قيس بن عمرو الأنصاري أخو يحيى بن سعيد المدني، صدوق، من (4) روى عنه في (5) أبواب (حدثني أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته، غرضه بيان متابعة سعد بن سعيد وإسحاق بن عبد الله (قال) أنس (بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه) صلى الله عليه وسلم إلى طعام (و) الحال أنه (قد جعل) ووضع أبو طلحة (طعامًا) لأجله صلى الله عليه وسلم. قال الأبي: هذه وضع قضية أخرى بلا شك، وفيها ما سبق في الحديث الأول وزيادة هذا العلم الآخر من أعلام النبوة وهو إخراج ذلك الشيء من بين أصابعه الكريمة اه نووي، وفي الحديث أن من استحق شيئًا مع غيره فيما يصح قسمته بالاعتدال لا بأس أن يبدأ بمن شاء كالمكيل والموزون إذا كان قسمتهم له على القرب والفور اه إكمال المعلم (قال) أنس (فأقبلت) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت إليه (ورسول الله صلى الله عليه وسلم أي

ص: 210

مَعَ النَّاسِ. فَنَظَرَ إِلَيَّ فَاسْتَحْيَيتُ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَبَا طَلْحَةَ. فَقَال لِلنَّاسِ: "قُومُوا" فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّما صَنَعْتُ لَكَ شَيئًا. قَال: فَمَسَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. ثُمَّ قَال: "أَدْخِلْ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِي، عَشَرَةً" وَقَال: "كُلُوا" وَأَخْرَجَ لَهُمْ شَيئًا مِنْ بَينِ أَصَابِعِهِ. فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. فَخَرَجُوا. فَقَال: "أَدْخِلْ عَشَرَةً" فَأَكَلُوا حَتى شَبِعُوا. فَمَا زَال يُدْخِلُ عَشَرَةً وَيُخْرِجُ عَشَرَةً حَتى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أحدٌ إلا دَخَلَ، فَأَكَلَ حَتَّى شَبعَ. ثُمَّ هَيَّأَهَا. فَإِذَا هِيَ مِثْلُهَا حِينَ أَكَلُوا مِنْهَا

ــ

والحال أنه جالس (مع الناس فنظر إلي) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فاستحييت) عن إخبار حال الطعام الذي أدعوه إليه يعني عن إخبار قلته (فقلت) على الإجمال (أحب أبا طلحة) يا رسول الله لطعام صنعه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (للناس) الذين كانوا عنده (قوموا) بنا إلى دعوة أبي طلحة فوصلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه إلى بيت أبي طلحة (فقال أبو طلحة) فزعًا (يا رسول الله إنما صنعت) وأصلحت (لك شيئًا) قليلًا من الطعام فلا يكفي الناس (قال) الناس (فمسها) أي فمس تلك الطعمة القليلة (رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة (ودعا فيها) أي في تلك الطعمة (بالبركة ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (أدخل) على (نفرًا من أصحابي) ورفقتي الذين جاؤوا معي (عشرة) أنفار (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للداخلين عليه كلوا وأخرج لهم شيئًا) قليلًا من الطعام (من بين أصابعه) الشريفة، بينه في الآخر بقوله فوضع فيه يده وسمى عليه وذلك ببركة يده وأنهم أكلوا ما خرج من بين أصابعه كما نبع الماء بوضع يده فيه من بين أصابعه اهـ أبي (فأكلوا) أي فأكل أولئك العشرة من ذلك الشيء القليل (حتى شبعوا فخرجوا فقال) لأبي طلحة (أدخل) أيضًا (عشرة) أخرى (فأكلوا حتى شبعوا فما زال) صلى الله عليه وسلم (يدخل عشرة ويخرج عشرة) بضم الياء فيهما من الإدخال والإخراج (حتى لم يبق منهم) أي من أصحابه الذين جاؤوا معه (أحد إلا دخل فأكل حتى شبع ثم هيأها) أي جمع ما بقي من تلك الطعمة (فإذا هي) أي تلك البقية المجموعة (مثلها) أي مثل تلك الطعمة (حين أكلوا منها) أي حين ابتدأوا الأكل منها لم ينقص منها شيء.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

ص: 211

5179 -

(00)(00) وحدّثني سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَويُّ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَال: بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْو حَدِيثِ ابْنِ نُمَيرٍ. غَيرَ أَنَّهُ قَال فِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَخَذَ مَا بَقِيَ فَجَمَعَهُ. ثُمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبَرَكَةِ. قَال: فَعَادَ كَمَا كَانَ فَقَال: "دُونَكُمْ هذَا".

5180 -

(00)(00) وحدّثني عَمْروٌ النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرُّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيلَى،

ــ

5179 -

(00)(00)(وحدثني سعيد بن يحيى) بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص (الأموي) البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثني أبي) يحيى ابن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص الأموي الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا سعد بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني، صدوق سيئ الحفظ، من (4)(قال سمعت أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لعبد الله بن نمير، وقد (قال) أنس (بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق) يحيى بن سعيد (الحديث) السابق (بنحو حديث) عبد الله (بن نمير غير أنه) أي لكن أن يحيى بن سعيد (قال في آخره) أي في آخر الحديث (ثم أخذ) النبي صلى الله عليه وسلم (ما بقي) من الآكلين (فجمعه) أي فجمع ذلك الباقي (ثم دعا فيه) أي في ذلك الباقي (بالبركة قال) أنس (فعاد) أي صار ذلك الباقي المجموع (كما كان) أي على ما كان عليه أولًا قبل الأكل منه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت أبي طلحة (دونكم) أي خذوا (هذا) الباقي لأنفسكم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5180 -

(00)(00)(وحدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا عبد الله بن جعفر) بن غيلان الأموي مولاهم أبو عبد الرحمن (الرقي) ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا عبيد الله بن عمرو) بن أبي الوليد الأسدي الرقي، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن عبد الملك بن عمير) الفرسي اللخمي الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (15) بابا (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) يسار الأنصاري

ص: 212

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: أَمَرَ أَبُو طَلْحَةَ أُمِّ سُلَيمٍ أَنْ تَصْنَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا لِنَفْسِهِ خَاصَّةَ. ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَيهِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَقَال فِيهِ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَسَمَّى عَلَيهِ. ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا. فَقَال: "كُلُّوا وَسَمُّوا اللهَ" فَأَكَلُوا. حَتَّى فَعَلَ ذلِكَ بِثَمَانِينَ رَجُلًا. ثُمَّ أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذلِكَ وَأَهْلُ الْبَيتِ. وَتَرَكُوا سُؤْرًا.

5181 -

(00)(00) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ،

ــ

الأوسي الكوفي، ثقة، من (2) روى له في (9) أبواب (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن أبي ليلى وإسحاق بن عبد الله وسعد بن سعيد (قال) أنس (أمر أبو طلحة أم سليم أن تصنع) وتصلح (للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لنفسه) صلى الله عليه وسلم حالة كونه (خاصة) أي مخصوصًا بذلك الطعام (ثم أرسلني) أبو طلحة (إليه) صلى الله عليه وسلم لأدعوه (وساق) ابن أبي ليلى (الحديث) السابق (وقال) ابن أبي ليلى أي زاد (فيه) أي في الحديث لفظة (فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده) الشريفة في الطعام (وسمى) أي ذكر اسم الله (عليه) أي على ذلك الطعام (ثم قال) صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (ائذن لعشرة فأذن) أبو طلحة (لهم) أي لعشرة (فدخلوا فقال) لهم النبي صلى الله عليه وسلم (كلوا وسموا الله) أي اذكروا اسم الله عليه (فأكلوا حتى فعل) النبي صلى الله عليه وسلم (ذلك) الإدخال والإخراج (بثمانين رجلًا ثم أمالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك) أي بعد الفراغ من إطعامهم (و) أكل (أهل البيت) أي أهل بيت أبي طلحة (وتركوا) بعد ما أكلوا (سؤرًا) بالهمز أي بقية فاضلة عنهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5181 -

(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) الكسي البصري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحارثي القعنبي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي الجهني المدني، صدوق، من (8)(عن عمرو بن يحيى) بن عمارة المازني المدني، ثقة، من (6)(عن أبيه) يحيى بن عمارة المازني المدني، ثقة، من (3) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن عمارة لابن

ص: 213

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِهذِهِ الْقِصَّةِ، فِي طَعَامِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَال فِيهِ: فَقَامَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى الْبَابِ. حَتَّى أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنمَا كَانَ شَيءٌ يَسِيرٌ. قَال: "هَلُمَّهُ. فَإِنَّ اللهَ سَيَجْعَلُ فِيهِ الْبَرَكَةَ".

5182 -

(00)(00) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي طَلْحَةَ،

ــ

أبي ليلى، وساق يحيى بن عمارة (عن أنس بن مالك بهذه القصة) التي رواها ابن أبي ليلى المذكورة تلك القصة (في طعام أبي طلحة) المنقولة تلك القصة (عن النبي صلى الله عليه وسلم و) لكن (قال) يحيى بن عمارة (فيه) أي في طعام أبي طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم لفظة (فقام أبو طلحة على الباب) أي على باب بيت أبي طلحة واستمر على الباب (حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له) صلى الله عليه وسلم أبو طلحة (يا رسول الله إنما كان) ووجد عندنا (شيء يسير) وطعام قليل لا يكفي الناس ف (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة (هلمه) أي هلم ذلك الشيء اليسير وأحضره عندي وهاته (فإن الله) عز وجل (سيجعل فيه) أي في ذلك اليسير (البركة) والبركة زيادة الخير معنى لا حسًّا، وفيه علم ظاهر من أعلام النبوة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5182 -

(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (حدثنا خالد بن مخلد البجلي) مولاهم أبو الهيثم الكوفي القطواني، صدوق، من (15) روى عنه في (9) أبواب (حدثني محمد بن موسى) بن أبي عبد الله الفطري مولاهم المدني، روى عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة في الأطعمة والمقبري ويعقوب بن سلمة الليثي وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وخالد بن مخلد وابن مهدي وابن أبي فديك ومعن بن عيسى وغيرهم، وثقة الترمذي وابن حيان، وقال أحمد بن صالح: محمد بن موسى الفطري شيخ ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث، وقال في التقريب: صدوق، من السابعة (حدثني عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري النجاري أبو يحيى

ص: 214

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهذَا الْحَدِيثِ. وَقَال فِيهِ: ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلَ أَهْلُ الْبَيتِ وَأَفْضَلُوا مَا أَبْلَغُوا جِيرَانَهُمْ.

5182 -

(00)(00) وحدّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. قَال: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ زَيدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،

ــ

المدني، وكان أصغر من أخيه إسحاق، وكان معه في دار أبي طلحة، روى عن أنس بن مالك في الأطعمة، وعن أبيه، ويروي عنه (م س) ومحمد بن موسى الفطري ومحمد بن عمارة، وثقه النسائي والعجلي وابن حبان، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، مات سنة (134) أربع وثلاثين ومائة (عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن عبد الله لابن أبي ليلى ويحيى بن عمارة، وساق عبد الله بن عبد الله (بهذا الحديث) المذكور الذي ساقه ابن أبي ليلى (و) لكن (قال) عبد الله (فيه) أي في الحديث لفظة (ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل أهل البيت) أي أهل بيت أبي طلحة (وأفضلوا) أي وأفضل أهل بيت أبي طلحة أي تركوا إما أبلغوا) أي فضلة يهدونها (جيرانهم) أي أبقوا بقية يهدونها لجيرانهم بعد أكلهم وشبعهم، وفي قوله (ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الخ دلالة على أنه يستحب لصاحب الطعام وأهله أن يكون أكلهم بعد فراغ الضيفان والله أعلم اهـ نووي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5183 -

(00)(00)(وحدثنا الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي الخلال (الحلواني) أبو علي المكي، ثقة، من (11)(حدثنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد الأزدي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا أبي) جرير بن حازم الأزدي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (19) بابا (قال) أبي جرير بن حازم (سمعت جرير بن زيد) بن عبد الله الأزدي أبا سلمة البصري عم جرير بن حازم، روى عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة في الأطعمة، والشعبي وعامر بن سعد، ويروي عنه (خ م س) وابن أخيه جرير بن حازم، قال أبو حاتم: لا بأس به، قرنه (خ) بآخر، وقال في التقريب: صدوق، من السادسة (يحدث عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري، روى عن أنس بن مالك في

ص: 215

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: رَأَى أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا فِي الْمَسْجِدِ. يَتَقَلَّبُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ. فَأَتَى أُمِّ سُلَيمٍ فَقَال: إِنِّي رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا في الْمَسْجِدِ. يَتَقَلَّبُ ظَهْرًا لِبَطْنِ وَأَظُنُّهُ جَائِعًا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَقَال فِيهِ: ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ وَأُمُّ سُلَيمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ. فَأَهْدَينَاهُ لِجِيرَانِنَا

ــ

الأطعمة وابن الزبير، ويروي عنه (م) وجرير بن زيد وابن إسحاق وجماعة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة عابد، من الرابعة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن عبد الله لابن أبي ليلى ومن قبله من رواة أنس (قال) أنس (رأى أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في المسجد) النبوي (يتقلب ظهرًا لبطن) أي يتحول عن ظهر إلى بطن ومن بطن إلى ظهر يعني لا يستقر على حالة لألم جوعه، وفي الرواية الآتية (وقد عصب بطنه بعصابة) فلا مخالفة بينهما لأن إحداهما تبين الأخرى (فأتى أم سليم فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في المسجد يتقلب ظهرًا لبطن وأظنه) صلى الله عليه وسلم (جائعًا وساق) أي ذكر عمرو بن عبد الله (الحديث) السابق الذي ذكره ابن أبي ليلى (وقال) عمرو (فيه) أي في الحديث لفظة (ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة وأم سليم وأنس بن مالك وفضلت فضلة) أي بقيت بقية بعد أكلهم (فأهديناه) أي أهدينا الباقي (لجيراننا) وفي هذا أن المضيف يأكل آخر الناس والنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان هو المدعو فقد صا رنا ظرًا في الطعام بما ظهر من بركته وفي أكله صلى الله عليه وسلم مع أبي طلحة أكل المضيف مع الضيف لأنه أبسط له، وأما أكله مع أم سليم فاجاز العلماء أن تأكل المرأة مع الأجنبي على وجه لا يعرف من أكل المرأة من الرجل لأن الوجه والكفين منها ليسا بعورة فيباح نظرهما للأجنبي بغير لذة ولا مداومة نظر لتأمل المحاسن، وقد يحتمل أن تكون أم سليم ذات محرم منه صلى الله عليه وسلم فإنه ذكر أن أختها أم حرام خالته من الرضاعة فتكون أم سليم مثلها اهـ من الأبي باختصار.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا فقال:

ص: 216

5184 -

(00)(00) وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ؛ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ حَدّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جِئْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَوْما. فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ، وَقَدْ عَضَبَ بَطنَهُ بِعِصَابَةٍ -قَال أُسَامَةُ: وَأَنَا أَشُكُّ- عَلَى حَجَرٍ. فَقُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: لِمَ عَصَّبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَطْنَهُ؟ فَقَالُوا:

ــ

5184 -

(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي) المصري (حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني أسامة) بن زيد الليثي المدني، صدوق، من (7)(أن يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري) روى عن عمه أنس بن مالك في الأطعمة، ويروي عنه (م) وأسامة بن زيد الليثي وعبد الله بن بكر بن حزم، وثقه أبو زرعة، وقال النسائي: مشهور الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، له عند (م) حديث واحد في الأطعمة، وقال أبو زرعة: لم يرو عنه إلا أسامة بن زيد الليثي (حدثه) أي حدث يعقوب لأسامة (أنه) أي أن يعقوب (سمع أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يعقوب لمن روى عن أنس حالة كون أنس (يقول جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فوجدته جالسًا مع أصحابه يحدثهم) حديثًا (و) الحال أنه صلى الله عليه وسلم (قد عصب) بتشديد الصاد المهملة من التعصيب، وبتخفيفها يقال عصب مخففًا وعصب مشددًا وهو كناية عن شدة الحال والجوع، وقيل حقيقة وهي عادتهم في الحجاز لأن برد الحجر يصل إلى باطن الأحشاء فتبرد حرارة الجوع أو لأن عادتهم عند ضمور البطن شد الحجارة عليها لتعتمد، وقيل إنما فعله موافقة لأصحابه وليعلمهم أنه ليس عنده ما يستأثر به عليهم وإن كان بخلافهم لقوله صلى الله عليه وسلم "إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني" اهـ من الأبي، أي رأيته وقد عصب أي شد وربط (بطنه بعصابة) والعصابة بكسر العين ما يشد به الرأس عند الصداع أو الجرح أو البطن عند الجوع، وقيل ثوب كالعمامة (قال أسامة) بن زيد بالسند السابق (وأنا أشك) هل قال يعقوب لفظة (على حجر) أم لا؟ أي عصب بطنه بعصابة فوق حجر، قال أنس (فقلت لبعض أصحابه) صلى الله عليه وسلم (لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه) بعصابة أي مسألة استثباتًا (فقالوا) لي

ص: 217

مِنَ الْجُوعِ. فَذَهَبْتُ إلى أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيم بِنْتِ مِلْحَانَ. فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ! قَدْ رَأَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَضَبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ. فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا: مِنَ الْجُوعِ. فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى أُمي. فَقَال: هَلْ مِنْ شَيءٍ؟ فَقَالتْ: نَعَمْ. عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَرَاتٌ. فَإِنْ جَاءَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ أشْبَعْنَاهُ. وَإِنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَل عَنْهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ سَائِرَ الْحَدِيثِ بِقِصَّتِهِ.

5185 -

(00)(00) وحدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثنَا حَرْبُ بْنُ مَيمُونٍ،

ــ

عصبه (من الجوع فذهبت إلى أبي طلحة وهو زوج أم سليم بنت ملحان) والدتي اسمها سهلة أو سهيلة (فقلت) لأبي طلحة (يا أبتاه) أصله يا أبتي والهاء للسكت وتحريكه خطأ راجع رسالتنا هدية أولى العلم والإنصاف في إعراب المنادى المضاف إن أردت اليقين في إعرابه، وإنما خاطبه بهذا اللفظ لأنه كان ربيبًا لأبي طلحة (قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عصب بطنه بعصابة فسألت بعض أصحابه) صلى الله عليه وسلم عن سبب تعصيبه بطنه، ولم أر من ذكر اسم هذا البعض (فقالوا) لي عصبه (من الجوع فدخل أبو طلحة على أمي) أم سليم (فقال) لها (هل) عندك (من شيء) من الطعام (فقالت) أمي لأبي طلحة (نعم) عندي شيء قليل (عندي كسر من خبز) جمع كسرة أي قطع منها (وتمرات) قليلة (فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده) أي منفردًا عن غيره (أشبعناه) بما عندنا (وإن جاء) شخص (آخر معه قل) طعامنا (عنهم) أي عن الجائين معه فلا يكفيهم (ثم ذكر) يعقوب بن عبد الله (سائر الحديث) أي باقي الحديث السابق في رواية إسحاق بن عبد الله (بقصته) أي مع قصته من إدخالهم عشرة عشرة وأكلهم ما بقي من الضيفان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5185 -

(00)(00)(وحدثني حجاج) بن يوسف الثقفي البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر حدثنا يونس بن محمَّد) بن مسلم البغدادي أبو محمَّد المؤدب، ثقة، من (9)(حدثنا حرب بن ميمون) الأنصاري مولاهم مولى النضر بن أنس بن مالك أبو عبد الله

ص: 218

عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، في طَعَامِ أَبِي طَلْحَةَ، نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.

5293 -

(144) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ أَنهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِن خَياطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ. قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى ذلِكَ الطَّعَامِ. فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ. وَمَرَقأ فِيهِ دُبَّاءٌ

ــ

البصري الأكبر، روى عن النضر بن أنس في الأطعمة، وعطاء وأيوب، ويروي عنه (م ت) ويونس بن محمَّد المؤدب وحرمي بن عمارة وعبد الله بن رجاء، قال الخطيب في المتفق والمفترق: كان ثقة، وقال الساجي في حرب بن ميمون الأصغر: ضعيف الحديث، وقال في التقريب: صدوق رمي بالقدر، من السابعة، مات في حدود الستين ومائة (160)(عن النضر بن أنس) بن مالك الأنصاري أبي مالك البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن) أبيه (أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة النضر بن أنس لجميع من روى عن أنس بن مالك (عن النبي صلى الله عليه وسلم في) قصة (طعام أبي طلحة) وساق النضر (نحو حديثهم) أي نحو حديث إسحاق بن عبد الله وسعد بن سعيد وابن أبي ليلى ويحيى بن عمارة وعبد الله بن عبد الله وعمرو بن عبد الله ويعقوب بن عبد الله أي نحو حديث هؤلاء السبعة.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لأنس بن مالك رضي الله عنه فقال:

5186 -

(2000)(65)(حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول) وهذا السند من رباعياته (أن خياطًا) لم أر من ذكر اسمه، وفي رواية ثمامة عند البخاري رقم [5433] أنه كان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أن صنعة الخياطة لا دناءة فيها ولا غضاضة في دعوة الخياط (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه) قال إسحاق بن عبد الله (قال) لنا (أنس بن مالك فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب) الخياط (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزًا من شعير ومرقًا فيه دباء

ص: 219

وَقَدِيدٌ. قَال أَنَسٌ: فَرَأَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالي الصَّحْفَةِ. قَال: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مُنْذُ يَوْمَئِذٍ

ــ

وقديد) والشعير حب مقتات معروف يكون في قشره، والمرق إدام فيه دسومة اللحم، والدباء هو اليقطين وهو القرع، وقيل إنه خاص بالمستدير منه والواحدة دباءة، وفي الأنوار ليوسف الأردبيلي من كتب الشافعية: الدباء شجر يشبه ثمره ثمر الليف ولكنه أكبر منه، والقديد بفتح القاف اللحم المقطع بقدر ما يمضغ. قوله (فقرب إليه) .. إلخ؛ وفي رواية النضر بن شميل عند البخاري برقم [5435](قال فأقبل الغلام على عمله) ومنه استدل البخاري على أنه لا يتحتم على الداعي أن يأكل مع المدعو وهذا إذا كان بين الداعي والمدعو انبساط وإلا فأكل الداعي مع المدعو أبسط لوجهه وأذهب لاحتشامه. (قال أنس فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء) أي يتفحص ويطلب الدباء (من حوالي الصحفة) أي من جوانب القصعة لحبه إياه (قال) أنس (فلم أزل) أنا (أحب) أكل (الدباء منذ يومئذ) أي من يوم إذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبعها اتباعًا له في محبتها. قوله (يتتبع الدباء من حوالي الصحفة) ظاهره معارض لما مر من الأمر بالأكل مما يليه ووجهه بعضهم بأن ذلك الأمر متعلق بما إذا كان الطعام من نوع واحد وهنا كان أنواعًا من المرق والدباء والقديد، ووجهه البخاري بأنه إذا علم رضا من يأكل معه فلا بأس بتتبع ما في حوالي الصحفة لأن علة الكراهية استقذار صاحبه فينتفي الحكم عند إنتفاء العلة، ونقل ابن بطال عن مالك أن المواكل لأهله وخدمه يباح له أن يتتبع شهوته حيث رآها إذا علم أن ذلك لا يكره منه، وقال ابن التين: إذا أكل المرء مع خادمه وكان في الطعام نوع منفرد جاز له أن ينفرد به هذا ملخص ما في فتح الباري [9/ 525] قال النواوي: وفي الحديث فوائد منها إجابة الدعوة وإباحة كسب الخياط وإباحة المرق وفضيلة أكل الدباء وأنه يستحب أن يحب الدباء وكذلك كل شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه وأن يحرص على تحصيل ذلك اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في أبواب كثيرة منها في الأطعمة [5379] ، وأبو داود في الأطعمة [3782] ، والترمذي في الأطعمة [1849] ، وابن ماجه في الأطعمة [3345 و 3346].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

ص: 220

5187 -

(00)(00) حدثنا محمدُ بْنُ الْعَلاءِ، أبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَال: دَعَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. فَجِيءَ بِمَرَقَةِ فِيهَا دُبَّاءٌ. فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأكُلُ مِنْ ذلِكَ الدُّبَّاءِ وَيُعْجِبُهُ. قَال: فَلَمَّا رَأيتُ ذلِكَ جَعَلْتُ ألْقِيهِ إِلَيهِ

ــ

5187 -

(00)(00)(حدثنا محمَّد بن العلاء أبو غريب حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة) القيسي البصري، ثقة، من (7)(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ثابت لإسحاق بن عبد الله (قال) أنس (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل) من المسلمين وهو الخياط المذكور في الرواية الأولى (فانطلقت) أي ذهبت (معه) صلى الله عليه وسلم (فجيء) أي أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم (بمرقة فيها دباء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من ذلك الدباء وبعجبه) أي يحب صلى الله عليه وسلم الدباء (قال) أنس (فلما رأيت ذلك) الحب منه صلى الله عليه وسلم (جعلت ألقيه إليه) أي فلما رأيت محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم للدباء شرعت ألقي الدباء من جانبي إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرميه إليه ليأكله، قال النووي: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل مما يلي الإنسان لئلا يتقذر جليسه وهو صلى الله عليه وسلم لا يتقذره أحد بل يتبركون بآثاره وكانوا يدلكون ببصاقه ونخامته وجوههم.

قوله (فلما رأيت ذلك جعلت ألقيه) فيه دليل على جواز مناولة بعض المجتمعين على الطعام بعضهم بعضًا شيئًا من الطعام مما بين يديه لأن جميعه لهم ولا ينكر على من فعل ذلك، وإنما يكره أن يناول ما أمام غيره لآخر لأن فيه الجمع بين سوء الأدب والأكل مما يلي الغير اهـ من الأبي، أو يتناول من على مائدة من مائدة أخرى فقد كرهه ابن المبارك، وفي رواية للبخاري (فجعلت أجمع الدباء بين يديه) وفي رواية حميد (فجعلت أجمعه فأدنيه منه) واحتج به البخاري على أن الأضياف يجوز لهم أن يقدم بعضهم شيئًا إلى بعض، قال ابن بطال: إنما جاز أن يناول بعضهم بعضًا في مائدة واحدة لأن ذلك الطعام قدم لهم بأعيانهم فلهم أن يأكلوه كله وهم فيه شركاء، وقد تقدم الأمر بأكل واحد مما يليه فمن ناول صاحبه مما بين يديه فكأنه آثره بنصيبه مع ماله فيه معه من المشاركة وهذا بخلاف من كان على مائدة أخرى فإنه وإن كان للمتناول حق فيما بين

ص: 221

ولا أَطْعَمُهُ. قَال: فَقَال أَنَسٌ: فَمَا زِلْتُ، بَعْدُ، يُعْجِبُني الدُّبَّاءُ.

5188 -

(00)(00) وحدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَاعِرِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَعَاصِم الأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَجُلًا خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. وَزَادَ: قَال ثَابِتٌ: فَسَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: فَمَا صُنِعَ لِي طَعَامٌ، بَعْدُ، أَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصْنَعَ فِيهِ دُئاءٌ إِلَّا صُنِعَ.

5189 -

(2001)(66) حدّثني محمدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ جَعْفَرٍ

ــ

يديه لكن لا حق للآخر في تناوله منه إذ لا شركة له فيه. قلت: والظاهر أن المنع من المناولة من المائدة الأخرى مقيد بما إذا لم يعلم رضا المضيف بذلك أما إذا علم رضاه فلا إشكال في جوازه.

(ولا أطعمه) أي ولا أطعم الدباء ولا آكله بنفسي بل أجمعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) ثابت (فقال أنس: فما زلت بعد) أي بعد ذلك اليوم (يعجبني الدباء) وأحب أكله. وهذا من أنس رضي الله عنه للتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم والاقتداء بآثاره صلى الله عليه وسلم وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يحب موافقته في كل شيء وهي جدير للمؤمن أن تكون غاية المطلب والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:

5188 -

(00)(00)(وحدثني حجاج بن الشاعر وعبد بن حميد جميعًا عن عبد الرزاق أخبرنا معمر) بن راشد (عن ثابت البناني وعاصم) بن سليمان التميمي البصري (الأحول) ثقة، من (4)(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة معمر لسليمان بن المغيرة (أن رجلًا خياطًا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد) معمر (قال ثابت فسمعت أنسًا يقول فما صنع لي طعام بعد) أي بعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الدباء (أقدر على أن يصنع) لي (فيه دباء إلا صنع) لي فيه الدباء.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه فقال:

5189 -

(2001)(66) حدثني محمَّد بن المثنى العنزي حدثنا محمَّد بن جعفر

ص: 222

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُسْرٍ. قَال: نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي. قَال: فَقَرَّبْنَا إِلَيهِ طَعَامًا وَوَطْبَةً. فَأَكَلَ مِنْهَا. ثُمّ أُتِيَ بِتَمْرِ فَكَانَ يَأكُلُهُ وَيُلْقِي النوَى بَينَ إِصْبَعَيهِ وَيجْمَعُ السَّبَابَةَ وَالْوُسْطَى

ــ

حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير) بمعجمة مصغرًا ابن يزيد الرحبي الهمداني أبي عمرو الحمصي، صدوق، من (5)(عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة المازني السلمي أبي صفوان، وقيل أبو بسر، الصحابي الصغير ولأبيه صحبة، له أحاديث انفرد له (خ) بحديث و (م) بآخر، الشامي وهو آخر من مات بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وهو يتوضأ فجأة سنة ثمان وثمانين، وله (100) سنة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأطعمة، وعن أبيه بسر، ويروي عنه (ع) ويزيد بن خمير ومحمد بن زياد الألهاني وحريز بن عثمان وغيرهم. وهذا السند من خماسياته (قال) عبد الله بن بسر (نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي) بسر بن أبي بسر المازني والد عبد الله بن بسر له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه ابنه عبد الله في الأطعمة وهو هذا الحديث، ويروي عنه (م س) وابنه عبد الله (قال) عبد الله بن بسر (فقربنا) إليه صلى الله عليه وسلم (طعامًا ووطبة) بفتح الواو وإسكان الطاء وبعدها تاء موحدة، وهكذا رواه النضر بن شميل راوي هذا الحديث عن شعبة والنضر إمام من أئمة اللغة، وفسره النضر فقال: الوطبة الحيس يجمع التمر البرني والأقط المدقوق والسمن اهـ نووي، وقال السنوسي: وفي بعض النسخ (رطبة) براء مضمومة وفتح الطاء قيل وهو تصحيف من الرواة، ونقل القاضي من رواية بعضهم (وطئة) بفتح الواو وكسر الطاء وبعدها همزة وادعى أنها الصواب، والوطئة بالهمزة عند أهل اللغة طعام يتخذ من التمر كالحيس اهـ وعطف رطبة على طعام من عطف الخاص على العام (فأكل منها) أي من تلك الوطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم أتي) صلى الله عليه وسلم (بتمر) خالص (فكان يأكله) أي يأكل التمر (وبلقي النوى) أي يمسكه ويجعله (بين إصبعيه وبجمع السبابة والوسطى) لإلقاء النوى عليهما، قال النووي: فسره الأكثرون بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع النوى بين إصبعيه السبابة والوسطى لقلتها ولا يلقيها في إناء التمر كي لا يختلط بالتمور ولا يرميها على الأرض محافظة على نظافة المكان، وفسره ابن المنذر بأنه كان يجمعها بين أصابعه ليرميها بعد ذلك في محل مناسب اهـ.

ص: 223

(قَال شُعْبَةُ: هُوَ ظَنِّي. وَهُوَ فِيهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ، إِلْقَاءُ النوَى بَينَ الإِصْبَعَينِ). ثم أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ. ثُمّ نَاوَلَهُ الذِي عَنْ يَمِينِهِ. قَال: فَقَال أَبِي، وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابتِهِ: ادْعُ الله لَنَا. فَقَال: "اللهم بَارِكْ لَهُمْ في مَا رَزَقْتَهُمْ. وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ".

5190 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. ح وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا يَحْيى بْنُ حَمَّادٍ. كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ،

ــ

قال محمَّد بن جعفر (قال شعبة) بالسند السابق (هو) أي ذكر إلقاء النوى بين إصبعيه (ظني) أي الأمر الذي أظنه (وهو) أي الحديث (فيه إن شاء الله القاء النوى) أي ذكر إلقاء النوى (بين الأصبعين) يعني تردد شعبة هل ذكر إلقاء النوى بين إصبعين موجود في هذا الحديث أو لا، ولم يشك في الرواية الآتية في ذلك واليقين مقدم على الشك.

(ثم أتي) صلى الله عليه وسلم (بشراب فشربه ثم ناوله) أي أعطى الشراب بعد ما شربه الشخص (الذي عن يمينه) تقديمًا للأيمن (قال) عبد الله بن بسر (فقال) له صلى الله عليه وسلم (أبي) بسر بن أبي بسر بعد ما ركب للذهاب (و) قد (أخذ) أبي (بلجام دابته) صلى الله عليه وسلم واللجام على وزن كتاب شيء يجعل في فم الدابة جمعه لجم ككتب وهو معرب عن كلام فارسي اهـ قاموس (ادع الله لنا فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه (اللهم بارك لهم) أي لآل بسر (في ما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم) وفيه طلب الدعاء من أرباب الفضل ودعاؤهم لصاحب الطعام بتوسعة الرزق والعفو والمغفرة والرحمة وقد جمع صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء خيرات الدنيا والآخرة والله أعلم اهـ نووي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأشربة [3729] ، والترمذي في الدعوات [3576].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5190 -

(00)(00) وحدثنا محمَّد بن بشار حدثنا) محمَّد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنيه محمَّد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا يحيى بن حماد) بن أبي زياد الشيباني مولاهم أبو بكر البصري ختن أبي عوانة، وراويته ثقة، من (9)(كلاهما) أي كل من ابن أبي عدي ويحيى بن حماد رويا (عن شعبة

ص: 224

بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَشُكَّا في إِلْقَاءِ النَّوَى بَينَ الإِصْبَعَينِ.

5191 -

(2002)(67) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ الْهِلالِيُّ (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا) إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ. قَال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأكُلُ الْقِثاءَ بِالرُّطَبِ

ــ

بهذا الإسناد) يعني عن يزيد بن خمير عن عبد الله بن بسر، غرضه بيان متابعتهما لمحمد بن جعفر (ولم يشكا) أي لم يشك ابن أبي عدي ويحيى بن حماد (في) ذكر (إلقاء النوى بين الإصبعين) كما شك محمَّد بن جعفر.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما فقال:

5191 -

(2002)(67)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وعبد الله بن عون) بن أمير مصر أبي عون عبد الملك بن يزيد (الهلالي) أبو محمَّد البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (قال يحيى) بن يحيى (أخبرنا وقال ابن عون حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ المدني (عن أبيه) سعد بن إبراهيم (عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب الهاشمي المدني رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (قال) عبد الله بن جعفر (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء) بكسر القاف وضمها والكسر أشهر بوزن فعال وهمزته أصلية، قال الفيومي: وهو اسم لما يسميه الناس الخيار والعجور والفقوس الواحدة قثاءة أي يأكله (بالرطب) وعلله بعضهم بأن برودة القثاء تطفئ حرارة الرطب، وفي الحديث:"اكسر حر هذا ببرد هذا" رواه أبو داود [3826] وفيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل البطيخ بالرطب. وأخرج النسائي عن عائشة قالت: لما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم عالجوني بغير شيء فأطعموني القثاء بالتمر فسمنت عليه كأحسن الشحم. ذكره الحافظ في الفتح [9/ 573] وفي الحديث جواز الجمع بين النوعين من الطعام وجواز التوسع في المطاعم، وفيه دليل على جواز مراعاة صفات الأطعمة وطبائعها واستعمالها على الوجه الأليق بها كما يقوله الأطباء، وقد أورد الحافظ هنا عدة أحاديث جمع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعًا من المطعومات ولا خلاف بين العلماء

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في جواز ذلك، وما نقل عن السلف من خلاف هذا فمحمول على الامتناع من اعتياد التوسع والترفه والاستكثار أو على المجاهدة على سبيل العلاج لا على أنه ممنوع منه شرعًا اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأطعمة [5440] ، وأبو داود في الأطعمة [3825] ، والترمذي في الأطعمة [1844] ، وابن ماجه في الأطعمة [3368].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة: الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث جابر ذكره للاستشهاد، والثالث حديث أنس الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثماني متابعات، والرابع حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والخامس حديث عبد الله بن بسر ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث عبد الله بن جعفر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله أعلم.

***

ص: 226