الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
675 - (19) باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان أحب الأسماء إلى اللَّه تعالى، وجواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين، والنهي عن تسمية الرقيق بنافع مثلًا، واستحباب تغيير الأسماء القبيحة إلى حسن، وتحريم التسمي بملك الأملاك مثلًا
5446 -
(2095)(160) حدّثني أَبُو كُرَيبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ (قَال أَبُو كُرَيبٍ: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا) وَاللَّفْظُ لَهُ، قَالا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (يَعْنِيَانِ الْفَزَارِيَّ) عَنْ حُمَيدٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: نَادَى رَجُلٌ رَجُلًا بِالْبَقِيعِ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ. إِنَّمَا دَعَوْتُ فُلانًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي"
ــ
675 -
(19) باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان أحب الأسماء إلى اللَّه تعالى، وجواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين، والنهي عن تسمية الرقيق بنافع مثلًا، واستحباب تغيير الأسماء القبيحة إلى حسن، وتحريم التسمي بملك الأملاك مثلًا
5446 -
(2095)(160)(حدثني أبو كريب محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي (و) محمد (بن أبي عمر) العدني الكوفي (قال أبو كريب أخبرنا وقال ابن أبي عمر حدثنا واللفظ) الآتي (له) أي لابن أبي عمر (قالا حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث ابن أسماء أبو عبد الله الكوفي (يعنيان الفزاري) ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن حميد) الطويل ابن أبي حميد تير أبي عبيدة البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (نادى رجل رجلًا بالبقيع) بقوله (يا أبا القاسم) لم أر من ذكر اسم الرجلين (فالتفت إليه) أي إلى الرجل المنادي (رسول الله صلى الله عليه وسلم ظانًّا أنه يناديه (فقال) الرجل المنادي (يا رسول الله إني لم أعنك) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وكسر النون لأنه مضارع مسند إلى المتكلم ناقص يائي من باب رمى مجزوم بحذف الياء أي لم أقصدك بالنداء أي يقول يا أبا القاسم، بل (إنما دعوت فلانًا) لم أر من ذكر اسمه أيضًا (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي) أي اجعلوا اسمي اسمًا لكم (ولا تكنوا بكنيتي) أي ولا تجعلوا كنيتي كنية لكم، في هذا التركيب عطف المنفي على المثبت،
5447 -
(2596)(161) حدّثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ (وَهُوَ الْمُلقَّبُ بِسَبَلانَ)
ــ
والأمر والنهي هنا ليسا للوجوب والتحريم كذا في القسطلاني.
وللعلماء هنا أقوال كثيرة منهم من يجوز التكنية والتسمية مطلقًا، ومنهم من لم يجوزهما مطلقًا، ومنهم من فرق بينهما حيث جوز التسمية ولم يجوز التكني، ومنهم من خص النهي بحال حياته صلى الله عليه وسلم قال في المرقاة: وهو الصحيح. قال بعضهم: والفرق بين التسمي باسمه حيث جاز والتكني حيث منع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يناديه أحد باسمه بأن يقول: يا محمد، أما المسلمون فكانوا ينادونه بقولهم: يا رسول الله، وأما الكفار فكانوا ينادونه بقولهم: يا أبا القاسم، فلو تسمى أحد باسمه لم يقع منه التباس إذا ناداه أحد باسمه بخلاف كنيته أبي القاسم فإنه صلى الله عليه وسلم كان ينادى بذلك فلو تكنى رجل بهذه الكنية وقع به الالتباس عند النداء ولكن في هذا الفرق نظر لأن علة النهي مصرحة في حديث جابر الآتي رضي الله عنه يعني قوله صلى الله عليه وسلم:"فإنما أنا قاسم أقسم بينكم" ثم اختلف العلماء في هذا الحكم على أقوال كثيرة (1) منها أن النهي كان خاصًّا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم لوقوع الالتباس حينئذ أما بعده صلى الله عليه وسلم فيجوز التكني بأبي القاسم لكل أحد مطلقًا وهذا القول حكاه النووي عن مالك، وقال القاضي: وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء واستدلوا عليه بحديث الباب فإنه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التكني حيث وقع الالتباس. ومنها (2) أن النهي باق إلى اليوم على إطلاقه فلا يجوز لأحد التكني بأبي القاسم وهو قول أهل الظاهر. ومنها (3) أنه يختص النهي عن التكني بمن اسمه محمد فإن كان اسمه محمدًا لم يجز له التكني بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدًا جاز له أن يتكنى بأبي القاسم، راجع شرح النووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 248]، والبخاري [3539]، وأبو داود [4965]، والترمذي [2844]، وابن ماجه [3735].
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
5447 -
(2096)(161)(حدثني إبراهيم بن زياد وهو الملقب بسبلان) بفتح
أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عُبَيدِ الله بْنِ عُمَرَ وَأَخِيهِ عَبْدِ اللهِ. سَمِعَهُ مِنْهُمَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. يُحَدِّثَانِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى الله عَبْدُ الله وَعَبْدُ الرَّحْمنِ"
ــ
المهملة والموحدة أبو إسحاق البغدادي، روى عن عباد بن عباد في الأدب له في كتاب مسلم هذا الحديث الواحد، وحماد بن زيد وهشيم وغيرهم، ويروي عنه (م د) وأبو يعلى وأحمد بن الحسن الصوفي وأبو زرعة وجماعة كثيرة، وثقه ابن معين وأبو زرعة وصالح جزرة، وقال في التقريب: ثقة، من العاشرة، وقال موسى بن هارون: مات ببغداد في ذي الحجة سنة (228) ثمان وعشرين ومائتين (أخبرنا عباد بن عباد) بن حبيب بن المهلب العتكي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن عبيد الله بن عمر) بن حفص العمري المدني، ثقة، من (5)(وأخيه عبد الله) بن عمر بن حفص العمري أبي عبد الرحمن المدني، روى عن نافع في الحدود والأدب مقرونًا بأخيه عبيد الله بن عمر، وزيد بن أسلم وأخيه عبيد الله، ويروي عنه (م عم) وعباد بن عباد وابنه عبد الرحمن وابن وهب ووكيع، قال أحمد وابن معين وابن عدي: لا بأس به في روايته، صدوق، وقال الخليلي: ثقة، غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه، وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ثقة في حديثه اضطراب، وضعفه النسائي، وقال في التقريب: ضعيف عابد، من السابعة، مات سنة (171) إحدى وسبعين ومائة، ولكن حديثه هنا صحيح اعتمادًا على أخيه عبيد الله لأنه ثقة (سمعه) أي سمع الحديث الآتي عباد بن عباد (منهما) أي من عبيد الله وعبد الله ابني عمر بن حفص (سنة أربع وأربعين ومائة) من الهجرة المصطفية حالة كونهما (يحدثان) هذا الحديث (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحب أسمائكم) أيها المسلمون (إلى الله) أي عند الله تعالى (عبد الله وعبد الرحمن) أي إن أرضى أسمائكم عند الله تعالى هذان الاسمان لأن في الأول اعترافًا بالعبدية والتذلل والخضوع وفي الثاني اعترافًا بالرحمة العامة الشاملة لكل مخلوق برها وفاجرها علويها وسفليها دنيويها وأخرويها، وأيضًا في الأول تفاؤل بأن يكون المسمى عابدًا له تعالى، وفي الثاني مظهرًا للرحمة الإلهية والله أعلم. قال في المرقاة: وروى الحاكم في الكنى، والطبراني عن أبي زهير الثقفي مرفوعًا "إذا سميتم فعبدوا" أي انسبوا عبوديتهم إلى أسماء
5448 -
(2097)(162) حدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَال عُثْمَانُ: حَدَّثنَا. وَقَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا) جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ. فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. فَقَال لَهُ
ــ
الله تعالى فيشمل عبد الرحيم وعبد الملك وغيرهما، ومن حديث ابن مسعود رفعه "أحب الأسماء إلى الله تعالى ما تعبد به" وفي إسناد كل منهما ضعف كذا في فتح الباري [10/ 570] ولا يرد أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يفعل الأفضل ولم يسم أحدًا من أولاده بذلك فالجواب بأنه فعل تشريعًا للأمة وبيانًا للجواز والله أعلم.
قال القرطبي: إنما كانت هذه الأسماء أحب إلى الله تعالى لأنها تضمنت ما هو وصف واجب للحق تعالى وهو الإلهية والرحمانية وما هو وصف الإنسان وواجب له وهو العبودية والافتقار إلى الله تعالى ثم أضيف العبد الفقير إلى الله الغني إضافة حقيقية فصدقت أفراد هذه الأسماء الأصلية وشرفت بهذه الإضافة التركيبية فحصلت لهما هذه الأفضلية الأحبية ويلحق بهذين الاسمين كل ما كان مثلهما مثل عبد الملك وعبد الصمد وعبد الغني اهـ من المفهم. ولعل وجه كونهما أحب الأسماء دلالتهما على عبدية المرء لله تعالى والعبدية أفضل أوصاف المرء كما قال عياض:
ومما زادني شرفًا وتيهًا
…
وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي
…
وأن صيرت أحمد لي نبيّا
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب [4949]، والترمذي في الأدب [2833]، وابن ماجه في الآداب [3773].
ثم استشهد المؤلف لحديث أنس السابق بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما فقال:
5448 -
(2097)(162)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال عثمان حدثنا وقال إسحاق أخبرنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن منصور) بن المعتمر السلمي الكوفي (عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من (3)(عن جابر بن عبد الله) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (ولد لرجل) قال الحافظ لم أقف على تسمية هذا الرجل (منا) أي من الأنصار (غلام) أي ولد ذكر (فسماه) أي فسمى الرجل الغلام المولود (محمدًا) قد اختلفت الروايات في أنه سماه محمدًا أو سماه القاسم، وسيأتي من رواية محمد بن المنكدر أنه
قَوْمُهُ: لَا نَدَعُكَ تُسَمِّي بِاسْمِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَانْطَلَقَ بِابْنِهِ حَامِلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ. فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: فَقَال؛ يَا رَسُولَ الله، وُلدَ لِي غُلامٌ. فَسَمَّيتُهُ مُحَمَّدًا. فَقَال لِي قَوْمِي: لَا نَدَعُكَ تُسَمِّي بِاسْمِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي. فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ. أَقْسِمُ بَينَكُمْ"
ــ
سماه القاسم وقد أخرجه البخاري في فرض الخمس بكلا الطريقين وذكر أن أبا الوليد روى عن شعبة فأراد أن يسميه محمدًا، ورواه عمرو بن دينار عن شعبة فأراد أن يسميه القاسم، وقد جمع الحافظ في آداب الفتح [10/ 58] طرق الحديث، ورجح رواية من روى أنه سماه القاسم ورجحه من جهة المعنى أيضًا حيث وقع عليه الإنكار من أجل أنه سيكنى بأبي القاسم وهو كنية النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم أيد الأنصار بقوله:"أحسنت الأنصار سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي" كما سيأتي في رواية محمد بن جعفر عن شعبة عند المؤلف فلو كان قد سماه محمدًا لما أيد النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار لأنه قد أجاز التسمية باسمه والله أعلم.
(فقال له) أي للرجل (قومه) أي جيرانه وعشيرته (لا ندعك) أي لا نتركك على أن (تسمي) غلامك (باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تأذنه وتأمره صلى الله عليه وسلم، قال جابر (فانطلق) الرجل أي ذهب ملتبسًا (بابنه) وغلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (حامله) أي حامل الغلام (على ظهره فأتى) الرجل (به) أي بغلامه (النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره القصة التي جرت بينه وبين قومه (فقال) الرجل في إخبارها (يا رسول الله ولد في كلام فسميته محمدًا) وقد آنفًا أن الرواية الراجحة رواية (فسميته قاسمًا) كما يدل عليه آخر الحديث (فقال لي قومي لا ندعك) أي لا نتركك على أن (تسمي) غلامك (باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي باسم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكنيك بكنية رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل ولمن معه (تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي) فعلى هذه الرواية يعارض آخر الحديث أوله أعني قوله (سميته محمدًا)(فإنما أنا قاسم) أي ليس من يستحق كنية أبي القاسم إلا أنا، ويدل على هذا التأويل رواية (فإني أنا أبو القاسم أقسم بينكم) وإنما خصصت بهذه الكنية لأن الله خصصني بأن (أقسم بينكم)
5449 -
(00)(00) حدَّثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ، عَنْ حُصَينٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله
ــ
عطاياه، وفي الرواية الأخرى (فإنما بعثت إليكم قاسمًا) يعني أنه هو الذي يبين قسم الأموالى في المواريث والغنائم والزكوات والفيء وغير ذلك من المقادير فيبلغ عن الله حكمه ويبين قسمه وليس ذلك لأحد إلا له صلى الله عليه وسلم فلا يطلق هذا الاسم في الحقيقة إلا عليه صلى الله عليه وسلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [3538]، وأبو داود [4965]، والترمذي [2845]، وابن ماجه [3736].
"تنبيه"
الأصل في الكنية أن يكون للرجل ابن فيكنى باسم ابنه ذلك ولذلك كني النبي صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم فإنه كان له ولد يسمى القاسم من خديجة رضي الله تعالى عنها وكأنه كان أولى ذكور أولاده، وعلى هذا فلا ينبغي أن يكنى أحد حتى يكون له ولد يكنى باسمه لكن قد أجاز العلماء خلاف هذا الأصل فكنوا من ليس له ولد لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم (كل صواحباتي لهن كنى وليس لي كنية فقال:"اكتني بابن أختك عبد الله" فكانت تكنى بأم عبد الله) رواه البخاري في الأدب المفرد [850 و 851]، وابن سعد [8/ 63 و 64]، والطبراني [23/ 36 و 37] وقد كنى النبي صلى الله عليه وسلم الصغير فقال:"يا أبا عمير ما فعل النغير؟ " متفق عليه ورواه أحمد والترمذي وقد قال عمر رضي الله عنه (عجلوا بكنى أبنائكم وأولادكم لا تسرع إليهم ألقاب السوء) اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5449 -
(00)(00)(حدثنا هناد بن السري) بن مصعب التميمي الدارمي أبوالسري الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عبثر) بن القاسم الزبيدي مصغرًا الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن حصين) مصغرًا ابن عبد الرحمن السلمي أبي الهذيل الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي الكوفي (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حصين بن عبد الرحمن لمنصور بن المعتمر
قَال: وُلدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. فَقُلْنَا: لَا نَكْنِيكَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى تَسْتأْمِرَهُ. قَال فَأَتَاهُ. فَقَال: إِنَّهُ وُلدَ لِي غُلامٌ فَسَمَّيتُهُ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. وَإِنَّ قَوْمِي أَبَوْا أَنْ يَكْنُونِي بِهِ. حَتَّى تَسْتَأْذِنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "سَمُّوا بِاسْمِي. وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي. فَإِنَّمَا بُعِثْتُ قَاسِمًا. أَقْسِمُ بَينَكُمْ".
5450 -
(00)(00) حدَّثنا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيثمِ الْوَاسِطِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي الطَّحَّانَ) عَنْ حُصَينٍ، بِهذَا
ــ
(قال) جابر (ولد لرجل منا) يعني الأنصار (غلام فسماه محمدًا) والراجح أن يقال قاسمًا كما مر آنفًا، قال جابر (فقلنا) لذلك الرجل (لا نكنيك) أي لا نسميك (بـ) كنية (رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بأبي القاسم (حتى تستأمره) صلى الله عليه وسلم وتستأذنه في تسميتنا إياك بكنية رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) جابر (فأتاه) أي فأتى الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره القصة الجارية بينه وبين قومه (فقال) لرسول الله صلى الله عليه وسلم في إخبارها له (إنه) أي إن الشأن والحال (ولد لي كلام) أي ولد ذكر يا رسول الله (فسميته برسول الله) أي باسم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي باسم القاسم (وإن قومي) وعشيرتي (أبوا) أي امتنعوا من (أن يكنوني به) أي أن يسموني بكنية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أبا القاسم (حتى تستأذن) وتستأمر (النبي صلى الله عليه وسلم في تسميتنا إياك بكنية رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (سموا) أنفسكم وأولادكم (باسمي) محمد وأحمد (ولا تكتنوا) أي ولا تسموا أنفسكم ولا أولادكم (بكنيتي) يعني بأبي القاسم (فإنما بعثت) أنا إليكم حالة كوني (قاسمًا أقسم) عطايا الله سبحانه الظاهرة والباطنة كالعلوم والمعارف (بينكم) فلي تخصص بهذه الكنية للحكمة المذكورة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5450 -
(00)(00)(حدثنا رفاعة بن الهيثم) بن الحكم أبو سعيد (الواسطي) مقبول، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا خالد) بن عبد الله بن عبد الرحمن المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي (يعني الطحان) ثقة ثبت، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن حصين) بن عبد الرحمن، غرضه بيان متابعة الطحان لعبثر بن القاسم (بهذا
الإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ "فَإِنَّمَا بُعِثْتُ قَاسِمًا. أَقْسِمُ بَينَكُمْ".
5451 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَسمّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكنَّوْا بِكُنْيَتِي. فَإِنِّي أَنَا أَبو الْقَاسِمِ. أَقْسِمُ بَينَكُمْ". وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: "وَلَا تَكْتَنُوا"
ــ
الإسناد) يعني عن سالم عن جابر (و) لكن (لم يذكر) الطحان لفظة (فإنما بعثت قاسمًا أقسم بينكم).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5451 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن الأعمش ح وحدثني أبو سعيد) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي (الأشج) الحافظ ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأعمش لحصين بن عبد الرحمن ومنصور بن المعتمر، ومن لطائفهما أن رجالهما كلهم كوفيون إلا جابر بن عبد الله (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي) محمد (ولا تكنوا بكنيتي) أبي القاسم (فإني أنا أبو القاسم) حقيقة لأني (أقسم بينكم) الحظوظ الواردة لكم من الله.
قوله (ولا تكنوا) بفتح التاء وتشديد النون المفتوحة وحذف إحدى التاءين لتوالي المثلين، أصله تتكنوا بإثبات التاءين إحداهما تاء المضارعة وثانيتهما تاء المطاوعة لأنه من باب تفعل الخماسي (وفي رواية أبي بكر) بن أبي شيبة (ولا تكتنوا) بفتح التاءين بينهما كاف ساكنة وضم النون الخفيفة من باب افتعل الخماسي وبناؤه أيضًا للمطاوعة ولكن كلاهما هنا لمبالغة الثلاثي لا للمطاوعة. وقوله (فإنما أنا أبو القاسم) .. إلخ فيه إشارة إلى وجهين للنهي عن التكني بأبي القاسم؛ أولهما أن هذه الكنية للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ينادى بها فلو تكنى أحد غيره بنفس الكنية وقع الالتباس. وثانيهما أن القاسم وصف للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يقسم الغنائم والأموال والعلم والخيرات،
5452 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ.
وَقَال: "إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَينَكم".
5453 -
(00)(00) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعفَرٍ. حَدَّثنَا شُعبَةُ. سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
ــ
وصار هذا الوصف بمنزلة اسم له فلو تكنى أحد بأبي القاسم أوهم ذلك سوء الأدب في جنابه صلى الله عليه وسلم اهـ تكملة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5452 -
(00)(00)(وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش) غرضه بيان متابعة أبي معاوية لوكيع (بهذا الإسناد) يعني عن سالم عن جابر (و) لكن (قال) أبو معاوية أي زاد على وكيع لفظة (إنما جعلت) وبعثت (قاسمًا أقسم بينكم) الحظوظ الواردة لكم من الله تعالى أي جعلني الله قاسمًا بينكم أي جعلني مبلغًا إليكم حكمه في القسم بينكم.
قوله (فإنما بعثت قاسمًا أقسم بينكم) حذف مفعول القسم إفادة للعموم أي أقسم بينكم العلم والغنيمة ونحوهما، وقيل البشارة للصالح والنذارة للطالح ويمكن أن تكون قسمة الدرجات والدركات مفوضة إليه صلى الله عليه وسلم ولا منع من الجمع كما يدل عليه حذف المفعول لتذهب أنفسهم كل المذهب ويشرب كل واحد من ذلك المشرب، وهذا المعنى غير موجود حقيقة في حقكم بل مجرد اسم لفظًا أو سورة في شأنكم وشأن أولادكم، والحاصل أني لست أبا القاسم بمجرد أن ولدي كان مسمى بقاسم بل لوحظ معنى القاسمية باعتبار القسمة الأزلية في الأمور الدينية والدنيوية فلست كأحدكم لا في الذات ولا في الأسماء ولا في الصفات اهـ من المرقاة. وفي السنوسي: وهذا القول يشير إلى أن العلة الموجبة للتكنية لا توجد في غيره لأن معنى كونه قاسمًا أنه الذي قسم المواريث والغنائم والزكاة والفيء وغير ذلك من المقادير بالتبليغ عن الله تعالى اهـ منه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5453 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة) بن دعامة (عن سالم) بن أبي الجعد (عن جابر بن
عَبْدِ الله؛ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ وُلدَ لَهُ غُلامٌ. فأرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحمَّدًا. فأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَألَهُ. فَقَال: "أَحسَنَتِ الأَنصَارُ. سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي".
5454 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. كِلاهُمَا عَنْ مُحَمدِ بْنِ جَعفرٍ، عَنْ شُعبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمرِو بْنِ جَبَلَةَ
ــ
عبد الله) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لمنصور وحصين والأعمش (أن رجلًا من الأنصار) لم أر من ذكر اسمه في حلنا كما مر (ولد له غلام فأراد أن يسميه محمدًا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله) أي فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم تسمية ولده باسم محمد بعدما أخبر قصة ما جرى بينه وبين قومه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل (أحسنت الأنصار) أي وافقت الصواب في امتناعهم عن تكنيتك بكنيتي، ثم قال (سموا) أي سموا أنفسكم وأولادكم (باسمي) محمد (ولا تكتنوا بكنيتي) أي لا تسموا أنفسكم ولا أولادكم بكنيتي أبي القاسم.
وقوله (ولا تكتنوا) مضارع مجزوم بلا الناهية من اكتنى الخماسي من باب افتعل.
وقوله صلى الله عليه وسلم (أحسنت الأنصار) وفي البخاري عن جابر قال (ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم فقالت الأنصار: لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينًا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله وُلد في غلام فسميته القاسم، فقالت الأنصار: لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أحسنت الأنصار سموا باسمي .. إلخ" ورواية البخاري أوفق لقوله أحسنت من رواية مسلم وهي الصواب فينبغي حمل رواية مسلم على رواية البخاري بالتأويل كما مر في حلنا مرارًا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5454 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى كلاهما عن محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور) بن المعتمر السلمي الكوفي (ح وحدثني محمد بن عمرو) بن عباد (بن جبلة) بن أبي رواد العتكي البصري، صدوق، من (11) روى عنه في
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يعنِي ابْنَ جعفَرٍ). ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. كِلاهُمَا عَنْ شُعبَةَ، عَنْ حُصَينٍ. ح وَحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ (يعنِي ابْنَ جَعفَرٍ). حدَّثَنَا شعبَةُ، عَنْ سُلَيمَانَ. كُلهُم عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجعدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَليُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصورٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيلٍ. حَدَّثَنَا شعبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ وَمَنْصُورٍ وَسُلَيمَانَ وَحُصَينِ بْنِ عَبْدِ الرحمن
ــ
(11)
بابا (حدثنا محمد يعني ابن جعفر) الهذلي البصري غندر (ح وحدثنا) محمد (بن المثنى حدثنا) محمد (بن) إبراهيم بن (أبي عدي) السلمي مولاهم أبو عمرو البصري، ثقة، من (9)(كلاهما) أي كل من محمد بن جعفر وابن أبي عدي رويا (عن شعبة عن حصين) ابن عبد الرحمن السلمي (ح وحدثني بشر بن خالد) الفرائضي البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (2) بابين (أخبرنا محمد يعني ابن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان) الأعمش (كلهم) أي كل من هؤلاء الثلاثة يعني منصورًا في السند الأول من أسانيد شعبة، وحصينًا في السند الثاني منها، وسليمان في السند الثالث منها رووا (عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بسوق هذه الأسانيد الثلاثة بيان متابعة شعبة لجرير في الرواية عن منصور في السند الأول ولعبثر وخالد الطحان في الرواية عن حصين في السند الثاني ولوكيع وأبي معاوية في الرواية عن سليمان الأعمش في السند الثالث (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وإسحاق بن منصور) الكوسج (قالا أخبرنا النضر بن شميل) المازني أبو الحسن البصري ثم الكوفي نزيل مرو وشيخها، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا شعبة عن قتادة ومنصور وسليمان) الأعمش (وحصين بن عبد الرحمن) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة النضر بن شميل لمن روى عن شعبة يعني محمد بن جعفر وابن أبي عدي.
وقوله (عن قتادة) كما في هذا السند (ومنصور) كما في سند أبي بكر (وسليمان) كما في سند بشر (وحصين) كما في سند ابن المثنى والله أعلم اهـ محمد ذهني. وقوله (من قبل) أي من قبل هذه الأسانيد. قوله (وفي حديث النضر) يعني المؤلف رحمه الله تعالى أي وفي حديثه عن شعبة زيادة حيث قال النضر: وزاد في الحديث حصين .. إلخ، ولم يرو غير النضر من الرواة عن شعبة هذه الزيادة أو قال شعبة وزاد فيه حصين .. الخ لأنه يروي عنهما يعني ولم يذكر هذه الزيادة من شيوخي غيرهما وهما زادا
قَالُوا: سَمِعنَا سَالِمَ بْنَ أبِي الْجَعدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. بِنَحو حَدِيثِ مَنْ ذَكَرنَا حَدِيثَهُم مِنْ قَبْلُ. وَفِي حَدِيثِ النَّضْرِ، عَنْ شُعبَةَ، قَال: وَزَادَ فِيهِ حُصَينٌ وَسُلَيمَانُ. قَال حُصَينٌ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنمَا بُعِثْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَينَكم". وَقَال سُلَيمَانُ: "فَإنمَا أَنا قَاسِم أَقْسِمُ بَينَكم".
5455 -
(00)(00) حدَّثنا عَمرٌو النَّاقِدُ وَمُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيرٍ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَال عمرٌو: حَدَّثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. حَدَّثنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ؛
ــ
على قتادة ومنصور هذه الزيادة وهذا أحسن كما فهم من عبارة العيني والله أعلم اهـ من ذهني أيضًا.
(قالوا) أي قال كل من قتادة ومنصور وسليمان وحصين (سمعنا سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق شعبة عن منصور وحصين بن عبد الرحمن وسليمان الأعمش (بنحو حديث من ذكرنا حديثهم من قبل) أي من قبل أسانيد شعبة أي ساق شعبة بنحو حديث جرير عن منصور وبنحو حديث عبثر وخالد الطحان عن حصين وبنحو حديث وكيع وأبي معاوية عن سليمان فالمراد بمن ذكرنا جرير وعبثر وخالد ووكيع وأبو معاوية، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة شعبة لجرير في الرواية عن منصور وعبثر وخالد الطحان في الرواية عن حصين ووكيع وأبي معاوية في الرواية عن سليمان فتدبر فإن في المحل دقة وغموضًا (و) لكن (في حديث النضر) وروايته (عن شعبة) لفظة (قال) لنا شعبة (وزاد فيه) أي في الحديث (حصين وسليمان) على غيرهما ممن شاركهما في الرواية عن سالم لأنه (قال حصين) في روايته (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت قاسمًا أقسم بينكم وقال سليمان) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنما أنا قاسم أقسم بينكم) وهذا بيان قال المخالفة بين النضر وبين محمد بن جعفر وابن أبي عدي في الرواية عن شعبة بأن هذه الزيادة موجودة في رواية النضر بن شميل عن شعبة دون رواية محمد بن جعفر وابن أبي عدي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5455 -
(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير بن سابور (الناقد ومحمد بن عبد الله بن نمير جميعًا عن سفيان قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا) محمد (بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير مصغرًا القرشي التيمي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في
أنه سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: وُلدَ لِرَجُلِ مِنَا غُلامٌ. فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ. فَقُلْنَا: لا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ. وَلَا نُنْعِمُكَ عَينا. فَأتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ. فَقَال: "أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرحمن".
5456 -
(00)(00) وحدّثني أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعنِي ابْنَ زُريعٍ). ح وَحدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعنِي ابْنَ عُلَيةَ). كِلاهُمَا عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، . . . . .
…
،
ــ
(11)
بابا (أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة محمد بن المنكدر لسالم بن أبي الجعد (يقول وُلد لرجل منا كلام فسماه القاسم فقلنا) له معاشر الأنصار (لا نكنيك) من غنى الثلاثي من باب رمى أي لا نسميك ولا نناديك بقولنا يا (أبا القاسم ولا ننعمك) أي لا نبردك (عينًا) ولا نبشرك قلبًا بتكنيك بأبي القاسم، وقوله (ننعمك) بضم النون الأولى وسكون الثانية وكسر العين من أنعم الرباعي أي لا نجعلك تقر عيناك بهذه الكنية الشريفة، وقد وقع في رواية صدقة بن الفضل عند البخاري (ولا كرامة) أي لا نكرمك كرامة بهذه الكنية، وعبارة القسطلاني هنا أي لا نكرمك ولا نقر عينك بذلك اهـ والمعنى أي لا نجعلك قرير العين ومسرور القلب بمناداتك يا أبا القاسم (فأتى) الرجل (النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) أي ما جرى بينه وبين قومه وما قالوا له (له) أي للنبي صلى الله عليه وسلم (فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم (اسم ابنك) بهمزة قطع مفتوحة مع سكون السين أمر من أسمى الرباعي أي اجعل اسم ابنك (عبد الرحمن) وفي بعض النسخ (اسم ابنك) بحذف الهمزة، وفي أخرى (فقال اسم ابنك عبد الرحمن).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5456 -
(00)(00)(وحدثني أمية بن بسطام) بن المنتشر العيشي البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا يزيد يعني ابن زريع) مصغرًا التميمي العيشي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (ح وحدثني علي بن حجر) بن إياس السعدي أبو الحسن المروزي، ثقة، من (9) روى عنه في (11) بابا (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري (يعني ابن علية) ثقة، من (8) روى عنه في (15) بابا (كلاهما) أي كل من يزيد وإسماعيل رويا (عن روح بن القاسم) التميمي
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابر، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ. غَيرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر: وَلَا نُنْعِمُكَ عَينًا.
5457 -
(2098)(163) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعمرٌو النَّاقِدُ وَزُهيرُ بْنُ حربٍ وَابْنُ نُمَيرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَيوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال أبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنوْا بِكُنْيَتِي". قَال عَمرو: عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. وَلَم يَقُلْ: سمعت
ــ
أبي غياث البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (11) بابا (عن محمد بن المنكدر) التيمي المدني (عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة روح بن القاسم لسفيان بن عيينة وساق روح (بمثل حديث ابن عيينة غير أنه) أي لكن أن روح بن القاسم (لم يذكر) لفظة (ولا ننعمك عينًا) وهذا بيان المخالفة بينهما.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس المذكور أول الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
5457 -
(2098)(163)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب و) محمد بن عبد الله (بن نمير قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب) السختياني (عن محمد بن سيرين قال سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: تسموا باسمي) محمد بفتح التاء المثناة فوق وفتح الميم المشددة لأنه من باب تفعل الخماسي لأن أصله تتسموا حذفت منه إحدى التاءين لتوالي المثلين (ولا تكنوا) بحذف إحدى التاءين لأنه من تفعل الخماسي كما نظيره أي لا تسموا أنفسكم ولا أولادكم (بكنيتي) أبي القاسم (قال عمرو) الناقد في روايته لفظة (عن أبي هريرة) بالعنعنة (ولم يقل) عمرو لفظة (سمعت) بل الذي قالها هو أبو بكر بن أبي شيبة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع كثيرة منها في الأدب باب قول النبي صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي [6188]، وأبو داود في الأدب باب الرجل يتكنى بأبي القاسم [4965]، وابن ماجه في الآداب باب الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته [3780].
5458 -
(2099)(164) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيرٍ وَأبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزيُّ (وَاللَّفْظُ لابْنِ نُمَيرٍ). قَالُوا: حَدَّثنَا ابْنُ إِدريس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرب، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِل، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعبَةَ. قَال: لَمَّا قَدِمتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي. فَقَالُوا: إِنَّكُم تَقْرَؤُونَ: {يَاأُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا
ــ
ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:
5458 -
(2099)(164)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي (ومحمد بن المثنى العنزي) البصري (واللفظ لابن نمير قالوا حدثنا) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي، ثقة ثقة، من (8) روى عنه في (18) بابا (عن أبيه) إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي أبي عبد الله الكوفي، والد عبد الله بن إدريس، روى عن أبان بن تغلب في الإيمان، وسماك بن حرب في الأدب، وقيس بن مسلم في التفسير، ويروي عنه (ع) وابنه عبد الله ووكيع ومحمد ويعلى ابنا عبيد، وثقة النسائي وأبو داود وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السابعة، وليس من رجال مسلم من اسمه إدريس إلا هذا الثقة (عن سماك بن حرب) بن أوس الذهلي الكوفي، صدوق، من (4) روى عنه في (14) بابا (عن علقمة بن وائل) بن حجر بضم المهملة وسكون الجيم الكندي الحضرمي ثم الكوفي، صدوق، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن المغيرة بن شعبة) بن أبي عامر بن مسعود الثقفي أبي محمد الكوفي الصحابي المشهور أسلم زمن الخندق رضي الله عنه، روى عنه في (7) أبواب. وهذا السند من سداسياته (قال) المغيرة (لما قدمت نجران) اسم بلدة معروفة بين الحجاز واليمن والشام (سألوني) أي سألني أهل نجران من النصارى المقيمين فيها (فقالوا) أي قالت في نصارى نجران (إنكم) أيها المسلمون (تقرؤون) في كتابكم في قصة مريم وعيسى (يا أخت هارون) أي يا شبيهة هارون في العبادة والعفة (و) هارون بن عمران الذي هو أخو (موسى) بن عمران موجود (قبل) مريم و (عيسى) ابنها (بكذا وكذا) من الزمان أي بسنين كثيرة
فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ عَنْ ذلِكَ. فَقَال: "إِنَّهم كَانُوا يُسَمُّونَ بِأنبِيَائِهم وَالصالِحِينَ قَبلَهُم".
5459 -
(2100)(165) حدَّثنا يحيى بْنُ يَحيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ (قَال أَبُو بَكر: حَدَّثنَا مُعتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ، عَنِ الرُّكَينِ،
ــ
وأعوام وفيرة فكيف تكون مريم أم عيسى أخت هارون أخي موسى بن عمران مع أن بين عصريهما ألوفًا كثيرة فهذا كلام باطل لا يصح اشتمل عليه كتابكم، قال شعبة (فلما قدمت) المدينة ووقفت (على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعت معه (سألته) صلى الله عليه وسلم (عن) جواب (ذلك) السؤال الذي سالوني (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنهم) أي إن بني إسرائيل (كانوا) في عادتهم (يسمون) أولادهم). (بـ) أسماء (أنبيائهم و) بأسماء (الصالحين) الذين سبقوا (قبلهم) كآصف وعزير ولقمان فهارون الذي أضيفت مريم إليه وشبهت به ليس بهارون النبي الذي هو أخو موسى بن عمران عليهما السلام، بل هو رجل صالح ذو عفة وعبادة كان موجودًا في زمن مريم وعيسى عليهما السلام، ومعنى الآية يا شبيهة هارون الذي كان في زمنها في العفة والعبادة وخدمة بيت المقدس فهذا الرجل الصالح سمي باسم هارون النبي عليه السلام فدل حديث المغيرة على جواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين فطابق الجزء الثالث من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في التفسير في سورة مريم [3154].
ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة بحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه فقال:
5459 -
(2100)(165)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة قال أبو بكر حدثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان التيمي البصري، ثقة، من كبار (9) وليس عندهم معتمر إلا هذه الثقة (عن الركين) مصغرًا ابن الربيع بن عميلة مكبرًا الفزاري أبي الربيع الكوفي، روى عن أبيه في الأدب وابن عمر ويحيى بن يعمر، ويروي عنه (م عم) ومعتمر
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ. وقَال يحيى: أَخْبَرَنَا الْمُعتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ. قَال: سَمِعْتُ الرُّكَينَ يُحدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ) قَال: نَهانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا بِأربَعَةِ أَسْمَاءٍ: أَفْلَحَ، وَرَبَاحٍ، ويسَارٍ، وَنَافِعٍ
ــ
ابن سليمان وشعبة والثوري، وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن حبان، وقال أبو حاتم: صالح، وقال يمعقوب بن سفيان: كوفي ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، مات سنة (131) إحدى وثلاثين ومائة، وليس في مسلم من اسمه ركين إلا هذا الثقة (عن أبيه) الربيع بن عميلة بفتح المهملة الفزاري أبي ركين الكوفي، روى عن سمرة بن جندب في الأدب، وابن مسعود وعمارة بن رؤيبة، ويروي عنه (م عم) وابنه الركين وعبد الملك ابن عمير، قال ابن معين: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة، وله أحاديث، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات (عن سمرة) بن جندب (وقال يحيى أخبرنا المعتمر بن سليمان قال سمعت الركين يحدث عن أبيه عن سمرة بن جندب) بن هلال الفزاري أبي سعيد البصري الصحابي المشهور رضي الله عنه، قال الحافظ ابن حجر: كان سمرة غلامًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض غلمان الأنصار فمر به غلام فأجازه في البعث وعرض عليه سمرة فرده فقال: لقد أجزت هذا ورددتني ولو صارعته لصرعته، قال: فدونكه، فصارعه سمرة فأجازه ونزل سمرة البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة، وكان شديدًا على الخوارج فكانوا يطعنون فيه، وقال ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير، ومات سمرة قبل سنة ستين، قال ابن عبد البر: سقط في قدر مملوء ماء حارًا فكان ذلك تصديقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولأبي محذورة "آخركم موتًا في النار" اهـ من الإصابة [3/ 77 و 78] روى عنه في (5) أبواب (قال) سمرة (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسمي رقيقنا) أي عبيدنا (بأربعة أسماء) بإضافة أربعة إلى أسماء، وتنوين أسماء لأنه مصروف لكون مدته أصلية لأنها بدل من لام الكلمة، قال القرطبي: وإنما خص العبيد بالذكر لأن هذه الأسماء كانت فيهم أغلب اهـ.
وقوله (أفلح) مأخوذ من الفلاح بمعنى الفوز (ورباح) من الربح (ويسار) من اليسر (ونافع) من النفع بدل من أربعة بدل تفصيل من مجمل، وأنث اسم العدد لأن المعدود
5460 -
(00)(00) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الرُّكَينِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَمِّ غُلامَكَ رَبَاحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا أَفْلَحَ، وَلَا نَافِعًا".
5461 -
(00)(00) حدثنا أَحمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهيرٌ
ــ
مذكر وعلة هذا النهي مصرحة في رواية هلال بن يساف الآتية حيث قال صلى الله عليه وسلم: "فإنك تقول أثم هو فلا يكون" والمراد أن قول القائل ليس عندي أفلح أو ليس عندي نافع مثلًا فيه نوع من الشؤم، وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة ولكن هذا النهي عند الجمهور للتنزيه لا للتحريم فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له غلام اسمه رباح ومولى اسمه يسار فإقراره صلى الله عليه وسلم هذين الاسمين يدل على الجواز، ولهذا سمى ابن عمر رضي الله عنهما مولاه نافعًا وهو محدِّث مشهور، قال النووي: ولا تختص الكراهية بهذه الأربعة وحدها بل تكون في كل ما في معناها كنجيج ونجاح وفائز وفواز، وعلة الكراهة ما سبق آنفًا. وفي الأبي: وعلتها أن التسمية بذلك تؤدي إلى أن يسمع ما يكره كما قال في الرواية الآتية لأنك تقول: أثم هو؟ ولا يكون، فيقول المجيب: لا، عكس ما أراد المسمي بهذه الأسماء من حسن الفأل اهـ منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب [4958]، والترمذي في الأدب [2838]، وابن ماجه في الأدب [3775].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سمرة رضي الله عنه فقال:
5460 -
(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الركين بن الربيع عن أبيه عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة جرير لمعتمر بن سليمان (قال) سمرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسم) أيها المخاطب (غلامك رباحًا ولا يسارًا ولا أفلح ولا نافعًا).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث سمرة رضي الله عنه فقال:
5461 -
(00)(00)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا زهير) بن معاوية بن
حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ عُمَيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الْكَلامِ إِلَى الله أَربع: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمدُ لِلهِ، وَلَا إِله إلا الله، وَاللهُ أكبَرُ. لَا يَضُركَ بِأيهِن بَدَأْتَ. وَلَا تُسَميَن
ــ
حديج مصغرًا الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(حدثنا منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (19) بابا (عن هلال بن يساف) بكسر المثناة تحت، وقيل بفتحها وبه جزم المؤلف في أسمائه، وفي القاموس: هلال بن يساف بالكسر وقد يفتح تابعي كوفي اهـ والياء فيه أصلية فيتعين الصرف فيه ثم مهملة ثم فاء، ويقال فيه ابن إساف الأشجعي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن ربيع ابن عميلة عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة هلال بن يساف لركين بن الربيع (قال) سمرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام) أي كلام البشر فالمراد بالكلام كلام البشر لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الذكر بعد كتاب الله سبحان الله والحمد لله .. " إلخ. قال القرطبي: أي أحقه قبولًا وأكثره ثوابًا ويعني بالكلام المتضمن للأذكار والدعاء والقرب من الكلام (إلى الله) أي عند الله سبحانه (أربع) وهي (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) وإنما كانت هذه الأربع أحب الكلام عند الله تعالى لاشتمالها على جملة أنواع الذكر من التنزيه والتحميد والتوحيد والتمجيد. وعبارة القرطبي: لأنها تضمنت تنزيهه عن كل ما يستحيل عليه ووصفه بكل ما يجب له من أوصاف كماله وانفراده بوحدانيته واختصاصه بعظمته وقدمه المفهومين من أكبريته ولتفصيل هذه الجمل علم آخر (لا يضرك) في الثواب والقبول (بأيهن بدأت) أي لا يضرك بدايتهن بأية واحدة منهن شئت بنقص الثواب في البداية بها أو بعدم قبولها، قال القرطبي: يعني أن تقديم بعض هذه الكلمات على بعض لا ينقص ثوابها ولا يوقف قبولها لأنها كلها كلمات جامعات طيبات مباركات اهـ وفي المبارق إلا يضرك بايهن بدأت) لأن المعنى المقصود لا يتوقف على هذا النظم لاستقلال كل واحدة من الجمل، قال أهل التحقيق: حقيق أن يراعى هذا النظم المتدرج في المعارف يعرف الله أولا بتنزيه ذاته عما يوجب نقصًا، ثم بالصفات الثبوتية التي يستحق بها الحمد، ثم يعلم أن من هذا شأنه لا يستحق الألوهية غيره فينكشف له من ذلك أنه تعالى أكبر وأعظم اهـ منه (ولا تسمين) بضم التاء وكسر الميم
غُلامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفلَحَ، فَإِنكَ تَقُولُ: أَثم هُو؟ فَلَا يَكُون. فَيَقُولُ: لَا". إِنَّمَا هُنَّ أربع. فَلَا تَزِيدُن عَلَيَّ.
5462 -
(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنِي جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَام. حَدَّثنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع
ــ
المشددة وبنون التوكيد الثقيلة لأنه من سمى الرباعي أي لا تجعل يا سمرة اسم (غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح) وهذا نهي صريح عن تسمية العبد بهذه الأسماء لكنه على جهة التنزيه بدليل قول جابر في الحديث الآتي (أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن أن يسمى بمقبل وببركة وبأفلح .. الخ) يعني أراد أن ينهى عن ذلك نهي تحريم وإلا فقد صدر النهي عنه على ما تقدم لكنه على وجه الكراهة التي معناها أن ترك المنهي عنه أولى من فعله لأن التسمية بتلك الأسماء تؤدي إلى أن يسمع ما يكرهه كما نص عليه بقوله (فإنك تقول أثم هو) أي فلا (فلا يكون) أي فلا يوجد المسؤول عنه (فيقول) المسؤول (لا) أي ليس موجودًا هنا، ففيه شؤم بفقدان اليسر والربح والنجاح والفلاح، قال سمرة بن جندب (إنما هن) أي ما الأسماء اللاتي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التسمية بهن إلا (أربع) يعني يسارًا ورباحًا ونجيحًا وأفلح (فلا تزيدن علي) بضم الدال لأن أصله تزيدونن بثلاث نونات الأولى منها نون علامة الرفع فحذفها الجازم وحذفت واو الجماعة لالتقاء الساكنين أي لا تزيدوا أيها المخاطبون على هذه الأربع التي سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكونون من الكاذبين عليه، قال النووي: ومعناه الأسماء التي سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم أربع كلمات وكذا رويتها لكم بلا زيادة عليها فلا تزيدوا علي في الرواية عني ولا تنقلوا عني غير الأربع وليس فيه منع القياس على الأربع وأن يلحق بها ما في معناها اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث سمرة رضي الله عنه فقال:
5462 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرني جرير) بن عبد الحميد (ح وحدثني أمية بن بسطام) بن المنتشر العيشي البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا يزيد بن زريع) التميمي أبو معاوية البصري، ثقة، من (8)
حَدَّثَنَا رَوْحٌ (وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِم). ح وَحَدَّثَنَا مُحمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفَرٍ. حَدَّثَنَا شعبَةُ. كُلُهم عَنْ مَنْصُورٍ، بِإِسْنَادِ زُهيرٍ. فَأمَا حَدِيثُ جَرِيرٍ وَرَوْحٍ، فَكَمِثْلِ حَدِيثِ زُهيرٍ بِقصَّتِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ شُعبَةَ فَلَيسَ فِيهِ إِلَّا ذِكْرُ تَسْمِيَةِ الْغُلامِ. وَلَم يَذْكُرِ الْكَلامَ الأربَعَ.
5463 -
(00)(00) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ أحمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ. حَدَثَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنهى
ــ
روى عنه في (12) بابا (حدثنا روح وهو ابن القاسم) التميمي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (11) بابا (ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي (حدثنا شعبة كلهم) أي كل من جرير وروح وشعبة رووا (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من (5)(بإسناد زهير) بن معاوية يعني عن هلال بن يساف عن الربيع بن عميلة عن سمرة، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لزهير بن معاوية (فأما حديث جرير وروح فكمثل حديث زهير) فمثل هنا تأكيد لمعنى الكاف (بقصته) أي في اشتماله على قصة حديث زهير يعني بقصته قوله (أحب الكلام إلى الله أربع .. الخ)(وأما حديث شعبة فليس فيه إلا ذكر نسمية الغلام) يعني قوله (ولا تسمين غلامك يسارًا .. الخ)(ولم يذكر) شعبة (الكلام الأربع) من الأذكار وهذا تصريح بما علم مما قبله.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث سمرة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
5463 -
(2101)(166)(حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف) محمد السلمي مولاهم البغدادي القطيعي، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا روح) بن عبادة بن العلاء القيسي أبو محمد البصري، ثقة، من (9)(حدثنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6) روى عنه في (16) بابا (أخبرني أبو الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم، صدوق، من (4) روى عنه في (9) أبواب (أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند من خماسياته (أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى) نهي تحريم فلم ينهه وإلا فقد نهى
عَنْ أَنْ يُسَمَّى بِيَعلَى، وَبِبَرَكَةَ، وَبِأفْلَحَ، وَبِيَسَارٍ، وَبِنَافِعٍ. وَبِنَحو ذلِكَ. ثُم رَأَيتُهُ سَكَتَ بعدُ عَنْها. فَلَم يَقُلْ شَيئًا. ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَم يَنْهَ عَنْ ذلِكَ. ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنهى عَنْ ذلِكَ. ثُمَّ تَرَكَهُ
ــ
نهي كراهة في حديث سمرة فلا معارضة بين الحديثين أي أراد أن ينهى نهي تحريم (عن أن يسمى) الرجل بالبناء للمجهول (بـ) اسم (يعلى) هكذا هو في أكثر النسخ وهو المشهور رواية، ووقع في بعض النسخ (بمقبل) كما في نسخة التلخيص للقرطبي ورجحه القاضي، وتعقبه النووي. وقال القرطبي في شرح تلخيصه بعد قوله (بمقبل): هكذا صحيح الرواية وهو في بعض النسخ (بيعلى) وكأنه تصحيف والأول أولى رواية ومعنى (و) أن يسمى (ببركة وبأفلح وبيسار وبنافع) وأشار جابر بقوله (وبنحو ذلك) أي وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن أن يسمى بنحو ذلك المذكور من الأسماء أي بنظائره كنجاح ونجيح وسالم وغانم إلى أن الكراهة لا تختص بالعبيد بل تتعدى إلى الأحرار ولا بهذه الأسماء الأربعة بل تتعدى إلى ما في معناها (ثم رأيته) صلى الله عليه وسلم (سكت بعد) أي بعدما أراد أن ينهى عنها نهي تحريم (عنها) أي عن هذه الأسماء الأربعة أي عن النهي نهي تحريم (فلم يقل) فيها أي في هذه الأسماء الأربعة وغيرها (شيئًا) من تحريم التسمية بها (ثم) بعدما سكت عنها في حياته (قبض) أي توفي (رسول الله صلى الله عليه وسلم و) الحال أنه (لم ينه عن ذلك) المذكور من الأسماء نهي تحريم (ثم أراد عمر) بن الخطاب رضي الله عنه في زمن خلافته (أن ينهى عن ذلك) المذكور من الأسماء نهي تحريم (ثم تركه) عمر أي ترك النهي عنها نهي تحريم والله أعلم. ثم في قول جابر رضي الله عنه (وبنحو ذلك) دليل على أن النهي لا يختص بالأسماء الأربعة بل يعم الأسماء الأخرى التي في معناها كما ذكرناه آنفًا اهـ تكملة. (وقوله ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك) به استدل بعضهم على أن حديث جابر ناسخ لحديث سمرة ولكن المحققين على أن حديث سمرة محمول على التنزيه، والمراد من النهي في حديث جابر نهي تحريم والمراد أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهى عن هذه الأسماء تحريمًا فلم يفعل إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم أما الكراهة التنزيهية فقد صرح بها في حديث سمرة والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب تغيير الأسماء [3961].
5464 -
(2102)(167) حدثنا أَحمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَزهيرُ بْنُ حرب وَمُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيدُ الله بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالُوا: حَدَثَنَا يحيى بْنُ سَعِيد عَنْ عُبَيدِ الله. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غيرَ اسْمَ عَاصِيَةَ، وَقَال:"أَنْتِ جَمِيلَةُ".
قَال أَحمَدُ -مَكَانَ أَخْبَرَنِي- عَنْ
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5464 -
(2102)(167)(حدثنا أحمد) بن محمد (بن حنبل) الشيباني المروزي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (ومحمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري النيسابوري، ثقة، من (15) روى عنه في (8) أبواب (ومحمد بن بشار قالوا حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي البصري القطان، ثقة، من (9)(عن عبيد الله) بن عمر حفص العمري المدني، ثقة، من (5)(أخبرني نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم) من اسمها (عاصية) إلى جميلة (وقال) لها (أنت) اسمك (جميلة) وسيأتي في الرواية الآتية أنها كانت بنتًا لعمر بن الخطاب، قال الأبي: ولعلها كان كذلك جميلة اهـ. قال المؤلف (قال) لنا (أحمد) عند روايته لنا (مكان أخبرني) نافع (عن) نافع بالعنعنة، والمؤلف لشدة حفظه وإتقانه وضبطه يبين مثل هذا الاختلاف فجزاه الله خيرًا. وفي المرقاة لعل تلك البنت سميت بها في الجاهلية ويمكن أن لا يكون من العصيان بل من العيص وهو بكسر أوله اسم للشجر الكثير الملتف ويطلق على المنبت، ومنه عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام وكأنه لما أبدلت الياء ألفًا فتحت العين، ومنه العاص وأبو العاص، والحاصل أن عاصية مؤنث العاص لا تأنيث العاصي لكن لما كان يتبادر منه هذا المعنى غيرها اهـ لأن المسلم ليس من شأنه أن يكون عاصيًا.
قال القرطبي: تبديل النبي صلى الله عليه وسلم اسم عاصية إلى جميلة، والعاص بن الأسود بمطيع ونحو ذلك سنة ينبغي أن يقتدى به فيها فإنه كان يكره قبيح الأسماء ولا يتطير به ويحب حسن الأسماء ويتفاءل به، وفي كتاب أبي داود عن بريدة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء وكان إذا بعث عاملًا سأل عن
5465 -
(00)(00) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أن ابْنَةَ لِعُمَرَ كَانَتْ يُقَالُ لَها عَاصِيَةُ. فَسَمَّاها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَمِيلَةَ.
5466 -
(2103)(168) حدثنا عمرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِعَمرٍو). قَالا: حَدَّثنَا سُفْيَانُ،
ــ
اسمه فإن أعجبه اسمه فرح به ورئي بشر ذلك في وجهه وإن كره رئي كراهة ذلك في وجهه) رواه أحمد [1/ 257]، وأبو داود [3920]، وفي الترمذي عن أنس رضي الله عنه (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته يعجبه أن يسمع يا راشد يا نجيح) رواه الترمذي [1616].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود أخرجه في الأدب باب تغيير الاسم القبيح [4952]، والترمذي في الأدب أيضًا باب ما جاء في تغيير الأسماء [2840]، وابن ماجه في الآداب باب تغيير الأسماء رقم [3778].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5465 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن موسى) البغدادي أبو علي الأشيب، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي أو التميمي أو القرشي مولاهم أبو سلمة البصري، ثقة ثبت، من كبار (8) روى عنه في (16) بابا (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري المدني (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حماد بن سلمة ليحيى بن سعيد (أن ابنة لعمر) بن الخطاب كانت يقال لها) في الجاهلية (عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة) قال الأبي: فلعلها كانت جميلة كما مر عنه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:
5466 -
(2103)(168)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني (واللفظ لعمرو) الناقد (قال حدثنا سفيان) بن عيينة
عَنْ مُحَمدِ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ، مَوْلى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: كَانَتْ جُوَيرِيَةُ اسْمُها بَرَّةُ. فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْمَها جُوَيرِيَةَ. وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَال: خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ كُرَيبٍ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ.
5467 -
(2104)(169) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيمُونَةَ. سَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ يُحدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ
ــ
(عن محمد بن عبد الرحمن) بن عبيد الكوفي القرشي التيمي مولاهم (مولى آل طلحة) بن عبيد الله التيمي، ثقة، من (6) روى عنه في (4) أبواب (عن كريب) بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس أبي رشدين المدني، ثقة، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عباس (كانت جويرية) بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أي كان (اسمها) في الجاهلية (برة) بفتح الموحدة والراء المشددة (فحول رسول الله على الله عليه وسلم) أي غير (اسمها) من برة إلى (جويرية) تصغير جارية (وكان يكره أن يقال) له إذا كانت المسماة بهذا الاسم زوجته وهي التي سماها جويرية (خرج من عند برة، وفي حديث ابن أبي عمر) وروايته (عن كريب قال) كريب (سمعت ابن عباس) بصيغة السماع، وفي رواية عمرو الناقد عن ابن عباس بالعنعنة،
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [1503].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
5467 -
(2104)(169)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالوا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة) منيع مولى أنس بن مالك أبي معاذ البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (سمعت أبا رافع) الصائغ المدني نفيع بن رافع مولى ابنة عمر بن الخطاب، نزيل البصرة، ثقة، من (2) روى عنه في (7) أبواب (يحدّث عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من
ح وحَدَّثنَا عُبَيدُ الله بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيمُونَةَ. عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ زَينَبَ كَانَ اسْمُها بَرَّةَ. فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَها. فَسَمَّاها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زينَبَ. وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِهؤُلاءِ دُونَ ابْنِ بَشَّارٍ. وَقَال ابْنُ أَبِي شَيبَةَ: حدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعفَرٍ، عَنْ شُعبَةَ
ــ
سداسياته (ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ البصري (حدثنا شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا أيضًا من سداسياته (أن زينب) بنت جحش أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (كان اسمها) في الجاهلية (برة) والظاهر من الحديث الآتي أن المراد من زينب هنا بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن سيأتي أن زينب بنت جحش أم المؤمنين كان اسمها أيضًا فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمها إلى زينب فيحتمل أن تكون هي المرادة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أما قصة زينب بنت أبي سلمة فستأتي من روايتها (فقيل) فيما بين الناس أنها (تزكي) أي تطهر وتفضل (نفسها) على غيرها بتسمية نفسها برة لأن هذا الاسم يدل على التزكية لأنه في أصله اسم علم لجميع خصال البر كما أن فجار اسم علم للفجور ولذلك قال النابغة الذبياني:
أنَّا اقتسمنا خطتينا بيننا
…
فحملت برة واحتملت فجار
اهـ من المفهم.
(فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب) ومعنى زينب في الأصل المرأة السمينة يقال زَنِب كفرح إذا سمن والأزنب السمين وبه سميت المرأة زينب أو من زنابى العقرب لزُبَاناها أو من الزينب لشجر حسن المنظر طيب الرائحة، أو أصله زين أب وزينب بنت أم سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوها زُنَاب بالضم اهـ قاموس (فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب) ويظهر من عبارة القرطبي أنه صلى الله عليه وسلم إنما غير اسمها لكونها زوجته أو ربيبته وكره أن يكون في اسمها تزكية لنفسها، وكان القرطبي يشير إلى أن مثل هذه الأسماء يجوز لغيرها إذا سمي بها تفاؤلًا لا تزكية للنفس اهـ.
(ولفظ) هذا (الحديث) المذكور (لهؤلاء) المشايخ الذين روى عنهم المؤلف (دون ابن بشار) فإنه إنما روى معناه لا لفظه (وقال ابن أبي شيبة) في روايته (حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة) أي بصيغة العنعنة وغيره قال حدثنا شعبة بصيغة السماع، قال محمد
5468 -
(2105)(170) حدثني إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنَا أبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. قَالا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمرِو بْنِ عَطَاءٍ. حَدَّثَتْنِي زينَبُ بِنْتُ أمِّ سَلَمَةَ. قَالتْ: كَانَ اسْمِي بَرَّةَ. فَسَمَّانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زينَبَ
ــ
ذهني: قوله (ولفظ الحديث لهؤلاء) يعني أن اللفظ لابن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وعبيد الله بن معاذ (دون ابن بشار) ولفظه غير هذا وكذلك ابن أبي شيبة يخالف لغيره في روايته بقوله عن شعبة وغيره قالوا حدثنا شعبة والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه رقم [6192].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ابن عمر بحديث زينب بنت أم سلمة رضي الله عنهم فقال:
5468 -
(2105)(170)(حدثني إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي (ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة قال) أي قال عيسى بن يونس وأبو أسامة (حدثنا الوليد بن كثير) القرشي المخزومي مولاهم أبو محمد المدني، سكن الكوفة، صدوق، من (6) روى عنه في (9) أبواب (حدثني محمد بن عمرو بن عطاء) القرشي العامري أبو عبد الله المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (حدثتني زينب بنت أم سلمة) هند بنت أبي أمية حذيفة، المخزومية الصحابية، ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها، روى عنها في (9) أبواب (قالت) زينب (كان اسمي) أولًا (برة فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب) أي غير اسمي برة إلى زينب و (قالت) أيضًا زينب بنت أم سلمة (ودخلت عليه) صلى الله عليه وسلم (زينب بنت جحش) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (واسمها برة) أي تزوجها والحال أن اسمها برة (فسماها زينب) أي غير اسمها إلى زينب أيضًا أي غير اسمها إلى زينب كما غير اسمي إلى زينب والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب تغيير الاسم القبيح [4953].
قَالتْ: وَدَخَلَتْ عَلَيهِ زَينَبُ بِنْتُ جَحشٍ، وَاسْمُها بَرَّةُ. فَسَماها زَينَبَ.
5469 -
(00)(00) حدثنا عَمرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا هاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمرِو بْنِ عَطَاءٍ. قَال: سَمَّيتُ ابْنَتِي بَرَّةَ. فَقَالتْ لِي زَينَبُ بِنْتُ أبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ هذَا الاسْمِ. وَسُميتُ بَرَّةَ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أعلَمُ بِأهْلِ الْبِرِّ مِنْكُم" فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيها؟ قَال: "سَمُّوها زَينَبَ"
ــ
قال القاضي عياض: المغير اسمه من برة ثلاث نسوة جويرية بنت الحارث رضي الله تعالى عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها زوجته صلى الله عليه وسلم أيضًا، وزينب بنت أم سلمة رضي الله تعالى عنها ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكون الأحاديث ثلاثة في ثلاث نسوة واضح من صحيح مسلم بحيث لا يتوهم أنها في امرأة واحدة أهـ من الأبي.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث زينب بنت أم سلمة رضي الله تعالى عنهما فقال:
5469 -
(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد (الناقد) البغدادي (حدثنا هاشم بن القاسم) بن مسلم بن مقسم الليثي مولاهم أبو النضر البغدادي، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا الليث) بن سعد الفهمي المصري، ثقة، من (7) روى عنه في (15) بابا (عن يزيد بن أبي حبيب) سويد الأزدي مولاهم أبي رجاء المصري، ثقة، من (5) روى عنه في (11) بابا (عن محمد بن عمرو بن عطاء) القرشي المدني، ثقة، من (3)(قال) محمد بن عمر (سميت ابنتي برة فقالت في زينب بنت أبي سلمة) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يزيد بن أبي حبيب للوليد بن كثير (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم) أي عن التسمية باسم برة (و) ذلك أني (سميت) أولًا (برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزكوا) أي لا تفضلوا (أنفسكم) على غيركم بنسبتها إلى البر والخير (الله) سبحانه وتعالى (أعلم) أي عالم (بأهل البر) والخير والتقوى (منكم) أي دونكم (فقالوا) أي فقال أهلي وأقاربي له صلى الله عليه وسلم (بم نسميها) أي باي اسم نسميها يا رسول الله (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (سموها زينب) أي اجعلوا اسمها زينب فإنه أحسن من
5470 -
(2106)(171) حدثنا سَعِيدُ بْنُ عَمرٍو الأشْعَثِيُّ وَأَحمَدُ بْنُ
ــ
برة لعدم دلالته على تزكية النفس كالبرة. قال القرطبي: أما تغييره صلى الله عليه وسلم برة فلوجهين؛ أحدهما أنه كان يكره أن يقال خرج من عند برة إذا كانت المسماة بهذا الاسم زوجته وهي التي سماها جويرية، وزينب أي بنت جحش. والثاني لما فيه من تزكية الإنسان نفسه فهو مخالف لقوله تعالى:{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] ويجري هذا المجرى في المنع ما قد أكثر في هذه الديار المصرية من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية كزي الدين ومحيى الدين وبهاء الدين وشمس الدين وجلال الدين وأقبح من هذا كله مجدد الدين وما أشبه ذلك من الأسماء الجارية في هذه الأزمان التي يقصد بها المدح والتزكية لكن لما كثرت قبائح المسمين بهذه الأسماء في هذا الزمان ظهر تخلف هذه النعوت عن أصلها فصارت لا تفيد شيئًا من أصل موضوعاتها بل ربما يبقى منها في بعض المواضع أو في بعض الأشخاص نقيض موضوعها فيصير الحال فيها كالحال في تسمية العرب المهلكة بالمفازة، والحقير بالجليل، تجملًا بإطلاق الاسم مع القطع باستقباح المسمى، ومن الأسماء ما غيره الشرع مع حسن معناه وصدقه على مسماه لكن منعه الشرع حماية واحترامًا لأسماء الله تعالى وصفاته جل وعز عن أن يتسمى بها أحد ففي كتاب أبي داود عن هانئ بن يزيد أنه لما وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إن الله عز وجل هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم" قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أحسن هذا" قال: "ما لك من الولد؟ قال لي: شريح ومسلم وعبد الله، قال": فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال:"فأنت أبو شريح" رواه أبو داود [4955] وقد غير اسم حكيم وعزيز لما فيهما من التشبه بأسماء الله تعالى اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5470 -
(2106)(171)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (15) روى عنه في (5) أبواب (وأحمد) بن محمد (بن
حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ -وَاللَّفْظُ لأحمَدَ- (قَال الأَشْعَثِيُّ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَبِي الزنَادِ، عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"إِن أَخْنَع اسمِ عِندَ الله رجل تَسمَّى مَلِكَ الأَملاكِ". زَادَ ابْنُ أَبِي شَيبَةَ فِي رِوَايَتِه "لَا مَالِكَ إلا الله عز وجل".
قَال الأَشْعَثِى: قَال سُفْيَانُ: مِثْلُ شَاهانْ شَاهْ
ــ
حنبل) الشيباني المروزي، ثقة حجة، من (10) روى عنه في (10) أبواب (وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ لأحمد قال الأشعثي أخبرنا وقال الآخران حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي المدني (عن) عبد الرحمن بن هرمز (الأعرج) الهاشمي المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخنع اسم) أي إن أقبح اسم وأذله وأوضعه وأخبثه (عند الله) سبحانه وتعالى يوم القيامة (رجل) أي اسم رجل، فالكلام على حذف مضاف لتحصل المطابقة في الإخبار.
قال العيني: أما أخنع فهو من الخنوع وهو الذل، وقد فسره الحميدي عند روايته به بقوله الأخنع الأذل اهـ، وفسر أبو عمرو بأوضع كما في المتن يعني هو اسم وضيع أشد وضاعة، وفي النووي: هذا التفسير الذي فسره أبو عمرو مشهور عنه وعن غيره قالوا معناه أشد ذلًا وصغارًا يوم القيامة، والمراد صاحب الاسم، وتدل عليه الرواية الثانية (أغيظ رجل) ويستدل به على أن الاسم هو المسمى وفيه الخلاف المشهور، قال القسطلاني: والتقييد بيوم القيامة مع أن حكمه في الدنيا كذلك للإشعار بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العقاب يكون فيه.
والمعنى إن أخبث أصحاب اسم وأهونهم وأحقرهم وأشدهم عذابًا عند الله يوم القيامة رجل (تسمى ملك الأملاك) أي سمى نفسه بهذا الاسم الخبيث أو سماه غيره به فرضي به واستمر عليه (زاد) أبو بكر (بن أبي شيبة في روايته لا مالك) للملوك ولا الأملاك كلاهما جمع ملك بمعنى السلطان (إلا الله عز وجل قال) سعيد بن عمرو (الأشعثي قال سفيان) بن عيينة قولهم ملك الأملاك (مثل شاهان شاه) بالفارسية في المعنى، وفي البخاري وشرحه قال سفيان يقول غير أبي الزناد تفسير ملك الأملاك بالفارسية (شاهان) بشين معجمة مفتوحة فألف فنون ساكنة (شاه) بشين معجمة فألف فهاء
وَقَال أحمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَألتُ أَبَا عَمرٍو عَنْ أَخنَعَ؟ فَقَال: أَوْضَعَ
ــ
ساكنة وليست هاء تأنيث اهـ. ومراد سفيان بهذا التنبيه على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه غير منحصر بملك الأملاك بل كل ما أدى إلى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم ولهذا يحرم التسمي بهذا الاسم لورود الوعيد الشديد فيه، ويلحق به ما في معناه كأحكم الحاكمين وسلطان السلاطين كذا في الشراح والله أعلم. قيل ويلتحق به أيضًا من تسمى بشيء من أسماء الله الخاصة كالرحمن والقدوس والجبار وبه ظهر أن ما تعورف في عصرنا من تلخيص اسم عبد الرحمن إلى الرحمن، وتلخيص عبد القدوس إلى القدوس لا يجوز شرعًا ولا يجوز النداء أو الخطاب به والله أعلم. وزعم بعضهم أن الصواب شاه شاهان بالتقديم والتأخير وليس كذلك لأن قاعدة المعجم تقديم المضاف إليه على المضاف فإذا أرادوا قاضي القضاة بلسانهم قالوا موبذان موبذ فموبذ هو القاضي والموبذان جمعه كذا في الشراح اهـ ذهني.
(وقال أحمد بن حنبل سألت أبا عمرو عن) معنى (أخنع فقال) أبو عمرو في تفسيره هو بمعنى (أوضع) أي أشد وضاعة وحقارة وهوانًا عند الله، قال النووي: وأبو عمرو هذا هو إسحاق بن مرار بكسر الميم على وزن قتال، وقيل مرار بفتحها وتشديد الراء كعمار، وقيل بفتحها وتخفيف الراء كغزال وهو أبو عمرو اللغوي النحوي الشيباني الكوفي نزيل بغداد، روى عن أبي عمرو بن العلاء النحوي وركين الشامي، ويروي عنه (م) وابنه عمرو وأحمد بن حنبل وغيرهم، وليس هو بابي عمرو بن العلاء المراد للنحاة عند الإطلاق الذي اختلفوا في اسمه على أحد وعشرين قولًا أصحها أن اسمه زبان لأن ذاك تابعي توفي قبل ولادة أحمد بن حنبل بطريق الشام سنة أربع، وقيل سنة تسع وخمسين ومائة، لأن ولادة أحمد سنة (164) أربع وستين ومائة تقريبًا، وقد بسطت الكلام على ذلك في حاشيتي على كشف النقاب فراجعه، وفي قول النووي هنا وليس بأبي عمرو الشيباني نظر راجع كتب الرجال.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب [6206]، وأبو داود في الأدب [4961]، والترمذي في الأدب [2839].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5471 -
(00)(00) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعمَرٌ، عَنْ همامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْها: وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَغيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأغْيَظُهُ عَلَيهِ، رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الأَملاكِ. لَا مَلِكَ إلَّا اللهُ"
ــ
5471 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن همام بن منبه) بن كامل بن سيج اليماني الصنعاني، ثقة، من (4)(قال) همام (هذا) الحديث الذي أمليه عليكم من صحيفتي (ما حدَّثنا) به (أبو هريرة) رضي الله عنه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة همام للأعرج (فذكر) لنا أبو هريرة (أحاديث) كثيرة (منها) أي من تلك الأحاديث الكثيرة قوله (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيظ رجل) أي أشده غيظًا ومقتًا (على الله) أي عند الله (يوم القيامة وأخبثه) أي أشده خبثًا وأفحشه عملأ عند الله تعالى (وأغيظه) أي أشده غيظًا وغضبًا (عليه) أي عنده تعالى (رجل كان يسمى ملك الأملاك لا ملك) للملوك ولا للملاك ولا للأملاك (إلا الله) سبحانه وتعالى.
قوله (أغيظ رجل) قال في المرقاة: اسم تفضيل بني للمفعول أي أكثر مَنْ يغضب عليه ويعاقب، والغيظ المضاف إلى الله عبارة عن غضبه وغضب الله سبحانه صفة ثابتة له تعالى نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله وكمثل صفاته شيء أثرها الانتقام ممن غضب عليه.
قوله (وأخبثه) أي أشده خبثًا عند الله من الخبث وهو الاسترذال والخسة والرداءة، ووقع في هذه الرواية في جميع النسخ (وأغيظه) بالتكرار عطفًا على قوله أغيظ رجل، قال القاضي عياض: ولا وجه للتكرار هنا وهو وهم من الرواة لأن الوهم إما في التكرير وإما بتغير اللفظ حتى قال بعضهم لعله (وأغنظه) بالنون والظاء المشالة، والغنظ شدة الكرب والمعنى وأشده غنظًا أي كربًا، وجاء في النهاية في مادة غيظ ولعله (وأغنظه) بالنون والظاء المشالة من الغنظ وهو شدة الكرب وهذا هو الصحيح. قال القرطبي: فذهب بعض العلماء إلى أن قوله (وأغيظه) وهم من الرواة، والصواب (وأغنطه) بالنون والطاء المهملة أي أشده غنطًا والغنط شدة الكرب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[قلت] والصواب التمسك بالرواية وتطريق الوهم إلى الأئمة الحفاظ وهم في نفسه لا تنبغي المبادرة إليه ما وجد للكلام وجه ويمكن أن يحمل على إفادة تكرار العقوبة على المسمى بذلك الاسم وتعظيمها كما قال تعالى في حق اليهود: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} أي بما يوجب العقوبة بعد العقوبة وكذلك فعل الله تعالى بهم عاقبهم في الدنيا بأنواع من العقوبات ولعذاب الآخرة أشق. وحاصل هذا الحديث أن المسمى بهذا الاسم قد انتهى من الكبر إلى الغاية التي لا ينبغي لمخلوق وأنه قد تعاطى ما هو خاص بالإله الحق إذ لا يصدق هذا الاسم بالحقيقة إلا على الله تعالى فعوقب على ذلك من الإذلال والإخساس والاسترذال بما لا يعاقب به أحد من المخلوقين.
وقوله (ملك الأملاك) والملك بكسر اللام من له الملك بسكونها (والمالك) من له الملك بكسر الميم وسكون اللام (والملك) بكسر اللام أمدح، والمالك أخص وكلاهما واجب لله تعالى (والأملاك) جمع ملك بفتح الميم وكسر اللام، قال في الصحاح: الملك مقصور من مالك أو عليك والجمع الملوك والأملاك والاسم الملك بكسر اللام اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب اثنا عشر حديثًا، الأول حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث حديث جابر ذكره للاستشهاد به لحديث أنس المذكور أول الترجمة وذكر فيه ثماني متابعات، والرابع حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد له، والخامس حديث مغيرة بن شعبة ذكره للاستشهاد له، والسادس حديث سمرة ذكره للاستدلال به للجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والسابع حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد لحديث سمرة، والثامن حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد له، والعاشر حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد، والحادي عشر حديث زينب بنت أم سلمة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني عشر حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***