الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
679 - (23) باب التلبينة والتداوي بالعسل وما جاء في الطاعون
5626 -
(2181)(235) حدثنا عَبدُ المَلِكِ بن شُعَيبِ بنِ الليثِ بْنِ سَعدٍ. حَدثَنِي أَبِي، عَن جَدي. حَدثَنِي عُقَيلُ بن خَالِد، عَنِ ابنِ شِهَاب، عَن عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ، زَوجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنهَا كَانَت، إِذَا مَاتَ المَيتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النسَاءُ، ثُم تَفَرَّفنَ إلا أَهلَهَا وَخَاصَّتهَا- أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِن تَلبِينَةٍ فَطُبِخَت. ثُم صُنِعَ ثَرِيدٌ
ــ
679 -
(23) باب التلبينة والتداوي بالعسل وما جاء في الطاعون
5626 -
(2181)(235)(حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد) الفهمي المصري، ثقة، من (11)(حدثني أبي) شعيب بن الليث، ثقة، من (15)(عن جدي) ليث بن سعد، ثقة حجة، من (7)(حدثني عقيل) بالتصغير (بن خالد) بن عقيل بالتكبير الأموي مولاهم مولى عثمان بن عفان المصري، ثقة، من (6)(عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته (أنها) أي أن عائشة كانت إذا مات الميت من أهلها) أي من أقاربها (فاجتمع لذلك) أي لموت أقارب عائشة أي لعزائها (النساء) بالرفع فاعل اجتمع أي اجتمعت النساء لعزاء عائشة (ثم تفرقن) أي ثم أردن النساء المجتمعات عندها التفرق والذهاب من عند عائشة والرجوع إلى منازلهن (إلا أهلها) أي إلا أهل عائشة أي أهل بيتها (وخاصتها) أي خاصة عائشة وأصدقاءَها (أمرت) عائشة من عندها من الخدم (ببرمة) أي بطبخ برمة وقدر (من تلبينة) ليشربنها قبل التفرق، والبرمة بضم الباء وسكون الراء القدر الصغير والتلبينة بفتح التاء وسكون اللام وكسر الباء وقد يقال تلبين بلا هاء أيضًا، قال الأصمعي: هي حساء يعمل من دقيق أو من نخالة ويجعل فيه عسل، وقال غيره: أو يجعل فيه لبن سميت تلبينة تشبيها لها باللبن في بياضها ورقتها، وقال ابن قتيبة: وعلى قول من قال يخلط فيها لبن سميت بذلك لمخالطة اللبن بها، وقال أبو نعيم في الطب: هو دقيق بحت، وقال قوم: فيه شحم، وقال الداودي: يؤخذ العجين من غير خمير فيخرج ماؤه فيجعل حسوا فسيكون حساءا لم يخالطه شيء فلذلك كثر نفعه، وقال الموفق البغدادي: التلبينة الحساء ويكون في قوام اللبن وهو الدقيق النضيج لا الغليظ النيئ كذا في الفتح [10/ 146](فطبخت ثم صنع) وطبخ (ثريد) وهو الخبز إذا قطع قطعًا صغارًا
فَصُبَّتِ التلبِينَةُ عَلَيهَا، ثُمَّ قَالتْ: كُلنَ مِنهَا. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "التلبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ. تُذهِبُ بَعضَ الحُزنِ"
ــ
وبل بالإدام أو بالمرق (فصبت التلبينة عليها) أي على الأطعمة المصنوعة من الثريد أنث الضمير نظرًا إلى كونه بمعنى الأطعمة ولو قال (فصبت التلبينة عليه) لكان أوضح بلا حاجة إلى التأويل، قال النووي: وفيه استحباب التلبينة للحزن، وفي المبارق التلبينة مصدر لبن زيد القوم بتشديد الباء إذا سقاهم اللبن والمراد بها هنا ما يطبخ من ماء الشعير أو النخالة سميت بذلك لشبهها باللبن اهـ (ثم قالت) عائشة للنساء المجتمعات للحزن كلن منها) أي من هذه الأطعمة (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التلبينة مجمة) بفتح الميم والجيم على أنه مصدر ميمي بمعنى اسم الفاعل من جم يجم كذب يذب، وروي بضم الميم وكسر الجيم على أنه اسم فاعل من أجم الرباعي فالأول من الجم والثاني من الإجمام ومعناهما واحد وهو الإراحة يقال جم الفرس وأجم إذا أريح فلم يركب فيكون أدعى لنشاطه والمعنى أنها تريح فؤاد المريض والمحزون وتزيل عنه الهم وتنشطه لأنها غذاء لطيف سهل التناول على المريض اهـ من الأبي أي مريحة (لفؤاد المريض تذهب) عنه (بعض الحزن) قال الموفق البغدادي: والمراد بالفؤاد هنا رأس المعدة فإن فؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء، والحساء يرطبها ويغذيها ويقويها ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض لكن المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة حكاه الحافظ في الفتح ويؤيده ما أخرجه النسائي عن عائشة مرفوعًا "والذي نفس محمد بيده إنه أي إن التلبينة لتغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم الوسخ عن وجهه بالماء" وأخرج النسائي والترمذي وأحمد عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك أي الحمى أمر بالحساء فصنع ثم أمرهم فحسوا منه، ثم قال:"إنه يرتو -أي يقوي- فؤاد الحزن ويسروا -أي يكشف- عن فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها بالماء" وأخرج البخاري عن عائشة أنها كانت تسمي التلبينة البغيض النافع وإنما سمته بذلك لأن المريض يبغضه مع كونه نافعًا له كسائر الأدوية، وقال القرطبي: التلبينة حساء من دقيق. قوله (مجمة) يروى بفتح الميم والجيم وبضم الميم وكسر الجيم فعلى الأول هو مصدر أي جمام وعلى الثاني يكون اسم فاعل من أجم ومعناه أنها تقويه وتنشطه وذلك لأنها غذاء فيه لطافة سهل التناول على المريض
5627 -
(2182)(236) حدثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنى وَمُحَمدُ بن بَشارٍ، (وَاللفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَن قَتَادَةَ، عَنْ أبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي. قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِن أَخِي اسْتَطلَقَ بَطنُهُ
ــ
فإذا استعمله المريض اندفع عنه الحرارة الجوعية وحصلت له القوة الغذائية من غير مشقة تلحقه فيسرى عنه بعض ما كان فيه ونشط وذهب عنه الضيق والحزن الذي كان يجده بسبب المرض وإنما كانت عائشة رضي الله تعالى عنها تصنعها لأهل الميت وتثرد فيها لأن أهل الميت شغلهم الحزن عن الغذاء فاشتدت حرارة أحشائهم من الجوع والحزن فلما أطعمتهم التلبينة انكسرت عنهم حرارة الجوع فخف عنهم بعض ما كانوا فيه ولا يلزم من فعلها ذلك لهؤلاء أن يفعل بالمريض كذلك فيثرد له فيها وإنما ذلك بحسب الحال فإن احتاج المريض إلى تقوية غذاء التلبينة بلباب -اللباب طحين مرقق واللباب أيضًا خالص من كل شيء- يضاف إليها فحسن. وبالجملة فالتلبينة غذاء لطيف لا ضرر فيه غالبًا فلذلك نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الطب باب التلبينة للمريض [5689 و 5695] وفي الأطعمة باب التلبينة [5417]، وابن ماجه في الطب باب التلبينة [3488 و 3489].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة فقال:
5627 -
(182 2)(236)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي المتوكل) الناجي علي بن داود البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك المدني رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو سعيد (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال) الرجل (أن أخي) قد (استطلق بطنه) بضم التاء وكسر اللام على ما ضبطه الحافظ في الفتح وهو مبني للمجهول من الاستطلاق وهو الإسهال وهو خروج ما في بطنه ومعناه أصيب بطنه بالإسهال، وقد عبر عنه في الرواية الأخرى (تعرب بطنه) من التفعل أي تغير من حال الصحة إلى هذا المرض كما يقال عربت معدته بكسر الراء إذا تغيرت وفسدت تعرب عربًا بفتح الراء فيهما من باب فرح، قال الحافظ في
فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْقِهِ عَسَلًا" فَسَقَاهُ. ثُم جَاءَهُ فَقَال: إِني سَقَيتُهُ عَسَلًا فَلَمْ يَزِدْهُ إلا اسْتِطْلاقًا. فَقَال لَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُم جَاءَ الرَّابِعَةَ، فَقَال: اسْقِهِ عَسَلًا. فَقَال: لَقَد سَقَيتُهُ فَلَمْ يَزِدهُ إلا استِطْلاقًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ اللهُ
ــ
الفتح [10/ 168] رقم [5716] لم أقف على اسم هذا الرجل واسم أخيه اهـ (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقه عسلًا فسقاه ثم جاءه) مرة ثانية (فقال إني سقيته عسلًا فلم يزده إلا استطلاقًا) أي إسهالًا (فقال له) رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقه عسلًا (ثلاث مرات ثم جاء) الرجل المرة (الرابعة فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم (اسقه عسلًا فقال) الرجل والله (لقد سقيته) عسلًا (فلم يزده إلا استطلاقًا) أي مشاء (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الله) عز وجل حيث قال في كتابه العزيز: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} وهو العسل وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بان الضمير في قوله فيه شفاء يعود إلى الشراب الذي هو العسل وهو الصحيح بدليل هذا الحديث ولأنه ليس في الآية ذكر لغيره وهو قول ابن عباس وابن مسعود والحسن وقتادة، وقال مجاهد: هو عائد إلى القرآن والأول أولى لما ذكرناه، قال القرطبي: ومقتضى الآية أن العسل فيه شفاء ما، لا كل شفاء لأن شفاء نكرة في سياق الإثبات ولا عموم فيها باتفاق أهل اللسان ومحققي أهل الأصول لكن قد حملها طائفة من أهل الصدق والعزم على العموم فكانوا يستشفون بالعسل من كل الأوجاع والأمراض وكانوا يستشفون من عللهم ببركة القرآن وبصحة التصديق والإيقان، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يشكو قرحة ولا شيئًا إلا جعل عليه عسلًا حتى الدمل إذا خرج عليه طلاه عسلًا فقيل له في ذلك فقال أليس الله سبحانه يقول:{فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} وروي أن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه مرض فقيل له ألا نعالجك؟ فقال: ائتوني بماء فإن الله تعالى يقول: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} ثم قال: ائتوني بعسل فإن الله يقول: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم قال: ائتوني بزيت فإن الله تعالى يقول: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ} فجاؤوه بذلك كله فخلطه جميعًا ثم شربه فبرأ. وحكى النقاش عن أبي وجزَة أنه كان يكتحل بالعسل ويستمشي أي يستعمل العسل لإطلاق البطن وإسهاله ويتداوى به فهذا كله عمل بمطلق القرآن وأصله صدق النية وصحة الإيمان.
وَكَذَبَ بَطنُ أَخِيكَ" فَسَقَاهُ فَبَرَأ.
5628 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ. أَخبَرَنَا عَبْدُ الْوَهابِ، (يعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ)، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَن أَبِي المُتَوكِّلِ الناجِيِّ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي؛ أن رَجُلا أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِن أَخِي عَرِبَ بَطنُهُ
ــ
وحاصل معنى الآية أن العسل يكون سببًا للشفاء في كثير من الأمراض لا في جميعها. وقوله (وكذب بطن أخيك) بناء على عادة أهل الحجاز لأنهم يطلقون الكذب في موضع الخطإ كما قال الخطابي: يقال كذب سمعك أي زل فلم يدرك حقيقة ما قيل له. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "كذب بطن أخيك" إشارة إلى أن هذا الدواء نافع له وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء بل لقصور بطن أخيه لاشتماله على الكثير من المادة الفاسدة وأن مقدار الدواء النافع إنما يكون بحسب شدة المرض وخفته فإن كان المرض شديدًا فلا ينفع استعمال الدواء في مدة قليلة وإنما يحتاج إلى معاودة واستمرار فلذا أمره صلى الله عليه وسلم بمعاودة شرب العسل (فسقاه) المرة الرابعة (فبرأ) بفتح الراء بوزن قرأ على لغة أهل الحجاز وبكسرها بوزن علم على لغة غيرهم أي خلص من الإسهال وشفي منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 92]، والبخاري في الطب [5684]، والترمذي في الطب [2082].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5628 -
(00)(00)(وحدثنيه عمرو بن زرارة) بن واقد الكلابي النيسابوري المقرئ الحافظ، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (أخبرنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء) الخفاف العجلي مولاهم أبو نصر البصري نزيل بغداد، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبي النضر البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن قتادة عن أبي المتوكل) علي بن داود (الناجي عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن أبي عروبة لشعبة بن الحجاج (أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أخي عرب) بوزن فرح أي تغير (بطنه) وفسدت معدته فما دواؤه يا رسول الله
فَقَال لَهُ: "اسقِهِ عَسَلًا". بِمَعنَى حَدِيثِ شُعْبَةَ
ــ
(فقال له) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسقه عسلًا) فإنه شفاء له، وساق سعيد بن أبي عروبة (بمعنى حديث شعبة).
قال القرطبي: (وقوله صلى الله عليه وسلم اسقه عسلا) قد اعترض بعض زنادقة الأطباء على هذا الحديث فقال: قد أجمعت الأطباء على أن العسل يسهل فكيف يوصف لمن به الإسهال. فجوابه أن يقال إن هذا الطعن صدر عن جهل بأدلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم وبصناعة الطب أما الأول فلو نظر في معجزاته صلى الله عليه وسلم نظرًا صحيحًا لعلم على القطع أنه يستحيل عليه الكذب والخلف ومن حصل له هذا العلم فحقه شرعا وعقلا إذا وجد من كلامه ما يقصر عن إدراكه أن يعلم أن ذلك القول حق في نفسه وأن يضيف القصور إلى نفسه فإن أرشده هذا الصادق إلى فعل ذلك الشيء على وجه فيستعمله على الوجه الذي عينه وفي المحل الذي أمره بعقد نية وحسن طوبة فإنه يرى منفعته ويدرك بركته كما قد اتفق لصاحب هذا العسل وإن لم يعين له كيفية ولا وجهًا فسبيل العاقل أن لا يقدم على استعمال شيء حتى يعرف كيفية العمل به فليبحث عن وجه العمل اللائق بذلك الدواء فإذا انكشف له ذلك فهو الذي أراده الصادق وهذا البحث إنما يكون مع العلماء بالطب من المسلمين الموثوق بعلمهم وصحة تجربتهم وأما جهل هذا الطاعن بصناعة الطب فقد جازف في النقل حيث أطلق في موضع التقييد وحكى إجماعًا لا يصح له وبيان ذلك بما قاله الإمام أبو عبد الله قال: ينبغي أن يعلم أن الإسهال يعرض من ضروب كثيرة فمنها الإسهال الحادث عن التخم والهيضات -جمع هيضة مرض من أعراض القيء الشديد والإسهال والهزال (الكوليرا) - والأطباء مجمعون في مثل هذا على أن علاجه بأن تترك الطبيعة وفعلها وإن احتاجت إلى معين على الإسهال أعينت ما دامت القوة باقية فأما حبسها فضرر فإذا وضح هذا قلنا فيمكن أن يكون هذا الرجل أصابه الإسهال عن امتلاء هيضة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بشرب العسل فزاده فزاده إلى أن فنيت تلك المادة فوقف الإسهال فوافقه شرب العسل فإذا خرج هذا على صناعة الطب أذن ذلك بجهل المعترض بتلك الصناعة قال: ولسنا نستظهر على قول نبينا بان يصدقه الأطباء بل لو كذبوه لكذبناهم وكفرناهم وصدقنا النبي صلى الله عليه وسلم فإن أوجدونا بالمشاهدة صحة ما قالوه فنفتقر حينئذ إلى تأويل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخريجه على ما يصح إذ قامت الدلالة على أنه لا يكذب اهـ من المفهم.
5629 -
(2183)(237) حدثنا يَحْيَى بن يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُحَمدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي النضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَن أَبِيهِ؛ أَنهُ سَمِعَهُ يَسْألُ أُسَامَةَ بنَ زَيدٍ: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطاعُونِ؛ فَقَال أُسامَةُ:
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
9 562 - (2183)(237)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير مصغرًا بن عبد العزى القرشي التيمي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (وأبي النضر) سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم (مولى عمر بن عبيد الله) المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (9) أبواب كلاهما رويا (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (أنه) أي أن عامرًا (سمعه) أي سمع أباه سعد بن أبي وقاص، حالة كون أبيه (يسال أسامة بن زيد) بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنهم أي يسال أسامة بقوله (ماذا سمعت) يا أسامة أي، أي شيء سمعت يا أسامة (من رسول الله صلى الله عليه وسلم في) شأن (الطاعون) هل يجوز الدخول في بلده أو الخروج منه؟ . وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي وتابعي عن تابعي، وفيه المقارنة والتحديث والعنعنة والقراءة، قال النووي: الطاعون قروح تخرج في الجسد فتكون في المرافق أو الأباط أو الأيدي أو الأصابع وسائر البدن ويكون معه ورم وألم شديد وتخرج تلك القروح مع لهيب ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة ويحصل معه خفقان القلب والقيء، وقال القرطبي: الطاعون مرض عام يكون منه الموت العام ويسمى بالوباء اهـ أبي، وقال ابن سينا: وسببه دم رديء يستحيل إلى جوهر سمي يفسد العضو ويؤدي إلى القلب كيفية رديئة فتحدث القيء والغثيان والغشي ولردَاءَته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع اهـ وحاصله أنه ورم ينشأ من هيجان الدم وانصباب الدم إلى عضو فيفسده وهذا لا يعارض حديث "الطاعون وخز أعدائكم من الجن" إذ يجوز أن ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة فتحدث المادة السمية ويهيج الدم بسببها والله أعلم اهـ من ذهني (فقال أسامة)
قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الطاعُونُ رِجز أَوْ عَذَاث أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ عَلَى مَن كَانَ قَبْلَكُم، فَإذَا سَمِعتُمْ بِهِ بِأرْضِ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيهِ. وَإذَا وَقَعَ بِأرْضِ وَأَنْتُم بِهَا، فَلَا تَخرُجُوا فِرَارًا مِنْهُا.
وَقَال أَبُو النضْرِ: "لا يُخْرِجُكُم إلا فِرَار مِنْهُ"
ــ
لسعد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون رجز) أي عذاب (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي الطاعون (عذاب) والمعنى واحد والشك من الراوي أو من دونه أي عذاب (أرسل علي بني إسراليل) وهم الذين أمرهم الله أن يدخلوا الباب سجدًا فخالفوا أمر الله فأرسل الله عليهم الطاعون فمات منهم في ساعة سبعون ألفًا كذا قيل اهـ مبارق (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي عذاب أرسل (على من كان قبلكم) والشك من الراوي أو ممن دونه (فإذا سمعتم به) أي بالطاعون (بأرض) أي بكونه في بلدة (فلا تقدموا عليه) أي لا تدخلوا عليه لئلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا) منها (فرارًا منه) أي لأجل الفرار منه لئلا يكون معارضة للقدر فلو خرج لقصد آخر غير الفرار جاز ولئلا تضيع المرضى لعدم من يتعهدهم أو الموتى ممن يجهزهم فالأول تأديب وتعليم والآخر تفويض وتسليم اهـ قسطلاني. قيل علة النهي مخافة الفتنة على الناس بأن يظنوا أن هلاك القادم إنما حصل بقدومه وسلامة الفار إنما كان بفراره لا مخافة أن يصيبه غير المقدور (وقال أبو النضر) سالم بن أبي أمية في رواية إذا وقع بأرض وأنتم بها (لا بخرجكم إلا فرار منه) بالرفع وكلمة إلا زيادتها غلط من بعض الرواة أي لا يخرجكم منها فرار منه وبالنصب على الحال من فاعل محذوف تقديره لا تخرجوا منها حالة كونكم فارين منه. قال القرطبي: وقد أشكل هذا الكلام على كثير من العلماء الأعلام حتى قالت جماعة إن إدخال (إلا) فيه غلط، وقال بعضهم: إنها زائدة كما ق تزاد (لا) في مثل قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} أي ما منعك أن تسجد، وقال بعض النحويين: إن (إلا) هنا للإيجاب لأنها توجب بعض ما نفاه من الجملة ونهى عنه من الخروج فكأنه قال: لا تخرجوا منها إذا لم يكن خروجكم إلا فرارا وأباح الخروج لغرض آخر والأقرب أن تكون زائدة والصحيح إسقاطها كما صح في الروايات الأخر اهـ مفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 206]، والبخاري في الطب باب
5630 -
(00)(00) حدثنا عَبدُ اللهِ بن مَسلَمَةَ بنِ قَعْنَب وَقُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ، (وَنَسَبَهُ ابْنُ قَعنَبٍ فَقَال: ابنُ عَبدِ الرحمنِ القُرَشِي)، عَن أبِي النَّضْرِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَن أُسَامَةَ بْنِ زيد. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الطاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ. ابْتَلَى الله عز وجل بِهِ نَاسًا مِنْ عِبَادِهِ
ــ
ما يذكر في الطاعون [5728] وفي غيره، والترمذي في الجنائز باب ما جاء في كراهية الفرار من الطاعون [1065].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
5630 -
(00)(00)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) التميمي الحارثي أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (وقتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (قالا أخبرنا المغيرة ونسبه) أي ذكر نسب المغيرة عبد الله (بن قعنب) في روايته (فقال) ابن قعنب وذكر نسبه أخبرنا المغيرة (بن عبد الرحمن) بن عبد الله بن خالد بن حزام (القرشي) الأسدي الحزامي بكسر الحاء وبالزاي المدني، ثقة، من (7) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني (عن أسامة بن زيد قال) أسامة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة المغيرة بن عبد الرحمن لمالك بن أنس في الرواية عن أبي النضر (الطاعون آية الرجز) أي علامة العذاب وقد جاء هذا اللفظ مفسرًا في الرواية الأخرى حيث قال: إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم فقد فسر الطاعون بالمرض والرجز بالعذاب والطاعون زنة فاعول من الطعن غير أنه لما عدل به عن أصله وضع دالًا على الموت العام بالوباء على ما قاله الجوهري، وقال غيره: أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد والوباء عموم الأمراض، قال: وطاعون عمواس إنما كان طاعونًا وقروحا. [قلت] ويشهد لصحة هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الطاعون؟ فقال: "غدة كغدة البعير تخرج في المراق والآباط" وقال غير واحد من العلماء: تخرج في الأيدي والأصابع وحيث شاء الله من البدن اهـ مفهم.
(ابتلى الله عز وجل به) أي بالطاعون (ناسًا من عباده) الصالحين وغيرهم يرسله الله
فَإذَا سمْعتُمْ بهِ، فَلَا تدخُلُوا عليه. وَإِذَا وَقَعَ بِأرضٍ وَأَنتُمْ بِهَا. فَلَا تفِرُّوا مِنهُ".
هَذَا حَدِيثُ الْقَعْنَبِي. وَقُتَيبَةَ نَحْوُهُ.
5631 -
(00)(00) وحدثنا مُحَمدُ بن عَبدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَن مُحَمدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هَذَا الطاعُونَ رِجْزٌ سلَّطَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبلَكُمْ، أَوْ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ. فَإِذَا كَانَ بأرضٍ، فَلَا تَخرُجُو مِنهَا فِرَارًا مِنهُ. وَإِذَا كَانَ بِأرضٍ، فَلَا تَدخُلُوهَا"
ــ
تعالى نقمة وعقوبة لمن يشاء من عصاة عبيده وكفرتهم وقد يرسله شهادة ورحمة للصالحين من عباده (فإذا سمعتم به) بأرض (فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه) قال المؤلف (هذا) اللفظ المذكور (حديث) عبد الله بن مسلمة (القعنبي) أي لفظ حديثه وروايته (و) لفظ حديث (قتيبة) بن سعيد (نحوه) أي نحو حديث القعنبي أي قريب منه لا مماثل له، وقد مر مرارًا في أوائل هذا الشرح أن النحو عبارة عن الحديث اللاحق الموافق للسابق في بعض لفظه ومعناه فجدد العهد به فإنه مهم في هذا الجامع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
5631 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن محمد بن المنكدر عن عامر بن سعد عن أسامة) بن زيد رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لمالك بن أنس في الرواية عن محمد بن المنكدر (قال) أسامة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا الطاعون رجز) أي عذاب (سلط) أي أرسل (على من كان قبلكم) من الأمم (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو أسامة أو من دونه سلط (على بني إسرائيل) والشك من الراوي أو ممن دونه (فإذا كان) هذا الطاعون واقعًا (بأرض) أنتم فيها (فلا تخرجوا منها فرارًا منه) لأنه لا مفر من الله إلا إليه (وإذا كان) هذا الطاعون واقعًا (بأرض) أنتم خارج عنها (فلا تدخلوها) لئلا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة،
5632 -
(00)(00) حدثني مُحَمدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بن بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ؛ أَن عَامِرَ بْنَ سَعْد أَخْبَرَهُ؛ أَن رَجُلا سَأل سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقاص عَنِ الطاعُونِ؛ فَقَال أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ: أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْهُ
ــ
وعلى ظاهر هذا الحديث عمل عمر بن الخطاب والصحابة معه رضي الله عنهم أجمعين حين رجعوا من سرغ حين أخبرهم بهذا الحديث عبد الرحمن بن عوف وإليه صاروا وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: الفرار من الوباء كالفرار من الزحف، وإنما نهي عن القدوم عليه أخذًا بالحزم والحذر والتحرز من مواضع الضرر ودفعا للأوهام الموسوسة لنفس الإنسان، وإنما نهي عن الفرار منه لأن الكائن في الموضع الذي كان الوباء فيه لعله قد أخذ بحظ منه لاشتراك أهل ذلك الموضع في سبب ذلك المرض العام فلا فائدة لفراره بل يضيف إلى ما أصابه من مبادئ الوباء مشقات السفر فيتضاعف الألم ويكثر الضرر فيهلكون بكل طريق ويطرحون في كل فجوة ومضيق ولذلك يقال قلما فر أحد من الوباء فسلم ويكفي في ذلك موعظة قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَال لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا} قال الحسن: خرجوا حذرًا من الطاعون فأماتهم الله تعالى في ساعة واحدة وهم أربعون ألفًا، وقيل غير هذا اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
5632 -
(00)(00)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(حدثنا محمد بن بكر) الأزدي البرساني البصري، صدوق، من (9)(أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار) الجمحي المكي (أن عامر بن سعد) بن أبي وقاص (أخبره) أي أخبر لعمرو بن دينار (أن رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (سأل) أباه (سعد بن أبي وقاص عن) حكم (الطاعون) هل يجوز الفرار منه أو الدخول عليه، والحال أن سعدًا بحضرة أسامة (فقال أسامة بن زيد) للرجل (أنا أخبرك عنه) أي عن حكم الطاعون الذي سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن دينار لمحمد بن المنكدر، فقال أسامة للرجل
قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هُوَ عَذَابٌ أَوْ رِجْزٌ أَرْسَلَهُ اللهُ عَلَى طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ نَاسٍ كَانُوا قَبْلَكُمْ. فَإذَا سَمِعْتُم بِهِ بِأرْضٍ، فَلَا تَدخُلُوهَا عَلَيهِ. وَإِذَا دَخَلَهَا عَلَيكُمْ، فَلَا تَخْرُجُوا مِنهَا فِرَارًا.
5633 -
(00)(00) وحدثنا أَبُو الرَّبِيعِ، سُلَيمَانُ بن دَاوُدَ وَقُتَيبَةُ بْنُ لسَعِيد قَالا: حَدَّثَنَا حَمادٌ، (وَهُوَ ابْنُ زيدٍ). ح وَحَدثَنَا أبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. كِلاهُمَا عَن عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِإِسْنَادِ ابنِ جُرَيجٍ، نَحْوَ حَدِيثهِ
ــ
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون (هم عذاب أو رجز أرسله الله) تعالى (على طائفة من بني إسرائيل أو) قال على (ناس كانوا قبلكم) والشك في الموضعين من الراوي أو ممن دونه (فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها عليه وإذا دخلها) الطاعون (عليكم فلا تخرجوا منها فرارًا) منه، قال الحافظ ابن حجر: وقد ذكر العلماء في النهي عن الخروج حكما منها أن الطاعون في الغالب يكون عاما في البلد الذي يقع فيه فإذا وقع فالظاهر مداخلة سببه لمن بها فلا يفيده الفرار لأن المفسدة إذا تعينت حتى لا يقع الانفكاك عنها كان الفرار عبثا فلا يليق بالعاقل، ومنها أن الناس لو تواردوا على الخروج لصار من عجز عنه بالمرض المذكور أو بغيره ضائع المصلحة لفقد من يتعهده حيًّا وميتًا وأيضًا فلو شرع الخروج فخرج الأقوياء لكان في ذلك كسر قلوب الضعفاء اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
5633 -
(00)(00)(وحدثنا أبو الربيع) الزهراني (سليمان بن داود) البصري (وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا حماد وهو ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا سفيان بن عيينة كلاهما) أي كل من حماد وسفيان رويا (عن عمرو بن دينار) غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة حماد وسفيان لابن جريج وساقا (بإسناد ابن جريج) يعني عن عامر عن أسامة (نحو حديثه) أي نحو حديث ابن جريج.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
5634 -
(00)(00) حدثني أَبُو الطاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحيَى. قَالا: أَخبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابنِ شِهَاب. أَخبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعد، عَن أُسَامَةَ بْنِ زَيد، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنهُ قَال:"إن هَذَا الوَجَعَ أَو السقَمَ رِجز عُذِّبَ بِهِ بَعضُ الأممِ قَبْلَكُمْ. ثُم بَقِيَ بَعْدُ بِالأَرْضِ. فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأتِي الأخرَى فَمَنْ سمِعَ بِهِ بِأرضٍ، فَلَا يَقدَمَنَّ عَلَيهِ. وَمَنْ وَقَعَ بِأرض وَهُوَ بِهَا، فَلَا يخْرِجَنهُ الفِرَارُ مِنْهُ"
ــ
5634 -
(00)(00)(حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو) بن سرح الأموي المصري (وحرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري (قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عامر بن سعد عن أسامة بن زيد) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن شهاب لعمرو بن دينار (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن هذا الوجع) أي الألم (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو أسامة أو من دونه إن هذا (السقم) أي المرض والشك من الراوي أو ممن دونه يعني أن هذا الطاعون (رجز) أي عذاب (عذب به بعض الأمم) التي (قبلكم ثم بقي) هذا السقم (بعد) أي بعد الأمم السابقة (بالأرض) أي في الأرض (فيذهب) هذا المرض وينعدم بحيث ينسى (المرة) من الزمان (ويأتي الأخرى) أي يرجع المرة الأخرى (فمن سمع به) أي بهذا الطاعون (بأرض) أي بناحية من نواحي الأرض (فلا يقدمن عليه) أي فلا يدخلن عليه في المكان الذي حصل فيه تحرزا من ضرره (ومن وقع) أي من كان (بأرض وهو) أي والحال أن الطاعون (بها فلا يخرجنه) من تلك الأرض (الفرار منه) أي من الطاعون، وقد تكرر كما ترى منع الفرار منه في هذه الأحاديث الواردة في هذا الباب، وكذلك في حديث عن عائشة رضي الله تعالى عنها بإسناد حسن:"الطاعون شهادة أمتي ووخز أعدائكم من الجن غدة كغدة البعير تخرج في الآباط والمراق من مات فيه مات شهيدًا ومن أقام فيه كالمرابط في سبيل الله ومن فر منه كان كالفار من الزحف" قال المناوي في كونه ارتكب حرامًا والمراق أسفل البطن اهـ والوخز الطعن.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
5635 -
(00)(00) وحدَّثناه أَبُو كَامِلٍ الجَحدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبدُ الوَاحِدِ، (يَعْنِي ابْنَ زِيادٍ)، حَدَّثَنَا مَعمَرٌ، عَنِ الزهرِي، بإِسْنَادِ يُونُسَ. نَحوَ حَدِيثِهِ.
5636 -
(00)(00) حَدثَنا مُحَمدُ بن الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ. قَال: كُنا بِالْمَدِينَةِ فَبَلَغَنِي أَن الطاعُونَ قَدْ وَقَعَ بالكُوفَةِ فَقَال لِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيرُهُ: إِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إذَا كُنْتَ بِأرْضٍ فَوَقَعَ بِهَا، فَلَا تَخرُجْ مِنهَا. وَإِذَا بَلَغَكَ أنهُ بِأرضٍ، فَلَا تَدْخُلهَا" قَال: قُلتُ: عَمَّنْ؟ قَالُوا:
ــ
5635 -
(00)(00)(وحدثناه أبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (حدثنا عبد الواحد يعني ابن زياد) العبدي البصري، ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (حدثنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن الزهري) غرضه بيان متابعة معمر ليونس، وساق معمر (بإسناد يونس) يعني عن عامر عن أسامة (نحو حديثه) أي نحو حديث يونس وقريبه في اللفظ والمعنى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
5636 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البصري، ثقة، من (9)(عن شعبة) بن الحجاج البصري (عن حبيب) بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدي مولاهم أبي يحيى الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (15) بابا (قال) حبيب (كنا) مع رفقتي (بالمدينة) المنورة (فبلغني أن الطاعون قد وقع بالكوفة) بلدتنا (فقال لي عطاء بن يسار) الهلالي المدني مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة، من (3)(وغيره) أي غير عطاء ممن معه الجهالة فيه لا تضر لأنه ذكره على سبيل المقارنة (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كنت بأرض) أي في ناحية من نواحي الأرض (فوقع) الطاعون (بها) أي في تلك الأرض (فلا تخرج منها) أي من تلك الأرض فرارًا منه (وإذا بلغك أنه) أي أن الطاعون وقع (بأرض) أي في ناحية من النواحي (فلا تدخلها) أي فلا تدخل تلك الأرض التي وقع فيها الطاعون (قال) حبيب بن أبي ثابت فـ (قلت) لعطاء ومن معه (عمن)؟ سمعت هذا الحديث (قالوا) أي قال عطاء
عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ يُحَدِّثُ بِهِ. قَال: فَأتَيتُهُ فَقَالُوا: غَائِبٌ قَال: فَلَقِيتُ أَخَاهُ إِبْراهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَألْتُهُ؟ فَقَال: شَهِدتُ أُسَامَةَ يُحَدِّثُ سَعدًا قَال: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِن هَذا الوَجَعَ رِجْزٌ أَو عَذَابٌ أَوْ بَقِيةُ عَذَابٍ، عُذِّبَ بهِ أُناسٌ مِنْ قَبْلِكُمْ. فَإِذَا كَان بِأرْضٍ وأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخرُجُوا مِنْهَا، وَإِذَا بلَغَكُمْ أنهُ بَأرْضٍ، فَلَا تَدخُلُوهَا".
قَال حَبِيبٌ: فَقُلتُ لإِبرَاهِيمَ: آنْتَ سَمِعتَ أُسَامَةَ يُحَدِّثُ سَعدًا وَهُو لَا يُنْكِرُ؟ قَال: نَعمْ
ــ
ومن معه سمعناه (عن عامر بن سعد) بن أبي وقاص حالة كونه (يحدث به) أي بهذا الحديث للناس (قال) حبيب بن أبي ثابت (فأتيته) أي فأتيت عامر بن سعد أي أتيت منزله (فقالوا) أي فقال لي أهله هو أي عامر (غالب) غير حاضر في البيت (قال) حبيب (فلقيت أخاه) أي أخا عامر بن سعد يعني (إبراهيم بن سعد) بن أبي وقاص الزهري المدني، روى عن أبيه في الطب والفضائل، وخزيمة بن ثابت في الطب، وأسامة بن زيد في الطب، ويروي عنه (خ م س ق) وحبيب بن أبي ثابت وأبو جعفر الباقر وابن أخته سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وخلق، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال العجلي: مدني تابعي، ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، مات بعد المائة (فسألته) أي فسألت إبراهيم بن سعد عن هذا الحديث (فقال) لي إبراهيم (شهدت أسامة) أي حضرت عنده حالة كونه (يحدث) والدي (سعدًا) ابن أبي وقاص (قال) أسامة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص لعامر بن سعد بن أبي وقاص (أن هذا الوجع) والألم (رجز) أي عذاب (أو) قال الراوي أو من دونه (عذاب أو) قال (بقية عذاب عذب به أناس من قبلكم فإذا كان) هذا الوجع (بأرض) أي بناحية من نواحي الأرض (وأنتم) أي والحال أنكم (بها) أي نازلون في تلك الأرض (فلا تخرجوا منها) أي من تلك الأرض التي وقع فيها (وإذا بلغكم) أي وصل إليكم خبر (أنه) وقع (بأرض فلا تدخلوها، قال حبيب) بن أبي ثابت (فقلت لإبراهيم) بن سعد (آنت) أي هل أنت يا إبراهيم (سمعت أسامة) بن زيد (يحدث) هذا الحديث (سعدًا) ابن أبي وقاص (وهو) أي والحال أن سعدًا (لا ينكر) على أسامة هذا الحديث (قال) إبراهيم بن سعد (نعم) سمعت
5637 -
(00)(00) وحدّثناه عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، بِهذَا الإِسنَادِ. غَيرَ أَنّهُ لَمْ يَذكُرْ قِصةَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ في أَوَّلِ الْحَدِيثِ.
5638 -
(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيم بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَخُزَيمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ. قَالُوا: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بِمَعْنَى حَدِيثِ شُعْبَةَ
ــ
أسامة يحدث هذا الحديث لسعد بن أبي وقاص وهو لا ينكر عليه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
5637 -
(00)(00)(وحدثناه عبيد الله بن معاذ) بن معاذ العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن حبيب عن إبراهيم عن أسامة بن زيد، غرضه بيان متابعة معاذ بن معاذ لابن أبي عدي (غير أنه) أي لكن أن معاذ بن معاذ (لم يذكر قصة عطاء بن يسار في أول الحديث) يعني قوله فقال لي عطاء بن يسار وغيره .. إلخ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
5638 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن حبيب) بن أبي ثابت (عن إبراهيم بن سعد) بن أبي وقاص (عن) أبيه (سعد بن) أبي وقاص (مالك) بن أهيب الزهري المدني رضي الله عنه (وخزيمة بن ثابت) بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري الخطمي أبي عمارة المدني، ذي الشهادتين شهد بدرًا وأحدًا، روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين، له ثمانية وثلاثون حديثًا، انفرد له (م) بحديث، روى عنه ابنه عمارة وإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص في الطب، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو من كبار الصحابة، قتل مع علي بصفين سنة (37) سبع وثلاثين، وليس في مسلم من اسمه خزيمة إلا هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه (وأسامة بن زيد قالوا) أي قال كل من الصحابة الثلاثة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة سفيان لشعبة وساق سفيان (بمعنى حديث شعبة).
5639 -
(00)(00) وحدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كِلاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَن حَبِيبٍ، عَنْ إِبرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَال: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ وَسَعْدٌ جَالِسَينِ يَتَحَدَّثَانِ. فَقَالا: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بِنَحْو حَدِيثهِمْ.
5640 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ وَهبُ بْنُ بَقِيَّةَ. أَخبَرَنَا خَالِدٌ، (يَعْنِي الطحَّانَ)، عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعْدِ بنِ مَالِكٍ،
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما فقال:
5639 -
(00)(00)(وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن حبيب) بن أبي ثابت (عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص قال) إبراهيم بن سعد (كان أسامة بن زيد و) والدي (سعد) بن أبي وقاص (جالسين) معًا حالة كونهما (يتحدثان فقالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وساق الأعمش عن حبيب (بنحو حديثهما) أي بنحو حديث شعبة وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة الأعمش لشعبة وسفيان الثوري في الرواية عن حبيب بن أبي ثابت، وفي أغلب النسخ (بنحو حديثهم) بضمير الجمع وهو تحريف من النساخ، والصواب ما قلناه فتدبر فإنه شعاع لا سحاب عليه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة حادي عشرها في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
5640 -
(00)(00)(وحدثنيه وهب بن بقية) بن عثمان الواسطي، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (أخبرنا خالد) بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد المزني مولاهم أبو الهثيم الواسطي (يعني الطحان) ثقة، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن) أبي إسحاق (الشيباني) سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد بن) أبي وقاص (مالك) بن أهيب
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْو حَدِيثهِم.
5641 -
(2184)(238) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ زَيدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛
ــ
ابن عبد مناف بن زهرة الزهري المدني (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الشيباني لشعبة وسفيان والأعمش في رواية هذا الحديث عن حبيب بن أبي ثابت، وساق الشيباني (بنحو حديثهم) أي بنحو حديث هؤلاء الثلاثة المذكورة أعني شعبة وسفيان والأعمش.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أسامة بن زيد بحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم فقال:
5641 -
(2184)(238)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس (عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب) بن نفيل القرشي العدوي أبي عمر الأعرج الجزري المدني، روى عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل في الطب، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص في فضائل عمر، وعن أبيه وعن ابن عباس، ويروي عنه (ع) والزهري والحكم بن عتيبة، وثقه العجلي والنسائي وابن خراش، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، مات بحران في خلافة هشام (عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل) بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أبي يحيى المدني، قتله السموم بالأبواء مع سليمان بن عبد الملك سنة (99) تسع وتسعين، وصلى عليه سليمان بن عبد الملك، روى عن أبيه في الصلاة، وعبد المطلب بن ربيعة في الزكاة، وعبد الله بن عباس في الطب، ويروي عنه (خ م د س) وعبد الحميد بن عبد الرحمن والزهري وعاصم بن عبيد الله، قال النسائي: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، وقد تقدمت ترجمته في كتاب الصلاة من هذا الشرح، ولكن أعدناها هنا بأوضح مما هنالك (عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما عن عبد الرحمن بن عوف الحديث الآتي. وهذا
أَنَّ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ. حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغٍ لَقِيَهُ أَهْلُ الأَجْنَادِ. أَبُو عُبَيدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ
ــ
السند من سباعياته، قال الدارقطني: كذا قال مالك في هذا الإسناد، وقال معمر ويونس (عن عبد الله بن الحارث) قال: والحديث صحيح على اختلافهم قال: وقد أخرجه مسلم من طريق يونس عن عبد الله بن الحارث، وأما البخاري فلم يخرجه إلا عن طريق مالك اهـ نووي، ومن لطائف هذا السند أنه اجتمع فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وفيه رواية صحابي عن صحابي ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف (أن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (خرج) من المدينة (إلى الشام) في ربيع الأول سنة ثماني عشرة كما في الفتوح لسيف بن عمر يتفقد فيها أحوال الرعية وكان الطاعون المسمى بطاعون عمواس بفتح العين المهملة والميم بعدها سين مهملة وسمي به لأنه عم واس ووقع بها أولًا في المحرم وفي صفر ثم ارتفع فكتبوا إلى عمر فخرج حتى إذا كان .. الخ كذا في القسطلاني، وكان هذا الخروج منه بعد ما فتح بيت المقدس سنة سبع عشرة على ما ذكره خليفة بن خياط وكان يتفقد أحوال رعيته وأحوال أمرائه وكان قد خرج قبل ذلك إلى الشام لما حاصر أبو عبيدة إيلياء وهي البيت المقدس عندما سأل أهلها أن يكون صلحهم على يدي عمر فقدم وصالحهم ثم رجع وذلك سنة ست عشرة من الهجرة أي خرج إلى الشام (حتى إذا كان) عمر (بسرغ) بفتح الراء وسكونها وهي قرية بتبوك قاله ابن حبيب قال ابن وضاح بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة وقيل هي آخر عمل الحجاز اهـ من المفهم. وقال النووي: هي قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز يجوز صرفه وتركه اهـ (لقيه) أي لقي عمر واستقبله (أهل الأجناد) أي أمراء الأجناد والمراكز الخمسة. وقوله (أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه) وهم خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص، بدل من أهل الأجناد والمراد بالأجناد هنا مدن الشام الخمس وهي فلسطين والأردن ودمشق وقنسرين وحمص وبأهلها أمراؤها، قال النووي: هكذا فسروه واتفقوا عليه ومعلوم أن فلسطين اسم لناحية بيت المقدس والأردن اسم لناحية بيسان وطبرية وما يتعلق بهما ولا يضر إطلاق اسم المدينة عليه وكان عمر قسم الشام أجنادًا ومراكز الأردن جند وحمص جند ودمشق جند وفلسطين جند وقنسرين جند وجعل على كل جند أميرًا كذا في القسطلاني يعني قسم الشام على أربعة أمراء تحت كل واحد
فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ.
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَال عُمَرُ: ادْعُ لِيَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلينَ فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ. فَاخْتَلَفُوا. فَقَال بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَال بَعضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصحَابُ
ــ
منهم جند وناحية وهم أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل ثم لم يمت عمر حتى جمع الشام لمعاوية.
وفي خروجه إلى الشام بيان ما يجب على الإِمام من تفقد أحوال رعيته ومباشرة ذلك بنفسه والسفر إلى ذلك وإن طال، وفيه دليل على إباحة العمل والولاية لمن كانت له أهلية ذلك من العلم والصلاح إذا اعتقدوا أنهم متمكنون من العمل بالحق والقيام به فإذا عملوا بذلك حصل لهم أجر أئمة العدل.
(فأخبروه) أي فأخبر أمراء الأجناد الذين استقبلوه لعمر (أن الوباء قد وقع بالشام) والوباء فيه لغتان مهموز مقصور ومهموز ممدود والقصر أفصح وأشهر، قال الخليل وغيره: هو الطاعون، وقال: هو كل مرض عام، والصحيح الذي قاله المحققون أنه مرض الكثيرين من الناس في جهة من الأرض دون سائر الجهات اهـ نووي. وفي النهاية: الوباء الطاعون والمرض العام اهـ. والوباء الذي وقع بالشام في زمن عمر كان طاعونًا وهو طاعون عمواس وهي قرية معروفة بالشام (قال ابن عباس فـ) لما أخبروه بوقوع الوباء بالشام (قال عمر) لي (ادع لي) يا ابن عباس (المهاجرين الأولين) واجمعهم لي لأشاورهم فيما أشكل علي وهم من صلى إلى القبلتين، وأما من لم يسلم إلا بعد تحويل القبلة فلا يعد في الأولين اهـ من المفهم. قال ابن عباس (فدعوتهم) له فاجتمعوا عنده (فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام) فيه تقديم وتأخير أي دعوتهم له واجتمعوا عنده وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاستشارهم هل ندخلها مع هذا الوباء توكلًا على الله أم نرجع إلى المدينة حفظًا للنفس (فاختلفوا) في جواب مشورتهم (فقال بعضهم قد خرجت) من المدينة إلى الشام (لأمر) من أمور المسلمين ومصالحهم (ولا نرى) في رأينا (أن ترجع عنه) أي عن ذلك الأمر (وقال بعضهم معك بقية) من (الناس) أي بقية الصحابة السابقين إلى الإِسلام، قالوا ذلك تعظيمًا للصحابة كقولهم:"هم القوم كل القوم يا أم خالد"(و) معك (أصحاب) أي
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَا نَرَى أَن تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ. فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي. ثُم قَال: ادْعُ لِيَ الأَنْصَارَ فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ فَاسْتَشَارَهُم. فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ. وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلافِهِمْ. فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي. ثُم قَال: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ ها هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ. فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيهِ رَجُلانِ. فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ. فَنَادَى عُمَرُ في النَّاسِ:
ــ
معظم أصحاب (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عطف تفسير لما قبله (ولا نرى) في رأينا (أن تقدمهم) وتأتي بهم بضم التاء لا نرى أن تجعلهم قادمين (على هذا الوباء) الذي أخبروه (فـ) لما اختلفوا في أجوبة مشورتهم (قال) لهم عمر (ارتفعوا عني) أي ارجعوا عني إلى منازلكم وابتعدوا عني؛ أي أمرهم بالخروج فخرجوا (ثم قال) لي عمر (ادع لي الأنصار) قال ابن عباس (فدعوتهم) أي فدعوت الأنصار (له) أي لعمر فحضروا عنده (فاستشارهم) في ذلك أي في القدوم أو الرجوع (فسلكوا سبيل المهاجرين) فيما قالوا (واختلفوا) في ذلك (كاختلافهم) أي كاختلاف المهاجرين (فقال) لهم عمر (ارتفعوا عني) أي ارجعوا عني إلى مكانكم، قال ابن عباس (ثم قال) لي عمر (ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش) قال في القاموس: الشيخ والشيخون من استبانت فيه السن أو من خمسين أو إحدى وخمسين إلى آخر عمره أو إلى الثمانين وللشيخ أحد عشر جمعًا خمسة منها مبدوءة بالشين وخمسة بالميم وواحدة بالهمزة وهي أشياخ ونظمها الشيخ السجاعي في بيتين رحمه الله تعالى، وقد بسطنا الكلام في لفظ الشيخ وتفاصيل جمعه وتصغيره في كتابنا جواهر التعليمات على التقريظات فراجعه إن شئت الخوض فيه (من مهاجرة الفتح) بضم الميم وكسر الجيم وهم الذين هاجروا إلى المدينة قبل الفتح بيسير، وقيل هم مسلمة الفتح أو أطلق على من تحول إلى المدينة بعد الفتح مهاجرًا صورة وإن كان حكمها بعد الفتح قد انقطع احترازًا عن غيرهم ممن أقام بمكة ولم يهاجر أصلًا وإنما أخرهم عمر عن غيرهم لتأخرهم في الإِسلام والهجرة ولكن استشارهم لشيخهم ولكمال خبرتهم للأمور، قال ابن عباس (فدعوتهم) فحضروا عنده فاستشارهم (فـ) لما استشارهم (لم يختلف عليه) منهم (رجلان فقالوا) له (نرى) يا أمير المؤمنين (أن ترجع بالناس) إلى المدينة (ولا تقدمهم) بضم التاء وكسر الدال أي لا تجعلهم قادمين (على هذا الوباء) فترجح عنده رأيهم (فنادى عمر في الناس
إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عَلَيهِ. فَقَال أَبُو عُبَيدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: أَفِرارًا مِن قَدَرِ اللهِ؟ فَقَال عُمَرُ: لَوْ غَيرُكَ قَالها يَا أَبَا عُبَيدَةَ، (وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلافهُ)، نَعَمْ. نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ
ــ
إني مصبح) بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة المشددة أي مسافر في الصباح راكبًا (على ظهر) أي على ظهر الراحلة راجعًا إلى المدينة أو على ظهر طريق مرتحلًا إلى المدينة (فأصبحوا) بكسر الباء على صيغة الأمر في رواية مسلم، وفي البخاري بفتحها على صيغة الماضي وكلاهما صحيح أي فأصبحوا أيها الناس راكبين متأهبين للرجوع إليها (عليه) أي على الظهر، وهذا يدل على أنه إنما عزم على الرجوع لرأي أولئك المشيخة لما ظهر أنه أرجح من رأي غيرهم ممن خالفهم ووجه أرجحية هذا الرأي أنه جمع فيه بين الحزم والأخذ بالحذر وبين التوكل والإيمان بالقدر (فـ) بيان ذلك بحجة عمر على أبي عبيدة رضي الله عنهما حين (قال أبو عبيدة بن الجراح) لعمر (أ) ترجع يا عمر (فرارًا من قدر الله) وحكمه يعني الموت (فقال عمر) له (لو غيرك قالها) أي قال هذه الكلمة لي (يا أبا عبيدة) لأدَّبته لاعتراضه علي في مسألة اجتهادية اتفق عليها أكثر الناس من أهل الحل والعقد أو لكان أولى منك بذلك أو لم أتعجب منه ولكن أتعجب منك مع علمك وفضلك كيف تقول هذا؟ أو هي للتمني فلا تحتاج إلى جواب والمعنى أن غيرك ممن لا فهم له إذا قال ذلك يعذر، قال القرطبي: والحاصل أن أبا عبيدة ظهر له أن لا يرجع ويتوكل على الله ويسلم للقدر لأن ما قدر عليه لا ينجيه منه رجوع ولا فرار فأجابه عمر رضي الله عنه لو غيرك قالها أي ليت غيرك يقول ذلك القول فكأنه قال لا يليق بك هذا القول لعلمك وقدرك وإنما يليق ذلك بغيرك ممن قل علمه وقصر فهمه. وقوله (وكان عمر يكره خلافه) أي مخالفته جملة معترضة من الراوي وليس المراد أنه كان يكره أن ينتقد عليه أحد فكم ثبت عنه أنه عرض نفسه لانتقاد الناس ولكن المراد أنه كان يكره أن يخالفه أحد بعد ما استحكم عزمه على أمر اجتهادي وصل إليه بعد المشاورة الطويلة فأما قبل استحكام العزم فكان ذهنه مستفتحًا لرأي كل أحد ثم احتج عليه عمر بأن قال (نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله) أطلق عليه الفرار لشبهه به في الصورة وإن كان ليس فرارًا شرعيًّا، والمراد أن هجوم المرء على ما يهلكه منهي عنه ولو فعل لكان من قدر الله وتجنبه مما يؤذيه
إِلَى قَدَرِ اللهِ. أَرَأَيتَ لَوْ كَانَت لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ. إِحدَاهُمَا خَصِبَةٌ وَالأُخْرَى جَدِبَةٌ أَلَيسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصِبَةَ رَعَيتَها بِقَدَرِ اللهِ، وإنْ رَعَيتَ الْجَدبَةَ رَعَيتَهَا بِقَدَرِ اللهِ؟ قَال: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ. فَقَال: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذا عِلْمًا. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ".
قَال: فَحَمِدَ اللهَ
ــ
مشروع وقد يقدر الله وقوعه فيما فر منه فلو فعله أو تركه لكان من قدر الله.
ومحصل قوله إن اختيار أسباب الاحتياط والحذر ليس فرارًا من قدر الله في الحقيقة لأن الله تعالى علق النتائج في هذه الدنيا على الأسباب والتقدير المبرم غير معلوم فالفرار مما يخاف منه ليس فرارًا من التقدير المبرم لكونه غير معلوم وإنما هو فرار من سبب الهلاك الظاهر وهو جزء من التقدير المعلق فهو فرار من أحد شقي التقدير المعلق إلى الشق الآخر ولا يمكن لأحد أن يفر من التقدير المبرم والله أعلم.
(أرأيت) أي أخبرني يا أبا عبيدة (لو كانت لك إبل فهبطت) أي نزلت بها (واديًا له عدوتان) بضم العين وكسرها وسكون الدال المهملتين أي شاطئان وحافتان وجانبان (إحداهما) أي إحدى العدوتين (خصبة) بفتح الخاء وكسر الصاد بعدها موحدة أي كثيرة المراعي والأشجار والحشائش والكلإ والعشب (والأخرى جدبة) بفتح الجيم وسكون الدال أي يابسة فارغة من تلك المذكورات (أليس) الشأن (إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله) وقضائه (وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله) تعالى (قال) ابن عباس رضي الله عنهما (فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان) عبد الرحمن (متغيبًا) أي غائبًا أولًا (في بعض حاجته) لم يشهد معهم المشاورة المذكورة (فقال) عبد الرحمن لعمر ومن معه (أن عندي من هذا) الذي اختلفتم فيه (علمًا) ونصًّا لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به) أي بالطاعون (بأرض فلا تقدموا عليه) أي على الطاعون ليكون أسكن لأنفسكم وأقطع لوساوس الشيطان (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا) منها (فرارًا منه) لئلا يكون معارضة للقدر فلو خرج لقدر آخر جاز (قال) ابن عباس (فحمد الله)
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ انْصَرَفَ
ــ
تعالى (عمر بن الخطاب) على موافقة اجتهاده واجتهاد معظم الصحابة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم انصرف) عمر راجعًا إلى المدينة لأنه أحوط ولرجحانه بكثرة القائلين به مع موافقة اجتهاده للنص المروي عن الشارع صلى الله عليه وسلم. قال القرطبي: واحتج عمر على أبي عبيدة بأن قال (نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله) إذ لا محيص للإنسان عما قدره الله عليه، لكن أمرنا الله بالتحرز من المخاوف والهلكات وباستفراغ الوسع في التوقي من المكروهات والحذر وجلب المنافع ودفع الضرر ثم المقصر في ذلك ملوم عادة وشرعًا ومنسوب إلى التفريط عقلًا وسمعًا وإن زعم أنه المتوكل على الله المسلم لأمر الله ولما بين عمر ذلك المعنى بالمثال لاح الحق وارتفع الجدال ثم لم يبرح عمر من مكانه حتى جاءه الحق ببرهانه فحدثهم عبد الرحمن بن عوف بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فسر بذلك عمر رضي الله عنه سرورًا ظهر لديه فحمد الله تعالى وأثنى عليه حيث توافق الرأي والسمع وارتفع الخلاف وحصل الجمع فرجع من موضعه ذلك إلى المدينة سالمًا موفورًا وكان في سعيه ذلك مصيبًا مشكورًا.
ومن أعظم فوائد هذا الحديث إجماع الصحابة رضي الله عنهم على العمل بالرأي والاجتهاد وقبول أخبار الآحاد كما بينا ذلك في الأصول اهـ من المفهم.
قال النووي: واعلم أن في حديث عمر هذا فوائد كثيرة؛ منها خروج الإِمام بنفسه في ولايته في بعض الأوقات ليشاهد أحوال رعيته ويزيل ظلم المظلوم ويكشف كرب المكروب ويسد خلة المحتاج ويقمع أهل الفساد ويخافه أهل البطالة والأذى والولاة ويحذروا تجسسه عليهم ووصول قبائحهم إليه فينكفوا ويقيم في رعيته شعائر الإِسلام ويؤدب من رآهم مخلين بذلك ولغير ذلك من المصالح، ومنها تلقي الأمراء ووجوه الناس الإِمام عند قدومه وإعلامهم بما حدث في بلادهم من خير وشر ووباء ورخص وغلاء وشدة ورخاء وغير ذلك، ومنها استحباب مشاورة أهل العلم والرأي في الأمور الحادثة وتقديم أهل السابقة في ذلك، ومنها تنزيل الناس منازلهم وتقديم أهل الفضل على غيرهم والابتداء بهم في المكارم، ومنها جواز الاجتهاد في الحروب ونحوها كما يجوز في الأحكام، ومنها قبول خبر الواحد فإنهم قبلوا خبر عبد الرحمن، ومنها صحة القياس وجواز العمل به، ومنها ابتداء العالم بما عنده من العلم قبل أن يسأله كما فعل
5642 -
(00)(00) وحدّثنا إِسحَاقُ بن إِبراهِيمَ وَمُحَمَّدُ بن رَافِعٍ وَعَبدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا وَقَال الآخَرَانِ: أَخبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخبَرَنَا مَعمرٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَزَادَ في حَدِيثِ مَعمَرٍ: قَال: وَقَال لَهُ أيضًا: أَرَأَيتَ أَنّهُ لَوْ رَعَى الْجَدِبَةَ وَتَرَكَ الْخَصِبَةَ أكُنتَ مُعَجِّزَهُ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَسِرْ إِذًا. قَال: فَسَارَ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ. فَقَال: لهذَا الْمَحَلُّ
ــ
عبد الرحمن، ومنها اجتناب أسباب الهلاك، ومنها منع القدوم على الطاعون ومنع الفرار منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 194]، والبخاري في الطب [5729 و 5730]، وأبو داود في الجنائز باب الخروج من الطاعون [2219].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5642 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر بهذا الإسناد) يعني عن الزهري عن عبد الحميد عن عبد الله عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف. وهذا السند من ثمانياته، غرضه بيان متابعة معمر لمالك بن أنس، وساق معمر (نحو حديث مالك وزاد) عبد الرزاق (في حديث معمر) وروايته لفظة (قال) ابن عباس بالسند السابق (وقال) عمر رضي الله عنه (له) أي لأبي عبيدة (أيضًا) أي كما قال له ما سبق (أرأيت) أي أخبرني (أنه) أي أن راعي الإبل (لو رعى) إبلك لناحية (الجدبة) أي الفارغة والخالية من الكلإ (وترك) رعيها العدوة (الخصبة كنت) أي هل كنت (معجزه) اسم فاعل من التعجيز أي ناسبًا له إلى العجز والحمق. قوله (معجزه) هو بفتح العين وتشديد الجيم أي تنسبه إلى العجز وتلومه على ذلك، ومقصود عمر أن الناس رعية لي استرعانيها الله تعالى فيجب عليَّ الاحتياط لها فإن تركته نسبت إلى العجز واستوجبْتُ العقوبة والله أعلم اهـ نووي (قال) أبو عبيدة (نعم) أنسبه إلى العجز والحمق ثم (قال) أبو عبيدة لعمر رضي الله عنه (فسر) أي فاذهب وانصرف إلى المدينة (إذًا) أي إذا كنت فارًا من قدر الله إلى قدر الله (قال) ابن عباس رضي الله عنهما (فسار) عمر أي ذهب وانصرف إلى المدينة (حتى أتى) عمر (المدينة) ودخلها (فقال) عمر بعد ما دخل المدينة (هذا) البلد هو (المحل) لنا أي محل حلولنا ونزولنا لا نخرج منه إن شاء الله تعالى
أَوْ قَال: هَذَا الْمَنْزِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
5643 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلةُ بن يَحْيَى قَالا: أَخبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بهَذَا الإِسْنَادِ. غَير أَنَّهُ قَال: إِن عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ. وَلَمْ يَقُلْ: عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.
5644 -
(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ
ــ
(أو قال) عمر (هذا) أي هذا البلد يعني المدينة (المنزل) أي محل نزولنا وسكنانا لا نفارقه ولا نخرج منه (إن شاء الله) تعالى، قال القرطبي: قوله (هذا المحل) مبتدأ وخبر يعني المدينة يعني أنها المحل الذي لا يرغب عنه ولا يفضل غيره عليه وإن كثر خصب البلاد واتسع حال أهلها يقال بكسر الحاء وفتحها والفتح هو الأصل المطرد لأن ما كان من باب فعل يفعل كقعد وقتل القياس في المفعل منه فتح العين سواء أريد به المصدر أو المكان أو الزمان إلا ما شذ منه بسماع الكسر والفتح فيه كالمطلع والمفرق كما بسطنا الكلام على ذلك في مناهل الرجال على لامية الأفعال، قال النووي: هما أي المحل والمنزل بمعنى واحد وهو بفتح الحاء وكسرها والفتح أقيس لأن ما كان من باب فعل بالفتح يفعل بالضم كان مصدره وزمانه ومكانه مفعلًا بفتح العين كقعد يقعد ونظائره إلا أحرفًا شذت منه فجاءت بالوجهين منها المحل بالفتح على القياس والكسر على الشذوذ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
5643 -
(00)(00)(وحدثنيه أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن عبد الحميد عن عبد الله عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف. وهذا السند من ثمانياته أيضًا، غرضه بيان متابعة يونس لمالك (غير أنه) أي لكن أن يونس (قال) في روايته لفظة (أن عبد الله بن الحارث حدثه ولم يقل) يونس في روايته لفظة عن (عبد الله بن عبد الله) بتكرار كلمة عبد الله مجرورًا على الحكاية بإعرابه في السند السابق ولم يقل يونس عن ابن شهاب عن عبد الله بن عبد الله بل قال عبد الله بن الحارث.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في هذا الحديث فقال:
5644 -
(00)(00) (وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بنِ رَبيعَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا جَاءَ سَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ. فَأخْبَرَهُ عَبْدُ الرحْمنِ بْنُ عَوْفٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا سَمِعتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فَلَا تَقدَمُوا عَلَيهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" فَرَجَعَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مِنْ سَرْغَ.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ عُمَرَ إِنَّما انْصَرَفَ بِالناسِ مِنْ حدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عَوْفٍ
ــ
ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة) بن عامر بن مالك العنزي الأصل العدوي مولاهم ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وله خمس سنين، ووثقه العجلي تقدم البسط في ترجمته في كتاب الصلاة (أن عمر) بن الخطاب (خرج إلى الشام فلما جاء سرغ) قرية على حدود الشام والحجاز كما مر (بلغه) أي بلغ عمر (أن الوباء قد وقع بالشام فأخبره) أي فأخبر عمر (عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن عامر لابن عباس في رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم به) أي بالوباء حالة كونه نازلًا (بأرض) أي بناحية من نواحي الأرض (فلا تقدموا عليه) أي فلا تدخلوا عليه تحرزًا من إهلاك النفس (وإذا وقع) الوباء (بأرض وأنتم) نازلون (بها) أي في تلك الأرض (فلا تخرجوا) منها (فرارًا) أي لأجل الفرار (منه) أي من الوباء لأنه لا مفر من القدر إلا إلى الله تعالى (فرجح عمر بن الخطاب من سرغ) إلى المدينة قبل دخول الشام عملًا بهذا الحديث (و) روى مالك بالسند السابق (عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما (أن عمر إنما انصرف بالناس) ورجع إلى المدينة قبل دخول الشام (من حديث) أي لأجل العمل بحديث (عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه.
[تكميل] قال أبو عمر رحمه الله تعالى: لم يبلغني أن أحدًا من حملة العلم فر من الطاعون إلا ما ذكره ابن المديني أن علي بن زيد بن جدعان هرب من الطاعون من المدينة إلى السيالة -هي أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة- فكان يجمع كل جمعة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في المدينة ويرجع إلى السيالة فكان إذا جمع صاحوا به فر من الطاعون فطعن فمات بالسيالة، وذكر أبو حاتم عن الأصمعي هرب بعض البصريين من الطاعون فركب حمارًا له ومضى بأهله نحو سفوان -ماء على قدر مرحلة من باب المربد من البصرة- فسمع حاديًا يحدو خلفه:
لن يسبق الله على حمار
…
ولا على ذي منعة طيار
إذ يأتي الحتف على مقدار
…
قد يصبح الله أمام الساري
وذكر المدائني قال: وقع الطاعون بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان فخرج هاربًا منه فنزل قرية من قرى الصعيد يقال لها سكر، فقدم عليه رسول لعبد الملك فقال له: ما اسمك؟ فقال: طالب بن مدرك، فقال: أوه، ما أراني راجعًا له إلى الفسطاط فمات في تلك القرية، وروى أبو عمر عن الأصمعي قال: لما وقع الطاعون الجارف بالبصرة فني أهلها -على ريح- وامتنع الناس من دفن موتاهم، فدخلت السباع البصرة على ريح الموتى وخلت سكة بني جربر فلم يبق الله فيها سوى جارية فسمعت صوت الذئب في سكتهم ليلًا فأنشأت تقول:
ألا أيها الذئب المنادي بسحرة
…
إلي أنبئك الذي قد بدا ليا
بدا لي أني قد نعيت وأنني
…
بقية قوم ورثوني البواكيا
وإني بلا شك سأتبع من مضى
…
ويتبعني من بعد من كان تاليا
اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة الأول حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أسامة بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه إحدى عشرة متابعة، والرابع حديث عبد الرحمن بن عوف ذكره للاستشهاد به لحديث أسامة بن زيد وذكر فيه ثلاث متابعات.