الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
677 - (21) باب رقية المريض بالمعوذات وترخيصها من العين والنملة والحمة والنظرة ما لم يكن فيها شرك وجواز أخذ الأجرة عليها إذا كانت بالقرآن ونحوه
5573 -
(2154)(208) حدَّثني سُرَيجُ بن يُونُسَ وَيحْيَى بْنُ أَيُّوبُ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بن عَبَّادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُروَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ، نَفَثَ عَلَيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ،
ــ
677 -
(21) باب رقية المريض بالمعوذات وترخيصها من العين والنملة والحمة والنظرة ما لم يكن فيها شرك وجواز أخذ الأجرة عليها إذا كانت بالقرآن ونحوه
5573 -
(2154)(208)(حدثني سريج بن يونس) بن إبراهيم المروزي الأصل البغدادي النزول، ثقة، من (15) روى عنه في (11) بابا (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي، ثقة، من (15) روى عنه في (8) أبواب (قالا حَدَّثَنَا عباد بن عباد) بن حبيب ابن المهلب العتكي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (قالت) عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث) أي نفخ (عليه) أي على ذلك الأحد نفخًا خفيفًا بلا ريق كما فسره النووي، وقال الحافظ: هو تفل بلا ريق أو مع ريق خفيف، وأخرج البخاري في الطب قول معمر بعد هذا الحديث قلت للزهري كيف ينفث قال: ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه (بالمعوذات) بكسر الواو المشددة أي مع قراءة المعوذات عليه، والمعوذات هي سورة الفلق وسورة الناس وجمع إما باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو باعتبار أن المراد بها الكلمات التي يقع التعوذ بها من السورتين، ويحتمل أن المراد بالمعوذات هاتان السورتان مع سورة الإخلاص ويؤيده ما أخرجه البخاري في فضائل القرآن كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما ثم يقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس، وقال القرطبي: والمراد بالمعوذات قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ونحو قوله: {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} اهـ من المفهم. وقال النووي: وفي الحديث استحباب النفث في الرقية. وقد أجمعوا على جوازه واستحبه
فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَتْفُثُ عَلَيهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ. لأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِن يَدِي. وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبُ: بمُعَوِّذَاتٍ
ــ
الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإنما رقى بالمعوذات لأنها جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلًا ففيها الاستعاذة من شر ما خلق فيدخل فيه كل شيء ومن شر النفاثات في العقد ومن السواحر ومن شر الحاسدين ومن شر الوسواس الخناس اهـ نووي. قال القسطلاني: والرقية بالمعوذات هو الطب الروحاني وإذا كان على لسان الأبرار حصل به الشفاء، قال القاضي عياض: فائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الَّذي يمسه الذكر كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر اهـ من القسطلاني وفي الحديث جواز الرقية والنفث بها لكن بشروط أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية غير مؤثرة بنفسها بل بتقدير الله تعالى، وقال الربيع سألت الشافعي عن الرقية، فقال: لا بأس أن يرقي بكتاب الله عز وجل وبما يعرف من ذكر الله، قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال: نعم، إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وذكر الله اهـ من الإرشاد.
قالت عائشة (فلما مرض) رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرضه الَّذي مات فبه جعلت) أي شرعت (أنفث) من بابي نصر وضرب أي أنفخ (عليه) نفخًا لطيفًا بلا ريق (وأمسحه) أي أمسح جسمه الشريف (بيد نفسه) الشريفة (لأنها) أي لأن يده صلى الله عليه وسلم كانت أعظم بركة) أي أكثر خيرًا (من يدي وفي رواية يحيى بن أيوب بمعوذات) بلا إدخال أل عليها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 44]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الطب باب الرقى بالقرآن والمعوذات [5735]، وأبو داود في الطب باب كيف الرقى [3902]، والترمذي في الدعوات [3399]، وابن ماجة في الطب باب النفث في الرقية [3575].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5574 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بن يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ. وَيَنْفُثُ. فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيهِ وَأَمْسَحُ عَنْهُ بِيَدِهِ. رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.
5575 -
(00)(00) وحدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وحدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعَمْرٌ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ. ح وحدَّثَنَا عُقبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ
ــ
5574 -
(00)(00)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة مالك لعباد بن عباد (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى) ومرض (يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث) أي ينفخ نفخًا لطيفًا على جسده مع الرقية (فلما اشتد وجعه) أي مرضه الَّذي مات فيه كنت أقرأ عليه) أي على جسده (وأمسح عنه) أي على جسده بعد القراءة (بيده) الشريفة (رجاء بركتها) وخيراتها، وفيه إذا مرض الإنسان فعليه أن يتعوذ بالمعوذات على نفسه وينفث ويمسح بيده على ما وصلت إليه يده من بدنه ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5575 -
(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي المصري (وحرملة) بن يحيى بن عبد الله التجيبي المصري (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي الأموي (ح وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي، ثقة، من (11)(أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(ح وحدثني محمد بن عبد الله بن نمير حَدَّثَنَا روح) بن عبادة بن العلاء القيسي البصري (ح وحدثنا عقبة بن مكرم) بصيغة اسم المفعول العمي البصري، ثقة، من (11) روى عنه في (9) (وأحمد بن
عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي زِيادٌ. كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بِإِسْنَادِ مَالِكٍ. نَحْوَ حَدِيثِهِ. وَلَيسَ في حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ: رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. إلا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ. وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ وَزِيَادٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ.
5576 -
(2155)(209) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبَيهِ
ــ
عثمان) بن أبي عثمان عبد النور بن عبد الله بن سنان (النوفلي) نسبة إلى أحد أجداده أبو عثمان البصري الناسك، ثقة، من (11) روى عنه في (7) أبواب (قالا حَدَّثَنَا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ثقة ثبت، من (9) روى عنه في (12) بابا كلاهما) أي كل من روح بن عبادة وأبي عاصم رويا (عن ابن جريج) قال ابن جريج (أخبرني زياد) بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني المكي نزيل مكة ثم اليمن، ثقة ثبت، من (6) روى عنه في (8) أبواب (كلهم) أي كل من يونس بن يزيد ومعمر بن راشد وزياد بن سعد رويا (عن ابن شهاب بإسناد مالك) يعني عن عروة عن عائشة (نحو حديثه) أي قريب حديث مالك لفظًا ومعنى، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لمالك بن أنس (و) لكن (ليس في حديث أحد منهم) أي من هؤلاء الثلاثة المذكورين وروايتهم لفظة (رجاء بركتها إلا في حديث مالك) بن أنس (وفي حديث يونس وزياد) بن سعد لفظة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده) الشريفة بدل قول مالك يقرأ على نفسه بالمعوذات .. إلخ.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة يعني الرقية من الحمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5576 -
(2155)(209)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن) أبي إسحاق (الشيباني) سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن عبد الرحمن بن الأسود) بن يزيد النخعي أبي حفص الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن أبيه) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى
قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الرُّقيَةِ؟ فَقَالتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ بَيتٍ مِنَ الأَنْصَارِ، في الرَّقِّيَةِ، مِن كُلِّ ذِي حُمةٍ.
5577 -
(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى. أَخبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
ــ
عنه في (5) أبواب (قال) الأسود (سألت عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته (عن) حكم (الرقية) هل تجوز أم لا؟ (فقالت) عائشة في جواب سؤالي (رخص) أي سهل وجوَّز وأذن (رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت من الأنصار) وسيأتي عن المؤلف (رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم) وسيأتي أيضًا (أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في رقية الحمية لآل عمرو) أي رخص لهم (في) عمل (الرقية) أي في العلاج بقراءة الأذكار وأسماء الله تعالى (من كل) لدغة ولسعة حيوان (ذي حمة) أي صاحب سم كالحيات والعقارب والزنابير، والحمة بضم الحاء المهملة وفتح الميم المخففة السم والمعنى أذن في الرقية من كل ذوات سم اهـ نووي، وقال السنوسي: ويطلق أيضًا على إبرة العقرب للمجاورة لأن منها يخرج السم وأصلها حمي أو حمو بوزن صرد فالهاء فيها بدل من الواو أو الياء اهـ، وقال الحافظ: الحمة بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم، قال ثعلب وغيره: هي سم العقرب، وقال القزاز: قيل هي شوكة العقرب وكذا قال ابن سيده إنها الإبرة التي تضرب بها العقرب والزنبور وكذا النحل، وقال الخطابي: الحمة كل هامة ذات سم من حية أو عقرب اهـ فتح الباري [10/ 156].
وعبارة القرطبي: قوله (من كل ذي حمة) أي من لسع كل دابة ذات سم والحمة السم والمشهور فيه ضم الحاء، قال بعضهم: وقد تفتح وهي مخففة الميم على كل حال اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الطب باب رقية الحية والعقرب رقم [5741].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
5577 -
(00)(00)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواصطي (عن مغيرة) بن مقسم الضبي مولاهم أبي هشام الكوفي الفقيه الأعمى، ثقة، من (6) روى عنه في (8) أبواب (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة، من
عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ بَيتٍ مِنَ الأَنْصَارِ، في الرُّقْيَةِ، مِنَ الْحُمَةِ.
5578 -
(2156)(210) حدَّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بن حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبِي عُمَرَ - قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّيءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ. قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِصْبَعِهِ هَكذَا
ــ
(5)
(عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة إبراهيم النخعي لعبد الرحمن بن الأسود (قالت) عائشة (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت من الأنصار) أي أذن لهم (في الرقية من الحمة) أي من لسعة دابة ذات سم كما مر.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله عنها فقال:
5578 -
(2156)(210)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (واللفظ لابن أبي عمر قالوا حَدَّثَنَا سفيان) بن عيينة (عن عبد ربه بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني أخي يحيى بن سعيد، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن عمرة) بنت عبد الرحمن الأنصارية، ثقة، من (3)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان) منا (الشيء) أي العضو (منه أو كانت به) أي بذلك الإنسان (قرحة) والقرحة بفتح القاف وضمها مع إسكان الراء فيهما الجراحة المتقادمة التي اجتمع فيها القيح (أو) كان به (جرح) بفتح الجيم وضمها وسكون الراء فيهما مصدر جرح جرحًا يجمع على جروح أثر السلاح بالبدن إذا ترامى إلى الفساد وجرب شديد يهلك الفصلان - الأعضاء الصغار - كالأنامل اهـ منه، وقيل القرحة ما كانت من البثرة والجرح ما كان من طعن السلاح أو قطع السكين (قال النبي صلى الله عليه وسلم أي وضع (بإصبعه) السبابة أي بأنملتها (هكذا) أي على الأرض، قال ابن أبي عمر
وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَها-: "بِاسْمِ اللهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا. بِرِيقَةِ بَعْضِنَا. لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا. بِإِذْنِ رَبِّنَا".
قَال ابْنُ أَبِي شَيبَةَ "يُشفَى"، وقَال زُهَيرٌ:"لِيُشْفَى سَقِيمُنَا"
ــ
(ووضع سفيان) بن عيينة عندما روى لنا هذا الحديث (سبابته) أي أنملة سبابته أي مسبحته (بالأرض) أي على الأرض (ثم رفعها) أي رفع سفيان مسبحته عن الأرض أي وضعها ورفعها بيانًا لنا لكيفية وضع النبي صلى الله عليه وسلم إياها على الأرض ورفعه إياها. قوله (بسم الله) .. إلخ مقول محكي لحال محذوفة أي قالها ووضعها على الأرض حالة كونه قائلًا هذه الكلمات إلى آخرها ثم رفعها ووضعها على القرحة أو الجرح، والجار والمجرور في قوله باسم الله متعلق بمحذوف تقديره أي أتبرك باسم الله تعالى. وقوله (تربة أرضنا) مبتدأ (بريقة بعضنا) حال من التربة أي حالة كونها مصحوبة بريقة بعضنا، والريقة أخف من الريق وأنثها على معنى القطعة والبزقة، واللام في قوله (ليشفى) بالبناء للمجهول زائدة كما هي ساقطة في رواية البخاري، وفي بعض رواية مسلم أي يعافى (به) أي بما ذكر من التربة المصحوبة بالريقة أي يعافى بها (سقيمنا) أي مريضنا (بإذن ربنا) أي بإرادة ربنا ومشيئته، ويحتمل كون اللام أصلية متعلقة بمحذوف تقديره أخذناها أخذنا ليشفى بها سقيمنا (قال) أبو بكر (بن أبي شيبة يشفى) بإسقاط اللام (وقال زهير) بن حرب (ليشفى سقيمنا) بإثبات اللام وإسقاط الجار والمجرور، وفي بعض رواية البخاري (يشفي سقيمنا) بالبناء للفاعل ونصب سقيمنا على المفعولية والفاعل محذوف لعلمه أي يشفي الله سقيمنا.
قال النووي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء فيمسح بها على الموضع الجريح والعليل ويتلفظ بهذه الكلمات في حال المسح، وقال النووي أيضًا: قيل المراد بأرضنا أرض المدينة خاصة لبركتها وببعضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لشرف ريقه ويكون ذلك مخصوصًا به صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: وفيه نظر، وفي المرقاة قال: جمهور العلماء المراد بأرضنا هنا جملة الأرض اهـ والمراد بريقنا ريق المؤمنين.
وحاول بعض العلماء كما ذكر عنهم القرطبي أن يخرجوا هذا الطريق على أصول
5579 -
(2157)(211) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بن أَبِي شَيبَةَ وَأبُو كُرَيبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ - وَاللَّفْظُ لَهُمَا -: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسعَرٍ. حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بن خَالِدٍ،
ــ
طبية فقالوا: إن السر فيه أن تراب الأرض لبرودته ويبسه يبرئ الموضع الَّذي به الألم ويمنع انصباب المواد إليه ليبسه مع منفعته في تجفيف الجراح واندمالها، وأما الريق فإنه يختص بالتحليل والإنضاج وإبراد الجرح والورم لاسيما من الصائم الجائع وكذلك ذكر البيضاوي أن للريق مدخلًا في النضج وتعديل المزاج ولتراب الوطن تأثيرًا في حفظ المزاج ودفع الضرر فقد ذكروا أنَّه ينبغي للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها ولكن تعقب القرطبي مثل هذه التوجيهات، وقال: إنما هذا من باب التبرك باسماء الله تعالى فلا يلزم تعقيده على أصول طبية وهو الظاهر، وقال التوربشتي: كان المراد من التربة الإشارة إلى فطرة آدم والريقة الإشارة إلى النطفة كأنه تضرع بلسان الحال أنك اخترعت الأصل الأول من التراب ثم أبدعته من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته كذا في فتح الباري [10/ 258].
والباء في قوله (بريقة بعضنا) للمصاحبة وتربة أرضنا خبر لمحذوف ولعل تقدير العبارة على كون اللام أصلية هكذا (هذه تربة أرضنا مصحوبة بريقة بعضنا أخذناها ليشفى به سقيمنا).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 93]، والبخاري [5745]، وأبو داود [3895]، وابن ماجة [3521].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها فقال:
5579 -
(2157)(211)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال أبو بكر وأبو غريب واللفظ لهما حَدَّثَنَا محمد بن بشر) ابن الفرافصة العبدي الكوفي، ثقة، من (9)(عن مسعر) بن كدام بن ظهير بن عبيدة بضم العين الهلالي الكوفي، ثقة، من (7)(حَدَّثَنَا معبد بن خالد) بن مرين مصغرًا الجدلي
عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُهَا أَنْ تَسْتَرْقِيَ مِنَ العَينِ.
5580 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ. قَال: حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثلَهُ.
5581 -
(00)(00) وحدَّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالث: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُنِي أنْ أَسْتَرْقِيَ مِنَ الْعَينِ
ــ
الكوفي القاص، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن) عبد الله (بن شداد) بن الهاد واسمه أسامة بن عمرو بن عبد الله بن جابر الليثي الكوفي، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة، من (2) روى عنه في (4) أبواب (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرها أن تسترقي) أي أن تعالج بالقراءة (من) إصابة (العين) أو المعنى أي أمرها أن تطلب الرقية ممن يعرف الرقى من إصابة العين، وفيه مشروعية الرقية لمن أصابه العين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الطب باب رقية العين [5738]، وابن ماجة في الطب باب من استرقى من العين [2557].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5580 -
(00)(00)(حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نمير قال حَدَّثَنَا أبي حَدَّثَنَا مسعر بهذا الإسناد) يعني عن معبد بن خالد عن ابن شداد عن عائشة، غرضه بيان متابعة عبد الله بن نمير لمحمد بن بشر وساق عبد الله بن نمير (مثله) أي مثل حديث محمد بن بشر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثانيًا فقال:
5581 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد (بن نمير حَدَّثَنَا أبي) عبد الله (حَدَّثَنَا سفيان) الثوري (عن معبد بن خالد عن عبد الله بن شداد عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لمسعر بن كدام (قالت) عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين).
5582 -
(2158)(212) وحدَّثنا يَحْيَى بن يَحْيَى. أَخبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ يُوسُفَ بنِ عَبدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ بنِ مَالِكٍ، في الرُّقَى. قَال: رُخِّصَ في الْحُمَةِ وَالنَّمْلَةِ وَالْعَينِ
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عائشة الأول بحديث أنس بن مالك رضي الله عنهما ولكن فيه الاستدلال به على النملة فقال:
5582 -
(2158)(212)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية الجعفي الكوفي (عن عاصم) بن سليمان (الأحول) التميمي البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (17) بابا (عن يوسف بن عبد الله) بن الحارث الأنصاري البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (في) بيان حكم (الرقى) جمع رقية نظير مدى ومدية وهي العلاج بالقراءة (قال رخص) بالبناء للمجهول أي رخص النبي صلى الله عليه وسلم وأذن (في) الرقية من (الحمة) أي من لسع كل دابة ذات سم كالعقرب والحية والزنبور كماو أي رخص في رقية الإنسان إذا أصابه شيء له حمة كالعقرب (و) في رقية الإنسان من (النملة) بفتح النون وسكون الميم، وحكاه الهروي أيضًا بضم النون، وأما النملة بكسر النون فهي المشية المتقاربة حكاها الفراء وهي قروح تخرج في الجنب، قال ابن قتيبة وغيره: كانت المجوس تزعم أن ولد الرجل من أخته إذا خط على النملة يشفى صاحبها وقد تكون النملة على غير الجنب (و) في الرقية من إصابة (العين) أي عين العائن المشهور بالإصابة، والإصابة الحاصلة من غير المشهور تسمى نظرة كما ستأتي. وفي هذه الأحاديث استحباب الرقية لهذه العاهات ومع هذا لا يستفاد منها أن الرخصة مخصوصة بهذه الثلاثة بل الترخيص ورد على السؤال ولو سئل عن غيرها لأذن فيه أيضًا، وقد ورد أنَّه صلى الله عليه وسلم رقى في غير هذه الثلاثة والله أعلم اهـ ذهني.
(وقول عائشة: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من الحمة، وقول أنس: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من الحمة والنملة والعين) دليل على أن الأصل في الرقى كان ممنوعًا كما قد صرح به حيث قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى" رواه مسلم وإنما نهى عنها مطلقًا لأنهم كانوا يرقون في الجاهلية برقى هي شرك وبما لا يفهم وكانوا يعتقدون أن تلك الرقى تؤثر ثم إنهم لما
5583 -
(00)(50) وحدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَسَنٌ، (وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ)، كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الرُّقْيَةِ مِنَ العَينِ، وَالْحُمَةِ، وَالنَّمْلَةِ.
وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ:
ــ
أسلموا وزال ذلك عنهم نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عمومًا ليكون أبلغ في المنع وأسد للذريعة ثم إنهم لما سألوه وأخبروه أنهم ينتفعون بذلك رخص لهم في بعض ذلك وقال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" رواه مسلم وأبو داود فجازت الرقية من كل الآفات من الأمراض والجراح والقروح والحمة والعين والنملة وغير ذلك إذا كان الرقى بما يفهم ولم يكن فيه شرك ولا شيء ممنوع وأفضل ذلك وأنفعه ما كان باسماء الله تعالى وكلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 118]، وأبو داود في الطب باب ما جاء في الرقية [3889]، والترمذي في الطب [2556]، وابن ماجة في الطب [2561].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5583 -
(00)(55)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا يحيى بن آم) بن سليمان الأموي مولاهم أبو زكرياء الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (9)(عن سفيان) الثوري (ح وحدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا حميد بن عبد الرحمن) بن حميد الرؤاسي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (5) أبواب (حَدَّثَنَا حسن وهو ابن صالح) بن صالح بن مسلم بن حيان الهمداني الثوري الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (5) أبواب كلاهما) أي كل من حسن وسفيان (عن عاصم) بن سليمان الأحول (عن يوسف بن عبد الله بن أنس) ابن مالك رضي الله عنه. وهذان السندان من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة سفيان وحسن بن صالح لأبي خيثمة (قال) أنس (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أذن للناس (في الرقية من العين والحمة والنملة وفي حديث سفيان) الثوري وروايته
يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ.
5584 -
(2159)(213) حدَّثني أَبُو الرَّبِيعِ، سُلَيمَانُ بن دَاوُدَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ زَينَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال لِجَارِيةٍ، في بَيتِ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةً
ــ
لفظة (يوسف بن عبد الله بن الحارث) بزيادة الحارث قال ابن قتيبة (النملة) هي قروح تكون في الجنب وغير الجنب تزعم المجوس أن ولد الرجل إذا كان من أخته فخط على النملة شفي صاحبها وأنشد:
ولا عيب فينا غير عُرْفٍ لمعشَرٍ
…
كرام وأنا لا نخط على النمل
أي لسنا بمجوس تنكح الأخوات.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث عائشة الأول بحديث أم سلمة رضي الله عنهما فقال:
5584 -
(2159)(213)(حَدَّثَنَا أبو الربيع سليمان بن داود) الزهراني البصري (حَدَّثَنَا محمد بن حرب) الخولاني الحمصي الأبرش، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حدثني محمد بن الوليد) بن عامر (الزبيدي) مصغرًا الحمصي القاضي، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن) محمد بن مسلم (الزهري) المدني (عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة) المخزومية الصحابية ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها (عن) والدتها (أم سلمة) بنت أبي أمية المخزومية (زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه رواية صحابية عن صحابية وبنت عن والدة وتابعي عن تابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجارية في بيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لم أر من ذكر اسم الجارية (رأى) النبي صلى الله عليه وسلم (بوجهها سفعة) بفتح السين وضمها وسكون الفاء فيهما والفتح أكثر، قال الأصمعي: السفعة حمرة يعلوها سواد، وقال الحربي: هي سواد في الوجه، وقال ابن قتيبة: هي لون يخالف لون الوجه، والأقوال كلها متقاربة، وحاصلها
فَقَال: "بِهَا نَظْرَةٌ، فَاسْتَرْقُوا لَهَا".
يَعْنِي بِوَجْهِهَا صُفْرَةً
ــ
أن بوجهها موضعًا على غير لونه الأصلي وكان الاختلاف بحسب اللون الأصلي فإن كان أحمر فالسفعة سواد صرف وإن كان أبيض فالسفعة صفرة وإن كان أسمر فالسفعة حمرة يعلوها سواد، وذكر صاحب البارع في اللغة أن السفع سواد الخدين من المرأة الشاحبة أي الهزيلة هذا ملخص ما في شرح النووي والأبي وما في فتح الباري [10/ 202](فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (بها) أي بهذه الجارية (نظرة) النظرة هي العين وقيل هي من الشيطان وقيل هي عين الناظر الَّذي لم يشتهر بإصابة العين، وقال أبو عبيد: يقال رجل به نظرة أي عيب (فاسترقوا لها) أي عالجوها بالقراءة عليها، ومن العلماء من قصر النظرة على نظرة الجن، والصحيح العموم وفسرها الراوي بقوله (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بالنظرة أي (بوجهها صفرة) مخالفة للون وجهها وهو الحمرة مثلًا، قال القرطبي: وجميع أحاديث الرقية الواقعة في كتاب مسلم إنما تدل على جواز الرقى بعد وقوع الأسباب الموجبة للرقية من الأمراض والآفات وأما قبل وقوع ذلك ففي البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه نفث في كفه قل هو الله أحد والمعوذتين ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يده من جسده، فكان هذا دليلًا على جواز استرقاء ما يتوقع من الهوام والطوارق وغير ذلك من الشرور وقد تقدم في الإيمان الخلاف فيه اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في الطب باب رقية العين رقم [5739].
ثم هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم واعترض عليه بكونه مسندًا موصولًا فإن عقيلًا رواه عن الزهري عن عروة مرسلًا ولم يذكر فيه زينب ولا أم سلمة وكذلك رواه مالك عن سليمان بن يسار عن عروة مرسلًا ولكن أخرجه الشيخان من طريق محمد بن الوليد الزبيدي موصولًا واعتمدا على رواية الزبيدي لسلامتها من الاضطراب، وقد روى الترمذي من طريق الوليد بن مسلم أنَّه سمع الأوزاعي يفضل الزبيدي على جميع أصحاب الزهري يعني في الضبط وذلك لأنه كان يلازمه حضرًا وسفرًا اهـ فتح الباري [10/ 202 و 203].
5585 -
(2160)(214) حدَّثني عُقْبَةُ بن مُكرَمٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. قَال: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لآلِ حَزْمٍ في رُقْيَةِ الْحَيَّةِ. وَقَال لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيسٍ: "مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ" قَالتْ: لَا. وَلَكنِ الْعَينُ تُسْرعُ إِلَيهِمْ. قَال: "ارْقِيهِمْ" قَالتْ: فَعَرَضْتُ عَلَيهِ. فَقَال: "ارْقِيهِمْ"
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث عائشة الأول بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
5585 -
(2160)(214)(حدثني عقبة بن مكرم العمي) البصري، ثقة، من (11)(حَدَّثَنَا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ثقة ثبت، من (9)(عن ابن جريج قال) ابن جريج أخبرني غير أبي الزبير (وأخبرني) أيضًا (أبو الزبير) المكي (أنَّه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته؛ أي سمعت جابرًا حالة كونه (يقول رخص) أي أذن (النبي صلى الله عليه وسلم لآل) أي لبني عمرو بن (حزم في رقية) حمة (الحية) وسمها (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم (لأسماء بنت عميس) وكانت أولًا تحت جعفر بن أبي طالب (ما لي) أي أي شيء ثبت لي (أرى) وأبصر (أجسام بني أخي) والمراد بأخيه جعفر بن أبي طالب لأنه ابن عمه صلى الله عليه وسلم وأبناؤه منها عبد الله ومحمد وعوف والذي عقب منهم عبد الله أي ما لي أرى أجسامهم (ضارعة) أي نحيفة هزيلة ضعيفة وأصل الضراعة الخضوع والتذلل أ (تصيبهم الحاجة) أي الجوعة، والكلام على تقدير همزة الاستفهام والمعنى هل بهم مجاعة فيحتاجون إلى غداء يقويهم (قالت) أسماء (لا) أي ليست بهم مجاعة (ولكن العين) أي إصابة عين الناس (تسرع إليهم) بالتأثير فيهم (قال) لها النبي صلى الله عليه وسلم إذًا فـ (ارقيهم) أمر المؤنثة المخاطبة أي عالجيهم بالرقية (قالت) أسماء (فعرضت عليه) صلى الله عليه وسلم الرقية التي أردت أن أرقيهم (فقال ارقيهم) بها فإنه لا بأس فيها.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
وفي الزرقاني: وروى قاسم بن أصبغ عن جابر أنَّه صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس: "ما شأن أجسام بني أخي ضارعة أتصيبهم حاجة؟ قالت: لا،
5586 -
(2161)(215) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَرْخَصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في رُقْيَةِ الْحَيَّةِ لِبَنِي عَمْرٍو.
قَال أَبُو الزُّبَيرِ: وَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَدَغَت رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ. وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرْقِي؟ قَال:"مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ"
ــ
ولكن تسرع إليهم العين أفنرقيهم؟ قال: "وبم ذا؟ فعرضت عليه فقال: "ارقيهم" اهـ، والحاجة الجوعة اهـ.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لجابر بن عبد الله رضي الله عنهم فقال:
5586 -
(2161)(215)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10) روى عنه في (11) بابا (حَدَّثَنَا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (حَدَّثَنَا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، حالة كونه (يقول أرخص) أي أذن (النبي صلى الله عليه وسلم في رقية) لسعة (الحية لبني عمرو) بن حزم الأنصاري، فهذا الحديث بالنسبة إلى الصدر الأول للمتابعة أي لمتابعة روح بن عبادة لأبي عاصم.
(قال أبو الزبير: وسمعت) أيضًا (جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما (يقول لدغت) أي ضربت (رجلًا منا) أي من الأنصار لم أر من ذكر اسمه (عقرب) بذنبها (ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل) من الجالسين معنا لم أر من ذكر اسمه أيضًا (يا رسول الله أرقي) من باب رمى أي أعرف الرقية من لدغة العقرب فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من استطاع) وقدر (منكم أن ينفع أخاه) المسلم ويعالجه (فليفعل) أي فليعالجه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 302]، وابن ماجة في الطب باب ما أرخص فيه من الرقى [3560].
5587 -
(00)(00) وحدَّثني سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَويُّ، حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَرْقِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ. وَلَمْ يَقُلْ: أَرْقِي.
5588 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بن أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: كَانَ لِي خَالٌ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5587 -
(00)(00)(وحدثني سعيد بن يحيى) بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص (الأموي) البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حَدَّثَنَا أبي) يحيى بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حَدَّثَنَا ابن جريج بهذا الإسناد) يعني عن أبي الزبير عن جابر، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لروح بن عبادة وساق يحيى بن سعيد (مثله) أي مثل حديث روح بن عبادة (غير أنَّه) أي لكن أن يحيى بن سعيد (قال) في روايته لفظة (فقال رجل من القوم أرقيه يا رسول الله) صلى الله عليه وسلم أي أرقي هذا اللديغ بالضمير (ولم يقل) يحيى لفظة (أرقي) بلا ضمير كما قال روح يا رسول الله أرقي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5588 -
(00)(55)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج) الكندي عبد الله بن سعيد بن حصين الكوفي، ثقة، من (15) روى عنه في (6) أبواب (قالا حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح (عن الأعمش عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكي نزيل واسط، صدوق، من (4)(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (كان لي خال يرقي) ويعالج بالقراءة (من) لدغة (العقرب) وفي البخاري (شهد خالاي العقبة) خالاه، قال ابن عيينة: أحدهما البراء بن معرور، وقال الدمياطي: خالاه عمرو وثعلبة ابنا عنمة بعين مهملة ونون وميم مفتوحتان، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة جابر: أن أمه هي نسيبة بنت عقبة بن عدي بن سنان بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم اهـ من تنبيه المعلم على
فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى. قَال: فَأَتَاهُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ نَهَيتَ عَنِ الرُّقَى. وَأَنا أرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ. فَقَال:"مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَليَفْعَلْ".
5589 -
(00)(00) وحدَّثناه عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
مبهمات مسلم (فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس (عن الرقى) وهذا النهي كان متوجهًا إلى رقى الجاهلية المشتملة على الشرك ولذلك سيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أجاز له الرقية بعدما عرضها عليه ولم يجد فيها معنى من معاني الشرك، ورواية ابن ماجة صريحة في هذا ولفظها (فقالوا يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقى وإنا نرقي من الحمة، فقال لهم "اعرضوا علي" فعرضوها فقال" بأس بهذه هذه مواثيق") وذكر أبو القاسم القشيري في تفسيره أن في بعض التفاسير أن الحية والعقرب أتيا نوحًا عليه السلام فقالتا: احملنا فقال نوح: لا أحملكما فإنكما سبب الضرر فقالتا: احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضر أحدًا ذكرك اهـ من القسطلاني، قالوا: فمن قال عندما رًاهما {سَلَامُ عَلَى نُوْحٍ فِي العَالمَينَ (79)} لا تضراه (قال) جابر (فأتاه) أي أتى خالي النبي صلى الله عليه وسلم (فقال) خالي (يا رسول الله إنك نهيت) الناس (عن الرقى وأنا أرقي من) لدغة (العقرب فقال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (من استطاع) وقدر منكم (أن ينفع أخاه) بالرقى (فليفعل) أي فليرقه، قال القرطبي: وفي هذا الحديث دليل على جواز الرقى والتطبب بما لا ضرر فيه ولا منع شرعًا مطلقًا وإن كان بغير أسماء الله تعالى وكلامه لكن إذا كان مفهومًا وفيه الحض على السعي في إزالة الأمراض والأضرار عن المسلمين بكل ممكن جائز من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5589 -
(00)(00)(وحدثناه عثمان بن أبي شيبة قال حَدَّثَنَا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي سفيان عن جابر، غرضه بيان متابعة جرير لوكيع وساق جرير (مثله) أي مثل ما حدث وكيع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5590 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى. فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ. وَإِنَّكَ نَهَيتَ عَنِ الرُّقَى. قَال: فَعَرَضُوهَا عَلَيهِ. فَقَال: "مَا أَرَى بَأسًا. مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ".
5591 -
(2162)(216) حدَّثني أَبُو الطاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مُعَاوَيَةُ بْنُ صالِحٍ،
ــ
5590 -
(00)(00)(حَدَّثَنَا أبو كريب حَدَّثَنَا أبو معاوية حَدَّثَنَا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي معاوية لوكيع بن الجراح (قال) جابر إنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى) بضم الراء وفتح القاف مع القصر جمع رقية (فجاء آل) أي بنو (عمرو بن حزم) الأنصاري الخزرجي النجاري (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنه) أي إن الشأن والحال (كانت عندنا رقية نرقي بها من) لسعة (العقرب وإنك) يا رسول الله (نهيت عن الرقى قال) جابر (فعرضوها) أي عرضوا رقاهم (عليه) صلى الله عليه وسلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أرى) ولا أعلم بها (بأسًا) أي منعًا فهي جائزة (من استطاع) وقدر (منكم أن ينفع أخاه) بالرقى (فلينفعه) أي فليرقه، وقولهم (إنك نهيت عن الرقى قال فعرضوها) فيه حذف فإنهم لما قالوا كانت عندنا رقية نرقي بها .. إلخ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اعرضوها عليّ" قال جابر: فعرضوها عليه .. إلخ. قوله (فلينفعه) أي ندبًا مؤكدًا وقد يجب، وحذف المنتفع به لإرادة التعميم اهـ مناوي.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث عوف بن مالك رضي الله عنه فقال:
5591 -
(2162)(216)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو الأموي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني معاوية بن صالح) بن
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ. قَال: كُنَّا نَرْقِي في الْجَاهِليَّةِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيفَ تَرَى في ذلِكَ؟ فَقَال: "اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ. لَا بَأسَ بَالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ".
5592 -
(2163)(217) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ،
ــ
حدير مصغرًا الحضرمي الحمصي، صدوق، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن عبد الرحمن بن جبير) بن نفير بالتصغير فيهما الحضرمي الشامي، ثقة، من (4) روى عنه في (8) أبواب تقريبًا (عن أبيه) جبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي أبي عبد الرحمن الحمصي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (10) أبواب (عن عوف بن مالك الأشجعي) الغطفاني الشامي الصحابي المشهور رضي الله عنه، روى عنه في (3) أبواب. وهذا السند من سداسياته (قال) عوف بن مالك (كنا) معاشر الصحابة (نرقي) بكسر القاف من باب رمى (في الجاهلية) أي قبل الإسلام أي كنا نعالج الناس بالقراءة عليه قبل الإسلام (فقلنا يا رسول الله كيف ترى) وتحكم (في ذلك؟ ) أي في رقانا تلك هل هي جائزة أم لا (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم (أعرضوا علي رقاكم) تلك وأظهروها لي فعرضوها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا بأس) ولا منع (بالرقى) أي برقاكم هذه وبغيرها (ما لم يكن فيه) أي فيما ذكر من الرقى (شرك) وهذا هو الأصل في هذا الباب، ومن هنا منع من الرقى التي لا يفهم معناها لاحتمال كونها مشتملة على الشرك.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الطب باب ما جاء في الرقى برقم [3886].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5592 -
(2163)(217)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي (عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية إياس الواسطي كما صرح به الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 454 - 455) وهو ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، من (5)(عن أبي المتوكل) الناجي علي بن داوود البصري، ثقة، من (3) روى
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا في سَفَرِ. فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ. فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ. فَقَالُوا لَهُمْ: هَل فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإنَّ سَيِّدَ الحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ. فَقَال رَجُل مِنْهُمْ: نَعَمْ
ــ
عنه في (2) تقريبًا (عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر) أي في مسير وسفر من أسفارهم (فمروا) في مسيرهم (بحي) أي على حي وقبيلة (من أحياء العرب) أي من قبائلهم (فاستضافوهم) أي فطلب أولئك الأصحاب من أولئك الأحياء حق الضيافة (فلم يضيفوهم) أي لم يعط أولئك الحي حق الضيافة لأولئك الأصحاب لم أر من ذكر أسماء أولئك الأصحاب غير أبي سعيد الخدري ولا من بين أولئك الأحياء فلدغ سيد الحي ورئيسهم (فقالوا) أي فقال أولئك الحي (لهم) أي لأولئك الأصحاب لدغ منا سيدنا فـ (هل فيكم راق) يرقِيهِ لنا أي معالج يعالجه بالقراءة عليه (فإن سيد الحي) ورئيسهم (لديغ) أي ملدوغ لدغه العقرب وقد يسمى سليمًا تفاؤلًا كما جاء في الرواية الآتية (أو) قال السائل لهم فإن سيد الحي (مصاب) بلسعة العقرب، قوله (كانوا في سفر) ذكر الحافظ في الفتح [4/ 455] أنَّه لم يقف على تعيين هؤلاء الأصحاب ولا على تعيين هذا السفر ولكن وقع في رواية الأعمش عند ابن ماجة (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين راكبًا في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم أن يقرونا فأبوا) فدلت هذه الرواية أن السفر كان لسرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلت على تعيين العدد أيضًا. قوله (فاستضافوهم) أي طلبوا منهم الضيافة، وزاد الأعمش في رواية النسائي أن القصة وقعت بليل. قوله (لديغ) من اللاع وهو اللسع وزنًا ومعنى وهو ضرب ذات الحمة من حية أو عقرب وأكثر ما يستعمل في العقرب. قوله (أو مصاب) وفي رواية للنسائي (أو مصاب في عقله) وهذا شك من هشيم هل كان سيد الحي لديغًا أو مصابًا في عقله ولكن أكثر الروايات جازمة بأنه كان لديغًا (فقال رجل منهم) أي من الأصحاب (نعم) فينا راق وهو أبو سعيد الخدري، وفي رواية أبي عوانة عند البخاري في الإجارة فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لديغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء، فقال
فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَبَرَأ الرَّجُلُ فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَقَال: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، واللهِ مَا رَقَيتُ إلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَتَبَسَّمَ وَقَال: "وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ! . ثُمَّ قَال:
ــ
بعضهم: نعم والله إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتَّى تجعلوا لنا جعلًا فصالحوهم على قطيع من الغنم (فأتاه) أي فأتى ذلك الرجل الراقي اللديغ (فرقاه) أي فرقى الرجل وعالج اللديغ (بفاتحة الكتاب) وفي رواية أبي عوانة المذكورة: فانطلق يتفل عليه ويقرأ (الحمد لله رب العالمين) فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة، قال فأوفوهم جعلهم الَّذي صالحهم عليه (فبرأ الرجل) اللديغ من مرضه يعني سيد الحي (فأعطي) بالبناء للمجهول أي أعطي الرجل الراقي (قطيعًا من غنم) أي جماعة منها، والقطيع هي الطائفة من الغنم كأنها اقتطعت من طائفة كبيرة، وقال القرطبي: القطيع من الغنم هو الجزء المقتطع منها فعيل بمعنى مفعل وكانت ثلاثين شاة، وذكر بعضهم أن الغالب في القطيع أن يكون فيما بين العشرة والأربعين، وقيل ما بين خمس عشرة إلى خمس وعشرين، وجمعه أقطاع وأقطعة وأقاطيع كحديث وأحاديث والمراد بالقطيع المذكور في هذا الحديث ثلاثون شاة كما جاء مبينًا، وقد ورد في رواية الأعمش عند ابن ماجة أنهم أعطوهم ثلاثين شاة (فأبى) الراقي وامتنع وهو أبو سعيد (أن يقبلها) أي أن يقبل القطيع ويأخذها منهم، وفي الرواية المذكورة لأبي عوانة فقال بعضهم: اقسموا بيننا، فقال الَّذي رقى: لا تفعلوا حتَّى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الَّذي كان فننظر ما يأمرنا به (وقال) الراقي لا تقسموا بيننا (حتَّى أذكر ذلك) الَّذي جرى بيني وبين الحي (للنبي صلى الله عليه وسلم فأتى) الراقي (النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) الأمر الَّذي جرى بينه وبين الحي (له) صلى الله عليه وسلم (فقال) الراقي (يا رسول الله والله ما رقيته) أي ما عالجته وما قرأت عليه (إلا بفاتحة الكتاب فتبسم) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل قوله (وقال) له أي لأبي سعيد الراقي (وما أدراك) أي، أي شيء أعلمك يا أبا سعيد (أنها) أي أن الفاتحة (رقية) أي دواء، وزاد الدارقطني في روايته من طريق سليمان بن قتَّة (فقلت يا رسول الله شيء ألقي في روعي) وهو ظاهر في أنَّه لم يكن عنده علم بمشروعية الرقى بالفاتحة (ثم قال)
"خُذُوا مِنْهُمْ. وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ"
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذوا) الشياه (منهم) فاقتسموها بينكم فإنها حلال لكم (واضربوا) أي واجعلوا (لي بسهم) أي بنصيب (معكم). قوله (وما أدراك) .. الخ، قال القرطبي: أي أي شيء أعلمك أنها رقية تعجبًا من وقوعه على الرقى بها ولذلك تبسم النبي صلى الله عليه وسلم عند قوله وما أدراك أنها رقية، وكان هذا الرجل علم أن هذه السورة قد خصت بأمور: منها أنها فاتحة الكتاب ومبدؤه وأنها متضمنة لجميع علوم القرآن من حيث إنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص فيها والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلَّا بإعانته تعالى وعلى الابتهال إلى الله تعالى في الهداية إلى الصراط المستقيم وكفاية أحوال الناكثين وعلى بيان عاقبة الجاحدين، وقيل إن موضع الرقية منها إنما هو {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} ويظهر لي أن السورة كلها موضع الرقية لما ذكرناه ولقوله صلى الله عليه وسلم وما أدراك أنها رقية، ولم يقل إن فيها رقية. وقوله (اقتسموا واضربوا لي بسهم معكم) هذه القسمة إنما هي قسمة برضا الراقي لأن الغنم ملكه إذ هو الَّذي فعل العوض الَّذي به استحقها لكن طابت نفسه بالتشريك فأحاله النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقع به رضا المشتركين عند القسمة وهي القرعة فكان فيه دليل على صحة العمل بالقرعة في الأموال المشتركة، وإيقاف الصحابي قبول الغنم على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عمل بما يجب من التوقف عند الإشكال إلى البيان وهو أمر لا يختلف فيه. وفي قوله (واضربوا لي بسهم معكم) مبالغة في تأنيسهم وتطييب قلوبهم وتعريفهم أنَّه حلال لا شبهة فيه، وقد فعل صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في حديث العنبر وفي حديث أبي قتادة في حمار الوحش. وقوله (وما أدراك أنها رقية) فيه تصريح بأنها رقية فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام والعاهات اهـ نووي. وقوله صلى الله عليه وسلم خذوا منهم) فيه تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر وأنها حلال لا كراهة فيها وكذلك الأجرة على تعليم القرآن وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وآخرين من السلف ومن بعدهم، ومنعها أبو حنيفة في تعليم القرآن وأجازها في الرقية .. إلخ اهـ نووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 10]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الطب باب النفث في الرقية [5749] وباب الرقى بفاتحة الكتاب
5593 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكرِ بْنُ نَافِعٍ. كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ، مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال فِي الْحَدِيثِ: فَجَعَلَ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ، ويجْمَعُ بُزَاقَهُ، وَيتْفُلُ. فَبَرَأَ الرَّجُلُ.
5594 -
(00)(00) وحدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَخِيهِ، مَعْبَدِ بْنِ سِيرينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: نَزَلْنَا
ــ
[5736]
، وأبو داود في الطب باب كيف الرقى [3900]، والترمذي في الطب باب ما جاء في أخذ الأجرة على التعويذ [2064 و 2065]، وابن ماجة في التجارات باب أجر الراقي [2172].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5593 -
(00)(00)(حَدَّثَنَا محمد بن بشار وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري، صدوق، من (10)(كلاهما عن غندر محمد بن جعفر) الهذلي البصري (عن شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية إياس الواسطي كما صرح به الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/ 454 - 455) وهو ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، من (5)(بهذا الإسناد) يعني عن أبي المتوكل عن أبي سعيد، غرضه بيان متابعة شعبة لهشيم (و) لكن (قال) شعبة (في الحديث) لفظة (فجعل) أي شرع الراقي أبو سعيد (يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه) في الفم (ويتفل) بها من بأبي نصر وضرب أي يبزق بها على موضع الألم من اللديغ (فبرأ الرجل) اللديغ من ألمه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5594 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (19) بابا (أخبرنا هشام بن حسان) القردوسي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم البصري (عن أخيه معبد بن سيرين) البصري (عن أبي سعيد الخدري) غرضه بيان متابعة معبد بن سيرين لأبي الهمتوكل الناجي (قال) أبو سعيد (نزلنا) معاشر
منْزِلًا. فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقَالتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، لُدِغَ. فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا. مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْهُ غَنَمًا وَسَقَوْنَا لَبَنًا فَقُلْنَا: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً؟ فَقَال: مَا رَقَيتُهُ إلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. قَال: فَقُلْتُ: لَا تُحَرِّكُوهَا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَينَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ. فَقَال: "مَا كانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ"
ــ
السرية (منزلًا) في طريق سفرنا (فأتتنا امرأة) من الحي (فقالت) المرأة (إن سيد) هذا (الحي) ورئيسهم (سليم) أي لديغ (لدغـ) ـه ذوات الإبر قالوا سمي سليمًا تفاؤلًا بالسلامة لكون غالب من يلدغ يعطب أو فعيل بمعنى مفعول لأنه أسلم للعطب واستعمال اللدغ في ضرب العقرب مجاز إذ الأصل أنَّه الَّذي يضرب بفيه والذي يضرب بمؤخره يقال له لسع وبأسنانه نهس بالمهملة وبالمعجمة وبأنفه نكز بنون وكاف وزاي وبنابه نشط وقد يستعمل بعضها مكان بعض تجوزًا اهـ من الإرشاد، واللديغ هنا بدال مهملة وغين معجمة الرجل الَّذي ضربته العقرب بذنبها اهـ منه (فهل فيكم) أيها النازلون (من راق) أي معالج يعالجه بالقراءة عليه، قال أبو سعيد (فقام معها رجل منا) أي من السرية (ما كنا نظنه يحسن رقية) أي يعرفها والرجل هو نفس أبي سعيد الخدري (فرقاه) أي رقى ذلك الرجل سيد الحي (بفاتحة الكتاب فبرأ) سيد الحي من ألمه (فأعطوه) أي فأعطى الحي الراقي (غنمًا) أي قطيع غنم (وسقونا) معاشر السرية (لبنًا فقلنا) معاشر السرية للرجل الراقي (كنت) أولًا (تحسن رقية) أي علاجًا (فقال) الرجل الراقي ما أعرفها أولًا ولكن (ما رقيته) أي ما رقيت سيد الحي (إلا بفاتحة الكتاب، قال) أبو سعيد (فقلت) للسرية (لا تحركوها) أي لا تحركوا هذه الغنم عن محلها ولا تحولوها بالقسمة (حتَّى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم ونسأله عن حكمها أهي حلال لنا أم لا؟ قال أبو سعيد (فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك) الأمر الَّذي جرى بيننا وبين الحي (له) صلى الله عليه وسلم (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الرجل الراقي وهو أبو سعيد تعجبًا من معرفته أنها رقية (ما كان) كان زائدة أي شيء (يدريه) أي، أي شيء يدري الراقي ويعلمه (أنها) أي أن الفاتحة (رقية) أي دواء للديغ تعجبًا لفهمه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم هي حلال لكم (اقسموا) بينكم (واضربوا لي) أي واجعلوا لي منها (بسهم) أي بنصيب يعين بالقرعة حالة كوني مشاركًا (معكم) في أخذها.
5595 -
(00)(00) وحدَّثني مُحَمَّدُ بن الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا. مَا كُنَّا نَأْبِنُهُ بِرُقْيَةٍ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5595 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن المثنى حَدَّثَنَا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (حَدَّثَنَا هشام) ابن حسان القردوسي البصري، غرضه بيان متابعة وهب بن جرير ليزيد بن هارون (بهذا الإسناد) يعني عن محمد بن سيرين عن أخيه عن أبي سعيد، وساق وهب (نحوه) أي نحو حديث يزيد (غير أنَّه) أي لكن أن وهبًا (قال) في روايته (فقام معها رجل منا ما كنا نأبنه) أي نظنه ونتهمه (برقية) أي بمعرفة رقية بدل قول يزيد نظنه. قوله (ما كنا نأبنه) بكسر الباء وضمها من بابي نصر وضرب وأكثر ما يستعمل هذا اللفظ بمعنى نتهمه ولكن المراد هنا بمعنى نظنه اهـ نووي، قال القرطبي: قوله (ما كنا نأبنه برقية) أي نتهمه بها يقال أبنت الرجل آبِنُه وآبنُهُ إذا رميته بخلة سوء، ومنه رجل مأبون أي معيب والأبنة العيب، ومنه عود مأبون إذا كان فيه أبنة تعينه أي عقدة قاله القتبي وغيره، وقد روي هذا الحرف (ما كنا نظنه) بدل (نأبِنُهُ) كما مر أي نتهمه اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب عشرة أحاديث: الأول منها حديث عائشة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث عائشة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث عائشة الثالث ذكره للاستشهاد لما قبله، والرابع حديث عائشة الرابع ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعتين، والخامس حديث أنس ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث أم سلمة ذكره للاستشهاد، والسابع حديث جابر ذكره للاستشهاد، والثامن حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات، والتاسع حديث عوف بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة، والعاشر حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***