المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرما، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الآداب

- ‌675 - (19) باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان أحب الأسماء إلى اللَّه تعالى، وجواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين، والنهي عن تسمية الرقيق بنافع مثلًا، واستحباب تغيير الأسماء القبيحة إلى حسن، وتحريم التسمي بملك الأملاك مثلًا

- ‌676 - (20) باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته واستحباب تسميته بعبد اللَّه وجواز تكنية الصغير ومن لم يولد له وجواز قوله لغير ابنه: يا بني واستحبابه للملاطفة

- ‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

- ‌672 - (16) باب تسليم الراكب على الماشي وحق الطريق وحقوق المسلم على المسلم والنهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على الصبيان وجواز جعل الإذن رفع الحجاب

- ‌673 - (17) باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان وتحريم الخلوة بالأجنبية ودفع ما يوقع في التهم وظن السوء

- ‌674 - (18) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم وتحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه وإذا قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به ومنع المخنث عن الدخول على النساء الأجانب

- ‌675 - (19) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه لا يغض من قدرها والنهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه

- ‌676 - (20) باب الطب ورقية جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم والعين حق والسحر حق والسم حق واستحباب رقية المريض

- ‌677 - (21) باب رقية المريض بالمعوذات وترخيصها من العين والنملة والحمة والنظرة ما لم يكن فيها شرك وجواز أخذ الأجرة عليها إذا كانت بالقرآن ونحوه

- ‌678 - (22) باب استحباب وضع اليد على موضع الألم عند الدعاء، والتعوذ من شيطان الصلاة، واستحباب التداوي من كل داء، والتداوي من الحمى، والتداوي باللدود، والتداوي بالعود الهندي، والتداوي بالحبة السوداء

- ‌679 - (23) باب التلبينة والتداوي بالعسل وما جاء في الطاعون

- ‌680 - (24) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح والفأل والشؤم

- ‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

- ‌ تفسير ما جاء في أحاديث الحيات من الغريب

- ‌682 - (26) باب الأمر بقتل الوزغ والنهي عن قتل النمل وقتل الهرة وفضل سقي البهائم المحترمة وإطعامها

- ‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرمًا، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

- ‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

- ‌ كتاب الرؤيا

- ‌685 - (20) باب الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا والرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني

- ‌686 - (30) باب لا يخبر بتلعب الشيطان، وفي تأويل الرؤيا، وفيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

الفصل: ‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرما، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرمًا، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

5720 -

(2213)(268) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَال: قَال أَبُو هُرَيرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَال اللَّهُ عز وجل: يَسُبُّ ابْنُ آدَمَ الدَّهْرَ. وَأَنَا الدَّهْرُ. بِيَدِيَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ"

ــ

683 -

(27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرمًا، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

5720 -

(2213)(268)(وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح وحرملة بن يحيى قالا أخبرنا ابن وهب حدثني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) فيما يرويه عن ربه (قال الله عز وجل يسب ابن آدم الدهر) فيقول يا خيبة الدهر ويا بؤس الدهر (وأنا الدهر) أي وأنا رب الدهر ومالكه ومقلبه ومصرفه، ففيه حذف اختصارًا للفظ واتساعًا في المعنى ولهذا عقبه بقوله (بيدي) المقدسة (الليل والنهار) أي تصريفهما وتقليبهما وإنزال ما ينزل فيهما من الحوادث فإذا سب الدهر فكأنما سبني.

قال الخطابي: كانت الجاهلية تضيف المصائب والنوائب إلى الدهر الذي هو الليل والنهار وهم في ذلك فرقتان فرقة لا تؤمن بالله ولا تعرف إلا الدهر الذي هو الليل والنهار اللذان هما محل للحوادث وظرف لمساقط الأقدار فتنسب المكاره إليه على أنها من فعله ولا ترى أن لها مدبرًا غيره وهذه الفرقة هي الدهرية الذين حكى الله تعالى عنهم في كتابه العزيز بقوله: {وَمَا يُهْلِكُنَا إلا الدَّهْرُ} وفرقة تعرف الخالق وتنزهه من أن تنسب إليه المكاره فتضيفها إلى الدهر والزمان وعلى هذين الوجهين كانوا يسبون الدهر ويذمونه فيقول القائل منهم يا خيبة الدهر ويا بؤس الدهر، فقال صلى الله عليه وسلم لهم مبطلًا

ص: 382

5721 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبِي عُمَرَ - (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا) سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "قَال اللَّهُ عز وجل: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ

ــ

ذلك: "لا يسبن أحد منكم الدهر فإن الله هو الدهر" أي لا تسبوا الدهر على أنه هو الفاعل لهذا الصنيع بكم، فالله هو الفاعل له فإذا سببتم الذي أنزل بكم المكاره رجع السبُّ إلى الله تعالى وانصرف إليه اهـ.

قال القرطبي: ويراد بابن آدم هنا أهل الجاهلية ومن جرى مجراهم ممن يطلق هذا اللفظ ولا يتحرز منه فإن الغالب من أحوال بني آدم إطلاق نسبة الأفعال إلى الدهر فيذمونه ويسفهونه إذا لم تحصل لهم أغراضهم ويمدحونه إذا حصلت لهم، وأكثر ما يوجد ذلك في كلام الشعراء والفصحاء ولا شك في كفر من نسب تلك الأفعال أو شيئًا منها إلى الدهر واعتقد ذلك، وأما من جرت هذه الألفاط على لسانه ولا يعتقد صحة ذلك فليس بكافر ولكنه قد تشبه بأهل الكفر وبالجاهلية في الإطلاق وقد ارتكب ما نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فليتب وليستغفر الله تعالى والدهر والزمان والأبد كلها بمعنى واحد وهو راجع إلى حركات الفلك وهي الليل والنهار فالدهر هو امتداد حركة الفلك إلى ما لا نهاية له.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 272]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الأدب باب لا تسبوا الدهر [6181]، وأبو داود في الأدب باب الرجل يسب الدهر [5274].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5721 -

(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم و) محمد (بن أبي عمر) المكي العدني (واللفظ لابن أبي عمر قال إسحاق أخبرنا وقال ابن أبي عمر حدثنا سفيان) بن عيينه (عن الزهري عن) سعيد (بن المسيب عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن المسيب لأبي سلمة بن عبد الرحمن (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل يوذيني ابن آدم) أي يعاملني معاملة توجب الأذى في حقكم اهـ نووي، قال القرطبي: معناه يخاطبني من القول بما يتأذى به

ص: 383

يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ".

5722 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَال اللَّهُ

ــ

من يجوز في حقه التأذي والله منزه عن أن يصل إليه الأذى وإنما هذا من التوسع في دائرة الكلام، والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله، وقد ذكر بعض العلماء أن جميع الانفعالات التي نسبت إلى الله تعالى في القرآن أو السنة إنما يراد بها على سبيل المجاز نتائج تلك الانفعالات التي تترتب عليها في الحوادث عادة فمن آذى إنسانًا فإن المتأذي ينتقم منه أو يعاقبه عادة فالمراد من التأذي في حق الله تعالى هو العقاب والعذاب أعاذنا الله تعالى منه اهـ[قلت] وهذا الذي ذكره القرطبي وغيره هو مذهب المؤولين والمذهب الحق إجراء ما ورد من صفات الله تعالى في القرآن أو السنة على ظاهره وعدم تأويله فيقال هنا تأذي الله سبحانه من ابن آدم صفة ثابتة له تعالى نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

واعلم أنه لما كان اعتقاد الجاهلية أن الدهر هو الذي يفعل الأفعال ويذمونه إذا لم تحصل أغراضهم أعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفعل كل شيء فإذا سبوا الدهر من حيث إنه الفاعل ولا فاعل إلا الله فكأنهم سبوا الله تعالى فلذلك قال الله تعالى (يسب) ابن آدم (الدهر وأنا الدهر) أي أنا الذي أفعل ما ينسبونه إلى الدهر لا الدهر فإنه ليل ونهار، وأنا (أقلب الليل والنهار) أي أتصرف فيهما بالإطالة والإقصار والإضاءة والإظلام وفيه تنبيه على أن ما يفعل ويتصرف فيه لا يصلح لأن يفعل وهذا المعنى هو الذي عبر عنه الحكماء بقولهم ماله طبيعة عدمية يستحيل أن يفعل فعلًا حقيقيًّا والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5722 -

(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة معمر لسفيان بن عيينة (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله

ص: 384

عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَقُولُ: يَا خَيبَةَ الدَّهْرِ، فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيبَةَ الدَّهْرِ ، فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ. أُقَلِّبُ لَيلَهُ وَنَهَارَهُ. فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا".

5723 -

(00)(00) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيبَةَ الدَّهْرِ ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ"

ــ

عز وجل يؤذيني ابن آدم) وذلك لأنه (يقول يا خيبة الدهر) ويا خسارة الدهر ويا سوء الدهر (فلا يقولن أحدكم) يا عبادي (يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر) أي مقلبه ومالكه (أقلب ليله) بالإطالة والإقصار والإظلام (ونهاره) بالزيادة والنقصان والإضاءة وفاعل ما فيهما (فإذا شئت) قبضهما إلي (قبضتهما).

قوله (أنا الدهر) قال العلماء: فيه مجاز بالحذف لأن الدهر ليس من أسمائه تعالى لعدم ورود التوقيف فيه لأن المعنى أنا رب الدهر وخالقه ومالكه ومقلبه وفاعل جميع ما فيه، وسبب هذا الحديث أن العرب كان من شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو قحط أو غير ذلك فيقولون: يا خيبة الدهر ويا بؤس الدهر ونحو ذلك من ألفاظ سب الدهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، أي مالك الدهر وفاعل ما يقع فيه لأنه مخلوق مفعول لله تعالى فلا يكون المفعول فاعلًا، أي لا تسبوا فاعل النوازل والمصائب فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة مخلوقات الله تعالى فلا شركة لمخلوق مع الخالق اهـ نووي بتصرف وزيادة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:

5723 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة) بن سعيد (حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن) بن عبد الله الحزامي المدني، ثقة، من (7)(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقولن أحدكم) أيها المؤمنون (يا خيبة الدهر) ويا قبحه (فإن الله) سبحانه (هو الدهر) أي خالق الدهر وخالق ما يقع فيه من الحوادث، قوله (يا خيبة

ص: 385

5724 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ".

5725 -

(2214)(269) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا

ــ

الدهر) قال الداودي: هو دعاء على الدهر بالخيبة وهو كقولهم قحط الله نوءها يدعون على الأرض بالقحط، وقال آخرون: هو ندبة كأنه فقد الدهر لما يصدر عنه مما يكرهه فندبه متفجعًا عليه أو متوجعًا منه والمقصود منه سب الدهر، وقال الشيخ ابن أبي جمرة: لا يخفى أن من سب الصنعة فقد سب صانعها فمن سب نفس الليل والنهار أقدم على أمر عظيم بغير معرفة خطره وأما الحوادث فمنها ما يجري بوساطة العاقل المكلف فهذا يضاف شرعًا ولغة إلى الذي جرى على يديه ويضاف إلى الله تعالى لكونه بتقديره فأفعال العباد من أكسابهم ولهذا ترتبت عليه الأحكام وهي في الابتداء خلق الله تعالى وتقديره، ومنها ما يجري بغير وساطة فهو منسوب إلى قدرة القادر وليس لليل والنهار فعل ولا تأثير لا لغة ولا عقلًا ولا شرعًا وهو المعني في هذا الحديث ويلتحق بذلك ما يجري من الحيوان غير العاقل اهـ فتح الباري [1/ 565].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5724 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن هشام) بن حسان (عن ابن سيرين عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن سيرين للأعرج (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) أي خالقه وخالق ما يقع فيه.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5725 -

(2214)(269)(حدثنا حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا

ص: 386

مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسُبُّ أَحَدُكُمُ الدَّهْرَ. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ. وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لِلْعِنَبِ: الْكَرْمَ. فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ"

ــ

معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن أيوب) السختياني (عن ابن سيرين عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر) أي خالقه وخالق ما فيه (ولا يقولن أحدكم) أيضًا (للعنب الكرم) أي لا تسموه بالكرم، وفي المرقاة: سمت العرب العنبة كرمًا ذهابًا إلى أن الخمر تورث شاربها كرمًا فلما حرم الخمر نهاهم عن ذلك تحقيرًا للخمر وتأكيدًا لحرمتها وبين أن قلب المؤمن هو الكرم لأنه معدن التقوى اهـ، حيث قال (فإن الكرم الرجل المسلم) أي إنما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم أو قلب المؤمن لأن الكرم مشتق من الكرم بفتح الراء، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فسمى قلب المؤمن كرمًا لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى، قال النووي: ففي هذه الأحاديث كراهية تسمية العنب كرمًا بل يقال عنب أو حبلة، قال العلماء: سبب كراهة ذلك أن لفظة الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذة من العنب سموها كرمًا لكونها متخذة منه ولأنها تحمل على الكرم والسخاء فكره الشرع إطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره لأنهم إذا سمعوا اللفظة ربما تذكروا بها الخمر وهيجت نفوسهم إليها فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك. وقوله أيضًا (لا يقولن أحدكم للعنب الكرم) بسكون الراء، وحكى ابن بطال عن ابن الأنباري أنهم سموا العنب كرمًا لأن الخمر المتخذة منه تحث على الكرم والسخاء ومكارم الأخلاق حتى قال شاعرهم: والخمر مشتقة المعنى من الكرم، فلذلك نهى عن تسمية العنب بالكرم حتى لا يسموا أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن الذي يتقي شربها أحق بهذا الاسم، وحكى القرطبي عن المازري: أن السبب في النهي أنه لما حرمت عليهم الخمر وكانت طباعهم على الكرم كره صلى الله عليه وسلم أن يسمى هذا المحرم باسم تهيج طباعهم إليه عند ذكره فيكون ذلك كالمحرك لهم قوله (فإن الكرم الرجل المسلم) وقد أخرج الطبراني والبزار من حديث سمرة رفعه "إن اسم الرجل المؤمن في الكتب الكرم من أجل ما أكرمه الله على الخليقة وإنكم تدعون الحائط من العنب الكرم".

ص: 387

5726 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَقُولُوا: كَرْمٌ. فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ".

5727 -

(00)(00) حَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ،

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما الكرم قلب المؤمن [6183] وباب لا تسبوا الدهر [6182]، وأبو داود في الأدب باب في الكرم وحفظ المنطق [4974].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5726 -

(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (قالا حدثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري عن سعيد) بن المسيب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن المسيب لمحمد بن سيرين (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا) للعنب (كرم فإن الكرم) أي فإن المستحق بالتسمية باسم الكرم هو (قلب المؤمن) لما فيه من نور الهدى والإيمان واليقين، قال القرطبي: المعنى فإن الأحق باسم الكرم قلب المؤمن وذلك لما حواه من العلوم والفضائل والأعمال الصالحة والمنافع العامة فهو أحق باسم الكريم والكرم، والنهي في قوله (لا تقولوا) نهي على جهة الإرشاد لما هو الأولى في الإطلاق نظير قوله صلى الله عليه وسلم "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها في كتاب الله العشاء وإنها تعتم بحلاب الإبل" متفق عليه، قال:"وتقول الأعراب هي العتمة" فمعنى هذا والله أعلم أن تسمية هذه الصلاة بالعشاء أولى من تسميتها بالعتمة لا أن إطلاق اسم العتمة عليها ممنوع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أطلق عليها اسم العتمة حين قال: "ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا" رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه اهـ من المفهم.

وهذا الرواية لم يروها غير مسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5727 -

(00)(00)(حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي

ص: 388

عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ. فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ".

5728 -

(00)(00) حَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ. حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: الْكَرْمُ. فَإِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ".

5729 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

الكوفي (عن هشام) بن حسان القردوسي (عن) محمد (بن سيربن عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هشام لأيوب ولو قدم هذه المتابعة على التي قبلها لكان أوضح وأولى (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم) والنهي فيه نهي إرشاد لما هو الأولى لا أنه ممنوع كما مر آنفًا عن القرطبي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5728 -

(00)(00)(حدثنا زهير بن حرب حدثنا علي بن حفص) المدائني أبو الحسن البغدادي، صدوق، من (9) روى عنه في (2) الزكاة والأدب (حدثنا ورقاء) بن عمر بن كليب اليشكري الكوفي، صدوق، من (7) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبو هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأعرج لابن سيرين وسعيد بن المسيب (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم) للعنب هو (الكرم فإنما الكرم) هو (قلب المؤمن) أي لا يستحق التسمية بالكرم العنب إنما يستحقها قلب المؤمن.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا فقال:

5729 -

(00)(00)(وحدثنا) محمد (بن رافع) القشيري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام (أخبرنا معمر) بن راشد (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني (قال) همام (هذا ما حدثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته،

ص: 389

فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ، لِلْعِنَبِ، الْكَرْمَ. إِنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ".

5730 -

(2215)(270) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى، (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"لَا تَقُولُوا: الْكَرْمُ. وَلَكِنْ قُولُوا: الْحَبَلَةُ". يَعْنِي الْعِنَبَ

ــ

غرضه بيان متابعة همام لمن روى عن أبي هريرة (فذكر) همام (أحاديث) كثيرة (منها) قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم للعنب الكرم) أي لا يسميه بالكرم (إنما الكرم الرجل المسلم).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث وائل بن حجر رضي الله عنهما فقال:

5730 -

(2215)(270)(حدثنا علي بن خشرم) بوزن جعفر ابن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال الهلالي أبو الحسن المروزي، ثقة، من (10)(أخبرنا عيسى يعني ابن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أبو عمرو الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (عن شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن سماك بن حرب) بن أوس البكري الذهلي أبي المغيرة الكوفي أحد الأعلام التابعين، صدوق، من (4) روى عنه في (14) بابا (عن علقمة بن وائل) بن حجر الكندي الحضرمي ثم الكوفي، صدوق، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن أبيه) وائل بن حجر بن سعد بن مسروق الحضرمي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه، روى عنه في (4) أبواب. وهذا السند من سداسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقولوا) لشجر العنب أو ثمره هو (الكرم ولكن قولوا) لثمره أو شجره هو (الحبلة يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله قولوا الحبلة سموا (العنب) بالحبلة لا بالكرم.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

ص: 390

5731 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ. قَال: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَقُولُوا: الْكَرْمُ. وَلَكِنْ قُولُوا: الْعِنَبُ وَالْحَبَلَةُ".

5732 -

(2216)(271) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي. كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ،

ــ

5731 -

(00)(00)(وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا عثمان بن عمر) بن فارس العبدي أبو محمد البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا شعبة عن سماك قال سمعت علقمة بن وائل عن أبيه) وائل بن حجر رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عثمان بن عمر لعيسى بن يونس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا) للعنب هو (الكرم ولكن قولوا) فيه (العنب والحبلة) بفتح الحاء والباء وهو الأشهر وحكي ضم الحاء وسكون الباء وهي شجرة العنب وقيل أصل الشجرة وقيل القضيب منها وهو أيضًا اسم ثمر السمر والعضاة والعنب يطلق على الثمر والشجر نهى عن ذلك تحقيرًا لها وتذكيرًا لحرمة الخمر اهـ مناوي، وفي البخاري (ويقولون الكرم) قال القسطلاني: الكرم مبتدأ محذوف الخبر أي الكرم شجر العنب ويجوز أن يكون خبرًا لمحذوف أي يقولون شجر العنب الكرم اهـ.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5732 -

(2216)(271)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قالوا حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقولن أحدكم) لعبده يا (عبدي و) لا لأمته يا (أمتي كلكم) أيها الأحرار والعبيد (عبيد الله) أي مملوكون لله ملكًا حقيقيًّا فلا تتكبروا

ص: 391

وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ. وَلَكِنْ لِيَقُلْ: غُلامِي وَجَارِيَتِي، وَفَتَاى وَفَتَاتِي".

5733 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ،

ــ

أيها الأسياد بالملك المجازي على أرقائكم (وكل نسائكم) أيها الرجال حرائر كن أم إماءً (إماء الله) أي مملوكون لله تعالى ملكًا حقيقيًّا فلا تترفعوا بالملك المجازي فإنه زائل (ولكن ليقل) أحدكم لمملوكه يا (كلامي و) يا (جاريتي و) يا (فتاي) في الغلام (و) يا (فتاتي) في الجارية، يعني لا يصف أحدكم رقيقه بكونه عبدًا له أو أمة لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله سبحانه وتعالى ولأن في تلك الكلمة تعظيمًا لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، قال الخطابي: المعنى في ذلك كله راجع إلى البراءة من الكبر والتزام الذل والخضوع لله عز وجل وهو الذي يليق بالمربوب اهـ.

ثم إن هذا النهي عند جميع العلماء إنما يدل على الكراهة التنزيهية دون التحريم، واستشهد الإمام البخاري على ذلك بقول الله تعالى:{وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وقوله تعالى: {عَبْدًا مَمْلُوكًا} فإنه أطلق لفظ العبد في الآية على الرقيق وإنما أرشد الحديث على الأدب والتواضع في الكلام وحسن الخلق في العشرة والاجتناب عن الترفع والتعاظم ومخاطبة الرقيق بما فيه مداراة لهم وتسلية لخواطرهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 316]، والبخاري في العتق باب كراهية التطاول على الرقيق [2552]، وأبو داود في الأدب باب لا يقول المملوك ربي وربتي [4975 و 4976].

وأمره صلى الله عليه وسلم بأن يقول غلامي وفتاي وفتاتي وجاريتي لأن هذه الألفاظ تطلق على الحر والعبد وليس فيها من معنى الملك ولا من التعاظم شيء مما في عبدي وأمتي وأصل الفتوة الشباب وهو من الفتاء بالمد ثم قد استعمل الفتى فيمن كملت فضائله ومكارمه كما قالوا: لا فتى إلا علي، وأصل الغلومية في بني آدم هي للصغير فيطلق على الصغير اسم الغلام من حين يولد إلى أن يبلغ فينقطع عنه ذلك الاسم وكذلك الجارية في النساء اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5733 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي

ص: 392

عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي. فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: فَتَاى. وَلَا يَقُلِ الْعَبْدُ: رَبِّي. وَلَكِنْ لِيَقُلْ: سَيِّدِي"

ــ

الكوفي، ثقة، من (8)(عن الأعمش عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح لعبد الرحمن بن يعقوب (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم) لعبده يا (عبدي فكلكم عبيد الله ولكن ليقل فتاي ولا يقل العبد) لسيده يا (ربي ولكن ليقل) يا (سيدي).

قوله (ولا يقل العبد ربي) يعني لا يصف العبد سيده بكونه ربًا له ولا يخاطبه بقوله يا ربي فإن الربوبية من صفات الله تعالى لا يشاركه فيها غيره، وقد ذكر العلماء أنه لا يجوز لأحد أن يقول لأحد غير الله تعالى "رب" كما لا يجوز أن يقال له "إله" ولكن الذي يختص بالله تعالى هو إطلاق لفظ الرب بدون إضافة، أما مع الإضافة فيجوز إطلاقه كما في قولهم رب الدار ورب المال ورب الغلام ورب الثوب وكذلك ورد هذا اللفظ بالإضافة في قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} وفي قوله:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} وفي قوله تعالى: {فَأَنْسَاهُ الشَّيطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} وكذلك ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: "أن تلد الأمة ربها أو ربتها" وكل ذلك يدل على أن النهي في حديث الباب إنما هو للتنزيه والإرشاد إلى ما هو الأولى كما سبق آنفًا في النهي عن قولهم عبدي وأمتي وإلى هذا ذهب كافة العلماء قوله (ولكن ليقل سيدي) فيه تصريح بجواز إطلاق لفظ السيد على غير الله تعالى كما يدل على الجواز قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} وقوله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ: "قوموا إلى سيدكم" وفي سعد بن عبادة "اسمعوا ما يقول سيدكم" وفي الحسن بن علي رضي الله عنهما "إن ابني هذا سيد" وقوله صلى الله عليه وسلم لبني سلمة "من سيدكم يا بني سلمة" قالوا: الجد بن قيس على أنا نبخله قال: "وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم عمرو بن الجموح" أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأشار إليه تعليقًا في باب كراهية التطاول على الرقيق فهذه النصوص كلها تدل على جواز استعمال لفظ السيد لغير الله تعالى.

قال القرطبي: قوله (ولا يقل العبد ربي وليقل سيدي) إنما فرق بينهما لأن الرب من أسماء الله تعالى المستعملة بالاتفاق، واختلف في السيد هل هو من أسماء الله تعالى

ص: 393

5734 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِهِمَا:"وَلَا يَقُلِ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ: مَوْلاى".

وَزَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاويَةَ: "فَإِنَّ مَوْلاكُمُ اللَّهُ عز وجل"

ــ

أم لا؟ فإذا قلنا ليس من أسمائه فالفرق واضح إذ لا التباس ولا إشكال يلزم من إطلاقه كما يلزم من إطلاق الرب، وإذا قلنا إنه من أسمائه تعالى فليس في الشهرة والاستعمال كلفظ الرب فيجعل الفرق بذلك وأما الفرق بينهما من حيث اللغة أن الرب أصله من رب الشيء والولد يربه من باب شد ورباه يربيه إذا قام عليه بما يصلحه ويكمله فهو رب وراب ولما كان ابتداء التربية وكمالها من الله تعالى بالحقيقة لا من غيره كان الأولى بالإنسان أن لا ينسب تربية نفسه إلا إلى من إليه الربوبية الحقيقية وهو الله تعالى فإن فعل ذلك كان متجوزًا في اللفظ مخالفًا للأولى.

والسيد من السؤدد وهو التقدم يقال ساد قومه إذا تقدمهم ولا شك في تقدم السيد على غلامه فلما حصل الافتراق جاز الإطلاق اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5734 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا أبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي، ثقة، من صغار (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا وكيع كلاهما) أي كل من أبي معاوية ووكيع رويا (عن الأعمش) غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لجرير بن عبد الحميد (بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن أبي هريرة (و) لكن (في حديثهما) أي في حديث أبي معاوية ووكيع وروايتهما زيادة لفظة (ولا يقل العبد لسيده مولاي وزاد) الراوي (في حديث أبي معاوية) وروايته لفظة (فإن مولاكم) هو (الله عز وجل لا غيره، وقوله (ولا يقل العبد لسيده مولاي) هذه زيادة زادها وكيع وأبو معاوية على رواية جرير عن الأعمش فإنه لم يذكرها وحذف هذه الزيادة أولى وأرجح لأنها معارضة لما سيأتي في رواية همام بن منبه من قوله (ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي مولاي) فإنه يدل على عدم كراهية استعمال لفظ المولى، وقد رجح المحدثون رواية همام بن منبه لأنه قد

ص: 394

5735 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ: اسْقِ رَبَّكَ، أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: رَبِّي. وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي. مَوْلاى. وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي. أَمَتِي. وَلْيَقُلْ: فَتَاى. فَتَاتِي غُلامِي"

ــ

اختلف الرواة عن الأعمش فمنهم من ذكر في الحديث لفظة (ولا يقل العبد لسيده مولاي) كأبي معاوية ووكيع، ومنهم من حذف هذه الزيادة كجرير بن عبد الحميد، وذكر المحدثون أن حذفها أصح، وأما حديث همام الآتي فخال عن التعارض فيترجح على غيره ولاسيما إذا وردت دلائل كثيرة على جواز استعمال لفظ المولى لغير الله تعالى، قال تعالى:{وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} وقال تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} وإن لفظ المولى له معان كثيرة فلا يكره استعماله لغير الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5735 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري (حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال) همام (هذا ما حدثنا) به (أبو هريرة) رضي الله عنه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة همام بن منبه لأبي صالح السمان (فذكر) همام أو أبو هريرة (أحاديث) كثيرة (منها) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (و) منها (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم) لعبده (اسق ربك أطعم ربك وضِّئ ربك) للصلاة (ولا يقل أحدكم) أيها العبيد لسيده يا (ربي وليقل) له يا (سيدي) ويا (مولاي ولا يقل أحدكم) أيها الأسياد لعبده يا (عبدي) يا (أمتي وليقل) أحدكم لعبده يا (فتاي) ولأمته يا (فتاتي) ولعبده إن شاء يا (غلامي) قال القرطبي: قوله في رواية همام (وليقل سيدي مولاي) هذا اللفظ متفق عليه عند أكثر الرواة، وفي الأم من رواية أبي معاوية ووكيع عن الأعمش مرفوعًا (ولا يقل العبد لسيده مولاي) وانفرد أبو معاوية فزاد: وإن الله مولاكم، وقد رواه عن الأعمش جرير ولم يذكر ذلك، وقد روي عن طرق متعددة مشهورة وليس ذلك مذكورًا فيها بل

ص: 395

5736 -

(2217)(272) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كِلاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي"

ــ

اللفظ الأول فقط فظهر بهذا أن اللفظ الأول أرجح، وإنما صرنا للترجيح للتعارض بين الحديثين يعني بين حديث أبي صالح على رواية أبي معاوية ووكيع وبين حديث همام هذا أو بين رواية جرير وبين رواية أبي معاوية فإن الأول يعني رواية جرير يقتضي إباحة قول العبد مولاي كحديث همام والثاني يعني رواية أبي معاوية ووكيع يقتضي منعه من ذلك والجمع متعذر والعلم بالتاريخ مفقود فلم يبق إلا الترجيح كما ذكرناه وروايات حديث أبي هريرة كلها من باب الإرشاد إلى إطلاق الاسم الأولى لا أن إطلاق ذلك الاسم محرم ممنوع.

[قلت] ومقصود الشرع الإرشاد إلى تعرف مواقع الألفاظ، واستعمال الأولى منها والأحسن ما أمكن من غير إيجاب ذلك واجتناب المشترك من الألفاظ وما يستكره منها وما لا تواضع فيه كعبدي وأمتي من غير تحريم ذلك ولا تحريجه والله أعلم اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

5736 -

(2217)(272)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة كلاهما) أي كل من سفيان وأبي أسامة رويا (عن هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السندان من خماسياته (قالت) عائشة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم خبثت) من باب ظرف أي نجست (نفسي) أي قلبي (ولكن ليقل لقست) من باب فرح أي وسخت (نفسي) واللقس في اللغة امتلاء المعدة والغثيان ويقال لقست نفسه إلى الشيء إذا نازعته إليه وحرصت عليه، وفي الاستعمال هو أن اللقس والخبث سواء غير أن الخبث أعم وأقبح، قال الراغب: الخبث يطلق على الباطل في الاعتقاد والكذب في المقال والقبح في الفعال والخبث واللقس وإن كانا سواء في

ص: 396

هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيبٍ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ يَذْكُرْ "لَكِنْ".

وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

5737 -

(2218)(273) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ

ــ

المعنى من حيث الاستعمال لكن لفظ الخبيث قبيح ويجمع أمورًا زائدة على المراد كما أنه يستعمل للسب أيضًا بخلاف اللقس فرجحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبًا في حسن الكلام، وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الذي ينام عن الصلاة " فأصبح خبيث النفس كسلان " فقد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن شخص مبهم مذموم الحال فلا يمتنع إطلاق هذا اللفظ عليه والنهي فيه للتنزيه اهـ.

وعبارة القرطبي هنا قال أبو عبيد: معنى لقست وخبثت واحد لكن كره لفظ الخبث لشناعة اللفظ وعلمهم الأدب في المنطق، وقال الأصمعي: لقست نفسي أي غثت، وقال ابن الأعرابي: ضاقت وكسلت ولا يعترض هذا بقوله صلى الله عليه وسلم " فأصبح خبيث النفس كسلان " لأن محل النهي أن يضيف المتكلم الخبث إلى نفسه لا أن يتكلم بالخبث مطلقًا فإذا أخبر به عن غير معين جاز ولاسيما في معرض التحذير والذم للكسل والتكاسل عن الطاعات كما قد جاء في هذا الحديث ومن أوضح ما في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن العقيقة فقال: "لا أحب العقوق ولكن إذا أحب أحدكم أن ينسك عن ولده بشاة فليفعل " فكره اسم العقوق اهـ من المفهم (هذا) المذكور لفظ (حديث أبي كريب وقال أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولم يذكر) أبو بكر لفظة (لكن) في الحديث (وحدثناه أبو كريب حدثنا أبو معاوية بهذا الإسناد) يعني عن هشام عن عروة عن عائشة، غرضه بيان متابعة أبي معاوية لأبي أسامة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب [6197]، وأبو داود في الأدب [4979].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث سهل بن حنيف رضي الله عنهما فقال:

5737 -

(2218)(273) (وحدثني أبو الطاهر وحرملة قالا أخبرنا ابن

ص: 397

وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيفٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي ، وَلْيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي".

5738 -

(2219)(274) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ. حَدَّثَنِي خُلَيدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَال: "كَانَتِ امْرَأَةٌ، مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَصِيرَةٌ. تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَينِ طَويلَتَينِ

ــ

وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي أمامة) أسعد (بن سهل بن حنيف) معروف بكنيته الأنصاري، معدود في الصحابة رضي الله تعالى عنه، له رؤية، لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة (100) مائة، روى عنه في (7) أبواب (عن أبيه) سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري الأوسي أبي ثابت المدني البدري رضي الله عنه، روى عنه في (4) أبواب. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقل أحدكم خبثت نفسي) أي صارت خبيثة نجسة (وليقل لقست نفسي) أي صارت ثقيلة بطيئة في العبادة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب باب لا يقل خبثت نفسي [6180]، وأبو داود في الأدب باب لا يقل خبثت نفسي [4978].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

5738 -

(2219)(274)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن شعبة حدثني خليد) مصغرًا (بن جعفر) بن طريف الحنفي البصري، صدوق، من (6) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوقي بفتح المهملة والواو ثم قاف البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت امرأة من بني إسرائيل) لم أر من ذكر اسمها (قصيرة) بالرفع صفة ثانية لامرأة، وجملة قوله (تمشي) خبر كان، ومع في قوله (مع امرأتين طويلتين) بمعنى بين، ولم أر

ص: 398

فَاتَّخَذَتْ رِجْلَينِ مِنْ خَشَبٍ. وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٍ مُطْبَقٍ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا. وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ،

ــ

من ذكر اسم المرأتين أيضًا أي كانت امرأة قصيرة من بني إسرائيل ماشية في عادتها بين امرأتين طويلتين منهم فعرفت قصرها ونقصها عنهما وقبح مشيتها معهما (فاتخدت رجلين) لتطول قامتها فتكون متناسبة مع صاحبتيها أي صنعت لنفسها خفين (من خشب) فحشتهما بنحو قطن فلبستهما فصارت مساوية للمرأتين أو أطول منهما، وفي رواية لأحمد [3/ 40] فكانت تسير بين امرأتين طويلتين، وفي رواية له [3/ 46] ثم ذكر نسوة ثلاثًا من بني إسرائيل امرأتين طويلتين تعرفان وامرأة قصيرة لا تعرف فلما اتخذت الرجلين من الخشب صارت طويلة بين قصيرتين، ويمكن الجمع بينهما بأن المرأة القصيرة كانت تسير بين امرأتين طويلتين فلما اتخذت الرجلين من الخشب صارت طويلة بين قصيرتين ويشهد له ما أخرجه الطبراني في الكبير عن سمرة بن جندب رفعه وفيه (حتى كانت المرأة القصيرة تتخذ خفين من خشب تحشوهما ثم تدخل فيهما رجليها ثم تعمد إلى المرأة الطويلة فتمشي معها فإذا هي قد سارت بها وكانت أطول منها. [قلت] ويشهد له ما أخرجه ابن خزيمة في التوحيد بإسناد صحيح على شرط مسلم من حديث أبي سعيد أو جابر رفعه وفيه (فذكرت امرأة من بني إسرائيل كانت قصيرة واتخذت رجلين من خشب وخاتمًا له غلق وطبق وحشته مسكًا وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين فبعثوا إنسانًا يتبعهن فعرف الطويلتين ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب والله أعلم اهـ من تنبيه المعلم على مبهمات مسلم.

قال النووي: حكم اتخاذها رجلين في شرعنا أنها إن قصدت به مقصودًا صحيحًا شرعيًّا بأن قصدت ستر نفسها لئلا تعرف فتقصد بالأذى أو نحو ذلك فلا بأس به وإن قصدت به التعاظم أو التشبه بالكاملات تزويرًا على الرجال وغيرهم فهو حرام اهـ منه.

(و) اتخذت أي صنعت لنفسها (خاتمًا من ذهب مغلق) بالجر صفة أولى لذهب (مطبق) بالجر صفة ثانية له، ووقع في بعض النسخ (مغلقًا مطبقًا) بالنصب على أنه صفة لخاتمًا وهو أوضح وأوفق وكونه بالجر صفة لذهب بناء على أنه صفة سببية له أي مغلق خاتمه مطبق خاتمه جائز صحيح معنى، والخاتم المغلق هو المربوط المشدود وسطه عند ملتقى الطرفين بغلق كغلق الباب والمطبق هو المجعول فصه كالطبق عليه (ثم حشته) أي حشت وملأت فصه (مسكًا) لأنه كان مجوفًا (وهو) أي والحال أن ذلك المسك (أطيب

ص: 399

فَمَرَّتْ بَينَ الْمَرْأَتَينِ. فَلَمْ يَعْرِفُوهَا. فَقَالتْ بِيَدِهَا هَكَذَا" وَنَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ

ــ

الطيب) أي أحسنه وأجوده وأفوحه رائحة وأفضله طيبًا، وهذا موضع الترجمة، وفيه جواز استعمال المسك وقد انعقد عليه الإجماع، وقد حكي عن بعض الشيعة تحريمه ونجاسته لكون أصله دمًا أو عضوًا أبين من الحي ولكن المسك مستثنى من هذه القاعدة أو في معنى الجنين والبيض واللبن (فمرت) أي مشت تلك المرأة القصيرة (بين المرأتين) الطويلتين (فلم يعرفوها) أي فلم يعرفها الناس الذين يعرفونها أولًا لكونها طويلة الآن (فقالت) أي فأشارت تلك المرأة (بيدها) التي فيها الخاتم (هكذا) أي رافعة لها ليعرفها الناس، قال أبو أسامة (ونفض) أي رفع (شعبة يده) محركًا لها ليحكي لنا إشارتها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 45 و 46]، والنسائي في الزينة باب أطيب الطيب [5119] وباب ذكر أطيب الطيب [5264].

قال القرطبي: قوله (كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة) .. الخ يحتمل أن تكون هذه المرأة فعلت هذا لتستر قصرها عن الناس فلا ينظرون إليها ولعل قصرها كان خارجًا عن غالب أحوال القصار فإن كان هذا فلا إثم عليها لصحة قصدها وحسن تسترها وإن كانت فعلت ذلك لتتزين بإلحاقها نفسها بالطوال فذلك ممنوع منه فإنه من باب تغيير خلق الله تعالى كما تقدم، وأما اتخاذها خاتم الذهب فجائز للنساء على ما ذكرناه وأما اتخاذها المسك فمباح لها في بيتها ويلحق بالمندوب إذا قصدت به حسن التبعل للزوج، وأما إذا خرجت فإن قصدت أن يجد الرجال ريحها فهي زانية كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أعني في حديث "والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" يعني زانية رواه الترمذي [2786] ومعناه أنها بمنزلة الزانية في الإثم وأما إذا لم تقصد ذلك فلا تسلم من الإثم كيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا" رواه مسلم وقال:"ليخرجن وهن تفلات" رواه أبو داود أي غير متطيبات وكل ذلك هو شرعنا وهل كان كذلك في شرع بني إسرائيل أو لا؟ كل ذلك محتمل اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

ص: 400

5739 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُلَيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالْمُسْتَمِرِّ. قَالا: سَمِعْنَا أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَشَتْ خَاتَمَهَا مِسْكًا. وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ

ــ

5739 -

(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (19) بابا (عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (30) بابًا تقريبًا (عن خليد بن جعفر) الحنفي البصري (والمستمر) بن الريان الإيادي الزهراني البصري العابد رأى أنسًا، ثقة، من (6) روى عنه في (2) بابين الجهاد والطيب، كلاهما (قالا سمعنا أبا نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري (يحدث عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يزيد بن هارون لأبي أسامة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر امرأة من بني إسرائيل حشت) أي ملأت (خاتمها مسكًا) وكان خاتمها مجوفًا (و) قال (المسك أطيب الطيب) أي أحسن أنواع الطيب وأفضلها وأجودها وأعطرها رائحة، قال النووي: في الحديث أنه أطيب الطيب وأفضله وأنه طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب ويجوز بيعه وهذا كله مجمع عليه، ونقل أصحابنا فيه عن الشيعة مذهبًا باطلًا وهم محجوجون بإجماع المسلمين وبالأحاديث الصحيحة في استعمال النبي صلى الله عليه وسلم له واستعمال أصحابه، قال أصحابنا وغيرهم: هو مستثنى من القاعدة المعروفة أن ما أبين من حي فهو ميت أو يقال إنه في معنى الجنين والبيض واللبن اهـ منه، وقال القرطبي: والحديث دليل واضح على طهارة المسك وإن كان أصله دمًا لكنه قد استحال إلى صلاح في مقره العادي فصار كاللبن، قال القاضي عياض: وقد وقع الإجماع على طهارته وجواز استعماله وما حكي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعمر بن عبد العزيز من الخلاف في ذلك لا يصح فإن المعروف من السلف إجماعهم على جواز استعماله واقتداؤهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اهـ من المفهم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

ص: 401

5740 -

(2220)(275) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. كِلاهُمَا عَنِ الْمُقْرِئِ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عُرِضَ عَلَيهِ رَيحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ"

ــ

5740 -

(2220)(275)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما) رويا (عن المقرئ) عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان المخزومي الأعور المدني (قال أبو بكر حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ) ثقة، من (6) روى عنه في (3) أبواب (عن سعيد بن أبي أيوب) مقلاص الخزاعي المصري، ثقة ثبت، من (7) روى عنه في (5) أبواب (حدثني عبيد الله بن أبي جعفر) يسار الكناني مولاهم أبو بكر المصري، ثقة، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرض عليه) وأهدي له (ريحان فلا يرده) أي فهو لا يرده على من أهداه إليه (فإنه) أي فإن ذلك الريحان (خفيف المحمل) أي خفيف حمله غير ثقيل على حامله (طيب الريح) وعطرها، قوله (ريحان) وهو نبت معروف طيب الرائحة، وقال الخليل: كل بقلة طيبة الريح، وقال أهل اللغة وغريب الحديث في تفسير هذا الحديث: هو كل نبت مشموم طيب الريح، وقال القاضي عياض: ويحتمل عنده أن يكون المراد به في هذا الحديث الطيب كله لأن كله خفيف المحمل طيب الريح وقد وقع في رواية أبي داود في هذا الحديث (من عرض عليه طيب) والمحمل بفتح الميمين مصدر حمل من باب ضرب وبفتح الأول وكسر الثانية هو الزمان والمكان وليس مرادًا هنا، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول إلى العلة التي ترغب في قبول الطيب من المهدي وهي أنه لا مؤونة ولا منة تلحق في قبوله لجريان عادتهم بذلك ولسهولته عليهم ولنزارة ما يتناول منه عند العرض ولأنه مما يستطيبه الإنسان من نفسه ويستطيبه من غيره، وفيه من الفقه الترغيب في استعمال الطيب وفي عرضه على من يستعمله اهـ من المفهم (فلا يرده) برفع الدال على الأفصح على أن الجملة خبر لمبتدإ والجملة الاسمية جواب الشرط والمعنى لا يرده لأنه لا يشق حمله على المهدي إليه وكذلك لا يشق على المهدي

ص: 402

5741 -

(2221)(276) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ وَأَبُو طَاهِرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. (قَال أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا) ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ. قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بِالأَلُوَّةِ، غَيرِ مُطَرَّاةٍ، وَبِكَافُورٍ، يَطْرَحُهُ مَعَ الأَلُوَّةِ. ثُمَّ قَال: هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

إهداؤه ففي رده من غير داع كسر لقلب المهدي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 320]، وأبو داود في الترجل باب في رد الطيب [4172]، والنسائي في الزينة باب الطيب [5259].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5741 -

(2221)(276)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر (وأبو طاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي المصري (وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري المعروف بالتستري نسبة إلى تستر اسم بلدة لكونه يتجر فيها (قال أحمد حدثنا وقال الآخران أخبرنا ابن وهب أخبرني مخرمة) بن بكير بن عبد الله بن الأشج المخزومي المدني، صدوق، من (7)(عن أبيه) بكير بن الأشج، ثقة، من (5)(عن نافع قال) نافع (كان ابن عمر إذا استجمر) وتبخر أي إذا أراد الاستجمار والتبخر على المجمرة، والاستجمار هنا استعمال الطيب والتبخر به مأخوذ من المجمر وهو البخور أي إذا أراد أن يستجمر ويتبخر بالطيب (استجمر) أي تبخر (بالألوة) أي بالعود الهندي الموضوع على المجمرة، والألوة بفتح الهمزة وضمها وضم اللام وتشديد الواو العود يتبخر به، وذكر الأصمعي أنها كلمة فارسية معربة، حالة كون الألوة (غير مطراة) أي غير مخلوطة بغيرها كالمسك والعنبر، قال التوربشتي (والمطراة) هي المرباة بما يزيد في الرائحة من الطيب، والمعنى استجمر بالألوة وحدها تارة (وبكافور يطرحه) أي يخلطه (مع الألوة) تارة أخرى اهـ من المرقاة (ثم) بعد ما تبخر كذلك (قال) ابن عمر (هكذا) أي مثل ما أنا تبخرت كان يستجمر) ويتبخر (رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي هذا الحديث استحباب الطيب للرجال كما هو مستحب للنساء لكن يستحب للرجال بما ظهر ريحه وخفي لونه، وأما المرأة فإذا أرادت الخروج إلى المسجد أو غيره كره لها كل طيب

ص: 403

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له ريح، ويتأكد استحبابه للرجال يوم الجمعة والعيد وعند حضور مجامع المسلمين ومجالس الذكر والعلم وعند معاشرة زوجة ونحو ذلك والله أعلم كله من النووي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي في الزينة باب البخور [5135].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث تسعة: الأول حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والثاني حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والثالث حديث وائل بن حجر ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة، والسادس حديث سهل بن حنيف ذكره للاستشهاد، والسابع حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن حديث أبي هريرة الرابع ذكره للاستشهاد، والتاسع حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 404