المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الآداب

- ‌675 - (19) باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان أحب الأسماء إلى اللَّه تعالى، وجواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين، والنهي عن تسمية الرقيق بنافع مثلًا، واستحباب تغيير الأسماء القبيحة إلى حسن، وتحريم التسمي بملك الأملاك مثلًا

- ‌676 - (20) باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته واستحباب تسميته بعبد اللَّه وجواز تكنية الصغير ومن لم يولد له وجواز قوله لغير ابنه: يا بني واستحبابه للملاطفة

- ‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

- ‌672 - (16) باب تسليم الراكب على الماشي وحق الطريق وحقوق المسلم على المسلم والنهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على الصبيان وجواز جعل الإذن رفع الحجاب

- ‌673 - (17) باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان وتحريم الخلوة بالأجنبية ودفع ما يوقع في التهم وظن السوء

- ‌674 - (18) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم وتحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه وإذا قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به ومنع المخنث عن الدخول على النساء الأجانب

- ‌675 - (19) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه لا يغض من قدرها والنهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه

- ‌676 - (20) باب الطب ورقية جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم والعين حق والسحر حق والسم حق واستحباب رقية المريض

- ‌677 - (21) باب رقية المريض بالمعوذات وترخيصها من العين والنملة والحمة والنظرة ما لم يكن فيها شرك وجواز أخذ الأجرة عليها إذا كانت بالقرآن ونحوه

- ‌678 - (22) باب استحباب وضع اليد على موضع الألم عند الدعاء، والتعوذ من شيطان الصلاة، واستحباب التداوي من كل داء، والتداوي من الحمى، والتداوي باللدود، والتداوي بالعود الهندي، والتداوي بالحبة السوداء

- ‌679 - (23) باب التلبينة والتداوي بالعسل وما جاء في الطاعون

- ‌680 - (24) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح والفأل والشؤم

- ‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

- ‌ تفسير ما جاء في أحاديث الحيات من الغريب

- ‌682 - (26) باب الأمر بقتل الوزغ والنهي عن قتل النمل وقتل الهرة وفضل سقي البهائم المحترمة وإطعامها

- ‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرمًا، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

- ‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

- ‌ كتاب الرؤيا

- ‌685 - (20) باب الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا والرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني

- ‌686 - (30) باب لا يخبر بتلعب الشيطان، وفي تأويل الرؤيا، وفيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

الفصل: ‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

5486 -

(2115)(180) حدّثني عَمْرُو بْنُ مُحَمدِ بْنِ بُكَيرٍ النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. حَدَّثنَا، وَاللهِ، يَزِيدُ بْنُ خُصَيفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدرِديَّ يَقُول: كُنْتُ جَالِسًا بِالْمَدِينَةِ فِي مَجْلِسِ الأَنْصَارِ. فأتَانَا أَبُو مُوسَى فَزِعًا أَوْ مَذْعُورًا. قُلْنَا: مَا شَأنُكَ؟ قَال: إِنَّ عُمَرَ أرسَلَ إِليَّ أَنْ آتِيَهُ. فَأتَيتُ بَابَهُ فَسَلَّمتُ ثَلاثًا

ــ

677 -

(21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

5486 -

(2115)(180)(حدثني عمرو بن محمد بن بكير) بن سابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا والله يزيد) بن عبد الله (بن خصيفة) بمعجمة ثم مهملة مصغرًا ابن عبد الله بن يزيد الكندي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب، وأتى بالقسم تأكيدًا لسماعه كأنه شك أولًا في سماعه من يزيد ثم تيقن سماعه منه فأتى بالقسم تأكيدًا له والله أعلم (عن بسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي المدني، من (2) روى عنه في (8) أبواب (قال) بسر (سمعت أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه راويًا عن أبي موسى الحديث الآتي. وهذا السند من سداسياته مع أبي موسى ففيه رواية صحابي عن صحابي، حالة كونه (يقول كنت جالسًا بالمدينة في مجلس الأنصار) ومجتمعهم (فأتانا أبو موسى) الأشعري حالة كونه (فزعًا) أي مشفقًا بفتح الفاء وكسر الزاي اسم فاعل من فزع الثلاثي من باب فرح من الفزع بمعنى الخوف والرعب (أو) قال أبو سعيد أتانا (مذعورًا) بالشك كلاهما بمعنى واحد لأن الذعر بضم الذال الفزع، وأو هنا للشك من بعض الرواة (قلنا) له معاشر الأنصار (ما شأنك) وحالك يا أبا موسى كنت فزعًا (قال) أبو موسى (إن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (أرسل إلي) رسولًا يأمرني بـ (أن آتيه فـ) أجبت دعوته و (أتيت بابه) أي عند بابه (فسلمت) عليه سلام الاستئذان (ثلاثًا) من المرات، قال القرطبي: ليس هذا مناقضا لقوله في الأخرى إنه استأذن ثلاثًا لأن أبا موسى رضي الله عنه كان قد جمع بين السلام والاستئذان ثلاثًا كما قد جاء منصوصًا عليه في الرواية الثالثة اهـ مفهم. قال الأبي: الاستئذان مشروع

ص: 62

فَلَم يَرُدَّ عَلَيَّ. فَرَجَعتُ فَقَال: مَا مَنَعَكَ أنْ تَأْتِيَنَا؟ فَقُلْتُ: إِني أَتَيتُكَ. فَسَلَّمتُ عَلَى بَابِكَ ثَلاثًا. فَلَم يَردُّوا عَلَيَّ. فَرَجَعتُ. وَقَد قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اسْتَأذَنَ أَحَدُكم ثَلاثًا فَلَم يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيرجِع"

ــ

وصورته أن يقول السلام عليكم، وإن شاء زاد هذا فلان على ما سيأتي اهـ. وقال الطيبي: وأجمعوا على أن الاستئذان مشروع وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة، والأفضل أن يجمع بين السلام والاستئذان، واختلفوا في أنه هل يستحب تقديم السلام أو الاستئذان، والصحيح تقديم السلام فيقول: السلام عليكم أأدخل؟ وعن الماوردي: إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدم السلام وإلا قدم الاستئذان. [قلت] وهو بظاهره يخالف ما سبق من حديث السلام قبل الكلام اهـ (فلم يرد) على عمر السلام (فرجعت) إلى بيتي. واختلفت الروايات في وجه عدم الرد فأخرج البخاري في البيوع ما يدل على أن عمر رضي الله عنه كان مشغولًا بامر، وأخرج البخاري في الأدب المفرد أن عمر أراد تأديبه لما بلغه أنه قد يحتبس على الناس حال إمرته بالكوفة، ولفظ البخاري في الأدب المفرد (يا عبد الله اشتد عليك أن تحتبس على بابي، اعلم أن الناس كذلك يشتد عليهم أن يحتبسوا على بابك) ولا منافاة بين الوجهين فيمكن أن يكون عمر رضي الله عنه أراد التأديب وكان مع ذلك في شغل اهـ تكملة. فدعاني مرة ثانية فأتيته (فقال) في عمر (ما منعك؟ ) أي أي شيء وأي سبب من العذر منعك وحجزك من (أن تأتينا) حين أرسلت إليك وأمرتك أن تأتينا؟ قال أبو موسى (فقلت) له في الاعتذار (إني أتيتك) أي أتيت إلى دارك (فسلمت) واقفًا (على بابك) فالجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره أي فسلمت عليك حال كوني واقفًا على بابك والله أعلم (ثلاثًا) منصوب على المفعولية المطلقة بسلمت أي سلمت عليك ثلاث تسليمات (فلم يردوا) أي فلم يرد (علي) السلام أهل بيتك (فرجعت) إلى بيتي (وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يوذن له فليرجع) ظاهره أن صاحب المنزل إذا سمع ولم يأذن له فليرجع والنظم القرآني يؤيده حيث قال تعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} وأما إذا لم يسمع فالأولى تكرار الاستئذان حتى يسمع كما قاله بعضهم فقوله (فليرجع) أي لأن عدم الإجابة من صاحب البيت ثلاث مرات تصريح منه بعدم الإذن، ويدل عليه قوله تعالى:{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} وبه ظهر أن الرجل إذا لم يأذن له صاحب

ص: 63

فَقَال عُمَرُ: أَقِمْ عَلَيهِ البَيِّنَةَ. وَإِلأ أَوْجعتُكَ.

فَقَال أُبَيُّ بْنُ كَعبٍ: لَا يَقُومُ مَعَهُ إلا أَصغَرُ الْقَوْمِ. قَال أَبُو سَعِيدٍ: قلت: أَنَا أَصغَرُ الْقَوْمِ. قَال: فَاذهبْ بِهِ

ــ

البيت لشغل أو نحوه فليس للزائر أن يسخط على صاحب البيت ولا أن يضيق بذلك ذرعًا لأنه يمكن أن يكون في حالة لا يتيسر له فيها الخروج أو إكرام الزائر وليس للإنسان أن يكره الآخر على لقائه.

واعلم أن ما ذكر من الاستئذان بالكلام إذا كان صاحب البيت يسمع صوته أما إذا علم أنه لا يسمع صوته في داخل البيت فيكتفي بالاستئذان بقرع الباب أو بضغط زر الجرس الموضوع في زماننا على أبواب أكثر البيوت ولكن الأدب في قرع الباب أو دق الجرس أن يكون خفيفًا بحيث يسمع ولا يزعج في ذلك، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال كانت أبواب النبي صلى الله عليه وسلم تقرع بالأظافير رواه الخطيب في جامعه كما في تفسير القرطبي [12/ 217].

(فقال عمر) لأبي موسى (أقم عليه) أي على ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الحديث (البينة) أي من يشهد لك على هذا الحديث (وإلا) أي وإن لم تقم عليه البينة (أوجعتك) أي ضربتك بالدرة وجعلتك عظة لغيرك، فلما أتاه بالبينة قال: إنما أحببت أن أتثبت فيه (فقال أبي بن كعب) بن قيس الأنصاري سيد القراء كاتب الوحي إلا يقوم معه) أي مع أبي موسى للشهادة له عند عمر (إلا أصغر القوم) منا (قال أبو سعيد) الخدري (قلت) لأبي بن كعب (أنا أصغر القوم) المجتمعين في هذا المجلس (قال) أبي بن كعب لأبي موسى (فاذهب به) أي بأبي سعيد الخدري إلى عمر ليشهد لك على سماع هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قال أبي لا يقوم معه إلا أصغر القوم ليتبين لعمر رضي الله عنهم أن الحديث معروف عند جماعة من الصحابة حتى عند الصغار والله أعلم. يعني لما طلب عمر من أبي موسى شاهدًا على روايته وقال أبي بن كعب لا يقوم معه إلا أصغر القوم، قال أبو سعيد: أنا أصغر القوم، يعني أنا أشهد له عنده.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 31]، والبخاري في الاستئذان باب التسليم والاستئذان ثلاثًا [6245]، ، وأبو داود [5180]، والترمذي [2690]، وابن

ص: 64

5487 -

(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ: قَال أبُو سَعِيدٍ: فَقُمتُ مَعَهُ، فَذَهبْتُ إِلَى عُمَرَ، فَشَهِدتُ

ــ

ماجه [3706]، قال القرطبي: وحاصل هذه الأحاديث أن دخول منزل الغير ممنوع كان ذلك الغير فيها أو لم يكن إلا بعد الإذن وهذا الذي نص الله تعالى عليه بقوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} ثم قال بعد ذلك {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا} وهذا لا بد منه لأن دخول منزل الغير تصرف في ملكه ولا يجوز بغير إذنه لأنه يطلع منه على ما لا يجوز الاطلاع عليه من عورات البيوت فكانت هذه المصلحة في أعلى رتبة المصالح الحاجية. ولما تقرر هذا شرعًا عند أبي موسى استأذن أبو موسى على عمر رضي الله عنهما ولما كان عنده علم بكيفية الاستئذان وعدده عمل على ما كان عنده من ذلك فلما لم يؤذن له رجع، وأما عمر رضي الله عنه فكان عنده علم بالاستئذان ولم يكن عنده علم من العدد فلذلك أنكره على أبي موسى إنكار مستبعد من نفسه أن يخفى عليه ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم مع ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم حضرًا وسفرًا ملازمة لم تكن لأبي موسى ولا لغيره وإنكار من يسد باب الذريعة في التقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك أغلظ على أبي موسى بقوله: أقم عليه البينة وإلا أوجعتك ولأجعلنك عظة. فلما أتاه بالبينة قال: إنما أحببت أن أتثبت. اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

5487 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني (قالا حدثنا سفيان) بن عيينة (عن يزيد بن خصيفة بهذا الإسناد) يعني عن بسر عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة قتيبة وابن أبي عمر لعمرو الناقد (و) لكن (زاد ابن أبي عمر في حديثه) أي في روايته أي زاد على عمرو الناقد لفظة (قال أبو سعيد) الخدري (فقمت معه) أي مع أبي موسى (فذهبت إلى عمر) ابن الخطاب (فشهدت) بذلك الحديث عند عمر رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

ص: 65

5488 -

(00)(00) حدَّثني أبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ الأشَجِّ؛ أن بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ؛ أنَّهُ سمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَأتَى أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ. فَقَال: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الاسْتئذَانُ ثَلاثٌ. فَإِنْ أُذِنَ لَكَ. وَإِلا فارْجِعْ"

ــ

5488 -

(00)(00)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو (أخبرني عبد الله بن وهب) القرشي المصري (حدثني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري (عن بكير) بن عبد الله (بن الأشج) المخزومي المصري، ثقة، من (5)(أن بسر بن سعيد) المدني، ثقة، من (2)(حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة بكير بن الأشج ليزيد بن خصيفة كنا في مجلس) من الأنصار (عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مغضبًا) بصيغة اسم المفعول أي غضبان فزعًا بما طلب منه عمر من إقامة البينة على الحديث (حتى وقف) على رؤوس القوم، غاية لأتى (فقال) أبو موسى لأهل المجلس (أنشدكم الله) أي أسالكم حالة كوني حالفًا بالله (هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان) من رب المنزل أي طلب الإذن منه في الدخول (ثلاث) مرات أي قدر عدده ثلاث فقط لا زيادة فيه (فإن أذن لك) في الدخول بعد ثلاث مرات أو بما دونها فادخل (وإلا) أي وإن لم يؤذن لك بعد الثلاث (فارجع) أيها المستأذن عن الدخول وانصرف إلى حوائجك ولا تقم على بابه، ففي الحديث دلالة على أن الاستئذان لا بد أن يكون ثلاثًا فإن لم يؤذن له بعد الثلاث فهل يزيد عليها أو لا؟ قولان لأصحابنا الأولى أن لا يزيد لقوله صلى الله عليه وسلم الاستئذان ثلاث فإن أذن وإلا فارجع وهذا نص في عدم الزيادة وإنما خص الثلاث بالذكر لأن الغالب أن الكلام إذا كرر ثلاثًا سمع وفهم ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه وإذا سلم على قوم سلّم عليهم ثلاثًا وإذا كان الغالب هذا فإن لم يؤذن له بعد ثلاث ظهر أن رب المنزل لا يريد الإذن أو لعله يمنعه من الجواب عذر لا يمكنه قطعه فينبغي للمستأذن أن ينصرف لأن الزيادة على ذلك قد تقلق رب المنزل وربما يضره الإلحاح حتى ينقطع عما كان مشتغلًا به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب رضي الله عنه حين استأذن عليه فخرج مستعجلًا

ص: 66

قَال أُبَيٌّ: وَمَا ذَاكَ؟ قَال: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمْسِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ. ثُمَّ جِئْتُهُ الْيَوْمَ فَدَخَلْتُ عَلَيهِ. فَأَخْبَرْتُهُ؛ أَنِّي جِئْتُ أَمْسِ فَسَلَّمْتُ ثَلاثًا. ثُمَّ انْصَرَفْتُ. قَال: قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْلٍ. فَلَوْ مَا اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ؟ قَال: اسْتَأْذَنْتُ، كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَوَاللَّهِ، لأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ

ــ

فقال: "لعلنا أعجلناك" متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري.

(قال أبي) بن كعب لأبي موسى (ومما ذاك؟ ) أي وما سبب سؤالك عمن سمع هذا الحديث (قال) أبو موسى (استأذنت) طلبت الإذن في الدخول (على عمر بن الخطاب أمس) متعلق بالاستئذان أي استأذنته في الدخول عليه في اليوم الذي قبل هذا اليوم (ثلاث مرات فلم يؤذن لي) في الدخول عليه (فرجعت) أي فانصرفت من بابه (ثم جئته) أي جئت عمر (اليوم) أي في هذا اليوم الحاضر الذي نحن فيه (فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس) على بابك (فسلمت) عليكم (ثلاثًا) من المرات فلم يؤذن لي (ثم انصرفت) أي انقلبت إلى بيتي. وقوله (استأذنت على عمر أمس) هو ظاهر في أن قصة الاستئذان ورجوع أبي موسى وقعت في يوم واعتراض عمر على ذلك ومطالبته بالبينة وقع في اليوم التالي بعده، وظاهر سياق الروايات الأخرى أن الأمرين وقعا في يوم واحد، وجمع الحافظ بينهما في الفتح [11/ 28] بأن عمر لما فرغ من الشغل الذي كان فيه تذكره فسأل عنه فأخبر برجوعه فأرسل إليه فلم يجده الرسول في ذلك الوقت وجاء هو إلى عمر في اليوم الثاني والله أعلم (قال) عمر لأبي موسى (قد سمعناك) أي قد سمعنا استئذانك يا أبا موسى (ونحن حينئذ) أي حين إذ طلبت منا الإذن في الدخول مقبلون (على شغل) مهم (فلوما استأذنت) أي هلا استأذنت مرارًا (حتى يؤذن لك) فلوما هنا حرف تحضيض بمعنى هلا حضه بها على الاستئذان مرارًا والتحضيض هو الطلب بحث وإزعاج (قال) أبو موسى (استأذنت) منكم (كما سمعت) من (رسول الله صلى الله عليه وسلم أي استأذنت منكم استئذانًا كالاستئذان الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تأذنوا لي فرجعت لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع" (قال) عمر: ائتني بمن يشهد لك على هذا الحديث فإن أتيت به فذاك وإلا (فوالله لأوجعن ظهرك) أي لأوقعن الوجع والألم على ظهرك بالضرب

ص: 67

وَبَطْنَكَ. أَوْ لَتَأْتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا.

فَقَال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: فَوَاللَّهِ، لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا. قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ ، فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيتُ عُمَرَ؛ فَقُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا

ــ

(وبطنك) أي ولأوقعن الوجع على بطنك وقلبك بالتقريع والتوبيخ (أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا) الحديث وأو هنا بمعنى إلا وأن مضمرة بعدها وجوبًا والفعل منصوب بها محلًا واللام زائدة زيدت لتأكيد اللام الأولى، والتقدير والله لأوجعن ظهرك وبطنك إلا أن تأتيني بمن يشهد لك على هذا الحديث.

وظاهر هذا تهديد لأبي موسى وحقيقته زجر غيره لأن من دون أبي موسى إذا رأى هذه القضية أو سمعها وإن كان في قلبه مرض وأراد أن يصنع حديثًا بترويج مرامه الفاسد ينزجر ويخاف ولا يجترئ على وضع حديث وإلا فكيف يظن بعمر أنه ظن في حق أبي موسى أنه صنع لمرامه حديثًا وأنه أجل وأعلى عند عمر من ذلك والله أعلم (فقال أبي بن كعب) لأبي موسى (فوالله لا يقوم معك) ولا يشهد لك على هذا الحديث (إلا أحدثنا) أي إلا أصغرنا وأقلنا (سنًّا) أي عمرًا، ثم قال لي أبي بن كعب (قم) معه (يا أبا سعيد) لتشهد له عند عمر، قال أبو سعيد (فقمت) مع أبي موسى (حتى أتيت عمر) بن الخطاب (فقلت) لعمر أشهد أني (قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا) الحديث، ومراد عمر رضي الله عنه بطلب البينة من أبي موسى حماية الشرائع والسنن أن يزاد فيها أو ينقص وحسم مادة التقول على النبي صلى الله عليه وسلم وسد بابه عن الناس لا أنه شك في صدقه وظن أن أبا موسى تقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يقله، وأبو موسى كان عالمًا بكيفية الاستئذان وعدده فاستأذن بمثل ما علم وعمر وإن كان عالمًا بمشروعيته ولكن خفي عليه العدد فلذا أنكر على أبي موسى واستبعد وطلب البينة، ومراد أبي بن كعب أن الحديث مشهور عندهم وإن خفي على عمر حتى يعرفه أصغرهم والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

ص: 68

5489 -

(00)(00) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّ أَبَا مُوسَى أَتَى بَابَ عُمَرَ. فَاسْتَأْذَنَ. فَقَال عُمَرُ: وَاحِدَةٌ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّانِيَةَ. فَقَال عُمَرُ: ثِنْتَانِ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّالِثَةَ. فَقَال عُمَرُ: ثَلاثٌ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتْبَعَهُ فَرَدَّهُ. فَقَال: إِنْ كَانَ هَذَا شَيئًا حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَا. وَإِلَّا، فَلأَجْعَلَنَّكَ عِظَةً. قَال أَبُو سَعِيدٍ: فَأَتَانَا فَقَال: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ؟ ". قَال: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ. قَال: فَقُلْتُ: أَتَاكُمْ أَخُوكُمُ الْمُسْلِمُ قَدْ أُفْزِعَ،

ــ

5489 -

(00)(00)(حدثنا نصر بن علي الجهضمي) البصري، ثقة ثبت، من

(10)

(حدثنا بشر يعني ابن مفضل) بن لاحق الرقاشي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا سعيد بن يزيد) بن مسلمة الأزدي أبو مسلمة البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري الخدري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي نضرة لبسر بن سعيد (أن أبا موسى) الأشعري (أتى باب عمر) بن الخطاب (فاستأذن) في الدخول عليه (فقال عمر) هذه التسليمة مرة (واحدة ثم استأذن) أبو موسى المرة (الثانية فقال عمر) هاتان (ثنتان) مع الأولى (ثم استأذن) أبو موسى المرة (الثالثة فقال عمر) تلك (ثلاث) مع السابقتين (ثم انصرف) ورجع أبو موسى (فأتبعه) عمر (فرده فقال) عمر لأبي موسى (إن كان هذا) الاستئذان (شيئًا حفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فها) أي فهات البينة على ما رويته (وإلا) أي وإن لم تأت بالبينة (فلأجعلنك) أي فلأجعل ضربك وتعزيرك (عظة) أي اعتبارًا يعتبر به الناس (قال أبو سعيد فأتانا) أبو موسى (فقال ألم تعلموا) أيها القوم ولم تسمعوا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاستئذان ثلاث) مرات (قال) أبو سعيد (فجعلوا) أي فشرع القوم الجالسون (يضحكون) بأبي موسى تعجبًا من فزع أبي موسى وذعره من العقوبة مع أنهم قد أمنوا أن تناله عقوبة أو غيرها لقوة حجته وسماعهم من النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر عليه عمر (قال) أبو سعيد (فقلت) للقوم (أتاكم أخوكم المسلم) و (قد أفزع) أي والحال أنه قد أوقع به الفزع والخوف من عمر وأنتم

ص: 69

تَضْحَكُونَ؟ انْطَلِقْ فَأَنَا شَرِيكُكَ فِي هَذِهِ الْعُقُوبَةِ. فَأَتَاهُ. فَقَال: هَذَا أَبُو سَعِيدٍ.

5490 -

(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْجُرَيرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ. كِلاهُمَا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. قَالا: سَمِعْنَاهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. بِمَعْنَى حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ مُفَضَّلٍ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ

ــ

(تضحكون) به فقلت لأبي موسى (انطلق) بنا إلى عمر (فأنا شريكك في هذه العقوبة) التي هددك بها عمر (فأتاه) أي فأتى أبو موسى عمر وأنا معه (فقال) أبو موسى لعمر (هذا) الجائي معي (أبو سعيد) الخدري فهو يشهد لي بما رويته لك.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

5490 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي مسلمة) البصري سعيد بن يزيد الأزدي، ثقة، من (4)(عن أبي نضرة) المنذر بن مالك (عن أبي سعيد) الخدري. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لبشر بن المفضل (ح وحدثنا أحمد بن الحسن بن خراش) الخراساني أبو جعفر البغدادي، صدوق، من (11) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا شبابة) بن سوار المدائني أبو عمرو الفزاري مولاهم، ثقة، من (9)(حدثنا شعبة) غرضه بيان متابعة شبابة لمحمد بن جعفر (عن) سعيد بن إياس (الجريري) أبي مسعود البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (وسعيد بن يزيد) أبي مسلمة البصري (كلاهما) أي كل من الجريري وسعيد بن يزيد رويا (عن أبي نضرة قالا) أي قال الجريري وسعيد (سمعناه) أي سمعنا أبا نضرة (يحدث عن أبي سعيد الخدري) وساق شعبة في السندين (بمعنى حديث بشر بن مفضل عن أبي مسلمة) غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة شعبة لبشر بن المفضل.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

ص: 70

5491 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيدِ بْنِ عُمَيرٍ؛ أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلاثًا. فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولًا. فَرَجَعَ. فَقَال عُمَرُ: أَلَمْ تَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيسٍ. ائْذَنُوا لَهُ. فَدُعِيَ لَهُ. فَقَال: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ. قَال: إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. قَال: لَتُقِيمَنَّ عَلَى هَذَا بَيِّنَةً أَوْ لأَفْعَلَنَّ. فَخَرَجَ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالُوا: لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلَّا أَصْغَرُنَا. فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ فَقَال: كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. فَقَال

ــ

5491 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج حدثنا عطاء) بن أبي رباح اسمه أسلم القرشي مولاهم اليماني نزيل مكة، ثقة، من (3) روى عنه في (10) أبواب (عن عبيد بن عمير) بن قتادة الليثي المكي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (7) أبواب (أن أبا موسى) الأشعري (استأذن) في الدخول (على عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبيد بن عمير لأبي سعيد الخدري (ثلاثًا فكأنه) أي فكأن أبا موسى (وجده) أي وجد عمر (مشغولًا) بشغل (فرجع) أبو موسى بعد الاستئذان ثلاثًا ولم يؤذن له (فقال عمر) لمن عنده (ألم تسمع صوت) أبي موسى (عبد الله بن قيس) الأشعري انظروه و (ائذنوا له) في الدخول علي (فدعي) أبو موسى (له) أي لعمر فجاء أبو موسى (فقال) له عمر (ما حملك) وحثك (على ما صنعت) يا أبا موسى من الاستئذان ثلاثًا ثم الرجوع (قال) أبو موسى لعمر (إنا كنا) معاشر الصحابة (نؤمر بهذا) الذي صنعته من الاستئذان ثلاثًا ثم الرجوع إن لم يؤذن، أي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك (قال) عمر لأبي موسى والله (لتقيمن على هذا) الحديث الذي زعمته (بينة أو لأفعلن) بك كذا وكذا من العقوبة (فخرج) أبو موسى من عند عمر لطلب الشاهد على ذلك الحديث (فانطلق) أي ذهب أبو موسى بعدما خرج من عند عمر (إلى مجلس) ومجتمع (من الأنصار) فطلب منهم الشهادة له على هذا الحديث (فقالوا) أي فقالت الأنصار له هذا الحديث مشهور عندنا فـ (لا يشهد لك على هذا) الحديث (إلا أصغرنا) سنًّا فذهب معه أبو سعيد إلى عمر (فقام أبو سعيد) قدام عمر (فقال) أبو سعيد له (كنا) معاشر المسلمين (نؤمر بهذا) الاستئذان ثلاثًا ثم الرجوع (فقال

ص: 71

عُمَرُ: خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ.

5492 -

(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. ح وَحَدَّثَنَا

ــ

عمر) لعله (خفي علي هذا) الاستئذان حالة كونه (من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من مأموراته صلى الله عليه وسلم فإنه قد (ألهاني) وشغلني (عنه) أي عن سماع هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصفق بالأسواق) أي التجارة والمعاملة في الأسواق، سميت المعاملة صفقًا لأن كلًّا من المتعاقدين يصفق أي يضرب بيده على يد الآخر. قوله (خفي عليّ هذا) هذا اعتراف منه واعتذار مما وقع منه في حق أبي موسى وبيان بسبب كون الحديث المعروف بينهم خفيًّا عليه. ومعنى (ألهاني عنه الصفق) أي شغلني عن ذلك الحديث أمر التجارة والمعاملة في الأسواق، نظير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ} الآية، قال البيضاوي: معنى الآية لا يشغلكم تدبيرها والاهتمام بها اهـ من ذهني وقوله (خفي عليّ هذا) .. إلخ قاله عمر عاتبًا على نفسه وناسبًا لها إلى التقصير ثم بين عذره بقوله (ألهاني الصفق بالأسواق) وفي البخاري يعني الخروج إلى التجارة (وألهاني) شغلني يقال ألهاه إذا جعله في غفلة، والصفق بفتح الصاد وسكون الفاء وقيل بفتحها أيضًا جمع الصفقة وهي العقد وسمي بذلك لأنهم يتواجبون البيع بالأيدي فيصفق كل واحد منهما بيد صاحبه ومنه قيل للبيعة صفقة اهـ مفهم.

وشارك المؤلف في هذه الرواية البخاري [2063]، وأبو داود [5182].

ومعنى كلام عمر رضي الله عنه أنني بقيت مشغولًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجارة في الأسواق فلم أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم أشياء تعلمها غيري. وفيه تواضع من عمر رضي الله عنه واعتراف منه بالتقصير، وفيه أن الحاكم أو الكبير لا يخجل من الاعتراف بعدم علمه أمام أصاغره اهـ تكملة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

5492 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم) النبيل البصري الضحاك بن مخلد الشيباني، ثقة ثبت، من (9) روى عنه في (12) بابا (ح وحدثنا

ص: 72

حُسَينُ بْنُ حُرَيثٍ. حَدَّثَنَا النَّضْرُ (يَعْنِي ابْنَ شُمَيلٍ) قَالا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ النَّضْرِ: أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ.

5493 -

(00)(00) حَدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ حُرَيثٍ، أَبُو عَمَّارٍ. حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ، يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَال: السَّلامُ عَلَيكُمْ. هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيسٍ. فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ. فَقَال: السَّلامُ عَلَيكُمْ. هَذَا أَبُو مُوسَى. السَّلامُ عَلَيكُمْ. هَذَا الأَشْعَرِيُّ

ــ

حسين بن حريث) بن الحسن بن ثابت مولى عمران بن حصين الخزاعي المروزي، ثقة، من (10)(حدثنا النضر يعني ابن شميل) المازني أبو الحسن البصري ثم الكوفي نزيل مرو، ثقة، من (9)(قالا جميعًا) أي قال كل من أبي عاصم والنضر بن شميل (حدثنا ابن جريج بهذا الإسناد) يعني عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي موسى، غرضه بيان متابعتهما ليحيى القطان وساقا (نحوه) أي نحو حديث يحيى القطان (و) لكن (لم يذكر) حسين بن حريث (في حديث النضر) وروايته عنه لفظة (ألهاني عنه الصفق بالأسواق).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

5493 -

(00)(00)(حدثنا حسين بن حريث) بن الحسن الخزاعي (أبو عمار) المروزي (حدثنا الفضل بن موسى) الرازي أبو عبد الله المروزي، ثقة، من (9)(أخبرنا طلحة بن يحيى) بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني الكوفي، صدوق، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة، من (3)(عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي بردة عبيد بن عمير (قال) أبو بردة (جاء أبو موسى إلى عمر بن الخطاب فقال) أبو موسى لعمر بن الخطاب (السلام عليكم هذا) المسلم عليكم (عبد الله بن قيس) الأشعري (فلم يأذن له) عمر (فقال) أبو موسى (السلام عليكم هذا) المسلم عليكم (أبو موسى) ثم قال (السلام عليكم هذا) المسلم عليكم الرجل (الأشعري) يستفاد منه أن المسلم يبين نفسه من هو ولا يكتفي بالسلام فقط لأن صوت المستأذن يمكن أن لا

ص: 73

ثُمَّ انْصَرَفَ. فَقَال: رُدُّوا عَلَيَّ. رُدُّوا عَلَيَّ. فَجَاءَ فَقَال: يَا أَبَا مُوسَى، مَا رَدَّكَ؟ كُنَّا فِي شُغْلٍ. قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ. فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ" قَال: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ. وَإِلَّا فَعَلْتُ وَفَعَلْتُ. فَذَهَبَ أَبُو مُوسَى.

قَال عُمَرُ: إِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً تَجِدُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَشِيَّةً. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَلَمْ تَجِدُوهُ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ بِالْعَشِيِّ وَجَدُوهُ. قَال: يَا أَبَا مُوسَى، مَا تَقُولُ؟ أَقَدْ وَجَدْتَ؟ قَال: نَعَمْ. أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ. قَال:

ــ

يكون معروفًا عند رب المنزل، قال السنوسي: وخالف بين ألفاظ التعريف عن نفسه طلبًا للتعريف خوف أن يكون لم يعرف بعضها فيعرف بالآخر اهـ ذهني (ثم) بعدما سلم على عمر ثلاث مرات (انصرف) أبو موسى أي ذهب (فقال) عمر (ردوا) أي أرجعوا أبا موسى (علي ردوا علي) بالتكرار مرتين فردوه عليه (فجاء فقال) له عمر (يا أبا موسى ما ردك) ورجعك عن بابنا بعد الاستئذان ثلاث مرات لأنا (كنا) مشغولين (في شغل) أي في أشغال مهمة (قال) أبو موسى إنما رجعت بعد الاستئذان ثلاث مرات لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان) المشروع في شرعنا (ثلاث) مرات (فإن أذن لك) في الدخول بعد ثلاث مرات أو دونها فادخل (وإلا) أي وإن لم يؤذن لك (فارجع قال) عمر لأبي موسى رضي الله عنهما: والله (لتأتيني على هذا) الحديث (ببينة) أي بشاهد يشهد معك على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك (والا) أي وإن لم تأت بها (فعلت) بك أشد العقوبة (وفعلت) بك أشد تعزير يكون عظة لغيرك حفظًا للسنة المطهرة عن الزيادة فيها ونكالًا له (فذهب أبو موسى) لطلب البينة (قال عمر) لمن عنده (إن وجد) أبو موسى (بينة) تشهد له على ما قال (تجدوه) أي تجدوا أبا موسى أيها المخاطبون (عند المنبر) النبوي (عشية) أي في آخر النهار (وإن لم يجد بينة فلم تجدوه) عند المنبر بل يختفي خوفًا من أن تناله عقوبة (فلما أن جاء) عمر ومن معه المسجد (بالعشي) وأن بعد لما زائدة لأن ذلك قاعدة مطردة عند النحاة (وجدوه) أي وجدوا أبا موسى عند المنبر حاضرًا قبلهم ليشهد عند المنبر لأنه أشرف بقاع المدينة فينبغي الإشهاد هناك، ثم (قال) له عمر (يا أبا موسى ما تقول) وتصنع (أقد وجدت) البينة (قال) أبو موسى (نعم) وجدت البينة (أبي بن كعب) الأنصاري (قال) عمر لأبي

ص: 74

عَدْلٌ. قَال: يَا أَبَا الطُّفَيلِ، مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيئًا. فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ.

5494 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ

ــ

موسى: هو (عدل) يعني عمر أبي بن كعب، عدل مقبول عندنا إن شهد لك يا أبا موسى، ثم (قال) عمر (يا أبا الطفيل) هو كنية عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي المدني، كان عند عمر وقتئذ (ما يقول هذا) الحاضر مع أبي موسى يعني أبي بن كعب هل يشهد له أم لا فـ (قال) أبي بن كعب (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك) الحديث الذي يرويه أبو موسى، ثم قال أبي بن كعب لعمر (يا ابن الخطاب فلا تكونن عذابًا) أي مشددًا (على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القرطبي:(وقول أبي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لا تكونن عذابًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ما كانوا عليه من القوة في دين الله وعلى قول الحق ومن قبوله والعمل به فإن أبيا أنكر على عمر تهديده لأبي موسى فقام بما عليه من الحق ولما تحقق عمر الحق قبله واعتذر عما صدر منه فـ (قال) عمر (سبحان الله) أي تنزيهًا لله عما لا يليق به من الخطأ (إنما سمعت) أنا (شيئًا) أي طرفًا من هذا الحديث (فأحببت أن أتثبت) فيه وأتيقنه فاعذروني عن هذا الإنكار. قوله (فأحببت أن أتثبت) فيه أن أتحقق وأتاكد من صحته وقد مر أنه أراد سد باب الإكثار من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون التثبت في ذلك ولم يكن ليتهم أبا موسى بالكذب فلا يعارض ما هنا من أنه أخبره أبي بن كعب ما سبق من أنه أخبره أبو سعيد الخدري لأنه أخبره بذلك كلاهما أبو سعيد أتاه أولًا فأخبره في منزله وأبي ثانيًا حتى اجتمع به عمر في المسجد وهذا كله يدل على شهرة الحديث عندهم ومع ذلك فلم يعرفه عمر ولا يستنكر هذا فإنه من ضرورة أخبار الآحاد وشارك المؤلف في هذه الرواية أبو داود [5181].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

5494 -

(00)(00)(وحدثناه عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان) بن صالح بن

ص: 75

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَال: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: نَعَمْ. فَلَا تَكُنْ، يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَمَا بَعْدَهُ.

5495 -

(2116)(181) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَال: أَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَدَعَوْتُ

ــ

عمير الأموي الكوفي، صدوق، من (10) روى عنه في (4)(حدثنا علي بن هاشم) بن البريد مكبرًا العابدي مولاهم الكوفي، الخزاز، صدوق، من (8) روى عنه في (2) بابين (عن طلحة بن يحيى) التيمي المدني (بهذا الإسناد) يعني عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة علي بن هاشم للفضل بن موسى (غير أنه) أي لكن أن علي بن هاشم (قال) في روايته (فقال) عمر لأبي بن كعب (يا أبا المنذر) كنية أبي بن كعب (آنت) أي هل أنت (سمعت هذا) الحديث الذي رواه أبو موسى (من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) أبي (نعم) سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا تكن يا ابن الخطاب عذابًا) أي مشددأ (على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر) علي بن هاشم في روايته (من قول عمر) أي لم يذكر قول عمر (سبحان الله وما بعده) يعني إنما سمعت شيئًا .. إلخ. فمن زائدة في مفعول يذكر والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث جابر رضي الله عنه فقال:

5495 -

(2116)(181)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي (عن شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير مصغرًا التيمي المدني، ثقة، من (3)(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في منزله (فدعوت) أي فاستأذنت في الدخول عليه كما في

ص: 76

فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ هَذَا؟ ". قُلْتُ: أَنَا. قَال: فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: "أَنَا أَنَا! ! "

ــ

الرواية الآتية (فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا) المستأذن؟ قال جابر (قلت) له صلى الله عليه وسلم (أنا) المستأذن (قال) جابر (فخرج) إلي النبي صلى الله عليه وسلم (وهو) أي والحال أنه (يقول) تقول (أنا أنا) مبهمًا نفسك. قال النووي: زاد في رواية (كرهها) قال العلماء: إذا استأذن فقيل له: من أنت؟ أو من هذا؟ كره أن يقول: أنا. لهذا الحديث ولأنه لم يحصل بقوله (أنا) فائدة ولا زيادة بل الإبهام باق بل ينبغي أن يقول فلان باسمه وإن قال أنا فلان فلا بأس به كما قالت أم هانئ حين استأذنت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقالت: أنا أم هانئ. ولا بأس بقوله أنا أبو فلان .. الخ اهـ ولا أنا الشيخ فلان أو القارئ فلان والقاضي فلان إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك يعني أن المقصود تعريف المستأذن نفسه وإزالة الإبهام عنها فبأي شيء يحصل ذلك يلزم عليه أن يورده والله أعلم.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم "أنا أنا" بالتكرير توبيخ لجابر لعدم إفادة قوله المقصود، قال الأبي: وقيل إنما كره ذلك لأنه دق الباب كما جاء في غير مسلم فأنكر عليه الاستئذان بالدق وبغير السلام اهـ ذهني.

قوله (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وزاد البخاري (في دين كان على أبي فدققت الباب) وبه ظهر أن المراد من قوله فدعوت أي استأذنت بدق الباب. قوله (فخرج وهو يقول أنا أنا) هذا يحتمل وجهين الأول أنه أنه كرر لفظ جابر إنكارًا منه عليه. والثاني أنه قال إن لفظ أنا يستعمل لكل متكلم فلا يحصل به التعريف. وبالجملة ففيه كراهة لمثل هذا الجواب فإن المستأذن عليه أن يعرف نفسه بوضوح وإن هذا الجواب ليس فيه فائدة جديدة لمن لا يعرف الصوت وإن كان الآخر يعرف الصوت فإن كلمة أنا مختصرة جدًّا لا تتضح بها مميزات الصوت ثم إن في هذا القول إيهامًا بالكبر حيث يزعم الإنسان أنه غني عن التعريف وهذا وإن كان منتفيًا في حق جابر في ذلك المقام ولكنه تعليم عام.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 320]، والبخاري في الاستئذان [6250]، وأبو داود في الأدب [5187]، والترمذي في الاستئذان [2712]، وابن ماجه في الأدب في باب الاستئذان [3753].

ص: 77

5496 -

(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. وَاللَّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ - (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا) وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَال: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "مَنْ هَذَا؟ ". فَقُلْتُ: أَنَا. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَنَا أَنَا! ! ".

5497 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيلٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِهِمْ: كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5496 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ لأبي بكر قال يحيى أخبرنا وقال أبو بكر حدثنا وكيع عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة وكيع لعبد الله بن إدريس (قال) جابر (استأذنت) في الدخول (على النبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (من هذا) المستأذن (فقلت أنا) المستأذن يا رسول الله (فقال النبي صلى الله عليه وسلم تقول (أنا أنا) مبهمًا نفسك.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5497 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن شميل) المازني البصري، ثقة، من (9)(وأبو عامر العقدي) عبد الملك بن عمرو البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثني وهب بن جرير) بن حازم الأزدي البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثني عبد الرحمن بن بشر) بن الحكم العبدي النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (2)(حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9)(كلهم) أي كل هؤلاء الثلاثة من أبي عامر ووهب وبهز رووا (عن شعبة بهذا الإسناد) يعني عن ابن المنكدر عن جابر غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لعبد الله بن إدريس ووكيع (و) لكن (في حديثهم) أي في حديث هؤلاء الثلاثة لفظة (كأنه) صلى الله عليه وسلم (كره ذلك) الاستئذان من جابر يعني أنا أنا.

ص: 78

5498 -

(2117)(182) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيثُ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى). ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ

ــ

ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما فقال:

5498 -

(2117)(182)(حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح) بن المهاجر المصري (قالا أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (واللفظ ليحيى ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن شهاب أن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي (الساعدي) أبا العباس المدني الصحابي المشهور، له ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما (أخبره) أي أخبر لابن شهاب (أن رجلًا) من المسلمين هو الحكم بن أبي العاص والد مروان بن الحكم كما في مبهمات مسلم، وقيل سعد بن عبادة، وقال الحافظ ابن جحر: والصواب أنه أحد الأعراب أو المنافقين. وهذان السندان من رباعياته (اطلع) أي نظر (في جحر) أي في ثقب (في باب) بيت (رسول الله صلى الله عليه وسلم والجحر بضم الجيم وسكون الحاء ثقب مستدير في حائط أو أرض، وفي الأبي: الجحر بضم الجيم وإسكان الحاء واحد الجحرة على وزن عنبة وهي مكامن الوحش ولما كانت ثقبًا في الأرض شبه الثقب في الباب بها (ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى) بكسر الميم وسكون الدال في آخره ألف مقصورة وهي حديدة يسوى بها شعر الرأس، وقيل هو شبه المشط، وقيل أعواد محددة وتجعل شبه المشط، وقيل هو عود تسوي به المرأة شعرها، والكلمة تذكر وتؤنث ومؤنثها مدراة وجمعها مدارى، وأوضح من هذا وأصح قول النضر بن شميل وابن كيسان أنه عود أو عاج تنشر به المرأة شعرها وتجعده، قال امرؤ القيس:

غدائره مستشزِرَات إلى العلا

تضل المدارى في مثنى ومرسل

وقد عبر عنه في الرواية الأخرى بمشقص وبمشاقص .. إلخ ما في المفهم (يحك به رأسه) أي يسرح به شعر رأسه، وفي بعض الروايات (يرجل) ولا منافاة بينهما لأن

ص: 79

فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَينِكَ" وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ".

5499 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ

ــ

الترجل ربما يسبقه الحك، وفيه استحباب الترجيل وجواز استعمال المدرى قال العلماء: فالترجيل مستحب للنساء مطلقًا وللرجل بشرط أن لا يفعله كل يوم أو كل يومين ونحو ذلك اهـ نووي.

(فلما رآه) أي رأى ذلك الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أعلم أنك) أيها الرجل (تنظرني) وفي بعض الروايات (تنتظرني) وهو بمعنى الأول (لطعنت به في عينك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإذن) أي شرع الاستئذان (من أجل البصر) أي النظر، معناه أن الاستئذان مشروع ومأمور به وإنما جعل لئلا يقع البصر على الحرام فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب ولا غيره مما هو متعرض فيه لوقوع بصره على امرأة أجنبية، وفي هذا الحديث رمي المتطلع بشيء خفيف فلو رماه بخفيف ففقأها فلا ضمان إذا كان قد نظر في بيت ليس فيه امرأة محرم والله أعلم اهـ ذهني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 330]، والبخاري في الاستئذان [6241] وفي غيره، والترمذي في الاستئذان [2709]، والنسائي في القسامة باب في العقول [4859].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما فقال:

5499 -

(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الأنصاري) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يونس لليث بن سعد (أخبره) أي أخبر سهل لابن شهاب (أن رجلًا) من اليهود أو المنافقين (اطلع) أي نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (من جحر) أي من ثقب أو

ص: 80

فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِدْرًى يُرَجِّلُ بِهِ رَأْسَهُ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، طَعَنْتُ بِهِ فِي عَينِكَ. إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ".

5500 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنَا

ــ

خرق كائن (في باب) بيت (رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت نظره إليه (مدرى) أي أعواد محددة مشدود بعضها إلى بعض بخيط وهي في الأرميا (فلا)(يرجل) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يسرح (به) أي بذلك المدرى (رأسه) أي شعر رأسه، وهذا يدل لمن قال إنه مشط أو شبه مشط، وترجيل الشعر تسريحه ومشطه وتكسيره (فقال له) أي لذلك الرجل المطلع عليه (رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أعلم أنك تنظر) إلي (طعنت به) أي بهذا المدرى (في عينك) أي في بصرك (إنما جعل الله الإذن من أجل البصر) يعني أن الاستئذان إنما شرع لوقاية صاحب البيت عن نظر الأجانب فلو استأذن الرجل صاحب البيت وهو يشاهد ما في بيته فإن الاستئذان لا معنى له حينئذ، وأخرج أبو داود عن عبد الله بن بسر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر وذلك أن الدور لم يكن عليها ستور.

وفي الحديث دليل على صحة التعليل القياسي فهو حجة للجمهور على نفاة القياس، وفيه أيضًا دليل على استحباب إصلاح الشعر وإكرامه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كانت له جمة فليكرمها" رواه مالك في الموطإ ولكن لا ينتهي بذلك إلى أن يخرج إلى الترفه والسرف المنهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه فضالة بن عبيد رضي الله عنه حيث قال (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثير من الإرفاه وأمرنا أن نحتفي أحيانًا) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث سهل رضي الله عنه فقال:

5500 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد (الناقد وزهير بن حرب و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر قالوا حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا

ص: 81

أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ. كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيثِ وَيُونُسَ.

5501 -

(2118)(183) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كَامِلٍ، فُضَيلُ بْنُ حُسَينٍ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى وَأَبِي كَامِلٍ - (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَامَ إِلَيهِ بِمِشْقَصٍ

ــ

أبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (حدثنا عبد الواحد بن زياد) العبدي مولاهم البصري، ثقة، من (8)(حدثنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(كلاهما) أي كل من سفيان ومعمر رويا (عن الزهري عن سهل بن سعد) الساعدي رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذان السندان الأول منهما من رباعياته، والثاني من خماسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة سفيان ومعمر لليث بن سعد ويونس بن يزيد كما ذكره المؤلف بقوله وساقا أي وساق سفيان ومعمر (نحو حديث الليث ويونس).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث سهل بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما فقال:

5501 -

(2118)(183)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كامل فضيل بن حسين وقتيبة بن سعيد واللفظ ليحيى وأبي كامل قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا حماد بن زيد) ابن درهم الأزدي البصري (عن عبيد الله بن أبي بكر) بن أنس بن مالك الأنصاري البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (4) أبواب (عن) جده (أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (أن رجلًا) لم أر من ذكره ولعله هو الرجل الذي ذكر في حديث سهل بن سعد وعبر هنا عن المدرى بالمشقص تشبيهًا به لأن المدرى قد يكون من حديد فكلاهما واحد كما يستفاد من المفهم (اطلع) على النبي صلى الله عليه وسلم ونظر إليه (من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم قال القسطلاني: الحجر بضم الحاء وفتح الجيم بلفظ الجمع جمع حجرة بمعنى البيت (فقام إليه) أي إلى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم (بمشقص) بكسر الميم وفتح القاف وهو نصل السهم إذا كان

ص: 82

أَوْ مَشَاقِصَ. فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ.

5502 -

(2119)(174) حَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيتِ قَوْمٍ بِغَيرِ إِذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَينَهُ"

ــ

طويلًا غير عريض قاله الحافظ في الفتح [11/ 25] وقال النووي: هو نصل عريض للسهم (أو مشاقص) شك من الراوي في أن شيخه روى الكلمة مفردة أو جمعًا قال أنس (فكأني) الآن (انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يختله) بفتح الياء وكسر التاء من باب ضرب أي يراوغه ويتغفله، والختل تفويق السهم أو الرمح إلى من هو غافل عن الرامي (ليطعنه) بضم العين وفتحها، والضم أشهر أي ليطعن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الناظر إليه غفلة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الاستئذان [6900] وفي غيره، وأبو داود في الأدب باب الاستئذان [5171]، والترمذي في الاستئذان [2709]، والنسائي في القسامة باب في العقول [4858].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث سعد بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

5502 -

(2119)(174)(حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اطلع) ونظر (في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه) وقوله من اطلع في بيت .. الخ المراد به أن ينظر في بيت من شق باب أو كوة وكان الباب غير مفتوح (فقد حل لهم أن يفقئوا) أي أن يشدخوا عينه أي حدقة عينه في محلها أو أن يخرجوا حدقتها إلى الخارج، قال القرطبي: وهذا نص في الإباحة والتحليل وعلى هذا فلا يلزم ضمان ولا دية إذا وقع ذلك ولا يستبعد هذا من الشرع فإنه عقوبة على جناية سابقة غير أن هذا خرج مخرج التعزيرات لا مخرج الحدود ألا ترى قوله (فقد حل) ولم يقل (فقد وجب) وإنما مقصود هذا الحديث إسقاط القود والمؤاخذة بذلك إن وقع ذلك اهـ من المفهم. والظاهر أنه

ص: 83

5503 -

(00)(00) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَيكَ بِغَيرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَينَهُ، مَا كَانَ عَلَيكَ مِنْ جُنَاحٍ"

ــ

محمول على من لم يمتنع من النظر في البيت إلا به ومن حق الرجل أن يدافع عن نفسه وعن أهل بيته وعن التدخل في خلواته ويجوز له القتال على ذلك فالمراد والله أعلم أنه يجوز لصاحب البيت أن يدفع عنه المطلع بما أمكن له ولو أدى ذلك إلى فقإِ عينه اهـ فتح الباري [12/ 245] وقال في المبارق: عمل الشافعي بهذا الحديث وأسقط عنه ضمان العين قيل هذا عنده إذا فقأها بعد أن زجره فلم ينزجر، وأصح قوليه أنه لا ضمان مطلقًا لإطلاق الحديث، وقال أبو حنيفة: عليه الضمان لأن النظر ليس فوق الدخول ومن دخل بيت غيره بغير إذنه لا يستحق فقأ عينه فبالنظر أولى فالحديث محمول على المبالغة في الزجر اهـ منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الديات [6887 و 6888] وباب من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه فلا دية له [6902]، وأبو داود في الأدب باب في الاستئذان [5172]، والنسائي في القسامة باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان [4860 و 4861].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5503 -

(00)(00)(حدثنا) محمد (بن أبي عمر) العدني (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني الأموي (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأعرج لأبي صالح السمان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلًا اطلع عليك) ونظر في بيتك (بغير إذن) منك (فخذفته) أي رميته (بحصاة) من بين إصبعيك (ففقأت) أي شدخت (عينه ما كان عليك من جناح) أي ذنب فلا ضمان عليك بقود ولا دية، قال القرطبي: وهذا ظاهر قوي في الذي قررناه، ويفيد أيضًا أن هذا الحكم جار فيمن اطلع على عورة الإنسان وإن لم يكن من باب فإن قوله اطلع عليك يتناول كل مطلع كيفما كان ومن أي جهة كان بل يتعين أن يقال إن الشرع إذا علق هذا الحكم على الاطلاع في البيت لأنه مظنة الاطلاع على العورة فلأن يعلق على نفس الاطلاع على

ص: 84

5504 -

(2120)(175) حَدَّثَنِي قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ. كِلاهُمَا عَنْ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ. فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي

ــ

العورة أحرى وأولى وهذا نظر راجح غير أن أصحابنا حكوا الإجماع على أن من اطلع على عورة رجل بغير إذنه ففقأ عينه أنه لا يسقط عنه الضمان كما ذكرناه فإن صح هذا الإجماع فهو واجب الاتباع وإن وجد خلاف فما ذكرناه هو الإنصاف والله أعلم اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال:

5504 -

(2120)(175)(حدثني قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريع) التميمي العيشي البصري، ثقة، من (8)(ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل ابن علية كلاهما) أي كل من يزيد وإسماعيل (عن يونس) بن عبيد بن دينار العبدي مولاهم أبي عبيد البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7) روى عنه في (18) بابا (أخبرنا يونس) ابن عبيد البصري (عن عمرو بن سعيد) القرشي مولاهم أبي سعيد البصري، روى عن رواد مولى المغيرة في الصلاة، وسعيد بن جبير في الصلاة، وأبي زرعة بن عمرو بن جرير في الجهاد وفي الأدب، وحميد بن عبد الرحمن الحميري في الوصايا، وأنس بن مالك في المناقب، ويروي عنه (م عم) ويونس بن عبيد وابن عون وداود بن أبي هند وأيوب السختياني، وثقة النسائي، وقال في التقريب: ثقة، من الخامسة (عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير البجلي الكوفي، ثقة، من (3)(عن) جده (جرير بن عبد الله) بن جابر البجلي الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) جرير (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) حكم (نظر الفجاءة) والبغتة هل يؤاخذ بها أم لا؟ (فأمرني أن أصرف) وأكف (بصري) وأمنعه عن استدامة النظر، والفجاءة بضم الفاء والمد والهمز مصدر فجائي الأمر يفجؤني فجاءة إذا صادفك بغتة من غير قصد ويقال

ص: 85

5505 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. وَقَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

ــ

فاجأني يفاجئني مفاجأة وفجاء وهما لغتان وهي البغتة ومعنى نظر الفجاءة أن يقع نظره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك فيجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه وإن استدام النظر أثم، قال القاضي: وقال العلماء: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي كحالة الشهادة عليها والمداواة لها وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة معها بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع ذلك بقدر الحاجة دون ما زاد اهـ نووي. قال القرطبي: وإنما أمره أن يصرف بصره عن استدامة النظر إلى ما وقع عينه عليه أول مرة ولم يتعرض لذكر النظرة الأولى لأنها لا تدخل تحت خطاب تكليف إذ وقوعها لا يتأتى أن يكون مقصودًا فلا تكون مكتسبة فلا يكون مكلفًا بها فأعرض عما ليس مكلفًا به ونهاه عما يكلف به لأن استدامة النظر مكتسبة للإنسان إذ قد يستحسن ما وافقه بصره فيتابع النظر فيحصل المحظور وهو النظر إلى ما لا يحل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب "لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليس لك الثانية" رواه الحاكم [2/ 194] وفي الأبي: فإن استدام وتأمل المحاسن واللذة أثم ولذا قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه "لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى" وقد أمر بغض البصر كما أمر بحفظ الفرج، وقال:"العين تزني" وفي الجامع الصغير "العينان تزنيان واليدان تزنيان والفرج يزني"(حم) عن ابن مسعود اهـ ذهني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 385]، وأبو داود في النكاح باب ما يؤمر من غض البصر [2148]، والترمذي في الأدب باب ما جاء في نظر الفجاءة [2777].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جرير رضي الله عنه فقال:

5505 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابا (وقال إسحاق) بن إبراهيم أيضًا (أخبرنا وكيع) بن الجراح (حدثنا سفيان) الثوري

ص: 86

كِلاهُمَا عَنْ يُونُسَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

كلاهما) أي كل من عبد الأعلى وسفيان رويا (عن يونس) بن عبيد (بهذا الإسناد) يعني عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة عن جرير بن عبد الله (مثله) أي مثل ما روى هشيم عن يونس، وإنما أعدنا الضمير إلى هشيم لأنه أقرب مذكور والضمير مفرد، ولو قال (مثلهم) بضمير الجمع لكان أصوب وأوفق لاصطلاجاته لأن المتابعين بفتح الباء ثلاثة يزيد وإسماعيل وهشيم والمتابعان بكسر الباء اثنان عبد الأعلى وسفيان، ولعل (ما) هنا تحريف من النساخ.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة: الأول حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثماني متابعات، والثاني حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث سهل بن سعد ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث أنس بن مالك ذكره للاستشهاد، والخامس حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث جرير بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه تعالى.

ووصلنا في كتابة هذا الشرح إلى آخر باب الاستئذان في تاريخ 14/ 10 / 426 اهـ من الهجرة النبوية [5/ 11 / 2005 م] على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم وأرجو الله سبحانه أن يمن علينا بإتمامه بتوفيقه سبحانه.

ص: 87