المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الآداب

- ‌675 - (19) باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان أحب الأسماء إلى اللَّه تعالى، وجواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين، والنهي عن تسمية الرقيق بنافع مثلًا، واستحباب تغيير الأسماء القبيحة إلى حسن، وتحريم التسمي بملك الأملاك مثلًا

- ‌676 - (20) باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته واستحباب تسميته بعبد اللَّه وجواز تكنية الصغير ومن لم يولد له وجواز قوله لغير ابنه: يا بني واستحبابه للملاطفة

- ‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

- ‌672 - (16) باب تسليم الراكب على الماشي وحق الطريق وحقوق المسلم على المسلم والنهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على الصبيان وجواز جعل الإذن رفع الحجاب

- ‌673 - (17) باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان وتحريم الخلوة بالأجنبية ودفع ما يوقع في التهم وظن السوء

- ‌674 - (18) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم وتحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه وإذا قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به ومنع المخنث عن الدخول على النساء الأجانب

- ‌675 - (19) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه لا يغض من قدرها والنهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه

- ‌676 - (20) باب الطب ورقية جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم والعين حق والسحر حق والسم حق واستحباب رقية المريض

- ‌677 - (21) باب رقية المريض بالمعوذات وترخيصها من العين والنملة والحمة والنظرة ما لم يكن فيها شرك وجواز أخذ الأجرة عليها إذا كانت بالقرآن ونحوه

- ‌678 - (22) باب استحباب وضع اليد على موضع الألم عند الدعاء، والتعوذ من شيطان الصلاة، واستحباب التداوي من كل داء، والتداوي من الحمى، والتداوي باللدود، والتداوي بالعود الهندي، والتداوي بالحبة السوداء

- ‌679 - (23) باب التلبينة والتداوي بالعسل وما جاء في الطاعون

- ‌680 - (24) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح والفأل والشؤم

- ‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

- ‌ تفسير ما جاء في أحاديث الحيات من الغريب

- ‌682 - (26) باب الأمر بقتل الوزغ والنهي عن قتل النمل وقتل الهرة وفضل سقي البهائم المحترمة وإطعامها

- ‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرمًا، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

- ‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

- ‌ كتاب الرؤيا

- ‌685 - (20) باب الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا والرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني

- ‌686 - (30) باب لا يخبر بتلعب الشيطان، وفي تأويل الرؤيا، وفيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

الفصل: ‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

5742 -

(2222)(277) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا. فَقَال: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيئًا؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: "هِيهِ"

ــ

684 -

(28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

5742 -

(2222)(277)(حدثنا عمرو) بن محمد (الناقد و) محمد (بن أبي عمر كلاهما عن ابن عيينة قال ابن أبي عمر حدثنا سفيان) بن عيينة (عن إبراهيم بن ميسرة) الطائفي نزيل مكة، ثقة، من (5) روى عنه في (5) أبواب (عن عمرو بن الشريد) بن سويد الثقفي الطائفي، ثقة، من (3) روى عنه في (2) بابين الطب والشعر (عن أبيه) شريد بن سويد الثقفي الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) شريد بن سويد (ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) من الأيام أي ركبت خلفه على دابته (فقال) لي (هل معك) شيء (من شعر أمية بن أبي الصلت) فتنشدني منه (شيئًا) قال النووي: هكذا وقع في معظم النسخ (شيئًا) بالنصب وعلى هذه الرواية يقدر فيه محذوف يعمل فيه النصب كما قدرناه، وعلى رواية الرفع فهو مرفوع على أنه مبتدأ مؤخر خبره الظرف المذكور أولًا وهذا هو الأوضح الأوفق لقواعد النحو دون النصب، وأمية ابن أبي الصلت شاعر جاهلي معروف وقد كان قرأ الكتب السماوية المتقدمة ورغب عن عبادة الأوثان وكان يخبر بأن نبيًّا يبعث في آخر الزمان وقد أظل زمانه وكان يرجو أن يكون ذلك النبي فلما بلغه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصته كفر حسدًا له، وكان يحكي في شعره قصص الأنبياء ويأتي بألفاظ كثيرة لا تعرفها العرب يأخذها من الكتب المتقدمة وبأحاديث من أحاديث أهل الكتاب ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره قال "آمن لسانه وكفر قلبه" اهـ من كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة [ص 277، (قال) شريد بن سويد (نعم) عندي من شعره شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أسمعنيه" فأنشدت له شيئًا فـ (قال) لي (هيه) أي زدنيه، قال الأبي: بكسر الهاء

ص: 405

فَأَنْشَدْتُهُ بَيتًا. فَقَال: "هِيهِ" ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيتًا. فَقَال: "هِيهِ" حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيتٍ

ــ

الأولى وسكون الياء والهاء الأخيرة كلمة استزادة معناها زدني منه شيئًا، وأصلها (إيه) بالهمزة المكسورة فإن نونتها فهي نكرة من أسماء الأفعال بمعنى زدني من أي حديث كان وإن كسرت الهاء الأخيرة ولم تنونها فهي اسم فعل أمر معرفة بمعنى زدني من حديث معهود بيننا فهي كمه وصه في تعريفها وتنكيرها وإعرابها (فأنشدته) أي قرأت له (بيتًا) واحدًا (فقال) لي مرة ثانية (هيه) أي زدني منه شيئًا (ثم أنشدت بيتًا) آخر (فقال) مرة ثالثة (هيه) فزدته (حتى أنشدته مائة بيت) من شعر أمية.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الأدب باب الشعر [3803].

قوله (حتى أنشدته مائة بيت) فيه جواز إنشاد الشعر "وهو قراءة شعر الغير" وجواز إنشائه "وهو ابتداء الشعر وتأليفه من عند نفسه" ومما يدل على الجواز أيضًا ما أخرجه البخاري في الأدب عن أبي بن كعب رضي الله عنه برقم [6145] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن من الشعر حكمة" وقد ثبت سماع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر في غير ما حديث وكان يوضع المنبر في المسجد النبوي لحسان بن ثابت رضي الله عنه فينشد الأشعار ينافح بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودل على ذم الشعر والشعراء قوله تعالى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225)} الآيات وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة الآتي في هذا الباب "لأن يمتلئ جوف الرجل قيحًا يريه خير من أن يمتلئ شعرًا" ويجمع بين هذه النصوص المتعارضة بما ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها فيما أخرج عنها البخاري بسند حسن في الأدب المفرد قالت (الشعر منه حسن ومنه قبيح خذ الحسن ودع القبيح) وبما أخرجه أبو يعلى بسند ضعيف عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا "الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام".

فالمذموم من الشعر ما اشتمل على الكفر أو على الفسق كالدعاوي الكاذبة لقوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)} أو على الكلام الفاحش أو التغزل بأجنبية معينة أو بالأمرد أو هجاء إنسان بغير حق أو هجاء قبيلة لأجل رجل منهم أو غير ذلك من المعاصي فلا يجوز إنشاء مثله أو إنشاده إلا استشهادًا في اللغة وكذلك يذم من الشعر ما غلب على الإنسان بحيث صده عن القرآن والعلم وذكر الله تعالى فإذا بلغ هذا المبلغ لم

ص: 406

5743 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّرِيدِ

ــ

يجز وإن كان مشتملًا على معان مباحة وإلى هذا المعنى أشار البخاري في صحيحه حيث عقد ترجمة بقوله: "باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى جصده عن ذكر الله تعالى والعلم والقرآن".

أما إذا اشتمل الشعر على معنى حسن كالتوحيد وحمد الله تعالى والثناء عليه ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر معاني البر والخير كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان الأحكام الأصولية والفقهية والقواعد العربية فهو مثاب عليه إن شاء الله تعالى، وإذا اشتمل الشعر على معنى مباح فهو مباح وقد أخرج البغوي في معجم الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لمالك بن عمير الأسلمي الشاعر رضي الله عنه أن يشبب بامرأته ويمدح راحلته كما سيأتي إن شاء الله تعالى وكذلك ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع قصائد حسان وكعب رضي الله عنهما مع ما اشتملت عليه من التشبيب بامرأة مبهمة ولم ينكر عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فدل ذلك على جواز التشبيب بامرأة غير معينة اهـ من التكملة بزيادة وتصرف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث شريد بن سويد رضي الله عنه فقال:

5743 -

(00)(00)(وحدثنيه زهير بن حرب وأحمد بن عبدة) بن موسى الضبي البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (جميعًا عن) سفيان (بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة) الطائفي (عن عمرو بن الشريد أو) قال إبراهيم بن ميسرة: عن (يعقوب بن عاصم) بن عروة بن مسعود الثقفي الطائفي، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص في الفتن، والشريد بن سويد أو عمرو بن الشريد في الشعر، ويروي عنه (م د س) وإبراهيم بن ميسرة والنعمان بن سالم ويعلي بن عطاء وآخرون، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: مقبول، من الثالثة، والشك من سفيان هل روى عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن الشريد أو روى إبراهيم عن يعقوب عن الشريد (عن الشريد) بن سويد. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة زهير بن حرب وأحمد بن عبدة

ص: 407

قَال: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ. فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.

5744 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ. ح وَحَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: اسْتَنْشَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيسَرَةَ. وَزَادَ:

ــ

لعمرو الناقد وابن أبي عمر (قال) شريد بن سويد (أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه فذكر) أي الراوي المتابع بكسر الباء وهو زهير بن حرب وأحمد بن عبدة (بمثله) أي بمثل الراوي المتابع بفتح الباء وهو عمرو الناقد وابن أبي عمر، ولعل في هذا الكلام تحريفًا، والصحيح الموافق لاصطلاحاته أن يقال (فذكر بمثلهما) بألف التثنية وضميرها والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث شريد بن سويد رضي الله عنه فقال:

5744 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا المعتمر بن سليمان) ابن طرخان التيمي البصري، ثقة، من كبار (9) روى عنه في (10) أبواب، وليس عندهم معتمر إلا هذا (ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (كلاهما) أي كل من المعتمر وعبد الرحمن رويا (عن عبد الله بن عبد الرحمن) بن يعلى بن كعب الثقفي أبي يعلى (الطائفي) روى عن عمرو بن الشريد في الشعر وعطاء، ويروي عنه (م س ق) والمعتمر بن سليمان وعبد الرحمن بن مهدي والثوري، قال ابن معين: صالح، وقال مرة: ليس به بأس، وقال الدارقطني: طائفي يعتبر به، وقال العجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، يخطئ ويهم، من السابعة (عن عمرو بن الشريد عن أبيه) شريد بن سويد رضي الله عنه. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة عبد الله بن عبد الرحمن لإبراهيم بن ميسرة (قال) شريد بن سويد (استنشدني) أي طلب مني (رسول الله صلى الله عليه وسلم إنشاد شعر أمية بن أبي الصلت، وساق عبد الله بن عبد الرحمن (بمثل حديث إبراهيم بن ميسرة و) لكن (زاد) عبد الله بن

ص: 408

قَال: "إِنْ كَادَ لَيُسْلِمُ". وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ قَال: "فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِمُ فِي شِعْرِهِ".

5745 -

(2223)(278) حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. جَمِيعًا عَنْ شَرِيكٍ

ــ

عبد الرحمن على إبراهيم بن ميسرة لفظة (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إن كاد) أي إن الشأن والحال كاد وقرب أمية بن أبي الصلت فإن مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة بعدها (ليسلم) في شعره بلسانه لا بقلبه حيث قال في شعره:

مليك على عرش السماء مهيمن

لعزته تعنو الوجوه وتسجد

وقوله (تعنو) أي تخضع نظير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} (وفي حديث ابن مهدي) وروايته (قال) النبي صلى الله عليه وسلم لفظة (فلقد كاد) أمية أي قارب أن (يسلم في شعره) حيث قال نحو قوله مليك على عرش السماء الخ ولكن إسلامه لساني لا اعتقادي والله أعلم. والمراد أن المعاني التي أتى بها أمية بن أبي الصلت في أشعاره معان صحيحة حكمية لا تصدر في الغالب إلا عن رجل مسلم فكاد أمية أن يسلم ولكنه لم يقدر له ذلك؛ أي قارب أن يسلم لأن أكثر أشعاره يشعر بالتوحيد، قال القسطلاني: كان من شعراء الجاهلية وأدرك مبادئ الإسلام بلغه خبر البعث لكنه لم يوفق للإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتعبد في الجاهلية وأكثر في شعره من التوحيد وكان غواصًا على المعاني معتنيًا بالحقائق ولذا استحسن صلى الله عليه وسلم شعره واستزاد من إنشاده اهـ، قال النووي: ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استحسن شعر أمية واستزاد من إنشاده لما فيه من الإقرار بالوحدانية والبعث، وفي الحديث دلالة على جواز إنشاد الشعر الذي لا فحش فيه وسماعه سواء شعر الجاهلية وغيرهم وإن المذموم من الشعر الذي لا فحش فيه إنما هو الإكثار منه وكونه غالبًا على الإنسان فأما يسيره فلا بأس بإنشاده وسماعه وحفظه اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث شريد بن سويد بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

5745 -

(2223)(278)(حدثني أبو جعفر محمد بن الصباح) البغدادي البزاز صاحب السنن، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (وعلي بن حجر السعدي) المروزي (جميعًا عن شريك) بن عبد الله بن أبي شريك سنان بن أنس، صدوق، من (8)

ص: 409

قَال ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَشْعَرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ"

ــ

روى عنه في (8) أبواب (قال ابن حجر أخبرنا شريك) بصيغة السماع (عن عبد الملك بن عمير) الفرسي اللخمي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (15) بابا (عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أشعر كلمة) والمراد بالكلمة القطعة من الكلام أي أبلغ كلمة (تكلمت بها العرب) شعرًا (كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) أي زائلٌ فانِ منعدم، قال العيني ولبيد هذا هو ابن ربيعة بن مالك العامري أبو عقيل الكوفي عاش مائة وأربعًا وخمسين سنة مات في خلافة عثمان رضي الله عنهم اهـ وكان من شعراء الجاهلية وفرسانهم أدرك الإسلام وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني كلاب فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم ثم قدم لبيد الكوفة فأقام بها إلى زمن معاوية حتى توفي بها وقد عمر مائة وعشرين سنة وقيل مائة وثلاثين وقيل مائة وأربعين منها تسعون سنة في الجاهلية وباقيتها في الإسلام وهو القائل هذا البيت:

ولقد سئمت من الحياة وطولها

وسؤال هذا الناس كيف لبيد

ولما كتب عمر رضي الله عنه إلى عامله في الكوفة سل لبيدًا والأغلب العجلي ما أحدثا من الشعر في الإسلام سأله العامل فقال لبيد: أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران فزاد عمر في عطائه ويقال إنه ما قال في الإسلام إلا بيتًا واحدًا فقيل هو قوله:

الحمد لله إذ لم يأتني أجلي

حتى كسان من الإسلام سربالا

وقيل هو قوله:

ما عاتب المرء الكريم كنفسه

والمرء يصلحه الجليس الصالح

وكان عطاؤه ألفين فزاد فيه عمر رضي الله عنه حتى صار ألفين وخمس مائة فلما تولى معاوية الخلافة سأله (هذان الفودان) فما بال (العلاوة) يعني بالفودين الألفين وبالعلاوة الخمسمائة، وأراد أن يحطه إياها فقال: أموت الآن وتبقى لك العلاوة

ص: 410

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والفودان فرق له معاوية وترك عطاءه على حاله فمات بعد ذلك بيسير، وكان لبيد من أسخياء الناس، وكذلك أبوه ربيعة حتى كان يقال لأبيه ربيع المقترين، وكان لبيد قد حلف أن لا تهب الصبا إلا أطعم الناس، وفيه قال الوليد بن عقبة:

أرى الجزار يشحذ شفرتيه

إذا هبت رياح أبي عقيل

أشم الأنف أصيد عامري

طويل الباع كالسيف الصقيل

قاله الحافظ في الإصابة [3/ 307] وابن قتيبة في الشعر والشعراء ص (123 و 124).

وقوله (ألا كل شيء) .. الخ هو مبتدأ مضاف إلى النكرة مفيد للاستغراق وخبره (باطل) ومعناه فانٍ ومضمحل ولذا قال صلى الله عليه وسلم في حقه أصدق كلمة لموافقة هذا المصراع لِأصدق الكلام وهو قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيهَا فَانٍ (26)} وقوله (ما خلا الله) بنصب الجلالة بخلا والمعنى كل شيء خلا الله وخلا صفاته تعالى فانٍ إلا ما شاء الله تعالى أو المعنى كل شيء سوى الله جائز عليه الفناء لذاته اهـ قسطلاني، والمراد أن الله تعالى هو المستقل بالوجود وليس في الكون ما يستقل بوجوده إلا الله تبارك وتعالى فإنه لا يحتاج إلى خالق موجد بخلاف جميع الأشياء فإنها تحتاج إلى مكون وموجد لها وهذا طرف من قصيدته المشهورة وفيها:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

إذا المرء أسرى ليلة ظن أنه

قضى عملًا والمرءُ ما عاش عامل

حبائله مبثوثة بسبيله

ويفنى إذا ما أخطأته الحبائل

وكل امرئ يومًا سيعلم سعيه

إذا كشفت عند الإله المحاصل

ذكره ابن قتيبة في كتابه المذكور آنفًا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري ذكره في مواضع كثيرة منها في الأدب في باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء [3847]، والترمذي في الأدب [2849]، وابن ماجه في الأدب [3802].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 411

5746 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالهَا شَاعِرٌ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ

وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ".

5747 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَصْدَقُ بَيتٍ

ــ

5746 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون) السمين البغدادي (حدثنا) عبد الرحمن (بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الكوفي (حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لشريك بن عبد الله، وفائدتها تقوية السند الأول (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق كلمة قالها شاعر) من شعراء العرب (كلمة لبيد) أي قطعة قالها لبيد من الشعر وهي قوله (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) وكل نعيم لا محالة زائل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) بلسانه لا بقلبه حيث قال: مليك على عرش السماء مهيمن.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5747 -

(00)(00)(وحدثني) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة زائدة لشريك بن عبد الله، وفائدتها تقوية السند الأول (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصدق بيت) يعني شطر بيت أو مع الشطر

ص: 412

قَالهُ الشَّاعِرُ:

أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ

وَكَادَ ابْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ".

5748 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال: "أَصْدَقُ بَيتٍ قَالتْهُ الشُّعَرَاءُ:

أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ "

5749 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ:

ــ

الثاني (قاله الشاعر) قول لبيد (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) وكل نعيم لا محالة زائل (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) حيث قال: مليك على عرش السماء مهيمن.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:

5748 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرصه بيان متابعة شعبة لشريك بن عبد الله، وفائدتها أيضًا تقوية السند الأول (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أصدق بيت قالته الشعراء) قول لبيد (ألا كل شيء ما خلا الله باطل).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

5749 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يحيى بن زكرياء) بن أبي زائدة (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (قال) أبو سلمة (سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (يقول) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة إسرائيل لشريك بن عبد الله، وفائدتها تقوية

ص: 413

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ: "إِنَّ أَصْدَقَ كَلِمَةٍ قَالهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ"

مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ.

5750 -

(2224)(279) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ. كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيحًا يَرِيهِ،

ــ

السند الأول (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أصدق كلمة قالها شاعر) من الشعراء (كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، ما زاد) إسرائيل شيئًا من الكلام (على ذلك) أي على قوله (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) أي ما زاد تمام البيت، ولا مثل قول بعض الرواة (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث شريد بن سويد بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

5750 -

(2224)(279)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص) بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (وأبو معاوية) محمد بن خازم الضرير (ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية كلاهما) أو كل من حفص وأبي معاوية رويا (عن الأعمش ح وحدثنا أبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي (حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذه الأسانيد كلها من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يمتلئ جوف الرجل قيحًا) أي صديدًا (يريه) أي يرى ذلك القيح جوفه، وضمير الفاعل المستتر يعود على القيح، والضمير البارز في محل النصب مفعول به يعود على الجوف وبني على الكسر لوقوعه بعد الياء كما بسطنا الكلام فيه في تفسيرنا حدائق الروح، وجملة يمتلئ مع أن المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء،

ص: 414

خَيرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا".

قَال أَبُو بَكْرٍ: إِلَّا أَنَّ حَفْصًا لَمْ يَقُلْ: "يَرِيهِ".

5751 -

(2225)(280) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ

ــ

والخبر قوله (خير من أن يمتلئ شعرًا) والتقدير لامْتِلَاءُ جوف الرجل قيحًا يفسده خير من امتلائه شعرًا أي أخف ضررًا لأن الشعر يهلكه هلاكًا أخرويًا، والوري أي الداء يهلكه هلاكًا دنيويًا وهو أخف من الهلاك الأخروي يقال ورى الداء الرجل يري وريًا من باب رمى إذا أصاب رئته وورى القيح جوفه إذا أفسده وأكله والاسم منه الوَرْي يقال وري الرجل إذا أصابه الوَرْي فهو مورُوٌّ وموريٌّ، والورى بسكون الراء مصدر وبفتحها اسم مصدر وهو قيح في الجوف أو قرح يقع في قصب الرئتين اهـ، والمراد أن يكون الشعر غالبًا عليه مستوليًا عليه بحيث يشغله عن القرآن وغيره من العلوم الشرعية وذكر الله تعالى وهذا مذموم من أي شعر كان، وأما إذا كان القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه فلا يضر حفظ اليسير من الشعر مع هذا لأن جوفه ليس ممتلئًا شعرًا اهـ نووي (قال أبو بكر) بن أبي شيبة (إلا أن حفصًا) ابن غياث (لم يقل) لفظة (يريه) وإنما قالها أبو معاوية.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر [6155] وأبو داود في الأدب باب ما جاء في الشعر [5009]، والترمذي في الأدب [2851]، وابن ماجه في الأدب [3894].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث شريد بن سويد بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما فقال:

5751 -

(2225)(280)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير) الباهلي أبي غلاب بالمعجمة المفتوحة واللام المشددة بعدها موحدة البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن محمد بن سعد) بن أبي وقاص، ثقة، عن (3) روى عنه في (4) أبواب (عن) أبيه

ص: 415

سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيحًا يَرِيهِ خَيرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا".

5752 -

(2226)(281) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ يُحَنِّسَ، مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: بَينَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ، إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا الشَّيطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيطَانَ،

ــ

(سعد) بن أبي وقاص رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا يريه) أي يري ذلك القيح جوفه ويفسده ويأكله (خير) أي أخف وأسهل عقوبة (من أن يمتلئ شعرًا) بحيث يمنعه من تلاوة القرآن ودراسة العلوم الشرعية والحديث من أي شعر كان هجوآ كان أو غيره قد تقدم البسط في هذه الكلمات آنفًا فراجعها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في الأدب [2852]، وابن ماجه في الأدب [3805].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث شريد بن سويد بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما فقال:

5752 -

(2226)(281)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل (الثقفي) البلخي (حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري (عن) يزيد بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي المدني (عن يحنس) بضم الياء وتشديد النون المفتوحة ثم مهملة ابن عبد الله المدني الأسدي مولاهم (مولى مصعب بن الزبير) بن العوام، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو سعيد (بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج) بفتح العين المهملة وسكون الراء هي قرية جامعة من عمل الفرع على نحو ثمانية وسبعين ميلًا من المدينة (إذ عرض) وظهر لنا (شاعر ينشد) أي يقرأ شعرًا لغيره، وقد ذكرنا الفرق بين الإنشاد والإنشاء في أوائل الباب فراجعه (فقال) لنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا الشيطان أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم (أمسكوا الشيطان) والشك من الراوي والمعنى واحد يعني الشاعر ثم قال

ص: 416

لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيحًا، خَيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا".

5753 -

(2227)(282) حَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ"

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأن يمتلئ جوف رجل قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا) وكأنه هجا المسلمين بشعره.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه فقال:

5753 -

(2227)(282)(حدثنا زهير حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (عن سفيان) الثوري (عن علقمة بن مرثد) الحضرمي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (10) أبواب (عن سليمان بن بريدة) بن الحصيب الأسلمي المروزي، ثقة، من (3)(عن أبيه) بريدة بن الحصيب رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنردشير) بفتح النون وسكون الراء وفتح الدال وكسر الشين كلمة فارسية معربة تستعمل في اللعب المعروف وهو في الأصل اسم ملك من الأعاجم سمي اللعب باسمه لكونه قد وضع له كما نقله ابن عابدين عن المهمات، والنرد جوالق واسع الأسفل مخروط الأعلى يتخذ من خوص النخل ولعبة وضعها ملوك الفرس وتعرفها العامة بلعب الطاولة وبالكعاب (فكأنما صبغ) وغمس (يده في لحم الخنزير) بالأكل منه (و) غمس يده في (دمه) أي في دم الخنزير بذبحه، قال ابن فرشته، قيل المراد به هنا الأكل منه لأن الغمس في اللحم يكون في حالة الأكل غالبًا فيكون اللعب به حرامًا لتشبيهه صلى الله عليه وسلم بالمحرم، وعليه اتفق العلماء .. إلخ، قال النووي: وهذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد، وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا: يكره ولا يحرم، وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه وليس بحرام وهو مروي عن جماعة من التابعين، وقال مالك

ص: 417

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأحمد: حرام اهـ ويقوي قولهما حديث الجامع الصغير (ملعون من لعب بالشطرنج والناظر إليها كالآكل لحم الخنزير) قال المناوي: وأكل لحم الخنزير حرام ومن ثم ذهب الأئمة الثلاثة إلى تحريم اللعب به، وقال الشافعي: يكره ولا يحرم وهذا إذا لم يقامر ولم يداوم ولم يخل بواجب وإلا فهو حرام بالإجماع اهـ ذهني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب اللعب بالنرد [4939]، وابن ماجه في الأدب باب اللعب بالنرد [3808].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة: الأول حديث شريد بن سويد ذكره للاستدلال على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات، والثالث حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد، والرابع حديث سعد بن أبي وقاص ذكره للاستشهاد، والخامس حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد، والسادس حديث بريدة بن الحصيب ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 418