المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الآداب

- ‌675 - (19) باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان أحب الأسماء إلى اللَّه تعالى، وجواز التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين، والنهي عن تسمية الرقيق بنافع مثلًا، واستحباب تغيير الأسماء القبيحة إلى حسن، وتحريم التسمي بملك الأملاك مثلًا

- ‌676 - (20) باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته واستحباب تسميته بعبد اللَّه وجواز تكنية الصغير ومن لم يولد له وجواز قوله لغير ابنه: يا بني واستحبابه للملاطفة

- ‌677 - (21) باب الاستئذان وكيفيته وعدده وكراهية قول المستأذن: أنا إذا قيل له: من هذا؟ وتحريم النظر في بيت غيره ونظر الفجأة

- ‌672 - (16) باب تسليم الراكب على الماشي وحق الطريق وحقوق المسلم على المسلم والنهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على الصبيان وجواز جعل الإذن رفع الحجاب

- ‌673 - (17) باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان وتحريم الخلوة بالأجنبية ودفع ما يوقع في التهم وظن السوء

- ‌674 - (18) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم وتحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه وإذا قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به ومنع المخنث عن الدخول على النساء الأجانب

- ‌675 - (19) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه لا يغض من قدرها والنهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه

- ‌676 - (20) باب الطب ورقية جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم والعين حق والسحر حق والسم حق واستحباب رقية المريض

- ‌677 - (21) باب رقية المريض بالمعوذات وترخيصها من العين والنملة والحمة والنظرة ما لم يكن فيها شرك وجواز أخذ الأجرة عليها إذا كانت بالقرآن ونحوه

- ‌678 - (22) باب استحباب وضع اليد على موضع الألم عند الدعاء، والتعوذ من شيطان الصلاة، واستحباب التداوي من كل داء، والتداوي من الحمى، والتداوي باللدود، والتداوي بالعود الهندي، والتداوي بالحبة السوداء

- ‌679 - (23) باب التلبينة والتداوي بالعسل وما جاء في الطاعون

- ‌680 - (24) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح والفأل والشؤم

- ‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

- ‌ تفسير ما جاء في أحاديث الحيات من الغريب

- ‌682 - (26) باب الأمر بقتل الوزغ والنهي عن قتل النمل وقتل الهرة وفضل سقي البهائم المحترمة وإطعامها

- ‌683 - (27) باب النهي عن سب الدهر وتسمية العنب كرمًا، وقول: يا عبدي يا أمتي، والنهي عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وكون المسك أطيب الطيب، وكراهة رد هدية الطيب والريحان واستعمال البخور

- ‌684 - (28) باب إنشاد الشعر وجواز استماعه إذا لم يكن فيه بأس وتحريم اللعب بالنردشير

- ‌ كتاب الرؤيا

- ‌685 - (20) باب الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا والرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني

- ‌686 - (30) باب لا يخبر بتلعب الشيطان، وفي تأويل الرؤيا، وفيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

الفصل: ‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

‌681 - (25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

5670 -

(2194)(249) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُعَاويةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ. قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا في الْجَاهِلِيَّةِ. كُنَّا نَأتِي الْكُهَّانَ

ــ

681 -

(25) باب النهي عن الكهانة وإتيان أهلها وما جاء في الخط ورمي النجوم للشياطين عند استراق السمع واجتناب المجذوم ونحوه وقتل الحيات ونحوها

واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة بحديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه فقال:

5670 -

(2194)(249)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي المصري (وحرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري (قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني (عن معاوية بن الحكم السلمي) المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) معاوية بن الحكم (قلت يا رسول الله) أسألك (أمورًا) كثيرة (كنا نصنعها في الجاهلية) ونتدين بها هل نستمر عليها أم نتجنبها منها؟ أنا كنا في الجاهلية (نأتي الكهان) ونستخبرهم عن المغيبات ونصدقهم فيما أخبروا لنا فهل يجوز لنا ذلك أم لا؟ والكهان جمع كاهن ككتاب جمع كاتب من الكهانة بفتح الكاف وكسرها مصدر كهن الثلاثي من باب ذهب، والكاهن هو الذي يتعاطى الإخبار عما في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار، وقد كان في العرب كهنة كشق وسطيح ونحوهما كالموبذان فمنهم من كان يزعم أن له وليًّا من الجن يلقي إليه الأخبار ومنهم من يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل له على موافقتها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما

ص: 322

قَال: "فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ" قَال: قُلْتُ: كُنَّا نَتَطَيَّرُ. قَال: "ذَاكَ شَيءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ في نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ".

5671 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنِي حُجَينٌ، (يَعْنِي ابنَ الْمُثَنَّى)، حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَنْ عُقَيلٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبراهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا

ــ

كالناشزة، وقال الخطابي: الكهنة قوم لهم أذهان حادة ونفوس شريرة وطباع نارية فألفتهم الشياطين لما بينهم من التناسب في هذه الأمور وساعدتهم بكل ما تصل قدرتهم إليه اهـ من القسطلاني، فـ (قال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا تأتوا الكهان) ولا تستخبروهم ولا تصدقوهم فيما أخبروكم (قال) معاوية بن الحكم (قلت) يا رسول الله ومنها أنا (كنا نتطير) ونتشاءم بمرور الطير قدامنا إذا سافرنا لحوائجنا ونرجع من سفرنا ونترك قضاء حوائجنا كراهية بمرورها قدامنا فـ (قال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) التطير وتلك الكراهية (شيء يجده أحدكم في نفسه) وقلبه في العادة بل هو خيال لا يوجد في الخارج (فلا يصدنكم) أي لا يمنعنكم ذلك التطير عن قضاء حاجتكم ولا تلتفتوا إليه ولا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه قبل ذلك المرور الذي تطيرتم به، ومعنى فلا يصدنكم أن الطيرة أمر خيالي يقع في قلوبكم ولا أصل له في نفس الأمر فلا يصدنكم التطير عما أردتم فعله اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 443 و 5/ 447 و 449]، وأبو داود في الصلاة باب تشميت العاطس في الصلاة [390] وفي الطب باب في الخط وزجر الطير [3909]، والنسائي في السهو باب الكلام في الصلاة [8/ 12].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5671 -

(00)(00)(وحدّثني محمَّد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (11) بابا (حدثني حجين يعني ابن المثنى) اليمامي أبو عمرو البغدادي، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا الليث) بن سعد المصري (عن عقيل) بن خالد المصري (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (وعبد بن حميد) الكسي (قالا أخبرنا عبد الرزاق) بن همام (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (ح وحدثنا

ص: 323

أَبُو بَكرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ. حَدَّثَنَا ابنُ أبِي ذِئْبٍ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بن عِيسى. أخْبَرَنَا مَالِكٌ. كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنادِ، مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ. غَيرَ أن مَالِكًا في حَدِيثِهِ ذَكَرَ الطِّيَرَةَ، وَلَيسَ فِيهِ ذِكْرُ الْكُهَّانِ

ــ

أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة بن سوار) المدائني أبو عمرو الفزاري مولاهم، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب، وليس في مسلم من اسمه شبابة إلا هذا الثقة (حدثنا) محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (ابن أبي ذئب) هشام بن شعبة القرشي العامري أبو الحارث المدني، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (ح وحدّثني محمَّد بن رافع أخبرنا إسحاق بن عيسى) بن نجيح البغدادي، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (أخبرنا مالك) بن أنس الأصبحي المدني (كلهم) أي كل من عقيل ومعمر وابن أبي ذئب ومالك بن أنس رووا (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن معاوية بن الحكم، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الأربعة ليونس بن يزيد، وفائدتها تقوية السند الأول وبيان كثرة طرقه وساقوا (مثل معنى حديث يونس) بن يزيد (غير أن مالكًا) أي لكن أن مالك بن أنس (في حديثه ذكر) أي في روايته (الطيرة وليس فيه) أي في حديث مالك (ذكر الكهان).

قال القاضي أبو الفضل: كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب: أحدها أن يكون للإنسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء وهذا القسم بطل من حين بعث الله تعالى نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم. الثاني أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوها ولا استحالة في ذلك ولا بعد في وجوده لكنهم يصدقون ويكذبون والنهي عن تصديقهم والسماع منهم عام. والثالث المنجمون وهذا الضرب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما لكن الكذب فيه أغلب ومن هذا الفن العرافة وصاحبها العراف وهو الذي يستدل على الأمور بأسبابها ومقدمات يدعي معرفتها بها اهـ كلام القاضي. قال القرطبي: وإذا كان كذلك فسؤالهم عن غيب ليخبروا عنه حرام وما يأخذون على ذلك حرام ولا خلاف فيه لأنه حلوان الكاهن المنهي عنه والله أعلم اهـ من المفهم.

ص: 324

5672 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. قَالا: حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ، (وَهُوَ ابنُ عُلَيَّةَ)، عَن حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن إِبرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا الأَوزَاعيُّ. كِلاهُمَا عَن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلالِ بنِ أَبِي مَيمُونَةَ، عَن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَن مُعَاويةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعنَى حَدِيثِ الزُّهرِيِّ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن مُعَاويةَ. وَزَادَ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه فقال:

5672 -

(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن الصباح) الدولابي مولدًا أبو جعفر الرازي ثم البغدادي صاحب السنن، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري (وهو ابن علية) اسم أمه وهي مولاة لبني أسد بن خزيمة، ثقة، من (8) روى عنه في (15) بابا (عن حجاج) بن أبي عثمان ميسرة أو سالم (الصواف) الخياط أبي الصلت الكندي مولاهم البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (حدثنا) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) الشامي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابًا (كلاهما) أي كل من الحجاج والأوزاعي رويا (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم اليمامي ثقة من (5) روى عنه في (16) بابا (عن هلال) بن علي بن أسامة (بن أبي ميمونة) القرشي العامري مولاهم المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن معاوية بن الحكم السلمي) رضي الله عنه. وهذان السندان من سباعياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن أبي كثير للزهري ولكنها متابعة ناقصة لأن يحيى روى عن معاوية بواسطة هلال وعطاء، والزهري روى بواسطة أبي سلمة (عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق يحيى بن أبي كثير (بمعنى حديث الزهري عن أبي سلمة عن معاوية) بن الحكم لا بلفظه (وزاد) الراوي عن يحيى بن أبي كثير ولو قال (وزادا) بألف التثنية كما في بعض النسخ لكان أوضح وأسلم من التجوز لأن الذي روى عن يحيى اثنان حجاج

ص: 325

في حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَال: قُلتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَال: "كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ"

ــ

الصواف والأوزاعي أي وزاد الراوي (في حديث يحيى بن أبي كثير) وروايته لفظة (قال) معاوية بن الحكم (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ومنا) معاشر الجاهلية (رجال يخطون) أي يسطرون في الرمل بخطوط مخصوصة الأعداد ثم يمسحونها أشفاعًا أو أوتارًا ويستدلون بما بقي بعد المسح شفعًا كان أو وترًا على النجاح في حوائجهم أو على ضده فهل ذلك الخط عمله حلال أو حرام فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم (كان نبي من الأنبياء) عليهم السلام (يخط) أي يستدل بخط يخطه في الرمل على النجاح في حاجته أم لا؟ قيل ذلك النبي دانيال وقيل إدريس (فمن وافق خطه) منكم خط ذلك النبي (فذاك) الموافق خطه خط ذلك النبي عمله صحيح حلال ومن لم يوافق فلا فالموافقة وعدمها غير معلوم لنا فهو حرام لأنه نوع من أنواع الكهانة. قوله (فذاك) أي فذاك هو الذي يصيب وهو خبر عن الوقوع وعن وجه الإصابة فيه أحيانًا لا خبر عن الجواز كما أخبر أن علم النجوم كان آية لبعض الأنبياء ثم منع الشرع النظر فيه ودخل تحت هذا النهي عن الكهانة قيل فيه رخصة للنظر في الخط، وقد تقدم أول الكتاب الكلام على ذلك اهـ من الأبي.

قوله (كان نبي) .. إلخ قيل دانيال وقيل إدريس عليهما السلام (يخط) بأمر إلهي أو علم لدني (فمن وافق خطه) بالنصب على أنه مفعول، وفي نسخة بالرفع على الفاعلية فالمفعول مقدر اهـ مرقاة، أقول وعلى الأول فالفاعل مقدر أي فمن وافق خطه خطه أي خط ذلك النبي عليه السلام.

قوله (فمن وافق خطه فذاك) أي فهو مصيب وهذا كالتعليق بالمحال وحاصله أن النبي الذي كان يخط كان يفعل ذلك على طريق معجزة أوتيها ولا سبيل لأحد إلى أن يعرف طريق خطه وكيفيتها حتى يوافقه في ذلك فانعدم الشرط وبقي الحظر والمنع فأما ما يدعيه أصحاب الرمل اليوم فليس إلا تخمينًا ولا يفيد علمًا يقينًا كما أفاد ذلك النبي عليه السلام، وقد نهينا عن اتباع الظن والتخمين وعن الاشتغال بما لا يعنينا ومن ثم وقع النهي عن الاشتغال بهذه الأشياء.

وذكر في كشف الظنون ناقلًا عن كتاب مصباح الرمل أن هذا العلم كان معجزة

ص: 326

5673 -

(2195)(250) وحدّثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ، أخْبَرَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهرِيِّ، عَنْ يَحيَى بنِ عُروَةَ بنِ الزُّبَيرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائشَةَ قَالتْ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ الكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا

ــ

أعطيت لستة أنبياء عليهم السلام وهم آدم وإدريس ولقمان وأرميا وشعيا ودانيال صلى الله تعالى على نبينا وعليهم وسلم تسليمًا، وعلم الرمل عرفه حاجي خليفة في كشف الظنون [1/ 912] بقوله هو علم يعرف به الاستدلال على أحوال المسألة حين السؤال بأشكال الرمل وهي اثنا عشر شكلًا على عدد البروج وأكثر مسائل هذا الفن أمور تخمينية مبنية على التجارب فليس بتام الكفاية لأنهم يقولون كل واحد من البروج يقتضي حرفًا معينًا وشكلًا من أشكال الرمل فإذا سُئل عن المطلوب فحينئذ تقتضي وقوع أوضاع البروج شكلًا معينًا فيدل بسبب المدلولات وهي البروج على أحكام مخصوصة مناسبة لأوضاع تلك البروج لكن المذكورات أمور تقريبية لا يقينية اهـ، قال النووي: واختلف العلماء في معنى هذا الحديث والصحيح أن معناه من وافق خطه فهو مباح له ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح والمقصود أنه حرام لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة وليس لنا يقين بها وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم "فمن وافق خطه فذاك" ولم يقل هو حرام بغير تعليق على الموافقة لئلا يتوهم متوهم أن النص يدخل فيه ذاك النبي الذي كان خط فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذلك النبي مع بيان الحكم في حقنا وهذا إشارة إلى علم الرمل.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث معاوية بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:

5673 -

(2195)(250)(وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر عن الزهري عن يحيى بن عروة بن الزبير) بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي أبي عروة المدني، روى عن أبيه عروة بن الزبير في الطب، ويروي عنه (خ م د) والزهري وابنه محمَّد وأخوه هشام وغيرهم، وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته (قالت) عائشة (قلت يا رسول الله إن الكهان كانوا يحدثوننا) في الجاهلية

ص: 327

بِالشَّيءِ فَنَجِدُهُ حَقًّا. قَال: "تِلْكَ الكَلِمَةُ الحَقُّ. يَخطَفُهَا الجِنِّي فَيَقْذِفُها في أُذُنِ وَلِيِّهِ، وَيزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ".

5674 -

(00)(00) حدّثني سَلَمَةُ بن شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، (وَهُوَ ابْنُ عُبَيدِ اللهِ)، عَنِ الزُّهريِّ. أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ؛ أَنّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُناسٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ؟ فَقَال لَهُمْ

ــ

(بالشيء) من المغيبات (فنجده) أي فنجد ذلك الشيء (حقًّا) أي صدقًا كما أخبروه أي ثابتًا واقعًا وليس معنى الحق بمعنى ضد الباطل (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تلك الكلمة الحق) أي الصدق (يخطفها) أي يأخذها (الجني) بسرعة من كلام الملائكة (فيقذفها) أي يلقيها ويرميها الجني؛ أي يرمي تلك الكلمة الحقة (في أذن وليه) وصاحبه من الإنس وهو الكاهن ويسمعه إياها (ويزيد) الجني أو وليه (فيها) أي عليها أي على تلك الكلمة الحقة (مائة كذبة) أي فربما أصاب نادرًا وأخطأ غالبًا فلا تغتري بصدقهم في بعض الأمور.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 87]، والبخاري في الطب باب الكهانة [5762] وفي الأدب [3/ 62] وفي التوحيد [7561].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5674 -

(00)(00)(حدثني سلمة بن شبيب) المسمعي النيسابوري نزيل مكة، ثقة، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) أبو علي الحراني، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله) الجزري الحراني أبو عبد الله العبسي مولاهم، صدوق، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن الزهري أخبرني يحيى بن عروة أنه سمع عروة يقول قالت عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة معقل بن عبيد الله لمعمر بن راشد (سأل أناس) من المسلمين وهم ربيعة بن كعب الأسلمي وقومه ومنهم عائشة كما في الرواية السابقة اهـ تنبيه المعلم أي سألوا (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) كهانة (الكهان) وإخباراتهم عن المغيبات هل هي صادقة أم كاذبة (فقال لهم) أي لأولئك

ص: 328

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيسُوا بِشَيءٍ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإنَّهُمْ يُحدِّثُونَ أَحيَانًا الشَّيءَ يَكُونُ حَقًّا. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"تِلكَ الكَلِمَةُ مِنَ الجِنِّ يَخطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا في أُذُنِ وَليِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ. فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أكثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذبَةٍ"

ــ

السائلين له (رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا) أي ليست إخباراتهم عن الغيب (بشيء) معتد به أي ليسوا على شيء معتد به بل أقوالهم باطلة كاذبة ولا حقيقة لها والله أعلم. قال القسطلاني: قد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية لكن بقي من يتشبه بهم وثبت النهي عن إتيانهم فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم اهـ (قالوا) أي قال أولئك الأناس (يا رسول الله فإنهم) أي فإن الكهان (يحدثون) أي يخبرون لنا (أحيانًا) أي في بعض الأحيان والأزمان (الشيء) من الأشياء أي يخبرون لنا الخبر المتعلق بشيء من الأشباء فـ (يكون) خبرهم عن ذلك الشيء (حقًّا) وصدقًا فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم (تلك الكلمة) المسموعة (من الجن) فالكلمة مبتدأ خبره، قوله (يخطفها) أي يأخذها (الجني) بسرعة من كلام الملائكة أي تلك الكلمة الحقة المسموعة من الجن هي التي يخطفها الجني من كلام الملائكة (فيقرها) قال النووي: هو بفتح الياء وضم القاف وتشديد الراء من قر الثلاثي من باب شد، وقال القسطلاني: بضم التحتية وكسر القاف من أقر الرباعي، قال أهل اللغة والغريب: القر ترديد الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه يقال قررته أقره قرًا إذا رددته وكررته ليفهم اهـ نووي، قوله (من الجن) هكذا هو في جميع النسخ التي ببلادنا (تلك الكلمة من الجن) بالجيم والنون أي الكلمة المسموعة من الجن أو التي تصح مما نقلته الجن بالجيم والنون، وذكر القاضي في المشارق أنه روي هكذا وروي أيضًا (من الحق) بالحاء المهملة والقاف أي تلك الكلمة الكائنة من الحق يخطفها من كلام الملائكة (فيقرها) أي يصبها ويرميها (في أذن وليه) وصاحبه الكاهن (قر الدجاجة) أي يقرها قرًا كقر الدجاجة أي صوتًا كصوت الدجاجة وقر الدجاجة صوتها إذا قطعته اهـ نووي (فيخلطون) أي يخلط الكهان (فيها) أي في تلك الكلمة الحقة ويضيفون إليها عددًا (أكثر من مائة كذبة) والكذبة المرة من الكذب.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

ص: 329

5675 -

(00)(00) وحدّثني أبُو الطَّاهِرِ. أَخبَرَنَا عَبدُ اللهِ بن وَهبٍ. أَخْبَرَنِي مُحَمدُ بن عَمرٍو، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسنَادِ، نَحوَ رِوَايَةِ مَعْقِلٍ، عَنِ الزُّهرِيِّ

ــ

5675 -

(00)(00)(وحدّثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني محمَّد بن عمرو) اليافعي بالتحتانية نسبة إلى يافع بن زيد بطن من حمير المصري، روى عن ابن جريج في الطب، والثوري، ويروي عنه (م د) وابن وهب فقط، له في (م) حديث واحد متابعة وهو هذا الحديث، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: له مناكير، وقال في التقريب: صدوق له أوهام، من التاسعة (عن ابن جريج عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن يحيى عن عروة عن عائشة. وهذا السند من ثمانياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لمعقل بن عبيد الله وساق ابن جريج (نحو رواية معقل عن الزهري).

قال القرطبي: قوله (تلك الكلمة يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه) أي يرميها في أذنه ويسمعه إياها، وفي الرواية الأخرى (فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة) أي يضعها في أذنه يقال قررت الخبر في أذنه أقره قرًا ويصح أن يقال ألقاها في أذنه بصوت يقال قر الطائر صوت (وقر الدجاجة) بكسر القاف حكايته صوتها، قال الخطابي: قرت الدجاجة تقر قرًا وقريرًا إذا رجعت قيل قرقرت قرقرة وقَرْ قَرِيرًا وأنشد ابن القطاع:

وما ذات طوق فوق عود أراكة

وإن قرقرت هاج الهوى قَرْ قَرِيرُها

قال والمعنى أن الجني يقذف الكلمة إلى وليه الكاهن فيتسامع بها الشياطين فيتناقلوها كما إذا صوتت الدجاجة فسمعها الدجاج فجاوبها.

[قلت] والأشبه بمساق الحديث أن يكون معناه أن الجني يلقي إلى وليه تلك الكلمات بصوت خفي متراجع يزمزمه ويرجعه له كما يلقيه الكهان للناس فإنهم تسمع لهم زمزمة وإسجاع وترجيع على ما علم من حالهم بالمشاهدة والنقل ولم يختلف أحد من رواة مسلم أن الرواية في هذا اللفظ (قر الدجاجة) يعني به الطائر المعروف، واختلف فيه عن البخاري فقال بعض رواته (كقر الزجاجة) بالزاي، قال الدارقطني: هو مما صحفوا فيه، والصواب الدجاجة بالدال، وقيل الصواب الزجاجة بدليل ما قد رواه البخاري (فيقرها في أذنه كما تقر القارورة) وهي بمعنى الزجاجة أي كما يسمع صوت الزجاجة إذا حكت على شيء أو إذا ألقي فيها ماء أو شيء آخر اهـ من المفهم.

ص: 330

5676 -

(2196)(251) حدَّثنا حَسَنٌ بن عَلِيٍّ الحُلوَانِيُّ وَعَبدُ بن حُمَيدٍ. (قَال حَسَنٌ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ. وَقَال عَبْدٌ: حَدَّثَنِي يَعقُوبُ بن إِبراهِيمَ بنِ سَعْدٍ)، حَدَّثَنَا أَبِي، عَن صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بن حُسَينٍ؛ أَنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ. قَال: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ النبِي صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَنْصَارِ؛ أَنَّهُم بَينَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيلَةً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُمِيَ بِنَجْمِ فَاستَنَارَ. فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَاذَا كُنتُم تَقُولُونَ في الجَاهِليَّةِ، إِذَا رُمِيَ بِمثلِ هَذَا؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. كُنا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ. وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث معاوية بن الحكم بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

5676 -

(2196)(251)(حدثنا حسن بن علي الحلواني) الخلال المكي الهذلي، ثقة، من (11)(وعبد بن حميد) بن نصر الكسي، ثقة، من (11)(قال حسن حدثنا يعقوب وقال عبد حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري المدني (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني (عن ابن شهاب حدثني علي بن حسين) بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني الملقب بزين العابدين (أن عبد الله بن عباس) رضي الله تعالى عنهما (قال) ابن عباس (أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار) رضي الله عنه، والجهالة في الصحابي لا تقدح لأنهم كلهم عدول. وهذا السند من ثمانياته (أنهم) أي أن الأصحاب (بينما هم جلوس) أي جالسون (ليلة) من الليالي (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رُمِيَ بنجم) أي ظهر في السماء ما يرى كأنه كوكب انقض (فاستنار) أي أضاء ذلك النجم (فقال لهم) أي للأصحاب (رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا كنتم تقولون في الجاهلية) أي أي شيء تقولون في زمن الجاهلية (إذا رمي) وقذف (بمثل هذا) النجم الصوري من السماء إلى الأرض (قالوا) أي قال الأصحاب تأدبًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله ورسوله أعلم) بحقيقة هذا النجم وسبب سقوطه ولكنا (كنا نقول) في الجاهلية إذا رأينا مثل هذا النجم الساقط (ولد) هذه (الليلة رجل عظيم) القدر أ (ومات) هذه الليلة (رجل عظيم) القدر (فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقولوا

ص: 331

"فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ. وَلَكِنْ رَبُّنَا، تبارك وتعالى اسْمُهُ، إِذا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرش. ثُم سَبَّحَ أَهْلُ السَّماءِ الذِينَ يَلُونَهُم. حَتَّى يَبْلُغَ التَّسبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا. ثُم قَال الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرش لِحَمَلَةِ الْعَرش: مَاذَا قَال رَبُّكمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُم مَاذَا قَال. قَال: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا. حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا

ــ

ذلك ولا تعتقدوه (فإنها لا يرمى بها) بالبناء للمجهول أي فإن هذه النجوم المنقضة لا يرمى بها (لموت أحد) من العظماء (ولا لحياته) أي ولا لولادته (ولكن ربنا تبارك) أي تزايد خيره وإحسانه (وتعالى) أي ترفع وتقدس (اسمه) عز وجل عما لا يليق به (إذا قضى أمرًا) من الكائنات (سبح حملة العرش) أي سبحوا الله تعالى ونزهوه عما لا يليق تعظيمًا لأمره وخضوعًا لقضائه وتنزيهًا عن كل نقص وعيب (ثم سبح أهل السماء) أي نزهوه تعالى عما لا يليق به (الذين) اسم موصول لجمع المذكر في محل الرفع صفة لأهل السماء (يلونهم) أي يلون حملة العرش أي ثم بعد حملة العرش يسبحه أهل السماء السابعة ثم أهل السماء السادسة ثم الخامسة (حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا ثم) بعد ما عم التسبيح أهل السموات (قال الذين يلون حملة العرش) وهم أهل السماء السابعة (لحملة العرش ماذا قال ربكم) يا أهل العرش حين قضى أمرًا (فيخبرونهم) أي يخبر أهل العرش لأهل السماء الذين يلونهم (ماذا قال) ربهم أي أي شيء قاله ربهم حين قضى أمرًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيستخبر بعض أهل السموات) التحتانية (بعضًا) من أهل السموات الفوقانية (حتى يبلغ الخبر) أي خبر ما قاله الرب سبحانه ويصل (هذه السماء الدنيا) أي أهلها.

قال القرطبي: قوله (ولكن ربنا إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش) أي إذا أظهر قضاءه وما حكم به لملائكته لأن قضاءه إنما هو راجع إلى سابق علمه ونفوذ مشيئته وحكمه وهما أزليان فإذا اطلع حملة العرش على ما سبق في علمه خضعت الملائكة لعظمته وضجت بتسبيحه وتقديسه فيسمع ذلك أهل السماء التي تليهم وهكذا ينتهي التسبيح لملائكة سماء الدنيا ثم يتساءلون فيما بينهم ماذا قال ربكم على الترتيب المذكور في الحديث.

ففيه ما يدل على أن حملة العرش أفضل الملائكة وأعلاهم منزلة، وأن فضائل

ص: 332

فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِم. وَيُرْمَوْنَ بِهِ. فَمَا جَاؤُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ. وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ"

ــ

الملائكة على حسب مراتبهم في السموات وأن الكل منهم لا يعلمون شيئًا من الأمور إلا بأن يعلمهم الله تعالى به كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا (26) إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} .

وفيه ما يدل على أن علوم الملائكة بالكائنات يستفيده بعضهم من بعض إلا حملة العرش فإنهم يستفيدون علومهم من الحق سبحانه وتعالى فإنهم هم المبدؤون بالإعلام أولًا ثم إن ملائكة كل سماء تستفيد من التي فوقها وفي هذا دليل على أن النجوم لا يعرف بها علم الغيب ولا القضاء ولو كان كذلك لكانت الملائكة أعلم بذلك وأحق به وكل ما يتعاطاه المنجمون من ذلك فليس شيء منه علمًا يقينًا وإنما هو رجم بظن وتخمين بوهم، الإصابة فيه نادرة والخطأ والكذب فيه غالب، وهذا مشاهد من أحوال المنجمين والمطلوب من العلوم النجوميات ما يهتدى به في الظلمات وتعرف به الأوقات وما سوى ذلك فمخارف وترهات ويكفي في الرد عليهم ظهور كذبهم واضطراب قولهم وقد اتفقت الشرائع على أن القضاء بالنجوم محرم مذموم والله أعلم اهـ من المفهم.

(فتخطف الجن) أي تأخذ الجن بسرعة الكلام (السمع) أي المسموع لهم من الملائكة (فيقذفون) به أي يرمون به (إلى أوليائهم) وأصحابهم الكهنة (ويرمون) أي يرمى الجن عند استماعهم كلام الملائكة (به) أي بهذا النجم الساقط من السماء (فما جاؤوا به) أي فما جاء به الجن من الكلام لهم من الملائكة (على وجهه) وهيئته من غير خلط ولا تحريف (فهو حق) أي صدق لا كذب (ولكنهم) أي ولكن الجن (يقرفون) أي يخلطون (فيه) أي في الكلام المسموع لهم من الملائكة الكذب (ويزيدون) عليه مائة كذبة، قوله:(ويرمون به) بصيغة المجهول أي يرمى الجن بذلك النجم وهو الشهاب المرمى والله أعلم. قوله (فما جاؤوا به على وجهه) أي من غير تصرف فيه (فهو حق) أي ثابت وكائن أي فما أصابوا به موافقًا لما في الواقع فهو مسترق ومخطوف من السمع وما لم يصيبوا فهو المزيد من طرف أوليائهم الكهنة والمنجمين والله أعلم. قوله (ولكن يقرفون فيه) هذه اللفظة ضبطوها من رواية صالح على وجهين أحدهما بالراء، والثاني بالذال ومعنى يقرفون يخلطون فيه الكذب وهو بمعنى يقذفون كذا في النووي، ورواه

ص: 333

5677 -

(00)(00) وحدّثنا زُهَيرُ بن حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسلِمٍ. حَدَّثَنَا أبُو عَمرٍو الأَوْزَاعيُّ. ح وحَدَّثَنَا أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ. قَالا: أَخبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ. ح وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بن شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ (يعني ابْنَ عُبَيدِ اللهِ). كُلهُم عَنِ الزُّهريِّ، بِهَذَا الإِسنَادِ، غَيرَ أَنَّ يُونُسَ قَال: عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ. أَخبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أصحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ

ــ

يونس (يرقون) بضم الياء وفتح الراء وتشديد القاف وفي بعض النسخ (يرقون) بفتح الياء وتسكين الراء وتخفيف القاف أي يتقولون يقال رقي فلان على الباطل بكسر القاف أي تقوله وهو من الرقي وهو الصعود أي إنهم يقولون فوق ما سمعوا قاله عياض.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي أخرجه في التفسير باب ومن سورة سبإ [3222].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5677 -

(00)(00)(وحدّثنا زهير بن حرب حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة، من (8) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا أبو عمرو الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو الشامي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (ح وحدّثنا أبو الطاهر) الأموي المصري (وحرملة) بن يحيى التجيبي المصري (قالا أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (ح وحدّثني سلمة بن شبيب) المسمعي النيسابوري نزيل مكة، ثقة، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) الحراني، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا معقل يعني ابن عبيد الله) الجزري أبو عبد الله العبسي الحراني، صدوق، من (8) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا (كلهم) أي كل هؤلاء الثلاثة المذكورين يعني الأوزاعي ويونس ومعقل بن عبيد الله رووا (عن الزهري) وهذه الأسانيد الثلاثة من سباعياته، غرضه بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لصالح بن كيسان (بهذا الإسناد) يعني عن علي بن حسين عن ابن عباس عن رجل من الصحابة (غير أن يونس) أي لكن أن يونس بن يزيد (قال) في روايته لفظة (عن عبد الله بن عباس أخبرني رجال من أصحاب رسول الله صلى الله

ص: 334

عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَنْصَارِ. وَفِي حَدِيثِ الأَوْزَاعيِّ "وَلَكِن يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيزِيدُونَ". وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ: "وَلَكِنَّهُم يَرقَوْنَ فِيهِ وَيزيدُونَ". وَزَادَ في حَدِيثِ يُونُسَ: "وَقَال اللهُ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} [سبأ: 23]. وَفِي حَدِيثِ مَعقِلٍ كَمَا قَال الأَوزَاعيُّ: "وَلَكِنَّهُم يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيزِيدُونَ"

ــ

عليه وسلم من الأنصار وفي حديث الأوزاعي) وروايته لفظة (ولكن يقرفون فيه ويزيدون) بدل قول صالح ولكنهم (وفي حديث يونس) وروايته لفظة (ولكنهم يرقون) بفتح الياء وسكون الراء وفتح القاف من رَقِيَ يَرْقَى من باب رَضِيَ بمعنى صعد من الرقيّ وهو الصعود يقال رقِي على الباطل بكسر القاف إذا تقوله بمعنى أنهم يقولون فوق ما سمعوا كما مر في الرواية الأولى أي يرقون (فيه ويزيدون) عليه وهو عطف تفسير لقوله (يرقون)(وزاد) ابن وهب (في حديث يونس) وروايته استشهادًا لهذا الحديث أي زاد فيه لفظة (وقال الله) عز وجل: ({حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ})[سبأ: 23] وقال الحسن بن أعين (وفي حديث معقل) وروايته (كما قال) أي مثل ما قال (الأوزاعي) في روايته يعني لفظة (ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون) بفتح الياء وسكون القاف وكسر الراء من باب ضرب بمعنى يكذبون فيه وهو بمعنى ما بعده كما مر البحث عنه في الرواية الأولى وهذا بيان لمحل المخالفة بين الروايات، قوله تعالى:({حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} قرأه ابن عامر ويعقوب: {فَزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} بالبناء للفاعل، وفيه ضمير يعود على الله تعالى أي حتى إذا أزال الله عن قلوبهم الفزع والذعر والخوف نظير قولهم (مرضت المريض) أي عالجته وأزلت مرضه وقرأه الجمهور {فُزِّعَ} بضم الفاء مبنيًّا للمفعول أي حتى إذا أزيل عن قلوبهم الفزع وهو الذعر على كلتا القراءتين، قال كعب: إذا تكلم الله بلا كيف كلامًا يليق بجلاله ضربت الملائكة بأجنحتها وخرت فزعًا ثم قالوا فيما بينهم ماذا قال ربكم، وقوله (قالوا الحق) بالنصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي قال القول الحق وهو مفعول مطلق لا مفعول به لأن القول لا يتعدى إلا إلى الجمل في أكثر قول النحويين، قوله (وهو العلي الكبير) أي العلي شأنه الكبير سلطانه.

[قلت] وهذا التفسير هو الموافق لهذا الحديث فتعين أن يكون هو المراد من الآية، وللمفسرين أقوال أخر بعيدة عن معنى الحديث أضربت عنها هنا لذلك وقد بسطنا الكلام

ص: 335

5678 -

(2197)(252) حدَّثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى العَنَزِيُّ. حَدَّثَنَا يَحيَى، (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ)، عَن عُبَيدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعضِ أَزْوَاج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَال:"مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَن شَيءٍ لَمْ تُقبَل لَهُ صَلاة أَربَعِينَ لَيلَةً"

ــ

فيها في تفسيرنا حدائق الروح والريحان فراجعه إن أردت الخوض فيها.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث معاوية بن الحكم بحديث صفية امرأة عبد الله بن عمر رضي الله عنهم فقال:

5678 -

(2197)(252)(حدثنا محمَّد بن المثنى العنزي) البصري (حدثنا يحيى يعني ابن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني (عن نافع) مولى ابن عمر (عن صفية) بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن عمر بن الخطاب، ثقة، من (2) روى عنها في (3) أبواب (عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال نافع مرة عن حفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقال مرة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كلتيهما ومرة قال عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما هنا، والشك في الصحابية لا يضر (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (من أتى عرافًا) قال الخطابي وغيره: العراف هو الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق ومكان الضالة ونحوهما كالآبق، وقد تقدم أن العرّاف هو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها وقد يعتضد في ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة وهو ضرب من الكهانة أيضًا وإنما المحظور منه تصديق العراف والعمل بمقتضاه فإنه مجرد ظن وتخمين (نسأله عن شيء) من المغيبات عنه وصدقه فيما أخبر به (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) أي قبول كمال وإثابة عليها لا قبول إجزاء وإسقاط فرض فإنها تقبل منه وتسقط الفرض عن ذمته، وقيل إن العرّاف من يخبر عن المغيبات الماضية كالمسروق والضالة، والكاهن من يخبر عن المغيبات المستقبلة كوقت نزول المطر وحوادث الدهر الآتية، وأما تخصيص أربعين ليلة فإنه كما قال القاضي عياض رحمه الله: من أسرار الشريعة التي اختص الله سبحانه وتعالى بمعرفة حكمتها، وذكر بعض العلماء أن لأربعين يومًا دخلًا في التحويل من حال إلى أخرى والله أعلم. وقوله

ص: 336

5679 -

(2198)(253) حدَّثنا يَحيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا شَرِيكُ بن عَبْدِ اللهِ وَهُشَيمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَن يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: كَانَ في وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ. فَأَرْسَلَ إِلَيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنا قَد بَايَعْنَاكَ فَارْجِع"

ــ

(صلاة) بالرفع والتنوين فقوله (أربعين ليلة) ظرف له، وفي بعض النسخ بإضافة صلاة إلى أربعين أي من الأزمنة المستقبلة كذا في المرقاة.

وهذا الحديث مما انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى لم أجده عند غير المؤلف من الأئمة الستة والله أعلم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث شريد بن سويد رضي الله عنه فقال:

5679 -

(2198)(253)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا هشيم) بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي الواسطي نزيل بغداد، ثقة، من (7) روى عنه في (18) بابا (ح وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شريك بن عبد الله) بن أبي شريك، ويقال له شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس النخعي أبو عبد الله الكوفي، صدوق، من (8) روى عنه في (8) أبواب (وهشيم بن بشير) السلمي (عن يعلى بن عطاء) العامري الليثي الطائفي، نزيل واسط، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (عن عمرو بن الشريد) بفتح المعجمة ابن سويد الثقفي أبي الوليد الطائفي، روى عن أبيه في الطب والشعر، وأبي رافع وسعد وطائفة، ويروي عنه (خ م د س ق) ويعلي بن عطاء وإبراهيم بن ميسرة وعبد الله بن عبد الرحمن الطائفي (عن أبيه) شريد بوزن طويل ابن سويد الثقفي أبي عمرو الطائفي الصحابي المشهور رضي الله عنه شهد بيعة الرضوان، له أحاديث انفرد له مسلم بحديثين، يروى عنه (م) وابنه عمرو في الطب وأبو سلمة بن عبد الرحمن ويعقوب بن عاصم، وليس في مسلم من اسمه شريد إلا هذا الصحابي. وهذا السند من خماسياته (قال) الشريد (كان في وقد ثقيف) أي كان في القوم الوافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل ثقيف وكان شريد بن سويد مع أولئك الوفد (رجل مجذوم) أي مصاب بالجذام (فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إنا قد بايعناك) بالكلام (فارجع) إلى مكانك واجلس فيه ولا تتحرك عنه يعني أنه صلى الله عليه وسلم بايعه بلا مصافحة.

ص: 337

5680 -

(2199)(254) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدةُ بن سُلَيمَانَ وَابْنُ نُمَيرٍ، عَنْ هِشَامٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا عَندَةُ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَن أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ

ــ

وهذا الحديث موافق لحديث البخاري "فر من المجذوم كما تفر من الأسد" وهذا الحديث لا يعارض حديث لا عدوى فإن الأمر بالاجتناب من المجذوم إنما وقع للاحتياط والحذر في درجة اختيار الأسباب وليس ذلك من العدوي المنفي في الحديث.

قال محمَّد ذهني: قوله (إنا قد بايعناك) .. الخ هذا منه صلى الله عليه وسلم لحفظ الضعفاء وكذلك حديث البخاري "فر من المجذوم" الحديث وأما الأقوياء فلا يبالون بالاختلاط معه ومن هذا المقام ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أكل مع المجذوم وقال له "كل ثقة بالله وتوكلًا عليه" رواه جابر، وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان لي مولى مجذوم فكان يأكل في صحافي ويشرب في أقداحي وينام على فراشي، وقد ذهب عمر رضي الله عنه وغيره من السلف إلى الأصل معه والتوفيق بين الحديثين كالتوفيق والجمع الذي سبق آنفًا بين حديث لا عدوى وبين حديث لا يورد ممرض والله أعلم اهـ منه.

ومن أجل هذا الحديث قال العلماء: إن المجذوم يمنع من المساجد ومن الاختلاط بالناس وهل يثبت لزوجته خيار فسخ النكاح؟ فيه خلاف وقد أثبت مالك والشافعي الخيار بخلاف الحنفية والتفصيل في كتب الفقه.

وهذا الحديث قد شارك المؤلف في روايته النسائي أخرجه في البيعة باب بيعة من به عاهة [4182]، وابن ماجه في الطب باب الجذام [3589].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

5680 -

(2199)(254)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمَّد الكوفي اسمه عبد الرحمن، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (و) عبد الله (ابن نمير عن هشام) بن عروة (ح وحدّثنا أبو كريب حدثنا عبدة حدثنا هشام عن أبيه) عروة (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذان السندان من خماسياته

ص: 338

قَالتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتلِ ذِي الطُّفْيَتينِ. فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ البَصَرَ ويصِيبُ الحَبَلَ.

5681 -

(00)(00) وحدّثناه إِسحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا أَبُو مُعَاويةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، بِهذَا

ــ

(قالت) عائشة (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل) الحيات (ذي الطفيتين) أي صاحب الخطين الأبيضين على ظهره أي بقتل الحية التي على ظهرها الخطان الأبيضان، والطفيان بضم الطاء المهملة وسكون الفاء مثنى الطفية والمراد من الطفيتين هنا الخطان الأبيضان على ظهر الحية وأصل الطفية خوصة المقل والجمع طفى كمدية ومدى يشبه الخطين على ظهرها بخوصتي المقل والخوص كل ورق طويل رقيق كورق النخل والنارجيل والمقل شجر يشبه ورقه ورق النخل له ثمر صغار يؤكل في الأرمياميتطي، وربما يستعمل في النخلة فلعل التشبيه إنما وقع في الطول والرقة (فإنه) أي لأن الطفيتين مضر مؤذ للإنسان أشد الإيذاء والضرر لأنه (يلتمس البصر) أي يطلب بصر الإنسان لأنه يطمس بصره إذا نظر بعينه عين الإنسان (ويصيب الحبل) أي يسقط حمل بني آدم إذا نظرته الحامل والمعنى أن هذه الحية تخطف البصر وتطمسه بمجرد نظرها إليه لخاصة جعلها الله تعالى في بصرها إذا وقع على بصر الإنسان وقيل معناه أنها تقصد البصر باللسع والنهش والتفسير الأول أصح وأشهر، قال العلماء: وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على عين إنسان مات من ساعته والله أعلم.

(قوله ويصيب الحبل) معناه أن المرأة الحامل إذا نظرت إلى حية من هذا النوع وخافت منها أسقطت حملها غالبًا.

وذكر مسلم في روايته عن الزهري أنه قال: يرى ذلك من سمها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في بدء الخلق باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال [3308 و 3309]، والنسائي في مناسك الحج باب قتل الوزغ [3831]، وابن ماجه في الطب باب قتل ذي الطفيتين [3579].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فقال:

5681 -

(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه الحنظلي (أخبرنا أبو معاوية) محمَّد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (أخبرنا هشام) بن عروة (بهذا

ص: 339

الإِسْنَادِ، وَقَال: الأَبْتَرُ وَذُو الطُّفْيَتَينِ.

5682 -

(2200)(255) وحدّثني عَمْرُو بْنُ محمد النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَينِ وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ ويلْتمِسَانِ الْبَصَرَ".

قَال: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقتُلُ كُل حَيَّةٍ وَجَدَهَا. فَأَبْصَرَهُ أبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ

ــ

الإسناد) يعني عن أبيه عن عائشة، غرضه بيان متابعة أبي معاوية لعبدة بن سليمان وابن نمير (وقال) أبو معاوية في روايته أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل نوعين من الحية هما (الأبتر) وهو ما لا ذنب له أو ما ذنبه قصير (وذو الطفيتين) أي الخطين الأبيضين على ظهره.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:

5682 -

(2200)(255)(وحدّثني عمرو بن محمَّد) بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (اقتلوا الحيات) كلها إلا ما سيأتي استثناؤه في الأحاديث الآتية، وقوله (و) اقتلوا (ذا الطفيتين و) اقتلوا (الأبتر) من عطف الخاص على العام اهتمامًا بشأنه أي اقتلوا هذين النوعين منها خاصة لأنهما أشد ضررًا من غيرهما وتقدم تفسيرهما في مبحث حديث عائشة آنفًا، وقوله (فإنهما) تعليل للأمر بقتلهما أي لأنهما (يستسقطان الحبل) والسين والتاء فيه زائدتان أي يسقطان الحبل أي الحمل من الحامل معناه أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وفزعت أسقطت العمل غالبًا (ويلتمسان البصر) أي يطلبان طمس البصر بمجرد نظرهما إليه، وقد تقدم البحث فيهما في حديث عائشة.

(قال) سالم بالسند السابق (فكان) والدي عبد الله (بن عمر) رضي الله عنهما (يقتل كل حية وجدها) أي رآها من أي نوع كانت (فأبصره) أي فأبصر ابن عمر (أبو لبابة) بضم اللام (بن عبد المنذر) اسمه بشير بفتح الباء ابن عبد المنذر بن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصاري الأوسي، استخلفه رسول الله صلى

ص: 340

أَوْ زَيْدُ بن الْخَطَّابِ، وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً. فَقَال: إِنَّهُ قَدْ نُهِيَ عَن ذَوَاتِ الْبُيُوتِ

ــ

الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى بدر وضرب له بسهمه وهم إخوة ثلاثة مبشر وبشير أبو لبابة ورفاعة، مات أبو لبابة في خلافة علي بن أبي طالب، وقيل بعد الخمسين، وله عقب، يروي عنه (خ م د ق) وابن عمر حديث الحية وابناه السائب وعبد الرحمن وجماعة، وله خمسة عشر (15) حديثًا اتفقا على واحد وهو الحديث المذكور اهـ من التقريب مع زيادة، وقال الحافظ ابن حجر: هو أوسي وكان أحد النقباء وشهد أحدًا ويقال شهد بدرًا، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، وكانت معه راية قومه يوم الفتح، ومات في أول خلافة عثمان رضي الله عنهما، وليس له في الصحيح إلا هذا الحديث كذا في فتح الباري [6/ 348 و 349]. (أو) عمه (زيد بن الخطاب) بن نفيل مصغرًا القرشي العدوي أخو عمر بن الخطاب، كان قديم الإِسلام أسلم قبل عمر وشهد بدرًا والمشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان معه راية المسلمين يوم اليمامة فقاتل حتى قتل، ولما جاء نعيه إلى عمر بكى وقال: أسلم قبلي وقتل قبلي. وله حديث واحد وهو هذا الحديث المذكور هنا يعني في الحية، يروي عنه (م د) وابن عمر في ذكر الجن، ق الذي التقريب: واستشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة رضي الله عنه. والشك من الراوي أو ممن دونه (وهو) أي والحال أن ابن عمر (يطارد حية) أي يطلبها ويتبعها ليقتلها (فقال) أبو لبابة أو زيد بن الخطاب لابن عمر اتركها ولا تطلبها فـ (إنه) أي إن الشأن والحال (قد نهي) بالبناء للمفعول أي قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم (عن) قتل الحيات (ذوات البيوت) أي الملازمة لبيوت الناس وتسكنها. أما قوله (قد نهي) فيحتمل أن يكون مبنيًّا للمجهول كما ذكرنا ويحتمل أن يكون مبنيًّا للفاعل فضمير إنه وضمير الفاعل يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ذوات البيوت فالمراد منها الحيات التي تسكن البيوت وفسرها الزهري في رواية للبخاري بقوله (وهي العوامر) أي يعني الجن التي تسكن البيوت فنهى عن قتل حيات البيت لاحتمال كونها من الجن وسيأتي تفصيله في حديث أبي سعيد "إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئًا فحرجوا عليه ثلاثًا فإن ذهب وإلا فاقتلوه" وقد روى الترمذي عن ابن المبارك في تفسير ذوات البيوت أنه قال (إنها الحية التي تكون كأنها فضة ولا تلتوي في مشيتها).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 121]، والبخاري أخرجه في بدء الخلق باب قول الله تعالى وبث فيها من كل دابة [3297 إلى 3299] وفي غير هذا

ص: 341

5683 -

(00)(00) وحدّثنا حَاجِبُ بْنُ الوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَربٍ، عَنِ الزُّبَيدِيِّ، عَنِ الزُّهرِيِّ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ بِقَتْلِ الْكِلابِ. يَقُولُ: "اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَالْكِلابَ

ــ

الموضع، وأبو داود [5252]، وابن ماجه في الطب [3535].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

5683 -

(00)(00)(وحدّثنا حاجب بن الوليد) بن ميمون الشامي أبو محمَّد الأعور المؤدب نزيل بغداد، صدوق، من (10) روى عنه في (2)(حدثنا محمَّد بن حرب) الخولاني أبو عبد الله الحمصي الأبرش، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (عن الزبيدي) مصغرًا محمَّد بن الوليد بن عامر الزبيدي أبي الهذيل الحمصي القاضي، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الزبيدي لسفيان بن عيينة (قال) ابن عمر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الكلاب) وقوله (يقول اقتلوا الحيات والكلاب) تفسير لقوله يأمر بقتل الكلاب.

قال القرطبي: قوله (اقتلوا الحيات) هذا الأمر وما في معناه من باب الإرشاد إلى دفع المضرة المخوفة من الحيات فما كان منها متحقق الضرر وجبت المبادرة إلى قتله كما قد أرشد إليه "اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يختطفان البصر ويسقطان الحبل" فخصهما بالذكر مع أنهما قد دخلا في العموم ونبه على أن ذلك بسبب عظم ضررهما وما لم يتحقق ضرره فما كان منها في غير البيوت قتل أيضًا لظاهر الأمر العام في هذا الحديث وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه رواه مسلم في صحيحه برقم [2234] ولأن نوع الحيات غالبه الضرر فيستصحب فيه ذلك ولأنه كله مشروع بصورته وبما في النفوس من النفرة منه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية" ذكره ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج ص 44، فشجع على قتلها وقال فيما أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا:"اقتلوا الحيات فمن خاف ثأرهن فليس مني" رواه أبو داود رقم [5249] وأما ما كان منها في

ص: 342