الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَينِ
ــ
البيوت فما كان بالمدينة فلا يقتل حتى يؤذن ثلاثة أيام وصفة الإنذار هكذا (أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان بن داود أن لا تؤذونا ولا تظهرن لنا) اهـ نووي لقوله صلى الله عليه وسلم "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا فإذا رأيتم منها شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام" وهل يختص ذلك الحكم بالمدينة لأنا لا نعلم هل أسلم من حسن غير أهل المدينة أحد أم لا وبه قال ابن نافع أو لا يختص وينهى عن قتل جنان جميع البلاد حتى يؤذن ثلاثة أيام وهو قول مالك وهو الأولى لعموم نهيه عن قتل الجنان التي تكون في البيوت ولقوله صلى الله عليه وسلم "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم" متفق عليه، وذكر فيهن الحية ولأنا قد علمنا قطعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة للنوعين وأنه قد آمن به خلق كثير من النوعين بحيث لا يحصرهم بلد ولا يحيط بهم عدد والعجب من ابن نافع كأنه لم تكن له أذن سامع وكأنه لم يسمع قوله تعالى:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} ولا قوله صلى الله عليه وسلم "إن وقد حسن نصيبين أتوني ونعم الجن هم فسألوني الزاد" الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي فهذه نصوص في أن من حسن غير المدينة من أسلم فلا يقتل شيء منها حتى يحرج عليه كما تقدم فتفهم هذا العقد وتمسك به فهو الذي يجمع بين أحاديث الباب المختلفة.
"
تفسير ما جاء في أحاديث الحيات من الغريب
"
والحيات جمع حية ويطلق على الذكر والأنثى كما قال طرفة بن العبد:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه
…
خشاش كرأس الحية المتوقد
وإنما دخلت الهاء لأنه واحد من جنس كبطة ودجاجة على أنه قد روي عن العرب (رأيت حيًّا على حية) أي ذكرًا على أنثى والحيوت ذكر الحيات وأنشد الأصمعي:
ويأكل الحية والحيوتا
…
ويدمق الأغفال والتابوتا
ويخنق العجوز أو تموتا
ذكره في الصحاح.
(واقتلوا ذا الطفيتين) ضرب من الحيات في ظهره خطان أبيضان وعنهما عبر بالطفيتين وأصل الطفية بضم الطاء خوص المقل أي ورق شجره كما مر فشبه الخط الذي
وَالأَبْتَرَ فَإنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الحَبَالى".
قَال الزُّهْرِيُّ: وَنُرَى ذَلِكَ مِنْ سُمَّيهِمَا، واللهُ أَعْلَمُ.
قَال سَالِمٌ: قَال عَبْدُ اللهِ بن عُمَرَ: فَلَبِثتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إلا قَتلتُهَا. فَبَينَا أنا أُطَارِدُ حَيَّةً يَوْمًا مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، مَرَّ بِي زيدُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَوْ أَبُو لُبَابَةَ
ــ
على ظهر هذه الحية به، وربما قيل لهذه الحية طفية على معنى ذات طفية قال الهذلي:
وهم يذلونها من بعد عزتها
…
كما تذل الطفى من رقية الراقي
أي ذاوت الطُّفى وقد يسمى الشيء باسم ما يجاوره فيكون مجازًا مرسلًا علاقته المجاورة، وقال الخليلي في ذي الطفيتين هي حية لينة خبيثة (والأبتر) هو الأفعى سميت بذلك لقصر ذنبها، وذكر الأفعى الأفعوان قال النضر بن شميل في الأبتر: إنه صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب (فإنهما يلتمسان البصر) أي يطلبان هذا أصل معناه ومعناه هنا يخطفان البصر كما جاء في الرواية الأخرى وقد روي (يلتمعان) و (يطمسان) وكلها بمعنى واحد (ويستسقطان الحبالى) أي يسقطان حمل النساء الحبالى جمع حبلى.
(قال الزهري) بالسند السابق (ونرى) أي نظن (ذلك) أي إسقاطهما الحمل (من سميهما والله أعلم) بصيغة التثنية أي لأجل سُمَّي عينهما والمعنى أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت العمل، قال القرطبي: وظاهر هذا أن هذين النوعين من الحيات لهما من الخاصية ما يكون عنهما ذلك ولا يستبعد هذا، فقد ذكر أبو الفرج الجوزي في كتابه المسمى بكشف المشكل لما في الصحيحين أن بعراق العجم أنواعًا من الحيات يهلك الرائي لها بنفس رؤيتها، ومنها من يهلك المرور على طريقها وذكر غير ذلك ولا يلتفت إلى قول من قال إن ذلك بالترويع لأن ذلك الترويع ليس خاصًّا بهذين النوعين بل يعم جميع الحيات فتذهب خصوصية هذا النوع بهذا الاعتناء العظيم والتحذير الشديد ثم إن صح هذا في طرح الحبل فلا يصح في ذهاب البصر فإن الترويع لا يذهبه (قال سالم) بالسند السابق (قال عبد الله بن عمر فلبثت) زمانًا (لا أترك حية أراها إلا قتلتها فبينا أنا أطارد) وأطلب (حية يومًا من ذوات البيوت) أي من عوامر البيوت، قوله (مر بي زيد بن الخطاب) جواب بينا أي بينا أوقات مطاردتي حية فاجأني مرور زيد بن الخطاب (أو) قال ابن عمر مر بي (أبو لبابة) بن عبد المنذر الأنصاري الأوسي والشك
وَأَنَا أُطَارِدُهَا. فَقَال: مَهْلًا. يَا عَبْدَ اللهِ. فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِهِنَّ. قَال: إِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ.
5684 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بن حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَن صَالِحٍ. كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ
ــ
من سالم أو ممن دونه (وأنا) أي والحال أني (أطاردها) وأطلبها لأقتلها (فقال) لي أبو لبابة أو زيد بن الخطاب (مهلًا يا عبد الله) بن عمر أي أمهلني إمهالًا عن قتلها وأنظرني إنظارًا لأخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا في شأن الحية، قال ابن عمر (فقلت) لمن سألني الإمهال منهما لا أمهلك ولا أترك قتلها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن) أي بقتل الحيات فـ (قال) لي زيد بن الخطاب أو أبو لبابة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن) قتل (ذوات البيوت) أي عوامرها وهي التي تسكن البيوت.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5684 -
(00)(00)(وحدثنيه حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس ح وحدّثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ح وحدّثنا حسن) بن علي (الحلواني) أبو علي الهذلي المكي، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا يعقوب) بن إبراهيم بن سعد الزهري المدني (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد (عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني (كلهم) أي كل من يونس ومعمر وصالح رووا (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن سالم عن ابن عمر، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة للزبيدي وسفيان بن عيينة، وهذه الأسانيد الأول منها من سداسياته بالنسبة إلى الحديث الأول يعني حديث ابن عمر، ومن سباعياته بالنسبة إلى الحديث الثاني أعني حديث أبي لبابة أو حديث زيد بن الخطاب، والسند الثاني كذلك في التفصيل المذكور،
غَيْرَ أَنَّ صَالِحًا قَال: حَتَّى رَآني أَبُو لُبَابَةَ بن عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَزَيدُ بن الخَطَّابِ. فَقَالا: إنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ.
وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ: "اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ" وَلَمْ يَقُلْ: "ذَا الطُّفْيَتَينِ وَالأَبْتَرَ".
5685 -
(2201)(256) وحدّثني مُحَمَّدُ بن رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيث. ح وحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، (واللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا لَيث، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ كَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ لِيَفتَحَ لَهُ بَابًا في دَارِهِ، يَسْتَقْرِبُ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَوَجَدَ الْغِلْمَةُ جِلْدَ جَانٍّ. فَقَال عَبْدُ اللهِ: التَمِسُوهُ فَاقْتُلوهُ. فَقَال أَبُو لُبَابَةَ: لَا تَقْتُلُوهُ. فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن قَتلِ الْجِنَّانِ الَّتِي في الْبُيُوتِ
ــ
والسند الثالث من سباعياته بالنسبة إلى الحديث الأول، ومن ثمانياته بالنسبة إلى الحديث الثاني، تأمل (غير أن صالحًا) ابن كيسان (قال) في روايته (حتى رأني أبو لبابة بن عبد المندر وزيد بن الخطاب) بالجمع بينهما بلا شك (فقالا) أي قال زيد وأبو لبابة (إنه) صلى الله عليه وسلم (قد نهى عن) قتل (ذوات البيوت، وفي حديث يونس) وروايته لفظة (اقتلوا الحيات ولم يقل) يونس لفظة (ذا الطفيتين والأبتر).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث أبي لبابة رضي الله عنهما فقال:
5685 -
(2201)(256)(وحدّثني محمَّد بن رمح أخبرنا الليث ح وحدّثنا قتيبة بن سعيد واللفظ له حدثنا ليث عن نافع) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة نافع لسالم (أن أبا لبابة) بشير بن عبد المنذر الأنصاري (كلم ابن عمر) وسأله (ليفتح) ابن عمر (له) أي لأبي لبابة (بابًا) أي خوخة (في داره) أي في دار أبي لبابة، حالة كون أبي لبابة (يستقرب) أي يطلب (به) أي بذلك الباب القرب (إلى المسجد) النبوي (فوجد الغلمة) جمع غلام أي رأى الغلمان الذين كانوا معهما لعمل الباب (جلد جان) أي جلدًا خرج من الحية وهو معروف (فقال عبد الله) بن عمر للغلمان (التمسوه) أي التمسوا هذا الجان الذي خرج من الجلد وشرد (فاقتلوه، فقال أبو لبابة) للغلمان (لا تقتلوه) أي هذا الجان إذا رأيتموه (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان) بتشديد النون الأولى جمع جان بتشديد النون أيضًا أي عن قتل الحيات (التي) تسكن (في البيوت)
5686 -
(00)(00) وحدّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا نَافِعٌ. قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ. حَتَّى حَدَّثَنَا أَبُو لُبَابَةَ بن عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْبَدْرِيُّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ
ــ
لأنها حسن تصورت بصورة الحية فيحتمل كونها مؤمنًا وقتل المؤمن حرام سواء كان جنًا أو إنسًا.
قال القرطبي: والجنان بكسر الجيم وتشديد النون الأولى جمع جان وهو أبو الجن وهذا أصله والجنان في الحديث حية بيضاء صغيرة دقيقة خفيفة، قال الأبي: وقال ابن وهب: هي عوامر البيت تتمثل في صورة حية دقيقة بالمدينة وفي غيرها وهي التي نهي عن قتلها حتى تنذر ويقتل ما وجد منها في الصحاري بلا إنذار اهـ وصفة الإنذار هكذا أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان بن داود أن لا تؤذيننا ولا تظهرن لنا) كذا في النووي، قال القرطبي: والمراد من الجنان المذكور في الحديث الجان أي الحية الصغيرة الخفيفة (فإن قيل) فقد وصف الله الحية المنقلبة عن عصا موسى بأنها جان وأنها ثعبان مبين. فالجواب: أنه تعالى وصفها بكونها ثعبانًا عظيمًا نظرًا إلى عظم خلقتها وجثتها ووصفها بكونها جانًا نظرًا إلى خفتها وسرعتها ألا ترى إلى قوله تعالى: {تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ} قال عياض: وقيل الجنان ما لا يتعرض للإنسان والجنل ما يتعرضهم ويؤذيهم وأنشدوا:
تنازع جِنَّانٌ وجِنٌّ وجِنَّلُ
وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم الجنان مسخ الجن كما مسخت القردة من بني إسرائيل وعوامر البيت هي ما يعمره من الجن فيتمثل في صور الحيات وفي غيرها اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي لبابة رضي الله عنه فقال:
5686 -
(00)(00)(وحدّثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا جرير بن حازم) بن زيد بن عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (19) بابا (حدثنا نافع قال كان ابن عمر يقتل الحيات كلهن) جنان البيوت وغيرها. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة جرير بن حازم لليث بن سعد (حتى حدثنا أبو لبابة) بشير (بن عبد المنذر) الأنصاري الأوسي (البدري) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله
عَلَيهِ وَسَلمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ البُيُوتِ، فَأَمسَكَ.
5687 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى، (وَهُوَ الْقَطَّانُ)، عَنْ عُبَيدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ؛ أَنّهُ سَمِعَ أَبَا لُبَابَةَ يُخبِرُ ابْنَ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتلِ الْجِنَّانِ.
5688 -
(00)(00) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنصَارِيُّ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَن أَبِي لُبَابَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدَّثَنِي عَبدُ اللهِ بْنُ مُحَمدِ بنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ. حَدَّثَنَا جُوَيرِيَةُ،
ــ
عليه وسلم نهى عن قتل جنان البيوت) أي حياتها (فأمسك) ابن عمر عن قتلها بعد ذلك.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي لبابة رضي الله عنه فقال:
5687 -
(00)(00)(حدثنا محمَّد بن المثنى حدثنا يحيى) بن سعيد (وهو القطان عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري (أخبرني نافع أنه) أي أن نافعًا (سمع أبا لبابة) الأنصاري (يخبر ابن عمر) رضي الله عنهم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان) أي عوامر البيوت وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لجرير بن حازم، والحديث من مسند أبي لبابة كالذي قبله.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي لبابة رضي الله عنه فقال:
5689 -
(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن موسى) بن عبد الله بن موسى (الأنصاري) الخطمي، ثقة متقن، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا أنس بن عياض) بن ضمرة الليثي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا عبيد الله) ابن عمر بن حفص العمري (عن نافع عن عبد الله بن عمر عن أبي لبابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أنس بن عياض ليحيى القطان (ح وحدّثني عبد الله بن محمَّد بن أسماء الضبعي) البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا جويرية) بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري، صدوق، من
عَنْ نَافِعٍ، عَن عَبْدِ اللهِ؛ أن أَبَا لُبَابَةَ أخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ الجِنَّانِ التِي في الْبُيُوتِ.
5690 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، (يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، ) قَال: سَمِعْتُ يَحيَى بنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ؛ أن أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبدِ الْمُنْذِرِ الأَنْصَارِيَّ -وَكَانَ مَسْكَنُهُ بِقُبَاءَ فَانْتقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ- فبَينَمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسًا مَعَهُ يَفْتَحُ خَوْخَةً لَهُ، إِذَا هُمْ بِحَيَّةٍ مِنْ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ. فَأرَادُوا قَتْلَهَا. فَقَال أَبُو لُبَابَةَ: إِنَّهُ قَد نُهِيَ عَنْهُنَّ، (يُرِيدُ عَوامِرَ الْبُيُوتِ)،
ــ
(7)
روى عنه في (9) أبواب (عن نافع عن عبد الله) بن عمر (أن أبا لبابة أخبره) أي أخبر لابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي) تسكن (في البيوت) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة جويرية لعبيد الله بن عمر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي لبابة رضي الله عنه فقال:
5690 -
(00)(00)(حدثنا محمَّد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (يعني الثقفي) البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (6) أبواب (قال) عبد الوهاب (سمعت يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري النجاري المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (16) بابا (يقول أخبرني نافع) مولى ابن عمر (أن أبا لبابة) بشير (بن عبد المنذر الأنصاري) الأوسي المدني وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يحيى الأنصاري لعبيد الله بن عمر العمري (وكان مسكنه) أي مسكن أبي لبابة ومنزله (بقباء) موضع معروف بالمدينة المنورة (فانتقل) أبو لبابة من قباء (إلى المدينة) قرب المسجد النبوي (فبينما عبد الله بن عمر) كان (جالسًا معه) أي مع أبي لبابة حالة كون ابن عمر (يفتح خوخة) بفتحتين بينهما واو ساكنة وهي كوة بين دارين أو بيتين يدخل منها إلى الأخرى وقد تكون في حائط منفرد اهـ نووي، وفي النهاية: هي باب صغير كالنافذة الكبيرة وقد تكون بين بيتين ينصب عليها باب اهـ (له) أي لأبي لبابة متعلق بيفتح، وقوله (إذا هم) راؤون (بحية) كائنة (من عوامر) أي من حيات (البيوت) جواب بينما، وإذا فجائية رابطة لجواب بينما والمعنى فبينما أوقات جلوس ابن عمر مع أبي لبابة حالة كونه
وَأُمِرَ بِقَتْلِ الأَبْتَرِ وذِي الطُّفْيَتَينِ. وَقِيلَ: هُمَا اللَّذَانِ يَلتَمِعَانِ البَصَرَ وَيطرَحَانِ أَوْلادَ النِّسَاءِ.
5691 -
(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَم. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، (وَهُوَ عِنْدَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ)، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَوْمًا عِنْدَ هَدْمٍ لَهُ. فَرَأَى وَبِيصَ جَانٍّ. فَقَال: اتَّبِعُوا هذَا
ــ
يفتح لأبي لبابة بابا صغيرًا يقربه إلى المسجد فاجأهم رؤية حية من حيات البيوت (فأرادوا) أي فأراد ابن عمر ومن معه من الغلمة (قتلها) أي قتل تلك الحية (فقال) لهم (أبو لبابة) لا تقتلوه (إنه) أي لأن الشأن والحال (قد نهي) بالبناء للمجهول أي قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم (عنهن) أي عن قتل عوامر البيوت (يريد) أبو لبابة بقوله عنهن (عوامر البيوت) وقوله (وأمر) بالبناء للمجهول أيضًا معطوف على قوله إنه قد نهي أي وإنه قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم (بقتل الأبتر) أي التي لا ذنب لها وهي الأفعى (و) بقتل (ذي الطفيتين) أي صاحبة الخطين الأبيضين على ظهرها (و) قد (قيل) أمر بقتلها لأنـ (ـهما اللذان يلتمعان) أي يطمسان (البصر ويطرحان أولاد) أي أحمال (النساء) الحبالى فهما مؤذيان.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي لبابة رضي الله عنه فقال:
5691 -
(00)(00)(وحدّثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري، ثقة متقن، من (11) روى عنه في (17) بابا (أخبرنا محمَّد بن جهضم) بن عبد الله الثقفي مولاهم البصري اليمامي، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن عمر بن نافع) مولى ابن عمر العدوي مولاهم المدني، ثقة، من (6) روى عنه في (2) بابين اللباس وذكر الجان (عن أبيه) نافع مولى ابن عمر (قال) نافع كان عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما (يومًا) من الأيام (عند هدم) أي عند بناء مهدوم كائن (له) أي لابن عمر (فرأى) ابن عمر (وبيص) أي جلد (جان) أي حية صغيرة خرجت منه أي من ذلك الجلد (فقال) ابن عمر لمن عنده من الغلمان (اتبعوا) أي اطلبوا (هذا
الْجَانَّ فَاقْتُلُوهُ. قَال أَبُو لُبَابَةَ الأَنْصَارِيُّ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن قَتلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ في البُيُوتِ. إلا الأَبتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَينِ. فَإِنَّهُمَا اللَّذَانِ يَخطِفَانِ البَصَرَ وَيتَتَبَّعَانِ مَا في بُطونِ النِّسَاءِ.
5692 -
(00)(00) وحدّثنا هَارُونُ بن سَعِيدٍ الأيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهبٍ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ؛ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ مَرَّ بِابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ عِندَ الأُطُمِ الَّذِي عِنْدَ دَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، يَرصُدُ حَيَّةً. بِنَحْو حَدِيثِ اللَّيثِ بْنِ سَعدٍ
ــ
الجان) الذي خرج من هذا الجلد (فاقتلوه) إن رأيتموه فـ (قال) له (أبو لبابة الأنصاري إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون) أي تسكن (في البيوت، إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتتبعان) أي يسقطان (ما في بطون النساء) من الحمل، وأطلق عليه التتبع مجازًا مرسلًا من إطلاق السبب على المسبب.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث أبي لبابة رضي الله عنه فقال:
5692 -
(00)(00)(وحدّثنا هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) ثقة، من (10)(حدثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (حدثني أسامة) بن زيد الليثي المدني، صدوق، من (7) روى عنه في (8) أبواب (أن نافعًا) مولى ابن عمر (حدثه) أي حدث لأسامة (أن أبا لبابة) بشير بن عبد المنذر الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أسامة لليث بن سعد (مر بابن عمر) رضي الله عنهما (وهو) أي والحال أن ابن عمر جالس (عند الأطم) والقصر (الدي عند دار عمر بن الخطاب) رضي الله عنهم أجمعين، والأطم بضم الهمزة والطاء القصر والعمارة يجمع على آطام نظير عنق وأعناق حالة كون ابن عمر (يرصد) أي يرقب (حية) غابت عنهم وينتظرها ليقتلها إذا خرجت. وساق أسامة بن زيد عن نافع (بنحو حديث الليث بن سعد) عن نافع المار في أول حديث أبي لبابة رضي الله عنه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عائشة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما فقال:
5693 -
(2202)(257) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ وأَبُو كُرَيبٍ. وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَال يَحْيَى وإسْحَاقُ: أخبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن الأسْودِ، عن عَبْدِ اللهِ. قَال: كُنَّا مَعَ النبِي صلى الله عليه وسلم في غَارٍ. وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيهِ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} فَنَحْنُ نأْخُذُهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً. إِذْ خَرَجَتْ عَلَينَا حَيَّةٌ. فَقَال: "اقْتُلُوهَا" فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا. فَسَبَقَتْنَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَقَاهَا اللهُ شَرَّكم كَمَا وَقَاكُمْ شَرَّهَا"
ــ
5693 -
(2202)(257)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه (واللفظ ليحيى) بن يحيى (قال يحيى وإسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من (5)(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من (2) روى عنه في (5) أبواب (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) عبد الله (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار) وزاد البخاري بمنى، ووقع عند الإسماعيلي من طريق ابن نمير أن ذلك كان ليلة عرفة كما ذكره الحافظ في الفتح [4/ 40] فتبين أنهم كانوا محرمين (و) الحال أنه (قد أنزلت عليه) صلى الله عليه وسلم سورة (والمرسلات عرفًا فنحن نأخدها من فيه) صلى الله عليه وسلم حالة كون تلك السورة (رطبة) جديدة في فمه صلى الله عليه وسلم أي نسمعها ونتلقاها منه ولم يجف ريقه بها، قال القرطبي: أي نأخذ تلك السورة من فمه الشريف مستطابة سهلة كالتمرة السهلة الجنى وقيل معناه نسمعها منه لأول نزولها كالشيء الرطب في أول أحواله، والأول أوقع تشبيهًا ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج "يقرؤون القرآن رطبًا لا يجاوز حناجرهم" متفق عليه أي يستطيبون تلاوته ولا يفهمون معانيه اهـ من المفهم (إذ خرجت) وطلعت (علينا) من نواحي الغار (حية فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (اقتلوها فابتدرناها) أي سارعنا إليها (لنقتلها فسبقتنا) أي شردت منا وغابت ولم ندركها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاها الله) تعالى أي حفظها (شركم) وضرركم وسلّمها من قتلكم (كما وقاكم) وحفظكم (شرها) أي من ضررها ولسعها، قال القرطبي: أي وقاها الله شركم أي قتلكم لها فإنه شر بالنسبة إليها وإن كان خيرًا بالنسبة
5694 -
(00)(00) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَالا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأعمَشِ، في هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
5695 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ، (يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ)، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى
ــ
إلينا كما وقاكم شرها أي لسعها، وفيه دلالة على صحة ما ذكرناه من استصحاب أصل الضرر في نوع الحيات اهـ من المفهم. ودل الحديث على جواز قتل الحية في الإحرام لأنهم محرمون وفي الحرم لأن منى من الحرم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 428]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في التفسير سورة والمرسلات [4930 و 4931]، والنسائي في مناسك الحج باب قتل الحية في الحرم [2883 و 2884].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5694 -
(00)(00)(وحدّثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا جرير) ابن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن الأعمش في هذا الإسناد) أي روى جرير عن الأعمش بهذا الإسناد يعني عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله، وغرضه بيان متابعة جرير لأبي معاوية وساق جرير (بمثله) أي بمثل حديث أبي معاوية.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
5695 -
(00)(00)(وحدّثنا أبو كريب حدثنا حفص يعني ابن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8)(حدثنا الأعمش عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حفص بن غياث لأبي معاوية (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر محرمًا) أي جنس محرم كانوا معه في غار (بقتل حية) طلعت عليهم (بمنى) وهو موضع النحر بمكة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
5696 -
(00)(00) وحدّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأعمَشُ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَال: بَينَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في غَارٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاويةَ.
5697 -
(2203)(258) وحدّثني أَبُو الطَّاهرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أنسٍ، عَنْ صَيفِيٍّ، (وَهُوَ عِنْدَنَا مَولَى ابْنِ أَفْلَحَ)، أَخْبَرَنِي أَبُو السَّائِبِ، مَوْلى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ؛
ــ
5696 -
(00)(00)(وحدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا أبي) حفص بن غياث (حدثنا الأعمش حدثني إبراهيم عن الأسود عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة عمر بن حفص لأبي كريب (قال) عبد الله (بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار) بمنى ليلة عرفة كما مر، وساق حفص بن غياث (بمثل حديث جرير) بن عبد الحميد (وأبي معاوية) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حفص بن غياث لهما.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث عائشة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما فقال:
5697 -
(2203)(258)(وحدّثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) المصري (أخبرني مالك بن أنس) المدني (عن صيفي) بن زياد أبي زياد المدني الأنصاري مولاهم، قال مالك (وهو) أي صيفي بن زياد رجل معروف (عندنا) هو (مولى) عمر (بن أفلح) مولى أبي أيوب الأنصاري هكذا هو في مسلم (مولى ابن أفلح) واسم ابن أفلح عمر وقيل عمر بن كثير اهـ تهذيب، والصواب إسقاط لفظة ابن لأنه مولى أفلح كما في التهذيب ورجال مسلم للأصبهاني، روى عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة في ذكر الجن وأبي سعيد الخدري، ويروي عنه (م د ت س) ومالك ومحمد بن عجلان والمقبري وابن أبي ذئب، قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (أخبرني أبو السائب) الأنصاري المدني اسمه عبد الله بن السائب (مولى هشام بن زهرة) ويقال مولى عبد الله
أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ في بَيتِهِ. قَال: فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلاتَهُ. فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا في عَرَاجِينَ في نَاحِيَةِ الْبَيتِ. فَالتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ. فَوَثَبْتُ لأَقْتُلَهَا. فَأَشَارَ إِليَّ: أَنِ اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ. فَلَما انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيتٍ في الدَّارِ. فَقَال: أَتَرَى هَذَا الْبَيتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَال: كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ
ــ
ابن هشام بن زهرة ويقال مولى بني زهرة، روى عن أبي سعيد الخدري في ذكر الجان والصلاة، وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة، ويروي عنه (م عم) وصيفي مولى أفلح وأسماء بن عبيد والعلاء بن عبد الرحمن وبكير بن الأشج وغيرهم، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة مقبول النقل، وقد روى عن سعد بن أبي وقاص، ووقع في نوادر الأصول في الأصل الثامن والستين إنه جهني وإن اسمه عبد الله بن السائب اهـ من التهذيب، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، وذكره ابن حبان في الثقات (أنه) أي أن أبا السائب (دخل على أبي سعيد الخدري في بيته) أي في بيت أبي سعيد. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو السائب (فوجدته) أي فوجدت أبا سعيد أي رأيته (يصلي) أي مصليًا (فجلست أنتظره) أي منتظرًا فراغه من الصلاة فانتظرته (حتى يقضي) ويتم (صلاته فسمعت) في حال انتظاره (تحريكًا) أي صوت تحريك محرك (في عراجين) أي في أعواد (في ناحية البيت) وجانبه أي في سقفه، قال النووي: العراجين جمع عرجون فعلول من الانعراج والانعطاف والواو والنون زائدتان أراد بها الأعواد التي في سقف البيت شبهها بالعراجين والعرجون عذق النخل إذا يبس واعوج أو عود الكباسة كما في القاموس قال أبو السائب (فالتفت) إلى ناحية الحركة (فإذا حية) طالعة (فوثبت) أي قمت بسرعة (لأقتلها فأشار إليّ) أبو سعيد وهو في صلاته بـ (أنِ اجلس) يعني منعه من الإقدام على قتل تلك الحية ويمكن أن تكون الإشارة خفيفة لا تستلزم العمل الكثير المفسد للصلاة وإنما جاز ذلك لصيانة الغير عما قد يؤدي إلى هلاكه (فجلست) إلى فراغه من الصلاة (فلما انصرف) وفرغ من صلاته (أشار) لي (إلى بيت) أي إلى غرفة (في الدار) والمراد بالبيت هنا الغرفة المقطوعة من الدار المعدة للنوم فيها ولوضع الأمتعة النفيسة فيها (فقال) لي أبو سعيد (أترى هذا البيت) أي هل ترى هذه الغرفة (فقلت) له (نعم) أراها وما شأنها (قال) أبو سعيد (كان) ساكنًا (فيه) أي في هذا البيت (فتى) أي شاب (منا) أي من الأنصار (حديث
عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَال: فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ. فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتأْذِنُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ. فَاسْتَأذَنَهُ يَوْمًا. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذْ عَلَيكَ سِلاحَكَ. فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيكَ قُرَيظَةَ" فَأخَذَ الرَّجُلُ سِلاحَهُ. ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَينَ الْبَابَينِ قَائِمَةً. فَأَهْوَى
ــ
عهد بعرس) أي قريب زمن بزواج (قال) أبو سعيد (فخرجنا) معاشر المؤمنين (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة (إلى الخندق) أي إلى محل حفر الخندق وهو الحفيرة التي حفروها لمنع الأحزاب من دخول المدينة من جهة جبل سلع (فكان ذلك الفتى) الذي كان حديث عهد بعرس (يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار) أي يطلب الإذن منه صلى الله عليه وسلم في الرجوع إلى أهله منتصف النهار ليؤانس أهله لأنه قريب عهد بالزواج، وأنصاف النهار بفتح الهمزة جمع نصف بمعنى منتصفه وكان وقت رجوعه زمنًا من آخر النصف الأول وزمنًا من أول النصف الثاني فجمعه لذلك قاله النووي، وجمان هذا الاستئذان امتثالًا لقوله تعالى:{وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} وأما رجوعه إلى أهله فليطالع حالهم ويقضي حاجتهم ويؤانس امرأته لأنها كانت عروسًا اهـ منه، وعبارة القرطبي هنا وكانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق وأنصاف جمع نصف كحمل وأحمال وعدل وأعدال وكان هذا الفتى كان عادته أن يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم من تلك الأيام في نصف النهار فيأذن له في الإنصراف إلى أهله، والباء في (بأنصاف) بمعنى في كما تقول جاء زيد بثيابه أي فيها ولم أر أحدًا من الشراح ذكر اسم هذا الفتى واسم زوجته. قوله (فيرجع إلى أهله) معطوف على يستأذن (فاستأذنه) أي فاستأذن ذلك الفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يومًا) من تلك الأيام (فقال له) أي الفتى (رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ) حاملًا (عليك سلاحك) أي عدة حربك (فإني أخشى) وأخاف (عليك) اليوم غيلة بني (قريظة) قوم من يهود المدينة (فأخذ الرجل سلاحه) يعني الرمح والسيف (ثم رجع) إلى أهله كعادته في ذلك الوقت (فإذا امرأته) حاضرة (بين البابين) أي بين الخشبتين المركزتين في جانبي الباب حالة كونها (قائمة) أي واقفة خائفة من شيء فقائمة منصوب على الحالية، أو مرفوع على كونه خبرًا لقوله امرأته، وإذا فجائية (فأهوى) أي
إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بهِ. وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ. فَقَالتْ لَهُ: اكْفُفْ عَلَيكَ رُمْحَكَ، وَادْخُلِ الْبَيتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي. فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَويَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ. فَأَهْوَى إِلَيهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ. ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ في الدَّارِ. فَاضْطَرَبَتْ عَلَيهِ. فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا. الْحَيَّةُ أَمِ الْفَتَى؟ قَال فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ. وَقُلْنَا: ادْعُ اللهَ يُحْيِيهِ لَنَا. فَقَال: "اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ". ثُم قَال:
ــ
مد وأمال (إليها الرمح ليطعنها به) أي بالرمح، قال القرطبي: أماله إليها إرهابًا ومبالغة في الزجر وحمله على ذلك فرط المغيرة وما كان بالذي يطعنها (و) الحال أنه قد (أصابته غيرة) وحمية لخروجها من البيت ووقوفها على الباب لسوء الظن بها (فـ) لما رأت ذلك منه (قالت له اكفف عليك) أي أمسك (رمحك) عليك ولا تمده إلى (وادخل البيت حتى تنظر) وتبصر (ما الذي أخرجني) أي السبب الذي أخرجني من البيت (فدخل) الرجل البيت (فإذا) هو راءٍ (بحية عظيمة منطوية) أي ملتوية (على الفراش فأهوى) ورمى (إليها) أي إلى الحية (الرمح فانتظمها) أي طعنها (به) أي بالرمح يقال انتظم الصيد إذا طعنه أو رماه حتى ينفذه اهـ م ج (ثم خرج) الرجل من الدار (فركزه) أي فركز الشيء الذي طعنه وثبته بالرمح (في الدار) ومنعه من التحرك، وذكر الضمير نظرًا لكون الحية بمعنى الجن أو المعنى ركز رمحه عليها في الدار وخرج أي تركه مركوزًا على الحية (فاضطربت) الحية وتحركت تحركًا شديدًا ووثبت (عليه) أي على الرجل حتى تلفَّفَتْ عليه، أو ركز الرمح في الدار فتلففت على الرمح (فما يدرى) أي ما يعلم (أيهما) أي أي الرجل أو الحية (كان أسرع) وأعجل (موتًا) أي لا يدرى (الحية) أسبق موتًا (أم الفتى) أسبق موتًا، وقوله (الحية أم الفتى) بالرفع بدل من أي بدل تفصيل من مجمل يعني مات الفتى من ساعته حتى لا يدرى الحية ماتت قبله أو هو مات قبلها وذلك لأنه قتله الجن انتقامًا من قتله للحية التي كانت من الجن وجاءت على صورة الحية (قال) أبو سعيد (فجئنا) معاشر الأنصار (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك) أي كون الفتى مقتولًا بسبب قتله الحية (له) صلى الله عليه وسلم (وقلنا) له صلى الله عليه وسلم (ادع الله) سبحانه أن (يحييه لنا) أي أن يجعله لنا حيًّا (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (استغفروا لصاحبكم) فإنه مات موتًا حقيقيًّا لا إغماءً فلا يعود إلى الدنيا (ثم قال) لنا
"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا. فَإِذَا رَأَيتُمْ مِنْهُمْ شيئًا فَآذِنُوهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِك فَاقْتُلُوهُ. فَإِنَّمَا هُوَ شَيطَانٌ"
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئًا) مصورًا بصورة حية لأن الجن لكونه جسمًا لطيفًا يتشكل بصورة الحية (فآذنوه) بالهمزة الممدودة من الإيذان أي فآذنوا ذلك الشيء وأعلموه بالإنذار (ثلاثة أيام) وبينا لكم كيفية الإيذان فيما مر فراجعه (فإن بدا) أي ظهر (لكم بعد ذلك) أي بعد الإنذار والتخويف (فاقتلوه) أي فاقتلوا ذلك الشيء الذي بدا لكم بصورة الحية (فإنما هو) أي ما الشيء الذي بدا لكم إلا (شيطان) لا جن أسلمت وتصورت بصورة الحية، قال العلماء: معناه إذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيت ولا ممن أسلم من الجن بل هو شيطان فلا حرمة عليكم فاقتلوه ولن يجعل الله له سبيلًا للانتصار عليكم بثأره بخلاف العوامر ومن أسلم والله أعلم اهـ نووي. قوله (هو شيطان) سمي به لتمرده وعدم ذهابه بالإيذان فإن كل متمرد من الجن والإنس والدابة يسمى شيطانًا كذا في المبارق. قال القرطبي (وقولهم للنبي صلى الله عليه وسلم حين مات الفتى ادع الله أن يحييه لنا) هذا قول أخرجه منهم كثرة ما كانوا يشاهدون من إجابة دعواته صلى الله عليه وسلم وعموم بركاته.
قوله (إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا) قد بينا أن بغير المدينة جنًّا قد أسلموا فتلزم التسوية بينها وبين غيرها في المنع من قتل الحيات إلا بعد الإذن.
ولا يفهم من هذا الحديث أن هذا الجان الذي قتله الفتى كان مسلمًا وأن الجن قتلته قصاصًا لأنه لو سلم أن القصاص مشروع بيننا وبين الجن لكان إنما يكون في العمد المحض وهذا الفتى لم يقصده ولم يتعمد قتل نفس مسلمة إذ لم يكن عنده علم من ذلك وإنما قصد إلى قتل ما سوغ له قتل نوعه شرعًا فهذا قتل خطأ فلا قصاص فيه فالأولى أن يقال إن كفار الجن أو فسقتهم قتلوا الفتى بصاحبهم عدوانًا وانتقامًا وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا" إلى آخر الحديث ليبين طريقًا يحصل به التحرز من قتل المسلم منهم ويتسلط على قتل الكافر منهم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم منها شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان" ولذلك قال مالك: أحب إلى أن ينذروا ثلاثة أيام، قال عيسى بن دينار: ينذر ثلاثة أيام وإن ظهر في اليوم مرارًا ولا يقتصر على إنذاره ثلاث مرار في يوم واحد حتى
5698 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بنِ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. قَال: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بْنَ عُبَيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ السَّائِبُ -وَهُوَ عِنْدَنَا أَبُو السَّائِبِ- قَال: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. فَبَينَمَا
ــ
يكون في ثلاثة أيام. [قلت] وهذا تنبيه على أن من الناس من يقول إن الإيذان ثلاث مرات وهو الذي يفهم من قوله (فليؤذنه ثلاثًا) ومن قوله (فحرجوا عليه ثلاثًا) لأن ثلاثًا للعدد المؤنث فيظهر أن المراد ثلاث مرات والأولى ما صار إليه مالك لأن قوله ثلاثة أيام نص صريح مقيد لتلك المطلقات فلا يعدل عنه ويمكن أن يحمل تأنيث العدد على إرادة ليالي الأيام الثلاثة فغلب الليلة على عادة العرب في باب التاريخ فإنها تغلب فيها التأنيث اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب في قتل الحيات [5256 و 5257]، والترمذي في الصيد باب ما جاء في قتل الحيات [1484].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5698 -
(00)(00)(وحدّثني محمَّد بن رافع) القشيري (حدثنا وهب بن جرير بن حازم) الأزدي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا أبي) جرير بن حازم، ثقة، من (6)(قال سمعت أسماء بن عبيد) بن مخارق الضبعي أبا المفضل البصري، روى عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة في ذكر الحية والشعبي وابن سيرين وعدة، ويروي عنه (م) وجرير بن حازم وابنه جويرية وحماد بن سلمة وعدة، وثقه ابن معين، وله في (م) فرد حديث، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات سنة (141) إحدى وأربعين ومائة، وليس في رجال مسلم من اسمه أسماء إلا هذا حالة كون أسماء بن عبيد (يحدث عن رجل يقال له) عبد الله بن (السائب) سمي باسم أبيه لشهرته به، قال جرير بن حازم (وهو) أي ذلك الرجل الذي سماه أسماء بالسائب معروف (عندنا) بأن كنيته (أبو السائب) واسمه عبد الله بن السائب مولى هشام بن زهرة، تقدم البسط في ترجمته في السند السابق (قال) ذلك الرجل (دخلنا على أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة جرير بن حازم لمالك بن أنس ولكنها متابعة ناقصة لأن شيخ مالك صيفي وشيخ جرير أسماء بن عبيد، قال أبو السائب (فبينما
نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ سَمِعْنَا تَحْتَ سَرِيرِهِ حَرَكَةً. فَنَظَرْنَا فَإِذَا حَيَّةٌ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ صَيفِيٍّ. وَقَال فِيهِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ. فَإِذَا رَأَيتُمْ شَيئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا علَيهَا ثَلاثًا. فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ. فَإِنَّهُ كَافِرٌ". وَقَال لَهُمُ: "اذْهَبُوا فَادْفِنُوا صاحِبَكُمْ".
5699 -
(00)(00) وحدّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ
ــ
نحن جلوس) عند أبي سعيد الخدري (إذ سمعنا تحت سريره) أي تحت سرير أبي سعيد الخدري، وإذ فجائية رابطة لجواب بينما والتقدير فبينما أوقات جلوسنا عند أبي سعيد فاجأنا سماعنا تحت السرير (حركة) أي صوت حركة شيء من المتحركات (فنظرنا) تحت سريره (فإذا حية) عظيمة منطوية تحت سريره (وساق) جرير بن حازم أي ذكر (الحديث) السابق (بقصته نحو حديث مالك عن صيفي) أي قريبه في اللفظ والمعنى (و) لكن (قال) جرير (فيه) أي في ذلك النحو الذي ساقه أي زاد فيه لفظة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه البيوت عوامر) أي جنانًا سواكن فيها مع أهلها الآدميين (فإذا رأيتم شيئًا منها) أي من تلك العوامر بصورتها المتشكلة إليها كالحيات والعقارب والطيور والسباع (فحرجوا) أي ضيقوا (عليها) أي على تلك العوامر بالقول (ثلاثًا) من الليالي أو الأيام، قال ابن الأثير: التحريج عليها هو أن يقول لها أنت في حرج وضيق منا إن عدت إلينا فلا تلومينا أن نضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل اهـ (فإن ذهب) ذلك الجني وانعدم فذاك المطلوب (وإلا) أي وإن لم يذهب وبدا لكم بعد ثلاثة أيام (فاقتلوه فإنه) أي فإن ذلك الذي بدا لكم بعد التحريج المطلوب جني (كافر) يريد إذايتكم، وزاد فيه جرير أيضًا لفظة (وقال لهم) أي للأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذهبوا فادفنوا صاحبكم) يا معشر الأنصار يعني به الفتى المذكور.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
5699 -
(00)(00)(وحدّثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن) محمَّد (بن عجلان) القرشي مولاهم مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة أبي عبد الله
حَدَّثَنِي صَيفِيٌّ، عَنْ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: سَمِعْتُهُ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا. فَمَنْ رَأَى شَيئًا مِنْ هذِهِ الْعَوامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاثًا. فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ. فَإِنَّهُ شَيطَانٌ"
ــ
المدني، صدوق، من (5) روى عنه في (9) أبواب (حدثني صيفي) مولى ابن أفلح (عن أبي السائب) عبد الله بن السائب مولى هشام بن زهرة (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمَّد بن عجلان لمالك بن أنس (قال) أبو السائب (سمعته) أي سمعت أبا سعيد الخدري (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بالمدينة نفرًا من الجن قد أسلموا) أي إن جماعة من الجن أسلموا منهم شاصر، ماصر، ومنشى، وماشي، والأحقب، وسرق، وعمرو بن جابر، ومالك بن مالك، وزوبعة، وسمحج، والفارعة، ووردان، وهامة بن الهيثم، وعمرو بن طارق اهـ تنبيه المعلم على مبهمات مسلم (فمن رأى شيئًا من هذه العوامر) أي من هذه الحيات التي تسكن البيوت (فليؤذنه) أي فليعلم ذلك الشيء بقتله إن لم يذهب (ثلاثًا) من الأيام ذكر اسم العدد مع أن المعدود مذكر لحذف المعدود كما هو القاعدة عند النحاة، والظرف متعلق بالإيذان (فإن بدا) وظهر (له) أي لأحدكم (بعد) أي بعد ثلاثة أيام (فليقتله فإنه) أي فإن ذلك الشيء الذي بدا له (شيطان) متمرد يريد إذايته لا من العوامر التي تسكن بيوتكم.
وفي هذه الأحاديث دلالة على أن الجن يتطورون ويتشكلون في صور مختلفة فيتصورون في صور الحيات والعقارب وفي صور الطيور والبهائم كما قد تتصور في صور بني آدم، وقال القاضي أبو يعلى: ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال في الصور وإنما يجوز أن يعلمهم الله تعالى كلمات وضربًا من ضروب الأفعال إذا فعله وتكلم به نقله الله تعالى من صورة إلى صورة فيقال إنه قادر على التصوير والتخييل على معنى أنه قادر على قول إذا قاله وفعله نقله الله تعالى من صورته إلى صورة أخرى بجري العادة، وأما أنه يصور نفسه فذلك محال لأن انتقالها عن صورة إلى صورة أخرى إنما يكون بنقض البنية وتفريق الأجزاء وإذا انتقضت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة وكيف تنقل نفسها، والقول في تشكيل الملائكة مثل ذلك كذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في آكام المرجان في أحكام الجان لبدر الدين الشبلي ص [19 ب 6] اهـ تكملة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب عشرة أحاديث: الأول حديث معاوية بن الحكم ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ذكره للاستشهاد، والخامس حديث شريد بن سويد ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والسادس حديث عائشة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثامن حديث أبي لبابة ذكره للاستشهاد ثانيًا وذكر فيه ست متابعات، والتاسع حديث عبد الله بن مسعود ذكره للاستشهاد به ثالثًا وذكر فيه ثلاث متابعات، والعاشر حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد به رابعًا وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
***