الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
680 - (24) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح والفأل والشؤم
5645 -
(2185)(239) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بن يَحْيَى، (وَاللَّفْظُ لأَبِي الطَّاهِرِ)، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ. قَال ابْنُ شِهَابٍ: فحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، حِينَ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ"
ــ
680 -
(24) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح والفأل والشؤم
5645 -
(2185)(239)(حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري (واللفظ لأبي الطاهر قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس) قال (قال ابن شهاب فحدثني أبو سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، والفاء في قوله فحدثني زائدة أو عاطفة بمعنى الواو والمعطوف عليه محذوف تقديره: قال ابن شهاب: حدثني غير أبي سلمة وحدثني أبو سلمة ويدل على هذا التقدير ما في البخاري بعد ما روى عن أبي سلمة من قوله وعن الزهري قال أخبرني سنان بن أبي سنان الدؤلي أن أبا هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال .. الخ وكما تدل عليه الرواية الآتية (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، وفيه رواية تابعي عن تابعي، والظرف في قوله (حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا صفر ولا هامة) متعلق بقوله (فقال أعرابي) والفاء زائدة فلا يرد أن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها هذا ما ظهر للفهم السقيم ولم أر أحدًا من الشراح بحث عن هذا الإعراب، والتقدير عن أبي هريرة أنه قال: قال أعرابي يا رسول الله .. الخ حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا عدوى ولا صفر ولا هامة .. الخ" ومعنى (لا عدوى) يعني أن المرض لا يتعدى من صاحبه إلى من يقاربه من الأصحاء فيمرض لذلك أي لا سراية لمرض من صاحبه إلى غيره من الأصحاء بمجاورة أو بمخالطة (ولا صفر) أي لا سراية لصفر وهو داء يأخذ في البطن يزعمون أن يعدي ويتجاوز وقيل هو دود في البطن تهيج عند الجوع وربما قتلت صاحبها وكانت العرب تراها أنها أعدى من الجرب (ولا هامة) بتخفيف الميم على الصحيح المشهور عند الجمهور وقيل بتشديد الميم قالت
فَقَال أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ! فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ في الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَجِيءُ البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَا كُلَّهَا؟ قَال:"فَمَن أَعْدَى الأَوَّلَ؟ "
ــ
جماعة أي لا تشاؤم بالبومة ولا حياة لهامة الموتى إذ كانوا يزعمون أن عظم الميتة يصير هامة ويحيا ويطير (فقال أعرابي) لم أر من ذكر اسمه أي قال رجل من سكان البوادي (يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء) بكسر المعجمة وبعدها موحدة فهمزة ممدودًا جمع ظبي حيوان معروف أي كأنها الظباء في النشاط والقوة والسلامة وصفاء بدنها، وجملة التشبيه حال من الضمير المستتر في خبر كان (فيجيء البعير الأجرب) أي صاحب الجرب (فيدخل فيها) أي في تلك الإبل (فيجربها كلها) بضم أوله أي يكون سببًا لوقوع الجرب بجميعها كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل على الأصحاء أمرضهم فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأبطله فلما أورد الأعرابي الشبهة (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمن أعدى) وأجرب البعير (الأول) أي ممن سرى إليه الجرب فإن قالوا من بعير آخر لزم التسلسل وهو محال أو قال بسبب آخر فعليهم أن يبينوه وإن قالوا الفاعل في الأول هو الفاعل في الثاني ثبت المدعى وهو أن الذي فعل ذلك بالجميع هو الله سبحانه فالجواب في غاية الرشاقة والبلاغة اهـ من الإرشاد.
وفي كتابنا مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى معرفة ابن ماجه قوله (لا عدوى) أي في الشرع أي لا مجاوزة للمرض ولا سراية من صاحبه إلى غيره بالمجاورة أو بالقرب منه (ولا صفر) في الشرع أي لا تشاؤم بدخول صفر، وفي سنن أبي داود عن محمَّد بن راشد أنهم كانوا يتشاءمون بدخول صفر أي لما يتوهمون أنه فيه تكثر الدواهي والفتن وقيل إن الصفر حية في البطن تهيج عند جوع صاحبها وربما قتلت صاحبها وكانت العرب ترى أنها أعدى من الجرب فنفى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "ولا صفر" كما مر آنفًا والمعنى عليه لا سراية لصفر من صاحبها إلى غيره كما تزعمه العرب (ولا هامة) في الشرع أي لا تشاؤم بنزول الهامة في القرى أو جنب الدار في الليل وصياحها لأنهم يزعمون أن ذلك يدل على موت صاحب القرية أو صاحب الدار، وقيل هي دابة تخرج من رأس القتيل ظلمًا أو تتولد من دمه فلا تزال تصيح في الليل جنب داره حتى يؤخذ بثأره كذا تزعمه العرب فكذبهم الشرع اهـ مناوي. وفي المرشد: الهامة بتخفيف الميم وجوز تشديدها هي دابة تظهر في الليل وتختفي في النهار من الطيور لها جناح كجناح
5646 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بن حَاتِمٍ وَحَسَنٌ الحُلوَانِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعدٍ)، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبدِ الرَّحْمنِ وَغَيرُهُ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ قَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ
ــ
الطيور ووجه كوجه الهرة، في الأرميا (أرنغو) اهـ منه. وقد نفى الإِسلام هذه العقائد الباطلة التي هي من عقائد الجاهلية فكذبهم الشرع اهـ مناوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 267]، والبخاري في الطب باب الطيرة [5754] وباب لا هامة [5770] وفي غيرهما، وأبو داود في الطب باب الطيرة [3911 إلى 3915]، وابن ماجه في المقدمة باب في القدر [75] وفي الطب باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة [3586].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5646 -
(00)(00)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (وحسن) بن علي (الحلواني) المكي (قالا حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد الزهري المدني (عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني (عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره) أي غير أبي سلمة كسنان بن أبي سنان الدؤلي كما في الرواية التالية (أن أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة صالح بن كيسان ليونس بن يزيد (قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى) أي لا سراية لمرض عن صاحبه إلى غيره (ولا طيرة) أي لا تشاؤم بمرور الطير إلى جهة اليسار بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن وهو التشاؤم بالشيء والتقابح به وهو مصدر سماعي لتطير من باب تفعل الخماسي يقال تطير تطيرًا وطيرة وتخير خيرة ولم يجيء من المصادر هكذا غيرهما وأصله فيما قالوا أنهم كانوا في الجاهلية إذا خرجوا لحاجة فإن رأوا الطير عن يمينهم أو الظباء تمر على يمينهم فرحوا به واستمروا في حاجتهم وإن طار عن يسارهم تشاءموا به ورجعوا وربما هيجوا الطير لتطير فيعتمدوا على ذلك فكان يصدهم ذلك عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه لا تأثير له في جلب نفع أو دفع ضر، قال البوصيري: والطيرة منشؤها عيافة الطير وزجرها فإن طارت تجاه اليمن تفاءلوا بالخير ومنه اشتقت كلمة التيامن وإن طارت باتجاه الشام كان فألًا رديئًا
وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ" فَقَال أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ! بِمِثلِ حَدِيثِ يُونُسَ.
5647 -
(00)(00) وحدّثني عَبدُ اللهِ بن عَبدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِميُّ. أَخبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيبٍ، عَنِ الزُّهرِيِّ. أَخْبَرَنِي سِنَانُ بن أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَليُّ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَة قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
ــ
ومنه اشتقت كلمة التشاؤم وأصل التيامن أن أصل العرب من اليمن وكانت كل الهجرات باتجاه الشمال منه فما طار صوب الوطن الأصلي حصل معه الحب والحنين للموطن فكان فأل خير وما طار صوب مناطق الهجرة كان فيه إحساس الغربة فكان الفأل الرديء ثم نسي الناس أصل هذه الفكرة وبقيت العادة في عيافة الطير وزجره والتيامن والتشاؤم كل هذا منهي عنه لأن فيه الكهانة وادعاء معرفة الغيب وما سيكون ولا يعرف الغيب إلا الله وحده، وقد حرم الإِسلام العمل بهذه الأمور لأنها من أبواب السحر اهـ مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى حل وفك معاني ومباني ابن ماجه (ولا صفر) أي ولا تشاؤم بدخول صفر (ولا هامة) أي ولا تشاؤم بصياح الهامة والبومة في القرية ليلًا أو جنب الدار كما مر الكلام فيهما (فقال) رجل (أعرابي) أي من سكان البوادي (يا رسول الله) الحديث، وساق صالح (بمثل حديث يونس) بن يزيد السابق آنفًا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5647 -
(00)(00)(وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) السمرقندي صاحب المسند، ثقة متقن، من (11) روى عنه في (14) بابا (أخبرنا أبو اليمان) الحكم بن نافع القضاعي الحمصي مشهور بكنيته، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (عن شعيب) بن أبي حمزة دينار الأموي مولاهم أبي بشر الحمصي، ثقة، من (7) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا (عن الزهري أخبرني سنان بن أبي سنان) يزيد بن أمية (الدؤلي) المدني، روى عن أبي هريرة في لا هامة، وجابر بن عبد الله في دلائل النبوة، ويروي عنه (خ م ت س) والزهري وزيد بن أسلم، قال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، مات سنة (105) خمس ومائة، وله (82) اثنتان وثمانون سنة (أن أبا هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعيب بن أبي
"لَا عَدوَى" فَقَامَ أَعرَابِيٌّ، فَذَكَرَ بِمِثلِ حَدِيثِ يُونُسَ وَصَالِحٍ. وعَن شُعَيبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَال: حَدَّثَنِي السَّائِبُ بن يَزِيدَ ابنِ أُختِ نَمِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ".
5648 -
(2186)(240) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرمَلَةُ، (وَتَقَارَبَا في اللَّفظِ)، قَالا: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ حَدَّثهُ؛
ــ
حمزة ليونس وصالح، ولكنها متابعة ناقصة لأن شيخ شيخ شعيب بن أبي حمزة سنان بن أبي سنان وشيخ شيخ يونس وصالح أبو سلمة ولو قال فيما سيأتي بمثل حديث أبي سلمة لكان أوضح وأوفق لقاعدته فكانت المتابعة تامة (لا عدوى) أي لا سراية لمرض عن صاحبه إلى غيره (فقام أعرابي. فذكر) شعيب بن أبي حمزة (بمثل حديث يونس وصالح) يعني قوله "ولا صفر ولا هامة .. إلخ"(و) أخبرنا أبو اليمان أيضًا بالسند السابق (عن شعيب) بن أبي حمزة (عن الزهري قال) الزهري (حدثني السائب بن يزيد) بن سعيد بن ثمامة بضم ففتح مع التخفيف الكندي المدني المعروف بـ (ابن أخت نمر) الصحابي ابن الصحابي رضي الله عنهما حج به أبوه في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، مات سنة (91) إحدى وتسعين بالمدينة، وقيل (86) ست وثمانين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين تقدمت ترجمته في كتاب الصلاة مع البسط فيها، روى عنه في (8) أبواب (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ولا صفر ولا هامة) غرضه بسوق هذا التعليق الاستشهاد لحديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء المذكور قبيل الجزء الأخير من الترجمة أعني قوله ولا يورد ممرض على مصح بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5648 -
(2186)(240)(وحدثني أبو الطاهر وحرملة) بن يحيى (وتقاربا في اللفظ قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني (حدثه) أي حدث لابن شهاب عن أبي هريرة رضي الله عنه.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا عَدْوَى" ويحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا يُورِدُ مُمرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ". قَال أَبُو سَلَمَةَ: كَانَ أَبُو هُرَيرَةَ يُحَدِّثُهُمَا كِلْتَيهِمَا عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيرَةَ بَعدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ:"لَا عَدوَى" وَأَقَامَ عَلَى: "أَن لَا يُورِدُ مُمرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"
ــ
وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ويحدث) أبو سلمة أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يورد) بضم الياء وكسر الراء من أورد الرباعي أي لا يدخل (ممرض) بضم الميم الأولى وكسر الراء على صيغة اسم الفاعل ومفعول الإيراد محذوف تقديره إبله المراض (على مصح) بضم الميم وكسر الصاد وتشديد الحاء المهملة على صيغة اسم الفاعل والممرض صاحب الإبل المراض والمصح صاحب الإبل الصحاح، والمعنى لا يورد ولا يدخل صاحب الإبل المراض إبله على إبل صاحب الإبل الصحاح لأنه ربما أصابها المرض بفعل الله تعالى وقدره الذي أجرى به العادة لا بطبعها وتأثيرها فيحصل لصاحب الإبل الصحاح ضرر بمرضها وربما حصل له ضرر أعظم من ذلك باعتقاده العدوي بطبعها فيكفر والله أعلم اهـ نووي. وجملة الإيراد خبرية اللفظ إنشائية المعنى قصد بها النهي، وفي رواية للبخاري (لا يوردن) بزيادة نون التوكيد على صريح النهي والنهي هنا نهي إرشاد على سبيل الحذر والاحتياط ولا يستلزم الاعتقاد بالعدوى لأن العدوي هو الاعتقاد بكونه علة تامة في التأثير.
(قال أبو سلمة) بالسند السابق (كان أبو هريرة يحدثهما) أي يحدث الحديثين يعني حديث لا عدوى وحديث لا يورد ممرض (كلتيهما) أي كلتا القصتين أنث لفظ التوكيد نظرًا لكون الحديثين بمعنى القصتين أو بمعنى الواقعتين وإلا فالصواب أن يقال كليهما بالتذكير لأن المؤكد مذكر أي كان أبو هريرة يحدث الحديثين كليهما (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صمت) أي سكت (أبو هريرة بعد ذلك) أي بعد أن كان يروي الحديثين (عن) رواية (قوله) صلى الله عليه وسلم (لا عدوى وأقام) أي استمر أبو هريرة (على) رواية حديث (أن لا يورد ممرض على مصح) وأن في قوله أن لا يورد مخففة من
قَال: فَقَال الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ - (وَهُوَ ابنُ عَمِّ أَبِي هُرَيرَةَ) -: قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ، يَا أَبَا هُرَيرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ. قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ. كُنْتَ تَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدوَى" فَأَبَى أَبُو هُرَيرَةَ أَن يَعْرِفَ ذَلِكَ. وَقَال: "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" فَمَا رآهُ الحَارِثُ في ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيرَةَ فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ. فَقَال لِلْحَارِثِ: أَتَدْرِي مَاذَا قُلْتُ؟ قَال: لَا. قَال أَبُو هُرَيرَةَ: قُلْتُ: أَبَيتُ.
قَال أَبُو سَلَمَةَ: وَلَعَمْرِي، لَقَدْ
ــ
الثقيلة (قال) أبو سلمة (فقال الحارث) بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد (بن أبي ذباب) الدوسي المدني، صدوق، من (5) روى عنه في (5) أبواب (وهو) أي الحارث (ابن عم أبي هريرة) أي قال الحارث لأبي هريرة (قد كنت) أنا (أسمعك يا أبا هريرة تحدثنا مع هذا الحديث) يعني حديث لا يورد ممرض على مصح (حديثًا آخر) يعني حديث لا عدوى، وجملة قوله (قد سكت عنه) أي عن ذلك الآخر صفة ثانية لحديثًا وذلك لأنك يا أبا هريرة (كنت تقول) لنا (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى فأبى أبو هريرة) أي امتنع (أن يعرف ذلك) الحديث الآخر ويتذكره ويقره (وقال) أبو هريرة لهم إنما قلت لكم وحدثت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يورد ممرض على مصح) قال أبو سلمة (فما رآه الحارث) أي فما رأى (الحارث) بن أبي ذباب أبا هريرة مصيبًا (في ذلك) أي في إنكاره حديث لا عدوى فقال الحارث لأبي هريرة كلامًا شديدًا (حتى غضب أبو هريرة فرطن) أي تكلم (بالحبشية) أي باللغة العجمية أي كلمهم بكلام لا يعرفونه (فقال) أبو هريرة (للحارث) بن أبي ذباب (أتدري) وتعلم (ماذا قلت) لكم أي معنى ما قلته لكم (قال) الحارث لأبي هريرة (لا) نعرفه أي لا نعرف ما قلت ولا نفهمه (قال أبو هريرة قلت) لكم حين رطنت بالحبشة (أبيت) وامتنعت من معرفة ذلك الحديث وإقراره أي معنى ما رطنت به أبيت (قال أبو سلمة) الراوي عن أبي هريرة (ولعمري) أي ولحياتي قسمي (فإن قلت) كيف أقسم بحياته مع أن القسم بغير اسم الله وصفاته ما يجوز للنهي عنه في الحديث الصحيح (قلت) لم يقصد بذلك حقيقة القسم بل جرت على لسانه بغير قصد فهو من لغو اليمين، واللام في قوله (لقد) موطئة للقسم مؤكدة للأولى أي
كَانَ أَبُو هُرَيرَةَ يُحَدِّثُنَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا عَدوَى" فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أبُو هُرَيرَة، أوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَينِ الآخَرَ؟
ــ
أقسمت بحياتي لقد كان أبو هريرة يحدثنا) أولًا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى فلا أدري) ولا أعلم (أنسي) أي هل نسي (أبو هريرة) الحديث الذي حدثناه يعني حديث لا عدوى (أو نسخ أحد القولين) أي أحد الحديثين يعني حديث لا يورد ممرض الحديث (الآخر) يعني حديث لا عدوى فلذلك أبي أبو هريرة عن تذكره، أما احتمال النسخ فإنما ذهب إليه أبو سلمة ظنًّا منه بأن الحديثين متعارضان فحديث لا عدوى ينفي تعديه الأمراض وحديث لا يورد ممرض .. الخ يثبته ولكن يجمع بينهما بأن المنفي في حديث لا عدوى كونه علة تامة مؤثرة والمثبت في حديث لا يورد ممرض كونه سببًا عاديًا من الأسباب فيحتمل أن يكون أبو هريرة نسي حديث لا عدوى، ويحتمل أيضًا أن يكون قد أمسك عن روايته لحكمة هو أعلم بها وعلى كونه قد نسي الحديث لا يقدح نسيانه في ثبوت الحديث لما تقرر في الأصول أن نسيان الراوي لا ينفي روايته إذا كان من روى عنه ثقة ولأن حديث لا عدوى مروي عن غير أبي هريرة أيضًا اهـ فتح الباري في باب لا هامة [10/ 242 و 243].
قال النووي: قال جمهور العلماء: الحديثان يعني حديث (لا عدوى) وحديث (لا يورد ممرض) هما صحيحان يجب الجمع بينهما قالوا وطريق الجمع بأن يقال إن حديث لا عدوى المراد به نفي ما كانت الجاهلية تزعمه وتعتقده أن المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى وقدره وأما حديث لا يورد ممرض فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وكذا (فر من المجذوم فرارك من الأسد) فنفى في الحديث الأول العدوي بطبعها ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بقدر الله وفعله وأرشد في الثاني إلى الاحتراز مما يحصل عنده الضرر بفعل الله تعالى وإرادته وقدره فهذا الذي ذكرناه من تصحيح الحديثين والجمع بينهما هو الصواب اهـ.
قال القرطبي: في بحث هذا الحديث أعني حديث (لا يورد ممرض .. الخ) الورود هو الوصول إلى الماء يقال أورد إبله إذا أوصلها إليه فصاحب الإبل مورد والإبل موردة، و (ممرض) اسم فاعل من أمرض الرجل إذا أصاب ماشيته مرض قاله يعقوب، و (مصح) اسم فاعل من أصح إذا أصابت ماشيته عاهة ثم صحت قاله الجوهري، وقد جمع أبو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هريرة رضي الله عنه في هذه الرواية بين قوله لا عدوى وبين قوله لا يورد ممرض على مصح وهو جمع صحيح لا بعد فيه إذ كلاهما خبر عن المشروعية لا خبر عن الوجود، فقوله (لا عدوى) أي لا يجوز اعتقادها، وقوله (لا يورد ممرض على مصح) أي لا يفعل ذلك فهما خبران يتضمنان النهي عن ذلك وإنما نهى عن إيراد الممرض على المصح مخافة الوقوع فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد ذلك أو مخافة تشويش النفوس وتأثير الأوهام وهذا كنحو أمره صلى الله عليه وسلم بالفرار من المجذوم فإنا وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي فإنا نجد من أنفسنا نفرة وكراهية لذلك حتى إذا أكره الإنسان نفسه على القرب منه وعلى مجالسته تألمت نفسه وربما تأذت بذلك ومرضت ويحتاج الإنسان في هذا إلى مجاهدة شديدة ومكابدة ثقيلة ومع ذلك فالطبع أغلب وإذا كان الأمر بهذا المثابة فالأولى بالإنسان أن لا يقرب شيئًا يحتاج الإنسان فيه إلى هذه المكابدة ولا يتعرض فيه إلى هذا الخطر والمتعرض لهذا الإثم زاعمًا أنه يجاهد نفسه حتى يزيل عنها تلك الكراهة هو بمنزلة من أدخل على نفسه مرضًا إرادة علاجه حتى يزيله ولا شك في نقص عقل من كان على هذا وإنما الذي يليق بالعقلاء ويناسب تصرف الفضلاء أن يباعد أسباب الآلام ويجانب طرق الأوهام ويجتهد في مجانبة ذلك بكل ممكن مع علمه بأنه لا ينجي حذر من قدر وبمجموع الأمرين وردت الشرائع وتوافقت على ذلك العقول والطبائع.
وأما سكوت أبي هريرة عن قوله (لا عدوى) وإيراد حديث (لا يورد ممرض على مصح) بعد أن حدث بمجموعهما فلا يصح أن يكون من باب النسخ كما قدره أبو سلمة بن عبد الرحمن لأنهما لا تعارض بينهما إذ الجمع صحيح كما قدمناه بل الواجب أن يقال إنهما خبران شرعيان عن أمرين مختلفين لا متعارضين كخبر يتضمن حكمًا من أحكام الصلاة وآخر يتضمن حكمًا من أحكام الطهارة مثلًا، وقد بينا وجه تباين الخبرين وعلى هذا فسكوت أبي هريرة يحتمل أوجهًا أحدها النسيان المتقدم كما قال أبو سلمة، وثانيهما أنهما لما كانا خبرين متعارضين لا ملازمة بينهما جاز للمحدث أن يحدث بأحدهما ويسكت عن الآخر حسبما تدعو إليه الحاجة الحالية، وثالثهما أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنهما متناقضين فسكت عن أحدهما حتى إذا أمن من ذلك حدث بهما جميعًا، ورابعها أن يكون حمل ذلك على وجه غير ما ذكرناه لم يطلع عليه أحدًا، وعلى
5649 -
(00)(00) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَحَسَنٌ الحُلوَانِيُّ وَعَبدُ بن حُمَيدٍ. قَال عَبْدٌ: حَدَّثَنِي. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ -يَعنُونَ ابنَ إِبرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ- حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا عَدْوَى" ويحَدِّثُ مَعَ ذَلِكَ: "لَا يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ" بِمِثلِ حَدِيثِ يُونُسَ.
5650 -
(00)(00) حدّثناه عَبدُ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحمنِ
ــ
الجملة فكل ذلك محتمل غير أن الذي يقطع بنفيه النسخ على ما قررناه والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث يعني رواية الجمع بين الحديثين أحمد [2/ 434]، والبخاري [5771]، وأبو داود [3911]، وابن ماجه [3541].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
5649 -
(00)(00)(حدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (وحسن) بن علي (الحلواني) الخلال المكي (وعبد بن حميد) بن نصر الكسي البصري (قال عبد حدثني وقال الآخران حدثنا يعقوب يعنون ابن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري المدني (حدثني أبي) إبراهيم بن سعد الزهري المدني (عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني (عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة صالح بن كيسان ليونس بن يزيد (يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى وبحدث مع ذلك) الحديث يعني مع حديث لا عدوى أي يحدث معه حديث (لا يورد الممرض) أي صاحب الإبل المراض أي لا يدخل إبله المراد (على المصح) أي على إبل صاحب الإبل الصحاح حذرًا من إضراره وسدًّا للذريعة، وساق صالح بن كيسان (بمثل حديث يونس) السابق.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث الأخير فقال:
5650 (00) - (00)(حدثناه عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران
الدَّارِميُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. حَدَّثَنَا شُعَيبٌ، عَنِ الزُّهرِيِّ، بِهَذَا الإِسنَادِ، نَحْوَهُ.
5651 -
(00)(00) حدَّثنا يَحيَى بن أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، (يَعْنُونَ ابنَ جَعْفَرٍ)، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا نَوْءَ وَلَا صَفَرَ"
ــ
(الدارمي) السمرقندي، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا أبو اليمان) الحكم بن نافع القضاعي الحمصي، ثقة، من (10)(حدثنا شعيب) بن أبي حمزة دينار أبو بشر الأموي الحمصي، ثقة، من (7)(عن الزهري) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعيب بن أبي حمزة ليونس بن يزيد، وساق شعيب (بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن أبي هريرة (نحوه) أي نحو حديث يونس.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة لحديث أول الباب فقال:
5651 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قالوا حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، صدوق، من (5)(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الرحمن بن يعقوب لأبي سلمة بن عبد الرحمن (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى) في الشرع أي لا سراية لمرض من صاحبه إلى غيره (ولا هامة) في الشرع أي لا تطيُّر بصياح الهامة في القرية أو جنب الدار، وقد تقدم بسط الكلام عليهما في الحديث الأول (ولا نوء) في الشرع أي لا نسبة المطر إلى نوء من أنواء المنازل أي إلى وقت من أوقات المنازل الثمانية والعشرين التي تقدم لنا ذكرها في كتاب الإيمان، قال النووي: معناه لا تقولوا مطرنا بنوء كذا ولا تعتقدوه اهـ أي لا تنسبوا المطر إلى نوء من الأنواء لأن النوء وقت والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئًا فإن اعتقد قائل ذلك أن للنوء صنعًا وتأثيرًا في ذلك فكفره كفر تشريك، وإن اعتقد أن ذلك من قبيل التجربة والعادة فليس ذلك بشرك لكن يجوز إطلاق الكفر عليه وإرادة كفر النعمة (ولا صفر) في الشرع أي لا تطيُّر ولا تشاؤم بدخول صفر أو لا سراية لدود البطن وحياته من صاحبها إلى غيره، وقد تقدم الكلام عليها في أول الباب.
5652 -
(2187)(241) حدَّثنا أَحمَدُ بن يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحيَى، أَخبَرَنَا أبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا غُولَ"
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة الأول بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
5652 -
(2187)(241)(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي، ثقة، من (10)(حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي، ثقة، من (7) (حدثنا أبو الزبير) المكي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية (عن أبي الزبير عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند أيضًا من رباعياته (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى) أي لا سراية لمرض من صاحبه إلى غيره (ولا طيرة) أي لا تشاؤم بمرور الطير (ولا غول) في الشرع والغول بالفتح مصدر غال يغول غولًا من باب قال يقال غاله غولًا إذا أخذه وأهلكه من حيث لا يحتسب ويقال غالته الخمر غولًا إذا شربها فذهبت بعقله أو بصحة بدنه ومنه قوله تعالى:{لَا فِيهَا غَوْلٌ} وبالضم الداهية أي الهلكة وحيوان لا وجود له أو مردة الجن تسكن في الصحاري يجمع على أغوال وغيلان اهـ منجد، كانت العرب تتحدث أن الغيلان تتراءى للناس في الفلوات فتتغول لهم تغولًا أي تتلون لهم تلونًا فتضلهم عن الطريق فتهلكهم، قال الجوهري: الغول بالضم من السعالي (وهي سكان الصحاري من الجن) في الأرميا غفلا، والجمع أغوال وغيلان وكل ما اغتال الإنسان وأهلكه فهو غول يقال غالته غول إذا وقع في مهلكة، ومقصود هذا الحديث إبطال ما كانت العرب تقوله وتعتقده في هذه وأن لا يلتفت إلى شيء من ذلك لا بالقلب ولا باللسان والله أعلم اهـ من المفهم. والمعنى لا وجود لغول ولا لتلونها وإضلالها الناس عن الطريق ولا لاختطافها وإهلاكها لهم بل ذلك كله أمر تزعمه جاهلية العرب لا حقيقة له في الخارج فلا يجوز اعتقاده ولا تكلمه باللسان.
وهذا الحديث مما انفرد به الإِمام مسلم ولكنه شاركه أحمد [3/ 382].
5653 -
(00)(00) وحدّثني عَبدُ اللهِ بن هَاشِم بنِ حَيَّانَ. حَدَّثَنا بَهزٌ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ، (وَهُوَ التُّسترِيُّ)، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَن جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدوَى وَلَا غُولَ وَلَا صَفَرَ".
5654 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بن حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا رَوحُ بن عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبدِ اللهِ يَقُولُ:
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
5653 -
(00)(00)(وحدّثني عبد الله بن هاشم بن حيان) بتحتانية العبدي النيسابوري، ثقة، من (10)(حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا يزيد) بن إبراهيم التميمي أبو سعيد البصري (وهو التستري) بضم المثناة الأولى وسكون المهملة وفتح المثناة الثانية ثم راء، ثقة، من (7)(حدثنا أبو الزبير عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يزيد التستري لزهير بن معاوية (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا غول ولا صفر) قال ذهني: والغول بالفتح مصدر ومعناه البعد والهلاك وبالضم الاسم وهو من السعالي بفتح المهملتين وهم سحرة الجن وجمعه غيلان وأغوال كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلاة وهي من جنس الشياطين تتغول أي تتلون للناس فتضلهم عن الطريق فتهلكهم فأبطله الشرع، وقيل إنما أبطل تلونه لا وجوده اهـ مناوي. قال النووي: في حديث آخر "لا غول ولكن السعالي" قال العلماء: السعالي هم سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل، وفي الحديث الآخر "إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان" أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى وهذا دليل على أنه ليس المراد نفي أصل وجودها اهـ وللعلماء في تفسير صفر والهامة والطيرة والنوء والغول أقوال كثيرة كما ذكرنا بعضها في مظانها فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع الشرح.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال:
5654 -
(00)(00)(وحدّثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابًا (حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا عَدوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا غُولَ".
وَسَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيرِ يَذكُرُ؛ أَنَّ جَابِرًا فَسَّرَ لَهُم قَوْلَهُ: "وَلَا صَفَرَ" فقال أبو الزُّبَيرِ: الصَّفَرُ البَطْنُ. فَقِيل لِجَابِرٍ: كَيفَ؟ قَال: كَانَ يُقَالُ دَوَابُّ البَطْنِ. قَال: وَلَم يُفَسِّرِ الْغُولَ. قَال أَبُو الزُّبَيرِ: هَذِهِ الغُولُ الَّتِي تَغَوَّلُ.
5655 -
(2188)(242) وحدثنا عَبدُ بن حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهريِّ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عُتبَةَ؛ أَن أَبَا هُرَيرَةَ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا طِيرَةَ
ــ
من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لزهير بن معاوية ويزيد التستري (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا عدوى ولا صفر ولا غول) قال ابن جريج (وسمعت أبا الزبير يدكر أن جابرًا فسر لهم قوله) صلى الله عليه وسلم (ولا صفر فقال أبو الزبير) فقال لنا جابر في تفسيره (الصفر البطن) أي دوده، قال أبو الزبير (فقيل لجابر كيف) يكون الصفر بمعنى البطن (قال) جابر (كان) الشأن (يقال) الصفر (دواب البطن) وحياته ودوده (قال) أبو الزبير (ولم يفسر) لنا جابر (الغول) قال ابن جريج ولكن (قال أبو الزبير هذه الغول) التي ذكرت في هذا الحديث هي السعالي (التي) تـ (تغول) وتتلون للناس فتضلهم عن الطريق فتهلكهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الفأل بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5655 -
(2188)(242)(وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي المدني الأعمى، ثقة، من (3)(أن أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا طيرة) في الشرع أي لا تشاؤم بمرور الطير ولكن المراد بالطيرة هنا الفأل القبيح لأنها في مقابلة الفأل الصحيح وهي أن تسمع في حال طلب حاجتك من يقول يا محروم يا مصعب يا متعب يا عاص يا عيص أو ترى من يفعل فعلًا سيئًا وأمرًا قبيحًا كان ترى من يسرق أموال الناس أو يغصبها أو من يقتل
وَخَيرُهَا الفَألُ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْفَأْلُ؟ قَال: "الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ"
ــ
الناس ظلمًا أو يضربهم فلا تتطير بذلك وامض في حوائجك (وخيرها) أي خير الطيرة (الفأل) الصالح وهو أن تسمع في حال طلب الضالة مثلًا من يقول يا واجد يا غانم أو في طلب حاجتك يا ياسر يا فائز يا سهل يا سهيل أو ترى من يفعل الخيرات كتوزيع الأموال والتصديق بها وقسم الغنائم أو الفيء أو التركة، والمعنى (وخيرها) أي وخير أنواع الطيرة بالمعنى اللغوي الأعم من المأخذ الأصلي (الفأل) أي الفأل الحسن بالكلمة الطيبة لا المأخوذ من الطيرة، ولعل الشارح أراد دفع هذا الإشكال فقال أي الفأل خير من الطيرة اهـ، والمعنى أن الفأل محض خير كما أن الطيرة محض شر فالتركيب من قبيل قولهم (العسل أحلى من الخل، والشتاء أبرد من الصيف) اهـ مرقاة، وفي السنوسي: الضمير في وخيرها راجع إلى الطيرة ومعلوم أنه لا خير فيها فما تقتضيه المفاضلة من الشركة في الخير هو بالنسبة إلى زعمهم أو يكون من باب قولهم العسل أحلى من الخل اهـ، قال النووي: وأما الفأل فمهموز ويجوز ترك همزه وجمعه فؤول كفلس وفلوس وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الطيبة والصالحة والحسنة، قال العلماء: يكون الفأل فيما يسر وفيما يسوء والغالب في السرور والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء قالوا وقد يستعمل مجازًا في السرور
…
الخ، وفي القاموس: الفأل ضد الطيرة كان يسمع مريض يا سالم أو يا طالب أو يا واجد، ويستعمل في الخير والشر والطيرة ما يتشاءم به من الفعل الرديء اهـ مرقاة (قيل) لم أر من ذكر اسم هذا القائل (يا رسول الله وما الفأل؟ قال) الفأل هو (الكلمة الصالحة) أي لأن يؤخذ منها الفأل الحسن الطيبة الحسنة (يسمعها أحدكم) أي على قصد التفاؤل بها كطالب ضالة يسمع يا واجد وكتاجر يا رزاق وأمثالها اهـ من ذهني، قال القرطبي: قوله (لا طيرة وخيرها الفأل) حاصل الطيرة أن يسمع الإنسان قولًا أو يرى أمرًا يخاف منه أن لا يحصل له غرضه الذي قصد تحصيله والفأل نقيض ذلك وهو أن يسمع الإنسان قولًا حسنًا أو يرى شيئًا يستحسنه يرجو منه أن يحصل له غرضه الذي قصد تحصيله وهذا معنى ما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم الفأل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الطيرة ويعجبه الفأل، وروى الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجة يعجبه أن يسمع يا راشد يا نجيح وهو حديث حسن صحيح غريب، وروى أبو داود عن بريدة أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء وكان إذا بعث غلامًا سأل عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح به ورُئي بشر ذلك في وجهه وإن كره اسمه رُئي كراهية ذلك في وجهه وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإذا أعجبه اسمها فرح بها ورُئي بشر ذلك في وجهه وإن كره اسمها رُئي كراهية ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود [3920] وروى قاسم بن أصبغ عن بريدة بن حصيب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير ولكن يتفاءل فركب بريدة في سبعين راكبًا من أهل بيته من بني سهم يتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أنت"؟ فقال: بريدة، فالتفت إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: برد أمرنا وصلح، ثم قال:"ممن"؟ قال: من أسلم، قال لأبي بكر:"سلمنا" ثم قال: "ممن" قال: من بني سهم، قال:"خرج سهمنا" وذكر الحديث رواه ابن عبد البر في الاستيعاب [1/ 174] بهامش الإصابة وذكره ابن الأثير في أسد الغابة [1/ 396].
وإنما كان يعجبه الفأل لأنه تنشرح له النفس وتتبشر بقضاء الحاجة وبلوغ الأمل فيحسن الظن بالله عز وجل، وقد قال الله تعالى:"أنا عند ظن عبدي بي" وإنما كان يكره الطيرة لأنها من أعمال أهل الشرك ولأنها تجلب ظن السوء بالله تعالى كما روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الطيرة شرك -ثلاثًا- وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل" رواه أبو داود [3910] أي من اعتقد في الطيرة ما كانت الجاهلية تعتقده فيها فقد أشرك مع الله تعالى خالقًا آخر ومن لم يعتقد ذلك فقد تشبه بأهل الشرك ولذلك قال: "وما منا" أي ليس على سنتنا، وقوله "إلا" هي إلا الاستثنائية ومعنى ذلك أن المتطير ليس على سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يمضي لوجهه ويعرض عنها غير أنه قد لا يقدر على الانفكاك عنها بحيث لا تخطر له مرة واحدة فإن إزالة تأثيرها من النفوس لا تدخل تحت استطاعتنا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية بن الحكم لما قال له ومنا رجال يتطيرون فقال:"ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدهم" وفي بعض النسخ "فلا يضرهم" لكنه إذا صح تفويضه إلى الله تعالى وتوكله عليه وداوم على ذلك أذهب الله تعالى عنه ذلك ولذلك قال: "ولكن الله يذهبه بالتوكل" رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وقد روى أبو أحمد بن عدي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تطيرتم فأمضوا وعلى الله
5656 -
(00)(00) وحدّثني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ اللَّيثِ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ. ح وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِميُّ. أَخْبَرَنَا أبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهرِيِّ، بِهَذَا الإِسنَادِ، مِثلَهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُقَيلٍ: عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَم يَقُل: سَمِعْتُ. وَفِي حَدِيثِ شُعَيبٍ: قَال: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. كَمَا قَال مَعْمَرٌ
ــ
فتوكلوا" رواه ابن عدي في الكامل ولكن في إسناده لين انظر الفتح [12/ 323] اهـ من هامش المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 266]، والبخاري في الطب [5755]، وابن ماجه في الطب [3586].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
5656 -
(00)(00)(وحدّثني عبد الملك بن شعيب بن الليث) بن سعد الفهمي المصري، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثني أبي) شعيب بن الليث بن سعد الفهمي المصري، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب تقريبًا (عن جدي) ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبي الحارث المصري، ثقة حجة، من (7) روى عنه في (15) بابا (حدثني عقيل) بالتصغير (بن خالد) بن عقيل بالتكبير الأموي المصري، ثقة، من (6)(ح وحدثنيه عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن بهرام (الدارمي) نسبًا السمرقندي بلدًا، ثقة متقن، من (11)(أخبرنا أبو اليمان) الحكم بن نافع القضاعي الحمصي، ثقة، من (10)(أخبرنا شعيب) بن أبي حمزة دينار الأموي الحمصي، ثقة، من (7)(كلاهما) أي كل من عقيل وشعيب رويا (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن عبيد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه. وهذان السندان الأول منهما من سباعياته والثاني من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة عقيل وشعيب لمعمر بن راشد وساقا (مثله) أي مثل حديث معمر لفظًا ومعنى (و) لكن (في حديث عقيل) وروايته لفظة (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعنعنة (ولم يقل) عقيل لفظة (سمعت وفي حديث شعيب) وروايته لفظة (قال) أبو هريرة (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم كما قال معمر) كذلك.
5657 -
(2189)(243) حدَّثنا هَدَّابُ بن خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامُ بن يَحيَى. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَن أَنسٍ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا عَدوَى وَلَا طِيَرَةَ، ويُعجِبُنِي الفَألُ: الْكَلِمَةُ الحَسَنَةُ، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ".
5658 -
(00)(00) وحدثناه مُحَمدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بِشَّارٍ. قَالا: أخبَرَنَا مُحَمدُ بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. سَمِعتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَن أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:
5657 -
(2189)(243)(حدثنا هداب بن خالد) بن الأسود بن هدبة ويقال له هدبة بن خالد القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب تقريبًا (حدثنا همام بن يحيى) بن دينار الأزدي العوذي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثنا قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (25) بابا (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى) أي لا سراية لمرض عن صاحبه إلى غيره (ولا طيرة) أي ولا تشاؤم بالكلمة القبيحة والفعلة السيئة حتى تمنعه وتصده عن المضي في حاجته (ويعجبني) أي ينشطني ويهيجني على المضي في حاجتي (الفأل) أي اللفظ الحسن والفعل الطيب قيل له صلى الله عليه وسلم ما الفأل يا رسول الله قال: هو (الكلمة الحسنة) تسمعها عند بداية حاجتك كيا راشد ويا فائز ويا ناجح، وقوله (الكلمة الطيبة) عطف بيان لما قبله.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الطب باب التفاؤل [5756] وباب لا عدوى [5776]، وأبو داود في الطب في باب الطيرة [3916]، والترمذي في السير باب ما جاء في الطيرة [1615]، وابن ماجه في الطب باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة [3582].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
5658 -
(00)(00)(وحدثناه محمَّد بن المثنى وابن بشار قالا أخبرنا محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (عن النبي صلى
الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ. قَال: "لَا عدوَى وَلَا طِيَرَةَ. وَيُعْجِبُنِي الْفَألُ" قَال: قِيلَ: وَمَا الْفَألُ؟ قَال: "الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ".
5659 -
(2190)(244) وحدّثني حَجَّاجُ بن الشَّاعِرِ. حَدَّثَنِي مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُختَارٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدوَى وَلَا طِيَرَةَ وَأُحِبُّ الْفَألَ الصَّالِحَ"
ــ
الله عليه وسلم) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لهمام بن يحيى (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني) أي يحبني (الفأل) الحسن (قال قيل) له صلى الله عليه وسلم ولم أر من ذكر اسم القائل (وما) معنى (الفأل) يا رسول الله (قال) النبي صلى الله عليه وسلم هو الفأل (الكلمة الطيبة) واللفظ الحسن معنى كيا راشد ويا ناجح.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
5659 -
(2190)(244)(وحدّثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11) روى عنه في (13) بابا (حدثني معلي بن أسد) العمي البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا عبد العزيز بن مختار) الأنصاري مولاهم مولى حفصة بنت سيرين الدباغ البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا يحيى بن عتيق) الطفاوي بضم الطاء وتخفيف الفاء البصري، روى عن محمَّد بن سيرين في الطب ومجاهد والحسن، ويروي عنه (م د س) وعبد العزيز بن المختار وهمام بن يحيى وإسماعيل ابن علية، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ومحمد بن سعد وقال: له أحاديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ورعًا متقنًا، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات قبل أيوب وكان أصغر من أيوب (حدثنا محمَّد بن سيرين) الأنصاري البصري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل الصالح) أي الطيب، قال العلماء: إنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمل
5660 -
(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بن حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا طِيَرَةَ. وأُحِبُّ الْفَألَ الصَّالح".
5661 -
(2191)(245) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ، ابْنَي عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛
ــ
كرم الله تعالى وفضله عند سبب قوي أو ضعيف فهو على الخير في الحال وإن غلط في جهة الرَّجاء فالرجاء له خير وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فإن ذلك شر له والطيرة فيهما سوء الظن وتوقع البلاء اهـ نووي.
وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنه فقال:
5660 -
(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (19) بابا (أخبرنا هشام بن حسان) الأزدي القردوسي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (8) أبواب (عن محمَّد بن سيرين) الأنصاري البصري، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هشام ليحيى بن عتيق (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا هامة ولا طيرة وأحب الفأل الصالح) تقدم بسط الكلام في معناه ولفظه فراجعه.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5661 -
(2191)(245)(وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) التميمي البصري المدني، ثقة، من (9)(حدثنا مالك بن أنس) الإِمام المشهور (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس (عن ابن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر) بن الخطاب (عن) والدهما (عبد الله بن عمر) بن الخطاب. وهذان
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "الشُّؤْمُ في الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ".
5662 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بن يَحيَى. قَالا: أَخبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ، ابْنَي عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ. وإِنَّمَا الشُّؤْمُ في ثَلاثةٍ: الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ"
ــ
السندان من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشؤم) وهو ضد اليمن لو كان في شيء على عادة الجاهلية لكان في ثلاثة (في الدار) بأن تكون ضيقة سيئة الجيران (و) في (المرأة) بأن لا تلد وبأن تكون لسناء (و) في (الفرس) بأن لا يغزى عليه أو يكون حراثًا، قال القرطبي: يعني أن هذه الثلاثة أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره ولم يلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه أو مع امرأة يكرهها بل قد فسح له في ترك ذلك كله لكن مع اعتقاد أن الله تعالى هو الفعال لما يريد وليس لشيء من هذه الثلاثة أثر في الوجود وهذا على نحو ما ذكرناه في المجذوم (فإن قيل) فهذا يجري في كل متطير به فما وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر؟ فالجواب ما نبهنا عليه من أن هذه الثلاثة ضرورية في الوجود ولا بد للإنسان منها ومن ملازمتها غالبًا فأكثر ما يقع التشاؤم بها فخصها بالذكر لذلك اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5753] و [5772]، وأبو داود [2922]، والترمذي [2825]، والنسائي [6/ 220]، وابن ماجه [86].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5662 -
(00)(00)(وحدثنا أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس لمالك (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة) أي لا تشاؤم في شيء (وإنما الشؤم) لو كان وأمكن على عادة الجاهلية لكان (في ثلاثة المرأة والفرس والدار) ولكن
5663 -
(00)(00) وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ، ابْنَي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ح وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبِي صلى الله عليه وسلم. ح وحدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ
ــ
لا يكون الشؤم في شيء لأن الأمر كله بقضاء الله وقدره ولا تأثير لشيء ما، قال النووي: حمل بعض العلماء كمالك بن أنس وأمثاله هذه الأحاديث على ظاهرها وقالوا: قد يحصل الضرر من هذه الثلاثة بقضاء الله تعالى وقدره وقال الآخرون منهم إن شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم وبعدها إلى المسجد وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها لأنها آلة الجهاد وقال بعضهم شؤمها حرانها وغلاء ثمنها وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض إليه وقيل المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
5663 -
(00)(00)(وحدثنا) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري عن سالم وحمزة ابني عبد الله) بن عمر (عن أبيهما) ووالدهما عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لمالك ويونس.
(ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وعمرو) بن محمَّد بن بكير بن سابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب عن سفيان) بن عيينة (عن الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة مشايخ المؤلف من يحيى بن يحيى ومن بعده لابن أبي عمر وإنما فصلهم عنه بسند مستقل لأن هؤلاء لم يرووا عن حمزة بل عن سالم فقط وهؤلاء رووا أيضًا عن سفيان بالعنعنة، وابن أبي عمر روى عنه بصيغة السماع أعني قوله حدثنا سفيان تأمل فهذا من دقائق الإِمام مسلم رحمه الله تعالى (ح وحدثنا عمرو) بن محمَّد (الناقد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ وَحَمزَةَ، ابْنَي عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ح وحدّثني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيب بْنِ اللَّيثِ بْنِ سَعدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ. ح وحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بن يَحْيَى. أَخْبَرَنَا بِشرُ بن المُفَضلِ، عَن عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ إِسْحَاقَ. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِميُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ، كُلْهُمْ عَنِ الزُّهرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبِي صلى الله عليه وسلم. في الشُّؤْمِ، بِمْثلِ حَدِيثِ مَالِكٍ. لَا يَذكُرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ
ــ
ابن عوف (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد (عن صالح) بن كيسان الغفاري (عن ابن شهاب عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة صالح بن كيسان لمالك ويونس (ح وحدّثني عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة، من (11)(حدثني أبي) شعيب بن الليث، ثقة، من (10)(عن جدي) ليث بن سعد (حدثني عقيل بن خالد) بن عقيل الأموي البصري (ح وحدثناه يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن عبد الرحمن بن إسحاق) بن عبد الله بن الحارث بن كنانة القرشي العامري المدني، ويقال له عباد بن إسحاق، روى عن الزهري في الطب والمقبري وأبيه، ويروي عنه (م عم) وبشر بن المفضل ويزيد بن زريع وإبراهيم بن طهمان وابن علية، وثقه ابن معين، قال ابن عدي: أكثر أحاديثه صحاح وله ما ينكر، وقال في التقريب: صدوق، من السادسة، رمي بالقدر (ح وحدّثني عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) السمرقندي (أخبرنا أبو اليمان) الحكم بن نافع القضاعي الحمصي (أخبرنا شعيب) بن أبي حمزة دينار الأموي الحمصي (كلهم) أي كل من عقيل وعبد الرحمن بن إسحاق وشعيب بن أبي حمزة رووا (عن الزهري عن سالم) بن عبد الله (عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. غرضه بسوق هذه الأسانيد الثلاثة بيان متابعة عقيل وعبد الرحمن وشعيب لمالك بن أنس (عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشؤم) وساقوا (بمثل حديث مالك) بن أنس (لا يذكر أحد منهم) أي ممن تابع مالكًا من هؤلاء الثلاثة ومن
في حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: الْعَدْوَى وَالطِّيَرَةَ، غَيرُ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ.
5664 -
(2192)(246) وحدّثنا أَحْمَدُ بن عَبدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمدِ بْنِ زَيدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنهُ قَال:"إِنْ يَكُنْ مِنَ الشُّؤْمِ شَيءٌ حَقٌّ، فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرأَةِ وَالدَّارِ"
ــ
قبلهم أي لا يذكروا (في حديث ابن عمر العدوي والطيرة غير يونس بن يزيد) الأيلي فإنه ذكرهما في روايته كما مر.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر الأول بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال:
5664 -
(2192)(246)(وحدثنا أحمد بن عبد الله بن الحكم) بن أبي فروة الهاشمي البصري المعروف بابن الكردي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا محمَّد بن جعفر) الهذلي البصري غندر (حدثنا شعبة عن عمر بن محمَّد بن زيد) ابن عبد الله بن عمر (أنه سمع أباه) محمَّد بن زيد (يحدث عن) جده عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمَّد بن زيد لسالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر (أنه قال إن يكن من الشوم شيء حق) أي ثابت على ما تزعمه الجاهلية (فـ) يكون (في الفرس والمرأة والدار) يعني لو كان الشؤم شيئًا ثابتًا لكان في هذه الثلاثة لكنه لم يكن ثابتًا فعلى هذا توافق هذه الأحاديث للأحاديث المتقدمة النافية للتطير والتشاؤم فلا يرد اعتراض بعض الملاحدة والله أعلم اهـ نووي، وفي النهاية: أي إن كان ما يكره ويخاف عاقبته ففي هذه الثلاثة وتخصيصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوهما، قال: فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينقل من الدار ويطلق المرأة ويبيع الفرس.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5094].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر هذا رضي الله عنهما فقال:
5665 -
(00)(00) وحدّثني هَارُونُ بن عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا رَوحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَقُلْ: حَقٌّ.
5666 -
(00)(00) وحدّثني أَبُو بَكْرِ بن إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ. حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ في شَيءٍ، فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ"
ــ
5665 -
(00)(00)(وحدّثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (حدثنا شعبة) غرضه بيان متابعة روح بن عبادة لمحمد بن جعفر (بهذا الإسناد) يعني عن عمر بن محمَّد عن أبيه عن ابن عمر، وساق روح بن عبادة (مثله) أي مثل ما روى محمَّد بن جعفر (ولم يقل) روح أي لم يذكر روح لفظة (حق) كما ذكره ابن جعفر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر هذا رضي الله عنهما فقال:
5666 -
(00)(00)(وحدّثني أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني البغدادي، ثقة، من (11)(حدثنا) سعيد بن الحكم بن محمَّد (بن أبي مريم) الجمحي مولاهم أبو محمَّد المصري، ثقة، من (10)(أخبرنا سليمان بن بلال) التيمي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثني عتبة بن مسلم) أبي عتبة التيمي مولاهم المدني، ثقة، من (6)(عن حمزة بن عبد الله بن عمر) العدوي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حمزة بن عبد الله لمحمد بن زيد بن عبد الله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان الشؤم في شيء فـ) ـهو (في الفرس والمسكن والمرأة).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر الأول ثانيًا بحديث سهل بن سعد رضي الله عنهم فقال:
5667 -
(2192)(246) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بن مَسلَمَةَ بْنِ قَعنَبٍ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَن سَهلِ بنِ سَعْدٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنْ كَانَ، فَفِي الْمَرْأَةِ وَالفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ" يَعْنِي الشُّؤْمَ.
5668 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَينٍ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بن سَعْدٍ، عَنْ أبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهلِ بنِ سَعدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثلِهِ
ــ
5667 -
(2192)(246)(وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا مالك) بن أنس الإِمام (عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج المدني التمار، ثقة، من (5)(عن سهل بن سعد) بن مالك الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) سهل (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان) الشؤم حقًّا ثابتًا (فـ) هو يكون (في المرأة والفرس والمسكن يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن كان (الشؤم) وهذا تفسير من الراوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد باب ما يذكر من شؤم الفرس [2859] وفي النكاح باب شؤم المرأة [5095]، وابن ماجه في النكاح باب ما يكون فيه اليمن والشؤم [2003].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما فقال:
5668 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبو شيبة حدثنا الفضل بن دكين) التَّيمي مولاهم أبو نعيم الملائي الكوفي مشهور بكنيته، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا هشام بن سعد) القرشي مولاهم يتيم زيد بن أسلم أبو عباد المدني، صدوق، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي حازم) سلمة بن دينار المدني، من (5)(عن سهل بن سعد) الساعدي رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هشام بن سعد لمالك بن أنس (عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق هشام (بمثله) أي بمثل حديث مالك.
5669 -
(2193)(248) وحدّثناه إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يُخْبِرُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال:"إِنْ كانَ في شَيءٍ، فَفِي الرَّبْعِ وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ"
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ابن عمر الأول بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فقال:
5669 -
(2193)(248)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (أخبرنا عبد الله بن الحارث) بن عبد الملك المخزومي أبو محمَّد المكي، ثقة، من (8) روى عنه في (3) أبواب (عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا) ابن عبد الله رضي الله عنهما (يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن كان) الشؤم (في شيء فـ) هو (في الربع) أي المنزل (والخادم والفرس).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي [6/ 220].
قوله صلى الله عليه وسلم (في شيء ففي الربع) .. إلخ مقتضى هذا المساق أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن محققًا لأمر الشؤم في هذه الثلاثة في الوقت الذي نطق بهذا الحديث لكنه تحققه بعد ذلك حين قال: "إنما الشؤم في ثلاثة" وقد بينا مراده بالشؤم في هذه الثلاثة فيما تقدم آنفًا والحمد لله. والمراد بالربع الدار كما قال في الرواية السابقة وقد يصح حمله على أعم من ذلك فيدخل فيه الدكان والفندق وغيرهما مما يصلح الربع له، والمرأة تتناول الزوجة تناولًا أوليًّا والمملوكة، والخادم يتناول الذكر والأنثى لأنه اسم جنس اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث عشرة: الأول حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة يعني قوله "لا يورد ممرض .. إلخ" وذكر فيه ثلاث متابعات ولكن المتابعة الثالثة للحديث الأول من حديثي أبي هريرة، والثالث حديث جابر ذكره للاستشهاد لحديث أبي هريرة الأول وذكر فيه متابعتين، والرابع حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس حديث أنس ذكره للاستشهاد لحديث أبي هريرة الثالث وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث أبي هريرة الرابع ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثامن حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد لحديثه الأول وذكر فيه متابعتين، والتاسع حديث سهل بن سعد ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر الأول وذكر فيه متابعة واحدة، والعاشر حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر الأول والله سبحانه وتعالى أعلم.
***