الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
751 - (16) باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار .. إلخ وجزاء المؤمن بحسناته .. إلخ ومثل المؤمن كالزرع .. إلخ، ومثل المؤمن كالنخلة وتحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وذكر أن مع كل أحد من الناس قرين جن
6915 -
(2777)(137) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَن ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُؤتَى بِأنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا، مِن أَهْلِ النَّارِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً. ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَل رَأَيْتَ خَيرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ
ــ
751 -
(16) باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار .. إلخ وجزاء المؤمن بحسناته .. إلخ ومثل المؤمن كالزرع .. إلخ، ومثل المؤمن كالنخلة وتحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وذكر أن مع كل أحد من الناس قرين جن
ثم استدل المؤلف على الجزء الأول من الترجمة وهو صبغ أنعم أهل الدنيا في النار بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:
6915 -
(2777)(137)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم الواسطي، ثقة، من (9)(أخبرنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من (8) (عن ثابت) بن أسلم (البناني) البصري (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا) والباء للتعدية أي يأتي ويحضر أشدهم تنعمًا وأكثرهم ظلمًا اهـ مرقاة يعني الذي عاش في الدنيا في راحة ونعيم أكثر من كل من سواه وكان ممن يستحق النار وهو معنى قوله: (من أهل النار يوم القيامة فيصبغ) بصيغة المجهول (في النار صبغة) بفتح الصاد لأنه من بناء المرة أي يغمس غمسة واحدة في النار إطلاقًا للملزوم على اللازم لأن الصبغ إنما يكون بالغمس غالبًا، وفي النهاية أي يغمس في النار غمسة كما يُغمس الثوب في الصبغ اه مرقاة (ثم يقال) له:(يا ابن آدم هل رأيت خيرًا) أي سعة وراحة (قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (هل مر بك نعيم)
قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا. وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الْجنَّةِ. فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّة قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ. وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ".
6916 -
(2778)(138) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، (وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ)، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيىَ،
ــ
أي تنعم بنعمة الله (قط) أي فيما مضى من عمرك (فيقول) ذلك الأنعم: (لا) أي ما رأيت خيرًا ولا مر علي نعيم قط (والله يا رب) أي أقسمت باسمك يا رب يعني أنه لشدة ما رآه من عذاب النار نسي كل نعيم حُظي به في الدنيا فيقول ما رأيت نعيمًا قط (ويوتى بأشد الناس) أي بأكثرهم (بوسًا) أي شدة وفقرًا وضيقًا (في الدنيا) حالة كونه (من أهل الجنة) أي ممن يستحق الجنة بالإيمان والتقوى (فيُصبغ) معطوف على يؤتى (صبغة) أي مرة واحدة من الصبغ أي يُغمس غمسة (في الجنة) أي في أنهارها أو في الكوثر منها (فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا) أي شدة وفقرًا (قط) أي فيما مضى من عمرك (هل مر بك) أي هل مر عليك (شدة) وفقر (قط فيقول لا) أي ما رأيت بؤسًا ولا مرت عليّ شدة قط (والله يا رب) وقوله: (ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط) تفسير للنفي المفهوم من لا كما فسرناه أولًا ولكن على ترتيب اللف والنشر المشوش يعني أنه يقع للمؤمن الذي عاش في الدنيا بائسًا العكس من ذلك الذي وقع للأنعم فيُصبغ في الجنة صبغة فينسى ما أصابه من الشدائد في الدنيا فيقول: ما رأيت بؤسًا قط. نسأل الله من فضله أن يرزقنا الجنة ويُسلِّمنا من النار برحمته.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الزهد باب صفة النار [4376]، وأحمد [3/ 203].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة بحديث آخر لأنس رضي الله عنه فقال:
6916 -
(2778)(138)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لزهير قالا: حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي (أخبرنا همام بن يحيى) بن
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَة. يُعْطَى بِهَا في الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا في الآخِرَةِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ في الدُّنْيَا. حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ. لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا"
ــ
دينار الأزدي البصري، ثقة، من (7) (عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله) سبحانه (لا يظلم مؤمنًا حسنة) أي لا ينقص عن مؤمن جزاء حسناته ولو مثقال ذرة (يعطى بها) أي بحسنته (في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة) قال الطيبي في شرحه على المشكاة [9/ 286] قوله: (لا يظلم) أي لا ينقص وهو متعد إلى مفعولين: أحدهما مؤمن، والثاني حسنة؛ ومعناه أن المؤمن إذا اكتسب حسنة يكافئه الله تعالى بأن يوسّع له رزقه ويرغد عيشه في الدنيا وبأن يجزى ويُثاب في الآخرة، والكافر إذا اكتسب حسنة في الدنيا بأن يفك أسيرًا أو ينقذ غريقًا يكافئه الله تعالى في الدنيا ولا يجزيه في الآخرة، وقوله:(يُعطي بها في الدنيا) يعني ينعم الله تعالى إليه في الدنيا بسبب الحسنات التي باشرها، وذكر الطيبي أن استعمال لفظ الإعطاء لنعم الدنيا ولفظ الجزاء لنعم الآخرة يشير إلى أن ما يُعطى المؤمن من النعم في الدنيا ليس جزاء لحسناته وإنما هو فضل من الله وإحسان إليه وإن جزاءه ما سيجده في الآخرة والله أعلم (وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله) تعالى (في الدنيا حتى إذا أفضى) ووصل (إلى الآخرة) أي صار إليها (لم يكن له حسنة يُجزى بها) واعلم أن حسنات الكافر كالصدقة والصلة وخدمة الخلق لا تقربه إلى الله تعالى لفقدان الإيمان الذي هو شرط لكونها قربة ولكنها حسنات يكافأ بها في الدنيا.
قال النووي: أجمع العلماء على أن الكافر الذي مات على كفره لا ثواب له في الدنيا ولا يُجازى فيها بشيء من عمله في الدنيا متقربًا إلى الله تعالى، وصرح في هذا الحديث بأن يُطعم في الدنيا بما عمله من الحسنات اه وأما إذا فعل الكافر الحسنات التي لا تفتقر إلى النية كصلة الرحم والصدقة وأمثالها ثم أسلم فإنه يثاب عليها في الآخرة على المذهب الصحيح لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله تعالى له كل حسنة كان زلفها" والله أعلم. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات الست ولكنه شاركه أحمد [3/ 123 و 283].
691 -
(00)(00) حدّثنا عَاصِمُ بنُ النَّضرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. قَالَ: سَمِعْت أَبِي. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم "إِن الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَة أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَة مِنَ الدُّنْيَا. وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَإِن اللَّهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَةِ وَيُعْقِبُهُ رِزقًا في الدُّنْيَا، عَلَى طَاعَتِهِ".
6918 -
(00)(00) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِهِمَا
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
6917 -
(00)(00)(حدثنا عاصم بن النضر) بن المنتشر الأحول (التيمي) البصري، ويقال له عاصم بن محمد بن النضر، صدوق، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا معتمر) بن سليمان التيمي البصري، ثقة، من (9) (قال: سمعت أبي) سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، من (5)(حدثنا قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سليمان بن طرخان لهمام بن يحيى (أنه) أي أن أنس بن مالك (حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الكافر إذا عمل حسنة أُطعم بها طُعمة) أي جُوزي بها جزاء (من الدنيا) كطول عمر ودوام العافية وسعة الرزق والأولاد (وأما المؤمن فإن الله) سبحانه (يدخر له) أي يؤخر له جزاء حسناته في الآخرة وبعقبه أي ويعجل له (رزقًا في الدنيا على طاعته) وعبادته فيكون من عاجل بشراه على طاعته.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
6918 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الله الرزي) بضم المهملة وكسر الزاي المشددة نسبة إلى بيع الأرز، ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء) الخفاف العجلي البصري، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (عن سعيد) بن أبي عروبة (عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بيان متابعة سعيد بن عروبة لهمام بن يحيى وسليمان، وساق سعيد (بمعنى حديثهما) أي بمعنى حديث همام وسليمان.
6919 -
(2779)(139) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْع. لَا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ. وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ اَلأَرْزِ. لَا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ"
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو مثل المؤمن كالزرع بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6919 -
(2779)(139)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابًا (عن معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7) (عن الزهري عن سعيد) بن المسيب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الزرع) شبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالزرع في أن الريح تميل الزرع وتحركه عن الاعتدال كما أن المؤمن تحركه الأمراض والبلايا، ولعل في التشبيه إشارة إلى أن الأمراض والبلايا عاقبتها محمودة للمؤمن لأنها تكفّر ذنوبه وترفع درجاته كما أن حركة الزرع بالرياح تساعده في نشاتها ونموها، قال النووي: قال العلماء: معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله وذلك مكفّر لسيئاته ورافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها وإن وقع به شيء من الآلام لم يُكفّر بل يأتي بها يوم القيامة كاملة اه نووي. وقال المهلب: معنى هذا الحديث إن المؤمن من حيث جاءه أمر الله انطاع له ولان له ورضي به، وإن جاءه مكروه رجا فيه الخير وإذا سكن البلاء اعتدل قائمًا لشكر ربه على البلاء بخلاف الكافر في ذلك اه، وقوله:(لا تزال الريح تميله) أي تميل الزرع وتحرّكه عن الاستواء في القامة يمنة وشرة (ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء) والمرض والألم حتى يخرجه عن حالة الاعتدال والصحة عائد إلى المشبه والمشبه به على طريقة اللف والنشر المشوش، والتقدير مثل المؤمن في إصابة البلاء التي تكون كفارة لذنوبه كمثل الزرع الذي تحركه الريح التي له فيها زيادة نشوء ونمو في كون كل منهما يصيبه العارض الذي يخرجه عن الاستواء والاعتدال مع وجود المصلحة لهما فيه (ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز) التي (لا تهتز) ولا تتحرك بالريح تحركًا يميلها عن الاستقامة والاعتدال (حتى تستحصد) وتنقلع مرة واحدة كالزرع انتهى يبسه فيحصد.
6920 -
(00)(00) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّ في حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ - مَكَانَ قَوْلِهِ تُمِيلُهُ - "تُفِيئُهُ"
ــ
(والأرز) بفتح الهمزة وسكون الراء وقيل بفتح الراء والأكثر على السكون هو شجر معتدل صلب لا يحركه هبوب الريح ويقال له الأرزن وقيل إنه شجر الصنوبر وقال أبو حنيفة الدينوري: ليس هو من نبات أرض العرب ولا ينبت في السباخ بل يطول طولًا شديدًا ويغلظ غلظًا بليغًا اهـ فتح الباري [10/ 107] والتشبيه في عدم تحركه بهبوب الريح كما أن الكافر لا يعجل جزاء ذنوبه ولا تكون البلايا كفارة له، وليس المراد أن الكافر لا يصيبه المرض والبلاء أبدًا لأنه خلاف المشاهد وإنما المقصود أن الأمراض والبلايا لا تأتيه لتكفّر عن خطاياه وإنما تأتيه لأسباب عادية فقط، وقوله:(حتى تستحصد) بفتح التاء وسكون السين وكسر الصاد على صيغة المبني للمعلوم على رواية الأكثرين أي حتى تنقلع، وروي بضم التاء على صيغة المبني للمجهول أي حتى تحصد وتقلع بأن يقلعه أحد، والمقصود أن الكافر يؤاخذ بكفره وفسقه مرة واحدة في الآخرة، والأرزة في الأرميا (قِلْطُو).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في المرض باب ما جاء في كفارة المرض [5644]، والترمذي في الأمثال باب ما جاء في مثل المؤمن القارئ [2807].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6920 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري (وعبد بن حميد) الكسي (عن عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (حدثنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن سعيد عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة عبد الرزاق لعبد الأعلى (غير أن) أي لكن أن (في حديث عبد الرزاق مكان قوله) أي بدل قول عبد الأعلى (تميله) لفظة (تفيئه) بضم التاء بمعنى تميله، قال العيني: ثلاثيه فاء بفاء وياء وهمزة لأن أصله فَيَأَ من باب باع يقال فاء إذا رجع وأفاء غيره إذا رجعه اه فهو هنا من الأفعال.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث كعب بن مالك رضي الله عنهما فقال:
6921 -
(2780)(140) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، كَعْبٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ. تُفِيئُهَا الرِّيحُ. تَصْرَعُهَا مَرَّةَ وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى. حَتَّى تَهِيجَ. وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا. لَا يُفِيئُهَا شَيءٌ. حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّة وَاحِدَةَ"
ــ
6921 -
(2780)(140)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر) العبدي الكوفي (قالا) أي قال عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر (حدثنا زكرياء بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (13) بابًا (عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابًا (حدثني) عبد الرحمن (بن كعب بن مالك) الأنصاري المدني، ثقة، من كبار التابعين، من (2) روى عنه في (3) أبواب (عن أبيه كعب) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) كعب:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الخامة) أي كمثل الطاقة اللينة (من الزرع) والخامة بالخاء وبالألف وتخفيف الميم القصة الرطبة المجموعة النابتة من أصل واحد، وقال الخليل: الخامة الزرع أول ما ينبت على ساق واحد (تفيئها) أي تميلها (الريح) يمينًا وشمالًا (تصرعها) أي تخفضها (مرة) أي تارة (وتعدلها) أي وترفعها تارة (أخرى حتى تهيج) وتصفر وتيبس غاية لقولها تفيئها الريح أي تميلها وتحركها الريح حتى تستوي ويكمل نضجها وتُحصد يعني أن الرياح لا تزال تقلبها فتصرعها أي تقرّبها إلى السقوط إذا كانت شديدة وتقيمها إذا كانت هادئة إلى أن يحين حين نضجها (ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية) بضم الميم وسكون الجيم وكسر الذال على صيغة اسم الفاعل من الإفعال يقال: أجذى يجذي إجذاء أي المنتصبة الثابتة (على أصلها) بحيث (لا يفيئها) ولا يميلها ولا يحركها (شيء) من الرياح العاصفة وغيرها (حتى يكون) ويحصل (انجعافها) أي انقلاعها (مرة واحدة) يقال: جعفته فانجعف مثل قلعته فانقلع، ونقل عن الداودي أن معناه انكسارها من وسطها أو من أسفلها، والانجعاف مصدر انجعف الذي هو مطاوع جعف الثلاثي يقال جعفته بمعنى قلعته فانجعف أي انقلع أي قبل الانجعاف والمطاوعة عند الصرفيين دلالة الفعل اللازم
6922 -
(00)(00) حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا بِشرُ بْنُ السَّرِيِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبرَاهِيمَ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ. تُفِيئُهَا الرِّيَاحُ. تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا. حَتَّى يَأتِيَهُ أَجَلُهُ
ــ
على قبول أثر الفعل المتعدي كما هو مقرر في محله كما بيناه في مناهل الرجال على لامية الأفعال.
قال الحافظ في الفتح: وقد فسر المهلب هذا الحديث بمعنى أوسع مما ذكرناه ولفظه معنى هذا الحديث أن المؤمن حيث جاءه أمر الله انطاع له فان وقع له خير فرح به وشكر، وإن وقع له مكروه صبر ورجا فيه الخير والأجر فإذا اندفع عنه اعتدل شاكرًا، والكافر لا يتفقده الله باختباره بل يحصل له التيسير في الدنيا ليتعسر عليه الحال في المعاد حتى إذا أراد الله إهلاكه قصمه فيكون موته أشد عذابًا عليه وأكثر ألمًا في خروج نفسه اه منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المرض باب ما جاء في كفارة المرض [5643].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه فقال:
6922 -
(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا بشر بن السري) الأفوه أبو عمرو البصري ثم المكي الواعظ، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (وعبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابًا (قالا: حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن سعد بن إبراهيم) الزهري (عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك) الأنصاري (عن أبيه) كعب بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لزكرياء بن أبي زائدة. وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة في بعض الكلمات بالتغير والزيادة (قال) كعب بن مالك (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها) أي تميلها (الرياح) يمينًا أو شمالًا (تصرعها) أي تخفضها الرياح (مرة وتعدلها) أي وتجعلها معتدلة مستوية تارة أخرى أي كمثل الخامة من الزرع (حتى يأتيه) أي يأتي ذلك المؤمن (أجله)
وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ. الَّتِي لَا يُصِيبُهَا شَيْءٌ. حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةَ".
6923 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمِ ومَحْمُودُ بْنُ غَيلَانَ. قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أَن مَحْمُودًا قَالَ في رِوَايَتِهِ، عَنْ بِشْرٍ:"وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ"، وَأَمَّا ابنُ حَاتِمٍ فَقَالَ:"مَثَلُ الْمُنَافِقِ" كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ.
6924 -
(00)(00) (وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ
ــ
وموته فهو غاية للمماثلة (ومثل المنافق) أي وشبه المنافق وصفته (مثل الأرزة المجذية التي لا يصيبها) ولا يحركها (شيء) من المحركات (حتى يكون انجعافها) ويحصل (مرة واحدة) أي في مرة واحدة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث كعب رضي الله عنه فقال:
6923 -
(00)(00)(وحدثنيه محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10) روى عنه في (11) بابًا (ومحمود بن غيلان) العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي ثم البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (قالا: حدثنا بشر بن السري) البصري (حدثنا سفيان) الثوري (عن سعد بن إبراهيم عن عبد الله بن كعب بن مالك) الأنصاري المدني، ثقة، من (2) وقيل له رؤية، روى عنه في (5) أبواب (عن أبيه) كعب بن مالك رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن حاتم وابن غيلان لزهير بن حرب (غير أن) أي لكن أن (محمودًا قال في روايته عن بشر) لفظة (ومثل الكافر كمثل الأرزة وأما ابن حاتم فقال) في روايته لفظة (مثل المنافق كما قالـ) ـه (زهير) كذلك.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث كعب فقال:
6924 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن بشار) العبدي البصري (وعبد الله بن هاشم) بن حيان العبدي الطوسي ثم النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب
قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، (وَهُوَ الْقَطَّانُ)، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ - (قَالَ ابْنُ هَاشِمٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ بَشارٍ: عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ، عَنْ أَبِيهِ) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ، وَقَالَا جَمِيعًا في حَدِيثِهِمَا عَنْ يَحْيَى:"وَمَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الأَرْزَةِ".
6925 -
(2781)(141) حدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُ، (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ)، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن مِنَ الشجَرِ شَجَرَةَ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا. وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ
ــ
كلاهما (قالا: حدثنا يحيى) بن سعيد التميمي البصري (وهو القطان عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن سعد بن إبراهيم قال: ابن هاشم عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه وقال ابن بشار عن ابن كعب بن مالك عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن بشار وابن هاشم لزهير بن حرب وابن حاتم وابن غيلان وساقا (بنحو حديثهم) أي بنحو حديث الثلاثة المذكورة (و) لكن (قالا) أي قال ابن بشار وابن هاشم (جميعًا في حديثهما) أي في روايتهما (عن يحيى) القطان لفظة (ومثل الكافر مثل الأرزة).
ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة وهو قوله مثل المؤمن مثل النخلة بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:
6925 -
(2781)(141)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر السعدي) المروزي (واللفظ ليحيى) بن أيوب (قالوا) أي قال كل من الثلاثة (حدثنا إسماعيل يعنون) أي يعني كل من الثلاثة بإسماعيل الذي أبهموه إسماعيل (بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (أخبرني عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم المدني (أنه سمع عبد الله بن عمر يقول) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: (إن من) جنس (الشجر شجرة لا يسقط ورقها) قال الأبي: يحتمل أنه تقريب على السامعين ليفهموها، ويحتمل أنه أحد وجوه التشبيه على ما سيأتي (وإنها) أي وإن تلك الشجرة (مثل المسلم) رواه البعض
فَحَدِّثُوني مَا هِىَ؟ "
ــ
بكسر الميم وسكون المثلثة وبعضهم بفتح الميم والثاء كليهما وهما بمعنى وما ذكر في الحديث من خصوصية النخلة أنها لا تسقط ورقها تظهر فائدته مما أخرجه الحارث بن أبي أسامة في هذا الحديث من وجه آخر عن ابن عمر ولفظه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا تسقط لها أنملة، أتدرون ما هي؟ " قالوا: لا، قال:"هي النخلة لا تسقط لها أنملة ولا تسقط لمؤمن دعوة" اه من الفتح [11/ 145].
قال العيني في عمدة القاري [2/ 14] وأما وجه الشبه فقد اختلفوا فيه فقال بعضهم: هو كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجودها على الدوام فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس وبعد أن ييبس يُتخذ منها منافع كثيرة من خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعًا وحطبًا وعصيًا ومخاصر وحصرًا وحبالًا وأواني وغير ذلك مما ينتفع به من أجزائها ثم آخرها نواها يُنتفع به علفًا للإبل وغيره ثم جمال نباتها وحُسن ثمرتها وهي كلها منافع وخير وجمال وكذلك المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه ومواظبته على صلاته وصيامه والصدقة وسائر الطاعات هذا هو الصحيح في وجه الشبه، وقال بعضهم: وجه التشبيه أن النخلة إذا قطعت رأسها ماتت بخلاف باقي الشجر، وقال بعضهم لأنها لا تحمل حتى تلقح، وقال بعضهم: لأنها تموت إذا نزقت أو فسد ما هو كالقلب لها، وقال بعضهم لطلعها رائحة المني، وقال بعضهم لأنها تعشق كالإنسان وهذه الأقوال كلها ضعيفة من حيث إن التشبيه إنما وقع بالمسلم وهذه المعاني تشمل المؤمن والكافر اه كلامه.
(فحدثوني) جواب (ما هي) أي جواب سؤال ما هي تلك الشجرة، قال العيني في عمدة القاري [2/ 15] وفيه جواز اللغز مع بيانه وهو إعماء الكلام ليعرفه الفطن، وقد وقع في رواية نافع عند البخاري في التفسير (أخبروني) بدل قوله حدثوني، ووقع في رواية الإسماعيلي عن نافع (أنبئوني) ذكره العيني فاشتمل الحديث على الألفاظ الثلاثة المعروفة عند المحدثين للحديث، قال القاضي عياض: قوله: (فحدثوني) فيه إلقاء العالم المسألة على أصحابه ليختبر أذهانهم، وفيه ضرب الأمثال والأشياء اه (فإن قلت): روى أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات، قال الأوزاعي أحد رواته: إنه صعاب المسائل قلت: هو محمول على ما إذا أُخرج على
فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ الْبَوَادِي.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَوَقَعَ في نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. فَاسْتَحْيَيْتُ
ــ
سبيل تعنيت المسؤول أو تعجيزه أو تخجيله ونحو ذلك، قال ابن عمر (فوقع الناس) الحاضرون عند النبي صلى الله عليه وسلم (في شجر البوادي) جمع بادية أي ذهبت أفهامهم وأفكارهم إلى أشجار البوادي أي إلى أشجار الصحاري والريف وصار كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي وذهلوا عن النخلة اه نووي، قال الأبي: لعل وقوعهم فيها لما فهموا أن الأمثال إنما تُضرب بالغريب البعيد اه (قال عبد الله) بن عمر رضي الله عنه: (ووقع في نفسي) وقلبي (أنها) أي أن تلك الشجرة التي سأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي (النخلة) بيّن أبو عوانة في صحيحه من طريق مجاهد عن ابن عمر وجه ذلك وسببه قال: فظننت أنها النخلة من أجل الجُمار التي أُتي به يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إنما طرح هذا السؤال عندما أُتي بجمار النخل وجعل يأكله كما سيأتي ففهم ابن عمر أن المسؤول عنه شجرة النخلة، قال الحافظ: وفيه إشارة إلى أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال وأن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للملغز بابًا يدخل منه بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه (فاستحييت) من ذكرها، وبيّن في رواية آتية أنه إنما استحيا لكون الصحابة الكبار حاضرين في المجلس، ووقع في رواية مجاهد عند البخاري في باب الفهم في العلم فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم وله في الأطعمة فإذا أنا عاشر عشرة وأنا أحدثهم، وفي رواية نافع عند البخاري في التفسير ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم، وفيه أن الأدب للصغير أن لا يبادر بالجواب إذا كان الكبار ساكتين بل ينتظر فإن أجاب أحد الكبار يكتفي به وإلا فيتكلم.
وأخرج البخاري هذا الحديث في تفسير قوله تعالى: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} إشارة إلى أن المراد من الشجرة الطيبة في الآية النخلة وقد ورد صريحًا فيما رواه البزار من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الآية فقال: "أتدرون ما هي؟ قال ابن عمر: لم يخف عليّ أنها النخلة، فمنعي أن أتكلم مكان سني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة" ذكره الحافظ في الفتح [1/ 146] ثم قال: ويجمع بين هذا وبين ما
ثُمَّ قَالُوا: حَدَّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: فَقَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ".
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِعُمَرَ. قَالَ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النَّخْلَةُ، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
6926 -
(00)(00) (حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الْغُبَرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ الضُّبَعِيِّ،
ــ
تقدم أنه صلى الله عليه وسلم أُتي بجمار فشرع في أكله تاليًا للآية قائلًا: "إن من الشجر شجرة .. إلى آخره"(ثم قالوا) أي قال الحاضرون من الصحابة (حدثنا ما هي) أي ما تلك الشجرة (يا رسول الله قال) ابن عمر (فقال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي النخلة قال) ابن عمر: فذكرت ذلك الذي وقع في قلبي أولًا (لعمر) بن الخطاب (قال) عمر: (لأن تكون قلت) وأخبرت للرسول صلى الله عليه وسلم بأنها (هي النخل) أي لكونك مخبرًا لها للرسول صلى الله عليه وسلم (أحب إليّ من كذا وكذا) أي من أن أعطى كذا وكذا كحمر النعم مثلًا، زاد ابن حبان في صحيحه أحسبه قال: حمر النعم، وإنما أحب عمر ذلك لأنه لو تكلم بذلك ابنه لظهر ذكاؤه ووقع جوابه موقع الثناء من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ولدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أنه لا مانع من أن يتمنى الوالد لولده ما يجوز الثناء له من الكبار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في عشرة أبواب منها باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال [6144]، والترمذي في الأدب باب ما جاء في مثل المؤمن القارئ للقرآن [2871].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
6926 -
(00)(00)(حدثني محمد بن عبيد) بن حساب بكسر الحاء وتخفيف السين المهملة آخره موحدة (الغبري) بضم المعجمة وتخفيف الموحدة المفتوحة نسبة إلى غبر بن غنم البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابًا (حدثنا أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني البصري (عن أبي الخليل) صالح بن أبي مريم (الضبعي) بضم المعجمة وفتح الموحدة نسبة إلى ضبيعة بن قيس من بكر بن وائل نزلوا البصرة البصري، ثقة، من
عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا لأصحَابِهِ: "أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ، مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُؤْمِنِ" فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَذْكُرُونَ شَجَرًا مِنْ شَجَرِ الْبَوَادِي.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأُلْقِيَ في نَفْسِي أَوْ رُوعِيَ؛ أَنَّهَا النَّخْلَةُ. فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا. فَإِذَا أَسْنَانُ الْقَوْمِ، فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَلَمَّا سَكَتُوا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هِيَ النَّخْلَةُ".
2927 -
(00)(00) (حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
ــ
(6)
روى عنه في (5) أبواب (عن مجاهد) بن جبر القرشي مولاهم المكي (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة مجاهد لعبد الله بن دينار (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) أي ذات يوم (لأصحابه) الحاضرين معه (أخبروني عن شجرة مثلها) أي صفتها (مثل المؤمن) أي صفته (فجعل القوم) الحاضرون من الصحابة (يذكرون) أي يذكر كل واحد منهم في تعيين تلك الشجرة (شجرًا) أي شجرة (من) جنس (شجر البوادي) جمع بادية وهي ضد الحاضرة كما مر (قال ابن عمر) بالسند السابق (وأُلقي) أي أُلهم (في نفسي) أي في قلبي (أو) قال ابن عمر ألقي في (روعي) والشك من مجاهد أو ممن دونه، والروع بضم الراء وسكون الواو بمعنى النفس والقلب والخلد (أنها) أي أن الشجرة المسؤول عنها هي (النخلة فجعلت) أي فكنت (أريد أن أقولها) وأبينها وأخبرها للنبي صلى الله عليه وسلم (فإذا أسنان القوم) أي كبارهم وشيوخهم حاضرون هناك (فأهاب) أي فخفت هيبة منهم (أن أتكلم) بها وأخبرها يعني منعني من التكلم بها هيبة الكبار الحاضرين هناك (فلما سكتوا) أي فلما سكت القوم عن جوابها واخبارها (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
2927 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن) عبد الله (بن أبي نجيح) يسار الثقفي
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا. قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَذَكَرَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمَا.
6928 -
(00)(00) (وحدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سَيْفٌ. قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ بِجُمَّارٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ
ــ
المكي، ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة) أي في سفري إلى المدينة. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن أبي نجيح لأبي الخليل الضبعي (فما سمعته) أي ما سمعت ابن عمر (يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثًا واحدًا قال) ابن عمر: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم) يومًا (فأتي) النبي صلى الله عليه وسلم (بجمار فذكر) بن أبي نجيح (بنحو حديثه) أي بنحو حديث أبي الخليل، وفي أغلب النسخ (بنحو حديثهما) وهو تحريف من النساخ. قوله:(إلا حديثًا واحدًا) فيه استحباب التورع عن إكثار التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يقع الخطأ، والجمار بضم الجيم وتشديد الميم هو مخ لين يخرج من جوف النخلة فيؤكل تلذذًا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
6928 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا سيف) بن سليمان المخزومي مولاهم المكي نزيل البصرة، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب، وليس في مسلم من اسمه سيف إلا هذا الثقة (قال) سيف:(سمعت مجاهدًا يقول: سمعت ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (يقول أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمار) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سيف لأبي الخليل وابن أبي نجيح في الرواية عن مجاهد (فذكر) سيف بن سليمان (نحو حديثهما) أي نحو حديث أبي الخليلى وابن أبي نجيح وفي أغلب النسخ (نحو حديثهم) وهو تحريف من النساخ أيضًا، والصواب الموجود في النسخ القديمة ما قلناه في الموضعين فتأمل بإنصاف.
6929 -
(00)(00) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنا عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: "أَخْبِرُوني بِشَجَرَةٍ شِبْهِ، أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِم. لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا".
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَعَل مُسْلِمًا قَالَ: وَتُؤْتِي أُكُلَهَا. وَكَذَا وَجَدْتُ عِنْدَ غَيْرِي أَيْضًا. وَلَا تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
6929 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ثقة، من (5)(عن نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة نافع لعبد الله بن دينار ومجاهد بن جبر (قال) ابن عمر:(كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا (فقال: أخبروني بشجرة شبه) الرجل المسلم (أو) قال ابن عمر أو نافع بشجرة (كالرجل المسلم) والشك من الرواي أو ممن دونه (لا يتحات) أي لا يتساقط ولا يتناثر (ورقها) مضارع تحات الورق تحاتتًا ومتاحتة إذا تساقط من باب تفاعل الخماسي نظير تقاتل والمفاعلة ليست على بابها (قال) أبو إسحاق (إبراهيم) بن سفيان تلميذ المؤلف ورواية كتابه (لعل) شيخنا مسلمًا مؤلف هذا الصحيح رحمه الله تعالى (قال) في هذا الموضع لا يتحات ورقها (وتؤتي أكلها) أي ثمرها بلا ذكر لا النافية، وأما عندي بلفظ (لا تؤتي أكلها)(وكذا) أي مثل ما عندي (وجدت عند غيري) من رواة مسلم (أيضًا) أي كما هو عندي بلفظ (ولا تؤتي أكلها كل حين) بزيادة لا النافية قبل تؤتي وهو غير صواب، قال القاضي عياض: معنى هذا الكلام أنه وقع في روايته ورواية غيره عن مسلم (لا يتحات ورقها ولا تؤتي أكلها) فقال إبراهيم: لعل مسلمًا قال: وتؤتي وكنت أنا وغيري غلطنا في إثبات لا قبل تؤتي، وقال إبراهيم: ذلك لإشكال إثباتها عليه ومخالفتها باقي الروايات، وليس بغلط كما زعم بل إثباتها صحيح وبإثباتها ذكره البخاري لأنه بيّن لذوي الألباب وإنما يشكل ذلك على البُله الغفل، فلا في قوله لا تؤتي ليست داخلة على تؤتي وإنما هي داخلة على محذوفات تركها الراوي اختصارًا وتؤتي مستأنفة، والتقدير لا
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ في نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرِ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ. فَكَرِهْتُ أَن أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. فَقَالَ عُمَرُ: لأَن تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِليَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
7034 -
(65) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الشيطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
ــ
يتحات ورقها ولا ينقطع ثمرها ولا ينعدم ظلها، ثم أخبر أن من محاسنها أنها تؤتي أكلها كل حين فالوقف على لفظة لا، وحذف مدخولها كما قدرنا تنبيهًا على كثرته ليقدر المقدر ما شاء فالمقام يسعه، ولفظة تؤتي كلام مستأنف مثبت لا منفي اه سنوسي وأبي (قال ابن عمر) بالسند السابق:(فوقع في نفسي أنها) أي أن تلك الشجرة التي سأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي (النخلة ورأيت أبا بكر وعمر) هناك حالة كونهما (لا يتكلمان) شيئًا (فكرهت أن أتكلم) شيئًا من الجواب (أو) قال ابن عمر: فكرهت أن (أقول شيئًا) من الجواب بالشك من نافع أو ممن دونه (فقال عمر) بن الخطاب: (لأن تكون قلتها) أي لقولك إياها (أحب إليّ من كذا وكذا) أي من حمر النعم.
ثم استدل المؤلف على الجزء الخامس من الترجمة وهو تحريش الشيطان سراياه على الناس بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
6930 -
(2782)(142)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا وقال عثمان حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكي نزيل واسط (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قد أيس) وقنط عن (أن يعبده المصلون في جزيرة العرب) يعني إن الشيطان أيس من أن يتحول أهل الجزيرة إلى الشرك وعبادة الأصنام ومن أن تظهر فيها كلمة الكفر ويستولي عليها الكفار وقد وقع كما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرد عليه ارتداد مانعي الزكاة وأصحاب مسيلمة الكذاب فإنهم لم يعبدوا الأوثان، قال
وَلكِنْ في التَّحْرِيشِ بَينَهُمْ".
6931 -
(00)(00) وحدَّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبِ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ. كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
6932 -
(2783)(143) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَان: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَن أَبِي
ــ
ابن الملك قوله: (أن يعبده المصلون) أي المؤمنون عبّر عنهم بالمصلين لأن الصلاة هي الفارقة بين الإيمان والكفر أراد بها عبادتهم الصنم إنما نسبها إلى الشيطان لكونه داعيًا إليها (فإن قلت) كيف يستقيم هذا وقد ارتد فيها جماعة من مانعي الزكاة وغيرهم (قلت): لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لا يرتد المصلون بل أيس وامتداد إياسه غير لازم أو يقال إياسه كان من عبادتهم الصنم وتحققها في تلك الجماعة غير معلوم أو المراد بالمصلين الدائمون على الصلاة بإخلاص (ولكن) له سعاية واجتهاد (في التحريش) والإغراء (بينهم) يعني لكن الشيطان غير آيس في إغراء المؤمنين وحملهم على الفتن بل له مطمع في ذلك اه ابن ملك باختصار، أي ولكنه غير آيس في التحريش والإغراء بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها، وفيه تحذير للمسلمين من افتراق كلمتهم وثوران الخصومات بينهم فإن ذلك من عمل الشيطان.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في البر والصلة باب ما جاء في التباغض [1937].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
6931 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية كلاهما) أي كل من وكيع وأبي معاوية رويا (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي سفيان عن جابر، غرضه بيان متابعتهما لجرير بن عبد الحميد.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر هذا بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
6932 -
(2783)(143) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا وقال عثمان: حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن الأعمش عن أبي
سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ. فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ. فَأعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً".
6933 -
(00)(00) حدّثنا أَبُو كُرَيْبِ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، (وَاللَّفْظُ لأَبِي كُرَيْبٍ)، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن إِبْلِيس يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ. ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ. فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً
ــ
سفيان) طلحة بن نافع (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، وهو نفس السند الذي قبله (قال) جابر:(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن عرش إبليس) اللعين، قال النووي: العرش سرير الملك؛ ومعناه إن مركزه ومعسكره (على البحر) أي فوق البحر (فـ) منه (يبعث) ويرسل (سراياه) وعساكره وجنوده في نواحي الأرض وأرجائها (فيفتنون الناس) عن دينهم بالشرك والمعاصي (فأعظمهم) أي فأعظم سراياه (عنده) وأقربهم وأحبهم إليه (أعظمهم) أي أكثرهم (فتنة) لبني آدم عن دينهم. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
6933 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (واللفظ لأبي كريب قالا: أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي معاوية لجرير (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه) أي سريره (على الماء) على ماء البحر (ثم) بعد نزوله على الماء وجعله مركزًا لعرشه ومجمعًا لجنوده (يبعث سراياه) وجنوده في نواحي الأرض ليفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم عن الدين المستقيم (فأدناهم منه) أي فأدنى سراياه وأقربهم إليه (منزلة) ودرجة (أعظمهم) أي أشدهم (فتنة) للناس بإغوائهم وإضلالهم عن دين الحق الذي هو الدين المستقيم من الإيمان والتقوى لربهم. قال في المبارق: قوله: (إن إبليس يضع عرشه) وضع العرش على البحر يحتمل أن يكون حقيقيًا بأن يقدره الله عليه استدراجًا وأن يكون تمثيلًا لشدة عتوه ونفاذ أمره بين سراياه وعلى كلا التقديرين يُشبه أن يكون استعماله صلى الله عليه وسلم هذه العبارة الهائلة وهي كون عرشه على الماء تهكمًا
يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيئًا. قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَينَهُ وَبَينَ امْرَأَتِهِ. قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ".
قَالَ الأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: "فَيَلْتَزِمُهُ"
ــ
به وسخرية لأنه مستعمل في الله تعالى كما قال تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} وفيه إشارة إلى اعتزاله وابتعاده عن جنس الإنس الذين يرجمونه بالحوقلة اه (يجيء أحدهم) أي أحد سراياه الذين بعثهم إلى نواحي الأرض لفتنة بني آدم ويرجع إليه (فيقول) ذلك الأحد (فعلت) ببني آدم (كذا وكذا) من الإغواء والإضلال (فيقول) له إبليس: (ما صنعت) بتاء الخطاب أي ما فعلت (شيئًا) يسرني وينتقم لي منهم أي ما حصلت غرضنا في بعثك إليهم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم يجيء أحدهم) أي أحد سراياه (فيقول) لإبليس: (ما تركته) أي ما تركت فلانًا الذي كان مجتهدًا في دينه وعبادته (حتى فرّقت بينه وبين امرأته) بإلقاء العداوة والبغضاء بينهما (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فيدنيه) أي فيدني إبليس هذا الذي فرق بين الزوجين بوسوسته (منه) منزلة أي يقربه إليه درجة (ويقول) إبليس له: (نعم) الرجل الذي أفادنا في إغواء بني آدم والمخصوص بالمدح (أنت) المفترس لنا أعداءنا (قال الأعمش: أراه) أي أرى أبا سفيان (قال فيلتزمه) إبليس أي يضمه إلى نفسه ويقبله ويعانقه لكونه من المقربين عنده. (نعم أنت) قال القاضي عياض: هو من الحذف لدلالة الكلام على المحذوف أي نعم أنت الذي جاء بالطالعة أو نعم أنت الذي أعني أو نعم أنت الذي فعل اختياري أو نعم أنت الحظي عندي. قوله: (فيدنيه فيلتزمه) أي يعانقه وفيه تعظيم أمر الطلاق وكثرة ضرره وعظيم فتنته وعظيم الإثم في السعي فيه لما فيه من قطع ما أمر الله به أن يوصل وشتات ما جعل الله سبحانه فيه مودة ورحمة وهدم بيت بُني في الإسلام وتعريض المتخاصمين أن يقعا في الإثم والحرج (قلت): وانظر ما يتفق كثيرًا أن يسعى إنسان في فراق امرأة من زوجها ليتزوجها هل يمكن من زواجها إذا ثبت أنه سعى في ذلك أفتى بعض أصحابنا بأنه لا يمكن من ذلك، ونقل من يوثق به أن الشيخ وافق على ذلك وهو الصواب لما فيه من تتميم المفاسد المذكورة، والأظهر إذا وقع أن يكون الفساد في عقده فيفسخ قبل وبعد اه من الأبي.
6934 -
(00)(00) حدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبِ. حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُوٍلُ:"يَبعَثُ الشَّيطَانُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ. فَأعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً".
6935 -
(2784)(144) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. (قَالَ إِسْحَاقُ: أخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر هذا رضي الله عنه فقال:
6934 -
(00)(00)(حدثني سلمة بن شبيب) المسمعي النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا الحسن) بن محمد (بن أعين) الحراني الأموي مولاهم مولى بني مروان بن الحكم، صدوق، من (9) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا معقل) بن عبيد الله الجزري العبسي، صدوق، من (8) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي الزبير) المكي (عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي الزبير لأبي سفيان (أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يبعث الشيطان سراياه فيفتنون الناس) عن دينهم (فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم) أي أشد السرايا (فتنة) للناس.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السادس من الترجمة وهو كون قرين الجن مع كل أحد من الناس بحديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
6935 -
(2784)(144)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا وقال عثمان: حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (21) بابًا (عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبيه) رافع الأشجعي أبي الجعد الغطفاني الكوفي، والد سالم، ثقة مخضرم، من (2) روى عن علي وابن مسعود في ذكر الجن، له فرد حديث في مسلم، ويروي عنه (ع) وابنه سالم والشعبي، وثقه ابن حبان، وقيل له صحبة (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه. وهذا
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ". قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَإِيَّايَ. إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيهِ فَأسْلَمَ. فَلَا يَأمُرُنِي إِلَّا بِخَيرٍ"
ــ
السند من سداسياته (قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم) أيها الناس (من أحد إلا وقد وُكل به) بالبناء للمجهول من التوكيل بمعنى التسليط (قرينه من الجن) أي صاحبه منهم ليأمره بالشر واسمه الوسواس وهو ولد يولد لإبليس حين يولد لبني آدم ولد، كذا في مرقاة المفاتيح لعلي القاري [1/ 116] ولعل المراد من الولادة لإبليس أنه يخلق شيطان يكون من جند إبليس والله أعلم (قالوا) أي قالت الصحابة:(وإياك) وُكل (يا رسول الله) أي ولك أيضًا قرين من الجن، والأوفق للقاعدة النحوية أن يقال وأنت يا رسول الله ولكنه يتوسع في المحاورات مثل ذلك والمعنى وأنت لك قرين يا رسول الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وإياي) وُكل به، والقياس (وأنا) أي وأنا وكل به القرين (إلا أن الله) سبحانه أي لكن أن الله (أعانني) وساعدني (عليه) أي على ذلك القرين أي على السلامة من شره أو على استسلامه وانقياده لي (فأسلم) فيه روايتان مشهورتان رفع الميم على أنه مضارع مسند إلى المتكلم أي أسلم أنا وأحفظ وأجار من شره وفتنته بعصمة الله تعالى، وفتح الميم على أنه ماض مسند إلى القرين أي فاستسلم ذلك القرين وانقاد لي (فلا يأمرني إلا بخير) وفي جامع الترمذي، قال ابن عيينة:(فأسلم) بالرفع أي أسلم أنا منه والشيطان لا يسلم، وفي جامع الدارمي قال أبو محمد:(فأسلم) بالفتح أي استسلم وذل وانقاد لي، والخطابي ذهب إلى الأول، والقاضي عياض إلى الثاني وهما روايتان مشهورتان، قال التوربشتي: الله تعالى قادر على كل شيء فلا يستبعد من فضله أن يخص نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الكرامة أي بإسلام قرينه وبما فوقها اه من المرقاة.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات الست، ولكنه شاركه أحمد [1/ 397 و 385 و 451 و 460].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في الحديث فقال:
6936 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، (يَعْنِيَانِ ابْنَ مَهْدِيٍّ)، عَنْ سُفْيَانَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ. كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ. بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ، مِثْلَ حَدِيثِهِ، غَيْرَ أَنَّ في حَدِيثِ سُفْيَانَ "وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ".
6937 -
(2785)(145) حدّثني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبِ. أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ. حَدَّثَهُ؛ أَن عُرْوَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْج
ــ
6936 -
(00)(00)(حدثنا) محمد (بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا عبد الرحمن يعنيان ابن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (عن سفيان) الثوري (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9)(عن عمار بن رزيق) بتقديم الراء مصغرًا الضبي الكوفي، لا بأس به، من (8) روى عنه في (6) أبواب (كلاهما) أي كل من سفيان وعمار رويا (عن منصور) بن المعتمر السلمي (بإسناد جرير) يعني عن سالم عن أبيه عن ابن مسعود. وهذان السندان من سداسياته، غرضه بيان متابعتهما لجرير بن عبد الحميد، وساقا (مثل حديثه) أي مثل حديث جرير (غير أن) أي لكن أن (في حديث سفيان) وروايته لفظة (وقد وكل به قرينه من الجن) الآمر له بالشر (وقرينه من الملائكة) الآمر له بالخير أي الملهم في قلبه الخير.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن مسعود بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
6937 -
(2785)(145)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري، ثقة، من (9)(أخبرني أبو صخر) حميد بن زياد المدني، الخراط، صدوق، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن) يزيد بن عبد الله (بن قسيط) مصغرًا الليثي المدني الأعرج، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (حدثه) أي حدث بن قسيط لأبي صخر (أن عروة) بن الزبير (حدثه) أي حدث لابن قسيط (أن عائشة زوج
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا. قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ. فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ: "مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ، أَغِرْتِ؟ " فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقَدْ جَاءَكِ شَيطَانُكِ؟ " قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ:"نَعَمْ" قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: "دعَمْ" قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيهِ حَتَّى أَسْلَمَ"
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم حدثته) أي حدثت لعروة. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها) أي من بيتها (ليلًا قالت عائشة: فغرت) أي أخذتني الغيرة (عليه) أي على خروجه من عندي لظني أنه يذهب إلى بيت بعض أزواجه (فجاء) أي رجع بعدما خرج (فرأى) مني (ما أصنع) من غضبي على خروجه (فقال) لي: (ما لك) أي أي شيء ثبت لك (يا عائشة) من الغضب (أغرت) على خروجي (فقلت) له: (وما لي) أي وأي سبب ثبت لي في أن (لا يغار مثلي) من الشواب (على مثلك) من الزوج الكريم (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقد) أي هل قد (جاءك شيطانك) أي قرينك من الشيطان، تفطن النبي صلى الله عليه وسلم من هيئتها أنها غارت وتوهمت ما لم يقع (قالت) عائشة فقلت له (يا رسول الله أو معي) أي هل معي (شيطان قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(نعم) معك شيطان (قلت) له: (و) هل (مع كل إنسان) شيطان (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) مع كل إنسان شيطان (قلت) له: (و) هل (معك) شيطان (يا رسول الله، قال: نعم) معي شيطان (ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم) بالرفع أي حتى أسلم أنا من فتنته، وبالفتح أي حتى أسلم ذلك الشيطان لي أي انقاد وذل لي فلا يأمرني إلا بخير أو حتى دخل ذلك الشيطان في الإسلام، وآمن ببركة مقارنته صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي في عشرة النساء باب الغيرة [3960].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب تسعة أحاديث: الأول: حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث أبي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث كعب بن مالك ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والسادس: حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثامن: حديث ابن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع: حديث عائشة ذكره للاستشهاد والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *