الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
752 - (17) باب لن يدخل الجنة أحد بعمله، وإكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، واستحباب الاقتصاد في الموعظة
6938 -
(2786)(146) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ:"لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ"
ــ
752 -
(17) باب لن يدخل الجنة أحد بعمله، وإكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، واستحباب الاقتصاد في الموعظة
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة وهو عدم دخول أحد الجنة بعمله بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6938 -
(2786)(146)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد (عن بكير) بن عبد الله بن الأشج المخزومي مولاهم المدني ثم المصري، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابًا (عن بسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لن ينجي أحدًا منكم عمله) ظاهر هذا الحديث يعارض قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} وقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وقد ذكر العلماء في طريق الجمع بينهما أقوالًا الأول: أن الأعمال وإن كانت سببًا ظاهرًا للنجاة كما ذكر في الآيتين ولكن التوفيق للأعمال ليس إلا من رحمة الله تعالى ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الإيمان ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة وإلى ذلك أشار حديث الباب بأن العمل بمجرده لا ينجي الإنسان بل سببه الأخير هو رحمة الله تعالى. الثاني: إن منافع العبد لسيده فعمله مستحق لمولاه فمهما أنعم عليه من الجزاء فهو من فضله. الثالث: إن نفس دخول الجنة لا يحصل إلا برحمة الله تعالى وأما الدرجات المتفاوتة في الجنة فهي بسبب الأعمال وهو اختيار ابن بطال. الرابع: أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير والثواب لا ينفد فالإنعام الذي لا ينفد في جزاء ما ينفد إنما يكون بفضل الله تعالى لا بمقابلة الأعمال، قال الحافظ ابن حجر في الفتح [11/ 296] ويظهر لي في الجمع بين الآية والحديث جواب وهو أن يحمل الحديث على أن العمل من حيث هو عمل لا يستفيد به العامل دخول الجنة ما لم يكن
قَالَ رَجُلٌ: وَلَا إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا إِيَّايَ. إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ، وَلَكنْ سَدِّدُوا"
ــ
مقبولًا وإذا كان كذلك فأمر القبول إلى الله تعالى، وإنما يحصل القبول برحمة الله لمن يقبل منه وعلى هذا فمعنى قوله:(ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) أي تعملونه من العمل المقبول ولا يضر بعد هذا أن تكون الباء في الآية للمصاحبة أو للإلصاق أو للمقابلة ولا يلزم من ذلك أن تكون للسببية اه.
وفي المبارق: لا تعارض بين الآية والحديث لأن الآية تدل على سببية العمل والمنفي في الحديث علِّية العمل لدخول الجنة وإيجابه إياه فلا منافاة بينهما اه.
(قال رجل) من الحاضرين، لم أر من ذكر اسمه (ولا إياك) يُدخل العمل الجنة (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ولا إياك) يُدخل العمل الجنة (إلا أن يتغمدني الله) تعالى (منه) أي من فضله (برحمة) قال النووي: معناه إلا أن يلبسني رحمته ويدخلني فيها ويجعلها له كالغمد للسيف يقال: أغمدت السيف وغمدته إذا جعلته في غمده وسترته به اه، ويحتمل أن يكون الاستثناء فيه منقطعًا لأن تغميد الله إياه برحمته ليس من جنس عمل العبد فمعناه لكن تغميد الله تعالى إياي برحمته يدخلني الجنة ويجوز أن يكون متصلًا ويقدر المستثنى منه فمعناه لا يدخل أحدًا منكم عمله الجنة مقارنًا بشيء إلا بتغميد الله إياي برحمته وليس المراد منه توهين أمر العمل بل نفي الإغترار به اه من المبارق (ولكن سددوا) أي اعملوا العمل الموافق للسداد والصواب باستكمال أركانه وتوفر شروطه واستجماع آدابه التي من أمهاته الإخلاص، قال النووي: معناه اطلبوا السداد واعملوا به، والسداد الصواب وهو ما بين الإفراط والتفريط فلا تغلوا ولا تقصروا اه منه.
وفي قوله: (ولكن سددوا) دفع لما يتوهم مما سبق من أن الأعمال لا تنجي فلا فائدة في تعاطيها، وحاصل الدفع أن الإنسان مأمور بهذه الأعمال فليسدد عمله مهما أمكن لأن الله سبحانه وتعالى يتغمد بسببها الإنسان في رحمته وكان أعماله علامة على وجود الرحمة التي تدخل العامل الجنة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المرض باب تمني المريض الموت [5673]، وفي الرقاق باب القصد والمداومة على العمل [6463]، والنسائي في
6939 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:"بِرَحْمَةِ مِنْهُ وَفَضْلٍ". وَلَمْ يَذْكُرْ "وَلَكنْ سَدِّدُوا".
6945 -
(00)(00) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، (يَعْنِي ابْنَ زيدٍ)، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ" فَقِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا. إِلَّا أَنْ يَتَغمَّدَنِي رَبِّي بِرَحْمَةِ"
ــ
الإيمان باب الدين يسر [5034]، وابن ماجه في الزهد باب التوقي على العمل [4254].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6939 -
(00)(00)(وحدثنيه يونس بن عبد الأعلى) بن ميسرة بن حفص (الصدفي) أبو موسى المصري، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (أخبرنا عبد الله بن وهب) المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري، ثقة، من (7) روى عنه في (13) بابًا (عن بكير) بن عبد الله (بن الأشج) المخزومي المصري (بهدا الإسناد) يعني عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن الحارث لليث بن سعد (غير أنه) أي لكن أن عمرو بن الحارث (قال) في روايته:(برحمة منه وفضل ولم يذكر) عمرو لفظة (ولكن سددوا).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6940 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد يعني ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابًا (عن أيوب) السختياني البصري (عن محمد) بن سيرين الأنصاري البصري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة محمد بن سيرين لبسر بن سعيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد) منكم (يدخله عمله الجنة فقيل) له صلى الله عليه وسلم: ولم أر من ذكر اسم هذا القائل (ولا أنت) يدخلك عملك الجنة (يا رسول الله قال: ولا أنا) يدخلني الجنة عملي (إلا أن يتغمدني) ويغمسني (ربي) ويسترني (برحمة) وفضل منه.
6941 -
(00)(00) حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيسَ أَحَد مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ" قَالُوا: وَلَا أَنتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "وَلَا أَنا. إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ الله مِنْهُ بِمَغفِرَةٍ وَرَحمَةٍ".
وَقَالَ ابْنُ عَوْنِ بِيَدِهِ هَكَذَا. وَأَشَارَ عَلَى رَأْسِهِ: "وَلَا أنا. إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ الله مِنْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ".
6942 -
(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَربٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6941 -
(00)(00)(حدّثنا محمَّد بن المثني حدّثنا) محمَّد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان بفتح فسكون ففتح المزني البصري، ثقة ثبت، من (6) روى عنه في (11) بابًا (عن محمَّد) بن سيرين البصري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن عون لأيوب (قال) أبو هريرة:(قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: ليس أحد منكم ينجيه عمله قالوا ولا أنت) ينجيك عملك (يا رسول الله قال: ولا أنا) ينجيني عملي (إلَّا أن يتغمدني الله منه) أي من فضله (بمغفرة) وستر لما وقع مني من خلاف الأولى (ورحمة) أي وإحسان منه (وقال ابن عون) مقوله قوله: (ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله) إلخ، وقوله:(بيده هكذا) متعلق بـ (وأشار) وكذا قوله هكذا (على رأسه ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة) وبالجملة هذا الكلام فيه تقديم وتأخير وحذف، والمعنى (وقال ابن عون) لفظة (ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة وقد أشار بيده واضعًا إياها هكذا على رأسه) هكذا يتمشى الإعراب.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا فقال:
6942 -
(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدّثنا جرير) بن عبد الحميد (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيسَ أَحَد يُنْجِيهِ عَمَلُهُ" قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا أنا. إِلَّا أَنْ يَتَدَارَكَنيَ اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ".
6943 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم. حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ، يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ
ــ
وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح لبسر بن سعيد ومحمد بن سيرين (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس أحد ينجيه عمله) من عذاب الله (قالوا: ولا أنت) ينجيك عملك من عذاب الله (يا رسول الله قال: ولا أنا) ينجيني عملي (إلَّا أن يتداركني الله) سبحانه أي يدركني ويكرمني (منه) أي من فضله (برحمة) وعفو.
قال القرطبي: توهموا أنَّه لعظم معرفته بالله تعالى لكثرة عبادته أن ينجيه عمله فأجابهم بقوله: ولا أنا، فسوى بينهم وبينه في ذلك المعنى، قال القاضي: ومعنى يتغمدني يلبسني رحمته، من أغمدت السيف إذا ألبسته غمده، ويقال: غمدت وأغمدت بمعنى واحد، وأحاديث الباب نص في أنَّه لا يدخل الجنَّة أحد بعمله، ويعارض هذا قوله تعالى:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} والجواب أن الأحاديث فسرت ما أجملته الآية أي ادخلوها بأعمالكم رحمة من الله سبحانه وتعالى لا استحقاقًا عليه، قال النووي: معنى الآية دخول الجنَّة بالعمل لكن هدايته له وقبوله إنَّما هو بفضل الله سبحانه فصح أنَّه لن يدخل الجنَّة بمجرد العمل. [قلت]: القائلون بأن دخول الجنَّة إنَّما هو بنعمة الله تعالى لا يثبتون أثر الأعمال بل يجعلون أثرها إنَّما هو في رفع الدرجات اه من الأبي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6943 -
(00)(00)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدّثنا أبو عباد يَحْيَى بن عباد) الضبعي البصري، نزيل بغداد، روى عن إبراهيم بن سعد آخر الكتاب باب لن ينجي أحدًا عمله، وعن الحمادين ومالك وغيرهم، ويروي عنه (خ م ت س) ومحمد بن حاتم وأحمد بن حنبل، قال أبو حاتم: ليس به بأس، وقال الدارقطني:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ" قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا. إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنيَ الله مِنْهُ بِفَضْلِ وَرَحْمَةٍ".
6944 -
(00)(00) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَارِبُوا وَسدِّدُوا. وَاعْلَمُوا أنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَد مِنْكُمْ
ــ
يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخطيب: أحاديثه مستقيمة لا نعلمه روى منكرًا، وقال في التقريب: صدوق، من التاسعة، مات سنة (198) ثمان وتسعين ومائة، وقال الساجي: ضعيف (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريّ المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابًا (حدّثنا ابن شهاب عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف) اسمه سعد بن عبيد الزُّهريّ مولاهم المدني، ثقة، من (2) مات سنة (98) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي عبيد لأبي صالح السمان (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يدخل أحدًا منكم عمله الجنَّة قالوا ولا أنت) يدخلك الجنَّة (يا رسول الله قال: ولا أنا) يدخلني (إلَّا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا فقال:
6944 -
(00)(00)(حدّثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير حدّثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدّثنا الأعمش عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأعمش لسهيل بن أبي صالح (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا) الأكمل في الأعمال إن عجزتم عن الإتيان به وهو المسمى عند الفقهاء بأدنى الكمال، وقال الحافظ: أي لا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا فتفرطوا (وسددوا) أي وافعلوا السداد من الأعمال وهو الصواب وهو ما توفرت شروطه واستكملت أركانه وآدابه لأنَّ غير السداد لا يقبل (واعلموا) أيها المؤمنون (أنَّه) أي أن الشأن والحال (لن ينجو أحد منكم
بِعَمَلِهِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَلَا أَنتَ؟ قَالَ: "وَلَا أَنا. إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ الله بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ".
6945 -
(2787)(147) وحدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ.
6946 -
(00)(00) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ. بِالإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا. كَرِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ
ــ
بعمله قالوا: يا رسول الله ولا أنت قال: ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في الشاهد فقال:
6945 -
(2787)(147)(وحدثنا ابن نمير حدّثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدّثنا الأعمش عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكيِّ ثم الواسطيِّ، صدوق، من (4) روى عنه في (5) أبواب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي سفيان لأبي صالح، ولكنها متابعة ناقصة، وساق أبو سفيان (مثله) أي مثل حديث أبي صالح عن أبي هريرة.
وحديث جابر هذا مما انفرد به المؤلف من أصحاب الأمهات ولكنه شاركه أحمد [3/ 394].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثي أبي هريرة وجابر كليهما فقال:
6946 -
(00)(00)(حدّثنا إسحاق بن إبراهيم حدّثنا جرير) بن عبد الحميد (عن الأعمش بالإسنادين) للأعمش (جميعًا) أي كليهما يعني سند الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وسنده عن أبي سفيان عن جابر، غرضه بيان متابعة جرير لعبد الله بن نمير في الرِّواية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وفي الرِّواية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، وساق جرير بالإسنادين (كرواية) أي مثل رواية عبد الله (بن نمير) عن الأعمش.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في خصوص حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6947 -
(00)(00) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ. وَزَادَ:"وَأَبْشِرُوا".
6948 -
(00)(00) حدّثني سَلَمَة بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِى صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ. وَلَا يُجِيرُهُ مِنَ النَّارِ. وَلَا أَنا. إِلَّا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللهِ"
ــ
6947 -
(00)(00)(حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) كلاهما (قالا: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي معاوية لعبد الله بن نمير (عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وساق أبو معاوية (بمثله) أي بمثل حديث عبد الله بن نمير عن أبي صالح (و) لكن (زاد) أبو معاوية لفظة (وأبشروا) بالجنة بعد قوله:(قاربوا وسددوا).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في خصوص حديث جابر رضي الله عنه فقال:
6948 -
(00)(00)(حدثني سلمة بن شبيب) المسمعي النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (5) أبواب (حدّثنا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) الأموي مولاهم مولى بني مروان أبو علي الحراني، صدوق، من (9) روى عنه في (7) أبواب (حدّثنا معقل) بن عبيد الله الجزري العبسي بموحدة مولاهم الحراني، صدوق، من (8) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي الزُّبير) المكيِّ (عن جابر) بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي الزُّبير لأبي سفيان (قال) جابر:(سمعت النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل أحدًا منكم عمله الجنَّة ولا يجيره) أي ولا يأمنه (من) دخول (النَّار) أعاذنا الله تعالى منها (ولا أنا) يدخلني عملي الجنَّة (إلَّا برحمة من الله) تعالى.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
6949 -
(2788)(148) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْس وَسَلَّمَ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا. وَأَبْشِرُوا. فَإنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ" قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "وَلَا أَنا. إِلَّا أَنْ يَتَغمَّدَنِيَ الله مِنْهُ بِرَحْمَةٍ. وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى الله أَدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ"
ــ
6949 -
(2788)(148)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد العزيز بن محمَّد) بن عبيد الدراوردي الجهني مولاهم المدني، صدوق، من (8) روى عنه في (9) أبواب (أخبرنا موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (ح وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين، صدوق، من (10)(واللفظ له حدّثنا بهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9)(حدّثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (14) بابًا (حدّثنا موسى بن عقبة سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزُّهريّ المدني، ثقة، من (3)(يحدث عن عائشة زوج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وهذان السندان الأوَّل منهما من خماسياته، والثَّاني من سداسياته (إنَّها كانت تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سددوا وقاربوا وأبشروا فإنَّه لن يدخل الجنَّة أحدًا عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا أن أحب العمل إلى الله) أي عند الله (أدومه وإن قل) أي العمل الذي واظب عليه صاحبه وإن قل لا شمول الأزمنة به وهو غير مقدور والله أعلم اه دهني. وفي قوله: (أحب العمل أدومه) إشارة إلى أفضلية القصد والتوسط في الأعمال لأنَّ من القصد دوام العمل فيكثر الثواب، ومع الإفراط يقع الملل فيقطع الثواب، وفي الآخر إن الله لا يمل حتَّى تملوا اه أبي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في الإيمان باب أحب الدين إلى الله أدومه [43]، وفي الرقاق باب القصد والمداومة على العمل [6464] وفي غير ذلك، وأبو داود في قيام الليل باب الاختلاف على عائشة في إحياء الليل [1642].
6950 -
(00)(00) وحدّثناه حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْ كُرْ:"وَأبْشِرُوا".
6951 -
(2789)(149) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى حَتّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ. فَقِيلَ لَهُ:
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:
6950 -
(00)(00)(وحدثناه حسن) بن علي بن محمَّد بن علي الهذلي الخلال (الحلواني) أبو علي البصري، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزُّهريّ المدني، ثقة، من (9) روى عنه في (5)(حدّثنا عبد العزيز بن المطلب) بن عبد الله بن حنطب المخزومي المدني، صدوق، من (7) روى عنه في (4) أبواب (عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش (بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن عائشة، غرضه بيان متابعة عبد العزيز بن المطلب لعبد العزيز بن محمَّد ووهيب بن خالد (و) لكن (لم يذكر) ابن المطلب لفظة (وأبشروا).
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثَّاني من الترجمة وهو إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:
6951 -
(2789)(149)(حدّثنا قتيبة بن سعيد حدّثنا أبو عوانة) الوضّاح بن عبد الله اليشكري الواسطيِّ، ثقة، من (7)(عن زياد بن علاقة) بكسر العين الثعلبي الكوفيِّ، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن المغيرة بن شعبة) بن أبي عامر بن مسعود الثَّقفيُّ الكوفيِّ الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى) في الليل وأكثر من قيامه (حتَّى انتفخت) وتورمت (قدماه) الشريفتان، وفي الرّواية الآتية "حتَّى ورمت قدماه" وفي رواية مسعر عند البُخاريّ "حتَّى ترم قدماه أو ساقاه" وفي حديث عائشة الآتي:"حتَّى تفطر رجلاه" أي تشققت ولا اختلاف بين هذه الرِّوايات فإنَّه إذا حصل الورم والانتفاخ حصل التشقق (فقيل له) صلى الله عليه وسلم ولم يذكر اسم القائل هنا ويظهر من حديث عائشة الآتي أنَّها هي القائلة،
أَتَكَلَّفُ هَذَا؟ وَقَدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنبِكَ وَمَا تَأخَّرَ. فَقَالَ: "أَفَلَا أكُونُ عَبدًا شَكُورًا"
ــ
ولفظها "أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"(أتكلف هذا) أي أتتكلف بحذف إحدى التاءين لأنَّ مضارع تكلف الخماسي أي هل تكلف نفسك بهذا القيام الكثير الذي أدى إلى ورم قدميك (وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال) صلى الله عليه وسلم: (1) أترك تهجدي (فلا أكون عبدًا شكورًا) لربه، فالهمزة للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف، والفاء سببية عاطفة ما بعدها على ذلك المحذوف، والفعل منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام أي هل يكون ترك تهجدي فعدم شكري لربي: لا: أي أفلا أكون عبدًا شكورًا على ما أنعم الله عليَّ من هذا الفضل العظيم الذي خصصت به، كذا في العيني. وقال ابن بطال: في هذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وإن أضر ذلك ببدنه لأنَّه صلى الله عليه وسلم إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له فكيف بمن لم يعلم بذلك فضلًا عمن لم يأمن أنَّه استحق النَّار اه، قال الحافظ في الفتح [3/ 15] ومحل ذلك ما إذا لم يفض ذلك إلى الملال لأنَّ حال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كانت أكمل الأحوال فكان لا يمل عن عبادة ربه وإن أضر ذلك ببدنه بل صح أنَّه قال:"وجعلت قوة عيني في الصَّلاة" كما أخرجه النَّسائيّ من حديث أنس، فأمَّا غيره صلى الله عليه وسلم فإذا خشي الملل لا ينبغي له أن يكره نفسه وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم:"خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتَّى تملوا" وفي الحديث مشروعية الصَّلاة للشكر، وفيه أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان كما قال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} اه، قال القرطبي: ظن من سأله عن سبب تحمله المشقة في العبادة أنَّه إنَّما يعبد الله خوفًا من الذنوب وطلبًا للمغفرة والرحمة فمن تحقق أنَّه غفر له لا يحتاج إلى ذلك فأفادهم أن هناك طريقًا آخر للعبادة وهو الشكر على المغفرة وإيصال النعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئًا فيتعين كثرة الشكر على ذلك اه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في مواضع منها في تفسير سورة الفتح باب قوله: ({لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ
…
) [4836]، والترمذي في الصَّلاة باب ما جاء في الاجتهاد في الصَّلاة [412]، والنَّسائيُّ في قيام الليل باب الاختلاف على عائشة في
6952 -
(00)(00) حدّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيادِ بْنِ عِلاقَةَ. سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتّى وَرِمَتْ قَدَمَاهُ. قَالُوا: قَد غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَرَ. قَالَ: "أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شكُورًا".
6953 -
(2790)(150) حدّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدِ الأيلِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا ابنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ
ــ
إحياء الليل [1644]، وابن ماجة في الإقامة باب ما جاء في طول القيام في الصَّلاة [1417].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:
6952 -
(00)(00)(حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمَّد بن عبد الله (بن نمير قالا: حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن زياد بن علاقة) الثعلبي الكوفيِّ (سمع المغيرة بن شعبة يقول) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لأبي عوانة (قام النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل (حتَّى ورمت قدماه قالوا) له:(قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) فلم تحملت هذه المشقة (قال) رضي الله عنه في جواب سؤالهما (أفلا أكون عبدًا شكورًا).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث المغيرة بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
6953 -
(2790)(150)(حدّثنا هارون بن معروف) المروزي أبو علي الضَّرير البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (وهارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (قالا: حدّثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني أبو صخر) حميد بن زياد الخراط المدني، صدوق، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن) يزيد بن عبد الله (بن قسيط) مصغرًا الليثي المدني الأعرج، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن عروة بن الزُّبير عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا
قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، إِذَا صَلَّى، قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ الله، أَتَصنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ، أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شكورًا".
6954 -
(2791)(151) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِبةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ عَبْدِ الله نَنْتَظِرُهُ
ــ
السند من سداسياته (قالت) عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صَلَّى) في الليل (قام) أي استمر في القيام (حتَّى تفطر) أصله تتفطر بحذف إحدى التاءين أي حتَّى تتشقق وتورم (رجلاه) أي قدماه الشريفتان (قالت عائشة) قلت له: (يا رسول الله أتصنع هذا) التعب في الصَّلاة (وقد غفر لك) من الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال لي: (يا عائشة أفلا أكون عبدًا شكورًا).
قوله: (عبدًا شكورًا) قال القاضي عياض: الشكر معرفة إحسان المحسن والتحدث به، وسميت المجازاة على فعل الجميل شكرًا لأنها تتضمن الثّناء عليه، وشكر العبد لله سبحانه وتعالى اعترافه بنعمه وثناؤه عليه وتمام مواظبته على طاعته، وأمَّا شكر الله تعالى أفعال عباده فقبولها ومجازاته إياهم عليها وتضعيف ثوابها وثناؤه بما أنعم به عليهم فهو المعطي والمثني سبحانه، والشكور من أسمائه سبحانه وتعالى بهذا المعنى اه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في تفسير سورة الفتح باب قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [4837].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو الاقتصاد في الموعظة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:
6954 -
(2791)(151)(حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا وكيع وأبو معاوية ح وحدثنا) محمَّد (بن نمير واللفظ له حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفيِّ، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (10) أبواب (قال) شقيق:(كنا) معاشر التّابعين (جلوسًا عند باب عبد الله) بن مسعود الهذلي أي عند باب داره بالكوفة، حالة كوننا (تنتظره) أي ننتظر خروجه علينا. وهذان السندان من خماسياته
فَمَرَّ بِنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوَيةَ النَّخَعِيُّ. فَقُلْنَا: أَعْلِمْهُ بِمَكَانِنَا. فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ. فَقَالَ: إِنِّي أُخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ. فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ. إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأيَّامِ. مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا
ــ
(فمر بنا) ونحن جلوس (يزيد بن معاوية النَّخعيُّ) الكوفيِّ، ثقة عابد، ذكر العجلي أنَّه من طبقة الرَّبيع بن خثيم يعني من الطبقة الثَّانية، وذكر البُخاريّ في تاريخه أنَّه قتل بفارس غازيًا كأنه قتل في خلافة عثمان وليس له في الصحيحين ذكر إلَّا في هذا الموضع أن فتح الباري [11/ 228] قال شقيق:(فقلنا) له: (أعلمه) أي أعلم ابن مسعود وأخبره (بمكاننا) أي بكوننا جلوسًا عند بابه (فدخل عليه) أي فدخل يزيد على ابن مسعود (فلم يلبث) ويتأخر (أن خرج علينا عبد الله) أي خروج عبد الله علينا بعدما أخبره يزيد بن معاوية (فقال) عبد الله عقب ما خرج إلينا (إنِّي أخبر) بالبناء للمجهول (بمكانكم) عند الباب، أي أخبرت بكونكم عند الباب (فما يمنعني أن أخرج إليكم) بسرعة (إلَّا كراهية أن أملكم) أي أوقعكم في الملل والسآمة من الموعظة. قوله:(فأعلمه بمكاننا) أي أخبره بأننا ننتظره عند الباب، وفي رواية للبخاري في الدعوات عن شقيق "جاء يزيد بن معاوية قلت: ألا تجلس؟ قال: لا، ولكن أدخل فأخرج إليكم صاحبكم وإلا جئت أنا فجلست معكم فخرج عبد الله وهو آخذ بيده" قوله:(إنِّي أُخبر بمكانكم) بضم الهمزة في أخبر وفتح الباء على البناء للمجهول؛ وسيأتي في رواية منصور أنَّه قال هذا الكلام جوابًا لقول بعضهم إنا نحب حديثك ونشتهيه ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم، فقال:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا) أي يتعاهدنا ويراعينا (بالموعظة في) بعض (الأيَّام مخافة السآمة) والملل (علينا) والسآمة كالملالة وزنًا ومعنى، قوله:(يتخولنا) التخول التعهد وخال المال وخال على الشيء خولًا إذا تعهد ويقال خال المال يخوله خولًا إذا ساسه وأحسن القيام عليه، والخائل المتعاهد للشيء المصلح له وخوله الله الشيء أي ملكه إياه وهذه هي الرّواية الصحيحة في هذا الحديث بالخاء المعجمة واللام، وذكر أبو عمرو الشيباني أن الصواب يتحولهم بالحاء المهملة أي يطلب أحوالهم التي ينشطون فيها للموعظة فيعظهم وكان الأصمعي يرويه يتخونهم بالخاء المعجمة والنون وهو بمعنى التعهد أيضًا، ولكن رواية أكثر المحدثين بالخاء واللام اه عمدة القارئ [2/ 45] قال
6955 -
(00)(00) حدّثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا ابنُ إِدْرِيسَ. ح وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِى بْنُ خَشْرَمِ. قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنَا ابنُ أبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنِ الأعمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وَزَادَ مِنْجَابٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ مُسْهِرٍ: قَالَ الأَعمَشُ:
ــ
الحافظ في الفتح [1/ 163] ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجهد في العمل الصالح خشية الملال وإن كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسمين إمَّا كل يوم مع عدم التكلف وإما يومًا بعد يوم فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليقبل على الثَّاني بنشاط وإما يومًا في الجمعة ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص اه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ منها في العلم [68 و 70] وفي الدعوات باب الموعظة ساعة بعد ساعة [6411] والترمذي في الأدب باب ما جاء في الفصاحة والبيان [2855].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
6955 -
(00)(00)(حدّثنا أبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفيِّ (حدّثنا) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفيِّ، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابًا (ح وحدثنا منجاب بن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي) الكوفيِّ، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدّثنا) علي (بن مسهر) القرشي الكوفيِّ، ثقة، من (8) روى عنه في (15) بابًا (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعلي بن خشرم) بن عبد الرحمن المروزي، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (قالا) أي قال إسحاق وعلي بن خشرم (أخبرنا عيسى بن يونس) بن إسحاق السبيعي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابًا (ح وحدثنا) محمَّد بن يَحْيَى (بن أبي عمر) العدني المكيِّ (حدّثنا سفيان) بن عيينة (كلهم) أي كل من ابن إدريس وابن مسهر وعيسى بن يونس وسفيان بن عيينة رووا (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن شقيق عن ابن مسعود (نحوه) أي نحو ما حدث أبو معاوية عن الأعمش، وإنما أفرد الضمير لأنَّ لفظ الحديث لابن نمير الذي روى عن أبي معاوية فقط، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الأربعة لأبي معاوية (وزاد منجاب في روايته عن ابن مسهر) لفظة (قال الأعمش) حدثني هذا الحديث
وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهُ.
6956 -
(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقيقٍ، أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الله يُذَكِّرُنَا كُل يَوْم خَمِيسٍ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنا نُحِبُّ حَدِيثَكَ وَنَشْتَهِيهِ. وَلَوَدِدْنَا أَنَّكَ حَدَّثْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. فَقَالَ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَن أُمِلَّكُمْ. إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ. كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا
ــ
شقيق عن عبد الله (وحدثني) أيضًا (عمرو بن مرَّة) بن عبد الله بن طارق الهمداني المرادي الأعمى الكوفيِّ، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابًا (عن شقيق) بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود (مثله) أي مثل ما حدثني شقيق أولًا بلا واسطة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
6956 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير) بن عبد الحميد (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفيِّ (ح وحدثنا) محمَّد بن يَحْيَى (بن أبي عمر) العدني (واللفظ له حدّثنا فضيل بن عياض) بن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي الخراساني المكيِّ، ثقة، من (8) (عن منصور عن شقيق أبي وائل قال: كان عبد الله يذكرنا كل يوم خميس) وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة منصور للأعمش (فقال له) أي لعبد الله (رجل) من الحاضرين، لم أر من ذكر اسمه (يا أبا عبد الرحمن) كنية ابن مسعود (إنا نحب حديثك ونشتهيه و) الله (لوددنا) أي لأحببنا (أنك حدثتنا كل يوم فقال ما يمنعني أن أحدثكم إلَّا كراهية أن أملكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا) أي يتعاهدنا (بالموعظة في) بعض (الأيَّام كراهية السآمة) أي مخافة الملالة منها (علينا) والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث خمسة: الأوَّل: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأوَّل من الترجمة وذكر فيه ست متابعات،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثَّاني: حديث جابر ذكره للاستشهاد مع المتابعة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثالث: حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث المغيرة بن شعبة ذكره للاستدلال به على الجزء الثَّاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والخامس: حديث ابن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعتين.
* * *