المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌742 - (7) باب الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنب بالاستغفار توبة وفضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌736 - (1) باب الحث على ذكر الله تعالى، وبيان عدد أسمائه، والأمر بالعزم في الدعاء، وكراهة تمني الموت، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

- ‌737 - (2) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، وكراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا، وفضل مجالس الذكر وكثر ما يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل التهليل والتسبيح

- ‌739 - (4) باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، والتعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل

- ‌740 - (5) باب التسبيح أول النهار وعند النوم وعند صياح الديك وعند الكرب وفضل سبحان الله وبحمده والدعاء للمسلم بظهر الغيب وحمد الله بعد الأكل والشرب واستجابة الدعاء ما لم يعجل

- ‌ كتَاب الرقاق والتوبة

- ‌741 - (6) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النَّار النساء وبيان الفتنة بالنساء وذكر قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح العمل

- ‌742 - (7) باب الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنب بالاستغفار توبة وفضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة

- ‌743 - (8) باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه وقبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌744 - (9) باب غيرة الله تعالى وقوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وقبول توبة القاتل وإن كثر قتله وفداء المسلم بالكافر من النَّار ومناجاة الله مع المؤمن يوم القيامة

- ‌745 - (10) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌[تتمة]:

- ‌ 747 - (13) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌ كتاب في أبواب مختلفة

- ‌748 - (13) باب عجائب يوم القيامة

- ‌749 - (14) باب بدء الخلق وخلق آدم والبعث والنشور ونُزُل أهل الجنة وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو تابعني عشرة من اليهود

- ‌750 - (15) باب الدخان وانشقاق القمر وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا أحد أصبر من الله" وطلب الكافر الفداء وحشر الكافر على وجهه

- ‌751 - (16) باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار .. إلخ وجزاء المؤمن بحسناته .. إلخ ومثل المؤمن كالزرع .. إلخ، ومثل المؤمن كالنخلة وتحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وذكر أن مع كل أحد من الناس قرين جن

- ‌752 - (17) باب لن يدخل الجنة أحد بعمله، وإكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، واستحباب الاقتصاد في الموعظة

- ‌ كتاب ذكر الموت وما بعده من الجنَّة والنَّار وغيرهما

- ‌753 - (18) باب حفت الجنَّة بالمكاره والنَّار بالشهوات، وفي الجنَّة ما لا عين رأت .. إلخ، وفي الجنَّة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام، والرضوان على أهل الجنَّة وترائي أهل الجنَّة أهل الغرف فوقهم

- ‌754 - (19) باب مودة رؤية النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ببذل ماله وأهله، وذكر سوق الجنَّة، وأول زمرة تدخل الجنَّة على صورة القمر، ودوام نعيم أهل الجنَّة، وصفة خيام الجنَّة، وما في الدُّنيا من أنهار الجنَّة

- ‌755 - (20) باب في ذكر أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير وكون أهل الجنَّة على صورة آدم، وفي ذكر شدة حر جهنم وبعد قعرها وما تأخذه من المعذبين وأنها مسكن الجبارين والجنة مسكن الضعفاء والمساكين وذبح الموت

- ‌756 - (21) باب غلظ جلد الكافر، وعظم ضرسه، وعلامات أهل الجنَّة والنَّار، ورؤيته صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي في النَّار، وصنفين من أهل النَّار، وذكر فناء الدُّنيا والحشر يوم القيامة

الفصل: ‌742 - (7) باب الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنب بالاستغفار توبة وفضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة

‌742 - (7) باب الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنب بالاستغفار توبة وفضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة

6780 -

(2721)(71) حدثني سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ. حَدَّثَنِي زيدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ: "قَالَ اللهُ عز وجل: أَنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي

ــ

742 -

(7) باب الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنب بالاستغفار توبة وفضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة

فالتوبة لغة الرجوع يقال: تاب وثاب وآب بمعنى لما فيها من الرجوع إلى الطاعة بعد المعصية وإلى الامتثال بعد المخالفة وإلى القبول بعد الإباء، وشرعًا ترك الذنب لقبحه والندم على ما فُرط منه والعزم على ترك المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتداركه من الأعمال بالأعمال بالإعادة ورد الظلامات لذويها أو تحصيل البراءة منهم، وزاد عبد الله بن المبارك وأن يعمد إلى البدن الذي رباه بالسحت فيذيبه بالهم والحزن حتَّى ينشأ لهم لحم طيب وأن يذيق نفسه ألم الطاعة كما أذاقها لذة المعصية اه. والتوبة أهم قواعد الإِسلام وهي أولى مقامات سالكي الآخرة وبها سعادة الأبد اه من القسطلاني.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة وهو الحض على التوبة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6780 -

(2721)(71)(حَدَّثني سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، صدوق، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حَدَّثَنَا حفص بن ميسرة) العقيلي مصغرًا نسبة إلى عقيل بن كعب كما في التهذيب، ثِقَة، من (8) روى عنه في (10) أبواب (حَدَّثني زيد بن أسلم) العدوي مولاهم مولى عمر بن الخطاب المدنِيُّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (13) بابًا (عن أبي صالح) ذكوان السمان المدنِيُّ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أنَّ فيه رواية تابعي عن تابعي (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال) فيما يرويه عن ربه (قال الله عز) أي اتصف بجميع الكمالات (وجل) أي تنزه عن جميع النقائص (أنا عند ظن عبدي) وقد مر تفسير هذا الحديث في أول كتاب الذكر أي أنا عندما ظَنَّ (بي) عبدي إن ظن بي أن أرحمه

ص: 182

وَأَنا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي. وَاللهِ، للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلَاةِ. وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا. وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيهِ بَاعًا. وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي، أَقْبَلْتُ إِلَيهِ أُهَرْوِلُ"

ــ

أرحمه وإن ظن بي أن أعاقبه أعاقبه (وأنا معه حيث يذكرني) ويثني علي ومعنى كون الله مع عبده وعند ظن عبده صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (والله) بالجر بواو القسم أي أقسمت لكم بالله الذي لا إله غيره (لله) بفتح اللام ورفع الجلالة على أنَّه مبتدأ والسلام لام الابتداء أو موطئة للقسم المحالله سبحانه (أفرح) أي أشد فرحًا (بتوبة عبده) إذا تاب من المعصية (من) فرح (أحدكم يجد ضالته) التي ضلت عنه (بالفلاة) أي بالمهلكة التي لا ماء فيه ولا أنيس وعليها زاده وماؤه أي من فرح أحدكم بوجدان ضالته التي ضلها بالمفازة التي لا ماء فيها ولا أنيس وفرح الله تعالى بتوبة عبده صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نمثلها ولا نكيفها أثرها الرضا عنه والإقبال عليه (من تقرب إليّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا ومن تقرب إليّ ذراعًا تقربت إليه باعًا وإذا أقبل إلى يمشي) على هيئته (أقبلت إليه) وأنا (أهرول) أي أسعى من الهرولة وهو الإسراع في المشي وقد مر تفسير هذا كله في أوائل كتاب الذكر أَيضًا.

والشبر ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر أو البنصر أو الوسطى والذراع شبران تقريبًا والمراد بالذراع هنا ذراع اليد لأنه المتبادر إلى الذهن لا ذراع الحديد وهو نصف المتر والباع وكذا البوع بضم الباء والبوع بفتحها كله بمعنى وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره، قال الباجي: وهو مقدار أربعة أذرع وهذا كله في حقنا، والهرولة الإسراع في المشي بالرجل، وأما قربه تعالى إلى عبده ذراعًا أو باعًا وهرولته إليه صفات ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ولا نؤولها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في التوحيد باب ذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه [7537]، والتِّرمذيّ في الدعوات باب حسن الظن بالله تعالى [3598]، وابن ماجه في الآداب باب فضل العمل [3867].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 183

6781 -

(00)(00) حَدَّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ القَعْنَبِيُّ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يعني ابْنَ عَبدِ الرَّحْمنِ الحِزَامِيَّ)، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ، من أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ، إِذَا وَجَدَهَا".

6782 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّد بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. بِمَعْنَاهُ

ــ

6781 -

(00)(00)(حدثني عبد الله بن مسلمة بن قعنب) التَّمِيمِيّ الحارثيّ (القعنبي) البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حَدَّثَنَا المغيرة يعني ابن عبد الرَّحْمَن) بن عبد الله بن خالد بن حزام القُرشيّ الأسدي (الحزامي) نسبة إلى جده المذكور، ثِقَة، من (7) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي الزِّناد) عبد الله بن ذكوان الأُموي مولاهم أبي عبد الرَّحْمَن المدنِيُّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن الأعرج) عبد الرَّحْمَن بن هرمز الهاشمي مولاهم أبي داود المدنِيُّ القارئ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأعرج لأبي صالح (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله) بلام الابتداء (أشد فرحًا بتوبة أحدكم من) فرح (أحدكم بـ) وجدان (ضالته) التي ضلت منه في فلاة (إذا وجدها) والظرف متعلق بالفرح المقدر أي من فرح أحدكم وقت وجدان ضالته.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثانيًا فقال:

6782 -

(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري النَّيْسَابُورِيّ، ثِقَة، من (11) روى عنه في (11) بابًا (حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) بن همام الحميري الصَّنْعانِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (حَدَّثَنَا معمر) بن راشد الأَزدِيّ البَصْرِيّ (عن همام بن منبه) بن كامل بن سيج اليماني الصَّنْعانِيّ، ثِقَة، من (4)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غرضه بيان متابعة همام لأبي صالح، وساق همام (بمعناه) أي بمعنى حديث أبي صالح.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث ابن مسعود رضي الله عنهما فقال:

ص: 184

6783 -

(2722)(72) حدّثنا عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ - (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ: حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَلهُ أشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبدِهِ الْمُؤْمِنِ، من رَجُلٍ في أَرْضِ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ

ــ

6783 -

(2722)(72)(حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (واللفظ لعثمان قال إسحاق: أخبرنا وقال عثمان: حَدَّثَنَا جرير) بن عبد الحميد الضَّبِّيّ الكُوفيّ (عن الأَعمش) سليمان بن مهران (عن عمارة بن عمير) التَّيْميّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن الحارث بن سويد) التَّيْميّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (2) روى عنه في (4) أبواب (قال) الحارث:(دخلت على عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه حالة كوني (أعوده) من مرضه (وهو) أي والحال أن عبد الله (مريض فحدثنا) عبد الله (بحديثين) وقوله: (حديثًا) بالنصب بدل من محل الجار والمجرور قبله بدل بعض من كل أي حَدَّثَنَا حديثًا واحدًا (عن نفسه) أي من عند نفسه لم يسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (و) حدثنا (حديثًا) آخر (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، ولم يذكر مسلم حديث عبد الله عن نفسه وذكره البُخَارِيّ والتِّرمذيّ وهو قوله رضي الله عنه: (المؤمن يرى ذنوبه) كأنها جبل عظيم فوقه ويرى نفسه (كأنه قاعد تحت جبل) عظيم (يخاف أن يقع) ذلك الجبل ويسقط (عليه) لخوف عقوبتها (وإن الكافر يرى ذنوبه) أي يحسبها (كذباب) أي مثل ذباب (مر على أنفه فقال به) أي فدفع بذلك الذباب بكفه (هكذا) أي مارًا بكفه على أنفه.

وأما الحديث الذي حدّثه عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقد ذكره مسلم رحمه الله تعالى بقوله: (قال) عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لله) بفتح اللام ورفع الجلالة لأن اللام حرف ابتداء أُتي به لتأكيد الكلام أي لله سبحانه (أشد فرحًا) وسرورًا (بتوبة عبده المؤمن) من ذنوبه (من) فرح (رجل) كان (في أرض دوِّية) أي في أرض صحراء (مَهْلكة) أي ذات هلاك لمن فيها لفقد الماء والأنيس فيها فيخاف فيها الموت بالعطش وبأكل السباع (والدوِّية) بفتح الدال

ص: 185

مَعَهُ رَاحِلَتُهُ. عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ. فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ. فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ. ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إلى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ. فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى ساعِدِهِ لِيَمُوتَ. فَاسْتَيقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ. فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ".

6784 -

(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ

ــ

وتشديد الواو والياء جميعًا مع كسر الواو وفتح الياء وهي الأرض القفر والفلاة الخالية عن الأنيس نسبة إلى الدوِّ بفتح الدال وتشديد الواو وهي البرية التي لا نبات ولا ماء فيها وسيأتي في رواية أبي بكر بن أبي شيبة (داوية) بالألف بعد الدال وتخفيف الواو وتشديد الياء وهي لغة في الدوِّية على إبدال إحدى الواوين ألفًا كما قيل في النسبة إلى طيء طائي، وأما المهلكة بفتح اللام وكسرها فهي اسم لمكان يخاف فيه الهلاك (معه) أي مع ذلك الرَّجل (راحلته) أي دابته وناقته (عليها) أي على تلك الراحلة (طعامه وشرابه فنام) نوم القيلولة (فاستيقظ) من نومه (وقد ذهبت) وشردت من عنده الراحلة (فطلبها) طلبًا شديدًا (حتَّى أدركه) وأخذه (العطش) في طلبها (ثم قال) لنفسه:(أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه) حين ذهبت الراحلة (فأنام) فيه (حتَّى أموت) فرجع إلى ذلك المكان (فوضع رأسه على ساعده) وهو ما بين المرفق والكوع من اليد واضعًا ساعده على الأرض كالمخدة (ليموت) في ذلك المكان لشدة همه (فاستيقظ) أي انتبه من نومه (وعنده راحلته) قائمة (وعليها زاده وطعامه وشرابه) وهما معطوفان على الزاد من عطف الخاص على العام (فالله) عز وجل (أشد فرحًا بتوبة العبد المؤمن من) فرح (هذا) الرَّجل (براحلته وزاده) وفرح الله سبحانه كما مر آنفًا صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ولا نؤولها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في الدعوات باب التوبة [6308] والتِّرمذيّ في صفة القيامة باب المؤمن يرى ذنبه كالجبل [2499 و 2500].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6784 -

(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا يحيى بن آم) بن سليمان الأُموي مولاهم الكُوفيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (عن قطبة بن

ص: 186

عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ:"مِنْ رَجُلٍ بِدَاوِيَّةٍ مِنَ الأَرْضِ ".

6785 -

(00)(00) وحدثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ. قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ حَدِيثَينِ: أَحَدُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ. فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَلّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ". بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.

6786 -

(2723)(73) حدّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي

ــ

عبد العزيز) بن سياه بكسر السين المهملة بعدها تحتانية مخففة وبهاء في آخره منونة وغير منونة الأسدي الكُوفيّ، صدوق، من (8) روى عنه في (2) بابين (عن الأَعمش بهذا الإسناد) يعني عن عمارة عن الحارث عن عبد الله، غرضه بيان متابعة قطبة لجرير بن عبد الحميد (و) لكن (قال) قطبة في روايته لفظة (من رجل بداوية من الأرض) والمعنى واحد كما مر.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:

6785 -

(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التَّمِيمِيّ المروزي، ثِقَة، من (11) روى عنه في (17) بابًا (حَدَّثَنَا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكُوفيّ، ثِقَة، من (9) (حَدَّثَنَا الأَعمش حَدَّثَنَا عمارة بن عمير قال: سمعت الحارث بن سويد قال: حَدَّثني عبد الله) رضي الله عنه (حديثين) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي أسامة لجرير بن عبد الحميد (أحدهما) أي أحد الحديثين حديثه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر) حديث (عن نفسه) أي عن رأيه (فقال) عبد الله في أحد الحديثين:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن) ثم ساق أبو أسامة أي ذكر (بمثل حديث جرير) بن عبد الحميد. ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث النُّعمان بن بشير رضي الله عنهما فقال:

6786 -

(2723)(73)(حَدَّثَنَا عبيد الله بن معاذ العنبري) البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا أبي)

ص: 187

حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ، عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: خَطَبَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فَقَالَ: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ حَمَلَ زَادَهُ وَمَزَادَهُ َعَلَى بَعِيرٍ. ثُمَّ سَارَ حَتَّى كَانَ بفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ. فَنَزَلَ فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَةٍ. فَغَلَبَتْهُ عَينُهُ. وَانْسَلَّ بَعِيرُهُ. فَاسْتَيقَظَ فَسَعَى شَرَفًا فَلَمْ يَرَ شَيئًا، ثُمَّ سَعَى شَرَفًا ثانِيًا فَلَمْ يَرَ شَيئًا. ثُمَّ سَعَى شَرَفًا ثالِثًا فَلَمْ يَرَ شَيئًا. فَأقْبَلَ حَتَّى أَتَى مَكَانَهُ الَّذِي قَالَ فِيهِ. فَبَينَمَا هُوَ قَاعِدٌ إِذْ جَاءَهُ بَعِيرُهُ يَمْشِي

ــ

معاذ بن معاذ (حَدَّثَنَا أبو يونس) حاتم بن أبي صغيرة مسلم القشيري الباهليّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن سماك) بن حرب بن أوس الذُّهليّ الكُوفيّ، صدوق، من (4) روى عنه في (14) بابًا (قال) سماك:(خطب النُّعمان بن بشير) الأَنْصَارِيّ الخزرجي المدنِيُّ رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته؛ أي وعظ النَّاس (فقال) في خطبته: (لله أشد فرحًا بتوبة عبده من) فرح (رجل حمل زاده) أي طعامه وشرابه (ومزاده) أي قربته العظيمة سميت بذلك لأنه يزاد فيها من جلد آخر (على بعير ثم سار حتَّى) إذا (كان بفلاة) أي بمفازة (من الأرض فأدركتُه) الفاء زائدة في جواب إذا المقدرة أي حتَّى إذا كان في أرض صحراء أدركته (القائلة) هو مصدر جاء على وزن فاعلة يقال: قال يقيل قائلة وقيلولة إذا نام استراحة في وسط النهار (فنزل) من بعيره (فقال) أي استراح (تحت شجرة فغلبته عينه) فنام (وانسل بعيره) أي ذهب في خفية (فاستيقظ) من نومه (فسعى) أي عدا وأجرى برجله وطلع (شرفًا) أي مكانًا مرتفعًا لينظر منه هل يرى بعيره أم لا؟ (فلم ير شيئًا) أي لا بعيرًا ولا غيره، قال القاضي: يحتمل أنَّه أراد بالشرف هنا الطلق والغلوة كما في الحديث الآخر "فاستنت شرفًا أو شرفين" قال: ويحتمل أن المراد هنا الشرف من الأرض أي المكان المرتفع منها لينظر منه هل يراه؟ قال: وهذا أظهر وأوضح هنا كما قررناه في حلنا (ثم سعى) وعدا وطلع (شرفًا) أي مكانًا مرتفعًا طلوعًا (ثانيًا) أو مكانًا ثانيًا (فلم ير شيئًا) أصلًا أي بعيرًا ولا غيره (ثم سعى) وعدا وطلع (شرفًا) أي مكانًا مرتفعًا طلوعًا (ثالثًا) أو مكانًا ثالثًا (فلم ير شيئًا) أصلًا (فأقبل) أي نزل من الشرف ورجع أي ذهب (حتَّى أتى مكانه الذي قال) واستراح (فيه) أولًا (فبينما هو) أي ذلك الرَّجل (قاعد) أي جالس متحير في شأنه (إذ) فجائية رابطة لجواب بينما (جاءه بعيره) حالة كون البعير (يمشي) على مهله أي فبينا أوقات

ص: 188

حَتَّى وَضَعَ خِطَامَهُ في يَدِهِ. فَلَلَّهُ أشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ، مِنْ هَذَا حِينَ وَجَدَ بَعِيرَهُ عَلَى حَالِهِ".

قَالَ سِمَاكٌ: فَزَعَمَ الشَّعْبِيُّ؛ أَنَّ النُّعْمَانَ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْمَعْهُ.

6787 -

(2724)(74) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ

ــ

قعوده فاجأه مجيء بعيره، حالة كونه يمشي على مهله فدنا البعير منه (حتَّى وضع) وأسقط (خطامه) وزمامه الذي يُقاد به (في يده) أي في يد الرَّجل (فلله) برفع الجلالة على الابتداء كما مر (أشد) أي أكثر (فرحًا بتوبة العبد) المؤمن (من) فرح (هذا) الرَّجل (حين وجد بعيره) حالة كونه (على حاله) أي عليه زاده ومزاده، قال أبو يونس:(قال) لنا (سماك) بن حرب حين روى لنا هذا الحديث (فزعم الشعبي) عامر بن شراحيل (أن النُّعمان) بن بشير (رفع هذا الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال سماك: (وأما أنا فلم أسمعه) أي لم أسمع النُّعمان بن بشير رفع هذا الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بل حدثه موقوفًا عليه كما ذكره سابقًا، وهذا الكلام يدل على أن هذا الحديث موقوف على النُّعمان بن بشير على رواية سماك، ومرفوع على رواية الشعبي ولم يخرجه أحد من الأئمة الستة سوى مسلم رحمه الله تعالى وكان النُّعمان بن بشير رضي الله عنهما سمع هذا الحديث المرفوع فرواه لسماك من غير أن ينسبه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما كان كثير من الصَّحَابَة والتابعين يفعلون ذلك، ورواه للشعبي مرفوعًا والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث البراء بن عازب رضي الله عنهما فقال:

6787 -

(2724)(74)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ النَّيْسَابُورِيّ (وجعفر بن حميد) القُرشيّ أو العبسي بموحدة نسبة إلى عبس بن بعيض بن قيس غيلان أبو محمَّد الكُوفيّ، روى عن عبيد الله بن إياد في التوبة، ويعقوب القمي نسبة إلى قم بتشديد الميم مدينة بين ساوة وأصبهان، ويروي عنه (م) فرد حديث مقرونًا بيحيى بن يحيى وأبو يعلى والحسن بن سفيان، وثقه أبو حاتم وابن حبان، وقال في التقريب: ثِقَة، من العاشرة،

ص: 189

(قَالَ جَعْفَرٌ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا) عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ إِيَادٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ. تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيسَ بِهَا طَعَامٌ، وَلَا شَرَابٌ. وَعَلَيهَا لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ. فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيهِ. ثُمَّ مَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا. فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بهِ؟ " قُلْنَا: شَدِيدًا يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا، وَاللَّهِ، لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا

ــ

مات سنة أربعين ومائتين (240) وله تسعون (90) سنة (قال جعفر: حَدَّثَنَا وقال يحيى: أخبرنا عبيد الله بن إياد بن لقيط) السدوسي أبو السليل الكُوفيّ، صدوق، من (7) روى عنه في بابين (2) الصلاة والتوبة (عن) أَبيه (إياد) بكسر الهمزة ابن لقيط السدوسي الكُوفيّ، ثِقَة، من (4) روى عنه في (2) الصلاة والتوبة (عن البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأَنْصَارِيّ الكُوفيّ رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) البراء:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تقولون) أيها الحاضرون وتظنون (بفرح رجل) أي في شأن فرح رجل (انفلتت) أي ضلت وغابت (منه راحلته) أي دابته (تجر) وتسحب تلك الراحلة (زمامها) أي خطامها أي الحبل الذي يربط على رأسها لتُقاد به على الأرض، وقوله:(بأرض قفر) بتقديم القاف متعلق بانفلتت أي ضلت عنه في أرض قفر أي في صحراء خالية عن الماء والأنيس، وفسر القفر بقوله:(ليس بها) أي ليس في تلك الأرض (طعام ولا شراب وعليها) أي والحال أن عليها أي على تلك الراحلة (له طعام وشراب) له (فطلبها) أي طلب تلك الراحلة طلبًا شديدًا (حتَّى شق) وعسر (عليه) الطلب (ثم) بعد ما تعب في طلبها (مرت) تلك الراحلة (بجذل شجرة) أي بأصل شجرة من الأشجار والجذل بكسر الجيم وفتحها مع سكون الذال فيهما أصل الشجرة القائم الذي ليس عليه فروع ولا أغصان (فتعلق) به (زمامها) فمنعت من المشي وحُبست (فوجدها) أي فوجد الرَّجل تلك الراحلة (متعلقة) أي متعلقًا زمامها (به) أي بجذل الشجرة أي فكيف تقولون في فرحه بتلك الراحلة هل هو شديد أم لا (قلنا) له صلى الله عليه وسلم: نراه يفرح فرحًا (شديدًا يَا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما) أي انتبهوا واسمعوا ما أقول لكم (والله) أي أقسم لكم بالله (لله أشد فرحًا

ص: 190

بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، مِنَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ".

قَالَ جَعْفَرٌ: حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ إِيَادٍ، عَنْ أَبِيهِ.

6788 -

(2725)(75) حدّثنا مُحَمَّد بْنُ الصَّبَّاحِ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ ابْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مالكِ، وَهُوَ عَمُّهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ. وَعَلَيهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ. فَأَيِسَ مِنْهَا

ــ

بتوبة عبده من) فرح ذلك (الرَّجل بـ) وجدان (راحلته، قال جعفر) بن حميد في روايته: (حدثنا عبيد الله بن إياد عن أَبيه) بدل قول يحيى بن يحيى (أخبرنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن إياد) وهذا بيان لمحل المخالفة بين الراويين.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أبي هريرة بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما فقال:

6788 -

(2725)(75)(حَدَّثَنَا محمَّد بن الصباح) الدولابي الرَّازيّ ثم البغدادي، ثِقَة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (وزهير بن حرب قالا: حَدَّثَنَا عمر بن يونس) بن القاسم الحنفي أبو حفص اليماميّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حَدَّثَنَا عكرمة بن عمار) العجلي الحنفي اليماميّ، صدوق، من (5) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأَنْصَارِيّ المدنِيُّ، ثِقَة، من (4) روى عنه في (7) أبواب (حَدَّثَنَا) عمي (أنس بن مالك) الأَنْصَارِيّ البَصْرِيّ رضي الله عنه (وهو) أنس بن مالك (عمه) أي عم لأم له. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحًا بتوبة عبده) المؤمن (حين يتوب) ذلك العبد ويرجع من معصية (إليه) أي إلى طاعته تعالى (من) فرح (أحدكم) الذي (كان) راكبًا (على راحلته بأرض فلاة) بالإضافة وبتنوين أي في أرض مفازة اه مرقاة (فانفلتت) تلك الراحلة وضلت (منه وعليها طعامه وشرابه) فطلبها (فأيس) أي كسل وقنط (منها) أي من

ص: 191

فَأَتى شَجَرَةً. فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا. قَدْ أَيِسَ من رَاحِلَتِهِ. فَبَينَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ. فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا. ثُمَّ قَالَ من شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنا رَبُكَ، أَخطَأَ من شِدَّةِ الْفَرَحِ".

6789 -

(00)(00) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ، قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ".

6790 -

(00)(00) وحدّثنيه أَحْمَدُ الدَّارِميُّ

ــ

وجدانها (فأتى شجرة) ذات ظل (فاضطجع) ورقد (في ظلها) والحال أنَّه (قد أيس) وقنط (من) وجدان (راحلته فبينا هو) أي ذلك الرَّجل كائن (كذلك) أي مضطجع تحت شجرة (إذا هو) أي ذلك الرَّجل راء (بها) أي براحلته من غير طلب ولا تعب، وفي نسخة المشكاة إذ بغير أَلْف اه مرقاة، حالة كونها (قائمة عنده) تحت شجرة (فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح) أي متحيرًا لشدة فرحه بها (اللهم أَنْتَ عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح) من أن يقول:(اللهم أنت ربي وأنا عبدك) إلى ما قاله يعني أخطأ بسبق اللسان عن نهج الصواب، وفيه دليل على أن مثل هذا الخطإ لا مؤاخذة عليه.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

6789 -

(00)(00)(حدثنا هداب بن خالد) بن الأسود بن هدبة القيسي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حَدَّثَنَا همام) بن يحيى بن دينار الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7) روى عنه في (12) بابًا (حَدَّثَنَا قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة قتادة لإسحاق بن عبد الله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لله أشد فرحًا بتوبة عبده من) فرح (أحدكم إذا استيقظ) وانتبه من نومه الدهش والحيرة واطلع (على بعيره) و (قد أضله بأرض فلاة) أي في أرض ذات مهلكة وفقده.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:

6790 -

(00)(00)(وحدثنيه) أي وحدثني هذا الحديث يعني حديث أنس بن مالك (أَحْمد) بن سعيد بن صخر (الدَّارميّ) المروزي، ثِقَة، من (11) روى عنه في (9)

ص: 192

حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثلِهِ.

6791 -

(2726)(76) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ قَيْسٍ، قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ؛ أَنَّهُ قَالَ، حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: كُنْتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

أبواب (حَدَّثَنَا حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة بن هلال الباهليّ أبو حبيب البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حَدَّثَنَا همام) بن يحيى الأَزدِيّ (حَدَّثَنَا قتادة حَدَّثَنَا أنس بن مالك عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حبان بن هلال لهداب بن خالد، وساق حبان (بمثله) أي بمثل حديث هداب بن خالد.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو سقوط الذنوب بالاستغفار توبة بحديث أبي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه فقال:

6791 -

(2726)(76)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد حَدَّثَنَا ليث) بن سعد الفهمي المصري (عن محمَّد بن قيس قاص عمر بن عبد العزيز) أبي أَيُّوب المدنِيُّ، ويقال أبو عثمان، روى عن أبي صرمة في التوبة، والقاص الواعظ لأنه يذكر قصصًا للاعتبار، ويروي عنه (م ت س ق) والليث بن سعد، ثِقَة، من السادسة، وثقه أبو داود (عن أبي صرمة) بكسر أوله وسكون الراء المازنِيّ الأَنْصَارِيّ مالك بن قيس الصحابي رضي الله عنه شهد بدرًا وما بعدها وكان شاعرًا، روى عن أبي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ في التوبة، ويروي عنه (م عم) ومحمَّد بن قيس قاص عمر بن عبد العزيز ومحمَّد بن كعب القرظي وغيرهم (عن أبي أَيُّوب) الأَنْصَارِيّ خالد بن زيد المدنِيُّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أنَّه) أي أن أَبا أَيُّوب (قال حين حضرته الوفاة كنت) أنا (كتمت) وأخفيت (عنكم) أيها المسلمون فيما مضى (شيئًا) أي حديثًا (سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كتمه مخافة أن يجترئ النَّاس على المعاصي ولكن حدّث به عند وفاته لئلا يكون كاتمًا للعلم وربما لم يكن أحد يحفظه غيره فتعين عليه أداؤه، قال القاضي: كتمه خوف أن يتكلوا ويغلبوا الرَّجاء فيتركوا العمل وحدّث به عند وفاته ليزيل عنه حرج كتم العلم مع ما

ص: 193

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ الله خَلْقًا يُذْنِبُونَ، يَغْفِرُ لَهُمْ".

6792 -

(00)(00) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عِيَاضٌ، (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ الْفِهْرِيُّ)، حَدَّثَنِي إِبْرَاهيمُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ،

ــ

فيه لنفسه من الرَّجاء عند الموت وكذا يجب لواعظ النَّاس أن لا يكثر من أحاديث الرَّجاء لئلا ينهمك النَّاس في المعاصي وليكن الغالب عليه التخويف لكن لا على حد أن يقنط النَّاس اه من الأبي، فإنِّي (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أنكم تذنبون) فتستغفرون الله تعالى، لولا حرف امتناع لوجود فيها معنى الشرط وجملة أن في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء والخبر محذوف وجوبًا لقيام جواب لولا مقامه والجواب قوله:(لخلق الله) سبحانه (خلقًا يذنبون) فيستغفرون لذنوبهم فـ (يغفر لهم) وتقدير الكلام لولا ذنبكم فاستغفاركم منه موجود لخلق الله خلقًا يذنبون فيستغفرون لذنوبهم فيغفر لهم باستغفارهم على ما هو الأصل لأن الله تعالى خلق هذا الخلق بما فيه من خير وشر لحكم هو أعلم بها فخلق الذنوب فيه حكمة كما أن خلق الحسنات فيه حكمة ولا ينبغي أن يجترئ به الإنسان على الذنوب لأن الله تعالى حرمها صراحة ولكن لا يقنط من رحمة الله إذا فرط منه شيء منها لأن الاستغفار كفارة له.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث التِّرْمِذِيّ في الدعوات باب [105] حديث [3533].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي أَيُّوب رضي الله عنه فقال:

6792 -

(00)(00)(حدثنا هارون بن سعيد) بن الهيثم التَّمِيمِيّ (الأيلي) السعدي نزيل مصر، ثِقَة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حَدَّثَنَا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القُرشيّ المصري، ثِقَة، من (9)(حَدَّثني عياض وهو ابن عبد الله) بن عبد الرَّحْمَن (الفهري) المدنِيُّ ثم المصري، فيه لين، من (7) روى عنه في (4) أبواب (حَدَّثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة) بن مالك الأَنْصَارِيّ الزُّرَقيّ المدنِيُّ، ابن بنت كعب بن مالك، روى عن محمَّد بن كعب القرظي في باب التوبة، ويروي عنه (م) وعياض بن عبد الله الفهري وابن جريج وابن أبي ذئب وعدة، وثقه أبو زرعة، وله في مسلم حديث واحد عن

ص: 194

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ:"لَوْ أنَّكُمْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ ذُنُوبٌ، يَغْفِرُهَا الله لَكُمْ، لَجَاءَ الله بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ، يَغفِرُهَا لَهُمْ".

6793 -

(2727)(77) حدثني مُحَمَّد بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ جَعْفَرٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

ــ

القرظي، وهو من أقرانه، قال في التقريب: صدوق، من الرابعة (عن محمَّد بن كعب) بن سليم بن أسد (القرظي) أبي حمزة المدنِيُّ ثم الكُوفيّ، روى عن أبي صرمة في التوبة، ويروي عنه (ع) وإبراهيم بن عبيد بن رفاعة، ثِقَة، من الثالثة، مات سنة (117) تحت سقف المسجد، وله (80) سنة (عن أبي صرمة) مالك بن قيس الأَنْصَارِيّ (عن أبي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة محمَّد بن كعب لمحمد بن قيس (أنَّه قال: لو أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها الله) سبحانه (لكم لجاء الله) تعالى (بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم) وفي إيقاع العباد في الذنوب أحيانًا فوائد وحِكَمٌ منها تنكيس المذنب رأسه واعترافه بالعجز وتبرؤه من العجب، قال ابن مسعود رضي الله عنه: الهلاك في اثنين القنوط والعجب، وإنما جمع بينهما لأن القانط لا يطلب السعادة لقنوطه والمعجب لا يطلبها لظنه أنَّه ظفر بها، وقيل لعائشة رضي الله تعالى عنها متى يكون الرَّجل مسيئًا؟ قالت: إذا ظن أنَّه محسن اه من المناوي.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي أَيُّوب بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

6793 -

(2727)(77)(حَدَّثني محمَّد بن رافع) القشيري النَّيْسَابُورِيّ، ثِقَة، من (11) روى عنه في (11) بابًا (حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) بن همام الحميري الصَّنْعانِيّ، ثِقَة، من (9)(أخبرنا معمر) بن راشد الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7)(عن جعفر) بن برقان الكلابي مولاهم أبي عبد الله (الجزري) الرقي، صدوق، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن يزيد بن الأصم) عمرو بن عبيد بن معاوية أبي عوف البكائي الكُوفيّ، نزيل الرقة، أمه برزة بنت الحارث أخت أم المُؤمنين ميمونة، قيل له رؤية، ثِقَة، من (3) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته (قال) أبو

ص: 195

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ الله، فَيَغْفِرُ لَهُمْ".

6794 -

(2728)(78) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّيْمِي وَقَطَن بْنُ نُسَيْرٍ، (واللَّفْظُ لِيَحْيَى)، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ

ــ

هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده) المقدسة (لو لم تذنبوا) أيها النَّاس (لذهب الله بكم) أي لأذهبكم وأعدمكم من الأرض (ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) قال القرطبي: وحاصل معنى هذا الحديث أن الله تعالى سبق في علمه أنَّه يخلق من يعصيه فيتوب فيغفر له فلو قدر أن لا عاصي يظهر في الوجود لذهب الله تعالى بالطائعين إلى جنته، ولخلق من يعصيه فيغفر له حتَّى يوجد ما سبق في علمه ويظهر من مغفرته ما تضمنه اسمه الغفار ففيه من الفوائد رجاء مغفرته والطماعية في سعة رحمته اه من المفهم.

وهذا الحديث مما انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو فضل دوام الذكر والفكر بحديث حنظلة الأسيدي رضي الله عنه فقال:

6794 -

(2728)(78)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِيّ) النَّيْسَابُورِيّ (وقطن) بفتحتين (ابن نسير) مصغرًا الغبري بضم المعجمة وفتح الموحدة أبو عباد الزرّاع، صدوق، من (10) روى عنه في (2) الإيمان والتوبة (واللفظ ليحيى) قالا:(أخبرنا جعفر بن سليمان) الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة نسبة إلى ضبيعة أبو سليمان البَصْرِيّ، صدوق، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن سعيد بن إياس الجريري) مصغرًا أبي مسعود البَصْرِيّ، ثِقَة، من (5) روى عنه في (10)(عن أبي عثمان النهدي) عبد الرَّحْمَن بن مل بن عمرو بن عدي الكُوفيّ، ثِقَة مخضرم، من (2) روى عنه في (11) بابًا (عن حنظلة) بن الرَّبيع بن صيفي بفتح الصاد التَّمِيمِيّ (الأسيدي) بضم الهمزة وفتح السين وكسر الياء المشددة نسبة إلى أُسيد بطن من بني تميم أبي ربعي الكاتب الكُوفيّ، الصحابي الشهير رضي الله عنه، له ثمانية أحاديث، انفرد له (م) بحديث واحد، روى

ص: 196

قَالَ: (وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَ، َّةِ. حَتَّى كَأنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَافَسْنَا الأزوَاجَ وَالأَوْلَادَ وَالضِّيْعَاتِ

ــ

عنه أبو عثمان النهدي في أبواب التوبة. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو عثمان (وكان) حنظلة (من كُتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من الكاتبين له بالوحي جمع كاتب كعاذل وعذال (قال) حنظلة: (لقيني أبو بكر) الصديق يومًا من الأيام أي رآني (فقال) لي: (كيف أَنْتَ يَا حنظلة) كيف اسم استفهام يُستفهم به عن الحال في محل الرفع خبر مقدم، وأنت مبتدأ مؤخر وجوبًا أي أَنْتَ على أي حال يَا حنظلة (قال) حنظلة:(قلت) لأبي بكر في جواب سؤاله: (نافق حنظلة) يَا أَبا بكر أي صار منافقًا يخالف ظاهره باطنه وهذا إنكار منه على نفسه لما وجد منها في حال خلوتها خلاف ما يظهر منها بحضرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخاف أن يكون ذلك من أنواع النفاق وأراد من نفسه أن تستديم تلك الحالة التي كان يجدها عند موعظة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولا يشتغل عنها بشيء من شواغل الدنيا اه من المفهم (قال) أبو بكر: (سبحان الله) أي تنزيهًا له تعالى عن كل ما لا يليق به كحرمان عبده المطيع (ما تقول) يَا حنظلة أي لأي شيء تقول هذا الكلام (قال) حنظلة: (قلت) ذلك الكلام لأنا إذا (نكون) أي إذا كنا (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يذكّرنا) بتشديد الكاف أي يعظنا (بالنار والجنة) كنا (حتَّى كأنا) نراهما (رأي عين) أي رؤية حقيقية، قال القرطبي: الذي قرأته وقيدته (رأي عين) بالنصب على المصدرية كأنه قال: (حتَّى كأنا نراهما رأي عين) قال القاضي: ضبطناه بالضم أي حتَّى كأن رؤيتنا إياهما رأي عين أي رؤية بعين حقيقة (فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد) أي لاعبنا معهم واستمعتنا بهم ودبرنا أمورهم (و) حاولنا (الضيعات) والمعيشات وأسبابها أي عالجنا معايشنا ومكاسبنا واشتغلنا بها فلا نتذكر الجنة والنار، والضيعات جمع ضيعة وهي معاش الرَّجل من المزارع والمواشي والحرف والصناعات سميت ضيعة لأن الشخص يضيع بتركها، قال القرطبي: الرواية الصحيحة المعروفة (عافسنا) بالعين

ص: 197

فَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ، إِنَّا لَنَلْقَى مِثلَ هَذَا. فَانْطَلَفتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَمَا ذَاكَ؟ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ. تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ. فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الأَزوَاجَ وَالأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ. نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،

ــ

المهملة وبالفاء والسين المهملة ومعناه عالجنا وحاولنا ذلك، وفي الصحاح المعافسة المعالجة والمحاولة يعني أنَّهم إذا خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتغلوا بهذه الأمور وتركوا تلك الحالة الشريفة التي كانوا عليها ويجدونها عند سماع موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدته، وروى الخطابي هذا الحرف عانسنا بالنُّون وفسره بلاعبنا، ورواه القتيبي (عانشنا) بالنُّون والشين المعجمة وفسره بعانقنا، والتقييد الأول أولى رواية ومعنى وقد جاء مفسرًا في الرواية الأخرى، فقال: ضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة والضيعات، جمع ضيعة وهي ما يكون معاش الرَّجل منه من مال أو حرفة أو صناعة وقد تقدم ذكرها آنفًا اه من المفهم (فنسينا كثيرًا) مما سمعناه من موعظات الرسول صلى الله عليه وسلم (قال أبو بكر): يَا حنظلة (فوالله إنَّا لنلقى) ونرى من أنفسنا (مثل هذا) الذي تراه من نفسك، قال حنظلة:(فانطلقت) أي ذهبت (أنا وأبو بكر) الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنشكو إليه ما رأينا من أنفسنا خوفًا من أن يكون ذلك نفاقًا (حتَّى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ (قلت) له: (نافق حنظلة) أي صار منافقًا (يَا رسول الله، فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما) سبب (ذاك) النفاق (قلت) له: (يَا رسول الله) إذا (نكون عندك) أي إذا كنا عندك حالة كونك (تذكرنا بالنار والجنة) أثرت فينا موعظتك (حتَّى كانا) أي حتَّى كان رؤيتنا إياهما (رأى عين) حقيقية (فإذا خرجنا من عندك) يَا رسول الله (عافسنا الأزواج والأولاد) أي لاعبنا وضاحكنا معهم (و) عالجنا (الضيعات) ومارسناها وشغلنا في خدمتها واستثمارها، قال في المصباح: الضيعة العقار جمعه ضياع مثل كلبة وكلاب وربما تستعار الضيعة للحرفة والصناعة اه. و (نسينا كثيرًا) مما وعظتنا به، وفي بعض النسخ فنسينا بالفاء العاطفة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده) وإن في

ص: 198

إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ. وَلَكِنْ، يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً وَسَاعَةً" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

ــ

قوله: (إن لو تدومون) مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن أي إن الشأن والحال لو تدومون (على ما تكونون) أي على الحالة التي تكونون عليها والحال أنكم (عندي و) أنكم (في الذكر لصافحتكم الملائكة) بأيديهم أيديكم، والحال أنكم مضطجعون (على فرشكم و) ماشون (في طرقكم) وفي جميع أحوالكم (ولكن يَا حنظلة) اجعل (ساعة) لربك (وساعة) لنفسك، قالها أي قال جملة: ولكن .. إلخ (ثلاث مرات) أي كررها ثلاثًا.

وقوله: (لصافحتكم الملائكة على فرشكم) يعني كنتم حينئذٍ أفضل من الملائكة لاستدامة الذكر بالرغم من دواعي النسيان فإن الملائكة وإن كانوا يداومون الذكر ولكنهم بمعزل عن دواعي الغفلة والنسيان، وذكر القرطبي رحمه الله تعالى أن الله سبحانه خلق الإنسان متوسطًا بين الملائكة والشياطين فالملائكة يسبّحون الليل والنهار لا يفترون، والشياطين في شر وإغواء لا يألون في ذلك، أما الإنسان فإن الله تعالى جعله متلونًا فله ساعات يذكر فيها ربه وساعات يقضي فيها حوائجه وإلى هذا أشار صاحب الشرع بقوله ولكن يَا حنظلة .. إلخ. قوله:(ولكن ساعة وساعة) يعني تستحضر الجنة والنار وتذكر ربك ساعة وتشتغل بحوائجك في ساعة أخرى وهذا لا محظور فيه شرعًا ما لم يرتكب المرء معصية.

وداع الحديث على أن كيفية الاستحضار الدائم والاستغراق في ذكر الله تعالى وإن كانت محمودة ولكنها غير مقصودة، والمطلوب أن يباشر الإنسان أعمالًا صالحة ويجتنب عن الحرام. وداع الحديث أَيضًا على أن الالتفات إلى حوائج الإنسان في معاشه ليس من النفاق بل لو توجه إليه بنية أداء الحقوق وتنشيط النفس للأعمال الصالحة صار هذا الالتفات داخلًا في ذكر الله تعالى ولهذا قالوا كل مطيع لله فهو ذاكر.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث التِّرْمِذِيّ في صفة القيامة باب ولكن يَا حنظلة [2516].

ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

ص: 199

6795 -

(00)(00) حَدَّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ. حَدَّثَنَا سَعيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ. قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَوَعَظَنَا فَذَكرَ النَّارَ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكتُ الصِّبْيَانَ وَلَاعَبْتُ الْمَرْأَةَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ. فَلَقِينَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَافَقَ حَنْظَلَةُ! فَقَالَ:"مَهْ"

ــ

6795 -

(00)(00)(حدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التَّمِيمِيّ المروزي، ثِقَة، من (11)(أخبرنا عبد الصمد) بن عبد الوارث العنبري البَصْرِيّ، صدوق، من (9) روى عنه في (16) بابًا (سمعت أبي) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّمِيمِيّ العنبري البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8) روى عنه في (8) أبواب؛ أي سمعته (يحدّث) ويقول:(حَدَّثَنَا سعيد) بن إياس (الجريري) البَصْرِيّ (عن أبي عثمان النهدي عن حنظلة) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد الوارث لجعفر بن سليمان (قال) حنظلة:(كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام (فوعظنا فذكَّر النَّار) من التذكير أي وعظنا بذكر عقوبة النَّار (قال) حنظلة (ثم جئت إلى البيت) أي إلى بيتي ومنزلي (فضاحكت الصبيان) أي ضحكت معهم (ولاعبت المرأة) أي استمتعت بها فنسيت النَّار التي وعظنا بها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (قال) حنظلة: (فخرجت) من بيتي (فلقيت أَبا بكر فذكرت ذلك) الحال الذي كان لي في حضرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والحال الذي كان لي في بيتي (له) أي لأبي بكر (فقال) أبو بكر: (وأنا قد فعلت) في بيتي (مثل ما تذكر) لنفسك في بيتك (فلقينا) أي لقيت أنا وأبو بكر (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت) أنا (يَا رسول الله نافق حنظلة) أي صار منافقًا معناه أنَّه خاف رضي الله عنه أن عدم دوام الخوف والمراقبة والفكر والإقبال على الآخرة من نوع النفاق فأعلمهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه ليس بنفاق وأنهم لا يكلّفون بالدوام على ذلك اه نووي باختصار (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لحنظلة: (مه) أي ما سبب قولك نافق حنظلة أو اكفف عن قولك هذا الكلام تقبيحًا له، قال القاضي: معناه الاستفهام أي ما تقول، والهاء في حينئذٍ هاء السكت، ويحتمل أنَّه اسم فعل أمر بمعنى اكفف وازجر عن

ص: 200

فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثلَ مَا فَعَلَ. فَقَالَ: "يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً وَسَاعَةً. وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ. لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائكَةُ. حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ في الطُّرُقِ".

6796 -

(00)(00) حَدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَينٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ التَّمِيمِيِّ الأُسَيِّدِيِّ الكَاتِبِ. قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

ــ

قولك هذا تعظيمًا له وتقبيحًا، والهاء حينئذٍ جزء كلمة (فـ) قال حنظلة فـ (حدثته) صلى الله عليه وسلم (بالحديث) الذي وقع لي في بيتي أي بحديث ما وقع لي في بيتي من المضاحكة والملاعبة (فقال أبو بكر) للنبي صلى الله عليه وسلم:(وأنا) أَيضًا (قد فعلت) في بيتي (مثل ما فعل) حنظلة في بيته من المضاحكة والملاعبة (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا حنظلة) اجعل (ساعة) لربك (وساعة) أخرى لنفسك، ولفظة تكون في قوله:(ولو كانت تكون) زائدة و (قلوبكم) اسم كانت أي ولو كانت قلوبكم أيها المؤمنون كائنة (كما تكون عند الذكر) أي كائنة على الحالة التي تكون عليها عند الذكر والاستغفار (لصافحتكم الملائكة) بأيديهم أيديكم وتحييكم في كل مكان (حتَّى تسلم عليكم في الطرق) لأن من كان على تلك الحال التي حصلت له عند الذكر ناسب الملائكة في معرفتها فبادرت إلى إكرامه ومشافهته وإعظامه ومصافحته، والمسؤول من الكريم المتعال أن يمنحنا من صفاء هذه الأحوال.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث حنظلة رضي الله عنه فقال:

6796 -

(00)(00)(حَدَّثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا) أبو نعيم (الفضل بن دكين) عمرو بن حماد بن زهير التَّمِيمِيّ الكُوفيّ الأحول، ثِقَة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حَدَّثَنَا سفيان) بن سعيد الثَّوريّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (7)(عن سعيد) بن إياس (الجريري) البَصْرِيّ (عن أبي عثمان النهدي عن حنظلة التَّمِيمِيّ الأسيدي الكاتب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثَّوريّ لجعفر بن سليمان وعبد الوارث بن سعيد (قال) حنظلة: (كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

ص: 201

فَذَكَّرَنَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمَا

ــ

فذكرنا) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من التذكير (الجنة والنار) أي وعظنا بذكرهما (فذكر) سفيان (نحو حديثهما) أي نحو حديث جعفر بن سليمان وحديث عبد الوارث بن سعيد.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثمانية: الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني: حديث ابن مسعود ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث النُّعمان بن بشير ذكره للاستشهاد، والرابع: حديث البراء بن عازب ذكره للاستشهاد، والخامس: حديث أنس بن مالك ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والسادس: حديث أبي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد، والثامن: حديث حنظلة ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 202