المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌740 - (5) باب التسبيح أول النهار وعند النوم وعند صياح الديك وعند الكرب وفضل سبحان الله وبحمده والدعاء للمسلم بظهر الغيب وحمد الله بعد الأكل والشرب واستجابة الدعاء ما لم يعجل - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌736 - (1) باب الحث على ذكر الله تعالى، وبيان عدد أسمائه، والأمر بالعزم في الدعاء، وكراهة تمني الموت، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

- ‌737 - (2) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، وكراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا، وفضل مجالس الذكر وكثر ما يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل التهليل والتسبيح

- ‌739 - (4) باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، والتعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل

- ‌740 - (5) باب التسبيح أول النهار وعند النوم وعند صياح الديك وعند الكرب وفضل سبحان الله وبحمده والدعاء للمسلم بظهر الغيب وحمد الله بعد الأكل والشرب واستجابة الدعاء ما لم يعجل

- ‌ كتَاب الرقاق والتوبة

- ‌741 - (6) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النَّار النساء وبيان الفتنة بالنساء وذكر قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح العمل

- ‌742 - (7) باب الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنب بالاستغفار توبة وفضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة

- ‌743 - (8) باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه وقبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌744 - (9) باب غيرة الله تعالى وقوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وقبول توبة القاتل وإن كثر قتله وفداء المسلم بالكافر من النَّار ومناجاة الله مع المؤمن يوم القيامة

- ‌745 - (10) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌[تتمة]:

- ‌ 747 - (13) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌ كتاب في أبواب مختلفة

- ‌748 - (13) باب عجائب يوم القيامة

- ‌749 - (14) باب بدء الخلق وخلق آدم والبعث والنشور ونُزُل أهل الجنة وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو تابعني عشرة من اليهود

- ‌750 - (15) باب الدخان وانشقاق القمر وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا أحد أصبر من الله" وطلب الكافر الفداء وحشر الكافر على وجهه

- ‌751 - (16) باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار .. إلخ وجزاء المؤمن بحسناته .. إلخ ومثل المؤمن كالزرع .. إلخ، ومثل المؤمن كالنخلة وتحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وذكر أن مع كل أحد من الناس قرين جن

- ‌752 - (17) باب لن يدخل الجنة أحد بعمله، وإكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، واستحباب الاقتصاد في الموعظة

- ‌ كتاب ذكر الموت وما بعده من الجنَّة والنَّار وغيرهما

- ‌753 - (18) باب حفت الجنَّة بالمكاره والنَّار بالشهوات، وفي الجنَّة ما لا عين رأت .. إلخ، وفي الجنَّة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام، والرضوان على أهل الجنَّة وترائي أهل الجنَّة أهل الغرف فوقهم

- ‌754 - (19) باب مودة رؤية النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ببذل ماله وأهله، وذكر سوق الجنَّة، وأول زمرة تدخل الجنَّة على صورة القمر، ودوام نعيم أهل الجنَّة، وصفة خيام الجنَّة، وما في الدُّنيا من أنهار الجنَّة

- ‌755 - (20) باب في ذكر أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير وكون أهل الجنَّة على صورة آدم، وفي ذكر شدة حر جهنم وبعد قعرها وما تأخذه من المعذبين وأنها مسكن الجبارين والجنة مسكن الضعفاء والمساكين وذبح الموت

- ‌756 - (21) باب غلظ جلد الكافر، وعظم ضرسه، وعلامات أهل الجنَّة والنَّار، ورؤيته صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي في النَّار، وصنفين من أهل النَّار، وذكر فناء الدُّنيا والحشر يوم القيامة

الفصل: ‌740 - (5) باب التسبيح أول النهار وعند النوم وعند صياح الديك وعند الكرب وفضل سبحان الله وبحمده والدعاء للمسلم بظهر الغيب وحمد الله بعد الأكل والشرب واستجابة الدعاء ما لم يعجل

‌740 - (5) باب التسبيح أول النهار وعند النوم وعند صياح الديك وعند الكرب وفضل سبحان الله وبحمده والدعاء للمسلم بظهر الغيب وحمد الله بعد الأكل والشرب واستجابة الدعاء ما لم يعجل

6742 -

(2705)(54) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، (وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبِي عُمَرَ)، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَة حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا. ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضحَى،

ــ

740 -

(5) باب التسبيح أول النهار وعند النوم وعند صياح الديك وعند الكرب وفضل سبحان الله وبحمده والدعاء للمسلم بظهر الغيب وحمد الله بعد الأكل والشرب واستجابة الدعاء ما لم يعجل

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة وهو التسبيح أول النهار بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

6742 -

(2705)(54)(حدثنا قتيبة بن سعيد وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (واللفظ لابن أبي عمر قالوا: حدثنا سفيان) بن عيينة (عن محمد بن عبد الرحمن) بن عبيد التيمي مولاهم (مولى آل طلحة) بن عبيد الله القرشي التيمي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (4) أبواب (عن كريب) مصغرًا بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس أبي رشدين المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (عن جويرية) مصغرًا بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، روى عنها في (2) بابين الزكاة والدعاء (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح) أي حين فرغ من صلاة الصبح بالناس (وهي) أي والحال أن جويرية (في مسجدها) أي في مصلاها الذي صلت فيه الصبح من البيت، ويؤخذ منه جواز اتخاذ مكان من البيت للصلاة فيه ولكن لا يكون له حكم المسجد الشرعي ولكن تصلي فيه النساء ويصلي فيه الرجال النوافل (ثم رجع) النبي صلى الله عليه وسلم إلى جويرية (بعد أن أضحى) أي بعد أن دخل في وقت الضحى وهو ما بين ارتفاع الشمس إلى الاستواء

ص: 132

وَهِيَ جَالِسَةٌ. فَقَالَ: "مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا"" قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتِ. لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ:

ــ

أي رجع إليها (وهي) أي والحال أنها (جالسة) على حالتها من الذكر (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما زلت) بكسر التاء خطابًا لها أي ما زلت يا جويرية مستمرة (على الحال) وملتبسة بالجلسة (التي فارقتك عليها؟ قالت) جويرية: (نعم) كنت على تلك الحال ولم أقم من مكاني هذا فـ (قال) لها (النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك) أي بعد مفارقتك (أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت) تلك الكلمات (بما قلت منذ اليوم) أي بجميع ما قلت في هذا الوم، قال الأبي: الأظهر في منذ أنها هاهنا حرف جر وهي مختصة بجر أسماء الزمان والزمان الواقع بعدها إن كان ماضيًا كانت لابتداء الغاية فتكون بمعنى من وإن كان حالًا كانت للظرفية بمعنى في والمراد باليوم في الحديث الحاضر فالمعنى لرجحت بما قلت في يومك هذا اه باختصار (لوزنتهن) أي لوزنت تلك الكلمات الأربع الأذكار التي قلتهن أنت في هذا اليوم وليس المراد باليوم العمر كما يقوله بعضهم أي لرجحت عليهن في الثواب وهو دليل على أن الدعوات والأذكار الجوامع يحصل عليهن من الثواب أضعاف ما يحصل على ما ليست كذلك ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحب الدعوات الجامعة، وفي رواية للترمذي (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليها وهي في مسجدها) أي في موضع سجودها للصلاة يعني في بيتها (ثم مر النبي صلى الله عليه وسلم بها قريبًا من نصف النهار فقال لها: ما زلت على حالك) أي على الحال التي فارقتك عليها (قالت: نعم، فقال: ألا أعلمك كلمات تقولينها سبحان الله عدد خلقه .. ) الحديث، وتلك الكلمات الأربع الأولى منها قوله:(سبحان الله وبحمده عدد خلقه) أي أسبح الله تسبيحًا يساوي عدد مخلوقاته وأحمد الله بحمده أي أصف الله بكمالاته وصفًا يبلغ عدد مخلوقاته، ويصح أن تكون الواو في قوله:(ويحمده) زائدة والباء متعلقة بمحذوف حال من فاعل أسبح وعدد خلقه منصوب بنزع الخافض، وقوله:(ورضا نفسه) معطوف على عدد خلقه وإضافة النفس إلى الضمير من إضافة الشيء إلى نفسه أو لفظ النفس مقحم وهي الكلمة الثانية، وقوله:(وزنة عرشه) معطوف أيضًا على عدد خلقه وهي الكلمة الثالثة وكذا قوله: (ومداد كلماته) معطوف

ص: 133

سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ"

ــ

على عدد خلقه وإضافة مداد إلى كلماته من إضافة الصفة إلى موصوفها لأنه مصدر بمعنى اسم الفاعل وهي الكلمة الرابعة.

والمعنى أسبّح الله تعالى بقلبي وأنزهه من جميع النقائص حالة كوني ملتبسًا بلساني بحمده تسبيحًا يساوي بعدد مخلوقاته وتسبيحًا يساوي بعدد رضاه عمن رضي عنهم من النبيين والصديقين والصالحين وتسبيحًا ساوي بوزن عرشه لو كان جسمًا ولا يعلم وزن عرشه إلا الله عز وجل وتسبيحًا يساوي بعدد كلماته المادة أي الزائدة زيادة لا تنفذ ولا نهاية لها اه من الفهم السقيم.

قوله: (سبحان الله وبحمده) قال القاضي عياض: هذا الكلام على اختصاره جملتان إحداهما سبحان الله لأن سبحان اسم مصدر لسبّح الرباعي والمصدر يدل على فعله نائب عنه فكانه قال: أسبح الله التسبيح الكثير والثانية بحمده لأنه متعلق بمحذوف تقديره أُثني عليه بحمده أي بذكر صفات كماله وجلاله فهذه جملة ثانية غير الجملة الأولى، قوله:(عدد خلقه) منصوب بنزع الخافض أي بعدد كل واحد من مخلوقاته والخلق مصدر بمعنى المخلوق، وقال السيوطي: نصب على الظرف أي قدر عدد خلقه اه مرقاة، وقوله:(ورضا نفسه) أي أسبّحه قدر ما يرضاه اه من التحفة، وقال السيوطي: قدر رضاه عمن رضي عنهم من النبيين والصذيقين والصالحين اه، وقوله:(وزنة عرشه) أي أسئحه بمقدار وزن عرشه ولا يعلم وزنه إلا الله تبارك وتعالى اه من التحفة، وقوله:(ومداد كلماته) بكسر الميم وبألف بين الدالين مصدر مد الشيء يمد مدًا ومدادًا من باب شد فالمداد مصدر كالمدد يقال: مددت الشيء مدًا ومدادًا وهو ما يكثر به الشيء ويزاد كذا في النهاية أي أسبّحه مثل عدد كلماته التي لا تنفد، وقيل: قدر ما يوازيها في الكثرة في معيار كيل أو وزن أو عدد أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير وهذا تمثيل يراد به التقريب لأن الكلام لا يدخل في الكيل والوزن وإنما يدخل في العدد كذا في النهاية اه تحفة، قال القاضي عياض: المداد في الأصل بمعنى الحبر الذي يكتب به القلم واستعماله هنا مجاز اه.

قال القاضي عياض: قوله: (ومداد كلماته) واستعماله هنا مجاز لأن كلماته لا تحصر بعدد والمراد بهذا المبالغة في الكثرة لأنه ذكر أولًا ما يحصره العدد الكثير من

ص: 134

6743 -

(00)(00) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإسْحَاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي رِشْدِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ

ــ

عدد الخلق ثم زنة عرشه التي لا يعلمها إلا هو سبحانه ثم ارتقى إلى ما هو أعظم وعتر عنه بهذا اللفظ الذي لا يحصيه عدد، وقيل مداد كلماته مثلها في العدد، وقيل مثلها في أنها لا تنفد، وقيل مثلها في الكثرة والأظهر أن ذلك كناية عن الكثرة ليس أنها مثلها في العدد ولا مثلها في الكثرة لأن كلماته سبحانه غير متناهية فلا يُلحق بها المتناهي في العدد ولا في الكثرة اه منه.

والحديث دليل على فضل هذه الكلمات وأن قائلها يدرك فضيلة تكرار القول بالعدد المذكور ولا يقال إن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى العدد المذكور فكيف ينال فضيلة تكرار القول بالعدد المذكور (قلت): إن هذا باب منحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفًا لهم وتكثيرًا لأجورهم من غير تعب ولا نصب فلله الحمد والمنة اه من التحفة، وقال القرطبي: وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمور على جهة الإغياء والكثرة التي لا تنحصر منبهًا على أن الذاكر بهذه الكلمات ينبغي له أن يكون بحيث لو تمكن من تسبيح الله وتحميده وتعظيمه عددًا لا يتناهى ولا ينحصر لفعل ذلك فحصل له من الثواب ما لا يدخل تحت حساب اه من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [/1 258]، وأبو داود في الصلاة باب التسبيح بالحصى [1503]، والترمذي في الدعوات باب [117/ رقم 3626]، والنسائي في السهو نوع آخر من عدد التسبيح [1352]، وابن ماجه في الأدب باب فضل التسبيح [3853].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6743 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق) بن إبراهيم (عن محمد بن بشر) العبدي الكوفي (عن مسعر) بن كدام الهلالي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن محمد بن عبد الرحمن) بن عبيد التيمي الكوفي، ثقة، من (6)(عن أبي رشدين) بكسر الراء وسكون الشين (عن ابن عباس عن جويرية) رضي الله

ص: 135

قَالَتْ: مَرَّ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ صَلَّى صَلاةَ الْغَدَاةِ، أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْغَدَاةَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:"سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ. سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِه. سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ".

6744 -

(2706)(55) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ، (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ. قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى. حَدَّثَنَا عَلِيٌّ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى فِي يَدِهَا

ــ

عنهما. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة مسعر لسفيان بن عيينة (قالت) جويرية:(مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى صلاة الغداة أو) قال محمد بن عبد الرحمن (بعدما صلى الغداة) والشك من مسعر فيما قاله محمد بن عبد الرحمن (فذكر) مسعر (نحوه) أي نحو حديث سفيان (غير أنه) أي لكن أن مسعرًا (قال) في روايته لفظة (سبحان الله عدد خلقه) منصوب بنزع الخافض أي أسبّحه بعدد كل واحد من مخلوقاته (سبحان الله رضا نفسه) أي أسبّحه قدر ما يرضاه (سبحان الله زنة عرشه) أي أسبّحه بمقدار وزن عرشه (سبحان الله مداد كلماته) أي مثل عددها اه من التحفة.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على التسبيح عند النوم بحديث علي رضي الله عنه فقال:

6744 -

(2706)(55)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، ثقة، من (5) (قال) الحكم:(سمعت) عبد الرحمن (بن أبي ليلى) يسار الأنصاري الأوسي أبا عيسى الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا علي) بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أن فاطمة) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها (اشتكت) أي شكت وأخبرت لغيرها على سبيل الشكوى شدة (ما تلقى) وتقاسي (من الرحى) أي من الطاحونة من تأثيرها (في يدها) عند الطحن بها يعني اشتكت إلى علي ما تلقى من مشقة الطحن في الرحى أي ما حصل في يدها من المجل والغلظ بسبب جر الرحى، وقد وقع في رواية أبي الورد بن ثمامة عند أبي داود

ص: 136

وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ. وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ. فَأَخْبَرَتْهَا. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَخبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ إِلَيْهَا. فَجَاءَ النبِى صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا. وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا. فَذَهَبْنَا نَقُومُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"عَلَى مَكَانِكُمَا"

ــ

[5063]

(قال علي لابن أعبد ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أحب أهله إليه، وكانت عندي فجرت بالرحى حتى أثرت بيدها واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها وقمت البيت أي كنست حتى اغبرت ثيابها وأوقدت القدر حتى دخنت ثيابها وأصابها من ذلك ضر). وفي إسناده علي بن أعبد قال المنذري في تلخيصه [8/ 327] ليس بمعروف ولا أعرف له غير هذا الحديث، ووقع في رواية محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو عند ابن حبان في صحيحه وعند عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (اشتكت فاطمة مجل يدها) والمجل بفتح الميم وسكون الجيم معناه التقطيع، وقال الطبري: المراد به غلظ اليد وكل من عمل عملًا بكفه فغلظ جلدها قيل مجلت كفه نقله الحافظ في الدعوات من فتح الباري [11/ 119].

وفي الحديث استحباب خدمة البيت والزوج للمرأة ولم يكن واجبًا عليها قضاء (وأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي) ممن استرقهم المسلمون في بعض الغزوات، وفي رواية أبي الورد المذكورة في سنن أبي داود عن علي (فسمعنا أن رقيقًا أُتي بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادمًا يكفيك) وأفادت هذه الرواية أن الذي بعثها إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو علي نفسه رضي الله عنه ويؤيده ما أخرجه أحمد من رواية هبيرة بن يريم عن علي (قلت لفاطمة: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألتيه خادمًا فقد أجهدك الطحن والعمل)(فانطلقت) فاطمة إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم (فلم تجده) صلى الله عليه وسلم فاطمة، وفي رواية أبي الورد المذكورة فوجدت عنده حداثًا أي جماعة يتحدثون فاستحييت فرجعت وعليه فالمراد من قوله فلم تجده أي لم تجده فارغًا (ولقيت عائشة فأخبرتها) حاجتها (فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها) وبحاجتها، قال علي رضي الله عنه:(فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا) في بيتنا (وقد أخذنا مضاجعنا) أي مفارشنا ومراقدنا (فذهبنا) أي قصدنا أن (نقوم) إليه (فقال) لنا (النبي صلى الله عليه وسلم: اثبتا (على مكانكما)

ص: 137

فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِي. ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، أَنْ تُكَبِّرَا اللهَ أَرْبَعًا وَثَلاِثينَ. وَتُسَبِّحَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثينَ. وَتَحْمَدَاهُ ثَلَاثًا وَثَلاِثينَ. فَهُوَ خَيرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ"

ــ

والزماه ولا تقوما (فقعد) النبي صلى الله عليه وسلم (بيننا) أي بيني وبين فاطمة ونحن مضطجعون (حتى وجدت برد قدمه على صدري) قال النووي: كذا في نسخ مسلم (برد قدمه) بالإفراد، وفي البخاري (قدميه) بالتثنية وهي زيادة ثقة لا تخالف الأولى (ثم) بعد قعوده (قال) لنا:(ألا) حرف عرض وهو الطلب برفق ولين (أعلمكما خيرًا مما سألتما) من الخادم (إذا أخذتما مضاجعكما) أي مفارشكما (أن تكبرا الله أربعًا وثلاثين وتسبحاه ثلاثًا وثلاثين وتحمداه ثلاثًا وثلاثين فهو) أي ما ذكرته لكما من الأذكار (خير لكما من خادم) تطلبانه أي من جارية تخدمكما وهو يُطلق على الذكر والأنثى، وفي رواية للبخاري فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم فقال: "مكانك " فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال:"ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم" قال العيني: وجه الخيرية إما أن يراد به أنه يتعلق بالآخرة والخادم بالدنيا والآخرة خير وأبقى، وإما أن يراد بالنسبة إلى ما طلبته بأن يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوة تقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم اه من التحفة.

قوله: (فجاء وقد أخذنا مضاجعنا) قال القرطبي: كان هذا المجيء ليلًا لأنه قد جاء في بعض طرقه أنه قال: طَرَقَهُما. قوله: (فذهبنا نقوم) يعني أن عليًا وفاطمة أرادا أن يقوما للنبي صلى الله عليه وسلم فلما منعهما من ذلك بقيا على حالهما امتثالًا بأمره صلى الله عليه وسلم حتى جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وهما مضطجعان ويؤخذ منه أن الامتثال لأمر الكبير مقدم على ما يقتضيه الأدب والتعظيم في الظاهر، قال القرطبي: وقعود النبي صلى الله عليه وسلم بين ابنته وعلي دليل على جواز مثل ذلك وأنه لا يُعاب على من فعله إذا لم يؤد ذلك إلى اطلاع على عورة أو إلى شيء ممنوع شرعًا.

قوله: (إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله) .. إلخ التكبير مقدم في هذا الحديث وفيما سيأتي التسبيح مقدم وكلاهما عند النوم، قال في المرقاة قال الجزري في شرح المصابيح: في بعض الروايات ذكر التكبير أولًا، وكان شيخنا الحافظ ابن كثير يرجحه

ص: 138

6745 -

(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ:"أَخَذتُمَا مَضجَعَكُمَا مِنَ اللَيْلِ"

ــ

ويقول: تقديم التسبيح يكون فيما إذا كان الذكر عقيب الصلاة وتقديم التكبير فيما إذا كان عند النوم أقول الأظهر أن يقدم تارة ويؤخر تارة أخرى عملًا بالروايتين وهو أولى وأحرى من ترجيح الصحيح على الأصح مع أن الظاهر أن المراد تحصيل هذا العدد وبأيهن بُدئ لا يضر كما ورد في سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت، وفي تخصيص الزيادة بالتكبير إيماء إلى المبالغة في إثبات العظمة والكبرياء فانه يستلزم الصفات التنزيهية والثبوتية المستفادة من التسبيح والحمد والله أعلم اه دهني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 136]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الدعوات باب التكبير والتسبيح عند المنام [6318]، وأبو داود باب في التسبيح عند النوم [5562]، والترمذي في الدعوات باب ما جاء في التسبيح والتكبير والتحميد عند المنام [3408 و 3409].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث علي رضي الله عنه فقال:

6745 -

(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البصري (كلهم) أي كل من وكيع ومعاذ بن معاذ وابن أبي عدي رووا (عن شعبة بهذا الإسناد) يعني عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي، غرضه بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لمحمد بن جعفر في رواية هذا الحديث عن شعبة (و) لكن (في حديث معاذ) بن معاذ لفظة إذا (أخذتما مضجعكما) بالإفراد وبزيادة لفظة (من الليل) أي في الليل.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

ص: 139

6746 -

(00)(00) وحدَّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. ح وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيِّ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِ حَدِيثِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ لَهُ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ

ــ

6746 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد) مولى آل قارظ بن شيبة المكي، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن مجاهد) بن جبر المخزومي مولاهم المكي، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن) عبد الرحمن (بن أبي ليلى) يسار (عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة مجاهد للحكم بن عتيبة (ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (وعبيد بن يعيش) بفتح التحتانية وكسر المهملة بصيغة المضارع المبني للمعلوم، المحاملي أبو محمد العطار الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب كلاهما رويا (عن عبد الله بن نمير حدثنا عبد الملك) بن أبي سليمان ميسرة الفزاري الكوفي، صدوق، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن عطاء بن أبي رباح) أسلم القرشي مولاهم اليماني نزيل مكة أحد الفقهاء والقراء والأئمة المفسرين، ثقة، من (3) روى عنه في (10) أبواب (عن مجاهد عن ابن أبي ليلى) يسار (عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة مجاهد للحكم بن عتيبة، وساق مجاهد (بنحو حديث الحكم عن ابن أبي ليلى و) لكن (زاد) مجاهد في روايته (في) هذا (الحديث) قال ابن أبي ليلى: (قال علي) بن أبي طالب: (ما تركته) أي ما تركت هذا الذكر عند النوم (منذ) إذ (سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أي من وقت سماعي إياه من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن (قيل له) أي لعلي (ولا) أي وما تركته (ليلة) وقعة (صفين، قال) علي في جواب السائل: (ولا) أي وما تركته (يلة صفين) أي لم يمنعني عظم ذلك الأمر والشغل الذي كنت فيه عن ذلك الذكر وصفين موضع قرب الفرات كانت فيه حرب عظيمة بينه أي بين علي وبين

ص: 140

وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ .

6747 -

(2707)(56) حدّثني أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ، (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ)، حَدَّثَنَا رَوْحٌ (وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِم)، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْاَلُهُ خَادِمًا. وَشَكَتِ العَمَلَ. فَقَالَ: "مَا أَلْفَيْتِيهِ

ــ

أهل الشام اه سنوسي، قال الأبي: وهذا يدل على أنه ذكر في ذلك الوقت مطلقًا ليس أنه مقصور على مثل حال فاطمة اه منه.

قوله: (قيل له) .. إلخ واسم هذا السائل قيل: إنه عبد الله بن الكواء كذا في الطبراني ومسند أحمد وفي مسند الحميدي رقم [45] أنه عبد الله بن عتبة وفي الذكر للفريابي أنه الأشعث بن قيس ويحمل ذلك على تعدد القصة كما قال الحافظ في نتائج الأفكار رقم [95] وسيأتي قريبًا في (م) أن قائل ذلك هو ابن أبي ليلى فيحمل على تعدد القصة اه تنبيه المعلم.

(وفي حديث عطاء) وروايته (عن مجاهد عن ابن أبي ليلى قال) ابن أبي ليلى (قلت له) أي لعلي (ولا) تركته (ليلة صفين) قال: نعم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث علي بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

6747 -

(2707)(56)(حدثني أمية بن بسطام) بن المنتشر (العيشي) البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا يزيد يعني ابن زريع) التيمي العيشي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا روح وهو ابن القاسم) التميمي العنبري البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (11) بابًا (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أن فاطمة) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتت النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونها (تسأله خادمًا وشكت) أي أخبرت للنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الشكوى (العمل) أي شدته عليها وكثرته (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما ألفيتيه) أي ما ألفيت الخادم وما وجدته

ص: 141

عِنْدَنَا" قَالَ: "أَلا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلَاثًا وَثَلاِثِينَ. وَتَحْمَدِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ. وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاِثينَ. حِينَ تأخُذِينَ مَضْجَعَكِ".

6748 -

(00)(00) وحدّثنيه أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ الدارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيلٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ

ــ

(عندنا) أي موجودًا عندنا يعني في بيته فأعطيكيه ثم إنه أحالها على التسبيح والتهليل والتكبير فـ (قال) لها: (ألا) حرف عرض وهو الطلب برفق ولين؛ أي ألا (أدلك) يا فاطمة بكسر الكاف خطابًا للمؤنث (على ما هو خير لك من خادم) ليكون ذلك عوضًا من الدعاء عند الكرب والحاجة كما كانت عادته عند الكرب على ما يأتي في الحديث المذكور بعد هذا وبيّن ذلك الخير لها بقوله: (تسبحين ثلاثًا وثلاثين) مرة (وتحمدين ثلاثًا وثلاثين) كذلك (وتكبّرين أربعًا وثلاثين) كذلك (حين تأخذين) وتشرعين (مضجعك) أي مرقدك ويمكن أن تكون خيريته من جهة أنه أحب لابنته ما يحب لنفسه إذ كانت بضعة منه من إيثار الفقر وتحمل شدته والصبر عليه ترفيعًا لمنازلهم وتعظيمًا لأجورهم وبهذين المعنيين أو بأحدهما تكون تلك الأذكار خيرًا لهما من خادم أي من التصريح بسؤال خادم والله تعالى أعلم اه من المفهم.

قوله: (ما ألفيتيه عندنا) معناه ما وجدت الخادم في بيتي كأنه صلى الله عليه وسلم نبهها على أنه صلى الله عليه وسلم ما أخذ خادمًا من هؤلاء السبي وأن السبي ليست مملوكة له وإنما هي من الغنيمة التي يريد توزيع ثمنها على أصحاب الصُفّة فأحب لبنته ما أحب لنفسه. وهذا الحديث انفرد به المؤلف من بين الأئمة الستة كما في تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6748 -

(00)(00)(وحدثنيه أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي) نسبة إلى دارم بن مالك بطن كبير من تميم أبو جعفر السرخسي نسبة إلى سرخس بلدة من بلاد خراسان، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا حبان) بموحدة بن هلال الهلالي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة، من (7) روى عنه في (14) بابًا (حدثنا سهيل) بن أبي صالح (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن أبي هريرة. غرضه بيان متابعة وهيب لروح بن القاسم.

ص: 142

6749 -

(2708)(57) حدَّثني قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ، فَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ. فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا. وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا "

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو الدعاء عند صياح الديك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6749 -

(2708)(57)(حدثني قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد (عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل بن حسنة الكندي المصري، ثقة، من (5) روى عنه في (6) أبواب (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة) بكسر الدال وفتح الياء بوزن عنبة جمع الديك وهو ذكر الدجاج جمعه ديوك وديكة بوزن عنبة كذا في المصباح، قال في المرقاة: وليس المراد حقيقة الجمع لأن سماع واحد كاف فالديك يُجمع في القلة على أدياك وفي الكثرة على ديوك وديكة كفيل وفيلة، وقال ابن سيده الديك ذكر الدجاج وعن الداودي: وقد يُسمى الديك دجاجة والدجاجة تقع على الذكر والأنثى اه (فاسألوا الله من فضله) ورحمته (فإنها) أي فإن الديكة (رأت ملكًا) وهذا بإدراك يخلقه الله فيها، قال القاضي عياض: إنما أمرنا بالدعاء حينئذٍ لتؤمِّن الملائكة وتستغفر وتشهد للداعي بالتضرع والإخلاص. واستدل به النووي وغيره على استحباب الدعاء عند حضور الصالحين وورد في صحيح ابن حبان (لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة) وفي رواية البزار (صرخ ديك قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: اللهم العنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مه كلا إنه يدعو إلى الصلاة") ذكره العيني في عمدة القاري [7/ 295 و 296](وإذا سمعتم نهيق الحمار) وصوته المرتفع (فتعوّذوا) أي استعيذوا (بالله من) شر (الشيطان فإنها) أي فإن الحمر (رأت شيطانًا) قال العيني: النهيق صوته المنكر وإنما أمر بالتعوذ عنده لحضور الشيطان فيخاف شره فيتعوذ منه، وروى أبو موسى الأصبهاني في ترغيبه من حديث أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينهق الحمار حتى يرى شيطانًا، ويمثّل له شيطان فإذا كان كذلك فاذكروا الله تعالى وصلوا عليّ ".

ص: 143

6750 -

(2709)(58) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ وَعُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، (وَاللَّفْظُ لابْنِ سَعِيدِ)، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ:

ــ

وقال القرطبي: والحديث يدل على أن الله تعالى خلق للديكة إدراكًا تدرك به الملائكة كما خلق للحمير إدراكًا تدرك به الشياطين ويفيد أن كل نوع من الملائكة والشياطين موجودان وهذا معلوم من الشرع قطعًا، والمنكر لشيء منهما كافر وكأنه إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء عند صراخ الديكة لتؤمّن الملائكة على ذلك الدعاء فتتوافق الدعوتان فيُستجاب للدّاعي، وقال الأبي فيه مرجوحية كسب الحمار لأن كسبه مستلزم بدخول الشيطان المنزل، وأُجيب بأنه إنما قال: رأت شيطانًا وليست الرؤية مستلزمة للدخول بل قد يقال فيه راجحية كسبه لأن الشيطان يدخل ولا يُرى والحمار بنهيقه ينبه على طرده بالتعوذ وقد كان له صلى الله عليه وسلم حمار يُسمى يعفورًا اه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [/2 321]، والبخاري في بدء الخلق باب خير مال المرء المسلم غنم يتبع به شعف الجبال [3303] وأبو داود في الأدب باب ما جاء في الديك والبهائم [5102] والترمذي في الدعوات باب ما يقول إذا سمع نهيق الحمار [3455].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

6750 -

(2709)(58)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار وعبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري السرخسي، ثقة، من (15) روى عنه في (8) أبواب (واللفظ لابن سعيد قالوا: حدثنا معاذ بن هشام) الدستوائي (حدثني أبي) هشام الدستوائي (عن قتادة عن أبي العالية) رُفيع مصغرًا بن مهران الرياحي بكسر الراء مولاهم نسبة إلى رياح بطن من تيم البصري، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (4) أبواب (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان) دائمًا (يقول عند الكرب) والشدة والكرب بفتح الكاف وسكون الراء هو ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول هذه الكلمات إذا نزل به

ص: 144

"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ. لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِ ورَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ"

ــ

ما يحزنه (لا إله إلا الله العظيم الحليم) بالرفع صفتان للجلالة ويجوز النصب فيهما بتقدير أمدح (لا إله إلا الله رب العرش العظيم) رواه الداودي برفع العظيم على أنه نعت للرب تعالى، ورواه الجمهور بالجر على كونه صفة للعرش، وكذا اختلفت القراءات في قوده تعالى:{رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} قال الطيبي: صدر هذا الثناء بذكر الرب ليناسب كشف الكرب لأنه مقتضى التربية والحلم الذي يدل على العلم إذ الجاهل لا يتصور منه حلم ولا كرم وهما أصل الأوصاف الإكرامية (لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم) على اختلاف الروايات في رفع الكريم وجره، وزاد البخاري في الأدب المفرد بعد هذا: اللهم اصرف عني شره؛ والمعنى لا يطلب كثف الكرب إلا منه تعالى لأنه لا يكشف الكرب العظيم إلا الرب العظيم اه مرقاة. قال الطبري: كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه دعاء الكرب فإن قيل كيف يُسمى هذا دعاء وليس فيه من معنى الدعاء شيء وإنما هو تعظيم لله تعالى وثناء عليه فالجواب أن هذا يُسمى دعاء لوجهين أحدهما أنه يُستفتح به الدعاء ومن بعده يدعو، وقد ورد في بعض طرقه ثم يدعو، وثانيهما أن ابن عيينة قال: وقد سئل عن هذا أما علمت أن الله تعالى يقول: إذا شغل عبدي ثنائي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين رواه الترمذي [2926] وقد قال أمية بن أبي الصلت:

إذا أثنى عليك المرء يومًا

كفاه من تعرضك الثناء

وفي رواية من تعرضه اه.

قال القرطبي قلت: وهذا الكلام حسن وتتميمه أن ذلك إنما كان لنكتتين إحداهما كرم المثنى عليه فإنه إذا اكتفى بالثناء عن السؤال دل ذلك على سهولة البذل عليه والمبالغة في كرم الحق تعالى، وثانيهما أن المثني لما آثر الثناء الذي هو حق المثنى عليه على حق نفسه الذي هو حاجته بودر إلى قضاء حاجته من غير إحواج إلى إظهار مذلة السؤال مجازاة على ذلك الإيثار والله تعالى أعلم، ومما جاء منصوصًا عليه وسُمي دعاء وإن لم يكن فيه دعاء ولا طلب ما أخرجه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت لا إله

ص: 145

6751 -

(00)(00) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَحَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ أَتَمُّ.

6752 -

(00)(00) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ؛ أَنَّ أَبَا الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيَّ حَدَّثَهُمْ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ وَيقُولُهُن عِنْدَ الْكَرْبِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ. غَيْرَ أَنَّهُ

ــ

إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له" رواه النسائي في الكبرى [1049] اه من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الدعوات [6345]، والترمذي في الدعوات [3431]، وابن ماجه في الدعاء عند الكرب [3929].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6751 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام) الدستوائي (بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة وكيع لمعاذ بن هشام (و) لكن (حديث معاذ بن هشام أتم) أي أطول من حديث وكيع.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا فقال:

6752 -

(00)(00)(حدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا محمد بن بشر العبدي) الكوفي (حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة (أن أبا العالية) رُفيع بن مهران (الرياحي) البصري، ثقة، من (2)(حدثهم) أي حدّث لقتادة ومن معه (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمد بن بشر لمعاذ بن هشام الدستوائي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن) أي بهذه الكلمات (ويقولهن عند الكرب) والشدة (فذكر) محمد بن بشر (بمثل حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة) غرضه بيان متابعة محمد بن بشر لمعاذ بن هشام في الرواية عن قتادة ولكنها متابعة ناقصة (غير أنه) أي لكن

ص: 146

قَالَ: "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ".

6753 -

(00)(00) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ، إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، قَالَ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَزَادَ مَعَهُنَّ:"لَا اِلَهَ إِلَاّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ".

4 675 - (2710)(59) حدّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَبَّان بْنُ هِلَالٍ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ

ــ

أن محمد بن بشر (قال) في روايته (رب السماوات والأرض) بلا تكرار كلمة رب مع الأرض.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

6753 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(حدثنا بهز) بن أسد العمي، ثقة، من (9)(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (16) بابًا (أخبرني يوسف بن عبد الله بن الحارث) الأنصاري مولاهم البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي العالية) رُفيع بن مهران الرياحي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (4) أبواب (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حماد بن سلمة لمعاذ بن هشام ولكنها ناقصة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه) أي نابه وألم به (أمر) شديد وأصابه ودهمه وهو بالحاء المهملة وبالزاي وبالباء الموحدة اه مفهم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم:"لا إله إلا الله العظيم الحليم" الحديث (فذكر) حماد (بمثل حديث معاذ عن أبيه) هشام (و) لكن (زاد) حماد (معهن) أي مع تلك الكلمات المذكورة سابقًا لفظة (لا إله إلا الله رب العرش الكريم) والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة وهو فضل سبحان الله وبحمده بحديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فقال:

6754 -

(2710)(59)(حدثنا زهير بن حرب حدثنا حبان بن هلال) الباهلي البصري ثقة، من (9)(حدثنا وهيب) مصغرًا ابن خالد بن عجلان الباهلي البصري، ثقة،

ص: 147

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجِسْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَا اصْطَفَى اللهُ لِمَلَاتكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ".

6755 -

(00)(00) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ،

ــ

من (7) روى عنه في (14) بابًا (حدثنا سعيد) بن إياس (الجريري) نسبة إلى أحد أجداده أبو مسعود البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن أبي عبد الله الجَسْري) بفتح الجيم وكسرها مع سكون المهملة حميري بكسر المهملة وإسكان الميم وفتح الياء الأولى مخففة بلفظ النسبة ابنُ بشير بفتح الموحدة نسبة إلى جسر وهو بطن من عنزة وقضاعة، روى عن عبد الله بن الصامت في الدعاء، وجندب البجلي ومعقل بن يسار، ويروي عنه (م ت) وسعيد الجريري وسليمان التيمي، له عندهم فرد حديث، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: هو معروف بكنيته، وهو ثقة يرسل، من الثالثة (عن) عبد الله (بن الصامت) الغفاري البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي ذر) جندب بن جنادة رضي الله عنه وهذا السند من سباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي الكلام أفضل) أي أكثر أجرًا عند الله تعالى، لم أر من ذكر اسم هذا السائل اه تنبيه المعلم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل أفضل الكلام هو (ما اصطفى الله) سبحانه واختاره (لملائكته) للذكر به (أو) قال الراوي أو من دونه ما اصطفى الله (عباده) ملائكة كانوا أو غيرهم، والشك من الراوي أو ممن دونه وذلك الذي اصطفى الله لعباده هو (سبحان الله وبحمده) والشك من الراوي أو ممن دونه وقيل إن أو بمعنى الواو، قال النووي: وهذا محمول على كلام الآدمي وإلا فالقرآن اْفضل من التسبيح وكذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل المطلق فأما المأثور في وقت أو حال ونحو ذلك فالاشتغال به أفضل والله أعلم اه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في كتاب الدعوات باب أيُّ الكلام أحب إلى الله الحديث [3593] اه تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6755 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن أبي بكير) اسمه

ص: 148

عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْجُرَيرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجِسْرِيِّ، مِنْ عَنَزَةَ، عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُخْبرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلى اللهِ؟ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ. فَقَالَ:"إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ"

ــ

نسر بفتح النون وسكون المهملة القيسي العبدي أبو زكرياء البغدادي، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (عن شعبة عن) سعيد بن إياس (الجريري عن أبي عبد الله) حميري بن بشير، وقيل حميد بن بشير (الجسري) نسبة إلى بني جسر وهم بطن (من) بني (عنزة) وقضاعة وهو جسر بن تيم بن القدم بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن ضرار بن معد بن عدنان، كذا ذكره السمعاني وآخرون اه نووي، وهو من ثقات التابعين، ولم يسمع من أبي ذر وأبي الدرداء، أخرج عنه البخاري في الأدب المفرد ولم يُخرج عنه في الصحيح (عن عبد الله بن الصامت) الغفاري البصري (عن أبي ذر) الغفاري رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة شعبة لوهيب بن خالد (قال) أبو ذر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بأحب الكلام) وأكثره أجرًا (إلى الله) أي عند الله تعالى، وألا هنا للعرض لدخولها على الجملة الفعلية، قال أبو ذر:(قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله؛ فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده).

قال القرطبي: وهذا الحديث يعارضه قوله في حديث أبي هريرة المتقدم في فضل التهليل: "ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك" وقوله: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبل لا إله إلا الله" رواه مالك في الموطإ والترمذي أيضًا وقد تقدم في حديث سمرة بن جندب قوله صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيتهن بدأت" رواه أحمد وابن ماجه، فقد مضى هذا الحديث بان الأربعة متساوية في الأفضلية والأحبية من غير مراعاة تقديم بعضها على بعض ولا تأخيره وأن التسبيح وحده لا ينفرد بالأفضلية ولا التهليل وحده أيضًا لا ينفرد بها وإذا ثبت ذلك فحيث أطلق أن أحد هذه الأذكار أفضل الكلام أو أحبه إنما يراد إذا انضمت إلى أخواتها الثلاث المذكورة في هذا الحديث إما مجموعة في اللفظ أو في القلب بالذكر لأن اللفظ إذا دل على واحد منها بالمطابقة دل على سائرها

ص: 149

6756 -

(2711)(60) حدَّثني أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَقصٍ الْوَكِيعِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَرِيزٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ،

ــ

باللزوم وبيان ذلك أن معنى سبحان الله البراءة له من كل النقائص والتنزيه عما لا يليق بجلاله، ومن جملتها تنزيهه عن الشركاء والأنداد وهذا معنى لا إله إلا الله هذا مدلول اللفظ من جهة مطابقته ولما وجب تنزيهه عن صفات النقص لزم اتصافه بصفات الكمال إذ لا واسطة بينهما وهي المعتر عنها بالحمد لله ثم لما تنزه عن صفات النقص واتصف بصفات الكمال وجبت له العظمة والجلال وهو معنى الله أكبر فقد ظهر لك أن هذه الأربعة الأذكار متلازمة في المعنى وأنها قد شملها لفظ الأحبية كما جاء في الحديث فمن نطق بجميعها فقد ذكر الله تعالى بأحب الكلام إلى الله لفظًا ومعنى ومن نطق بأحدها فقد ذكر الله ببعض أحب الكلام نطقًا وبجميعها معنى من جهة اللزوم الذي ذكرناه فتدبر هذه الطريقة فإنها حسنة وبها يرتفع التعارض المتوهم بين تلك الأحاديث والله تعالى أعلم، ولم أجد في كلام المشايخ ما يُقنع به وقد استخرت الله فيما ذكرته اه من المفهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة وهو فضل الدعاء للمسلمين بحديث أبي الدرداء رضي الله عنه فقال:

6756 -

(2711)(60)(حدثني أحمد بن عمر بن حفص) بن جهم بن واقد الكندي (الوكيعي) نسبة إلى وكيع لصحبته لوكيع بن الجراح، ثقة، من (10) روى عنه في (2) الصوم والدعاء (حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (20) بابًا (حدثنا أبي) فضيل بن غزوان الضبي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابًا (عن طلحة بن عبيد الله بن كريز) بفتح الكاف وكسر الراء آخره زاي الخزاعي أبي مطرف، روى عن أم الدرداء في الدعاء وابن عمرو وعائشة مرسلًا، ويروي عنه (م د) وفضيل بن غزوان وموسى بن شروان وعاصم بن سليمان الأحول وحماد بن سلمة وآخرون، قال ابن سعد: كان قليل الحديث، وقال أحمد والنسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من (3)(عن أم الدرداء) الصغرى هجيمة بنت يحيى وقيل جهيمة الأوصابية الدمشقية، ثقة، من (3) روى عنها في (3) أبواب (عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن عبد الله بن قيس الأنصاري الخزرجي

ص: 150

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدِ مُسْلِمِ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيبِ، إِلَاّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ، بِمِثْلٍ".

6757 -

(00)(00) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَرْوَانَ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ

ــ

الشامي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو الدرداء: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه) المسلم (بظهر الغيب) أي في حال غيبة المدعو له عن الداعي وفي سره لم يُطلع على دعائه أحدًا من الناس لأنه أبلغ في الإخلاص، والباء في قوله بظهر بمعنى في والظهر مقحم أي في غيبة المدعو له وفي سره (إلا قال الملك) الموكل به آمين له (ولك بمثل) ما دعوت له أي أجاب الله دعاءك له بما دعوته له وجزاك الله على دعائك له بمثل ما دعوته له، وقوله:(ولك بمثل) رواه أكثر الرواة بكسر الميم وسكون المثلثة، ورواه بعضهم بفتحها ومعناهما واحد، وفيه فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب أي في الغيب المشبه بالظهر بجامع الخفاء في كل لأن الشخص لا يرى ما خلف ظهره فهو من إضافة المشبه به إلى المشبه هذا على أنه غير مقحم ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضًا وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه دعوة دعا لأخيه المسلم أولًا بتلك الدعوة لأنها تستجاب ويحصل له مثلها اه نووي.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الصلاة باب الدعاء بظهر الغيب [1534]، وابن ماجه في المناسك باب فضل دعاء الحاج [2927].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه فقال:

6757 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا النضر بن شميل) المازني البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا موسى بن سروان) بالسين المهملة، ويقال فيه ابن شروان بالمثلثة بدل المهملة، ويقال فيه أيضًا بن مروان بالميم أوله العجلي البصري (المعلم) بصيغة اسم الفاعل، روى عن طلحة بن عبيد الله بن كريز في الدعاء، وأبي المتوكل الناجي وبديل بن ميسرة وغيرهم، ويروي عنه (م د س) والنضر بن شميل وشعبة وابن المبارك وغيرهم (حدثني طلحة بن

ص: 151

عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَرِيزٍ. قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ دَعَا لأخَيهِ بِظَهْرِ الْغَيبِ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ. وَلَكَ بِمِثلٍ".

6758 -

(00)(00) حدّثنا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيمَانَ، عَنْ أَبِي

ــ

عبيد الله بن كريز قال: حدثتني أم الدرداء) الصغرى التابعية الجليلة (قالت: حدثني سيدي) تعني زوجها أبا الدرداء نظير قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة موسى بن سروان لفضيل بن غزوان (من دعا لأخيه) المسلم (بظهر الغيب) أي في الغيب المشبه بالظهر في عدم علم ما فيه (قال الملك الموكل به) أي بتامين دعائه كلما دعا أو من الحفظة (آمين) له (و) هي (لك بمثل) ما دعوت له، قال القرطبي:(قوله ما من عبد مسلم يدعو لأخيه) .. إلخ المسلم هنا هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده الذي يحب للناس ما يحبه لنفسه لأن هذا هو الذي يحمله حاله وشفقته على أخيه المسلم اْن يدعو له بظهر الغيب أي في حال غيبته عنه وإنما خص حالة الغيبة بالذكر لبعدها عن الرياء والأغراض المفسدة أو المنقصة فإنه في حال الغيبة يتمحض الإخلاص ويصح قصد وجه الله تعالى بذلك فيوافقه الملك في الدعاء ويبشر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بأن له مثل ما دعا به لأخيه، والأخوة هنا هي الأخوة الدينية تكون معها صداقة ومعرفة وقد لا يكون وقد يتعين وقد لا يتعين فإن الإنسان إذا دعا لإخوانه المسلمين حيث كانوا وصدق الله في دعائه وأخلص فيه في حال الغيبة عنهم أو عن بعضهم قال الملك له ذلك القول بل قد يكون ثوابه أعظم لأنه دعا بالخير وقصده للإسلام ولكل المسلمين والله تعالى أعلم اه من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه فقال:

6758 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابًا (حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان) ميسرة الفزاري الكوفي، صدوق، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي

ص: 152

الزُّبَيْرِ، عَنْ صَفْوَانَ، (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ)، وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ. قَالَ قَدِمْتُ الشَّامَ. فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ. وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ. فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ، الْعَامَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ، فَإ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ، بِظَهْرِ الْغَيبِ مُسْتَجَابَةٌ. عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَك مُوَكَّلٌ. كلَّمَا دَعَا لأَخَيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ. وَلَكَ بِمِثْلٍ".

- قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ. فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ

ــ

الزبير) المكي محمد بن مسلم الأسدي مولاهم، صدوق، من (4) روى عنه في (9) أبواب (عن صفوان وهو ابن عبد الله بن صفوان) بن أمية بن خلف الجمحي المكي، روى عن أم الدرداء في الدعاء، وأبي الدرداء في الدعاء، وجده وعلي بن أبي طالب، ويروي عنه (م س ق) وأبو الزبير والزهري، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وقال النسائي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (وكانت تحته) وزوجته (الدرداء) بنت أبي الدرداء (قال) صفوان بن عبد الله (قدمت الشام) لزيارة صهري أبي الدرداء (فأتيت أبا الدرداء في منزله) وبيته (فلم أجده) في البيت (ووجدت أم الدرداء) الصغرى التابعية هجيمة بنت يحيى زوجته في البيت (فقالت) لي أم الدرداء:(أتريد الحج) في هذا (العام فقلت) لها: (نعم) أريد الحج في هذا العام (قالت) لي أم الدرداء: (فادع الله لنا) في حجك (بخير) الدنيا والآخرة (فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة) لأنه (عند رأسه ملك موكل) به (كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين) أي استجب يا رب دعاءه لأخيه ويقول أيضًا: (و) يستجيب الله (لك بمثل) ما دعوته لأخيك. وهذا السند من سداسياته ولكنه أرسلته أم الدرداء فأخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنها تابعية، غرضه بسوقه بيان متابعة صفوان بن عبد الله لطلحة بن عبيد الله في الرواية عن أم الدرداء ثم أسند صفوان بن عبد الله هذا الحديث فـ (قال) بالسند السابق:(فخرجت) من عند أم الدرداء (إلى السوق) أي إلى سوق دمشق (فلقيت أبا الدرداء) في السوق (فقال لي) أبو الدرداء أي حدثني (مثل ذلك) أي مثل ما حدثتني أم الدرداء حالة

ص: 153

يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِى صلى الله عليه وسلم.

6759 -

(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَقَالَ: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ.

6760 -

(2712)(61) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نمَيْرٍ، (وَاللفْظُ لابْنِ نُمَيْرٍ)، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ

ــ

كون أبي الدرداء (يرويه) أي يروي ذلك المثل (عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي الدرداء فقال:

6759 -

(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (20) بابًا (عن عبد الملك بن أبي سليمان) ميسرة الفزاري الكوفي، غرضه بيان متابعة يزيد بن هارون لعيسى بن يونس وساق يزيد (بهذا الإسناد) يعني عن أبي الزبير عن صفوان عن أم الدرداء عن أبي الدرداء (مثله) أي مثل حديث عيسى بن يونس (و) لكن (قال) يزيد في روايته لفظة (عن صفوان بن عبد الله بن صفوان) بخلاف عيسى فإنه قال (عن صفوان وكانت تحته الدرداء) لأن التفسير بقوله:(وهو ابن عبد الله بن صفوان) ليس من كلام عيسى بل هو من كلام المؤلف.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السادس من الترجمة وهو استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:

6765 -

(2712)(61)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن عبد الله (بن نمير واللفظ لابن نمير قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (ومحمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي، ثقة، من (9)(عن زكرياء بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (9) أبواب (عن سعيد بن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (6) أبواب (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس: (قال رسول الله

ص: 154

صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِن اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا. أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا".

6761 -

(00)(00) وحدّثنيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ

ــ

صلى الله عليه وسلم: إن الله) سبحانه وتعالى (ليرضى) ويحب (عن العبد) أي عن عبده يعني يثيبه (أن يأكل) العبد (الأكلة) بفتح الهمزة المرة الواحدة من الأكل كالعشاء والغداء وبضمها اللقمة والمعنى على كلا الضبطين صحيح والمراد بالحمد هنا الشكر، وقد قدمنا أن الحمد يوضع موضع الشكر ولا يوضع الشكر موضع الحمد اه مفهم. وفيه أن الشكر على النعمة وإن قلت سبب لنيل رضاء الله تعالى الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة لحديث:"أُحل لكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدًا" وكان الشكر سببًا لنيل ذلك الإكرام العظيم لأنه يتضمن معرفة المنعم وافتقار الشاكر إليه اه سنوسي (فيحمده) تعالى (عليها) أي على تلك الأكلة (أو يشرب الشربة فيحمده عليها) أي على تلك الشربة، قال النووي: فيه استحباب حمد الله تعالى عقب الأكل والشرب وقد جاء في البخاري بيان صيغة الحمد وهو الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا وجاء غير ذلك ولو اقتصر على الحمد لله حصل أصل السنة اه، قال في المبارق: إنما أتى بالمرة إشعارًا بأن الأكل أو الشرب وإن كان قليلًا يستحق الشكر عليه ثم من السنة أن لا يرفع صوته بالحمد عند الفراغ من الأكل إذا لم يفرغ جلساؤه كيلا يكون منعًا لهم اه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد في [105/ 3]، والترمذي في الأطعمة باب ما جاء في الحمد إذا فرغ من الطعام [1817].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6761 -

(00)(00)(وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا إسحاق بن يوسف) بن يعقوب بن مرداس المخزومي أبو محمد (الأزرق) الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا زكرياء) بن أبي زائدة، غرضه بيان متابعة إسحاق بن يوسف لأبي أسامة ومحمد بن بشر، وساق إسحاق (بهذا الإسناد) يعني عن سعيد عن أنس، وفي بعض النسخ حدثنا زكرياء بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي بردة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه.

ص: 155

6762 -

(2713)(62) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يُسْتَجَابُ لأحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَا، أَوْ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي "

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السابع من الترجمة وهو استجابة الدعاء ما لم يعجل الداعي بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6762 -

(2713)(62)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد) مصغرًا سعد بن عبيد (مولى) عبد الرحمن (بن أزهر) ويقال له مولى عبد الرحمن بن عوف لأنهما ابنا عم كان من فقهاء أهل المدينة القرشي الزهري المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب) الدعاء (لأحدكم ما لم يعجل) أي ما لم يستعجل في إجابته (فيقول: قد دعوت) الله تعالى (فلا) يستجاب الدعاء لي (أو) يقول أحدكم: دعوت الله تعالى (فلم يستجب لي) الدعاء.

واعلم أن إجابة الدعاء يكون بإحدى الطرق الثلاث إما أن يعطى الداعي بعين ما طلبه، أو يعطى ما هو أفضل منه في الدنيا، أو يدخر له ثواب الدعاء في الآخرة فيكون أفضل مما طلبه فمن لم يحصل له في الدنيا ما طلبه بالدعاء لا ينبغي له أن يقول لم يستجب لي لأنه يحتمل أن يتأخر مطلوبه لمصلحة الله أعلم بها، ويحتمل أن يكون قد أُعطي أفضل من مطلوبه في الدنيا والآخرة فقوله لم يستجب لي كأنه يعتب على الله عز وجل والعياذ بالله جراءة في جانب الله تعالى تحرمه من كل واحد من الطرق الثلاث في إجابة الدعاء.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 487]، والبخاري في الدعوات باب يستجاب للعبد ما لم يعجل [6340]، وأبو داود في الصلاة باب الدعاء [1484]، والترمذي في الدعوات باب (145) حديث [3602 و 3603]، وابن ماجه في الدعاء باب يستجاب لأحدكم ما لم يعجل [3898].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 156

6763 -

(00)(00) حَدَّثني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ لَيْثٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ وَأَهْلِ الْفِفهِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ ربي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لي"

ــ

6763 -

(00)(00)(حدثني عبد الملك بن شعيب بن ليث) بن سعد الفهمي نسبة إلى فهم بن عمرو المصري، ثِقَة، من (11) روى عنه في (11) بابًا (حَدَّثني أبي) شعيب بن ليث، ثِقَة، من (10) روى عنه في (11) بابًا (عن جدي) ليث بن سعد الفهمي المصري عالمها قرين مالك (حَدَّثني عقيل بن خالد) بن عقيل الأُموي المصري، ثِقَة، من (6) عن) محمَّد بن مسلم (بن شهاب) الزُّهْرِيّ المدنِيُّ، ثِقَة، من (4) (أنَّه قال: حَدَّثني أبو عبيد) سعد بن عبيد (مولى عبد الرَّحْمَن بن عوف وكان) أبو عبيد (من القراء وأهل الفقه) أي من قراء أهل المدينة وفقهائها (قال) أبو عبيد: (سمعت أَبا هريرة يقول) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة عقيل بن خالد لمالك بن أنس في الرواية عن ابن شهاب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُستجاب) الدعاء (لأحدكم ما لم يعجل) أي ما لم يستعجل إجابتها (فيقول) في استعجالها (قد دعوت ربي) كذا وكذا (فلم يستجب لي) ربي دعائي، قال القرطبي: ويستفاد من هذا استدامة الدعاء وترك اليأس من الإجابة ودوام رجائها واستدامة الإلحاح في الدعاء فإن الله تعالى يحب الملحّين عليه في الدعاء، وكيف لا، والدعاء مخ العبادة وخلاصة العبودية والقائل قد دعوت فلم أر يستجاب لي ويترك يكون قانطًا من رحمة الله وفي صورة الممتن بدعائه على ربه ثم إنه جاهل بالإجابة فإنَّه يظنها إسعافه في عين ما طلب فقد يعلم الله تعالى أن في عين ما طلب مفسدة فيصرف عنها فتكون إجابته في الصرف، وقد يعلم الله تعالى أن تأخيره إلى وقت آخر أصلح للداعي وقد يؤخره لأنه سبحانه يحب استماع دعائه ودوام تضرعه فتكثر أجوره حتَّى يكون ذلك أعظم وأفضل من عين المدعو به لو قضى له، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"ما من داع يدعو إلَّا كان بين إحدى ثلاث إما أن يستجاب له واما أن يدخر وإما أن يكفّر" رواه التِّرْمِذِيّ [3568] ثم بعد هذا كله فإجابة الدعاء وإن وردت في مواضع من الشرع مطلقة فهي مقيدة بمشيئته كما قال تعالى: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام/ 41] اه من المفهم.

ص: 157

6764 -

(00)(00) حَدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي مُعَاوِيةُ، (وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ)، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إدْرِيس الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ:"لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإثْم أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الاِسْتِعْجَالُ؟ قَالَ:"يَقولُ: قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي. فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدَع الدُّعَاءَ"

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6764 -

(00)(00)(حَدَّثني أبو الطاهر) أَحْمد بن عمرو بن سرح الأُموي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القُرشيّ المصري (أخبرني معاوية وهو ابن صالح) بن حدير بالمهملة مصغرًا الحضرمي أبو عبد الرَّحْمَن الحمصي، صدوق، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن ربيعة بن يزيد) الدِّمشقيّ أبي شعيب الإياديّ القصير الدِّمشقيّ، ثِقَة، من (4) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي إدريس الخولاني) العوذي عائذ الله بن عبد الله بن عمرو الشَّاميّ، ثِقَة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي إدريس الخولاني لأبي عبيد المدنِيُّ (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: لا يزال) الدعاء (يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم) فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب صغيرة كانت أو كبيرة (أو قطيعة رحم) من ذكر الخاص بعد العام اهتمامًا بشأنه ويدخل في قطيعة الرَّحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم، وقد بينا أن الرَّحم قسمان: رحم الإِسلام ورحم القرابة (ما لم يستعجل) ويمل من إجابته وينقطع رجاؤه منها (قيل: يَا رسول الله) ولم أر من ذكر اسم القائل (ما الاستعجال) أي ما معنى الاستعجال في الدعاء (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: الاستعجال في الدعاء أن (يقول) الداعي (قد دعوت) الله سبحانه مرة (وقد دعوت) أخرى (فلم أر) الدعاء (يستجاب لي فيستحسر) ويمل من الإجابة وينقطع رجاؤه فيها (عند ذلك) أي عندما قال ذلك (ويدع الدعاء) أي يتركه لانقطاع أمله فيها. قال أهل اللغة: يقال: حسر واستحسر إذا أعيا وعجز وانقطع عن الشيء وملَّ عنه ومنه حسر البعير إذا أعيا في الطريق والمراد هنا ينقطع عن الدعاء ومنه قوله تعالى: {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ

ص: 158

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} أي لا ينقطعون عنها اه نووي، قال القرطبي: قوله: (لا يزال يستجاب للعبد) .. إلخ والمراد بالعبد: العبد الصالح لقبول دعائه فإن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط في الداعي وفي الدعاء وفي الشيء المدعو به فمن شرط الداعي أن يكون عالمًا بأنه لا قادر على حاجته إلَّا الله تعالى وأن الوسائط في قبضته ومسخرة بتسخيره وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب وأن يكون متجنبًا عن أكل الحرام وأن لا يمل من الدعاء فيتركه ويقول: قد دعوت فلم يستجب لي كمال قال في الحديث ومن شروط المدعو به أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعًا كما قال في الحديث: "ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب ويدخل في قطيعة الرَّحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم كما مر اه من المفهم.

وهذه الرواية انفرد بها الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.

وداع الحديث على أدب عظيم من آداب الدعاء وهو أنَّه يلازم الطلب ولا ييئس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار حتَّى قال بعض السلف: ولأنَا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه "من فتح له منكم باب الدعاء فُتحت له أبواب الرحمة" الحديث أخرجه التِّرْمِذِيّ بسند لين وصححه الحاكم فوهم اه فتح الباري [11/ 141] ومن جملة آداب الدعاء تحري الأوقات الفاضلة كالصلاة والسجود وعند الأذان، ومنها تقديم الوضوء والصلاة واستقبال القبلة ورفع اليدين وتقديم التوبة والاعتراف بالذنب والإخلاص وافتتاحه بالحمد والثناء على الله والصلاة والسلام على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والتوسل بالأسماء الحسنى والله سبحانه وتعالى أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث تسعة: الأول: حديث جويرية ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث علي ذكره للاستدلال به على التسبيح عند النَّوم الذي هو الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والخامس: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثلاث متابعات، والسادس: حديث أبي ذر ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث أبي الدَّرداء ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثامن: حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين.

***

ص: 160