الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: الكتب القيمة: هي القرآن، سمي كتباً، لأنه يشتمل على أنواع من البيان.
قوله: {وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب} . أي: من اليهود والنصارى، خصَّ أهل الكتاب بالتفريق دون غيرهم، وإن كانوا مجموعين مع الكافرين؛ لأنهم مظنون بهم علم، فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب لهم أدخل في هذا الوصف.
قوله: {إِلَاّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينة} . أي: أتتهم البينة الواضحة، والمعني به محمد صلى الله عليه وسلم َ، أي القرآن موافقاً لما في أيديهم من الكتاب بنعته وصفته، وذلك أنهم كانوا مجتمعين على نبوته، فلما بعث جحدوا نبوته وتفرقوا، فمنهم من كفر، بغياً وحسداً، ومنهم من آمن، كقوله تعالى:{وَمَا تفرقوا إِلَاّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم بَغْياً بَيْنَهُمْ} [الشورى: 1
4]
وقيل: البينة البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل.
قال العلماء: من أول السورة، إلى قوله:«قَيِّمة» حكمها فيمن آمن من أهل الكتاب والمشركين، وقوله تعالى:{وَمَا تَفَرَّقَ} حكمه فيمن لم يؤمن من أهل الكتاب بعد قيام الحُججِ.
قوله: {وَمَآ أمروا} . يعني هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل {إِلَاّ لِيَعْبُدُواْ الله} أي: يوحدوه، واللام في {لِيَعْبُدُواْ} بمعنى «أنْ» كقوله تعالى:{يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26]، أي: أن يبين، و {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله} [الصف: 8] .
قوله: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} . العامة: على كسر اللام، اسم فاعل، وانتصب به الدين.
والحسن: بفتحها، على أنهم يخلصون هم أنفسهم في شأنهم.
وانتصب «الدِّينَ» على أحد وجهين: إما إسقاط الخافض، أي:«في الدين» ، وإما على المصدر من معنى «ليعبدوا» ، وكأنه قيل: ليدينوا الدين، أو ليعبدوا العبادة. [فالتجوز إما في الفعل، وإما في المصدر، وانتصاب مخلصين على الحال من فاعل «يعبدون» ] .
قوله: «حنفاء» حال ثانية، أو حال من الحال قبلها، أي: من الضمير المستكن فيها.
[قوله: {وَمَآ أمروا} أي: وما أمروا بما أمروا به إلا لكذا، وقرأ عبد الله: وما
أمروا إلا أن يعبدوا، أي بأن يعبدوا، وتقديم تحرير مثله عند قوله تعالى:{وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العالمين} في سورة الأنعام: [آية: 71]] .
فصل في معنى الآية
قال المفسرون: المعنى، وما أمر هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل {إِلَاّ لِيَعْبُدُواْ الله} ، أي: ليوحدوه، واللام بمعنى «أنْ» كقوله تعالى:{يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26]، ومنه قوله تعالى:{قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين} [الزمر: 11] أي: العبادة، وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات، فإن الإخلاص عمل القلب، وهو أن يراد به وجه الله لا غيره، وقوله تعالى:{حُنَفَآءَ} ، أي: مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، وكان ابن عباس يقول: حنفاء: على دين إبراهيم عليه السلام.
وقيل: الحنيف: من اختتن وحجّ، قاله سعيد بن جبير.
وقال أهل اللغة: وأصله أنه تحنف إلى الإسلام، أي: مال إليه.
قوله: {وَيُقِيمُواْ الصلاة} ، أي يصلُّوها في أوقاتها {وَيُؤْتُواْ الزكاة} ، أي: يعطوها عند محلها، وقوله:{وَذَلِكَ دِينُ القيمة} أي: ذلك الدين الذي أمروا به دين القيمة، أي: الدين المستقيم، وقال الزجاج أي: ذلك دين الملة المستقيمة، و «القَيِّمَةِ» نعت لموصوف محذوف، وقيل:«ذلك» إشارة إلى الدين، أي ذلك الدين الذي أمروا به أي الدين المستقيم أي ذلك دين الأمة القيمة.
وقال محمد بن الأشعث الطالقاني: الكتب القيمة، لأنها قد تقدمت في الذكر، قال تعالى:{فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} فلما أعادها مع «أل» العهدية، كقوله تعالى:{فعصى فِرْعَوْنُ الرسول} [المزمل: 16] ، وهو حسن.
وقرأ الحسن، وعبد الله:«وذلك الدين القيمة» ، والتأنيث حينئذٍ، إما على تأويل الدين بالملة، كقوله:[البسيط]
5264 -
…
... .....
…
...
…
...
…
...
…
.
…
سَائِلْ بَنِي أسدٍ مَا هَذهِ الصَّوتُ
وقال الخليل: القيمة جمع القيم، والقيم والقيمة واحد بتأويل: الصيحة، وإما على أنها تاء المبالغة: ك «علامة» .
وقال الفراء: أضاف الدين إلى «القيمة» وهو نعته، لاختلاف اللفظين، وعنه أيضاً: هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه، ودخلت الهاء للمدح.
قوله: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين} كما مرَّ في أول السورة، وقوله تعالى:{فِي نَارِ} هذا هو الخبر، و {خَالِدِينَ} حال من الضمير المستكن في الخبر.
قوله: {أولئك هُمْ شَرُّ البرية} .
وقرأ نافع وابن ذكوان: «البريئة» بالهمز في الحرفين، والباقون: بياء مشددة.
واختلف في ذلك الهمز، فقيل: هو الأصل من برأ الله الخلق، ابتدأه واخترعه، قال تعالى:{مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ} [الحديد: 22] ، فهي فعيلة بمعنى مفعولة، وإنما خففت والتزم تخفيفها عند عامة العرب.
وقد تقدم أن العرب التزمت غالباً تخفيف ألفاظ منها: النبي، والجاثية، والذرية.
قال القرطبي: «وتشديد الياء عوض من الهمزة» .
وقيل: «البريَّة» دون همز مشتقة من «البرى» وهو التراب، فهي أصل بنفسها، والقراءتان مختلفتا الأصل متّفقتا المعنى. إلا أن عطية ضعف هذا، فقال:«وهذا الاشتقاق يجعل الهمز خطأ، وهو اشتقاق غير مُرْض» انتهى.
يعني أنه إذا قيل: إنها مشتقة من «البرى» وهو التراب، فمن أين تجيء الهمزة في القراءة الأخرى.
قال شهاب الدين: «هذا غير لازم، لأنهما قراءتان مشتقتان، لكل منهما أصل مستقل، فتلك من» برأ «، أي: خلق، وهذه من» البرى «لأنهم خلقوا منه، والمعني بالقراءتين شيء واحد وهو جميع الخلق، ولا يلتفت إلى من ضعف الهمز من النحاة لثبوته متواتراً» .
قال القشيريُّ: «ومن قال: البرية من البرى، وهو التراب، قال: لا تدخل الملائكة تحت هذه اللفظة» .
وقيل: البرية: من بريت القلم، أي قدرته، فتدخل فيه الملائكة، ولكنه قول ضعيف؛ لأنه يجب فيه تخطئةُ من همز.
وقوله: {هُمْ شَرُّ البرية} ، أي: شر الخليقة، فقيل: يحتمل أن يكون على التعميم.
وقال قوم: أي هم شرُّ البرية الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم َ كقوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين} [البقرة: 47]، أي: على عالمي زمانكم، ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل هذا من هو شرّ منهم، مثل: فرعون، وعاقر ناقة صالح، وكذا قوله:{خَيْرُ البرية} إما على التعميم، أو خير برية عصرهم، وقد استدل بقراءة الهمزة من فضل بني آدم على الملائكة.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: المؤمن أكرم على الله عز وجل من بعض الملائكة الذين عنده.
وقرأ العامة: {خَيْرُ البرية} مقابلاً ل «شرّ» .
وقرأ عامر بن عبد الواحد: «خِيارُ البريَّةِ» وهو جمع «خير» نحو: جِيَاد، وطِيَاب، في جمع جيد وطيب؛ قاله الزمخشريُّ. قال ابن الخطيب: وقدم الوعيد على الوعد، لأنه كالداء، والوعد: كالغذاء والدَّواء، فإذا بقي البدن استعمل الغذاء، فينتفع به البدن، لأن الإنسان إذا وقع في شدة رجع إلى الله تعالى، فإذا نال الدنيا أعرض.
قوله: {جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} . أي: ثوابهم عند خالقهم ومالكهم {جَنَّاتُ عَدْنٍ} .
قال ابن الخطيب: قال بعض الفقهاء: من قال: لا شيء لي على فلان انتفى الدين، وله أن يدعي الوديعة، وإن قال: لا شيء لي عنده انصرف إلى الوديعة دون الدين، ولإن قال: لا شيء لي قبلهُ انصرف إليهماً معاً، فقوله تعالى:{عِندَ رَبِّهِمْ} يفيد أنها أعيان مودعة عنده، والعين أشرف من الدين، والضمان إنما يرغب فيه خوف الهلاك، وهو محال في حقه تعالى. وتقدم الكلام على نظيره.
قوله: {تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنهار} ، الجنات: البساتين، والعدن: الإقامة، يقال: عدن بالمكان يعدن عدناً وعدوناً، أي: أقام. ومعدن الشيء: مركزه ومستقره، وقيل:«عدن» : بطنان الجنة ووسطها.
قوله: {خَالِدِينَ فِيهَآ} ، حال عامله محذوف، تقديره: ادخلوها خالدين، أو أعطوها، ولا يجوز أن يكون حالاً من الضمير المجرور في «جزَاؤهُم» لئلا يلزم الفصلُ بين المصدر ومعموله بأجنبي، على أنَّ بعضهم: أجازه من «هم» واعتذر هنا بأن المصدر غير مقدر بحرف مصدري.
قال أبو البقاء: وهو بعيد، وأما «عِند ربِّهِمْ» فيجوز أن يكون حالاً من «جَزاؤهُمْ» ، وأن يكون ظرفاً له، و «أبَداً» ظرف مكان منصُوب ب «خالدِيْنَ» . أي لا يظعنون ولا يموتون.
قوله: {رِّضِىَ الله عَنْهُمْ} ، يجوز أن يكون دعاء مستأنفاً، وأن يكون خبراً ثانياً، وأن يكون حالاً ثانياً بإضمار «قَد» عند من يلزم ذلك.
قال ابن عباس: «رضي اللهُ عنهُمْ ورَضُوا عنه» أي: رضوا بثواب الله تعالى.
قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} أي: ذلك المذكور من استقرار الجنة مع الخلود.
أي: خاف ربه، فتناهى عن المعاصي.
روى أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم َ قال لأبيِّ بن كعب: إن الله تَعالَى أمَرنِي أنْ أقْرَأ عليْكَ: {لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ} ، قال: وسمَّاني لك؟ قال عليه الصلاة والسلام:» نَعم «فبكى» خرجه البخاري ومسلم.
قال القرطبيُّ: «من الفقه قراءة العالم على المتعلم» .
قال بعضهم: إنما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم َ على أبيٍّ، ليعلم الناس التواضع لئلا يأنف أحد من التعليم والقراءة على من دونه من المنزلة.
وقيل: إن أبياً كان أسرع آخذاً لألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم َ ويعلم غيره، فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه صلى الله عليه وسلم َ، وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ رضي الله عنه وعن بقية الصحابة أجمعين إذ أمر صلى الله عليه وسلم َ أن يقرأ عليه. والله أعلم.
سورة الزلزلة
مدنية في قول ابن عباس وقتادة، ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر، وهي ثمان آيات، وخمس وثلاثون كلمة، ومائة وتسع وأربعون حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى:{إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا} . «إذّا» شرط، وجوابه «تُحدِّثُ» ، وهو النَّاصب لها عند الجمهور.
وجوَّز أبو البقاء أن يكون العامل فيها مصدراً.
وغيره يجعل العامل فيها ما بعدها، وإن كان معمولاً لها بالإضافة تقديراً، واختاره مكي، وجعل ذلك نظير «من وما» ، يعني أنهما يعملان فيما بعدهما الجزم، وما بعدهما يعمل فيهما النصب، ولو مثل ب «أي» لكان أوضح.
وقيل: العامل فيها مقدر، أي: يحشرون.
وقيل: اذكر، وحينئذ يخرج عن الظرفية والشرط.
فصل في المناسبة بين أول هذه السورة وآخر السورة المتقدمة
وجه المناسبة بين أول هذه السُّورة وآخر السورة المتقدمة، أنه تعالى لما قال:{جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} فكأن المكلف قال: ومتى يكون ذلك؟ .
فقيل له: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض} فالعاملون كلهم يكونون في الخوف، وأنت في ذلك الوقت تنال جزاءك، وتكون آمناً، لقوله تعالى:{وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: 89] .
وقيل: لما ذكر في السُّورة المتقدمة وعيد الكافر ووعد المؤمن أراد أن يزيد في
وعيد الكافر، فقال: أجازيه، حتى يقول الكافر السابق ذكره: ما للأرض تزلزلت، نظيره {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] ، فذكر سبحانه الطائفتين، وذكر ما لكل طائفةٍ، ثم جمع بينهما في آخر السورة بذكر الذرة من الخير، فإن قيل:«إذَا» للوقت، فكيف وجه البداية بها في السورة؟ الجواب: أنهم كانوا يسألونه عن الساعة، فقال تعالى:{إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا} فإنه تعالى يقول: لا سبيل إلى تعيينها بحسب وقتها، ولكن أعينه بحسب علاماته، أو أنه تعالى أراد أن يخبر المكلف أن الأرض تتحدث وتشهد يوم القيامة مع أنها في هذه الساعة جماد، فكأنه لما قيل: متى يكون ذلك؟ قال تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض} .
فصل في معنى الزلزلة
روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: النفخة الأولى تزلزلها، وهو قول مجاهد، لقوله تعالى:{يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة تَتْبَعُهَا الرادفة} [النازعات: 6، 7] ، ثم تزلزل ثانية، فتخرج موتاها، وهي الأثقال، وذكر المصدر للتأكيد، ثم أضيف إلى الأرض، كقولك: لأعطينَّكَ عطيتك، أي: عطيتي لك، وحسن ذلك لموافقة رءوس الآي بعدها.
وهو مصدر مضاف لفاعله، والمعنى زلزالها الذي تستحق ويقتضيه عظمها.
قال الزمخشري: «ونحوه قولك: أكرم التقي إكرامه، وأهن الفاسق إهانته» .
قرأ الجمهور: «زِلْزالهَا» بكسر الزاي، والجحدري وعيسى: بفتحها.
قيل: هما مصدران بمعنى.
وقيل: المكسور مصدر، والمفتوح اسم، قاله الزمخشري. وليس في الأبنية «فعلال» يعني غالباً، وإلا فقد ورد: ناقة جزعال.
قال القرطبيُّ: «والزَّلزال - بالفتح - مصدر، كالوسواس، والقلقال والجرْجَار» .
قوله: {وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا} .
قال أبو عبيدة والأخفش: إذا كان الميت في بطن الأرض، فهو ثقل لها، وإذا كان فوقها، فهو ثقل عليها.
وقال ابن عباس ومجاهد: «أثْقَالهَا» موتاها، تخرجهم في النفخة الثانية.
ومنه قيل للجن والإنس: الثقلان، وقيل:«أثْقالهَا» : كنوزها، ومنه الحديث:«تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الإسطوان من الذهب والفضة» .
قوله: {وَقَالَ الإنسان} ، أي ابن آدم، الكافر.
وقال ابن عباس: هو الأسود بن عبد الأسد.
وقيل: أراد كلَّ إنسان يشاهد ذلك عند قيام الساعة في النفخة الأولى من مؤمن وكافر، وقوله:{مَا لَهَا} ابتداء وخبر، وهذا يرد قول من قال: إن الحال في نحو قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ} [المدثر: 49] لازمة لئلا يصير الكلام غير مفيد، فإنه لا حال هنا، ومعنى:{مَا لَهَا} أي: ما لها زلزلت، وقيل: ما لها أخرجت أثقالها {وهي كلمة تعجب، أي: لأي شيء زلزلت؟} ويجوز أن يُحيي الله الموتى بعد وقوع النفخة الأولى، ثم تتحرك الأرض، فتخرج الموتى، وقد رأوا الزلزلة، وانشقاق الأرض عن الموتى فيقولون من الهول: ما لها، [كأنهم يخاطبون أنفسهم تعجباً] .
قوله: {يَوْمَئِذٍ} ، أي: يوم إذا زلزلت، والعامل في «يَومَئذٍ» :«تُحدِّثُ» إن جعلت «إذَا» منصوبة بما بعدها، [أو بمحذوف، وإن جعلت العامل فيها «تحدّث» كان «يومئذ» بدلاً منها فالعامل فيه] العامل فيها، أو شيء آخر، لأنه على تكرير العاملِ، وهو خلاف مشهور.
فصل في معنى الآية
معنى «تحدث أخبارها» ، أي: تخبر الأرض بما عمل عليها من خير، أو شر يومئذ.
ثم قيل: هو من قول الله تعالى.
وقيل: من قول الإنسان، أي: يقول الإنسان «مَا لَهَا» ، «تُحدِّثُ أخْبارهَا» متعجباً.
روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه «قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم َ هذه الآية {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال: أتدْرُونَ ما أخْبارُهَا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنَّ أخبارها أن تشْهَدَ على كُلِّ عبدٍ أو أمةٍ بما عمل على ظهرهَا تقُول: عملَ يَوْمَ كَذَا، كَذَا وكَذَا، قال:» فهَذهِ أخْبارُهَا «» .
قال الماورديُّ: قوله تعالى: {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن تحدث أخبارها بأعمال العباد على ظهرها، قاله أبو هريرة رضي الله عنه ورواه مرفوعاً، وهو قول من زعم أنها زلزلة القيامة.
الثاني: قال يحيى بن سلام: {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} بما أخرجت من أثقالها، وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة.
الثالث: قال ابن مسعود: أنها تحدث بقيام الساعة، إذا قال الإنسان: ما لها؟ فتحبر أن أمر الدنيا قد انقضى، وأمر الآخرةِ قد أتى، فيكونُ ذلك منها جواباً لهم عند سؤالهم، ووعيداً للكافر، وإنذاراً للمؤمن.
وفي حديثها بأخبارها ثلاثةُ أقاويل:
أحدها: أن الله تعالى يقلبها حيواناً ناطقاً، فتتكلم بذلك.
الثاني: أن الله يحدث فيها الكلام.
الثالث: أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام.
قال الطبريُّ: تبين أخبارها بالرَّجَّة، والزلزلة، وإخراج الموتى.
قوله: {بِأَنَّ رَبَّكَ} متعلق ب «تُحدِّثُ» ، أي: تحدث الأرض بما أوحى إليها ويجوز أن يتعلق بنفس أخبارها.
وقيل: الباء زائدة و «أنَّ» وما في حيزها بدل من أخبارها.
وقيل: الباء سببية، أي: بسبب إيحاء الله إليها.
وقال الزمخشريُّ: «فإن قلت: أين مفعولاً» تُحدِّثُ «؟ .
قلت: حذف أولهما، والثاني: أخبارها، أي: تحدث الخلق أخبارها، إلا أن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق تعظيماً لليوم.
فإن قلت: بم تعلقت الباء، في قوله» بأنَّ ربَّك «؟ .
قلتُ: ب» تحدث «ومعناه: تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها، وأمره إياها
بالتحديث، ويجوز أن يكون المعنى: يومئذٍ تحدثُ بتحديث أن ربَّك أوحى لها أخبارها على أن تحديثها بأن ربِّك أوحى لها تحديث بأخبارها، كما تقول: نصحتني كُلَّ نصيحة بأن نصحتني في الدين» .
قال أبو حيان: وهو كلام فيه عفش، ينزه القرآن عنه.
قال شهاب الدين: وأي عفش فيه، فصحته وفصاحته، ولكنه لما طال تقديره من جهة إفادة هذا المعنى الحسن جعله عفشاً وحاشاه.
ثم قال الزمخشري: «ويجوز أن يكون» بأنَّ ربَّك «بدلاً من» أخبارها «كأنه قيل: يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربَّك أوحى لها، لأنك تقول: حدثته كذا، وحدثته بكذا» .
قال أبو حيَّان: «وإذا كان الفعل تارة يتعدى بحرف جر، وتارة يتعدى بنفسه، وحرف الجر ليس بزائد، فلا يجوز في تابعه إلَاّ الموافقة في الإعراب، فلا يجوز:» استغفرتُ الذنب العظيم «بنصب» الذنب «وجر» العظيم «لجواز أنك تقول:» من الذنب «، ولا» اخترتُ زيداً الرجال الكرام «بنصب» الرجال «وخفض» الكرام «وكذلك لا يجوز:» استغفرتُ من الذنب العظيم «بجر» الذنب «ونصب» العظيم «وكذلك في» اخترتُ «فلو كان حرف الجر زائداً جاز الإتباع على موضع الاسم، بشروطه المحررة في علم النحو، تقول: ما رأيت من رجل عاقلاً، لأن» من «زائدة، ومن رجل عاقل على اللفظ، ولا يجوز نصب» رجل «وجر» عاقل «على مراعاة جواز دخول» من «وإن ورد شيء من ذلك، فبابه الشعر» . انتهى.
قال شهاب الدين: ولا أدري كيف يلزم الزمخشري ما ألزمه به من جميع المسائلِ التي ذكرها، فإن الزمخشري يقول: إن هذا بدل مما قبله، ثم ذكر مسوغ دخول الباءِ في البدل، وهو أن المبدل منه يجوز دخول الباء عليه، فلو حل البدل محل المبدل منه ومعه الباء لكان جائزاً، لأن العامل يتعدى به، وذكر مسوغاً لخلو المبدل منه من الباء، فقال:«لأنك تقول: حدثته كذا وحدثته بكذا» ، وأما كونه يمتنع أن يقول:«استغفرتُ الذنب العظيم» بنصب «الذنب» وجرّ «العظيمِ» إلى آخره، فليس في كلام الزمخشري شيء منه ألبتة، ونظير ما قاله الزمخشري في باب «استغفر» ان تقول: استغفرت الله ذنباً من شتمي زيداً، فقولك «من شتمي» بدل من «الذنب» ، وهذا جائزٌ لا محالة.
قوله
{أوحى
لَهَا
} . في هذه اللام أوجه:
أحدها: أنها بمعنى «إلى» ، وإنما أوثرت على «إلى» لمراعاة الفواصل، والمعنى: أوحى لها تحدث أخبارها بوحي الله تعالى لها أي إليها، والعرب تضع لام الصفة موضع «إلى» ، قال العجَّاجُ يصفُ الأرض:[الرجز]
5265 -
أوْحَى لهَا القَرار فاسْتقرَّتِ
…
وشدَّهَا بالرَّاسياتِ الثُّبَّتِ
قاله أبو عبيدة.
الثاني: على أصلها، «أوحَى» يتعدى باللام تارة، وب «إلى» أخرى، ومنه البيت.
الثالث: اللام على بابها من العلة، والموحى إليه محذوف، وهو الملائكة، تقديره: أوحى إلى الملائكة لأجل الأرض، أي: لأجل ما يفعلون فيها.
قال الثوريُّ: تحدث أخبارها مما كان عليها من الطَّاعات والمعاصي، وما كان على ظهرها من خير وشر.
قوله: {يَوْمَئِذٍ} إما بدل من «يَومئذٍ» قبله، وإما منصوب ب «يَصْدرُ» ، وإما منصوب ب «اذكر» مقدراً. وقوله تعالى:{أَشْتَاتاً} : حال من الناس، وهو جمع «شت» أي: متفرقين في الأمن والخوف والبياض والسواد، والصدر ضد الورود عن موضع الحساب، فريق إلى جهة اليمين إلى الجنة، وفريق إلى جهة الشَّمال إلى النار، لقوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} [الروم: 14]{يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43] .
وعن ابن عباس رضي الله عنه: «أشْتَاتاً» متفرقين على قدر أعمالهم، أهل الإيمان على حدة، وأهل كل دين على حدة.
وقيل: هذا الصدر إنما هو عند النشور، يصدرون أشتاتاً، من القبور إلى موقف الحساب ليروا أعمالهم في كتبهم، أو ليروا جزاء أعمالهم، فإنهم وردوا القبور فدفنوا فيها ثم صدروا عنها، وقوله تعالى:{أَشْتَاتاً} ، أي: يبعثون من أقطار الأرض، فعلى هذا قوله تعالى:{لِّيُرَوْاْ} متعلق ب «يصدرُ» ، وعلى القول الأول فيه تقديم وتأخير أي: تحدث أخبارها بأن ربَّك أوحى لها، ليروا أعمالهم، واعترض قوله:{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً} متفرقين عن موقف الحساب، وعلى هذا تتعلق ب «أوحى» ، وقرأ العامة: ببنائه للمفعول، وهو من رؤية البصر، فتعدى بالهمزة إلى ثان، وهو أعمالهم، والتقدير: ليريهم الله أعمالهم.
وقرأ الحسن والأعرج: وقتادة، وحماد بن سلمة، ونصر بن عاصم، وطلحة، ويروى عن نافع: بفتحها.
قال الزمخشري: وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم َ مبنياً للفاعل.
قوله: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} .
قال ابن عباس رضي الله عنه: من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيراً يره في الدنيا، ولا يثاب عليه في الآخرة، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة مع عقاب الشرك، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا، ولا يعاقب عليه في الآخرة إذا مات، ويتجاوز عنه، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه، ويضاعف له في الآخرة.
وفي بعض الحديث: «أن الذرة لا زنةَ لهَا» ، وهذا مثل ضربه الله تعالى أنه لا يغفل من عمل ابن آدم صغيرة، ولا كبيرة، وهو مثل قوله تعالى:{إِنَّ الله لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] وقد تقدم أن الذر لا وزن له.
وذكر بعض أهل اللغةِ: أن الذَّرَّ: أن يضرب الرَّجل بيده على الأرض، فما علق بها من التراب فهو الذَّر، وكذا قال ابن عباس: إذا وضعت يدك على الأرض، ورفعتها، فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة.
وقيل: الذر نملة صغيرة، وأصغر ما تكون إذا مضى عليها حول.
قال امرؤ القيس: [الطويل]
5266 -
مِنَ القَاصِراتِ الطَّرفِ لوْ دَبَّ مُحوِلٌ
…
مِنَ الذَّرَّ فوْقَ الإتْبِ منْهَا لأثَّرَا
قال محمد بن كعب القرظي: فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر، يرى ثوابه في الدنيا، في نفسه وماله وأهله ووطنه، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في ماله ونفسه وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا، وليس له عند الله شر، ودليله ما رواه أنس رضي الله عنه «أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم َ [وأبو بكر يأكل فأمسك، وقال: يا رسول الله] ، وإنا لنرى ما عملنا من خير وشر؟ قال النبي:» يا أبا بكر، مَا رأيْتَ في الدُّنيا مِمَا
تكرَهُ فَهُوَ مَثَاقيلُ ذر الشر، ويدخر لكم مثاقِيلُ ذرِّ الخَيْرِ، حتَّى تُعطوهُ يَوْمَ القِيَامَةِ «» .
قال أبو إدريس: إن مصداقه في كتاب الله: {وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30] .
قال مقاتل: نزلت في رجلين، وذلك أنه لما نزل {وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ} [الإنسان: 8] ، كان أحدهم يأتيه السائلُ، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة، وكان الآخر يتهاون بالذَّنب اليسير، كالكذبة والغيبة والنظرة، ويقول: إنما أوعد الله النَّار على الكبائر، فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يعطوه، فإنه يوشك أن يكثر، وتحذرهم اليسير من الذنب، فإنه يوشك أن يكثر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم َ:«اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشقِّ تَمرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلمَةٍ طيِّبةٍ» .
فصل في قراءة «يره»
قوله: {يَرَهُ} ، جواب الشرط في الموضعين.
وقرأ هشام: بسكون هاء «يَرَهُ» وصلاً في الحرفين، وباقي السبعة: بضمها موصولة بواو وصلاً، وساكنة وقفاً، كسائر «ها» الكناية.
ونقل أبو حيان عن هشام وأبي بكر: سكونها.
وعن أبي عمرو: بضمها مشبعتين، وباقي السبعة بإشباع الأولى وسكون الثانية انتهى.
وكان ذلك لأجل الوقف على آخر السورة غالباً، أما لو وصلوا آخرها بأول «العَادِيَات» كان الحكم الإشباع، وهذا مقتضى أصولهم، وهو المنقول.
وقرأ العامة: «يَرَهُ» مبنياً للفاعل فيهما.
وقرأ ابن عبَّاسٍ والحسن ابنا علي بن أبي طالب، وزيد بن علي وابو حيوة وعاصم والكسائي في رواية الجحدريِّ والسلمي وعيسى بن عمر: بضم الياء، أي: يريه اللهُ إياه.
قال القرطبيُّ: والأولى الاختيار، لقوله تعالى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} [آل عمران: 30] .
وقرأ عكرمة: «يَرَاه» بالألف، إما على تقدير الجزم بحذف الحركة المقدرة، وإما على توهم أن «من» موصولة. وتقدم هذا في أواخر «يوسف» . ومعنى «يره» أي: يرى جزاءه؛ لأن ما عمله قد مضى وعدم.
وحكى الزمخشري: إن أعرابياً أخر: «خَيْراً يرهُ» ، فقيل له: قدمت وأخرت؛ فقال: [الطويل]
5267 -
خُذَا جَنْبَ هَرْشَى أو قَفَاهَا فإنَّهُ
…
كِلَا جَانِبَيْ هَرْشَى لهُنَّ طَريقُ
انتهى.
يريد: أن التقديم والتأخير سواء، وهذا لا يجوز - ألبتة - فإنه خطأ، فلا يعتمد به قراءة. وفي نصب «خيراً، وشراً» ، وجهان:
أظهرهما: أنهما تمييز لأنه مقدار.
والثاني: أنهما بدلان من مثقال.
فصل في الكلام على هذه الآية
قال ابن مسعود رضي الله عنه: هذه أحكم آية في القرآن وأصدق. وقد اتفق العلماء على عموم هذه الآية، القائلون بالعموم ومن لم يقل به.
قال كعبُ الأحبار رضي الله عنه: لقد أنزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم َ آيتين، أحصتا ما في التوراة والإنجيل والزبور والصحف:{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} . [وكان النبي صلى الله عليه وسلم َ يسمي هذه الآية الجامعة الفاذّة] .
روى مالك في «الموطأ» : أن مسكيناً استطعم عائشة رضي الله عنها وبين يديها عنب، فقالت لإنسان: خذ حبة وأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويتعجب، فقالت عائشة: أتعجب، كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة.
روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم َ: «مَنْ قَرَأ {إِذَا زُلْزِلَتِ} عدَلتْ لهُ نِصفَ القُرآنِ، ومَنْ قَرَأ: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصمد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} عدلتْ لهُ ثُلُثَ القُرآنِ» .
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم َ: «مَنْ قَرَأ {إِذَا زُلْزِلَتِ} أربعَ مرَّاتٍ، كَانَ كَمَنْ قَرَأ القُرآنَ كُلَّهُ» والله أعلم.