الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: {يَحْسَبُ} ، يجوز أن يكون مستأنفاً، وأن يكون حالاً من فاعل «جَمَعَ» ، و «أخْلدهُ» بمعنى:«يُخلِدهُ» وأوقع الماضي موقع المضارع.
وقيل: هو على الأصل، أي: أطال عمره.
قال السديُّ: «يظن أن ماله أخلده، أي: يبقيه حياً لا يموت» .
وقال عكرمة: أي: يزيد في عمره وقيل: أحياه فيما مضى.
وهو ماض بمعنى المستقبل، وقالوا: هلك والله فلان، ودخل النار. أي: يدخل النار.
قوله: {كَلَاّ} ، رد لما توهمه الكفار، أي: لا يخلد ولا يبقى له مال.
وقيل: حقاً لينبذن.
قوله: {لَيُنبَذَنَّ} ، جواب قسم مقدر، وقرأ علي والحسن رضي الله عنهما بخلاف عنه، ومحمد بن كعب، ونصر بن عاصم، وحميد، وابن محيصن، وأبو عمرو في رواية:«لَيُنْبذَنَّ» بألف التثنية، لينبذان أي: هو وماله.
وعن الحسن أيضاً: «ليُنبذُنَّ» بضم الذال، وهو مسند لضمير الجماعة، أي: ليطرحن الهمزة، وأنصاره واللمزة، والمال، وجامعه معاً.
وقرأ الحسن أيضاً: «ليُنبذَنَّهُ» على معنى لينبذن ماله.
وعنه أيضاً: بالنون «لَنَنْبُذَنَّهُ» على إخبار الله - تعالى - عن نفسه، وأنه ينبذ صاحب المال. {فِي الحطمة} وهي نار الله، سميت بذلك؛ لأنها تكسر كل ما يلقى فيها وتحطمه، وتهشمه، والحطمة: الكثير الحطم، يقال: رجل حطمة: أي أكول، وحطمته: كسرته، قال:[الرجز]
530
4
-
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
قَدْ لفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ
وقال آخر: [الرجز]
5305 -
إنَّا حَطَمْنَا بالقَضيبِ مُصْعبَا
…
يَوْمَ كَسرْنَا أنفهُ ليَغْضَبَا
حكى الماوردي عن الكلبي: ان الحطمة، هي الطبقة السادسة من طبقات جهنم، وحكي القشيريُّ عنه:«الحُطمةُ» الدرجة الثانية من درج النار.
وقال الضحاك: وهي الدرك الرابع.
وقال ابن زيدٍ: اسم من أسماء جهنم.
قوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحطمة} ، على التعظيم لشأنها، والتفخيم لأمرها: ثم فسرها ما هي فقال: {نَارُ الله الموقدة} ، أي: هي نار الله التي أوقد عليها ألف عام، حتى احمرت، وألف عام حتى اسودّت، وألف عام حتى ابيضّت.
قوله: {التي تَطَّلِعُ} يجوز أن تكون تابعة ل «نارُ اللهِ» ، وأن تكون مقطوعة.
قال محمد بن كعب: تأكل النار جميع ما في أجسادهم، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد، خلقوا خلقاً جديداً، فرجعت تأكلهم، وكذلك روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم َ:«إنَّ النار تأكل أهلها، حتى إذا طلعت على أفئدتهم انتهت، ثُمَّ إذا صدروا تعود، فلذلك قوله تعالى: {نَارُ الله الموقدة التي تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة} » وخص الأفئدة؛ لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه، أي: أنه في حال من يموت، وهم لا يموتون، كما قال تعالى:{لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يحيى} [طه: 74] فهم إذاً أحياءٌ، في معنى الأموات.
وقيل: معنى {تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة} أي: تعلم مقدار ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب، وكذلك بما استبقاه الله - تعالى - من الأمارة الدَّالة عليه، ويقال: اطَّلَع فلان على كذا: أي: علمه، [وقد قال تعالى:{تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وتولى} [المعارج: 17] .
وقال تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} [الفرقان: 12] .
قوله تعالى: {إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ} . أي: مطبقة عليهم، قاله الحسن والضحاك وقد تقدم في سورة البلد.
وقيل: مغلقة بلغة قريش، يقولون: أصدتُ الباب: إذا أغلقته. قاله مجاهد.
ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات: [الخفيف]
5306 -
إنَِّ في القصْرِ لوْ دخلْنَا غَزالاً
…
مُصْفقاً مُوصداً عليْهِ الحِجَابُ
قوله: {عَمَدٍ} . قرأ الأخوان وأبو بكر: بضمتين، جمع عمود، نحو رسول ورسل.
وقيل: جمع عماد، نحو: كتاب وكتب.
وروي عن أبي عمرو: الضم، والسكون، وهوتخفيف لهذه القراءة.
والباقون: «عَمَدٍ» بفتحتين، فقيل: بل هو اسم جمع ل «عمود» .
وقيل: بل هو جمع له.
قال الفراء: ك «أديم وأدم» .
وقال أبو عبيدة: هو جمع عماد.
و «فِي عَمَدٍ» يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «عَليهِم» ، أي: موثقين، وأن يكون خبراً لمبتدأ مضمر، أي: هم في عمد، وأن يكون صفة ل «مُؤصَدةٌ» ، قاله أبو البقاء. يعني: فتكون النَّار داخل العمد.
وقال القرطبي: «الفاء بمعنى الباء، أي: موصدة بعمد ممدة» . قاله ابن مسعود، وهي في قراءته:«بعمد ممددة» .
قال الجوهريُّ: العمُود: عمود البيت، وجمع القلّة، أعمدة، وجمع الكثرة: عُمُد وعَمَد، وقرئ بهما في قوله تعالى:{فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} .
وقال أبو عبيدة: العمُود: كل مستطيل من خشب، أو حديد، وهو أصل للبناء مثل العماد. عمدت الشيء فانعمد أي: أقمته بعماد يعتمد عليه، وأعمدته أي جعلت تحته عماداً.
فصل في معنى الآية
وقال قتادة: عمد يعذبون بها، واختاره الطَّبري.
وقال ابن عبًّاس: إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم.
وقال أبو صالح: قيود في أرجلهم.
وقال القشيري: العمد: أوتاد الأطباق.
وقيل: المعنى، في دهور ممدودة، لا انقطاع لها.
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم َ: «مَنْ قَرَأ {ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ} أعطيَ مِنَ الأجْرِ عَشْرَ حَسناتٍ، وبعدد من اسْتَهْزأ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم َ» .