المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ التَّوَابِعِ: وَالْعَطْفُ وَالتَّأْكِيدُ1 أَيْضًا وَالبَدَلْ … تَوَابِعٌ يُعْرَبْنَ إِعْرَابَ الأُوَلْ وَهَكَذَا - اللمحة في شرح الملحة - جـ ٢

[ابن الصائغ]

الفصل: ‌ ‌بَابُ التَّوَابِعِ: وَالْعَطْفُ وَالتَّأْكِيدُ1 أَيْضًا وَالبَدَلْ … تَوَابِعٌ يُعْرَبْنَ إِعْرَابَ الأُوَلْ وَهَكَذَا

‌بَابُ التَّوَابِعِ:

وَالْعَطْفُ وَالتَّأْكِيدُ1 أَيْضًا وَالبَدَلْ

تَوَابِعٌ يُعْرَبْنَ إِعْرَابَ الأُوَلْ

وَهَكَذَا الْوَصْفُ إِذَا ضَاهَى الصِّفَهْ

مَوْصُوفُهَا مُنَكَّرًا أَوْ مَعْرِفَهْ

تَقُولُ: خَلِّي الْمَزْحَ وَالمُجُونَا

وَأَقْبَلَ الحُجَّاجُ أَجْمَعُونَا

وَامْرُرْ بِزَيْدٍ رَجُلٍ ظَرِيفِ

وَاعْطِفْ عَلَى سَائِلِكَ الضَّعِيفِ

التّوابعُ خمسة؛ وهي:

التّأكيد، والبَدَل، والوصف، وعطف البيان، وعطف الحرف.

والتّابِع هو: المشارك ما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدّد2.

فـ (المشارك ما قبله) : يشمل التّابع وغيره.

[و] 3 قوله: (الحاصل والمتجدّد4) : يخرج خبر المبتدأ، والحال من المنصوب.

1 في متن الملحة 42، وشرح الملحة 286: وَالتَّوْكِيدُ.

2 في أ: والمتحدّد، وهو تصحيف.

وهذا هو تعريف شيخه ابن النّاظم 490.

3 العاطِف ساقطٌ من ب.

4 في أ: والمتحدّد، وهو تصحيف.

ص: 687

[بَابُ] 1 حُرُوفِ العَطْفِ:

وَأَحْرُفُ الْعَطْفِ جَمِيعًا عَشَرَهْ

مَحْصُورَةٌ مَأْثُورَةٌ مُسَطَّرَهْ

الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَثُمَّ لِلْمَهَلْ

وَلَا وَحَتَّى ثُمَّ أَوْ وَأَمْ وَبَلْ

وَبَعْدَهَا لَكِنْ وَإِمَّا إِنْ كُسِرْ

وَجَاءَ لِلتَّخْيِيرِ فَافْهَمْ2 مَا ذُكِرْ

[116/ أ]

العطفُ؛ عطفُ3 النّسق [و] 4 هو: الجمعُ بين الشّيئين أو الأشياء في الإعراب والمعنى، أو الإعراب دون المعنى5.

ويُعرّف بأنّه: التّابعُ المتوسّط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف؛ وهي عشرة6:

1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

2 في ب: فافقه، وفي متن الملحة 43، وشرح الملحة 297: فَاحْفَظْ.

3 العطف من عبارات البصريّين، والنّسق من عبارات الكوفيّين؛ ولكلٍّ من الاصطلاحين توجيه.

يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/72، واللّمع 149، وشرح الفريد 374.

4 العاطِف ساقطٌ من أ.

5 حروف العطف على ضربين:

أحدهما: ما يعطَف مطلَقًا، أي: يُشرك في الإعراب والمعنى؛ وهو (الواو) و (ثُمّ) و (الفاء) و (حتّى) و (أمّ) و (أو) و (إمّا) .

والثّاني: ما يُعطَف لفظًا فحسب، أي: يُشرك في الإعراب وحده؛ وهو (بل) و (لا) و (لكن) .

يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1202، وابن النّاظم 519، والأشمونيّ 3/90.

6 هذا مذهب أكثر النُّحاة.

وذهب قومٌ إلى أنّها تسعة، وأسقطوا منها (إمّا) ؛ وهو رأيُ أبي عليّ الفارسيّ.

وذهب آخرون إلى أنّها ثمانية، وأسقطوا منها (حتّى) و (إمّا) .

وذهب ابن درستويه إلى أنّ حروف العطف ثلاثة لا غير: (الواو) و (الفاء) و (ثُمَّ) .

يُنظر: الأُصول 2/55، والإيضاح 221، وشرح المفصّل 8/89، وابن النّاظم 519، والملخّص 570، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/773، 774.

ص: 689

(الواو) و (الفاء) و (ثُمَّ) : وهذه الثّلاثة أخوات؛ لأنّها تَجمع بين الشيئين1 في الإعراب والمعنى.

و (أَوْ) و (إِمَّا) و (أَمْ) 2: وهذه أخوات؛ لأنّهنّ3 لأحد الشّيئين أو الأشياء.

و (بَلْ) و (لكن) 4: أُختان؛ لأنّ الاستدراك والإضراب يتقاربان.

1 في ب: شّيئين.

2 ذهب أبو عُبيدة إلى أنّ (أَمْ) حرفُ استفهام كالهمزة.

يُنظر: الارتشاف 2/631، والأشمونيّ 3/91.

3 في أ: لأنّها.

4 ذهب يونس إلى أنّ (لكنْ) حرف استدراك وليست بعاطفة، والواو قبلها عاطفة لِمَا بعدها على ما قبلها عطف مفرد على مفرد.

وارْتضى ذلك ابن مالكٍ في التّسهيل.

ثم القائلون بأنّها حرف عطف اختلفوا على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنّها لا تكون عاطفةً إلاّ إذا لم تدخُل عليها الواو؛ وهو مذهب الفارسيّ، وأكثر النّحويّين.

الثّاني: أنّها عاطفة ولا تُستعمَل إلاّ بالواو الزّائدة قبلها لُزومًا؛ وصحّحه ابن عصفور.

الثّالث: أنّها عاطفة تقدّمتها الواو أو لم تتقدّمها؛ وهو مذهب ابن كيسان.

يُنظر: شرح المفصّل 8/109، وشرح الجُمل 1/241، والتّسهيل 174، والارتشاف 2/629، وأوضح المسالك 3/55، والتّصريح 2/135، والأشمونيّ 3/91.

ص: 690

و (لا) و (حتَّى) 1: منفردتان2؛ لاختلاف معناهما.

وأمّا معانيها:

فـ (الواو) معناه3: الجمع من غير ترتيب؛ فإنّك إذا قلتَ: (قَامَ زيدٌ وعمروٌ) احتمل ثلاثة4 معانٍ:

أن يكون كلّ منهما قد تقدّم قبل صاحبه، وأن يكونا5 فعلاه [116/ ب] معًا، ومنه قولُه تعالى:{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} 6.

و (الواو) في كلام العرب على ستّة أضرُب7:

(واوٌ جامعة عاطفة) ، و (واوٌ جامعة غير عاطفة) - وهي واوُ المفعول معه-،

1 العطفُ بـ (حتّى) قليل؛ والكوفيّون ينكرونه.

يُنظر: الارتشاف 2/631، وأوضح المسالك 3/44.

2 لأنّ (لا) تُخرج الثّاني ممّا دخل فيه الأوّل.

و (حتّى) تدخُله فيما دخل فيه الأوّل؛ إلاّ أنّ فيها معنى التّعظيم والتّحقير، فلذلك خالفت الواو وأختيها، وصارت مفردة على حدتها. يُنظر: شرح عيون الإعراب 247.

3 في ب: ومعناه.

4 في ب: ثلاث.

5 في ب: وأن يكون.

6 سورة آل عمران، الآية:43.

7 يُنظر في الواو: الأزهيّة 231، وشرح عيون الإعراب 247، ورصف المباني 473، والجنى الدّاني 153.

ص: 691

و (واوُ قسم) ، و (واوُ رُبَّ) ، و (واو حالٍ) - وهي واو الابتداء، مثل: قام زيدٌ وهو ضاحك -، و (واوٌ تنصِبُ الفعل المستقبل) بإضمار (أَنِ) .

و (الفاء) معناها: التّرتيب من غير مُهلة1، خلاف (الواو) ؛ لمجيئها جوابًا للشّرط، مثل:(إِنْ تَقُمْ فأنا أقوم2 معك) ؛ فلا تقع3 إلاّ بعد القيام الأوّل.

وتقع متبعة عاطفة؛ مثل: (أكرمتُ زيدًا فَعَمْرًا) ؛ ومتبعة غير عاطفة في باب الشّرط والجزاء.

وتقع للسّبب، كقولك:(سَافَر فغنم) .

وتكونُ زائدة عند الأخفش4؛ لأنّه يُجيز5: (زيد فمنطلق) .

1 في ب: مهملة، وهو تحريف.

ونُقل عن الفرّاء أنّها لا تفيد التّرتيب مطلَقًا، واحتجّ بقوله تعالى:{وَكَم مِّنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 3] ؛ وأُجيب: بأنّ المعنى أردنا إهلاكها.

وقال الجرميّ: إنّ الفاء لا تُفيد التّرتيب في البِقاع والأمطار.

يُنظر: معاني القرآن 1/371، والجنى الدّاني 62، والمغني 214، والتّصريح 2/138.

2 في ب: أقم.

3 في أ: يقع.

4 يُنظر: معاني القرآن للأخفش 1/306، والأصول 2/168، والبغداديّات 309، وسرّ صناعة الإعراب 1/260، وشرح المفصّل 8/95، والمغني 219.

5 في ب: لا يجيز، وهو تحريف.

ص: 692

[و] 1 (ثُمَّ) معناها2 كمعنى (الفاء) ؛ إلاّ أنّ فيها مهلة3.

وقيل4: خُصّت بذلك لأنّها أكثر من حرفٍ فتراخى معناها كتراخي لفظها.

وقد تقع5 موقع الفاء، كقول الشّاعر:

كَهَزِّ الرُّدَيْنِيِّ تَحْتَ الْعَجَاجِ

جَرَى فِي الأَنَابِيْبِ ثُمَّ اضْطَرَبْ6

و (أو) 7 معناه: [أنّه] 8 يعطف به في الطّلب والخبر؛

1 العاطف ساقطٌ من أ.

2 في ب: معناه.

3 في ب: مهملة، وهو تحريف.

4 صاحب هذا القول هو ابن يعيش. يُنظر: شرح المفصّل 8/96.

5 في أ: يقع.

6 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو لأبي دؤاد الإياديّ.

و (الرّديني) : صفةٌ للرّمح؛ يقال: رمحٌ ردينيّ، وقناة ردينيّة؛ قال الجوهريّ (ردن) 5/2122:"زعموا أنّه منسوبٌ إلى امرأةِ السّمهريِّ، تسمَّى رُدَيْنَة؛ وكانا يقوِّمان القَنَا بخطِّ هَجَر". و (العَجاج) : الغُبار. و (الأنابيب) : جمع أنبوبة؛ وهي ما بين كلّ عقدتين من القصبة.

والشّاهد فيه: (ثمّ اضطرب) حيث جاءت (ثُمّ) بمعنى (الفاء) فأفادت التّرتيب دون التّراخي؛ لأنّ اضطراب الرّمح يحدث عقيب اهتزاز أنابيبه من غير مهلة بين الفعلين.

يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 2/612، وابن النّاظم 525، والجنى الدّاني 427، والمغني 160، وأوضح المسالك 3/43، والمقاصد النّحويّة 4/131، والتّصريح 2/140، والهمع 5/237، والدّرر 6/96، والدّيوان 292.

7 في ب: الواو، وهو تحريف.

8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

ص: 693

فإذا عُطف1 بها [في الطّلب] 2 كانت إمَّا للتّخيير في كلّ ما أصله الحظر3؛ نحو: (خُذ هذا أو ذاك) 4؛ وإمّا للإباحة فيما ليس أصله الحظر؛ [117/ أ] نحو: (جَالِس الحَسَنَ أو ابنَ سيرين)5.

والفرق بينهما: أنّ التّخيير ينافي الجمع، والإباحة لا تأباه6.

وإذا عُطف بها في الخبر فهي:

إمّا للتّقسيم7، كقولك:(الكلمة اسمٌ8، أو فعلٌ، أو حرفٌ) .

1 في ب: عطفت.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

3 في أ: الحضر.

4 فإذا قلتَ: (خُذ ثوبًا أو دينارًا أو عشرة دراهم) فقد خيّرته أحدهما، وكان الآخر غير مُباح له؛ لأنّه لم يكن للمخاطَب أن يتناوَل شيئًا منها قبل، بل كانا محظورين عليه، ثم زال الحظر من أحدهما وبقي الآخر على حظره.

يُنظر: شرح المفصّل 8/100.

5 كأنّه نبّه المخاطَب على فضل شيء من المباحات، فقال: إنْ كنتَ مجالِسًا فجالِس هذا الضَّرْب من النّاس؛ فإنْ جَالَسَ أحدهما فقد خرج عن العُهدة؛ لأنّ (أو) تقتضي أحد الشّيئين.

وله مجالستهما معًا لا لأمرٍ راجعٍ إلى اللّفظ، بل لأمرٍ خارجٍ وهو قرينة انضمّت إلى اللّفظ؛ وذلك أنّه قد علم أنّه إنّما رغّب في مجالسة الحسن لِمَا في ذلك من النّفع والحظ؛ وهذا المعنى موجودٌ في ابن سيرين.

يُنظر: شرح المفصّل 8/100.

6 في أ: لا لا تابه، وهو تحريف.

7 في أ: القسم.

8 في أ: إمّا اسم.

ص: 694

وإمّا للإبهام على السَّامع، كقوله تعالى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} 1، وكقولك:(قدم زيد راغبًا أو راهبًا) مع علم المتكلِّم كيف جاء.

وإمّا لشكّ [المتكلِّم] 2في ذي النّسبة3، كقولك:(جاءني فلانٌ أو فلان) .

أو للإضراب4، وهو كقوله تعالى:{إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 5.

أو للجمع6، كقول الشّاعر:

جَاءَ الْخِلَافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا

كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ7

1 من الآية: 24 من سورة سبأ.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

3 في ب: النّسب.

4 أي: تكون بمعنى (بل) ؛ وإلى ذلك ذهب الكوفيّون؛ وذهب البصريّون إلى أنّها لا تكون بمعنى (بل) .

يُنظر: الإنصاف، المسألة السّابعة والسّتّون، 2/478، وشرح الكافية الشّافية 3/1221، وابن النّاظم 533، والارتشاف 2/640، والجنى الدّاني 229، والتّصريح 2/145، والأشمونيّ 3/106.

5 من الآية: 147 من سورة الصّافّات.

6 في أ: الجمع.

أي: إنّ (أو) تقع بمعنى (الواو) لكن بشرط الأمن من اللّبس.

7 هذا بيتٌ من البسيط، وهو لجرير، من كلمة يمدح بها أميرَ المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.

والشّاهدُ فيه: (أو كانت) حيث استعمل فيه (أو) بمعنى (الواو) ؛ للوُضوح وعدم اللّبس.

يُنظر هذا البيتُ في: الأزهيّة 114، وأمالي ابن الشّجريّ 3/74، وشرح الكافية الشّافية 3/1222، وابن النّاظم 534، والجنى الدّاني 230، والمغني 89، والمقاصد النّحويّة 4/145، وشرح شواهد المغني 1/196، والدّيوان 1/416.

وروايته (نَالَ الْخِلَافَةَ إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية.

ص: 695

[و] 1 (إِمَّا) معناها كمعنى (أَوْ) في الأقسام الأربعة2؛ إِلاّ أنّها أقعد في المعنى من (أَوْ) ؛ مِن قِبَل أنّ الكلام من أوّل وَهْلَة يبنى على الشّكّ، أو للإباحة، أو للتّخيير3، مع (إِمّا)4.

ولا يُعطف بها إلاّ وهي مكرّرة، مثل:(قام [إمَّا] 5 زيد وإمّا عمرو)6.

وقد يُستغنى عن الثّانية بـ (إِلاّ) كقول الشّاعر:

فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَخِي بِصِدْقٍ

فَأَعْرِفَ مِنْكَ غَثِّي مِنْ سَمِيني

وَإِلَاّ فَاطَّرِحْنِي وَاتَّخِذْنِي

عَدُوَّاً أَتَّقِيكَ وَتَتَّقِينِي7

[117/ب]

1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق.

2 الأقسام الأربعة هي: التّخيير، والإباحة، والإبهام، والشّكّ.

3 في أ: التّخيير.

4 بخلاف (أَوْ) فإنّ الكلام معها قد يفتتح على الجزم ثم يطرأ الشّكّ أو غيره؛ ولهذا وجب تكرار (إِمّا) في غير نُدُور. الجنى الدّاني 531.

5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

6 وهُناك فرقٌ ثالث بين (إِمّا) و (أَو) ؛ وهو: أنّ (أَوْ) قد تكون بمعنى الواو، وبمعنى (بل) عند بعض النُّحاة، و (إِمّا) لا تكون كذلك. الجنى الدّاني 531.

7 هذان بيتان من الوافر، وهما للمثقّب العبديّ.

والشّاهدُ فيهما: (وإلاّ فاطّرحني) حيث استغنى عن تكرير (إِمّا) بذكر (إِلَاّ) المركّبة من (إن) الشّرطيّة و (لا) النّافية.

يُنظر هذان البيتان في: المفضّليّات 292، والأزهيّة 140، وأمالي ابن الشّجريّ 3/126، 127، والمقرّب 1/232، وشرح الكافية الشّافية 3/1228، وابن النّاظم 536، 537، ورصف المباني 186، والجنى الدّاني 532، والمغني 86، 87، والأشمونيّ 3/110، والدّيوان 211، 212.

ص: 696

[و] 1 (أَمْ) معناه: الاستفهام؛ وهي متّصلة، ومنفصلة منقطعة.

فالمتّصلة يجتمع فيها ثلاث شرائط:

تكون مع الألِف2 للاستفهام، وتكون مقدَّرة بـ (أي)، ويكون جوابها معيّنًا؛ مثل:(أقام زيدٌ أَمْ3 عمرو؟)، فالمعنى: أيُّهما قام؟، والجواب: التّعيين4.

ولو كان بدل (أم)(أو) في قولك (أو عمرو) لم يكن جوابها تعيين5شخص؛ وإنّما جوابها (نعم) أو (لا) ؛ لأنّها مقدّرة بمعنى الأحديّة؛ فكأنّه قال: أحدُهما قام.

وإنْ6 كانت بغير ألِف استفهام، أو بـ (هل) 7 فهي منقطعة

1 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق.

2 يقصد بالألف: الهمزة.

3 في ب: أو، وهو تحريف.

4 في ب: التّعيين.

5 في ب: التعين.

6 في ب: فإنْ.

7 في ب: بمهل، وهو تحريف.

ص: 697

ولم تقتض تعيينًا، كقوله تعالى:{لَارَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} 1 فهذه مقدّرة2 بـ (بل) والهمزة؛ [و] 3 المعنى: بل أيقولون4.

وقول بعض العرب: (إِنَّهَا لإبلٌ أَمْ شَاء5) كأنّه قال: بَلْ أَهِيَ شَاء؛ وكأنّ الكلام الّذي بعدها قد انقطع ممّا قبلها؛ فلذلك سُمِّيت منقطعة.

وقد تُفيد6 الإضراب وحده، كقول الشّاعر:

عُوجُوا7 فَحَيُّوا أَيُّهَا السَّفْر

أَمْ كَيْفَ يَنْطِقُ مَنْزِلٌ قَفْرُ8

أراد: بل كيف.

1 من الآية: 37، 38 من سورة يونس.

2 في أ: تقدّر.

3 العاطِف ساقطٌ من أ.

4 في ب: أتقولون.

5 يُنظر: الكتاب 3/172، والإيضاح 226، والمحتسب 1/99، والأزهيّة 128، وشرح المفصّل 8/98، وشرح الكافية الشّافية 3/1219، وابن النّاظم 532.

6 في أ: يفيد.

7 في ب: هوجوا، وهو تحريف.

8 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لحسّان بن ثابت رضي الله عنه.

و (عاج) : مال. و (السّفْر) : المسافرون.

والشّاهدُ فيه: (أمْ) حيث جاءت مفيدة للإضراب وحده.

يُنظر هذا البيت في: الاشتقاق 166، وشرح عمدة الحافظ 619، والدّيوان 1/470 - وفيه (بل) بدل (أم) ولا شاهد فيه على هذه الرّواية -.

ص: 698

والمتّصلة ليستْ كذلك، بل ما قبلها وما بعدها لا يستغني [118/ أ] أحدُهما عن الآخر؛ لأنّهما مفردان تحقيقًا أو1 تقديرًا، و2 نسبة الحكم3 عند المتكلّم إليهما معًا، أو4 إلى أحدهما من غير تعيين.

[و] 5 (بَلْ) معناه: الإضراب بعد إيجاب6 أو نفي7؛ كقولك: (ما جاءني زيدٌ بل عمرو) 8 و (جاءني9 خالدٌ بل سعيد) 10، وتقول:(لا تضرب خالدًا بل بِشْرًا) فتقرّر نهيَ المخاطَب عن ضرب (خالد) ، وتأمُره11 بضرب (بِشر) .

1 في كلتا النّسختين: وتقديرًا، والتّصويب من ابن النّاظم 527.

2 في أ: أو نسبة، وهو تحريف.

3 في ب: والحكم.

4 في أ: وإلى أحدهما.

5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق.

6 العطفُ بـ (بل) بعد الإيجاب جوّزه البصريّون، ومنعه الكوفيّون.

يُنظر: الإنصاف 2/484، والإرتشاف 2/644، والمغني 153، والأشمونيّ 3/113.

7 أو نهي.

(بل) إنْ كانت بعد نفي أو نهي فهي لتقرير حكم ما قبلها، وجعل ضدّه لِمَا بعدها. يُنظر: ابن النّاظم 540.

9 في ب: ما جاءني.

10 (بل) إن لم يكن قبلها نفيٌ أو نهي فهي لإزالة حكم ما قبلها وجعله لِمَا بعدها يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1233.

11 في أ: يأمره.

ص: 699

[و] 1 (لَكِنْ) معناه: الاستدراك بعد النّفي خاصّة؛ كقولك: (ما جاءني زَيْدٌ لَكِنْ عمرٌو)، [ولا يجوز:(جاءني زيدٌ لكن عمرو) ] 2؛ لأنَّ (لَكِنْ) مدخلة على حروف العطف، و (بل) أقعد منها؛ فلذلك جاز فيها الوجهان.

أو بعد النّهي، كقولك:(لَا تَضْرِب زَيْدًا لَكِنْ عَمْرًا) .

وتدخُل الواو على (لَكِنْ)، كقوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ} 3فتعرّى عن العطف4؛ لامتناع دُخول العاطِف على العاطِف.

[و] 5 (لَا) معناه6 في العطف: إخراجُ الثّاني ممّا دخل فيه الأوّل.

ولا يُعطف7 بها إلاّ بعد إيجاب خلاف (لكن) ؛ تقولُ: (قامَ زيدٌ لا عمرو)، ولا يجوز:(ما قام زيدٌ لا عمرو)8.

والمراد: قصر الحكم على ما قبلها9، كاعتقاد إنسانٍ أنّ زيدًا

1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق.

2 ما بين المعقوفين في (أ) جاء في السّطر التّالي؛ وهو سهوٌ من النّاسخ.

3 من الآية: 40 من سورة الأحزاب.

4 في ب: العاطِف.

5 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق.

6 في ب: لأن معناها.

7 في ب: تعطف.

8 لأنّ الأوّل لم يدخل في شيء كي يخرج منه الثّاني.

9 القصر: إمّا قصر إفرادٍ - كما مثّل -، وإمّا قصرُ قلب لاعتقاد المخاطَب إلى غيره؛ كما إذا اعتقد إنسانٌ أنّ زيدًا جاهل، وأخطأ في اعتقاده، وأردتّ أن تردّه إلى الصّواب، فقلتَ:(زيدٌ عالم، لا جاهل) .

يُنظر: ابن النّاظم 539.

ص: 700

كاتب وشاعر، وهو مخطئ في اعتقاد1 كونه شاعرًا، وأردتّ أن تردّه إلى الصّواب [118/ ب] فقلتَ:(زيدٌ كاتبٌ لا شاعرٌ) .

وأَمّا (حَتّى) فمعناها: غاية في تعظيم شيء أو تحقيره؛ والمعطوف بها على شرطين2:

أن يكون قليلاً بعد كثير3، وجنسًا له.

وهو إما لارتفاع4، وإمّا لدناءة؛ فمعنى الارتفاع قولك5:(مات النّاسُ حتّى الأنبياء)، ومعنى الدّناءة قولك:(قَدِمَ الحُجّاج حتّى الضُّعفاء) و (قام القومُ حتّى زيد) .

ولا يجوز: (قام زيدٌ حتّى عمرو) 6، ولا يُقال:(خرج القوم حتّى الحمار) ؛ لعدم الجنسيّة، ويجوز جميع7 ذلك في (الواو) .

1 في كلتا النسختين: اعتقاده وما أثبته هو الأنسب.

2 تُنظر هذه الشُّروط في: شرح المفصّل 8/96، والجنى الدّاني 547.

3 أي: أن يكون بعضَ ما قبلها، أو كبعضه؛ فمِثالُ كونه بعضًا:(قَدِمُ الحُجّاح حتّى المُشاةُ)، ومثال كونه كبعض:(قَدِمَ الصّيّادُون حتّى كلابُهم) . الجنى الدّاني 547.

4 في أ: إمّا الارتفاع، وإمّا الدّناءة.

5 في أ: كقولك.

6 لأنّ الثّاني وإنْ كان من جنس الأوّل فليس بعضًا منه.

7 في كلتا النسختين: جمع، والصّواب ما هو مثبت.

ص: 701

وقد عُطِف1 بـ (حَتَّى) الأقوى والأضعف معًا في قول الشّاعر:

قَهَرْنَاكُمُ حَتَّى الكُمَاةَ فَكُلُّكُم

يُحَاذِرُنَا حَتَّى بَنِينَا الأَصَاغِرَا2

وحكم هذه الحروف: أنّ جميعها تدخل3 الثّاني في إعراب4 الأوّل من رفع، ونصب، وجرّ، وجزم.

ومنها: أنّها يُعطف5بها جميع الأسماء بعضها على بعضٍ، على اختلاف أجناسها من مذكّرٍ على مؤنّث، ومؤنّثٍ على مذكّر، ومعرِفةٍ على نكِرة، ونكِرةٍ على معرِفة، وظاهرٍ على مُضمَر، ومُضمَرٍ على ظاهر، ومنصرِفٍ على غير منصرف، وغير منصرفٍ على منصرف.

وجميعُ حروف العطف إذا عطفت بها الاسم الظّاهر على المضمَر المجرور احتيج إلى إعادة حرف الجرّ مع الظّاهر، كقولك:(مررتُ بك وبزيد)6. [119/أ]

1 في ب: يعطف.

2 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله.

و (الكُماة) : جمع كميّ؛ وهو الفارس الشُّجاع.

والشّاهدُ فيه: (حتّى الكُماة) و (حتّى بنينا) حيث عطف بـ (حتّى) القويّ والضّعيف.

يُنظر هذا البيت في: شرح عمدة الحافظ 2/615، والجنى الدّاني 549، والمغني 172، وشرح شواهد المغني 1/373، والهمع 5/258، والأشمونيّ 3/97، والدّرر 6/139.

3 في ب: يدخُل.

4 في ب: في الإعراب للأوّل، وهو تحريف.

5 في ب: تعطف.

6 هذا مذهب البصريّين.

وذهب الكوفيّون وابن مالكٍ إلى جواز العطف على الضّمير المجرور بدون إعادة الجارّ.

تُنظر هذه المسألة في: الإنصاف، المسألة الخامسة والسّتّون، 2/463، وشرح عمدة الحافظ 2/659، وابن النّاظم 544، وأوضح المسالك 3/61، والتّصريح2/151، والهمع 5/268، والأشمونيّ 3/114.

ص: 702

وكذلك عطف المضمَر المجرور على الظّاهر، كقولك:(مررتُ بزيدٍ وبك) ؛ فإنْ عطفت بها على المضمَر المرفوع المتّصل بالأفعال لم يجز ذلك العطف إلا بعد تأكيد المضمَر المرفوع؛ مثل: (قمتُ أنا وزيد) و (زيدٌ قام هو وعمرو) ؛ لأنّ المضمَر المرفوع لَمّا اتّصل بالفعل اختلط به وصار كالجزء منه، فأتى بالتّأكيد إشعارًا بأنّ العطف على نفس الاسم المضمَر المرفوع.

وكذلك لو عطفت على مضمَر متّصل منصوب1لم يحتج إلى تأكيد؛ لأنّه لم يتنزّل مع ما قبله منزلة الجزء منه.

وحُروف العطف لا يجوز دخول بعضها على بعضٍ سوى (لا) و (لكن) و (إمّا) ؛ فإنّه يجوز دخول (الواو) عليهنّ؛ ويكون الحكم لـ (الواو) في العطف2، كقولك:(ما قام زيدٌ ولكن عمرو) فالعطف إنّما هو لـ (الواو) ، وإنّما دخلت (لكن) لمعناها3.

1 نحو قوله تعالى: {جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ} [المرسَلات: 38] .

فـ {الأَوّلِين} معطوفٌ على الضّمير المتّصل المنصوب؛ وهو (الكاف) .

2 في أ: للعطف.

3 وهو: الاستدراك بعد النّفي خاصّة، أو بعد النّهي. يُنظر: ص 700 من هذا الكتاب.

ص: 703

وكذلك: (قام إمّا زيدٌ وإمّا عمرو) فـ (الواوُ) هي العاطفة، ودُخول (إمّا) لمعناها1، وليست (إمّا) الأولى ولا الثّانية ههنا من حروف العطف2.

وكذلك: (ما قام زيدٌ ولا عمرو) فـ (الواو)[119/ ب] عاطفة، و (لا) مؤكِّدة للنّفي.

وَالْعَطْفُ قَدْ يَدْخُلُ فِي الأَفْعَالِ

كَقَوْلِهِمْ: ثِبْ وَاسْمُ في الْمَعَالِي3

إذا عطفتَ فعلاً على فعل وَجَبَ أن يكون من نوع المعطوف عليه؛ كقولك: (قَامَ وقَعَدَ) و (قُمْ واقْعُدْ) و (زيدٌ يَصُومُ ويُصلِّي) و (لَمْ يتَّكِل ولم يَغْفُل) و (لن يبخل ولن يجبُن) ؛ [و] 4 هذا حكمه في المبنيّ والمعرب.

1 وهو: التّخيير، أو الإباحة، أو التّقسيم، أو الإبهام، أو الشّكّ. يُنظر: ص 696 من هذا الكتاب.

2 لا يجوز أن تكون الأولى عاطفة؛ لأنّ حرف العطف لا يُبْتَدأُ به؛ ولا يجوز أن تكون الثّانية عاطفة؛ لأنّ معها (الواو) ، وحرفُ العطفِ لا يدخُل على مثله.

3 في ب: للْمَعَالِي.

وقد ورد هذا البيتُ في آخر (باب التّوابِع) في متن الملحة 42، وفي أوّل هذا الباب في شرح الملحة 296.

4 العاطِف ساقطٌ من أ.

ص: 704