الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ نَوَاصِبِ الْفِعْلِ:
[142/ب]
/ وَحُقَّ أَنْ نَشْرَحَ1 شَرْحًا يُفْهَمُ
…
مَا ينُْصِبُ الْفِعْلَ وَمَا قَدْ يَجْزِمُ
فَيَنْصِبُ الْفِعْلَ السَّلِيمَ: أَنْ وَلَنْ
…
وَكَيْ وَكَيْمَا ثُمَّ كَيْلَا وَإِذَنْ2
وَاللَاّمُ حِينَ تَبْتَدِي بِالْكَسْرِ
…
وَهْيَ إِذَا فَكَّرْتَ لَامُ الْجَرِّ3
وَالْفَاءُ إِنْ جَاءَتْ جَوَابَ النَّهْيِ
…
وَالأَمْرِ وَالْعَرْضِ مَعًا وَالنَّفْيِ
وَفِي جَوَابِ لَيْتَ لِي وَهَلْ فَتَى
…
وَأَيْنَ مَغْذَاكَ وَأَنَّى وَمَتَى
وَالْوَاوُ إِنْ جَاءَتْ بِمَعْنَى4 الْجَمْعِ
…
فِي طَلَبِ الْمَأْمُورِ أَوْ فِي الْمَنْعِ
وَيُنْصَبُ الْفِعْلُ بِ (أَوْ) وَ (حَتَّى)
…
وَكُلُّ ذَا أُودِعَ كُتْبًا شَتَّى
تَقُولُ: أَبْغِي يَا فَتَى أَنْ تَذْهَبَا
…
وَلَنْ أَزَالَ قَائِمًا أَوْ تَرْكَبَا
وَجِئْتُ كَيْ تُولِينِيَ الْكَرَامَهْ
…
وَسِرْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الْيَمَامَهْ
وَاقْتَبِسِ الْعِلْمَ لِكَيْ مَا تُكْرَمَا
…
وَعَاصِ أَسْبَابَ الْهَوَى لِتَسْلَمَا
1 في أ: يشرح.
2 ورَد عجُز هذا البيت في متن الملحة 48، وشرح الملحة 336 كالتّالي:
......................................
…
و َكَيْ وَإِنْ شِئْتَ لِكَيْلَا وَإِذَنْ
3 ورَد عجُز هذا البيت في متن الملحة 48، وشرح الملحة 336 كالتّالي:
......................................
…
كَمِثْلِ مَا تُكْسَرُ لَامُ الْجَرِّ
4 في أ: جواب.
وَلَا تُمَارِ جَاهِلاً فَتَتْعَبَا
…
وَمَا عَلَيْكَ عَتْبُهُ فَتُعْتَبَا
/ وَهَلْ صَدِيقٌ مُخْلِصٌ فَأَقْصِدَهْ
…
وَلَيْتَ لِي كَنْزَ الْغِنَى فَأَرْفِدَهْ
وَزُرْ لِتَلْتَذَّ1 بِأَصْنَافِ الْقِرَى
…
وَلَا تُحَاضِرْ2 فَتُسِيءَ3 الْمَحْضَرَا
وَمَنْ يَقُلْ: إِنِّي سَأَغْشَى حَرَمَكْ
…
فَقُلْ لَهُ: إِنِّي إِذَنْ أَحْتَرِمَكْ
وَقُلْ لَهُ فِي الْعَرْضِ: يَا هَذَا أَلَا
…
تَنْزِلُ عِنْدِي فَتُصِيبَ مَأْكَلَا4
فَهَذِهِ نَوَاصِبُ الأَفْعَالِ مَثَّلْتُهَا
…
فَاحْذُ عَلَى تَمْثَالِي5
[143/أ]
الفعل المضارع يرتفع لتجريده6 من7 النّاصب والجازم، وحُلوله محلّ الاسم8.
1 في ب: فتلذّ، وفي متن الملحة 50: فَتَلْتَذَّ.
2 في شرح الملحة 339: وَلَا تُخَاصِمْ.
3 في متن الملحة 50، وشرح الملحة 339: وَتُسِيءَ.
4 في ب: المكلا.
5 في أ: مثالي.
6 في ب: بتجريده.
7 في أ: عن.
8 اختلف النُّحاة في الرّافع للمضارع على عدّة أقوال، أوصلَها أبو حيّان إلى سبعة أقوال؛ وهي:
1-
أنّه ارتفع بالتّعرّي من العوامِل اللّفظيّة مطلَقًا؛ وهو مذهب جماعة من البصريّين.
2-
أنّه ارتفع بالتّجرّد من النّاصب والجازِم؛ وهو مذهب الفرّاء، والكوفيّين.
3-
أنّه ارتفع بالإهمال؛ وهو قولُ الأعلَم الشَنتمريّ.
4-
أنّه ارتفع بوُقوعه موقع الاسم؛ وهو مذهب جمهور البصريّين.
5-
أنّه ارتفع بنفس المضارعة؛ وهو مذهب ثعلب.
6-
أنّه ارتفع بالسّبب الّذي أوجَب له الإعراب؛ لأنّ الرّفع نوعٌ من الإعراب.
7-
أنّه ارتفع بحروف المضارعة؛ وهو مذهب الكسائيّ.
ثم قال أبو حيّان بعد ذكر هذه المذاهب: "الكلامُ على هذه المذاهِب بالاحتجاج لها والإبطال يستدعي ضياع الزّمان فيما ليس فيه كبيرُ جدْوى؛ لأنّ الخِلاف في ذلك لا ينشأ عنه حكم نطقيّ، والخلافُ إذا لم ينشأ عنه حكم نطقيّ ينبغي ألاّ يُتشاغَل به" التّذييل والتّكميل جـ8/ ق 110/أ.
والشّارحُ رحمه الله في هذه المسألة دمج بين مذهب الكوفيّين ومذهب جمهور البصريّين، كما هو واضح.
تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 3/9، ومعاني القرآن للفرّاء 1/53، والمقتضب 2/5، 4/80، والنّكت 1/696، والإنصاف، المسألة الرّابعة والسّبعون، 2/550، وأسرارُ العربيّة 28، وشرح المفصّل 7/12، وشرح الرّضيّ 2/231، وشرح الكافية الشّافية 3/1519، وابن النّاظم 664، والتّذييل والتّكميل جـ8/ ق 109/ ب، وتوضيح المقاصد 4/172، والتّصريح 2/229، والهمع 2/273، والأشمونيّ 3/277.
فإنْ كان فعل الزّمان الحاضر وهو الحال كان مرفوعًا أبدًا، ولم يدخُل عليه عوامِل النّصب، ولا عوامِل الجزْم1؛ لأنّ عوامِل2 النّصب تدلّ على استقبال الزّمان، وفي عوامل الجزْم3 ما ينقل معنى المضارِع إلى الماضي؛ نحو:(لم) و (لَمّا) ، وفيه ما يدلّ على وُقوعِه في المستقبَل،
1 في أ: الجرّ، وهو تحريف.
2 في ب: العوامل.
3 في أ: الجرّ، وهو تحريف.
فنافت1 معانيها معنى الموضوع للزّمان [143/ب] الحاضر2.
وجُملة الحروف الّتي تَنصب تسعة3؛ وهي الّتي تقدّم ذكرها.
فمنها: [ما] 4 ينصب بنفسه؛ وهي: (أنْ) و (لَنْ) و (كَيْ) و (إِذَنْ) .
ومنها: ما ينصب بإضمار حرف بعده مقدّر؛ وهي: (حتَّى) و (الفاء) و (الواو) و (لام تأكيد النّفي)5.
ومنها: ما ينصب بنفسه تارةً، وبإضمار حرفٍ تارة؛ وهي:(لام الإيجاب) .
وأصلُ هذه الحروف: (أَنْ) ؛ لأنّها تنصِب ظاهرة ومقدّرة، ويتّسع فيها ما لا يتّسع في غيرها.
واختصّت بعمل النّصب دون غيره؛ لأنّها أشبهت (أنّ) لفظًا وتقديرًا6؛ فاللّفظ كونها على بعض حروفها، والمعنى وُقوعها وما عملت فيه موقع المصدر.
1 في ب: فقامت، وهو تحريف.
2 فلهذا لم تدخل عليه عوامل النّصب، ولا عوامل الجزم.
3 بل عشرة؛ لكن هذا سهوٌ من الشّارح؛ لأنّ النّظم يحتوي على عشرة حروف، وكذلك شرح الشّارح بعد ذلك يدلّ على ذلك؛ وقد أسقط من العدّ (أو) - كما سيتّضح بعد ذلك من تفصيله لهذه الحُروف -.
4 ما بين المعقوفين ساقط من ب.
5 وتسمّى (لام الجُحود) ؛ وسيفصّل الحديث عنها بعد ذلك.
وقد أسقط الشّارح - سهوًا منه - مِن هذا الموضع (أو) ، وعندما تعرّض لتفصيل هذا الموضع فَصَّل القولَ فيها.
6 يُنظر: اللّمع 186 - حاشية عن الثّمانينيّ - وشرح المفصّل 7/15.
والشَّبَهُ بينها وبين أخواتها: أنّ كلّ واحدٍ من أخواتها تنقل الفعل نقلين كما تنقُله؛ فـ (لن) تنقُل الفعل إلى الاستقبال بعد أنْ كان حالاً، وإلى النّفي بعد أنْ كان موجِبًا.
و (إِذن) تنقل الفعل إلى الجواب والجزاء بعد أنْ لم يكن كذلك، وإلى الاستقبال أيضًا.
و (كي) تنقله إلى العلّة مع الاستقبال أيضًا؛ ولذلك1 عملت.
والفعل الواقِع قبل (أَنْ) لا يخلو [من] 2 أن يكون فعلاً غير متيقّن، كالخوف، والطّمع، والرّجاء، والأمل، والتّمنّي؛ فتكون (أنْ) النّاصبة للفعل، كقولك:(أريد أَنْ تَحْفَظَ)[144/أ]
و (أَرْجُو أَنْ تَعْلَمَ) و (أَخْشَى أَنْ تَنْدَمَ) و (أَرْجُو ألَاّ تَسْأَمَ)، ومنه قولُه تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} 3.
وإنْ كان الفعل الّذي قبلها فعلاً ثابتًا متيقّنًا4، كالعلم، والرّؤية، والإنباء، والوجدان، كانت المخفّفة من الثّقيلة، وكان الفعل المستقبل بعدها مرفوعًا؛ وذلك كقولك:( [قد] 5 علمت ألَاّ تخرجُ) ، و (ما علمت أَلَاّ يركبُ زيد) ، و (ستعلم6 ألَاّ يتحدث بكر) ، وكقوله
1 في أ: فذلك.
2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
3 من الآية: 229 من سورة البقرة.
4 في أ: منفيًّا، وهو تحريف.
5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
6 في ب: ستيعلم، وهو تحريف.
تعالى: {لِئَلَاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَاّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّنْ فَضْلِ اللهِ} 1 فأثبت النّون، وكقوله تعالى:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى} 2.
[وإنْ] 3 كان الفعل الّذي قبلها فيه طرفٌ مّن الشّكّ، وطَرَفٌ من العلم كنتَ مخيّرًا إنْ شئتَ جعلتها النّاصبة [للفعل] 4، وإنْ شئت جعلتها المخفّفة من الثّقيلة، ورفعت الفعل بعدها، كقولك:(ما أظنّ أَلَاّ يخرج زيد) و (أَحْسِبُ ألَاّ تكون فتنة)، قال تعالى:{وَحَسِبُوا أَلَاّ تَكُونُ فِتْنَةٌ} 5، وهي قراءة أبي عمرو6، وحمزة7، والكسائيّ، ويعقوب8
1 من الآية: 29 من سورة الحديد.
2 من الآية: 20 من سورة المزّمّل.
3 في كلتا النسختين: فإن، وما أثبته هو الأولى.
4 ما بين المعقوفين ساقط من ب.
5 من الآية: 71 من سورة المائدة.
6 هو: زبّان بن العلاء بن عمّار المازنيّ النّحويّ المقرئ: اختُلف في اسمه واسم والده اختلافًا كثيرًا، وهو مشهورٌ بكُنيته؛ وهو إمامُ أهل البصرة في النّحو، واللّغة، وأحد القُرّاء السّبعة؛ أخذ القراءة عن أهل الحجاز، وأهل البصرة، وأخذ النّحو عن نصر بن عاصم اللّيثيّ؛ وأخذ عنه أبو عُبيدة، والأصمعيّ، وغيرهما؛ توفّي سنة (154هـ) .
يُنظر: أخبار النّحويّين البصريّين 46، وطبقات النّحويّين واللّغويّين 35، وإنباهُ الرُّواة 4/131، ومعرفة القُرّاء الكِبار 1/100، وغاية النّهاية 1/288.
7 هو: أبو عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الكوفيّ، المعروف بالزّيّات: مولى بني تميم، أحدُ القُرّاء السّبعة؛ أخذ القراءة عَرْضًا عن سليمان الأعمش، وغيره؛ وأخذ عنه الكسائيّ؛ توفّي سنة (156هـ) .
يُنظر: معرفة القُرّاء 1/111، وغاية النّهاية 1/261.
8 هو: أبو محمّد يعقوب بن إسحاق الحضرميّ: أحدُ القُرّاء العشرة، وإمامُ اهل البصرة، ومُقْرِيها؛ روى عن حمزة، والكسائيّ؛ وأخذ عنه أبو حاتم السّجستانيّ؛ توفّي سنة (205هـ) .
يُنظر: طبقات النّحويّين واللّغويّين 54، ومعرفة القُرّاء 1/157، وغاية النّهاية 2/386.
بالرّفع1؛ وقراءة الباقين2 بالنّصب؛ لأنّ المشدّدة معناها التّأكيد، والمخفّفة منها بمنزلتها في العمل فجُعلت كذلك مع أفعال العلم؛ وليس كذلك النّاصبة؛ لأنّها تنقل الفعل من حالٍ إلى حالٍ، ولا يجوز أن يتقدّم3 معمولها [144/ب] عليها.
وأمَّا (لَنْ) فهي عند سيبويه4 مفرَدة، وعند الخليل5 مركّبة؛ وأصلُها عنده:(لا أن) 6 فحذفت الهمزة تخفيفًا والتقى ساكنان؛ وهما: الألِف والنّون؛ فحذفت الألِف لذلك، وبقي (لَنْ) 7؛ والصّحيح ما ذهب إليه سيبويه.
1 وكذلك قرأَ بها خلَف العاشر.
وحُجّة مَن رفع أنّه جعل (حسب) بمعنى العلم واليقين.
وحُجّة مَن نصب أنّه أجرى (حسب) على بابه من الشّكّ.
قاله مكّيّ في الكشف 1/416.
وتُنظرُ هذه القراءة في: السّبعة 247، والمبسوط 187، وحجّة القراءات 233، والكشف 1/416، والتّيسير 83.
2 الباقون هم: ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وأبو جعفر.
يُنظر: المصادر السّابقة.
3 في ب: تتقدّم.
4 الكتاب 3/5.
5 كتاب العين 8/350، والكتاب 3/5.
6 في كلتا النّسختين: لأن، والصّواب ما هو مثبَت.
7 هُناك قولٌ ثالث في المسألة ذهب إليه الفرّاء؛ وهو: أنّها (لا) النّافية أبدل من ألِفها نون.
يُنظر: المفصّل 407، وشرح المفصّل 7/16، 8/112، وشرح الرّضيّ 2/235، والجنى الدّاني 272، وتوضيح المقاصد 4/174، والمغني 373.
وهي لفظةنفي وُضِعَت لجواب الفعل المقتَرن1 بأحد حرفي التّنفيس؛ وهما: السّين وسوف، فـ (لن يخرُج زيد) جوابُ مَن قال: سوف يخرُج، أو سيخرُج.
وتختصّ (لن) دون أخواتها بأن يتقدّم2 عليها مفعول الفعل الّذي نصبته3، كقولك:( [زيدًا] 4 لن أضرب) وأجمعوا على ذلك، وعلى أنّ معناها نفي الفعل المستقبل.
وأمّا (إِذَنْ) فهي مفرَدة عند سيبويه5، ومركّبة عند الخليل6 من (إِذْ) و (أَنْ)7.
1 في أ: والمقترن.
2 في ب: تقدّم.
3 في ب: تنصبه.
4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
5 وهو مذهب الجمهور.
يُنظر: الكتاب 3/12، والارتشاف 2/395، والجنى الدّاني 363، وتوضيح المقاصد 4/190، والمغني 30، والتّصريح 2/234، والأشمونيّ 3/290.
6 يُنظر: المصادر السّابقة.
7 في أ: إذا أن.
وذهب قومٌ إلى أنّها ظرف؛ وأصلها (إذْ) الظّرفيّة لحقها التّنوين عِوَضًا من الجملة المضاف إليها، ونقلت إلى الجزائيّة.
يُنظر: شرح الرّضيّ 2/235، والارتشاف 2/395، وتوضيح المقاصد 4/190، والأشمونيّ 3/290.
ولها ثلاثة مواضع:
موضع تَعمل فيه لا غير: وذلك إذا كانت مبتدأة1 جوابًا، ولم يعتمد ما بعدها على ما قبلها، ويكون الفعل مستقبلاً؛ مثالُه: أن يقول لك قائلٌ: (أنا أزورُك2 اليوم) فتقولُ: إذن أكرمَك؛ ووجب عملها بهذه الشّرائط؛ لأنّ كونها أوّلاً يلحقها3 بالعوامل الّتي مِن شأنها التّقدّم على المعمول.
وكونُ ما بعدها [غير] 4 معتمد على ما قبلها، يخرجها من أنْ تكون حشوًا، ويكون5 الفعل بعدها مرفوعًا، وتكون ملغاة. [145/أ]
وهذا الموضع الثّاني: وذلك أن يكون الفعل حالاً، كقول قائل:(أنا أحدّثك بكذا وكذا) 6فتقول [له] 7: إذن أظنّك صادقًا، وكذلك إذا اعتمد ما بعدها على ما قبلها بكونه8 خبر مبتدأ9، أو جوابًا لشرط، أو جوابًا لقَسَم لم تعمل، تقول:(أنا إذن أقوم) و (إنْ
1 في ب: مبتدأً، أي: أن تكون في ابتداء الكلام.
2 في أ: أزرك، وهو خطأ.
3 في أ: تلحقها.
4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
5 في أ: أو كون.
6 في أ: وكذي.
7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
8 في كلتا النسختين: بكونها، وما أثبته هو الأولى.
9 في أ: بكونها خبر المبتدأ، وجوابًا لشرط، وجوابًا لقسم.
تقم إذن أقم) ، (والله إذن أقم) 1، وأمّا قولُ الشّاعر:
ارْدُدْ حِمَارَكَ لَا يَرْتَعْ بِرَوْضَتِنَا
…
إِذَنْ يُرَدَّ2وَقَيْدُ الْعَيْرِ مَكْرُوبُ3
فالواجبُ رفعُه، ولكنّه [نزّله] 4منزلة مَنْ خالَف الأمر، وقال: لا أردّه، فقال: إذن يُرَدَّ5.
وأمّا قول الآخر:
لَا تَتْرُكَنِّي فِيهِمُ شَطِيرَا
…
إِنِّي إِذَنْ أَهْلِكَ أَوْ أَطِيْرَا6
1 في ب: أقوم.
2 في ب: ترده قيد.
3 هذا البيتُ من البسيط، وهو لعبد الله بن عَنَمَةَ الضّبّيّ.
والشّاهدُ فيه: (إذن يُرَدَّ) حيث نصب ما بعد (إذن) ؛ لأنّها مصدرة في الجواب؛ كأنّه قال: لا أردّه، فقال في الجواب: إذن يردّ.
وأجاز الأعلَم رفع (يردّ) على إلغائها، وتقدير الفعل واقعًا للحال، والشّارح ذكر كلا الوجهين في الإعراب.
يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 383، والكتاب 3/14، والأصمعيّات 228، والمقتضب 2/10، والأصول 2/148، والصّاحبيّ 198، وشرح المفصّل 7/16، وشرح الرّضيّ 2/238، ورصف المباني 152، والخزانة 8/462.
4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
5 في ب: تردّه.
6 هذان بيتان من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائلهما.
و (الشّطير) : الغريب.
والشّاهدُ فيهما: (إذن أهلك أو أطيرَا) حيث نصب الفعل المضارِع الّذي هو (أهلك) بعد إذن، مع أنّ إذن ليست مصدّرة، بل هي مسبوقة بقوله:(إنّي) ؛ وقد جرى جماعةٌ على أنّ ذلك ضرورة من ضرورات الشّعر، وذلك بناءً على أنّ إذن وما بعدها جملة في محلّ رفع خبر إنّ، وخرّجه جماعة على ما ذكره الشّارح؛ وهو: أنّ خبر إنّ محذوف، وإذن واقعةٌ في صدر جملةٍ مستأنفة، أو أجرى إذن مجرى لن فلم يلغها؛ لأنّهما جميعًا من نواصِب الأفعال المستقبلة؛ وأنشد الفرّاء ذلك عن العرب، وقال: الرّفع جائز، وذلك إذا تقدّمتها إنّ. معاني القرآن 1/274، 2/338.
يُنظر هذان البيتان في: معاني الحروف للرّمّانيّ 116، والإنصاف 1/177، وشرح المفصّل 7/17، والمقرّب 1/261، وشرح الكافية الشّافية 3/1537، وابن النّاظم 670، ورصف المباني 154، والجنى الدّاني 362، والمغني 31، والمقاصد النّحويّة 4/383، والخزانة 8/456.
يجرون (إذن) مُجْرى (لن) وهو الصّحيح؛ ويقدّرون محذوفًا1، كأنّه قال: إِنِّي أهلك إذن أهلك أو أطيرَا.
والموضع الّذي2 تعمَل فيه وتلغى: هو3 إذا تقدّمها (فاء) أو (واو) من حروف العطف، كمن يقول: زيد4 يقوم، فتقول: فإذن أَخْرُجُ،
1 أي: يقدّرون خبر إنّ محذوفاً، وابتدأ إذن بعد تمام الأوّل بخبره، وساغ حذف الخبر لدلالة ما بعده عليه؛ كأنّه قال: لا تتركني فيهم غريبًا بعيدًا، إنّي أذلّ إذن أهلك أو أطير.
يُنظر: شرح المفصّل 7/17.
2 في ب: الّتي.
3 في كلتا النّسختين: فهو. والكلام يستقيم بدون هذه الفاء.
4 في أ: أزيد.
[وإذن أَخْرُجَ] 1؛ فمن رفع كان عاطِفًا لها على الجُملة الصّغرى.
ومَن نصب كان عاطفًا على الجُملة الكبرى؛ وبه2قرأ القُرّاء السّبعة في قوله تعالى: {وَإِذًا لَاّ يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ} 3) . [145/ب]
وفي بعض المصاحف: {وَإِذًا لَاّ يَلْبَثُوا} 4 والأكثر الرّفع5، كقوله تعالى:{َإِذًا لَاّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} 6) .و (إِذَنْ) عند سيبويه في عوامِل الأفعال بمنزلة (ظننت) في عوامِل الأسماء؛ ولذلك7 تقع أوّلاً، ووسطًا، وآخِرًا؛ إلاّ أنّها إذا وقعتْ آخِرًا بَطَل عملها لا غير8.
1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
2 أي: بإلغاء عملها.
3 من الآية: 76 من سورة الإسراء.
4 ينظر: الكتاب 3/13. وهذه قراءة أُبيّ بن كعب.
يُنظر: مختصر شواذّ القراءات 77، والكشّاف 2/371، والبحر المحيط 7/92، والدّرّ المصون 7/394.
5 أي: الإلغاء.
6 من الآية: 53 من سورة النّساء.
7 في أ: وكذلك.
8 أفعال الشّكّ واليقين إذا تأخّرت أو توسّطت يجوز أن تعمل، و (إذن) إذا توسّطت بين كلامين أحدُهما محتاجٌ إلى الآخر لم يَجُزْ أن تعمَل؛ لأّنها حرف، والحُروف أضعف في العمل من الأفعال.
يُنظر: الكتاب 3/13، وشرح المفصّل 7/17.
وأمّا (كي) 1 فتكونُ في موضعٍ ناصبةً بنفسها، وفي موضعٍ ناصبةً بغيرها.
فإذا دَخَلَتْ عليها لامُ الجرّ، كقوله2 تعالى:{لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} 3 كان النّصب بها بنفسها4، ولم تكن5 حرف جرّ؛ لأنّ حَرْفَ6 الجَرِّ لا يدخُل على مثله غالبًا؛ فإذا قلتَ:(جئتُ لكيْ أُكرمَك) فالتّقديرُ: لأنْ أُكرِمَك7.
وإظهارُ اللاّم بعدها تنبيهٌ على أنّ النّصب بـ (أنْ) مضمَرة؛ فالموضع الّذي تنصب فيه بإضمار (أن) هو الموضع الّذي تكون فيه كاللاّم، كقولك:
1 في (كي) ثلاثة مذاهب:
1-
أنّها حرفُ جرٍّ دائمًا؛ وهو مذهبُ الأخفش.
2-
أنّها ناصبة للفعل دائمًا؛ وهو مذهب الكوفيّين.
3-
أنّها حرفُ جرٍّ تارة، وناصِبةُ للفعل تارةً؛ وهو مذهب البصريّين.
يُنظر: معاني الحُروف للرّمّانيّ 100، والإنصاف، المسألة الثّامنة والسّبعون، 2/570، وشرح الرّضيّ 2/239، والجنى الدّاني 264، والمغني 242، وشرح الفريد 221، والأشمونيّ 3/280.
2 في ب: نحو قوله.
3 من الآية: 23 من سورة الحديد.
4 في ب: نفسها.
5 في أ: لم يكن.
6 في أ: حروف.
7 الأَوْلَى أن يُقال: فالتّقدير: لإِكْرَامكَ؛ لكنّ الشّارحَ أراد أن يبيِّن أنّ (كيْ) مصدريّة مثل (أنّ) ؛ وهذا يُفهم منه أنّها تؤوّل مع الفعل بالمصدر.
(جئتُ كَيْ أُكلِّمَك) 1؛ فهي هُنا2 بمنزلة لام الجرّ، كأنّك قلتَ:(جئتُ لأُكلّمَك) ؛ فإنْ جئتَ باللاّم كان النّصب بإضمار (أنْ) لا باللاّم؛ لأنّها حرف جرّ.
فهي حرف وضع لمعنى3 العلّة4 والغَرض لوُقوع ذلك الفعل؛ ففيها شبَه من المفعول له.
ويجوز إدخال (ما) و (لا) عليها مع (اللاّم) وبغير اللاّم؛ تقول: زُرْتُك لتُكرِمني، و [كيما] 5، ولكيما [146/ أ] تُكرِمَني، وجئتُك كيلَا تغضَب، ولكيلَا تغضب؛ فهذه الأربعة أُصولٌ ناصبة بأنفسها.
وأمّا الحروف النّاصبة بغيرها فيجوز فيما بعدها وجهان؛ الرّفع والنّصب على تقديرين مختلِفين ما خلَا اللاّم في النّفي؛ فإنّ6 الفعل لا يكون بعدها إلا منصوبًا بالفاء7
1 يجوز الأمران في هذا المثال:
فإنْ جعلت جارّة كانت (أنْ) مقدّرة بعدها.
وإن جعلت ناصبة كانت اللاّم مقدّرة قبلها.
2 في ب: ها هنا.
3 في كلتا النسختين: بمعنى، وما أثبته هو الأولى.
4 في أ: العلميّة، وهو تحريف.
5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
6 في أ: بأنّ.
7 مذهب البصريّين أنّ النّاصب (أَنْ) مضمَرة.
ويرى الكسائيّ والجرميّ أنّ النّاصب هو الفاء نفسها.
ومذهبُ الكوفيّين أنّ النّاصب الخلاف؛ ويسمّونه الصّرف - أيضًا - أي: إنّها تصرف معنى ما بعدها عن معنى ما قبلها، فينصب بمخالفة الأوّل.
يُنظر: الكتاب 3/28، وسرّ صناعة الإعراب 1/272، والإنصاف، المسألة السّادسة والسّبعون، 2/557، وشرح المفصّل 7/26، 27، ورصف المباني 443، والارتشاف 2/407، وتوضيح المقاصد 4/208 والجنى الدّاني 74، والأشمونيّ 3/305.
إذا1 وقعت جوابًا لأحد ثمانية أشياء؛ الاستفهام، والأمر، والنّهي، والجحد، والعرض، والتّمنّي، والتّحضيض، والدّعاء.
وإنْ كان أحدُ الفعلين سببًا للآخر كان ذلك الفعل2 منصوبًا، مثل:(أتقوم فتحدّثنا) بمعنى أيكون قيامُك سببًا لحديثنا3، وتلخيصه الجمع بين قيام وحديث؛ فالفعل4 الّذي قبل الفاء بمنزلة الشّرط، والفعل الّذي [دخلت] 5 عليه الفاء بمنزلة الجزاء؛ إذا قلتَ:(لا تقم فأغضب عليك) فالمعنى: إن تقم أغضب عليك.
فالنّصب بعد الفاء المسبوقة بنفي حقيقيّ، نحو:(ما استغثتَ فتُغاث) ، وبنفي مؤوّل، نحو:(هل تأتينا6 فتحدّثَنا) ؛ لأنّ المعنى: ما تأتينا، ومنه قولُه تعالى:{لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ} 7.
1 في ب: وإذا.
2 أي: المسبّب.
3 في ب: لحدثنا، وهو تحريف.
4 في ب: والفعل.
5 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيهل السياق، من شرح الحريري.
6 في أ: قل ما تأتنا، وهو تحريف.
7 من الآية: 36 من سورة فاطر.
والاستفهام1، كقوله تعالى:{َهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَا} 2، ومنه3 قولُ الشّاعر:
هَلْ تَعْرِفُونَ لُبَانَاتِي فَأَرْجُوَ أَنْ تُقْضَى
…
فَيَرْتَدَّ بَعْضُ الرُّوحِ فِي الجَسَدِ4
والأمر، نحو:(زُرْني فَأَزُورَك5)، ومنه قولُ الرّاجز6:[146/ب]
يَانَاقُ سِيرِي عَنَقًا فَسِيحًا
…
إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا7
1 في ب: للاستفهام.
2 من الآية: 53 من سورة الأعراف.
3 في ب: ومثله.
4 في ب: والجسد.
وهذا البيتُ من البسيط، ولم أقف على قائله.
و (اللّبَانة) : الحاجة.
والشّاهدُ فيه: (فأرجوَ) حيث نصب الفعل المضارِعَ بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب الاستفهام.
يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1545، وابن النّاظم 678، وشرح قطر النّدى 82، والمقاصد النّحويّة 4/388، والتّصريح 2/239، والأشمونيّ 3/302.
5 في أ: فأزرك.
6 في ب: الآخر.
7 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لأبي النّجم العجليّ.
و (العنق) : ضربٌ من السّير. و (سليمان) أراد به: سليمان بن عبد الملك الخليفة الأمويّ.
والشّاهدُ فيه: (فنستريحا) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أن) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب الأمر.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/35، ومعاني القرآن للفرّاء 2/79، والمقتضب 2/14، والأُصول 2/191، واللّمع 188، وشرح المفصّل 7/26، وشرح الكافية الشّافية 3/1544، وابن النّاظم 677، والدّيوان 82.
والنّهي، كقوله تعالى:{لَا تَطَغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 1، ومنهُ قولُ الآخر:
وَلَا تُخَالِفْ ثِقَةً فَتَنْدَمَا2
والعرض، (أَلَا تَنْزِلُ عِنْدَنَا فَتُصِيْبَ خَيْرًا)، ومنه قولُ الشّاعر:
يَا ابْنَ [الْكِرَامِ] 3 أَلَا تَدْنُوا4 فَتُبْصِرَ مَا
…
[قَدْ] 5 حَدَّثُوكَ فَمَا6 رَاءٍ كَمَنْ سَمِعَا؟ 7
1 من الآية: 81 من سورة طه.
2 هذا بيت من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائله.
والشّاهدُ فيه: (فتندما) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب النّهي.
ولم أجد مَنْ ذكر هذا البيت.
3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
4 في أ: أَلَا تنزل.
5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
6 في أ: وما، وفي ب: فيما؛ وكلتاهما محرّفة، والصّواب ما هو مثبَت.
7 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله.
والشّاهدُ فيه: (فتُبصر) حيث نصب الفعل المضارع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب العرض.
يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1545، وابن النّاظم 678، وشرح شذور الذّهب 290، وابن عقيل 2/323، والمقاصد النّحويّة 4/389، والتّصريح 2/239، والهمع 4/123.
والتّمنّي، كقوله تعالى:{يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} 1.
ومنهُ قولُ الشّاعر:
يَا لَيْتَ أُمَّ خُلَيْدٍ وَاعَدَتْ فَوَفَتْ
…
وَدَامَ لِي مَعَهَا عُمْرٌ فَنَصْطَلِحَا2
والتّحضيض، كقوله تعالى:{لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} 3.
وحرُوف التّحضيض أربعة؛ وهي: (هَلَاّ) و4 (أَلَا) و (لَوْلَا) و (لَوْمَا) .
والدّعاء، كقول الشّاعر:
رَبِّ وَفِّقْنِي فَلَا أَعْدِلَ عَنْ
…
سَنَنِ السَّاعِينَ فِي خَيْرِ سَنَنْ5
1 من الآية: 73 من سورة النِّساء.
2 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله.
والشّاهد فيه: (فنصطلحا) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب التّمنّي.
يُنظرُ هذا البيت في: شرح الكافية الشّافية 3/1546، وابن النّاظم 679، والمقاصد النّحويّة 4/389، والأشمونيّ 3/303.
3 من الآية: 10 من سورة المنافِقون.
4 في أ: أو.
5 هذا بيتٌ من الرّمل، ولم أقف على قائله.
والشّاهد فيه: (فلا أعدل) حيث نصب الفعل المضارع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة الواقعة في جواب فعل الدّعاء.
يُنظر هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1545، وابن النّاظم 678، وشرح قطر النّدى 81، وابن عقيل 2/323، والمقاصد النّحويّة 4/388، والهمع 4/120، والأشمونيّ 3/302.
ولا ينصب1 الفعل بعد الفاء غير مسبوقةً بنفي2 أو طلب إلا لضرورة الشّعر؛ كقول الشّاعر: [147/أ]
سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ
…
وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا3
ولا يجوز النّصب بعد شيءٍ من ذلك إِلَاّ بثلاثة شروط:
الأوّل: أن يكون النّفي خالِصًا من معنى الإثبات.
الثّاني: أن [لا] 4 يكون الطّلب باسم فعل، ولا بلفظ الخبر؛ ولذلك5 وجب رفع ما بعد الفاء6 في نحو:(ما أنتَ إِلَاّ تأتينا فتحدّثنا) و (مَا تَزَالُ تَأتينا7 فتحدّثُنا8)، وكقول الشّاعر:
وَمَا قَامَ مِنَّا قَائِمٌ فِي نَدِيِّنَا
…
فَيَنْطِقُ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَعْرَفُ9
1 في أ: تنصب.
2 في كلتا النسختين: مسبوقة بغير نفي، وما أثبته هو الأولى.
3 تقدّم تخريجُ هذا البيتِ في ص 786.
والشّاهدُ فيه هُنا: (فأستريحا) حيث نصَب الفعل المضارَع بـ (أنْ) المضمرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة غير مسبوقة بنفي أو طلب؛ وهذا ضرورة.
4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
5 في أ: وكذلك، وهو تحريف.
6 في أ: ما، وهو تحريف.
7 في أ: وما يزال يأتينا فيحدّثنا.
8 الرّفع واجبٌ في المثالَيْن السّابِقَين؛ لانتقاض النّفي.
9 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للفرزدق.
و (نديّنا) : النّدي والنّادي: المجلس.
والشّاهدُ فيه: (فينطقُ) حيث رفعه؛ لأنّ من شرط النّصب بعد النّفي أن يكون النّفي خالصًا، وها هُنا ليس كذلك حيث انتقض النّفي بالاستثناء، فصار الكلام مثبتًا، فوجب الرّفع عند الشّارح، وابن مالكٍ، وابن النّاظم.
واستشهد به سيبويه رحمه الله على نصب (ينطق) على الجواب بـ (أنْ) مضمرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة؛ ولا عبرة بدخول (إلاّ) بعده ناقضة للنّفي.
وعند سيبويه أنّ مثل هذا يجوز فيه النّصب والرّفع، قال 3/32:"تقول: ما تأتينا فتكلّم - الأصل: فتتكلّم - إلاّ بالجميل، فالمعنى: أنّك لم تأتِنا إلا تكلّمت بجميل؛ ونصبه على إضمار (أنْ) كما كان نصب ما قبله على إضمار (أنْ) ، وتمثيله كتمثيل الأوّل؛ وإنْ شئتَ رفعتَ على الشّرِكة، كأنّه قال: وما تكلَّمُ إلاّ بالجميل".
يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب 3/32، والنّقائض 564، والأُصول 2/184، وجمهرة أشعار العرب 2/887، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقيّ 2/535، وشرح الكافية الشّافية 3/1547، وابن النّاظم 680، وتذكرة النّحاة 71، والمقاصد النّحويّة 4/390، والدّيوان 2/29.
و (حسبُك الحديث فينامُ1 النّاس) .
الثّالث: أن يقصد بالفاء الجزاء2 والسّببيّة، ولا يكون الفعل بعدها مبنيًّا على مبتدأ محذوف.
فإنْ كان كذلك3 وجب الرّفع، كقولك:(ما تأتينا فتحدّثُنا) بمعنى:
1 في أ: فتنام، وهو تصحيف.
وأجاز الكسائيّ نصب ما بعد الفاء في هذا المثال؛ لأنّه في معنى: اكتف بالحديث فينام النّاس. يُنظر: ابن النّاظم 680.
2 في أ: للجزاء.
3 أي: فلو قصد بالفاء مجرّد العطف، أو بالفعل بعدها بناؤه على محذوف وجب الرّفع كالأمثلة.
ما تأتينا فما تحدّثُنا، أو ما تأتينا فأنت تحدّثُنا، قال الله تعالى:{وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} 1 أي: فهم يعتذرون.
وجميع المواضع الّتي ينصب2 فيها المضارِع بإضمار (أَنْ) بعد الفاء ينتصب3 فيها بذلك بعد (الواو) 4 إذا قُصد بها المصاحبة؛ ومنه قولُ الشّاعر: [147/ب]
فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُوَا إِنَّ أَنْدَى
…
لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ5
1 سورة المرسلات، الآية:36.
2 في ب: تنصب.
3 في ب: تنصب.
4 هذا مذهب البصريّين.
وذهب الكوفيّون إلى أنّ النّاصب الصّرف.
وذهب الكسائيّ إلى أنّ (الواو) هي النّاصبة بنفسها.
يُنظر: الكتاب 3/41 وما بعدها، والإنصاف، المسألة الخامسة والسّبعون، 1/555، وشرح المفصّل 7/21، والارتشاف 2/407، وتوضيح المقاصد 4/208، 210، والجنى الدّاني 157، والأشمونيّ 3/308.
5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأعشى، وقيل: للحُطيْئة، أو لربيعة بن جُشَم، وقيل: للفرزدق، أو لدثَار بن شيْبان النّمريّ.
والشّاهدُ فيه: (وأدعوَا) حيث نصب الفعل المضارع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد واو المعيّة الواقعة في جواب الأمر.
ورواية الفرّاء في معاني القرآن، وثعلب في مجالسه، وابن جنّي في سرّ صناعة الإعراب والأنباريّ في الإنصاف بحذف الواو، ولا شاهد عليها؛ لأنّه مجزومٌ بلام الأمر.
والتّقديرُ: (ولأدْعُ) فحذفت اللاّم وأُبقيَ عملها؛ وهو جائزٌ عند الكوفيّين.
يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب 3/45، ومعاني القرآن للفرّاء 1/160، 2/314، ومجالس ثعلب 2/456، وأمالي القالي 2/90، وسرّ صناعة الإعراب 1/392، والتّبصرة 1/399، والإنصاف 2/531، وشرح المفصّل 7/33، 35، وشرح الكافية الشّافية 3/1548، وابن النّاظم 681، وزيادات الصّبح المنير في شعر الأعشى 260.
وإذا قلتَ: (لا تأكل السّمك وتشربَ اللّبن) كان [المعنى] 1: النّهي عن الجمع بينهما2، ولم يكن ناهيًا3عن استعمال أحدهما على انفراده4؛ ومنه قولُ بعضِ5 العرب:(لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجِزَ عَنْكَ) بالنّصب، ولو رفع لاستحال6 المعنى؛ لأنّه لا يجوز أَنَّ كلّ الأشياء [لا] 7 تسعه، وكلّ الأشياء لا تعجز8 عن صاحبه، وهذا مُحال.
1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
2 في ب: نهيًا للأكل عن الجمع بينهما.
3 في ب: نهيًا.
4 في هذا المِثال يجوز فيه ثلاثة أوجُهٍ:
الجزم: على التّشريك بين الفعلين في النّهي.
والنّصب: على النّهي عن الجمع.
والرّفع: على ذلك المعنى؛ ولكن على تقدير: لا تأكل السّمك وأنت تشربُ اللّبن.
يُنظر: ابن النّاظم 683.
5 يُنظر: الكتاب 3/43، والمقتضب 2/25، والأُصول 2/154.
6 في ب: استحال.
7 ما بين المعقوفين زيادة مِنِّي يقتضيها السّياق.
8 في أ: لا يعجز.
وانتصابُ الفعل بعدها بإضمار (أَنْ)، وعلى هذا أنشدوا:
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
…
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ1
أي: لا تجمع بين النّهي عن القبيح وفعله2؛ ولم يرد نهيُه عن الفعلين، ومن ذلك:
لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ3
فالفعل منصوبٌ بتقدير: (أَنْ) ؛ لأنّه معطوفٌ على اسم، فلو رفعه
1 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي الأسود الدُّؤَليّ، وقيل: للأخطل، وقيل للطِّرِمّاح، وقيل: لغيرهم.
والشّاهدُ فيه: (وتأتيَ) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة وُجوبًا بعد واو المعيّة الواقعة في جواب النّهي.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/42، ومعاني القرآن للفرّاء 1/34، 115، والمقتضب 2/26، والأُصول 2/154، والجُمل 187، والأزهيّة 234، وشرح المفصّل 7/24، وشرح الكافية الشّافية 3/1547، وابن النّاظم 682، ومستدرك ديوان أبي الأسود 165.
2 في ب: تفعله.
3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لميسون بنت بحدل الكلبيّة.
والشّاهدُ فيه: (وَتَقَرَّ) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المضمَرة جوازًا بعد واو عاطفة على اسم خالص من التّقدير بالفعل؛ وهو قوله: لبس.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 3/45، والمقتضب 2/27، والأُصول 2/150، والجُمل 178، والإيضاح 242، وسرّ صناعة الإعراب 1/273، وأمالي ابن الشّجريّ 1/427، وشرح المفصّل 7/25، وشرح الكافية الشّافية 3/1557، وابن النّاظم 686.
لم يحسن؛ لعطفِه فعلاً صريحًا على اسم صريح.
وقولُه تعالى: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} 1 في قراءة2 حمزة3، وحفص4؛ وقراءة الباقين5 (ونَكونُ) على معنى: ونحن نكون. [148/أ]
وأمّا (أو) 6 فتَنصب الفعل المستقبَل على ضربين:
أحدهما: بمعنى (إِلَاّ أَنْ)، كقولك:(لأَلْزَمَنَّكَ أوْ تُعطيني حقِّي) ،
1 من الآية: 27 من سورة الأنعام.
2 هذه قراءة حمزة، وحفص عن عاصم، ويعقوب بنصب {نُكَذِّبَ} و {نَكُونَ} ووافقهم الأعمش.
وقرأ ابن عامرٍ برفع {نُكَذِّبَ} ونصب {نَكُونَ} ونُقل عنه النّصبُ فيهما.
يُنظر: السّبعة 255، والمبسوط 192، وحجة القراءات 245، والكشف1/427، والتّيسير 84، والبحر المحيط 4/474، والإتحاف 2/8.
3 في ب: حمزة وحفص رضي الله عنهما
4 هو: أبو عُمَر حفص بن سُليمان الأسديّ، الكوفيّ: أخذ القراءة عن عاصم؛ نزل بغداد فأقرأ بها، وجاور بمكّة فأقرأ بها؛ روى عنه كثيرٌ من التّابعين؛ تُوفّي سنة (180هـ) .
يُنظر: معرفة القُرّاء 1/140، وغاية النّهاية 1/254.
5 يُنظر: المصادر السابقة في الحاشية رقم (2) في تخريج هذه القراءة.
6 الخلافُ في ناصب الفعل الواقع بعد (أو) يتبع الخلاف في ناصب الفعل الواقع بعد (الفاء) و (الواو) ؛ وقد فصّلنا القولَ هُناك، فليُراجَع ص 828، 829.
ومعناه: تقريرُ وُجود فعلٍ إِنْ لم يعرض له مانع فيرتفع به وُجوده، وهو: ليكن منّي1 لك لُزومٌ إِلَاّ أَنْ يكون منك إعطاء2.
[ثانيهما] 3 بمعنى (حتّى) 4، ومنهُ قولُ الشّاعر:
لأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدْرِكَ المُنَى
…
فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إِلَاّ لِصَابِرِ5
وفي قول الذّريح6 لابنه قيس7 وقد أمَره بطلاق زوجته فلم يفعل
1 في ب: لك منّي.
2 في ب: اعظما، وهو تحريف.
3 ما بين المعقوفين زيادةُ يقتضيها السّياق.
4 أي: (حَتَّى) الّتي بمعنى (إلى أَنْ)، لا الّتي بمعنى (كَيْ) . يُنظر: ابن النّاظم 673.
5 هذا بيتٌ من الطّويل، ولم أقف على قائله.
والشّاهدُ فيه: (أو أُدرك) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أنْ) المُضْمَرة وُجوبًا بعد (أو) الّتي بمعنى (حتّى) .
يُنظرُ هذا البيتُ في: شرح الكافية الشّافية 3/1540، وابن النّاظم 673، وشرح قطر النّدى 78، وابن عقيل 2/319، والمقاصد النّحويّة 4/384، والهمع 4/117، والأشمونيّ 3/295.
6 هو: ذَريح بن سُنَّة بن حُذافة الكِنانيّ، أبو قيس الشّاعر المشهور.
يُنظر: الأغاني 9/210.
7 هو: قيْس بن ذَريح بن سُنَّة بن حُذافة الكِنانيّ: من شُعراء العصر الأمويّ، ومن سُكّان المدينة؛ وهو أحدُ عُشّاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته: لُبْنَى؛ توفّي سنة (68هـ) .
يُنظر: الشّعر والشّعراء 417، والأغاني 9/210 -253، والأعلام 5/205.
لمحبّته إيّاها، فطرح نفسه على1 الرّمضاء قائلاً:"وَاللهِ لَا أَريمُ هَذَا المَوْضِعَ أَوْ أَمُوتَ أَوْ تُخَلِّيهَا"2.
فالأولى بمعنى: (حَتَّى)، والثّانية بمعنى:(إِلَاّ3 أَنْ)، وكقوله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ [عَلَيْهِمْ] 4} 5.
وهي بمعنى (حتّى) في قوله:
فِرَاقُ أَخٍ لَنْ6 يَبْرَحَ الدَّهْرَ ذِكْرُهُ
…
يُهَيِّمُنِي مَا عِشْتُ أَوْ يَنْفَدَ العُمْرُ7
(أو) 8 بمعنى: (كَيْ) في قوله:
وَكُنْتُ إِذَا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ
…
كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيْمَا9
1 في ب: إلى الرّمضاء.
2 قصّة قيس بن ذريح مع أبيه ذكرها صاحب الأغاني 9/214.
ويُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/335.
3 في ب: إلى أَنْ.
4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
5 من الآية: 128 من سورة آل عمران؛ وهي في الآية بمعنى: (إِلَاّ أَنْ) .
6 في أ: لم.
7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لأبي صخرٍ الهُذليّ.
والشّاهدُ فيه: (أو ينفد) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أن) المضمَرة وُجوبًا بعد (أو) الّتي بمعنى (حتّى) .
يُنظرُ هذا البيتُ في: شرح أشعار الهذليّين 2/952، وشرح عمدة الحافظ 1/336.
8 في ب: وأو.
9 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لزياد الأعجم.
و (غمزتُ) : ليّنت. و (القناة) : الرّمح. و (الكعب) : هو النّاشز في أطراف الأنابيب.
والشّاهدُ فيه: (أو تستقيما) حيث نصب الفعل المضارِع بـ (أن) المضمَرة وُجوبًا بعد (أو) التي بمعنى (كي) .
والنُّحاة يستشهدون بها على أنّ (أو) بمعنى (إلاّ أَنْ) ؛ وهو الصّحيح.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 3/48، والمقتَضَب 2/29، والإيضاح 247، والأزهيّة 122، والتّبصرة 1/398، وأمالي ابن الشّجريّ 3/78، وشرح المفصّل 5/15، والمقرّب 1/263، وشرح الكافية الشّافية 3/1540، وابن النّاظم 674، والدّيوان 101 -وفيه (أو تستقيمْ) بدل (أو تستقيما) -.
وأمّا (حَتَّى) فقد تقدّم الكلامُ في عملها في أبوابِها. [148/ب]
وهي إذا نصبت1 الفعلَ المستقبَل فعلى أحد معنيَيْن:
1 ذهب البصريّون إلى أنّها حرف جرّ، والفعل بعدها منصوبٌ بتقدير (أَنْ) ، والاسم بعدها مجرورٌ بها.
واختلف الكوفيُّون:
فذهب الفرّاء إلى أنّها ناصبة بنفسها وليست الجارّة، وعنده أنّ الجر بعدها إنّما هو لنيابَتِها مَناب (إلى) .
وذهب الكسائيّ إلى أنّها ناصبة بنفسها أيضًا، وإذا جاء الجرّ في الاسم بعدَها فبإِضْمارِ (إلى) ؛ ويجوز عنده إظهارُها.
وذهب بعضُ الكوفيّين إلى أنّها ناصبة بنفسها كـ (أن) ، جارّةٌ بنفسها لشبهها بـ (إلى) ، وأجازوا إظهارَ (أَنْ) بعدها توكيدًا.
يُنظر: الإنصاف، المسألة الثّالثة والثّمانون،2/597، وشرح المفصّل7/19، 20، والارتشاف2/403، وتوضيح المقاصد4/202، والجنى الدّاني554، والهمع 4/111، 112، والأشمونيّ3/298.
معنى (كَيْ) ، أو (إلى أَنْ)، كقولك:(سِرْتُ حتّى أدخلَ المدينة) ، و (صُمْ حتّى تغرُبَ الشّمس)، وتقديرُ الكلام: إلى أنْ تغرُبَ الشّمس، و (أَطِعِ الله حتّى يرحمَك) أي: كَي يرحمَك.
وكُلُّ موضعٍ كان الفعل الثاني غاية للأوّل1كانت بمعنى (إلى أنْ) .
وكُلُّ موضعٍ كان الأوّل سببًا للثّاني كانت بمعنى (كَيْ) .
وإِنْ كان الفعلُ بعد (حَتَّى) حالاً فيه حَرْفُ ابتداء، والفعلُ بعدَها لازمُ الرّفع؛ لخُلُوِّه عن ناصبٍ أو جازم، كقولك:(سِرْتُ البارحةَ حتى أدخلُها الآن) أي: سِرْت حتى أنا الآن أدخلها؛ ومنه قولُهم: (مَرِضَ فلانٌ حتّى لا يَرْجُونَه) فما لـ (كي) ههنا معنى2، و (سألتُ عنه حتى لا أحتاج إلى سؤال) .
والحال المقدّرة أن يكون الفعلُ قد وقع فيقدَّرُ المُخْبَر به اتّصافُه بالدُّخول فيه فيُرفع3؛ لأنّه حالٌ بالنّسبة إلى تلك الحال؛ وقد يقدّر4اتّصافُه بالعزم عليه فيُنصب؛ لأنّه مستقبَل بالنّسبة إلى تلك الحال؛ ومنه قولُه تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} 5 قَرَأهُ نافعٌ بالرّفع6،
1 في أ: الأوّل.
2 في كلتا النسختين: عمل، وما أثبته هو الأولى.
3 في ب: فترفع.
4 في أ: نقدّر.
5 من الآية: 214 من سورة البقرة.
6 يُنظر: السّبعة181، والمبسوط146، وحجّة القراءات131، والكشف 1/289، والتّيسير68.
والباقون بالنّصب1.
و (اللاّم) الّتي بمعنى (كَيْ) 2، كقولك:(قصدتُّكَ لتقوم معي) ؛ فهي لامُ التّعليل، كقوله3تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} 4. [149/أ]
وقد تأتي بمعنى العاقبة؛ كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} 5.
أو زائدة؛ كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} 6.
1 يُنظر: المصادر السّابقة.
2 ذهب البصريّون إلى أنّ النّاصب للفعل (أَنْ) مقدّرة بعدها، والتّقدير: جئتُك لأنْ تُكرِمَني.
وذهب الكوفيّون إلى أنّ لام (كَيْ) هي النّاصبة للفعل من غير تقدير (أَنْ)، نحو: جئتُك لتُكرِمَني.
وذهب ثعلبٌ إلى أنّ اللام ناصبة بنفسها لقيامها مَقامَ (أَنْ) .
يُنظر: الإنصاف، المسألة التّاسعة والسّبعون، 2/575، وشرح المفصّل 7/19، 20، والارتشاف 2/401، وتوضيح المقاصد 4/197، والهمع 4/140، والأشمونيّ 3/292.
3 في ب: ومنهُ قولُه تعالى.
4 من الآية: 44 من سورة النّحل.
5 من الآية: 8 من سورة القصص.
6 من الآية: 26 من سورة النّساء.
وهذه الآيات الثّلاث إضمار (أَنْ) فيها جائز لا واجب؛ لأنّه يجب إظهارُها مع الفعل المقرون بـ (لا) ، ويجبُ إضمارُها مع الفعل إذا كانت اللاّم قبله زائدة لتوكيد نفي كان.
ويجوز الأمران في غير ذلك؛ كهذه الآيات.
وأمّا الّتي لتأكيد النّفي؛ كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} 1، و {لمَْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} 2؛ فهي3 الدّاخلة على الخبر بعد (ما كان) أو (لم يكن) ؛ وتسمّى (لام الجُحود) ؛ فتُنصب بإضمار (أَنْ) 4؛ وهاتان اللاّمان مكسورتان كلام الجرّ.
وَإِنْ يَكُنْ5 خَاتِمَةُ الْفِعْلِ أَلِفْ
…
فَهْيَ عَلَى سُكُونِهَا لَا تَخْتَلِفْ
تَقُولُ: لَنْ يَرْضَى أَبُو السُّعُودِ
…
حَتَّى يَرَى نَتَائِجَ الْوُعُودِ
فصل:
[الكلام] 6 ههنا على الفعل المعتلّ اللاّم:
فإنْ كان آخِر الفعل المستقبل واوًا، كـ (يدعو) ، [أو (يغزو) ] 7،
1 من الآية: 33 من سورة الأنفال.
2 من الآية: 137 من سورة النِّساء.
3 في ب: وهي.
4 هذا مذهبُ البصريِّين؛ وذهب الكوفيّون إلى أنّ اللاّم ناصبة بنفسها.
وذهب ثعلبٌ إلى أنّ اللاّم ناصبة بنفسها لقيامِها مقام (أَنْ) .
يُنظرُ: الإنصاف، المسألة الثّانية والثّمانون، 1/593، وشرح المفصّل 7/19، 20، والارتشاف 2/399، وتوضيح المقاصد 4/197، والهمع 4/108، والأشمونيّ 3/292.
5 في متن الملحة 50: وَإِنْ تَكُنْ.
6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
أو ياء، كـ (يرمي) 1 حَرَّكْتَها بالفتح في حال النّصب، فتقول: إنّ زيدًا لن يدعوَ، ولن يرميَ2.
فإنْ3 كان آخرُه ألفًا أَبْقَيْتَهَا على سُكونِها؛ لأنّ الأَلِف لا يمكن تحريكُه، [فتقول:] 4 لن يرضى زيد، [ولن يخشى] 5؛ فآخر هذين الفعلين الألِف، وإن كتبا بالياء.
1 في ب: كرحى، وهو تحريف.
2 في ب: إنّ زيدًا لن يرميَ ولن يدعوَ بفتح الياء.
3 في ب: وإن.
4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
بَابُ الأَفْعَالِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ1 النُّونِ: [149/ب]
وَخَمْسَةٌ تَحْذِفُ2 مِنْهُنَّ الطَّرَفْ
…
فِي نَصْبِهَا فَأَلْقِهِ وَلَا تَخَفْ
وَهْيَ - لَقِيتَ الخَيْرَ - تَفْعَلَانِ
…
وَيَفْعَلَانِ فَاعْرِفِ الْمَبَانِي
وَتَفْعَلُونَ ثُمَّ يَفْعَلُونَا
…
وَأَنْتِ يَا أَسْمَاءُ تَفْعَلِينَا
فَهَذِهِ يُحْذَفُ3 مِنْهَا النُّونُ
…
فِي نَصْبِهَا لِيَظْهَرَ المَكْنُونُ4
تَقُولُ لِلزَّيْدَيْنِ5: لَنْ يَنْطَلِقَا6
…
وَفَرْقَدَا السَّمَاءِ لَنْ يَفْتَرِقَا
وَجَاهِدُوا يَا قَوْمِ حَتَّى تَغْنَمُوا
…
وَقَاتِلُوا الكُفَّارَ كَيْمَا يُسْلِمُوا7
وَلَنْ يَطِيبَ العَيْشُ حَتَّى تَسْعَدِي
…
يَا هِنْدُ بِالْوَصْلِ الَّذِي يُرْوِي الصَّدِي
فصل:
هذه الأفعال رفعها بثبات8 النّون؛ وهي ثلاثةُ أفعال:
1 في ب: بإثبات.
2 في أ: يحذف.
3 في متن الملحة 51: فَهَذِهِ تُحْذَفُ.
4 في متن الملحة 51، وشرح الملحة 348: لِيَظْهَرَ السُّكُونُ.
5 في أ: للزّيدان، وهو خطأ.
6 في متن الملحة 51، وشرح الملحة 349: لَنْ تَنْطَلِقَا.
7 في أ: تسلموا.
8 في ب: بإثبات.
فعلٌ لجمع المذكّر العاقل، وفعلٌ للمثنّى1، وفعلٌ للمفرد المؤنّث، لكن بالحضور والغيبة [150/أ] اللّذين يختصّان بالجمع والمثنّى، صارت خمسة؛ فمتى دخل عليها ناصب حذف النّون
منها، تقولُ: أريد أَنْ تطيعوا، وأن تعلما، ولن يذهبوا،2 ولن يخرُجا3، ولن تفعلي4 يا هِنْدُ.
1 في أ: للتّمنّي، وهو تحريف؛ وفي ب: المثنّى.
2 في ب: تذهبوا.
3 في ب: كيْ تخرُجا.
4 في أ: لن تفعلين يا هذه.