الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلُ] النَّعْتِ:
الغرض من النّعت1: تخصيص نكرة، أو إزالة اشتراك عارض في معرفة، أو ثناء، أو مدح، أو ذمّ وهجاء.
فالنّعتُ هو: وصف المنعوت بمعنىً فيه2، أو في شيء من سببه3بالمشتقّات، أو ما ينزّل4منزلة المشتقّات.
فالمشتقّات أسماء الفاعلين والمفعولين5، نحو:(هذا الرّجل الضّارب) و (الرّجل المضروب)6. [124/أ]
والمنزّل منزلة المشتقّ قولُك: (هذا ثوب خمسون ذراعًا) يقع موقع (طويل)7.
1 في ب: بالنّعت.
2 وهو النّعتُ الحقيقيّ، نحو:(مررت برجلٍ كريم) .
3 وهو النّعت السّببي، نحو:(مررتُ برجل كريمٍ أبوه) .
4 في أ: أو ما يتنزّل منزل.
5 وكذلك صيغ المبالَغة، والصّفة المشبّهة، وأفعل التّفضيل.
6 في أ: المحبوب.
7 ومن المنزّل منزلة المشتقّ: اسم الإشارة، نحو:(مررتُ بزيد هذا) أي: المُشار إليه؛ و (ذي) بمعنى (صاحب)، نحو:(مررتُ برجلٍ ذي مالٍ) أي: صاحب مال؛ وأسماء النّسب، نحو:(مررتُ برجلٍ دمشقيّ) أي: منسوب إلى دمشق.
يُنظر: أوضح المسالك 3/6، وابن عقيل 2/181، والتّصريح 2/111، والأشمونيّ 3/63.
والنّعتُ تابعٌ للمنعوت1 في عشرة2 أشياء:
في رفعه، ونصبه، وجرّه، وتعريفه، وتنكيره، وإفراده، وتثنيته، وجمعه، وتذكيره، وتأنيثه.
[و] 3 لا يختلف شيءٌ من ذلك من قبَل أن النّعت والمنعوت كالشّيء الواحد.
والأسماء منها4: ما لا يوصف ولا يوصف به؛ وهي المضمَرات5كلّها6؛ لأنّها قد أشبهت الحروف ولم تُضمر إلاّ وقد عُرِفَتْ؛
1 في أ: المنعوت.
2 النّعت الحقيقيّ يتبع منعوته في كلّ شيء؛ أي: إنّه يتبعه في أربعة من عشرة؛ والنّعت السّببي يتبع منعوته في اثنين من خمسة.
3 العاطِف ساقطٌ من ب.
4 في ب: منهما، وهو تحريف.
5 خالف في هذا الكسائيّ فجوّز نعت ضمير الغيبة إذا كان النّعت لمدح، أو ذمّ، أو ترحُّم.
وقال ابن مالكٍ: ((ورأيُه قويّ فيما يُقصد به مدحٌ، أو ذمّ، أو ترحُّم، نحو: (صلّى الله عليه الرّؤوف الرّحيم) و (عمرو غضب عليه الظّالم المجرم) و (غلامك ألطِفْ به البائس المسكين) ؛ وغير الكسائيّ يجعل هذا النّوع بدلاً وفيه تكلُّف)) . شرح التّسهيل 3/321.
ويُنظر: الارتشاف 2/295، والمساعد 2/420، والأشمونيّ 3/73.
6 وكاسم الشّرط، واسم الاستفهام، و (كم) الخبريّة، وكلّ اسم غير متمكّن. يُنظر: المقرّب 1/223.
فلا يجوز: (نزلتُ عليه الكريم) ولم يوصَف بها؛ [لأنّها] 1 ليست بمشتقّة.
ومنها: ما يوصف ولا يوصَف به؛ وهي الأسماء الأعلام كلّها2؛ [و] 3 توصَف لإزالة الاشتراك العارِض، ولا يوصَف بها؛ لأنّها ليست بمشتقّة، ولا واقعة موقع المشتقّ.
ومنها: ما يوصف بها ولا توصف؛ وهي الجُمل؛ كقولك: (هذا رجل عقلُه وافر) ، و (هذه امرأة حسن صوتُها) 4 و (مررت برجلٍ أبوه عالم) يوصف بها؛ لأنَّها تخصيص، وفيها معنى الفعل، ولا توصف؛ لأنّها بمنزلة الفعل والفاعل، والأفعال الصّناعيّة5لا توصف.
ومنها: ما يوصف ويوصف به؛ وهي ثلاثة: أسماء الإشارة6، تقول (جاءني هذا الرّجل) و (جاءني زيدٌ هذا) بمنزلة: جاءني زيدٌ المُشار إليه. [124/ب]
1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
2 وكذلك الأسماء الّتي ليست مشتقّة ولا في حكمها؛ كـ (رجل) و (امرأة) .
يُنظر: المقرّب 1/223.
3 العاطف ساقطٌ من ب.
4 في أ: خبرها.
5 لعلّه يحترز بذلك عن المصادر؛ لأنّ المصادر تدلّ على الأفعال، لكنّها ليست أفعال صناعيّة، بل هي من قبيل الأسماء.
6 هذا مذهب البصريّين، وقال الكوفيّون لا ينعت به ولا يُنعت؛ ويُخرّج ما ظاهره ذلك على البدل أو عطف البيان. يُنظر: المساعد 2/419.
والأسماء المضافة توصَف ويوصَف بها، كقولك:(جاءني غلام زيد العاقل) و (زيدٌ صاحبُ الدّار) .
وما فيه الألِف واللاّم، تقول:(جاءني زيدٌ العاقل) و (الرّجل الكاتب) .
وتوصف النّكرة بما يجانِسها من النّكرة، وبالمضاف الّذي إضافته غير محضة؛ كقولك:(جاءني رجلٌ قائلُ الحقِّ) ، وجاز ذلك مع كونه مضافًا إلى معرفة؛ لأنّ الإضافة غير محضة، والتّنوينُ فيها مقدَّر، إذْ أصلُ الكلام:(قائلٌ1 الحقَّ)، ومنه قولُه تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} 2.
وقد يقع الفعلان الماضي والمضارِع موقع الصِّفة النّكرة، كقولك:(رأيتُ كوكبًا طلع) و (أقبل رجلٌ يضحَكُ) .
ويوصَف - أيضًا - بالجُمل، كقولك:(جاءني رجلٌ كريم أبوه) و3 لا بُدّ في الجملة الموصوف بها من ضمير ترتبط4 به5.
1 في كلتا النّسختين: قائلاً، وهو سهو.
2 من الآية: 95 من سورة المائدة.
3 في أ: فلا بدّ.
4 في أ: يرتبط.
5 يُنعتُ بالجُملة الفعليّة والاسميّة، ويُشترط في النّعت بالجملة ثلاثة شروط؛ شرطٌ في المنعوت، وشرطان في الجملة نفسها:
1-
فيُشترط أن يكون المنعوتُ منكّرًا؛ لأنّ الجملة تؤوّل بنكرة، فلا يُنعت بها إلاّ النّكرة.
2-
أن تكون الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف.
3-
أن تكون الجملة خبريّة.
يُنظر: ابن النّاظم 493، وأوضح المسالك 3/6، 7، وابن عقيل 2/182، والتّصريح 2/111.
ويُوصف بالمصدر على تأويله بالمشتقّ، كقولهم:(رجلٌ عَدْلٌ) و (رِضًا) و (امرأةٌ رِضًَا) و (رجلان رِضًا) و (رجال رضًا) 1؛ والأصل: [رجل] 2 ذُو رِضًا، وامرأةٌ ذاتَ رِضًا، وجلان ذَوا رضًا، ورجالٌ ذَوُو رضًا3.
ومتى ترادَفت النُّعوتُ لمدح أو ذمّ4 جاز أن يتبع بعضها الموصوف في إعرابه؛ وجاز أن يخالفه بقطع5 الأخير؛ إيذانًا وتنبيهًا على المدح أو6 الذّمّ. [125/أ]
1 ويلتزم فيه الإفراد والتّذكير؛ تنبيهًا على أصله. يُنظر: ابن النّاظم 495.
2 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 495.
3 فلمّا حذف المضاف ترك المضاف إليه على ما كان عليه. يُنظر: ابن النّاظم 495.
4 في أ: الذّمّ، وهو تحريف.
5 إذا تعدّدت النُّعوت لمنعوتٍ واحد؛ فإنْ كان المنعوت لا يتّضح إلاّ بالنّعوت كلها وجب إتباعُها، وإنْ كان يتّضح بدونها جاز فيها الإتباع والقطع، وإنْ كان يتعيّن ببعضها دون بعض جاز فيما لا يتعيّن به الإتباع والقطع، ووجب فيما يتعيّن به الإتباع؛ ولكن يجب تقديم ما فيه إتباعٌ وتأخير المقطوع عنه.
يُنظر: ابن النّاظم 496، وأوضح المسالك 3/10، والتّصريح 2/116، والهمع 5/182، 183.
6 في ب: والذّمّ.
و1 القطع بشيئين؛ بالنّصب، والرّفع.
[فالنّصبُ] 2 بمقتضى ناصب لا يظهر.
والرّفع بمقتضى3 تقدير رافع لا يظهر في اللّفظ، وعلى ذلك أنشدوا بيتَيْ الخِرْنِق، وهما4:
لَا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ
…
سُمُّ العُدَاةِ وَآفَةُ الجُزُرِ
النَّازِلِيْنَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ
…
وَالطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأُزُرِ5
1 في ب: فالقطع.
2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
3 في أ: يقتضي.
4 الخِرْنِق بنت بدْر بن هفَّان بن مالك، من بني ضبيعة، البكريّة، العدنانيّة: شاعرةٌ من الشّهيرات في الجاهليّة، وهي أخت طَرَفة بن العبْد لأُمِّه؛ وأكثر شِعرها في رثاء طَرَفة، وفي رثاء زوجها بِشْر بن عمرو بن مرثد سيِّد بني أسد؛ لها ديوان شعرٍ مطبوع.
يُنظر: سمط اللآلئ 780، والخزانة 5/55، والأعلام 2/303.
5 هذان بيتان من الكامل.
(لا يبعدنْ) : لا يهلكن. و (الجزر) : جمع جزور؛ وهي: النّاقة الّتي تُتّخذ للنّحر. و (المعترَك) : موضع الازدِحام في الحرب. و (الطيِّبون معاقد الأُزر) : كنايةً عن عفّتهم، وتنزُّههم عن الفحشاء.
والشّاهد فيهما: (النّازلين) و (الطّيّبون) على ما ذكرالشّارح.
فلمّا تقدّم نعتٌ قد طالتْ1 صلته وفيه مدح قطع، فنصب (النّازلين) بإضمار (أعني) ، ورفع (الطّيّبين) بإضمار (هم) .
وفي إعراب هذا البيت أربعة أوْجُه: رفعُهما2 جميعًا، ونصبُهما3، ورفع الأوّل ونصب الثّاني4، وعكسُه5؛ وعلى هذا6 قوله تعالى:{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ} 7
1 في أ: قد طال بصلته.
2 أي: رفع (النّازلين) و (الطّيّبين) على الإتباع لـ (قومي) ، أو على القطع بإضمار (هم) .
3 نصبهما بإضمار أمدح، أو أذكر.
4 أي: فيكون الأوّل - وهو النّازلون - مرفوعًا على الإتباع لـ (قومي) ، أو على القطع بإضمار (هم) .
ويكون الثّاني - وهو الطّيّبون - منصوبًا على القطع بإضمار أمدح، أو أذكر.
5 العكس هو: نصب الأوّل، ورفع الثّاني؛ على القطع فيهما، لا على الإتباع في الثّاني؛ لأنّه مسبوقٌ بنعت مقطوع، والإتباع بعد القطع لا يجوز؛ لِمَا فيه من الفصل بين النّعت والمنعوت بجملة أجنبيّة، أو لِمَا فيه من الرّجوع إلى الشّيء بعد الإنصراف عنه، أو لِمَا فيه من القُصور بعد الكمال؛ لأنّ القطع أبلغ في المعنى المراد من الإتباع؛ اعتبارً بتكثير الجمل. يُنظر: التّصريح 2/116.
6 في كلتا النّسختين: وهذا على، وما أثبتّه هو الذي يستقيم عليه الكلام.
7 من الآية: 162 من سورة النّساء.
والشّاهد في الآية: {وَالْمُقِيْمِينَ الصَّلَاةَ} على أنّه منصوبٌ على القطع المفيد للمدح، كما في قطع النّعوت؛ وهذا القطع مفيدٌ لبيان فضل الصّلاة؛ فَكَثُر الكلامُ في الوصف بأن جُعل في جملة أخرى.
وهُناك أوجه أخرى في إعراب الشّاهد ذكرها المعربون؛ وهي:
1-
أنّه معطوفٌ على (ما)، أي: يؤمنون بما أُنزل إليك وبالمقيمين؛ والمراد بهم الملائكة.
وقيل: التّقدير: وبدين المقيمين؛ فيكون المراد بهم المسلمين.
2-
أنّه معطوفٌ على (قبل)، تقديره: ومن قبل المقيمين، فحذف (قبل) ، وأُقيم المضاف إليه مقامه.
3-
أنّه معطوفٌ على الكاف في (قبلك) .
4-
أنّه معطوفٌ على الكاف في (إليك) .
5-
أنّه معطوفٌ على الهاء والميم في (منهم) .
يُنظر: التّبيان في إعراب القُران 1/407، 408، والفريد في إعراب القرآن المجيد 1/818، والدّرّ المصون 4/153، 154.
لأنّه قد اجتمع الشَّرْطان1.
فصل:
وقد يأتي النّعت لزيادة البيان؛ ومنه قولُه تعالى: {فَأمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ} 2.
ولمجرّد المدح؛ كقوله تعالى: {الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} 3؛ أو الذّمّ كـ (أعوذُ باللهِ من الشّيطان الرّجيم) . [125/ب]
1 وهما: أنّ النّعت المتقدّم قد طالت صلته، وفيه مدح.
2 من الآية: 158 من سورة الأعراف.
3 سورة الفاتحة، الآية:1.
وقد يُحذف1 للعلم به؛ فيُستغنى بمعناه عن لفظه2، كقوله تعالى:{ [قُلْ] 3 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} 4 أي: على شيء نافع، ومنه قولُ الشّاعر:
وَرُبَّ أَسِيْلَةِ الخَدَّيْنِ بِكْرٍ
…
مُهَفْهَفَةٍ لَهَا فَرْعٌ وَجِيْدُ5
[أي: فَرْعٌ وَافِرٌ، وَجِيْدٌ طَوِيلٌ]6.
1 أي: النّعت؛ وكذلك يُحذف المنعوت إِنْ عُلِمَ، نحو قوله تعالى:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] أي: دُروعًا سابغات. ابن عقيل 2/190.
2 في ب: عن اللّفظ به.
3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.
4 من الآية: 68 من سورة المائدة.
5 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للمرقّش الأكبر.
والشّاهدُ فيه: (لها فرعٌ وجِيْدٌ) على ما ذكر الشّارح.
يُنظر هذا البيت في: المفضّليّات 224، وشرح عمدة الحافظ 1/552، وأوضح المسالك 3/18، والمقاصد النّحويّة 4/72، والتّصريح 2/119، والأشمونيّ 3/72.
6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.